الثورة السورية وجدال العلمانية-الدولة الدينية

ظهر المقال على موقعي العام على الفيسبوك في 2 سبتمبر، 2011

والله يا جماعة كل ما بسمع هالنقاشات بحس إنه ما في أمل، من كتر سوء التفاهم بين الناس واعتقاد سوء النية، واللعب بالمصطلحات وحتى بالتاريخ. باعتبار أن اختصاصي تاريخ إسلامي أود أن أقول لكم بعض النقاط وأتمنى أن لا تعتبروها معلمية. أولاً الجدال بين ما يسمى العلمانية وما يسمى الإسلامية حديث جداً ولم يكن في السابق يستخدم هذه المصطلحات. كان النقاش في بداية القرن العشرين بين إقامة دويلات طائفية وبين إقامة دولة واحدة فطُرح شعار الدين لله والوطن للجميع. ثم أصبح الصراع بين الإخوان المسلمين والقوميين واليساريين ودار حول العلاقة بين الرابطة الإسلامية والرابطة العربية القومية الأضيق، أو بين الدولة الإشتراكية على الطريقة السوفياتية والدولة التي تعتبر الشرع مصدراً لها. الآن تحول الصراع إلى علمانية وإسلامية وهو صراع بين دولة مثل السعودية وإيران ودولة تحترم الجميع مهما كان دينهم. عندما تحول الفكر الإسلامي السياسي في السبعينات والثمانينات إلى فكر تكفيري توجه اليساريون والأقليات الدينية إلى نبذ ربط الدين بالسياسة على الطريقة الوهابية أو التكفيرية أو حتى الإخوانية لعدم وجود ثقة وبسبب الخوف من التكفير والقتل. وظهرت على الساحة شعارت الإسلامية والعلمانية وهي شعارات مترجمة. وعندما يتناقش الناس اليوم يعودون إلى القواميس الأجنبية للتعرف على المصطلحات فيمتلئ الحوار بالمفاهيم التي هي في الحقيقة غير موجودة في ساحتنا وليس لها علاقة بتاريخنا. وللأسف فإن السعودية روجت بكتيبات كثيرة منتشرة لهذا الصراع باستخدام هذه المصطلحات لأنهم اعتبروا أن أعداءهم القوميون واليساريون والعلمانية والديانات الأخرى. فصارت كلمات مثل يساري ملحد علماني قومجي مسيحي صليبي متشابهة بالمعنى. وكلما دخلنا في نقاش واستعملنا هذه الكلمات زادت الحزازات وزاد سوء الفهم. الذي يقول عن نفسه علماني اليوم كان يقول عن نفسه يساري أو قومي أو أحياني مسيحي أو علوي من عشرة سنين والذي يقول عن نفسه سلفي أو أصولي أو إسلامي كان يقول عن نفسه مسلم أومتدين أو إخواني منذ عشرة سنين. الناس خائفة اليوم من المستقبل وسيكون ردهم ونقاشهم نزقاً ومليئاً بالريبة والشك. ولذلك أرى أن الإجتماع على القواسم المشتركة مثل إسقاط نظام القمع، الحرية، الإنتخاب وتداول السلطة أفضل بكثير من الخلاف على مصطلحات غير مفهومة.

ثانياً من ناحية المصطلحات وبغض النظر عن المعاني الأجنبية لها. كلمة علماني بفتح العين هي كلمة سريانية مسيحية قديمة تعني المتعلق بالزمن أي الزمني أو الدنيوي واصبحت تعني الإنسان الذي ليس قسيساً أو راهباً أي ليس مقدساً فالمقدس مرتبط بالرب وهذا يجعله خارج الزمن. يعني هناك رجل الدين المقدس وهناك متلقي الدين وذلك بسبب طبيعة المسيحية التي تفرض إنقساماً بين مقدم القربان ومتلقي القربان. أما في الإسلام فلا وجود لهذا الفرق لأنه لا توجد منظمة هرمية لرجال دين مقدسين في الإسلام. والإمام شخص عادي وليس مقدساً فلا يوجد في الإسلام شخص علماني. أما العلماني بكسر العين فهي خطء شائع عن الكلمة السابقة. وقد اتسع إنتشار الخطأ حتى أصبح الأكثر استخداماً. وبالنسبة لمن ثقافته عربية إسلامية فإنه لا يعرف الأصل السرياني فيعيد الكلمة إلى الأصل العربي المشابه لفظاً أي العلم بكسر العين. ولما كانت العلمانية الأوروبية قد ارتبطت بالعلم في القرن التاسع عشر فقد تأكد ظن الكثيرين أن الكلمة العربية مشتقة من العلم. فلماذا استخدم المعربون كلمة سريانية لترجمة المصطلح secularism. لأن المصطلح الأجنبي يأتي من لغة مسيحية أيضاً والتعريف الاصلي للكلمة الأوروبية هو بالضبط الإنسان الدنيوي الذي لا ينتمي للكنيسة أي ليس مقدساً. وبما أن النقاش عن دور الدين في الدولة جاء أصلاً وقشة لفة من أوروبا في القرن التاسع عشر إلى العربية فإن كلمة علماني البسيطة السريانية أصبحت محملة بكل معاني الفلسفة الأوروبية وتاريخها وتاريخ الكنيسة الأوروبية مما أدى إلى نقاشات عربية عقيمة فعلاً. الصراع في القرن الناسع عشر كان بين مؤيدي النمط الأوروبي في الحكم وهم المتعلمون في أوروبا وسموا أنفسهم متنورين ومؤيدي النمط العثماني القديم وهم خريجو الأزهر ومدارس التشريع الإسلامي ولنسمهم المعممين. وأصبح الخلاف بين البيروقراطيين المتنورين ورجال الدين. ولما كان النمط الفرنسي هو الأوسع إنتشاراً بين المتنورين ولما كان النمط السياسي الفرنسي قائماً على فصل كامل بين الكنيسة والدولة وحتى بين الدين والدولة إنتقل النقاش إلى الشرق بهذه الصبغة وطالب المتنورون بإقصاء الدين أي المعممين عن الدولة. وزاد في الطين بلة أن الأوروبيين كانوا يتدخلون كثيراً بشؤون الدولة العثمانية ويريدون تقسيمها فإنهم إدعوا أن سبب ضعف الدولة العثمانية هو سيطرة الدين على كل شيء. وهناك رسائل بين جمال الدين الأفغاني ورينان الفيلسوف الفرنسي توضح جيداً ما أتكلم عنه.

هنا ظهرت الحاجة لترجمة secularism , والتي كانت تعني في أوروبا فصل الدين عن الدولة. ولما كان فطاحل النهضة العربية في الغالب من المسيحيين فقد اعتمدوا على تراثهم في ترجمة بعض المصطلحات. واصبحت العلمانية تعني secularism. المتنورون العثمانيون لم يتخلوا عن الإسلام، على العكس تماماً. لكنهم قالوا بأن ضعف الدولة نابع من عدم قدرة البيروقراطيين القدماء من رجال الدين على مجاراة العصر الحديث. وقد جاراهم عدد من السلاطين وظهرت التنظيمات العثمانية 1839-1876 التي حاولت بناء دولة على النمط الأوروبي أي حدود ومواطنة وجنسية وخدمة إلزامية وتعليم عمومي وتقني وبيروقراطية أوروبية ودستور ومجلس نيابي وانتخابات ومجالس محلية وإلغاء نظام الملة وتحويل الناس إلى مواطنين عثمانيين بعد أن كانوا تابعين لرؤساء طوائفهم الدينية. السلطان عبد الحميد عندما جاء إلى السلطة عام 1876 رفض هذه التغييرات وأراد محاربة التدخل الأوروبي في شوؤن الدولة بالعودة إلى النظام القديم فأعلن الخلافة الإسلامية وألغى الدستور وحل المجلس النيابي وأحاط نفسه برجال الدين وإثنان منهم من السوريين وكانا كبيري التأثير عليه. واحتدم الصراع بين المتنورين ورجال الدين وظهرت فكرة أن ضعف الدولة نابع من ابتعادها عن النظام الإسلامي الذي هو نظام الخلافة. وكان الرد هو محاولات الاصلاح التي نعرف عنها من الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا الذين أعلنوا أن كل ما يعرضه الغرب موجود في الإسلام ولا حاجة لنا ببضاعة الغرب فالبرلمان هو مجلس الشورى والدستور هو الشريعة والحاكم هو الخليفة وحقوق الأقليات هي نظام الذمة وظهر مفهوم أن الإسلام دين ودولة. ولما كان عبد الحميد رجلاً موسوساً حقيقة فإنه فرض حكم المخبرين والإعتقالات وأصبح صراع المتنورين معه صراع بين الخلافة الإسلامية والنظام البرلماني. وهنا نجد إستعمال نظام إسلامي ضد نظام يقوم على فصل الخليفة عن الدولة وسموه علماني. وليس فقط فصل الخليفة عن الدولة بل رجال الدين من حوله عن الدولة ومناصبها. وظنوا أن التاريخ الفرنسي يشبه تاريخهم إلى حد كبير فالفرنسيون بثورتهم قاموا ضد الملكية وحليفها البابا ومنعوا القساوسة من استلام أي منصب في الدولة وحتى أغلقوا الكنائس والأديرة وأجبروا الرهبان والقساوسة الكاثوليك على الزواج وصادروا ممتلكات الكنيسة. اما في بريطانيا وألمانيا وغيرها فالوضع كان مختلفاً ولذلك تجد أشكالاً كثيرة للعلمانية. فهل يا ترى كان الوضع العثماني مشابهاً للوضع الفرنسي؟ هذا سؤال للمؤرخين لكني أحاول توضيح تاريخنا هنا وليس التاريخ الغربي. وأركز على تاريخ الصراع بين تصورين للحكم والبيروقراطية، تصور يريد إقصاء الخلافة ورجال الدين كبيروقراطيين وتصور يريد إعادة الخلافة ورجال الدين كبيروقراطية. في الحقيقة الدولة العثمانية هي الدولة الوحيدة في تاريخنا التي جعلت الفقهاء والقضاة والخطباء والمؤذنين والمفتين ومشايخ التعليم موظفين عند الدولة لهم مراتب هرمية وامتيازات وكثير منهم أصبحوا مجرد كتاب وبيروقراطيين.

بس هالحكي كله راح لما سقطت الدولة العثمانية. وكان وقتها شعار الدين لله والوطن للجميع هو الطاغي لأنه شعار رفعه أنصار الملك فيصل وجماعة النادي العربي والجمعيات الثقافية للم الشمل وحل مشكلة الأقليات التي ظهرت بشكل واضح بعد العثمانيين وبمجيء الفرنسيين. المسيحيين الدروز العلويين السنيين، كلهم كانوا عايشين كل واحد بطرف وما فكروا إنهم يكونوا بدولة وحدة وكانوا خايفين كتير من بعضهم خاصة أنه الكل إتهم الكل بالمجاعة التي حصلت أثناء الحرب العالمية الأولى والتي كان سببها مصادرة الحبوب والمواشي والحصار البحري الفرنسي البريطاني. ولذلك مشكلة فصل الدين عن الدولة بسوريا ارتبطت منذ بداية نشوء دولة سوريا الحديثة بمسألة حقوق الاقليات. والحقيقة إنهم ما اتفقوا تحت العثمانيين ولا اتفقوا تحت الفرنسيين. لكن مع تأسيس حزب الإخوان المسلمين ظهرت أول فكرة لدولة شكلها أوروبي لكن بمرجعية إسلامية وقد اعتمد الإخوان على النمط العثماني بشكل كبير ولذلك تكلموا عن الخلافة العثمانية وإلغائها عام 1923 في بيانهم التأسيسي حوالي 1928. ومن يومها تعددت الأفكار حول كيفية إدخال الإسلام في الدولة الحديثة. لازم نعرف هون إنه دولة سوريا تحت الإنتداب كانت أول دولة حديثة تشهدها سوريا في تاريخها، وحتى الآن فإن السوريين لم يتفقوا على شكل هذه الدولة. وكما ترون الصراعات والمجادلات لا تزال قائمة حتى الآن لكن بأسماء مختلفة. تصوّر الإخوان للدولة غائم باعتقادي لأن الإخوان بدؤوا كحركة دعوة وكانت سياستهم في مصر تقتصر على النخبة أي بين رؤساء الأحزاب في البرلمان يعني الزعامات. وفي سوريا ظهر الإخوان في الوقت الذي ظهرت فيه بقية الأحزاب المعروفة أي في الثلانينات عندما عجزت الكتلة الوطنية وخصومها على تحقيق الإستقلال وفي تلك الفترة ظهرت الأحزاب القومية واليسارية والتي لا تعتمد في قياداتها على العوائل الكبيرة الغنية لأن الناس لاحظت أن أحزاب الأعيان فشلت في تحقيق الإستقلال وفي رد الخطر الصهيوني. والحزازات بين الطوائف ظهرت في إنتساب الناس للأحزاب فمثلاً المسيحيين والعلويين كثير منهم في الحزب القومي السوري، المسيحيين والأكراد كثير منهم في الحزب الشيوعي، لاحقاً الفلاحين في حزب الإتحاد الإشتراكي العربي، ومن ثم في حزب البعث. الطوائف في سوريا لا تثق ببعضها البعض ولم تجد حتى الآن قواسم مشتركة لبناء دولة لكل السوريين. وتاريخ سوريا الحديث هو عبارة عن سلسلة طويلة من الإقصاءات. الشوام أقصوا الحلبيين، العلويين أقصول السنة، البعثيين أقصول الشيوعيين، وإنقلابات لا تنتهي بسبب أن الجيش السوري منذ العهد الفرنسي كان معظمه من الأقليات القومية والدينية وكان أهل المدينة يحتقرونه ولا ينتسبون إليه فأصبح ساحة أخرى للصراعات الطائفية والمناطقية. بالمختصر المفيد النقاش هو بحث عن شكل دولة يعكس التراث وكذلك يعطي الحريات للجميع. ونقاش علماني ضد إسلامي لا يعكس المشكلة الحقيقة والتي هي أن السوريين لم يثقوا ببعضهم كفاية ليشكلوا أمة آمنة. وإن الإعتقاد أن الديمقراطية هي ديكتاتورية الأغلبية الدينية فهذا لا يحل المشكلة أبداً بل يقصي الآخرين من طوائف وأيديولوجيات سياسية غير دينية. أنا أعتقد أن المطالبة بحكم لامركزي سيحقق بعض الطمأنينة للناس تجاه تمثيل الدولة لثقافتهم. يعني إذا كل مدينة وكل بلدة وكل قرية انتخبت رئيسها من بين أبنائها بدل أن تعينه الدولة يجعل الناس تحس بأنهم يشاركون بصنع القرار. خاصة إذا سمحت الدولة للمجالس البلدية المنتخبة في كل مدينة بإصدار قوانينها الخاصة التي لا تتعارض مع قانون عام. قد يسمي البعض هذا فدرالية أنا أسميه إئتلاف. أي نظام إئتلافي. وهذا يعني أيضاً بأن المنطقة ذات الغالبية المسيحية يمكن أن يكون لها مختار أو مجلس أغلبه مسيحيون، والمنطقة ذات الأغلبية السنية المتدينة يمكن أن يكون لها مجلس بلدي يعبر عنها وحتى أن يفرض حظر المشروبات الكحولية. أما رئاسة الدولة والحكومة المركزية فهي تدعم كل الطوائف والأديان بالتساوي أو لا تدعم أي منها وهذا معناها “يا جماعة اعملوا البدكم ياه محلياً بس بمصاريكم ما بمصاري الدولة”. لأن الدولة للجميع. يعني إما إنه الدولة بتدفع لبناء مسجد وبالتالي لبناء كنيسة أو أنها تسحب يدها وتطلب من الناس إدارة شؤونهم بأنفسهم. أما الدولة التي تدعم دين ولا تدعم آخر بالمال أو بالقانون فيسمونها الآن دولة دينية والدولة التي تسحب يدها من الموضوع يسميها البعض دولة علمانية. وهذه تسمية خطيرة ومعقدة وأنا أفضل مناقشة التفاصيل بدل العموميات.

أما يللي بدو خلافة وأهل ذمة فسيلاقي معارضة شديدة ليس من الأديان الأخرى بل من اليسار بشكل عام. أولاً لأن هذا يعني أن الدولة تدعم دينا معيناً دون الأديان الأخرى وهذا تمييز، وثانياً لأن تعريف الخلافة بحد ذاته غير واضح. يعني هل الخليفة رجل دين أم إمام تقي؟ فإذا كان رجل دين يحق له التحليل والتحريم فهذه مكانة لم تكن إلا للرسول ولأبي بكر وعمر. أما إذا كان الخليفة مجرد رجل تقي فهذا يمكن أن يتوفر في أي رئيس أو رئيس وزراء. أما الخوف من الإسلاميين بمعناهم الحديث جداً فيا إخوتي لا تزعلوا لأن إسم الإسلاميين سرقه أشخاص مثل الطالبان والقاعدة وجماعة الهجرة والتكفير وإيران والمطوعة في السعودية وجماعة السودان. يعني هالجماعة ما بيعطوا سمعة جيدة لأي كان. فإذا أحببتم النقاش فاستخدموا مصطلحات لا تأتي بصور قص الرقاب وفرض الحجاب والضرب بالسياط. وحتى فقه الإخوان المسلمين فيه جدل كبير وكما تعرفون فإن الإسلام ليس فيه رأي واحد وإنما فتاوى ومن الصعب فرض أي رأي على الآخرين وهذا رحمة. فلذلك أعطوا تعريفاً واضحاً لكيف يدخل الإسلام في الدولة. أنا باعتقادي أن فصل رجال الدين عن وزارة الأوقاف مهم. وأفضل أن يكون لكل مسجد جمعية تجمع التبرعات وتعين خطيبها وإمامها ومؤذنها. وأن يكون هناك نقابة لعلماء الدين منفصلة عن الدولة ومجلس إفتاء ينتخبه أعضاء النقابة. وأن يعطوا يوم الخميس بعد الظهر عطلة من المدارس ليتوجه من يريد إلى الجامع أو الكنيسة لتعلم الدين بطريقة غير خاضعة لتحكم الدولة. ولمن يريد تعليم الدين في المدارس أقول هل تريد أن تختار الدولة الأحاديث والشخصيات والتفاسير أم أنك تريد أن تعلم أولادك الدين كما تراه أنت؟ الدولة ستعلم الدين بما يخدم مصلحتها. أم الزكاة والصدقة فيمكن إنشاء بنك أهلي منفصل عن الدولة يترأسه مجلس الإفتاء وتراقبه لجنة محاسبين لتلقي الزكاة والصدقة. ولا أعتقد أن الخلط بين الزكاة والضريبة وارد لأن الزكاة تغسل الذنوب أما الضريبة فهي مفروضة. وقد فرض الأمويون ضرائب على الجميع مسلمين وغير مسلمين وكل الخلفاء من بعدهم. والزكاة لها طرق لإنفاقها حتى يتقبلها الله ولا يمكن إستخدامها كما الضريبة. أما إسلامية الإقتصاد والبنوك والمطاعم واللباس والتجارة وغير ذلك فهو أمر فيه خلاف والأفضل أن يُترك للفرد وليس للدولة لأن الدولة ستجعله قانوناً وستجبر الناس عليه بقوة الشرطة. أما من يقول أن عمل المرئ لا يُقبل إلا تحت إمام صالح ويفهمون منها رئيس فهذه فيها خلاف لأنها تعني أن الناس الذين عاشوا تحت الأمويين والعباسيين لم يُقبل منهم شيء. بالنسبة لي لا مانع عندي من طرح أي قانون إسلامي أو غير إسلامي على البرلمان وإذا أقره يصبح قانون الدولة، لكن الشريعة بكاملها فهذا صعب لأن الشريعة ليست قوانين، الشريعة فتاوى وآراء فقهية فيها خلاف لأنها تتعلق بنجاة الإنسان من العقاب الإلهي ولا يجوز أن تكون ثابتة موحدة وإلا فإن الدولة هي التي تقرر نجاة الإنسان. وإذا أخفق القانون في البرلمان يمكن أن تعرضه على المجلس البلدي في مدينتك وأن ينجح هناك وبهذا تصبح البلد للجميع آمنين فيها. والنقاشات بين العلمانيين الآن والإسلاميين ليست إلا نقاشات بين أشخاص خائفين لأن كلاهما لم يجربا دولة الآخر ولأن الأمثلة التي يعطيها كل واحد فاشلة وتخيفه أكثر، يعني فرنسا مثال للعلمانية فهذا مخيف مع أنها جدة العلمانية، ومثال السعودية عن الدولة الإسلامية مخيف أيضاً. أعتقد أنه يجب أن تكون لسوريا تجربتها الخاصة التي تنشأ من تاريخها وتعايش أبنائها دون خوف من الآخر ودون محاولة فرض فنحن حتى الآن لا نعرف كيف نعيش دون خوف من الآخر ودولتنا حديثة جداً وتاريخها حافل بالمشاكل والعثرات وآخر خمسين سنة كانت مثل الثلاجة جمدت كل شيء وأخذتنا إلى كوكب آخر هو كوكب قمعستان الذي لا يشبه أي شيء. ضعوا إيمانكم وثقتكم بصندوق الإقتراع وتعهدوا بأن تحترموا قرار الجماعة إلى أن تقرر الجماعة عكسه وأن تحترموا آراء الآخرين وسنكون بألف خير. فلنتفق على دولة تداول السلطة وصناديق الإقتراع وبعدها سنختلف إلى ما شاء الله في نقاشاتنا.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares