حول مقابلة أحمد منصور مع غليون- آفاق المجلس

برهان غليون

ظهر المقال على موقع مدونة الموسوهة السورية في 19 أوكتوبر، 2011

بغض النظر عن أسلوب أحمد منصور الذي لا أحبه، لكن برهان غليون فعل ما يفعله الأكاديميون وهو العودة إلى الأساسيات. الرجل ليس رئيساً ولا يرى نفسه كذلك ووضح دور المجلس لجميع من لديه أحلام أخرى. المجلس واجهة سياسية فقط يعني لا يقود الثورة ولا يقرر فتح باب التطوع ولا يشتري السلاح ولا يطلب التدخل الدولي. هذه ليست من صلاحياته ولا يستطيع حتى أن يزعم أنه يملك هذه الصلاحيات. من يريد قيادة للثورة عليه أن ينظر إلى الداخل.

من يريد عملاً عسكرياً عليه أن ينشئ قيادة ميدانية موحدة في الداخل. ومن يقارن بالمثال الليبي عليه أن يعي أن المجلس الليبي جاء من داخل ليبيا. الناس عندها أحلام غير واقعية أبداً عن المجلس. وهذا خطأ في بنية الثورة منذ البداية، وأعني إنعدام التخطيط لما بعد الشهر الأول ولاحتمال عدم سقوط النظام أثناء هذا الشهر. وصراحة ومن باب نقد الذات أغلب الناس كانوا يظنون أن النظام سيسقط على الطريقة المصرية أو في أسوأ الأحوال بكلمة من أمريكا. نحن ضحايا نظريات المؤامرة التي رضعناها من عبد الناصر والبعث من بعده، فأمريكا لا تستطيع إسقاط أي نظام بكلمة أو بحركات دبلوماسية من وراء الكواليس.

أما الطريقة المصرية فهي إنقلاب عسكري هذا لم يحصل في سوريا ولن يحصل في المستقبل القريب. كان من سوء التخطيط الإعتقاد أن النظام بسوريا سيقط بشهر أو أشهر. وأنا أقول شدوا الأحزمة لرحلة سنة أو سنتين من حرب الإستنزاف التي نعيشها الآن. ولا المجلس ولا غيره بقادر على إخراج سوريا من هذه الوضع. وبرهان غليون كان واقعياً تماماً وواضحاً تماماً بأن المجلس ليس لقيادة الثورة أو لقيادة مرحلة إنتقالية. المجلس مجرد أداة سياسية لجمع بيانات الشجب من الدول المختلفة ولسحب الشرعية عن النظام تماماً واستصدار عقوبات إقتصادية ودبلوماسية.

من يريد العمل العسكري عليه أن ينظمه ويقوم به بنفسه ومن الداخل. يا أخي إنسوا المثال الليبي، لقد كانت وقاحة من أحمد منصور مقارنة سوريا بليبيا. هل تعتقدون أن الثوار أو المجاهدين أو سمهم ما شئت كانوا قادرين على تحرير ليبيا لولا تدخل الناتو؟ وهل تعتقدون أن الناتو كان سيتدخل لولا بترول ليبيا؟ السيد أحمد منصور يقول إذا عاملين ثورة فالثورة نضال مسلح. والجواب بسيط ولا يستطيع أن يقوله برهان غليون وهو: كان على من بدأ الثورة أن يفكر بالمستقبل ولو قليلاً. ما هذه الثورة التي يبدؤها أطفال ثم يقولوا للكبار حلوها. لا تلوموا برهان على عدم إدارة ثورة لم يبدأها وكذلك المعارضو السورية. هذه المعارضة النائمة لم يستشرها أحد في مسالة الثورة ثم تنتقدونها لأنها لم ترتق إلى المستوى المطلوب. يا أخي هذه المعارضة كانت جاهزة للنوم العميق وأنتم أيقظتموها. فلا تلوموها على خطئكم. لكن كل هذا الكلام لا يفيد شيئاً فما حصل حصل والناس ماتت وكلنا في وسط المعمعة. الحل سيكون بيد من هم على الأرض لأنهم سيخوضون المعارك ويجابهون النظام. هذه هي الثورة التي كان على أحمد منصور أن يراها وليس ثورة من الخارج. أما مصر فاسمحوا لي بأن أقول هذه ليست ثورة، هذه مجرد إنتفاضة ونجحت لأسباب لا علاقة لها بالتنظيم والعمل الثوري. ولو قرر الجيش المصري أن يبقى مع مبارك لشاهدتم مبارك يقود القتل كما رأيتم القذافي وبشار يفعله. الثورة هي سوريا اليوم لأننا وضعنا أنفسنا في موقع صعب لا يمكن معه التراجع. الثورة في سوريا بدأت الآن ولم تبدأ من ستة أشهر.
ذا بدكم معارك وسلاح ومقاتلين فاطلبوا من التنسيقيات أن توحد نفسها في مجلس قيادي وأن تطلب التطوع وجمع المال وشراء الأسلحة وتدريب المتطوعين. برهان غليون أجاب الجواب الصحيح، المجلس لا يتحكم بالجيش الحر لأن الجيش الحر لم يضع نفسه تحت تصرف المجلس ولأن الجيش الحر لم يتواصل مع أية تنسيقية ولم يتكلم باسم أية تنسيقية. الجيش الحر وقائده رياض الاسعد مجرد خيار ثاني في يد تركيا فهي تؤيه وتدعمه. المجلس وغليون لا يستطيعوا إلا الإمتثال لرغبات الداخل أي جمع الدعم السياسي لعمل سلمي. ولذلك أكد على وحدة الجيش وعلى ضرورة أن يلعب الجيش دوراً في إقصاء النظام. وبصراحة وليزعل من يزعل إذا لم يقرر أحد أن يقاتل فالأمل الوحيد هو في إنقلاب عسكري. ومن هذا المنطلق فإن الحفاظ على وحدة الجيش أفضل بكثير من تشجيع المنشقين على القيام بعمليات ضد الجيش. تحليل غليون واضح وصريح وجيد، المخابرات تسيطر على الدولة والنظام والجيش. والحل الوحيد هو في تفكيك المخابرات إما بأنم ينقلب الجيش ويصفيها أو أن نضطر لاغتيالهم فرداً فرداً كائناً من كانوا ومن أية طائفة أو عرق كانوا. الناس اختارت أكاديمياً ليقود مجلساً وقد أعطاكم هذه الأكاديمي أحسن ما عنده وبوضوح. إذا كنتم تريدون قتالاً فلا تعتمدوا على المعارضة السياسية ولا تختاروا أكاديمياً. أما إذا اعتمدتم على المجلس إعتماداً كاملاً فقد وضح غليون ما يمكن للمجلس أن يقوم به ولا يحلمن أحد غير ذلك: دعم سياسي، الإبتعاد عن الطائفية، المحافظة على الجيش وإنتظار فرج الله.

إذا المجلس بدو يعمل نفسه قائد للثورة فلا بد أن تختلف آليات العمل.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares