السلمية خيار أم عقيدة؟

ظهر المقال على موقع المندسة السورية (مغلق) تحت اسم مستعار في 24 أغسطس، 2011

أصدقائي، من الخطير جداً تحويل سلمية الثورة إلى فلسفة وأيديولوجيا وإلتزام عقائدي. لأن بعدين كل ما حدا طلعت براسه وأخد تاره لازم نعتذر عنه ونبرر تصرفاته بينما النظام مو فارق معه المجتمع الدولي ولا الناس ولا أرواحهم. إيران واعدته بمصاري وبترول، وهو قادر يعيش بعزلة متل كوريا الشمالية خاصة إنه روسيا والصين مصممين يركبوا خازوق لأمريكا والغرب وهي فرصتهم. اللي عم يحصل الآن مشابه لتاريخ سوريا في الخمسينات واللي قال عنه باتريك سيل الصراع على سوريا. أي أن سوريا كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تعلن ولاءها لأحد المعسكرين لأنه كان فيها خلافات داخلية. وإلا كيف بتظنوا قامت كل هالإنقلابات. كل واحد كان وراه دولة عظمى وشوية زعران بالجيش وشوية سياسيين أغبياء ما بيطلع بإيدهن شي. حافظ الأسد مثلاً وقد لا تصدقون كان مدعوم من السعودية للتخلص من الجناح اليساري لحزب البعث ولذلك السنة دبحولوا خواريف لما شرف على المدن. طبعاً هذا لا يعني إنه مانو حقير وما كان عم يخطط ليمسك الحكم وما كان عنده حقد طائفي كبير.

يعني السلمية خيار إستراتيجي مرحلي وليس خيار أيديولوجي. لا تفهموني غلط أنا بحياتي الخاصة 100% سلمية وما مستعد إئذي إنسان. بس المجرم لازم التخلص منه وجماعة الأسد والمخابرات مجرمين وما رح يمشي الحال إلا بالتخلص منهم. بس الشغلة تخطيط. السلمية إلى الآن في صالحنا لأنها جلبت لنا تزايد أعداد المتظاهرين والدعم العالمي وفقدان الشرعية للأسد وإدانه مجلس حقوق الإنسان وقريباً المحكمة الدولية، يعني لما منقرر نثور عليه عسكريا ما حدا رح يقول لأ والكل رح يدعم إذا في فرصة لننتصر. أمريكا وإسرائيل اللي كانوا مقنتعين إنه الأسد بينفعهم عرفوا إنه جحش وغبي وبإيده سلاح يعني ما بينفع وناوين يتخلصوا منه بس بأقل كلفة لأنهم مفلسين ولأن القضية تعني تدخل إيران وحزب الله (هدول شغلتهم حياة أو موت). بس ما رح يتدخلوا عسكرياً إلا بطريقة مشابهة لطريقة أفغانستان أي بالدعم العسكري الخارجي. ليش؟ لأنه كلفة العمليات العسكرية تصل إلى مليارات الدولارات وأمريكا الآن مفلسة، مين رح يدفع؟ هدا غير أنه العمليات تبدأ بتدمير الغطاء الجوي (500 طيارة سورية ومطارات ورادارات راحوا) ومن ثم تدمير المدرعات والمنشآن (4000 دبابة سورية راحوا) وبعدين قتل الجنود (أغلبهم مجندين وما إلهم علاقة يعني النظام رح يحطهم بالصف الأول) يعني البلد رح تطلع من المولد بلا جيش لأن الأمريكان هيك بيلعبوها، تدمير ثم عقود بناء وما بيطلعوا إلا إذا الرئيس من جماعتهم. هدا غير الأحقاد بين الناس وتدمير حياتهم اللي الدولة مجبورة فيهم يعني الدولة المحررة رح تكون مفلسة لخمسين سنة قدام وقدامها جيش من الجياع والعراة. وهذا يعني قروض ومشروطة ولعبات دولية والذي منه. وطبعاً أمريكا وأروبة بدهم مصلحة إسرائيل وأو شي رح يطلبوه هو إتفاقية سلام تضمن إنه إسرائيل هي الأقوى والمستفيدة. هدا إلا إذا السعودية قررت تدفع. وهي فاتورة كبيرة ممكن تصل لحد العشرة مليارات دولار. طبعاً إذا دفعوا شو بدهم بالمقابل: بسيطة بدهم حكم بيشبههم ولذلك مركزين على تركيا ومؤتمرات كلها إخوان مسلمين. وبكرة بتشوف التكفيريين والعمليات الإنتحارية والذي منه. بس لا تخافوا هدول كلهم بدهم سوريا وبتهمهم يعني معنا ورقة رابحة ولازم نلعبها منيح وبدنا فريق دبلوماسي خارق للعادة.

السلمية أيضاً أبعدت أوروبة عن الأسد وهل تعرفون أن أروبا كانت حليفه الأكبر وهم اللي جابولوا شركات العلاقات العامة لتحسين صورته وطلعوا مرته بمجلة فوغ للأزياء. ببالكم بشار هو صاحب المخططات؟ هدا غبي وشغلتو يتفلسف عالفاضي. السوق الأوروبية بين فرنسا وألمانيا صرفوا ملايين لفتح سوق سوريا وجعلها مكان سياحة لمواطنيهم وإستثمارات وشركات، شغلة كبيرة. وهم المشتري الأكبر للبترول والغاز السوري. أما الآن فيعتبرون أن الأسد صافف تماماً مع إيران وما منه منفعة وعم يدوروا على شركاء جدد بين المعارضة. يعني أحبابي بتعرفوا شو سعر البطاقة من واشنطن لباريس لحضور مؤتمر يعني شي 1000 دولار وهدول جماعة المعارضة اللي رايحين جايين مؤتمرات وسفرات يعني على حسابهم؟ الشغلة بدها فت عملة كتير. المهم، الخيار المسلح الآن غير ممكن ليش لأننا من الصعب نربح. ما في سلاح بيكفي، ما في جنود مدربين، ما في عمق داخلي للمناورة، ما في غطاء جوي، مافي معسكرات. يعني مافي شي. أنا ما عم قول بلاها، بس عم قول لازم جمع مصاري وعمل تحالفات والتحضير للحظة المناسبة. أما اللي مات أبوه واللي مات جوزها يعني قلبي عندهم بس بحال الحرب الأهلية هدول ما بس رح يكونوا أيتام وأرامل لكن كمان رح يكونوا لاجئين بالأردن ولبنان وتركيا عم يشحدوا أو يبيعوا أجسادهم. يعني خلوهم ببيوتهم ونحنا منجمع مصاري ومنحاول نرعاهم. والتاجر الكلب اللي عم يدفع أتاوة للشبيحة بدو يصير غصب عن راسه يدفع للمحتاجين هي إسمها جمع ضرائب. 3000 شهيد بخمسة أشهر مو كتير بالمقارنة مع الحرب الأهلية. دم كل واحد غالي ورح نحاكم القتلة بس بالحرب الأهلية بيموت مئات آلاف الناس وما بينعرف مين قتلهم. شوفوا حرب الجزائر بالتسعينات. راح 200 ألف شخص وكل جهة بتتهم التانية وأغلبهم ماتوا دبح بالليل. يعني ببساطة إذا بدك تعمل رامبوا جرب لي حالك احمل 20 كيلو واركض وشوف قديش بتضاين، عشر دقايق على الأكتر. غير الخراب والأطفال الليل بيصير معهم قصور عقلي من صوت القنابل. عدا أنه المتظاهرين بيصيروا لاجئين ولا بتعرف صديقك من عدوك، يعني بدك تقتل على الهوية أو عشوائياً.

شو الحل؟ ومتى تنتهي السلمية؟ الشغلة بدها وقت وصبر وطولة بال وتخطيط وقيادة حازمة. يعني 1. التنسيقيات لازم تكون موجودة بكل حي وبكل مدينة وقرية وقيادات محلية وقيادات على مستوى البلد، مشان الإنضباط والحماية والتظاهر واستبدال الشرطة وتأمين الإعانة واحتلال الأبنية ومنع التخريب والفوضى والصراعات الطائفية وأهم شي إنتخاب الممثلين، ثم قد يتحول بعضهم إلى جنود أو إلى بيروقراطيين أو سياسيين. 2. تغطية البلد كاملة بتليفونات ثريا مشان التنسيق وتمرير الأوامر. 3. جمع أموال بشكل مركزي متل وزارة المالية والكل لازم يدفع وتقديم ميزانية للإعانة وشراء الأجهزة ويمكن شراء السلاح الفردي. 4. إصدار قانون جمعيات وأحزاب خاص بالثورة وهيئة لتسجيل الأحزاب الجديدة حتى نتمكن من تشكيل مجلس وطني منتخب. 5. ولازم نعمل فريق إستشاري من كل الإختصاصات من السوريين المتعلمين على مستوى عالي. ولازم نعمل فريق دبلوماسي للتفاوض مع الشركاء. وكذلك عمل دستور للثورة يتضمن القاسم المشترك لجميع الأطراف يعني ديمقراطية تعددية حريات قانون 6. وضع أهداف مرحلية للثورة ومراقبة تنفيذها حتى ننتقل من مرحلة إلى أخرى 7. جذب أكبر عدد من المشجعين وتحجيم المنحبكجية 8. تشكيل فريق عمليات لضرب مراكز حساسة للنظام مثل مراكز المخابرات والسجون دون تعمد القتل. يعني الجيش بدبباته مش العدو الحقيقي، العدو الحقيقي هو المخابرات. الجيش فاشل وفاسد نعم بس المخابرات هم اللي حاكمين البلد. 9. تشكيل هيئة لإستخبارات الثورة والشغلة بسيطة أجهزة تنصت، أجهزة تشويش، تعيين أماكن سكن قيادات المخابرات تحديد مواقع السجون وأماكن نوم المخابرات ومخازن أسلحتهم وكراجات سياراتهم ومراكز الوقود وأماكن راداراتهم. 10. الإتصال بالمنشقين وحمايتهم والتأكد أنهم يتبعون أوامر قيادات الثورة لأنه ما بدنا نخلص من حكم عسكر ونقع بحكم عسكر تانين جيبهم فاضي. 11. تشكيل فرقة للثورة بكتائب موزعة على المحافظات وتخزين الاسلحة في أماكن آمنة إلى أن تحين اللحظة الحاسمة. الإعتداء على مراكز الجيش والشرطة وأخذ أسلحتهم وتخبئتها  والأسلحة اللي بيتركها النظام هربوها حتى ولو كانت كمين 12. التواصل مع القيادات الدينية والعشائرية للعلويين وجذب أكبر عدد منهم بتطمينات وضمانات حقيقية وتمثيلهم في الجالس الثورية. 13. إنتاج خرائط لتوزع الجيش والمخبرين والمتاريس والأسلحة في كل بلدة أو مدينة أو قرية حتى نعرف مخططاتهم والطرق التي يسلكونها ومواعيد تبديل العناصر والذي منه. يعني لما بدنا نسيطر عليهم منكون منعرف وينهم وإيمتا بتجيهم مساعدات ومن وين. 14. تدريب شباب على أساليب عرقلة وصول الإمدادات ووصول الشبيحة حتى ولو استخدموا السلاح لضرب العجلات وشباب آخرين على صنع المتاريس وسد الحواير بأماكن حساسة متفق عليها  وسد الأوتوسترادات ومداخل المدن 15. وضع مخططات لحماية كل مدينة وحي من هجوم غير متوقع ومن القصف لأن العسكر بيتبعوا مخططات معروفة مثلاً حمص الهجوم دائماً من الغرب لأن الجهة الغربية مفتوحة وكلها بساتين والكلية الحربية بالغرب. والدبابات اللي قادرة على القصف البعيد المدى بتنعرف من طول السبطانة وهذه أحيانا يجب تدميرها 16واللي بيفوتوا على المدن وبيضربوا هدول كلهم مدرعات برشاشات من عيار خفيف ولهم عجلات أو سلاسل خفيفة. وإلا ما تخلص طلقاتهم يعني ممكن الواحد يلحقهم ليخلص الرصاص أو الوقود ويضربهم إذا لزم الأمر. منع المجندين من الإلتحاق بالخدمة العسكرية وتأمين هرب أكبر عدد منهم. 17. معرفة أماكن المطارات العسكرية وخزانات الوقود 18. التركيز على المناطق الحدودية من أجل التحرير وتكوين عمق. أصدقائي حلب والشام خلوهم للنظام لأن كل أسلحته هنيك. اللي بدنا ياه شوية عمق، طرقات حدودية للتواصل، ولذلك ضرب الأسد كل القرى الحدودية. يعني ما خيفان على الشام. شوفوا بليبيا طرابلس كانت الأخيرة. الشام إلها مشكلة كبيرة وهي أنها محاطة بتلال عالية ووعرة وكل الحرس والقوات الخاصة متمركزة على هذه التلال. يعني مستحيل أخذ دمشق دون ضربة جوية. لاحظوا إنو النظام نشر كل جنوده، والمدينة اللي بيدخلها ما بيطلع منها لأنها رح تثور وتنشق. يعني النظام أضعف نفسه بنفسه لأنه غير متوقع ضربة عسكرية. مما يجعل الجنود والأسلحة مشتتة على مسافات شاسعة وغير متحركة. يعني المدينة اللي بنحررها ما رح يحسن يستعيدها.

المختصر المفيد، السلمية الآن مفيدة جداً ورح تضل مفيدة لحتى نستعد ونتنظم ونضمن تحالفات دولية ومساعدات مالية وقيادة موحدة وتنسيقيات بكل مكان ومجلس وطني ومجلس إستشاري وهيئة دبلوماسية، وننهك النظام ونخلي أعوانه يتركوه (بغبائه وحده رح يخوفهم) ونمنع الحرب الأهلية ونعمل تحالفات داخلية ونعطي تطمينات عملية ملموسة. بعدين مندمر مراكز المخابرات وبعدين منركز على الشام. على فكرة ما مشكلة الآن إذا قنصنا القناصة بس، لازم نحمي القيادات ونقلل عدد الشهداء. أي أفكار أخرى؟

لازم نعمل صفحة مخصصة لمراكمة هذه الأفكار. المقالات والتعليقات فيها أفكار كثيرة وصدقوني الشباب أذكياء وهل الحكي يمكن نفرضه على أية قيادة مع الوقت.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares