في الفصل بين المسلم والإسلامي

ظهر المقال على موقع مدونة الموسوهة السورية في 4 سبتمبر، 2011

منذ عدة أيام طرحت المبادرة التي سميتها (مبادرة الراغبين) والتي هي مجرد بناء لمكتب إستشارات من أجل حاجات الثوار. والدكتور

رضوان زيادة يعمل على مشروع مشابه، والهيئة العمة للثورة عرضت اليوم هيكليتها لمجلس القيادة ومن ضمن مكاتب المختلف مكتب إستشارات. طبعاً هم يطلبون الإستشارة ونحن نقدمها أن نرشح من يقدمها.

في مقدمة المبادرة ذكرت ما يلي:

“أما المخطط التركي والسعودي فلا نعرف شكله النهائي لكنه يشمل إعادة الإسلاميين إلى سوريا وفرضهم من فوق، وأعتقد أنهم سيقلبونها حرباً سنية على ما يسمونه بالحكم العلوي وذلك لكسر الإمبراطورية الشيعية التي تبنيها إيران. وأقول شيعية دون تحفظ لأن إيران دولة دينية ثيوقراطية.وللأسف فإن كثيرين من عناصر النظام يفكرون ويتصرفون بنفس الطريقة الإيرانية. أي أن الحرب بالنسبة لهم بين العرعور السني بشار الشيعي. وهذا خطر أيما خطر.”

 وقد علق الأخ “أسد الصحراء” على هذه الجملة بقوله:

“اما لو عدت الى المقدمة و لا اريد ان اقف الا عندما جاء الكلام على الاسلاميين انا عمري 30سنة و انا مسلم اسلامي و لا… ارى ضيرا ان تحكم انت سوريا لاني لن انظر الى نوع او جنس الحاكم القادم بل الى المؤسسات و مناهجها التي ستستمد مصداقيتها من الشارع العام و الذي غالبيته في سورية بحسب اعتقادي مسلم اسلامي يتراوح ما بين متشدد قليلا (على نفسه) و بين مسلم اسلامي بسيط يشارك الان معنا في هذه الثورة لاجل سورية بما فيها من اديان و طوائف ضد الضلم و الفساد سؤالي باختصار هو لما هذه النظرة المسبقة عن الاسلاميين علما انه: (لا العرور يمثل الاسلاميين و لا العلوية يمثلهم بشار)”

أنا فهمت التعليق على أنه إعتراض على إستخدامي السلبي لكلمة الإسلاميين والتلميح إلى محولة لركب موجة الثورة. وقد وضحت للأخ “أسد الصحراء” كيف أفهم مصطلح الإسلاميين. وقد إقترح الأخ “ربيع الشهداء” أن نضع هذه الرد كملاحظة منفصلة حتى يسهل تداوله. وأنا أشكر الإخوة على اهتمامهم. وأقول قبل أن أورد الرد حرفياً أن مفهومي الإسلامي والعلماني تعرضاً في الفتلرة الأخيرة لكثير من الإستخدام في المناظرات والنقاشات. وككل المصطلحات المختصة بمجال معين فإنها تتحول إلى ضباب غائم عندما تدخل الحيز العام وتصبح وقوداً لنقاشات الناس الذي غالباً لا يهتمون بتعريف مصطلحاتهم بقد ما يهتمون بكسب جولة النقاش. وبما أننا نمر بمرحلة قد تودي بالنهاية إلى كثير من الموت والدمار فإن الحرص الأول هو على حياة أهلنا في سوريا ولذلك كان همي من خلال الرد شجب كل محاولة للإستيلاء على الثورة وإقصاء الآخرين سواءً من أطراف مسلمة ذات توجهات إسلامية أو من أطراف علمانية مهما كان تعريفها أو من أطراف يسارية أو أطراف منتفعة. والحقيقة أنه يوجد صراع واضح بين الإخوان المسلمين في الخارج ويساريين في الداخل حول  الدخول في التنسيقيات وتوجيهها أيديولوجياً. وأنا أستنكر هذا من أي طرف. وأمنيتي أن نثق ببعضنا حتى نسقط النظام ومن بعدما نتعارك فكريا، وليست الحرية إلا إمكانية التعارك الفكري دون إقصاء جسدي. يعني طالما لا تريد قتلي أو سجني أو فرض رأيك علي وطالما لا أريد أن أفعل بك المثل، فنحن على الطريق الصحيح نحو العيش المشترك والحرية وتداول السلطة. ومغزى الرد لمن لا يريد المتابعة هو التفريق بين المسلم والإسلامي كما يجب أن يكون هناك فرق بين اليساري والعلماني. وإليكم نص الرد مع بعض الزيادات التوضيحية: 

“أسد الصحراء، شكراً على التعليق ولا أعرف إن كنا نتحدث عن ذات الشيء فالمصطلحات السياسية العربية هي غالباً ترجمة عن الفرنسية أو الإنكليزية (حتى مصطلح إسلامي فهو مترجم وكذلك أصولي ولذلك يستخدم البعض كلمة إسلاموي بمعنى الذي يستخدم الإسلام كأدأة أيديولوجية سياسية وهي كذلك مبنية على نمط الكلمات الأوروبية التي تنتهي بلاحقة إزم). أعني بالإسلاميين الأشخاص الذين يوظفون الإسلام لأغراض سياسية (أي في الصراع على الحكم وإدارة الدولة). نعم قد تؤمن مع كثير من الناس أن الإسلام دين ودولة وأن الإسلام ضروري لضمان الأخلاق العامة، ويمكن أن تؤمن بأن الخلافة نظام جيد ومقبول. لكنك قد لا تكون إسلامياً بل مسلماً عادياً تلقى التعليم الذي تلقيناه جميعاً في المدارس. أفضل مثال عن الإسلاميين بتعريفي هم الإخوان المسلمون. وهناك فرق هائل بين المسلم والإخوانجي. الإخوانجي عنده تصور متكامل عن الدولة يكون فيها هو المفسر للشريعة الإسلامية والمطبق لها بسلطة القانون (مهما حاولوا نفي ذلك فأفعالهم وكتاباتهم لا تعني إلا ذلك). إنها ولاية الفقيه على الطريقة السنية. العرعور ليس إسلامياً، العرعور سلفي (أي أتباع المسير على مذهب السلف ةويدور حول الإقتداء يالرسول محمد وصحابته في كل نواحي الحياة وهو إتجام مميز للصحوة الدينية الحالية). وهؤلاء غالباً غير مسيسين. تشابه الشكل العام للأفكار لا يعني المطابقة. الفكر الإخواني فكر شمولي يؤمن بتدخل الدولة بكل نواحي الحياة تحت مظلة من الشرعية الإلهية المنبثقة من فهمهم الخاص للشريعة الإسلامية. فإذا كنت تركز على المؤسسات ومناهجها وتؤمن بالشرعية الشعبية القائمة على صناديق الإقتراع فأنت باعتقادي لست إسلامياً. المصطلحات المعربة توقعنا دائماً في سوء تفاهم.

أما عن دور تركيا فهذا رأيي الشخصي الذي يشاركني فيه آخرون بدرجات مختلفة. وحزب العدالة والتنمية التركي قائم على مزيج من أفكار الإخوان المسلمين والليبرالية الإقتصادية الغربية والقومية التركية. وهو يحاول إعادة أمجاد تركيا ليبقى الحاكم الأوحد لها ويرى في الإخوان حليفاً استراتيجياً ونرى ذلك في عدد من الدول العربية. لا أعتقد بأنك ستلومني إن خالفتك الرأي وقلت بأن نواياهم سيئة ولا أحب انبهار كثير من المسلمين بالمثال التركي لأن حزب أردوغان، وأردوغان نفسه، إنتهازيون وديكتاتوريون وفي طريقهم للإستيلاء على الحكم المطلق.

هذا رأيي. وأفرّق جيداً بين المسلم والإسلامي في تعريفي، حتى وإن كان المسلم يخاف العلمانية. هذه هي الخطورة عزيزي أي المطابقة بين المسلم والإسلامي وهذا ما يريدونه. الإسلام أوسع بكثير من الإسلاميين الحاليين وأغنى وأرحم وأنا أريده أن يبقى للجميع لا أن يستولي عليه هؤلاء ليحولوه إلى عصا طويلة لقمع الشعب. المقصد من الشريعة هو بيان الطريق إلى الفوز بالجنة لكل إنسان حسب عمله ونيته ولا أرى مقصدها في إدارة دولة وإجبار الناس على إتباع منهج معين بدعوى أنه الوحيد للفوز بالجنة، لأنه بهذا تنعدم الإرادة والنية والعمل والتي هي أساس علاقة الإنسان مع ربه وليس مع دولته.”

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares