عن الطائفية والحكم في سوريا

ظهر هذا المقال على موقع مدونة الموسوعة السورية في 24 يونيو، 2011

هذه المقالة رد على مقالة رسالة من صديق علوي نشرتها صفحة التطورات السورية إف تي إن على الفيس بوك. كل الإحترام والتقدير للكاتب أياً كان وبغض النظر عن حقيقة هويته لأنه طرح نقاطاً هامة لا بد من طرحها على بساط النقاش مهما كانت لغتها قاسية وأحياناً فجة ومهما كانت أفكارها صادمة لأن بعضها حقيقي. مأخذي على المقالة أنها تعاملت مع المسألة الطائفية في سورية من باب الدفاع عن طائفة ومُصالحة طائفة أخرى، أي أن منطقها طائفي أيضاً لا يرى في المجتمع السوري إلا طوائف تتقاتل أو تتعايش لكنها في النهاية لا تقبل إلا الإنقسام الطائفي والهوية الطائفية. وهذا ما أعتبره عجزاً عن مجابهة المشكلة ومحاولة حلها من خلال بناء دولة المواطنة والقانون وتداول السلطة لا دولة المحاصصة الطائفية. وفي الحقيقة فإن المنطق الطائفي للمقالة لا يحسّن صورة العلويين في أعين أشقائهم السوريين من خلال تصويرهم كضحايا فقراء مغرر بهم وإنما يدينهم بشكل غير مباشر ويؤكد تهم الإستئثار بالسلطة والتفرقة الطائفية. وفي النهاية لا يرى حلاً إلا في إعطاء السنيين بعض المراكز القيادية وكأن كل ما يطالب به المتظاهرون هو مناصب قيادية لبعض المتنفذين من السنيين. إن المتظاهرين ينادون بوقف القمع والفساد وإعادة الحرية وسيادة القانون ويعرفون تمام المعرفة أن في النظام الحاكم أناس من جميع الطوائف وكلهم في الفساد سواء. إنهم يريدون دولة تخدمهم وليس دولة توزع الغنائم حسب الإنتماء الطائفي. فلنأخذ المقالة نقطة نقطة ولنناقشها ثم لنستخلص تحليلاً للنظام القائم الآن في سوريا وحلاً للأزمة يتجاوز الفكر الطائفي والمحاصصة.

1. “بعض السوريين خصوصاً من الأخوة السنة يعتبرون الحكم في سوريا طائفياً علوياً”:

أولاً أقول أغلب السوريين يعتبرون الحكم طائفياً علوياً ولا يقتصر هذا على السنيين. ثانياً هل النظام الحاكم في سورياً حقاً طائفي علوي؟ الصفتان “طائفي وعلوي” ليستا بالضرورة مترادفتين. الطائفية تعني الإنحياز لفئة من الناس تعرّف نفسها على أسس دينية، ولاحقاً قد تدخل في التعريف معايير طبقية وثقافية. أما العلوية فهي هوية من ينتمي لفئة العلويين وقد تعني أيضاً الإنتماء العقائدي إلى المجموعة الدينية التي تؤمن بالمذهب الديني العلوي. أي أن العلوية إما هوية مجتمعية أو هي إنتماء عقائدي أو الإثنين معاً، فيمكن لعلوي ما أن لا يؤمن بالمذهب العلوي الديني. أي أن الطائفية سلوك والعلوية هوية وانتماء. وليس من الضروري أن يؤدي الإنتماء أو الهوية إلى تصرف طائفي كأن ينحاز العلوي مثلاً إلى أبناء فئته في كل قراراته خاصة إذا كان في موقع قوة وسلطة. العلوي من يعتقد أنه ينتمي إلى هذه الجماعة ويعتقد أن جزءاً من فكره ومعتقداته وشخصيته محكوم بانتمائه. أما العلوي الطائفي فهو الذي حين يكون في موقع سلطة لا يستعين إلا بعلوي أو لا يوظف إلا علوياً أو لا يعطي الفرص والمكاسب إلا لعلوي، وعلى المستوى الشخصي فهو لا يعاشر إلا من أبناء طائفته ويشتم الطوائف الأخرى باستمرار ويعتبرها أقل منه في فكرها وتصرفاتها وثقافتها (وهذا تعريف ينطبق على الطائفيين من كل الفئات). هذا التعالي مفهوم لأن الجميع يمارسه ولأنه لا ضرر مباشر منه إلا إذا احتل الإنسان مركز سلطة. ويمكن أن نتوقع من الإنسان المتعالي أن يتصرف طائفياً حين يكون متنفذاً باعتبار أنه يملك الأساس الفكري لإقصاء الآخرين والحط من قدرهم وإهمالهم ومنع المنفعة عنهم.

فهل النظام السوري علوي؟ أي هل أعضاؤه يملكون الهوية العلوية وينتمون إلى الجماعة العلوية؟ أو هل للنظام أجندة دينية يمكن وصفها بالعلوية؟ بالطبع هذا غير صحيح وهذه مسألة إحصائية بحتة. كذلك فإن النظام لا يفرض مذهباً معيناً على الناس أو هوية معينة، وهو أيضاً لا يبني تصرفاته على فكر ديني علوي. إذن من الناحية الإحصائية ومن الناحية العقدية لا يملك النظام بأكمله كقادة ومؤسسات الهوية العلوية وبذلك لا يمكن نعته بالنظام بالعلوي. لكن هل النظام طائفي؟ الجواب نعم بالتأكيد، لأن هذه النظام يملك السلطة والقوة العسكرية والمال ويفضل الإعتماد على علويين في تسيير أموره. إذن هو يفضل فئة على أخرى فيكون بحسب تعريفنا طائفياً. إن وجود ولو شخص واحد غير علوي في السلطة ينفي إمكانية نعت النظام بالعلوي. لكن وجود عدد من العلويين في النظام (وخاصة القيادات) يفوق بكثير نسبتهم في المجتمع السوري يؤكد صفة الطائفية على هذا النظام. والأساس في سوء هكذا نظام وضرورة نبذه هو انعدام تكافؤ الفرص أولاً واحتكار المال والسلطة من طرف واحد ثانياً. وكثير من أنظمة الحكم تقوم على تفضيل فئة على أخرى فالنظام الذي يفضل أفراد قبيلة أو عشرة نسميه قبلياً والذي يفضل أفراد عرق معين نسمي عنصرياً والذي يفضل أفراد طبقة معينة نسميه طبقياً، والذي يفضل خريجي جامعات معينة نسميه نخبوياً، والذي يزعم بأنه يختارأفضل المتقدمين حسب مهاراتهم وهو لا يسمح إلا لأفراد فئة معينة بامتلاك هذه المهارات نسميه إستحقاقياً. ما نريده وندعو إليه اليوم هو نظام يختار مستخدَميه على أساس المهارة العلمية والمهارة العملية والخبرة لكنه في الوقت ذاته يوفر للجميع فرص التعليم واكتساب المهارات.

2. “تم استخدامهم من النظام الحاكم بحيث كان التطوع في الجيش والأمن هو الحل الوحيد لأبناء القرى الفقيرة”:

هذا صحيح، وينطبق أيضاً على قرى سنية ومسيحية، وهو توجّه قديم لحزب البعث من الستينات وبعضهم يُرجعه إلى ما قبل ذلك بدعم وتوجيه من أكرم الحوراني وحزبه الإشتراكي العربي. لكن ألا يشاركني كاتب الرسالة الرأي بأن ما يقوله حلقة مفرغة تشرح وتبرر وتدين بنفس الوقت؟ فالقرى فقيرة والعمل قليل وأبواب الجيش والأمن مفتوحة، لا بل ضخّم النظام أجهزة الجيش والأمن على حساب بقية مؤسسات الدولة؛ ثم لا يجد القرويون الفقراء من فرصة للعمل إلا الإنتساب للجيش بسبب ضعف التعليم وقلة الموارد الكافية للبدء بعمل حر؛ ثم يترقى هؤلاء في الجيش والأمن ويجذبون أعداداً أكبر من ذويهم وأبناء قراهم ومناطقهم ويفضلونهم على غيرهم؛ وبهذا تتحول مؤسسة معينة إلى حكر على قرية أو عشيرة أو منطقة؛ وهؤلاؤ المنتسبون الجدد يتعلمون أصول عمل هذه المؤسسات أي أن الطاعة والولاء للرئيس تعني الترقية والمال للمرؤوس؛ وهؤلاء بالتالي يدافعون عن مكاسبهم بمزيد من الإحتكار. فأين الضحية وأين الجاني؟ ليس من الضروري أن يشترك الفرد بالفساد الصريح حتى يصبح جزءاً من النظام واعياً لدوره فيه، كل ما هنالك أنه قبِل الوظيفة التي يعرف أن آخرين لا يستطيعون الوصول إليها وقبل الترقية كمكافأة على ولائه، ووظف أبناء منطقته دون غيرهم، وأدام دوران دولاب الإحتكار. لا أدّعي أن أبناء طوائف أخرى لم يكونوا ليتصرفوا بنفس الطريقة لو أتيحت لهم الفرصة، فكلنا يعرف أنهم كانوا سيفعلون. لكني أريد أن أقول أن الذي دخل دولاب الإحتكار يعي ما يفعل ويقع عليه جزء من المسؤولية. لا أريد محاكمة مئات الآلاف من الناس لقبولهم بوظيفة جاءتهم دون أن يذهبوا إليها ويتعبوا للحصول عليها لكني أريد كسر هذا الدولاب، كسر هذه الحلقة المفرغة التي ندور فيها، وأعني كسر هذا النظام الذي لا يرى في البلد إلا بقرة حلوب يجب الإستيلاء عليها قبل الآخرين واحتكارها بعد ذلك. إنه نظام مافيات تتقاسم الغنائم وليس دولة تجمع الضرائب من الناس لتعيد هذه الثروة موزعة على الجميع من خلال إنشاء البنيات التحتية للإقتصاد وتوفير التعليم والخدمات الأساسية وبناء شبكات الضمان الإجتماعي من تقاعد وصحة وعطالة عن العمل. إن التبرير بادعاء دور الضحية وانعدام القدرة على الإختيار نتيجة الفقر والعوز لا طائل من ورائه، لأن الفقر عام معمم لكن الوظائف لم تُعرض على جميع الفئات والطوائف، وأولئك الذين عرضوها والذين قبلوها كانوا يعون تماماً أدوارهم وخياراتهم وتبعاتها، ثم هم لاحقاً تابعوا في نفس النهج بعد أن اغتنوا وتنفذوا. أرى من الأفضل الإعتراف بالخطأ واقتراح وسائل لتلافيه، لأن الإنتفاضة لا تسعى إلى الثأر والإنتقام من كل علوي أو ممالئ للسلطة ربح منها حفنة من المال، وهؤلاء موجودون في كل الطوائف والفئات، إن الإنتفاضة تسعى إلى إسقاط النظام. أي إسقاط عقلية التفضيل والإحتكار والولاءات وتوزيع الغنائم. نريد دولة ومؤسسات وقانون وتكافؤ للفرص.

3. “لا يقومون بأعمال أخرى عموما والسبب هو ضعف القطاع الخاص في مناطقهم وعدم الدعم الكافي للدولة”:

هذا صحيح، ودعم الدولة كان يجب أن يكون على شكل إنشاء طرق صالحة للنقل وبنية تحتية مشجعة للعمل وتشجيع الإستثمار الخاص في المناطق النائية، وتقديم القروض الصغيرة للمزارعين وأصحاب الأعمال الحرة أو الراغبين بالبدء بعمل حر، أو حتى إقامة فعاليات إقتصادية في تلك المناطق مثل المعامل والورشات وفروع لمؤسسات الدولة. لكن هذا لم يحدث لأن البعث أسس لنظام ادّعى أنه إشتراكي فرض قيوداً هائلة على القطاع الخاص ووسع المؤسسات غير المنتجة في الدولة مثل الجيش والأمن والبيروقراطية والحزب وأنشأ المصانع الخاسرة في مناطق محدودة، وجلب العمال إليها بدل أن يأخذها إلى مناطق تواجد اليد العاملة مما أدى إلى نزوح هائل من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة وإهمال للزراعة وحتى تصحر بعض المناطق. وعلى عكس ما زعم الكاتب من أن “هناك القلة القليلة جدا من المستفيدين الذين يعيشون في أغلبهم في العاصمة” فهجرة العلويين وصلت إلى كل مناطق سورية، وتشابهها هجرة قرى كثيرة أخرى إلى المدن الكبيرة المجاورة وكذلك هجرة كبيرة من المدن إلى دول الخليج بحثاَ عن فرص العمل خاصة في صفوف المتعلمين والحرفيين. وإذا قصد الكاتب “بالمستفيدين” من النظام أولئك الذي جمعوا الثروات الطائلة نتيجة الرشوة وإساءة استخدام السلطة فأنا أوافقه بأنهم القلة القليل. أما إذا شمل بهذه الكلمة أولئك الذي حصلوا على وظيفة حكومية بالواسطة، والذين دخلوا صفوف الجيش أو الأمن بامتياز طائفي أو عشائري أو غيره، والذين ارتشوا أو مالؤوا كبار المستفيدين من أجل الفتات، والذين حصلوا على ملكيات من أراض وغيرها كانت من حق غيرهم أو حصلوا على حصص أكبر من حصص غيرهم فهؤلاء كثرة كثيرة. ونعود إلى الحلقة المفرغة ذاتها حيث التبرير يصحّ كإدانة أيضاً. كثيرون من السوريين من كل الطوائف والمناطق تواطؤوا مع نظام الحكم. وحتى بعض المنتفضين الآن كان متواطئاً بحصوله على وظيفة بسبب انتمائه لحزب البعث، أو بحصوله على قرض بدعم من معارفه وأقربائه، أو بحصوله على مقعد في الجامعة لا يستحقه لكونه حزبياً أو مظلياً. ما حصل هو أن الإنتماء للبعث لم يعد مجدياً وأبناء القرية أو الحي أو العشيرة في مواقع المسؤولية لم يعودوا يهتمون بذويهم لأن صاحب المال والسلطة والجاه يعتاد عليه ويرفض بعد فترة مشاركة الناس به. ما حصل هو أن الدفعة الأولى من المستفيدين احتكرت الفائدة لنفسها ورفضت إشراك المنتظرين لها من ذويهم بنعمها. ما نريده اليوم هو إنهاء هذا النظام الذي يأخذ فيه الرابح كل شيء ويمنعه عن بقية المنافسين أو المطالبين، لا نريد نظاماً يوزع الفساد ونثور عليه عندما لا يشاركنا مغانم فساده. نريد تعريفاً واضحاً للحقوق والواجبات، نريد دولة خدمات وتوزيع للثروة، نريد قانون يحمي الناس ويعيد إليهم حقوقهم المهضومة. لا نريد حلقة أخرى من المستفيدين الذي يقررون بعد فترة أن يحتكروا المنفعة لأنفسهم فالدولة ليست مغنماً ولا مزرعة خاصة، نريد تداولاً للسلطة مبنياً على الإنتخاب الدوري حتى لا يتحول موظفوا الدولة إلى مستفيدين لهم مافياتهم وعملاؤهم والموالون لهم والمتلقون لفتاتهم.

4. “اللافت بينهم هو عدم وجود أغنياء كبار في مجتمعهم ولا مالكين كبار (إلا رامي مخلوف) … هؤلاء المستفيدين من فئة الضباط بشكل خاص”:

هذا غير صحيح يا صديقي، والفيلات المتناثرة على سفوح الجبال شاهدة على ذلك. ولا أعيب على العلويين وجود أغنياء في صفوفهم فهناك أغنياء من كل الطوائف والفئات. ولا أعيب عليهم وجود أغنياء اغتنوا من فساد الدولة سواءاً كانوا ضباطاً أو غيرهم فهناك كثيرون من الطوائف الأخرى اغتنوا بنفس الطريقة. وأنت تعرف أن النسبة الكبرى من القطاع الخاص لا يزال في أيدي بعض السنيين والمسيحيين، خاصة من أبناء المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص. لكني أعيب على حافظ الأسد ومن بعده إبنه بشار الأسد أن الفكرة الوحيدة التي فكرا به لتحقيق المساواة هي المنافسة الطائفية (وكذلك الريف ضد المدينة) في المجال الإقتصادي وبإساءة استخدام سلطة الدولة. لم يُنشئ الأسد دولة تكافؤ الفرص وإعادة توزيع الثروة بالتساوي وإنما سلط أعوانه من ضباط الجيش والمخابرات ليبتزوا أموال الدولة وليقاسموا أصحاب الأموال من القطاع الخاص أعمالهم وأموالهم بالإجبار أو كوسطاء بينهم وبين الدولة. هؤلاء الشركاء الجدد لم يجلبوا إلى الشراكة خبراتهم العملية أو التقنية ولم يجلبوا رؤوس أموالهم وإنما جلبوا فقط علاقاتهم ضمن دولة المافيات التي تضع العراقيل القانونية والإدارية ولا ترفعها إلا بالواسطة ولعبة الولاءات والرشاوى. ولا أعني أبداً تصوير رجال الأعمال وأصحاب الأموال من الطوائف الأخرى كأنهم ملائكة، فهؤلاء دخلوا اللعبة وربحوا منها لاحقاً أضعاف ما خسروا، لا بل شكلوا مع فئة مسؤولي الدولة من الضباط والمخابرات والبيروقراطيين طبقة إقتصادية نجحت أخيراً في الإستيلاء على مقدرات الدولة واحتكار السوق من خلال علاقاتها بوسائل القمع ومتخذي القرار السياسي والإقتصادي. والكل يعرف أن بطانة رامي مخلوف وماهر الأسد وآصف شوكت الصناعية والتجارية لا تقتصر على العلويين بل فيها من كل الطوائف. لكن هذه المنافسة الإقتصادية غير المتكافئة والقائمة على تبرير طائفي أصبحت الركيزة الثقافية لهذه الفئة الصاعدة، فأصبحت العلوية بينهم أشبه بالقومية بدل أن تكون انتماءاً لفكر ديني أو لأقلية دينية. أي أصبحت رمزاً لاختلاف ثقافي وطبقي وضعهم فوق بقية المجتمع وجعلهم متحكمين به. هؤلاء يدّعون العلمانية والإنفتاح والليبرالية ويسخرون من الفقير والقروي (سنياً كان أو علوياً) باعتباره النقيض الثقافي أو الطبقي لهم يُبرز باختلافه علوهم وأحقيتهم بالإمتيازات والمكاسب. والأصل في هذا هو المنافسة التي بدأها الأسد الاب والتي كان أساسها طائفي، ريفي ضد مديني.

إن المنتفضين اليوم لا يثورون فقط ضد رامي مخلوف أو ضباط الجيش والمخابرات العلويين الذي أصبحوا تجاراً وإنما ضد هؤلاء وبطاناتهم الذين احتكروا إقتصاد البلد ومقاليد السلطة. هؤلاء هم النظام وهؤلاء من يريد الشعب إسقاطهم وإسقاط احتكارهم وتسلطهم. أما ما قد يلاحظه البعض من توجيه اللائمة اليوم إلى الضباط العلويين فلأن أعدادهم أكبر في الرتب العالية في الجيش والمخابرات ولأن المنتفضين اليوم يحتكون بهم يومياً ولأنهم اليد الضاربة التي يستخدمها النظام لسحق الإنتفاضة وقتل المتظاهرين وتعذيب المعتقلين، ولأن مستقبل النظام يبدو مرتبطاً بدعمهم. ولا يصحّ عزل هؤلاء عن أعوانهم وموظفيهم وإلقاء اللوم فقط على “القلة القليلة” من الحيتان الكبيرة التي تسيطر على كل شيء، لأن من يعمل في مكاتبهم وبيوتهم ومؤسساتهم وشركاتهم يعرفون تماماً أين يعملون ولحساب مَن. وقد يقول قائل: وأين تريد أن يعمل مهندس الكهرباء الحديث التخرج إن لم يكن في شركات رامي مخلوف وشركائه؟ ومثله المحاسب والمحامي والسكرتير وحتى الآذن وعامل التنظيفات؟ نعود إلى قولنا الأول، تغيير النظام لا يعني قتل اشخاص فالقتل لا يحل مشكلة وسيأتي بعدهم من يأخذ أماكنهم وأموالهم ويتصرف كتصرفاتهم. لكن تغيير النظام يعني فك احتكار مجموعة من رجال السلطة والمال لكل الفرص في البلد: فرص العمل وفرص جمع المال وفرص احتلال مواقع المسؤولية واتخاذ القرار وفرص الإنتقال من مستوى إقتصادي واجتماعي إلى مستوى أفضل، وفرص تحقيق الطموحات والأحلام. إذن وباختصار من يعمل عند رامي مخلوف ويدافع عنه لهذا السبب فهو جزء من المشكلة لأنه يسعى إلى استمرار هذا الوضع غير المتكافئ والقائم على الإحتكار باستخدام السلطة والقمع (أي سلطة الدولة وقمع الدولة). ولا أعتقد أن إسقاط النظام يعني حل شركات مخلوف وطرد العاملين فيها ولا يعني الإستيلاء على أموال كل من له علاقة بالمراتب العليا في السلطة فهذا يعني تدمير الإقتصاد. لكن من الممكن المحافظة على الشركات والأعمال مع نقل الملكية إلى خزينة الدولة ثم بيعها أسهماً باسعار عادلة وتمكين العاملين في هذه الشركات من اقتناء بعض هذه الاسهم. أما الأموال السائلة التي جُمعت بالإحتكار والإبتزاز والرشاوى وسرقة المال العام فهذه لا بد من استعادتها وتوظيفها مباشرة في بناء البنى التحتية في المناطق المفقرة (ذات الاغلبية العلوية وغيرها) وتوفير القروض الرخيصة للمستثمرين الصغار وتطوير الزراعة والبحث الزراعي وإعادة الإعتبار للزراعة التي هي أساس كل اقتصاد متين.

أما إلتفاف بقية الطائفة العلوية حول هذه الطبقة الجديدة فهو طبيعي لأن هؤلاء الضباط والبيروقراطيين وبطاناتهم يسيطرون على وسائل الإعلام والدعاية العامة والخاصة. إنهم يملكون الصحف والتلفزيون والفضائيات ومواقع الإنترنت والمجلات ومساحات الإعلانات في الطرقات ومروجي الشائعات وشبيحة الفيس بوك وجيوشاً من الاتباع والأعوان. كذلك فإنهم وظفوا أنفسهم كقادة للطائفة العلوية ومتحدثين باسمها باعتبارهم المثقفين الجدد والطبقة المتنورة. ولهذا قلت أعلاه بأن علويتهم تشبه إلى حد كبير الأيديولوجيات القومية حيث توظف الطبقات العليا والمتوسطة نفسها متحدثة باسم بقية مجموعتها القومية، وتعتبر أن ثقافتها هي الثقافة الجديدة المتنورة التي يجب أن تأخذ بها الجماعة، وأن مكاسبها هي مكاسب لكل الجماعة، وأن الدفاع عنها وعن مكاسبها واجب وفرض على كل أفراد الجماعة. وهذا ما نراه اليوم من سعي النظام لإزكاء نار الطائفية لاعتقاده بأنه منقذ الطائفة العلوية وولي نعمتها وبالتالي فمن واجبها رد الجميل بالدفاع عنه اختياراً أم إجباراً. وهذا ما يؤكده قول الكاتب: “نرى نفسا طائفياً ضعيفاً يظهر في المناطق القليلة التي يتركز فيها الضباط الفاسدون”.

وقد رأينا هذا في بداية ظهور القومية العربية حيث تنتهي قيادات الأحزاب والسلطات في الدولة الجديدة للإقطاعيين القدماء وحلفائهم من رجال المال والأعمال ومثقفيهم. فلا داعي إذن للإدعاء بأن أغلب العلويين فقراء مساكين يتحكم بهم بعض الفاسدين فالأمر أعقد من هذا بكثير. ولا أنكر هنا الضرورة الملحة لتحقيق نهضة إقتصادية وثقافية في المناطق العلوية الفقيرة، لا بل في كل المناطق المهمشة والفقيرة في سوريا والتي يسكنها أفراد من كل الطوائف والقوميات. ولا أريد إعطاء السلطة لأعداد أوسع يمثلون كل الطوائف لأن المحاصصة الطائفية والقومية لا ينتفع بها إلا ذوو المال والجاه من الطوائف، وإنما أريد دولة لمواطنيها يتساوى فيها الجميع. وأنا أعرف أن الديمقراطية ليست بالنظام المثالي الذي يحقق العدالة والمساواة الإقتصادية للجميع لكنه نظام يسمح بدرجة جيدة من الصعود الإجتماعي والإقتصادي وتكافؤ أكبر للفرص لا يقوم على أساس لا يتغير كالإنتماء الطائفي أو القومي أو العرقي. إن النظام في سوريا اليوم أشبه بنظام ملكي منه بالنظام الجمهوري. وليس النظام الجمهوري مثالياً لكنه يقدم بعض الضمانات ضد الإحتكار المطلق للسلطة عن طريق إنتخاب السلطة التنفيذية وفصل السلطات وتقسيم السلطة التشريعية على عدد كبير من الممثلين المنتخبين وتمييع مركزية السلطة التنفيذية بانتخاب ممثليها المحليين من محافظين ومدراء مناطق وأعضاء مجالس مدن.

5. ” ليس سبب الهوة في موقف العلويين والسنة في الأحداث الأخيرة طائفيا بل إعلامياً”:

إذا صحّت نظريتي أعلاه يكون السبب خليطاً من التوجيه الإعلامي الكاذب وكذلك الطائفية المبطنة. يقول الكاتب بأن “عناصر الأمن من العلويين ينقلون قناعاتهم وأفكارهم إلى محيطهم” وأن الكثير من العلويين “اضطروا للوقوف إلى جانب النظام لما شاهدوا بعض الهتافات الطائفية وقتل نضال جنود وقتل بعض المدنيين العلويين الآخرين“. هذا صحيح وأنا أتفهم تماماً الرعب الذي يعيشونه، لكن هناك مسافة فاصلة بين تصديق روايات عناصر الأمن وبين تجريم كل المتظاهرين واعتبارهم شركاء في مؤامرة خارجية، وأيضاً مسافة فاصلة بين عدم تصديق مطالب المنتفضين وبين تصديق رواية النظام ومن ثم الوقوف إلى جانب هذا النظام. فكيف عبروا هذه المسافة؟ ولا أقول أن هذا الخلط أو العبور بين القناعات مقتصر على العلويين بل يتعداهم إلى فئات من المسيحيين وكثير من السنيين أيضاً. فكيف نشرح هذه المواقف التي تبدو غريبة للوهلة الأولى باعتبار أنها داعمة لنظام قمعي ضد شعبها المضطهد أصلاً؟ لما كانت رواية النظام والتي يرددها عناصر الأمن بين أصدقائهم وذويهم رواية طائفية بحتة قائمة على نظرية مؤامرة واستغلال عصابات دينية سنية لاحتجاجات المتظاهرين من أجل استهداف الدولة ونشر الفوضى، فإن عبور المسافة بين الرواية الرسمية وبين اتهام كل المتظاهرين بالقيام بثورة طائفية لا يتم إلا على جسر طائفي أيضاً. وكذلك فإن عبور المسافة الفاصلة بين مطالب المنتفضين المعلنة (وهي مطالب حقوقية وليست طائفية) وبين تأويلها بأنها مجرد غطاء إعلامي لثورة سنية لا يتم أيضاً إلا على جسر طائفي.  باختصار وصراحة، ما أقوله هو أن النظام طائفي  في كل ما يفعله وأن الداعمين له ما كانوا ليصدقوا روايته لو لم يكونوا إما مستفيدين من فساده أو مؤمنين أصلاً ببعض ما يدّعيه النظام الآن. وهنا لا أنفي تهمة الطائفية عن المنتفضين، فهم جزء من المجتمع السوري ويفكرون بشكل مشابه لمواطنيهم العلويين والمسيحيين. لكن الفرق هنا هو أن الإحتجاجات لم تقم على أساس طائفي بينما اتهمها النظام بذلك وسار معه من يؤيده  لأنهم يعتقدون أن الطائفية هي المحرك الاساسي لأي حراك إجتماعي في المجتمع السوري. هل كان زمان حصلت فيه إنتفاضة طائفية أو إنتفاضة غلبت عليها الطائفية؟ نعم بالتأكيد وأعني أحداث 1979-1982 فهذه للأسف طغت فيها طائفية الإخوان المسلمين وطائفية نظام الأسد على كل التحركات السياسية والمطلبية التي سارت بالتوازي معها. هل الأحداث الآن إعادة لأحداث الثمانينات؟ جوابي وحسب معلوماتي هو لا، لكن الكثيرين ومن ضمنهم النظام وأعوانه لا يزالون يعيشون هذه العقلية.

إن الهوية الطائفية-الدينية في سوريا تطغى على غيرها من الهويات وتعتبر الرابطة الجامعة لكثير من الجماعات وخاصة الأقليات الدينية. وكما ذكرت فقد تغيرت هذه الهوية الدينية في أساسها إلى ما يشبه الهوية القومية ليصبح الإنتماء المسيحي أو العلوي أو السني أحياناً إنتماءاً ثقافياً وحتى طبقياً. كثيرون من المسيحيين والعلويين مثلاً يعتبرون أنهم علمانيون لمجرد انتمائهم لأقلية دينية، على ما في هذا من تناقض. العلمانية بالنسبة لهؤلاء تعني حقيقةً فصل الدين الإسلامي عن الدولة وليس بالضرورة فصل الدين عن الدولة. طبعاً هم يتذمرون من سلطة الكنيسة وسلطة مشايخهم لكنهم لا يتذمرون من احتكار الكنيسة ومشايخ المذهب لقانون الأحوال الشخصية. ولا يثورون إلا عندما يحاول المتعصبون السنيون، وهؤلاء كثر، فرض شريعتهم على قانون الأحوال الشخصية بشكل عام، لكنهم لا يثورون على شريعة مذهبهم ودينهم. المفروض بالعلماني أن يطالب بوجود الزواج والطلاق المدنيين وبأحقية الإنسان بكتابة الوصية التي يريد وتقسيم ثروته كما يريد لا أن يخضع رغم أنفه لقانون الكنيسة أو المذهب أو الشريعة السنية. المفروض بالعلماني أن يطالب بالمواطنة المساواة وليس فقط بحقوق الأقليات في تطبيق قانونها الديني على أفرادها وحرية العبادة وبناء دورها. إن خطاب المساواة والحريات في سوريا لا يزال طائفياً ولم يرتق إلى طروحات ثورية مثل المواطنة وسلطة القانون التي تقف فوق الطوائف والإنتماءات الفئوية. لهذا لا أستغرب أن يصدق كثيرون بأن الإنتفاضة في سوريا ليست إلا ثورة سنية سلفية للقضاء على ما يسمى بالحكم العلوي وإعادة المسيحيين إلى حظيرة الذمية. والأنكى من ذلك هو أن النظام يروج لهذه النظرية في الخفاء بينما هو يعرف بأن الإنتفاضة موجهة إلى نمط حكمه القائم على العنف والقمع والفساد الإداري والمالي واحتكار الثروة وتفضيل الإنتماء الطائفي على المهارة والكفاءة. وما قصة الهتافات الطائفية التي لم ينجح أحد بتقديم الدليل على سعة انتشارها، إلا ادعاءات النظام، إلا دليل على محاولة النظام دمغ المنتفضين بتهمة الثورة الطائفية. وما تصديق الكثيرين لهذه الإدعاءات القائمة على القيل والقال والأقسام الواهية بالصدق و”نقل ابن عمي عن صديق جارهم قوله” إلا دليل على استعداد الناس لقبول النظرية الطائفية واعتبارهم لها بأنهم المحرك الأهم للمجتمع السوري. ولا ألومهم أبداً لأن رجال الدين من الطرف السني وأتباعهم لا يقلون طائفية عن بقية الشعب. لقد حان الوقت لكسر هذه العقلية والتخلص من قبضة رجال الدين الذين يتهمون أعداءهم أياً كانوا بأنهم أعداء للطائفة و الدين. وقد حان الوقت أيضاً لكسر المنافسة الطائفية التي يقوم عليها نظام الأسد، هذا النظام الذي لم يستطع أبداً التواصل مع شعبه، وحين فعل جاء ذلك بشكل طائفي بأن منح رجال الدين في كل الطوائف سلطة هائلة على أبناء طوائفهم وجعلهم الوسطاء بينه وبين الشعب فأصبح البطرك والشيخ والداعية أهم من استاذ الجامعة والحزب السياسي والصحفي والمثقف.

6. ” لكن من مصلحة الجميع أن يتم الضغط عليه ليشرك جميع الطوائف بنسب عادلة في الحكم”:

وفي رسالته الموجهة للعلويين يتضح تماماً التفكير الطائفي للكاتب والذي يشترك فيه الجميع. فبالنسبة للكاتب حل المشكلة يكون “بأن ينقل بعض المناصب القيادية في الجيش والأمن إلى الطوائف الأخرى وخصوصا السنة وأن يشركهم في الحكم أكثر” وبأن “تثقوا بإخوانكم السنة” في ثورتهم على النظام، وأن “لا تخشوا من الإقصاء عن الحكم، فلم يكن الحكم بيدكم أبدا”. هل تعرف يا صديقي بأنك زدت الطين بلة وناقضت نفسك وأكدت لأهلك من العلويين بأن الإنتفاضة هي ثورة سنية من أجل الحصول على بعض المناصب القيادية من ما يسمى الحكم العلوي. إذا أردت فعلاً أن تقنعهم بأنهم ليسوا إلا “جزءاً من أحجار اللعبة وضحايا كغيركم” فقل لهم بأن من يصف نفسه بانه مخلص العلويين من الفقر والإضطهاد لم يفعل إلا أن أعطى الثروة والسلطة لقليل من أعوانه واستخدم باقي أفراد الطائفة كجنود فقراء يدافعون عنه وعن نظامه ويموتون على فقرهم وهم يطلقون النار على أبناء بلدهم. يا صديقي، لو كانت الإنتفاضة طائفية فعلاً فتأكد أنها ستتوقف حين يُدخل النظام بعض الممثلين عن الطائفة السنية في حلقة أعوانه المقربين، وهؤلاء موجودون فعلاً. إذا كان الناس من الغباء بأن يصدقوا أن إشراك بعض أصحاب المال والضباط من السنيين سيحل مشاكلهم مع دولة القمع والإحتكار فهم فعلاً يستحقون ما سيحصل لهم. إسقاط النظام كما قلت سابقاً لا يعني إسقاط الرئيس العلوي أو إشراك مزيد من السنيين في أجهزة المخابرات والجيش وإنما إعادة هذه الأجهزة إلى حجمها الطبيعي ووقف تجاوزاتها ووقوفها خارج المساءلة والقانون ووقف تسلطها على باقي أجهزة الدولة واحتكارها للمال والسلطة.

7. “لا تخافوا، ليس معقولا أن يتم تسريح أبنائكم من الأمن والجيش فهم موظفون في الدولة”:

انتقلنا هنا إلى مسألة عملية وهي الخوف على المكاسب. الإنسان الذي استغل موقعه في السلطة لسرقة المال العام والإبتزاز وإلحاق الأذية بالآخرين فهذا يجب أن يُحاكم محاكمة عادلة مهما كان انتماؤه وإلا أفرغنا الإنتفاضة من محتواها المُطالب بالمساواة والعدالة وسلطة القانون.  أما أصحاب الوظائف البسيطة وعناصر الأمن والمتطوعين في الجيش فهؤلاء فعلاً موظفون في الدولة وسيكون مصيرهم كمصير غيرهم من موظفي الدولة حين تتم إعادة هيكلة مؤسساتها، إلا الذين ارتكبوا جرائم بحق الآخرين عن سبق إصرار. ليس الحل بأن يظل هؤلاء في وظائف وهمية عالة على الدولة بل الحل هو في مشاريع إنماء تشمل كل المناطق وقد يكون العرض الأفضل هو في تقديم ضمانات أن تشمل هذه المشاريع المناطق ذات الأغلبية العلوية بالإضافة إلى كل المناطق المفقرة والمهمشة وأن يحصلوا على ضمانات بأن إنهاء ارتباطهم بالدولة واتكالهم عليها سيكون تدريجياً وخالياً من التعسف والتطهير الطائفي والإقصاء.

8. “قد عشتم ظروفا سيئة على كل الاصعدة وعشتم التمايز الاجتماعي”:

هذه فكرة يرددها كثيرون وهي تسير في سياق عقلية الضحية التي تقوم عليها الهوية العلوية الراهنة التي يروج لها النظام. نعم تعرض الأجداد لظروف سيئة وللتمييز كجماعة، أما الأبناء فلا يستطيعون التذرع بعذاب الأجداد لتكريس إمتيازاتهم. وذلك خاصة إذا لم يكن لكثير من الأبناء أية امتيازات. وهذا يجعل من هذه الفكرة جزءاً من أيديولوجية تلك الفئة المسيطرة التي تكلمت عنها والتي تقدم نفسها كمخلص لكل العلويين من الإضطهاد والفقر وهي لم تخلص إلا ذاتها بينما استغلت الباقين. لا يمكن الإستمرار بعقلية “جدك اضطهد جدي ولذلك فأنا أضطهدك الآن”، فهذه عقلية مشابهة لعقلية الصهاينة في إسرائيل. وفي هذه العقلية كثير من التعميم والإجحاف، فالسني الفقير لم يضطهد جدُه أي علوي بل كان فقيراً مثله، وجدّ العلوي من الإقطاعيين قد يكون اضطهد الفلاحين العلويين والمسيحيين والسنيين على حد سواء. التعميمات لا تخدم إلا المضلل والمتجبر بينما يتقاتل بسببها الفقراء من جنود الطرفين.

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares