حول إغتيال مشعل تمو

مشعل تمو

ظهر المقال على موقع مدونة الموسوهة السورية في 19 أوكتوبر، 2011

إغتيال مشعل التمو ليس فقط إغتيال صوت من أصوات الثورة السورية بل له تعقيدات ضمن الحساحة الكردية. ولا أستطيع أن اجزم بأن النظام هو من اغتاله ولا أستطيع كذلك كيل الإتهامات لأن الحالة لا تستحمل. لكني ساعرض الوقائع التالية التي قد تفيد في شرح تعقيد المسألة

لقد أدت الثورة السورية إلى إنقسامات حادة على الساحة الكردية وقد بدا ذلك في الإتهامات المتبادلة وفي التخوين وحتى الإشتباك بالأيدي. إجتمعت الأحزاب الكردية الكبرى الإنثا عشر في تموز الماضي لتصوغ موقفاً محدداً من الثورة ومن الحوار مع النظام، وسمي مؤتمر الحركة الوطنية الكردية. ويبدو أن خلافاً حصل بينهم وبين تيار المستقبل بقيادة مشعل تمو. وقد كتب الفقيد عن خيبة أمله في إقناعهم بوجهة نظره بضرورة الإنخراط الكامل في الثورة السورية في خطاب كتبه لاجتماع للشباب الكردي المؤيد للثورة في السويد. وجاء بيان مؤتمر الحركة الوطنية الكردية الختامي حيادياً ومطالباً النظام بالإصلاح ووقف العنف لكن لم يذكر الإنحياز للثورة.

ثانياً، يبدو أنه كان هناك إشباك بالأيدي وإتهام لمارسيل مشعل تمر باختطاف شخص إسمه شيركه والإعتداء عليه بالضرب ولا أعرف تفاصيل الحادثة. ثالثاً، يبدو أنه كان مشعل تمو معارضاً لانخراط ثلاثة أحزاب كردية كبرى (ممثلة بصالح مسلم محمد-جمال ملا محمود المعروف بجمال شيخ باقي-محمد موسى) في هيئة التنسيق الوطنية بقيادة حسن عبد العظيم والتي عقدت مؤتمرها الأخير في دمشق ودعت للحوار مع النظام. رابعاً في ظل هذا الإنقسام الكردي الداخلي والتخوين المتبادل تعرض مشعل تمو لمحاولة إغتيال في أيلول ونجا منها. يعني أن إغتياله كان مقرراً قبل إنجاز المجلس الوطني. خامساً شارك تمو في التحضير لمؤتمر الإنقاذ الذي عقد في استنبول. وهو الآن عضو في الأمانة العامة للمجلس الوطني الأخير. ويبدو أن اغتياله والإعتداء على رياض سيف جاءا متزامنين مع إجتماع المجلس في القاهرة لانتخاب لجانه المختلفة ومكتبه التنفيذي.
لكن هناك وجه آخر لاغتيال تمو. مشعل تمو يمثل صوتاً منفرداً داخل الحركة الكردية في سوريا. فتيار المستقبل الذي يتزعمه (وهو ليس حزباً) وحزبا آزادي واليكتي (هؤلاء الثلاثة يؤلفون لجنة التنسيق الكردية) هي الأحزاب الكردية الوحيدة حسب علمي التي أعلنت الإنخراط التام في الثورة السورية. وتمو مع تيار المستقبل يمثل جيلاً شاباً في الحركة الكردية يطالب بالإعتراف بالأكراد كقومية لكن يطالبون بحقوق مواطنة وينبذون التعصب القومي ويرون ضرورة الإلتحاق بالثورة. وهذا يضعهم في مواجهة مع الأحزاب الأقدم التي يتزعمها جيل أكبر على ما يبدو، ويمكن لمن يملك المعلومة الصحيحة أن يصحح كلامي. هذا ما استنتجته من متابعتي الضعيفة للحركة الكردية في سوريا خلال الثورة. ويبدو لي أن إغتيال تمو محاولة قديمة من النظام لزرع التفرقة بين الأكراد وضمان حيادهم عن طريق قتل الشخصية التي أعلنت أن حل القضية الكردية يمر عن طريق الثورة وليس عن طريق التفاوض مع النظام، ولتشجيع التخوين والإنقسام بين الأكراد ولضرب مشاركتهم في الثورة. كل هذا يعتمد على ما سيحدث الآن. ماذا سيكون موقف الأحزاب الكردية الأخرى وخاصة الداخلة في هيئة التنسيق الوطنية. ولا تختلف الأحزاب الكردية عن بقية الأحزاب السورية في طريقة عملها ومن الممكن جداً إندلاع أحداث عنف في القامشلي بين مؤيدي الأحزاب المختلفة مما سيأخذ جهداً لإعادة السلم والوحدة ويؤثر سلباً على أعمال المجلس الوطني.

لا شك أن الرجل له خبرة حزبية وتنظيمية طويلة وهو حقوقي ومتحدث له كاريزما وشاب وله رؤية مختلفة عن كيفية حل المسألة الكردية ومشارك في مؤتمرات المعارضة وفي المجلس الوطني ويسكن في سوريا. وخسارته فادحة وكما قلت فقد حاولوا قتله من قبل والرجل كان عنيداً ولم يترك سوريا أو يخفف من نشاطه. بالنسبة لنظام القمع هذا لا يحتمل “معارض في الداخل ويتحرك بحرية ويدعم الثورة”.مجرمين بكل معنى الكلمة، يعني ما متعودين على كلمة لا. وأعتقد أنهم يوجهون رسالة تحذي للمعارضين وخاصة المشاركين في المجلس الوطني، وقد يقوموا باغتيالات أخرى، لكني أعتقد أنهم لن يستطيعوا القضاء على المجلس والإستمرار باغتيال أعضائه خاصة وأنهم شخصيات أصبحت معروفة عالمياً ولها بعض الشرعية والغعتراف الدولي وهذا يقلق النظام كثيراً.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares