تحالف الراغبين، يجب إنقاذ الأمل

ظهر هذا المقال على موقع مدونة الموسوعة السورية في 25 أغسطس، 2011

أخوتي وأصدقائي وأبناء بلدي. الكل بات يعرف الآن أن الثورة السورية باتت وحيدة والكل يتفرج ولن يحركوا ساكناً. وبدا واضحاً أيضاً أن الولايات المتحدة والسوق الأوروبية سحبت دعمها لنظام الأسد لكنها ليست مستعدة للتدخل مباشرة لأن نظاماً ضعيف في دمشق أفضل بالنسبة لها من نظام ثوري ومقلقل. وهم سيحلبونه ببطء حتى ينهي علاقته مع إيران وحتى يدمر نفسه بنفسه وذلك من خلال المحكمة الدولية. لكن هذا سيأخذ وقتاَ وقد يعودوا ليتحالفوا معه من جديد في المستقبل إذا خضع لشروطهم. أما المخطط التركي والسعودي فلا نعرف شكله النهائي لكنه يشمل إعادة الإسلاميين إلى سوريا وفرضهم من فوق، وأعتقد أنهم سيقلبونها حرباً سنية على ما يسمونه بالحكم العلوي وذلك لكسر الإمبراطورية الشيعية التي تبنيها إيران. وأقول شيعية دون تحفظ لأن إيران دولة دينية ثيوقراطية.وللأسف فإن كثيرين من عناصر النظام يفكرون ويتصرفون بنفس الطريقة الإيرانية. أي أن الحرب بالنسبة لهم بين العرعور السني بشار الشيعي. وهذا خطر أيما خطر.

السلمية حققت إنتصارات كبيرة وجلبت لنا الثورة أولاً والمشاركة الواسعة، والتعاطف الدولي، والتفوق الأخلاقي، وعودة الحياة السياسية إلى سوريا وإن في الخفاء، وأمل كبير بالتخلص من نظام الأسد الذي يعاملنا كالعبيد.لكن قمع نظام الأسد تجاوز كل الحدود وهناك مؤشرات كثيرة تشير إلى ضعف الحراك التظاهري ويأس الناس من تحقيق أملهم بالنصر. فما هو الحل الآن ونحن نرى أن الأسد قد احتل أغلب المدن والقرى السورية ولم تبق إلا حمص التي سيقضي على مقاومتها قريباً؟ السلمية تحولت عند البعض من خيار استراتيجي مرحلي إلى أيديولوجيا وعقيدة تخون من لا يتبعها وتقصيه ولا تُعد العدة لأي خيارات أخرى وكأن النظام سيسقط من ذاته وبقوتنا الأخلاقية العالية؟ لا أدعو للعنف ولكن أدعو للتخطيط الإستراتيجي الذي يضع الهدف أمامه ثم يصنع الوسائل.

المعارضة السياسية في الخارج لم تكن على المستوى المطلوب. والحقيقة لأنها لم تكن أبداً على المستوى المطلوب فهي أيديولوجيا لا تمثل إلا أعضاءها وتقوم على قيادة الزعامات الشخصية والإرتباطات الخارجية لأنها كانت ولا تزال تفقد الوجود الداخلي. في الوقت الحاضر لا نريد أحزاباً من أجل إنتخابات وإنما نريد ممثلين عن الثائرين يقيمون التحالفات باسمهم ويتفاوضون مع الحلفاء باسمهم ويرسمون الخطط ويجمعون الدعم المادي وينسقون بين المجموعات ويقدمون المشورة. ليس للثورة قيادة واحدة لأن نشوء مثل هذه قيادة مستحيل بشبب القمع في الداخل. ولذلك يجب أن تكون القيادة مجرد هيئة تنسيق واستشارة وتشاور ودبلوماسية ودعم مادي ومعنوي وتنظيمي في الخارج. لكن للأسف المعارضة لقديمة لا تزال تظن أننا بحاجة لقيادة على رأسها زعيم وتسمى الثورة باسمه ويأمر وينهى ولها مكتب سياسي ومكتب تنفيذي وغير ذلك من الأجهزة الحزبية القديمة والمهترئة وغير الديمقراطية. إنهم لا يثقون ببعضهم البعض لأنهم مجبولون على فكرة ديمقراطية المرة الواحدة، أي ترشيح، نجاح في الإنتخابات، إلغاء الديمقراطية وتصفية المعارضين. وهذا ينطبق على اليسار واليمين والوسط، ولهذا نرى التخوين والإتهامات والإنسحابات والمفاوضات المضنية التي لا تصل إلى نتيجة. لاأنه لو كان هدفهم دعم الثورة لوجدوا قاسماً مشتركاً لكن همهم للأسف الوصول إلى السلطة ومن ثم التسلط.

التنسيقيات إنجاز رائع، والبطولات التي رأيناها مثال يحتذى لكل الشعوب والأجيال. لكنها ليست مؤسسات سياسية وليست مؤسسات دبلوماسية أو مالية أو أيديولوجية أو تخطيطية، إنها مؤسسات تنفيذية ميدانية. وطبيعتها هذه تنبع من طريقة عمل الثورة وطبيعتها السلمية وقوة القمع وانعدام التواصل. هؤلاء هم أبطالنا وشهداؤنا الذين منحونا الحرية وقد عجزنا حتى الآن أن نساعدهم بالطريقة المناسبة أو اللائقة. كثير من التنسيقيات تعمل وحيدة ولا تستطيع التواصل مع غيرها، وإن اتطاعت فلمدد محدودة لا تفي بغرض تنسيق عمل ثوري على مساحة الوطن بأكمله. وهم الآن مستهدفون بالإغتيال والإعتقال ثم التعذيب حتى الموت. وليس باستطاعتهم إجبار الناس على متابعة الثورة إذا غاب الأمل أو انعدم. هذه التنسيقيات بحاجة إلى مؤسسات في الخارج والداخل لتكميل النقص. وأعني اديبلوماسية، الإعلام، الإغائة، الدعم اللوجستي. إن الخارج هام على قدر أهمية الداخل لكنه مكمل له وليس متسلط عليه وغالب.

أقول لكم وبصراحة وبناء على معلومات من أشخاص في الميدان، الناس لم تعد تستطيع مواجهة القمع. وحتى الإنتصارات التي تحققت لم نستفد منها لبناء خطة مستقبلية تبين مراحل تطور الثورة حتى تحقيق الهدف. القاسم المشترك هي إسقاط نظام القمع أي الرئاسة والمخابرات وشبيحتهم. لا نريد إسقاط الدولة أو الإقتصاد أو الجيش. فلنجتمع على هذا الهدف. وإليكم المبادرة التالية وأتمنى المشاركة. سأكتب بصيغة الجمع تيمناً بالمشاركة:،

1. نعلن إنشاء مجلس إستشاري لا يمثل إلا من أراد له أن يمثله. إنه إتحاد الراغبين. ليس لدينا أهداف سياسية ومستعدون لتوقيع تعهدات بأننا لن نرشح أنفسنا لأي منصب بعد الثورة وسنتايع عملنا الإستشاري. نحن تكنوقراطيون ومختصون وسنبفقى كذلك.

2. أية تنسيقية من الداخل أو الخارج تتصل بنا سنؤمن لهم ما يكمل عملهم أي الناحية الإستشارية والدبلوماسية والمالية والتنظيمية والتواصلية وأحياناً الإعلامية مقرين بأن الكثيرين الآن يبرعون في هذا الجانب. لن نتكلم إلا بإسم من يوكلنا ولن نقدم أكثر من مشورة ثم سنقوم بتنفيذ ما يتم الإتفاق عليه والتفويض من أجله من خلال لجان مؤقته من مختصين نتعاقد معهم أو من أعضاء المجلس الإستشاري.

3. تستطيع الأحزاب والجماعات أيضاً أن تتصل بنا وأن عطينا دعماً أو تفويضاً محدوداً للقيام بمهمات محددة. وإننا نشجع الأحزاب على بناء تحالفاتهم وجبهاتهم وزيادة أعضائهم دون محاولة التحدث باسم الجميع أو فرض رأيهم. تسويق الرأي والدعوة له ليس فرضاً لكن وضع الناس أمام الأمر الواقع وإدعاء التمثيل مرفوض رفضاً قاطعاً.

4. سنعتمد الشفافية الكاملة على كل الأصعدة فيما يخصنا وسنعلن عن حجب بعض المعلومات حين تطلب منا الأطراف المفوضة ذلك. لكننا ندعو الجميع للشفافية الكاملة. ليس لدينا ما نخفيه ونجاح ثورتنا حتى الآن قائم على عدم الشرية في الأهداف أو الأفعال. وسيكون لنا متحدث باسمنا لا يزعم التحدث باسم مفوضينا. وسيكون لنا موقع على الشبكة لعرض المعلومات، وصفحة على الفيس بوك لتلقي الإقتراحات والتعليقات. وموقعنا سيحتوي على بنك هائل للمعلومات للتعريف بكل ما يتعلق بالثورة من أشخاص وجماعات وأفكار. هذا الموقع سيكون مؤقتا موقع الموسوعة السورية

(الموقع القديم www.wikisuriya.org) (الموقع الجديد موجود هنا)

الذي ندعوكم للمشاركة فيه لأنه يشبه الويكيبيديا

5. سنقوم بإصدار قانون تنظيمي مؤقت للأحزاب والجماعات وسنطلب من جميع الأحزاب والمنظمات والجماعات التي ترغب في العمل الآن وفي المستقبل على الساحة السورية أن تسجل لدينا حتى نكون مركزاً لتوزيع المعلومات وتشجيع شفافية الثورة.

وسنقوم بوضع مشروع دستور مؤقت وغير نافذ يتضمن رؤية الجميع على اختلافهم ويحوي كل التحفظات. والغرض هو عرض صورة للمستقبل وتوحيد الهدف والوصول إلى قواسم مشترك. وسيكون كذلك أساساً للعمل السياسي أثناء الثورة على الأقل. الدستور هو قواعد اللعبة السياسية. ونحن بأمس الحاجة إلى قواعد.

6. سنقوم بإنشاء لوائح لم يريد المشاركة في إنتخاب ممثلين في الخارج. لن نشكل أي مجلس وطني أو تنفيذي ولكن سنضمن أن أي مجلس يظهر على الساحة من هذا النمط سيحظى بالتمثيل الضرورية والشرعية اللازمة عن طريق الإنتخاب. ولهذا فإننا نشجع السوريين والسوريات على إستخدام أسمائهم الحقيقية إذا كسروا حاجز الخوف أو تأمين وسيلة لإثبات وجودهم تحول دون اختراع شخصيات وهمية بغية التأثير في الإنتخابات.

7. سيكون لدينا فروع في كل الدول التي فيها جاليات سورية وفروع داخل سوريا إن أمكن. وستكون للفروع مهام محددة ومعروفة وعلنية.

8. سنتواصل مع من يجمع التبرعات لمحاولة تركيز هذه العملية بمواقع محدودة وجماعات رسمية ومعروفة وحسابات علنية. الدول الغربية لا تسمح بجمع تبرعات سرية أو تبرعات لإقصاء حكومات شرعية ولهذا فإن سحب الشرعية الدولية عن نظام الأسد سيمكننا من محاربتهم بشتى الوسائل دون أن نكون إرهابيين أو مخربين بالتعريف القانوني الدولي.

9. سنعرض على موقعنا تقارير دورية عن تطورات أعمالنا. وسنقوم أيضاً بنقد الجميع  كمراقبين نجمع النقد مع النصح مع الإطراء. إننا مراقبون، وهيئة الإحتساب التي تكلم عنها الأستاذ البني في دستوره المقترح.

10. أعمالنا غالبها مجاني ولا نتقاضى أجراً لكننا سنطلب الدعم المالي لأعمالنا منكم في حال الحاجة إليه

11. نعاهدكم أن يكون هدفنا دعم الثورة والعمل على تحقيق أهدافها بإقامة دولة الحرية والقانون والمساواة والتعددية وتداول السلطة. لا يهمنا الدين  أو الإنتماء الطائفي أو القومي. من يقتل أهلنا أو يشجع قتلتهم فهو خصمنا ومن يعين أهلنا ويحميهم ويعمل على نصرتهم هو صديقنا. لكن لن نكون مطية لأي حزب أو جماعة معينة أو أيديولوجيا معينة.

ندعوكم للتعاون معنا أو الإنضمام إلينا أو تأييدنا بالإسم بالأفكار بالمال بالتطوع. إن ثورتنا تخبو وأهلنا محاصرون مجوعون مقموعون. والأسد مصمم على إنهاء الثورة بأي ثمن وسيتابع وحشيته دون هوادة. لا بد لنا من الإلتقاء والعمل المشترك. أنقذوا الثورة، أنقذوا أهلنا.

تواصلوا معنا على

wikisuriya@gmail.com

المشترك الأول- أحمد نظير الأتاسي

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares