قصة “سيقتلونكم”

لم يظهر المقال على أي موقع آخر، لكن كتِب في 12 أغسطس، 2011

“إن الشعب العلوي متأكد بأنه سيجد [عندكم] الدعم الصادق والقوي لشعب صديق ووفي يتعرض لخطر الموت والإفناء.” هذه ليست كلمات بشار الأسد لأصدقائه في إيران أو لأعوانه في لبنان لكنها ليست بعيدة جداً عن عائلة الأسد. إنها الكلمات التي انتهت بها عريضة مقدمة إلى المندوب السامي الفرنسي في بيروت من ستة أعيان من الطائفة العلوية عشية التوقيع على الإتفاقية السورية الفرنسية عام 1936 والتي قضت بتوحيد الدويلات الخمسة التي كونها الإنتداب الفرنسي على أرض سوريا. أحد هؤلاء الأعيان كان سليمان الأسد جدّ رئيس سوريا الحالي بشار الأسد. لا أذكر هذه العريضة الآن لأخوّن هذا وأرفع وطنية ذاك لأن سوريا التي نعرفها الآن (وكل دول شرق المتوسط) لم تكن موجودة قبل الإنتداب الفرنسي-البريطاني وهي صنيعته ونتيجته. ولا أعتقد أن سليمان الأسد كان إنفصالياً خائناً أو عدواً للوطنية السورية لأنه في الحقيقة كان يدافع عن مصالح أهله ووجودهم ضد خطر اعتقد أنه سيؤدي بهم إلى التهلكة والفناء. لكن ما استوقفني هو تلك الكلمات، أي “الموت والإفناء”، التي استخدمها كاتبو العريضة لوصف علاقتهم المستقبلية بسوريا السنية لأنها نفس الكلمات التي لا يزال بعض العلويين وعلى رأسهم النظام الحاكم يرددونها. لكن الآن بشار الأسد أكثر من زعيم عشائري مغمور كما كان جده، بل هو زعيم الدولة السورية وحاكمها، تلك الدولة التي كان جده يخشاها خشيته من الموت المحقق. إنها مسافة كونية التي قطعتها سوريا بين عام 1936 وعام 2011، تشبه المسافة التي قطعتها الولايات المتحدة بين حربها الأهلية وتحريرها للعبيد الأفارقة عام 1865 وإنتخابها لأول رئيس إفريقي الأصل عام 2008. قد يجد الكثيرون غضاضة في هذه المقارنة لكني أعتقد أن نهاية القصة الأمريكية أقل مأساوية بكثير من نهاية القصة السورية ولا بد من عبرة نستخلصها من مقارنة النهايتين. ورغم اختلاف ميزان القوى بين 1936 و2011 إلا أن بشار الأسد ونظامه لا يزالان يرددان كلمات جده ذاتها في آذان الطائفة العلوية، “سيقتلونكم ويبيدونكم.” وأعتقد أن جده كان أشرف وأكثر صدقاً من حفيده فالأول كان يحمي أهله بينما الأخير يستخدم أهله جنوداً لحمايته.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares