صفات غريبة للمرأة في المعاجم العربية

أحمد نظير الأتاسي

18 ديسمبر، 2021

الجواري والجسد العاري المعروض للمشاهدة

كتاب الساق على الساق لأحمد فارس الشدياق، كتاب ممتع وغريب في الآن ذاته. ولا يخطر في بالي إلا أن غرابته علامة من علامات عبقرية الشدياق اللغوية. لكن الكاتب كان دائماً يقطع السياق السردي ليعطينا قوائم مفردات تحكمها فكرة محورية كان يتحدث عنها في معرض سرده. ربما كانت معرفته الموسوعية بالمعاجم (وهو كاتب العملين المعجميين الضخمين “سر الليال في القلب والإبدال”، “والجاسوس على  القاموس” – أي على المحيط للفيروزآبادي) تطغى على سلسلة أفكاره أثناء السرد فلا يحتمل القيود التي يفرضها السرد عليه فينطلق في ذكر مفردات فقط؛ لا جمل ولا فقرات ولا فروع للخط القصصي؛ فقط كلمات لا علاقة بينها إلا فكرة عابرة في سرديته. وعندما قرأت الكتاب منذ زمن طويل، استوقفتني قائمة بأوصاف (وتسمى في القواعد العربية أسماء) للنساء. منها المعروف والممكن استنباطه من جذور ثلاثية على عادة اللغات السامية (على وزن فاعلة، فعلاء، فعيلة)، ومنها الرباعي والخماسي الجذر المنقول بالسماع فقط والذي لا يمكن استنباطه بالأوزان الإشتقاقية المعروفة. وحتى الجذور الرباعية أو الخماسية المقترحة في المعاجم (وأركز هنا على لسان العرب) لهذه الكلمات، فهي جذور غير معروفة ولا ينتج عنها بالإستنباط إلا الكلمة (وصف المرأة) التي أوردها الشدياق.

بغض النظر عن أراء العرب والمستشرقين، على حد سواء، باللغة العربية، المحبين أو الكارهين لها، والمحملين لها فوق ما تحتمل والواجدين فيها أقل مما يجب أن تحمل، فإني أتعامل مع العربية كأية لغة أخرى درستها. إنها ولّادة إذا أردت لها ذلك، وعاقر إذا أردت لها ذلك أيضاً.  تعجبني لعبة الجذور واشتقاقاتها، فهي بارعة في بعض المواقع حين يتوفر الجذر والوزن الحاملين للمعنى، وقاصرة في مواقع أخرى حين لا يتوفر الجذر أو الوزن. ولذلك فإن الكلمات التي لا جذور “حقيقية” لها ، تبدو شاذة وغريبة. لكنها غرابة تجمع بين الحيرة والإثارة. من أين جاءت وكيف دخلت إلى معاجم العربية وما معناها الأصلي؟ ولا أدعي في هذه المقالة القصيرة أن عندي إجابة على أي من هذه الأسئلة. لكني أريد أن أثير الإهتمام بهذه الظاهرة كمساهمة مني في الإحتفاء بالعربية في يومها العالمي الذي تستحقه فعلاً. أما اختياري لأوصاف النساء من أجل إعطاء مثال على هذه الظاهرة “الغربية”، فإنه اختيار لعوب بعض الشيء يريد أن يدغدغ الإيروتيكا، لكنه سينتهي بفتح علبة باندورا من القضايا المجمدة والعالقة في مجال الجندر واللغة والمجتمع الأبوي والدراسات المعجمية العربية والتطور الراهن للعربية وقدرتها على مواكبة العصر، وما إلى ذلك من المواضيع التي نتصارع حولها دون أن نحاول محاولة جدية الوصول إلى حلول مفيدة ومقنعة بشأنها تدفع العرية نحو الأمام. أنظروا إلى حركة الترجمة الضخمة إلى اللغة التركية، ولنتساءل لماذا لا نرى الشيء نفسه في العربية. واحد من الأسئلة المئات التي يمكن أن نطرحها.

سأسرد فيما يلي القوائم الـتي أوردها الشدياق مع إضافات كثيرة من لسان العرب، القاموس المحيط، وفقه اللغة للثعالبي (وكتاب الثعالبي عبارة عن مصنف كامل من القوائم المعجمية التي تشبه قوائم الشدياق). وسأصنف الكلمات في قوائم فرعية حسب المعنى، وسأميز بين الأصول الثلاثية وتلك الرباعية والخماسية:

المرأة العظيمة المكتنزة

نبدأ ببعض الكلمات ذات الأصول الثلاثية مثل سمينة
تارّة: مكتنزة
حادرة: غليظة
وركاء: عظيمة الوركين
درماء: لم يكن لمرفقها حجم من سمنها
رداح، عجزاء: عظيمة العجيزة
لفّاء: ضاق ملتقى فخذيها لكثرة لحمها
ربلة ومتربلة: كثيرة اللحم والشحم
قيعلة: نهاية في السمن
وطباء وثدياء: عظيمة الثديين
مفاضة: عظيمة البطن
أناة، وهنانة: بها فتور عند القيام لسمنها
جفول: المرأة الكبيرة العجوز

ثم ننتقل إلى الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية
رضراضة (رض): كثيرة اللحم
خدلجة، خدلم، خدلة (خدل): سمينة ممتلئة الذراعين والساقين
هركولة (هراكلة: كلاب الماء): عظيمة الوركين
ضبرك (برك): عظيمة الفخذين
عفلّقة (عفل) وعضنّكة: ضخمة الركب
عضنّك، عضنكة (ضنك، عضل): عجزاء ضاق ملتقى فخذيها
ضناك (ضنك): ضخمة في حد ما يكره
مرمورة، مرمارة (مرمر): ترتج من سمنها
ربحلة (ربل)، سبحلة: ضخمة في نعمة واعتدال
سبحلة: إذا زاد ضخمها ولم يقبح
عبهرة (بهر): عظيمة الخلق مع الجمال
لباخية (جذر ثلاثي لكن لا يعطي إلا هذه الكلمة): المرأة التامة الخلق
لبيخ، لباخية (لبخ): كثيرة اللحم ضخمة الربلة تامة
دحملة (دحل، دحن): المرأة الضخمة التارّة
شفشليق، شمشليق (مشق): العظيمة
جنفليق (جفل)، جعفليق (عفل، جعف، جعل): العظيمة من النساء
مكماكة (مكمك، مكك)، متمكمكة، كمكامة (كمم، كمكم): غليظة كثيرة اللحم
قدموسة (قدم، قدمس): الضخمة العظيمة
هَيدَكور، هِدكر، هدكورة (هدد/هدك، هدر): الكثيرة اللحم، الشابة الضخمة الحسنة
خنضرف (نضر، خضف، خنر): نصَف، وقيل الضخمة الكثيرة اللحم الكبيرة الثديين
خضرفة: عجوز
ضكضاكة (ضكك): قصيرة مكتنزة اللحم
عفضاج (عفج، عفط): مفرطة الضخامة مع استرخاء لحمها
عركركة (عرك): الكثيرة اللحم القبيحة الرسحاء (لا عجز لها

نجد وفرة هنا في الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية. فهل يا ترى ترتبط ضخامة البدن بضخامة الجذر والكلمة؟ وإذا عرفنا أن ضخامة الجسد واكتنازه باللحم مستحسن في النساء عن عرب أيام زمان، فهل يمكن أن نستنتج أن استخدام الأصول الرباعية والخماسية لا يقتصر على المستقبح من الصفات؟ وإذا عرفنا أن كثيراً من هذه الكلمات لها مذكر أيضاً (لا بل تطلق على الإبل والنوق)، فهل يمكن أن نقول أن استخدام الأصول الرباعية والخماسية لا يقتصر على النساء وصفاتهن فقط؟ وإذا نظرنا إلى الكلمات ذات الأصول الثلاثية فإننا نجدها مشتقة من جذور غنية (أي ينتج عنها كثير من المصادر والمعاني والإشتقاقات)، بينما الجذور الرباعية والخماسية تقتصر على الكلمة المعروضة هنا ولا توجد اشتقاقات أخرى عنها أو معان أخرى لها. فهل تختص الجذور الثلاثية بما يمكن التعبير عنه من خلال غنى اللغة؟ وهل تختص الجذور الرباعية والخماسية بما لا يمكن التعبير عنه إلا بالأوزان الضخمة النادرة والتي تصل إلى درجة الكاريكاتورية وكأنها أصوات تعجب أو استهجان؟
فهل هناك صفات جسدية أنثوية غير الضخامة تحظى بالإهتمام عند العرب القدماء؟

المرأة الطويلة، والمكتنزة أيضاً

نبدأ بالكلمات ذات الأصول الثلاثية
شطبة: طويلة حسنة الخلق
مزنرة: طويلة عظيمة الجسم
رعبوبة، رعبوب، رعبيب: شطبة تارّة
سيفانة: الشطبة الطويلة كنصل السيف
ممشوقة: لطيفة الخصر مع امتداد القامة
ملعّظة: جارية طويلة سمينة
إسحلانية (سحل): رائعة جميلة طويل

وننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
خرباق (خرق، خربق)، غلفاق: طويلة عظيمة
مخربقة: ربوخ، يغشى عليها عند الجماع
عكموز (كمز): التارّة الحادرة الطويلة الضخمة
عطموس، عيطموس (عطم): الطويلة التارّة ذات قوام وألواح إذا كانت عاقراً
علطميس، علطبيس: الحارة التارّة الحسنة القوام
سرعوفة (جرادة، فرس طويل): الطويلة الناعمة
خوطانة وخوطانية: كالغصن طولاً ونعمة
عطبول: طويلة حسنة الخلق

يبدو أن الطول عند النساء مرتبط أيضاً بالضخامة والإكتناز. الكلمات ذات الأصول الثلاثية لا تزال أكثر تحديداً ودقة من الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية. فلننظر إلى المفردات المختصة بالضخامة والطول عند الرجال. لعلنا نستفيد من المقارنة.

الضخامة والإكتناز في الرجال

نبدأ بالكلمات ذات الأصول الثلاثية
سمين، لحيم، شحيم
الأرأس: عظيم الرأس
أركب: عظيم الركبة
أرجل: عظيم الرجل
حوشب: ضخم البطن
بادن: ضخم محمود الضخم
خدب: زادت ضخامته زيادة غير مذمومة

ننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
جرنفش: عظيم الخلقة
عثجل: عظيم البطن
جحنبارة: رجل ضخم
جهضم: ضخم الهامة
برطام: ضخم الشفة
قفندر: ضخم الرجل
خنبج: مفرط الضخامة
جلندخ: في نهاية الضخامة

الطول والقصر في الرجال

نبدأ بالكلمات ذات الأصول الثلاثية
طوال: طويل
شوذب وشوقب: أطول من الطويل
بحتر وحبتر: قصير مذموم القصر

وننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
شغموم: طويل تام الحسن
عشنط وعشنق: ما يذم من الطول
شعلع وعنطنط وسقعطرى: مفرط الطول
بلندح: السمين القصير
دحداح: قصير
حنبل وحزنبل: أقصر
حنزاب وكهمس: يلي ذلك في القصر
حنتار وحندل: مفرط القصر
حنزقرة: القيام لا يزيد في قده

كما سبق، نجد أن الكلمات ذات الجذور الثلاثية أغنى وأدق في معانيها من الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية. تلك الجذور الأخيرة لا تزال كاريكاتورية وحاملة لمعنى واحد غير دقيق. ونجد أيضاً أن التركيز في الرجال يكون على القصر وليس على الطول. لا بل يمكن أن نقول بأن الكلمات المستعملة في وصف الرجال أقل بكثير من الكلمات المستعملة في وصف النساء. هل لأن الضخامة في النساء مستحنة أما الضخامة في الرجال فمستقبحة؟ وهل لأن أجساد النساء توضع دائماً تحت المجهر، في حين لا نرى من انتقاد لاذع إلى أجساد الرجال إلا في حالات قليلة من القصر الذي قد يمنع الرجل من المشاركة في القتال أو من فرض وجوده.

لكن لماذا بدأت بالضخامة والإكتناز؟ هل لأجندة خاصة أريد من ورائها توجيه انتقاد اجتماعي للغة الأقدمين، أم لأن غزارة المفردات النسائية وغرابتها استوقفتني لمرات عديدة؟ هل إذا تتبعنا الكلمات التي تحمل معان إيجابية (مثل الجمال الجسدي، سمات أخرى من سمات الجمال غير الضخامة)، فقد نجد تفنيداً لأسئلتي المبطنة؟

المرأة الحسناء

نبدأ بالكلمات ذات الأصول الثلاثية
غيلم: المرأة الحسناء
وضيئة وجميلة: فيها مسحة من الجمال
حسانة: إذا أشبه بعضها بعضاً في الحسن
غانية: إذا استغنت بجمالها عن الزينة
معطال: لا تبالي أن تلبس ثوباً حسنا لجمالها
وسيمة: حسنها ثابت كأنه وسم
قسيمة: لها حظ وافر من الحسن
رائعة: النظر إليها يسر الروع
باهرة: غلبت النساء بحسنها
خود: شابة حسنة الخلق
بضة: ناعمة البشرة
فنق: عرفت في وجهها نضرة النعيم
غيداء وغادة: متثنية من اللين والنعمة
رشوف: طيبة الفم
أنوف: طيبة ريح الأنف
رصوف: طيبة الخلوة
شموع: لعوب ضحوك
فرعاء: تامة الشعر
مبتلة: لم يركب بعض لحمها بعضاً
هيفاء وقباء وخمصانة: لطيفة البطن
هضيم: لطيفة الكشحين
بَيهس: حسنة المشي

ثم ننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
برهرهة: ترعد من الرطوبة والغضاضة
رقراقة: الماء يجري في وجهها
بهنانة: طيبة الريح
عبقرة: ناعمة جميلة
رودكة، مرودكة: جارية حسناء في عنفوانة شبابها
هبركة: الجارية الناعمة
ممكورة: دقيقة المحاسن
خرعبة: حسنة القد لينة القصب
بهكلة وبهكنة: الغضة، جميلة الوجه حسنة المعرى
عطبل، عطبول، عطبولة، عيطبول: جميلة فتية ممتلئة طويلة العنق
غبرقة: واسعة العينين شديدة سوادهما

نجد هنا غنى في الكلمات ذات الجذور الثلاثية الدقيقة المعنى. بينما الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية لا تزال غائمة وتحمل معاني غائمة وعامة. لكن التركيز على طول الخط يكون على صفات عامة مثل نعومة البشرة، الشباب، الجمال بشكل عام، الرائحة الطيبة، ضمور الخصر. لا نجد أية صفة مستهدفة بالشكل الذي تم فيه استهداف صفة الإكتناز. وسنجد الملاحظات نفسها حين نسرد الكلمات المرتبطة بالصفات الجسدية المستقبحة عند النساء. الجذور الثلاثية تحمل معان دقيقة والرباعية والخماسية تحمل معان غائمة. والتركيز يكون على عكس الصفات الجسدية المستحسنة، مثل النحف، الرائحة الكريهة، كبر السن.

المرأة ذات الصفات المستقبحة

نبدأ بالكلملت ذات الأصول الثلاثية
جاذب: غليظة الخلق
كرواء: دقيقة الساقين
مصواء: ليس على فخذيها لحم
مدشاء: ليس على ذراعيها لحم
مثناء: لا تمسك بولها
لخناء: نتنة الريح
شريم: مفضاة
ضهياء: لا تحيض
سلتاء: لا تختضب
جلطاء: الرخوة الضعيفة
زلاء ورسحاء: ليس لها عجيزة
جداء: صغير الثديين
قفرة: قليلة اللحم
هيدرة: عجوز إذا أدبرت شهوتها وحرارتها
فقماء: مائلة الحنك، متقدمة الثنايا السفلى
خصوف، ردوم: ضراطة

وننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
قنبضة وحنكلة: قصيرة دميمة
بعصوصة: الجويرية الضاوية
طرطبة: طويلة الثديين مسترخيتهما
خضرفة: عجوز
هيعرون: العجوز الداهية
حيزبون: العجوز من النساء، السيئة الخلق
مخربقة، خرباق: سريعة المشي
قرصافة: المرأة التي تتدحرج كأنها كرة

ولا نزال في مجال المحاسن الجسدية. فهل يختلف الوضع إذا انتقلنا إلى المحاسن الخلقية؟

المرأة الحسنة الخلق

كل الكلمات هنا ذات أصول ثلاثية
خفرة وخريدة: حيية
رخيمة: منخفضة الصوت
نوار: نفور من الريبة
قذور: تجتنب الأقذار
صناع: عاملة الكفين
ذراع: خفيفة اليدين في الغزل
عروب: محبة لزوجها
حصان: عفيفة
محصنة: أحصنها زوجها
ربوخ: يغشى عليها عند البضاع
نثور: كثيرة الولد
نزور: قليلة الأولاد
بروك: تتزوج وابنها رجل
معقاب: تلد مرة ذكراً ومرة أنثى
مذكار: تلد الذكور
مئناث: تلد الإناث
مقلات: لا يعيش لها ولد
متآم: أتت بتوأمين
منجاب: تلد النجباء
|محماق: تلد الحمقى
ممصل: تلقي ولدها وهو مضغة
مشبلة: قامت على ولدها بعد موت زوجها ولم تتزوج
محمل: ينزل لبنها من غير حمل
معفرة: أرضعت ولدها ثم درجته إلى الفطام
ثكول وثكلى: إذا مات ولدها
لفوت: لها زوج ولها ولد من غيره
مثفاة: لزوجها أمرأتان وهي الثالثة
مردودة: مطلقة
فاقد: إذا مات زوجها
صلفة: لا تحظى عند أزواجها
أيم وعزبة وأرملة وفارغة: غير ذات زوج
عوان: ثيب
بكر وعذراء: بخاتم ربها
عانس: بقيت في بيت أبويها
هدي: عروس
برزة: جليلة تظهر للناس ويجلس إليها القوم
شهلة، كهلة: عاقلة

من الغريب فعلاً أن المحاسن الأخلاقية لا تحتوي على أية كلمات من أصول رباعية أو خماسية. والمحاسن هنا واضحة وجلية فمعظمها يرتبط بالحياء والعفة والسمعة الحسنة والزواج والإنجاب وتربية الأولاد. فإذا انتقلنا إلى مساوئ الأخلاق فهل نحتفظ بأغلبية الجذور الثلاثية؟ وهل نحتفظ بنفس المواضيع؟

المرأة السيئة الخلق

نبدأ بالكلمات ذات الأصول الثلاثية
معقاص: السيئة الخلق من الجواري
سليطة: حديدة اللسان
مجعة: تتكلم بالفحش
فيلق: داهية صخابة
خروط: إمرأة فاجرة
جلوط: البعيدة من الحياء
ضنوّط: أن تتخذ المرأة صديقين
بطريرة: إذا بطرت وتمادت في الغي
صدوف: تمتنع عن زوجها
فاركة: مبغضة لزوجها
قرور: لا ترد يد لامس
هلوك، بغي، مسافحة: متهالكة على الرجال
معقاص: نهاية في سوء الخلق
هنانة: التي تبكي وتئن
ورهاء: حمقاء خرقاء
عوكل: الحمقاء
رتقاء وعفلاء: لا يستطاع جماعها
طلعة، قبعة: تطلع رأسها ليراها الرجال
عضير: لا تهدي لأحد شيئاً
متلعجة: الشهوى من النساء

وننتقل إلى الكلمات ذات الأصول الرباعية والخماسية
جلبّانة: المرأة الجافية الغليظة
سحلوت: المرأة الفاجرة
شمشليق: سريعة المشي صخابة
صهصلق، صهصليق: شديدة الصوت صخابة، العجوز الصخابة
جلبنانة: مصوتة صخابة كثيرة الكلام
بهلق: المرأة الحمراء جداً والكثيرة الكلام
زبعبق: نهاية في سوء الخلق
عنجرد: سليطة خبيئة سيئة الخلق
سلفع، سلفعة: السليطة الجريئة على الرجال
معفاص: النهاية في سوء الخلق
سلقانة وعزقانة: مفرطة السلاطة
قرثع: جريئة قليلة الحياء
سلفعة: بذيئة وقحة
عنفص، حنفس، حفنس: القليلة الجسم، الداعرة الخبيثة، البذيئة القليلة الحياء
بلقع، بلقعة: خالية من كل خير
مهضهضة: مؤذية لجارتها
دلعوس: المرأة الجريئة على أمرها العصية لأهلها
هيعرة: لا تستقر في مكان
خيتروع: المرأة التي لا تثبت على حال، المرأة الفاجرة النزقة
خيتعور: المرأة لا يدوم ودها
جيثلوط: شتيمة للنساء
جنبثة: نعت سوء للمرأة، وهي السوداء
مومسة: متهالكة على الرجال
عفلق: الفرج الواسع، المرأة الخرقاء السيئة المنطق والعمل
دفنس: حمقاء خرقاء
خذعل: الحمقاء
عفلق: غير طيبة الخلوة
مهزاق: شديدة الضحك
هيعرون: العجوز الداهية
حيزبون: العجوز من النساء، السيئة الخلق

الجواب هو لا. الأصول الثلاثية عديدة ودقيقة المعاني، لكن الأصول الرباعية والخماسية تعود مع سلبيتها وكاريكاتوريتها وضبابية معانيها. الصفات الأخلاقية القبيحة مرتبطة بقلة الحياء، قلة العفة، السمعة السيئة، سلاطة اللسان والفجور اللفظي (أعتقد هنا أن الحماقة مظهر آخر من مظاهر سلاطة اللسان)، الجرأة على الرجال، والممارسات الجنسية غير المنضبطة بالضوابط الإجتماعية.

لم أستطع رد الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية إلى جمع جذرين مع مسخ أحدهما، وهذه كانت فرضية احتفظت بها لزمن. العربية بشكل عام لا تستخدم الجذور فوق الثلاثية إلا فيما ندر، وهي حين تفعل فإنها تأخذ جذراً مطروقاً ومعروفاً وتكرر أحد أحرفه (خاصة في الجذور المضعفة): كأن نأخذ جذر فكّ ونكرر الفاء فنحصل على فكفك. أو نأخذ جذر صكّ ونكرر الصاد فنحصل على صكصك؛ ومثلها خلخل. أما الجذور الرباعية الأصيلة مثل دحرج فهي غير مشتقة من دمج جذرين.

بالتأكيد بعض الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية مستعارة من لغات أخرى سامية أو غير سامية، السريانية مثلاً والفارسية. لكني أعتقد أن الكثير منها مأخوذ من الثقافة الشعبية التي تعطي لنفسها حرية استنباط الكلمات (كأي لغة حية؛ وليتنا نستمر في اختراع الألفاظ، بالإضافة إلى قواعد الإستنباط الأمثر انضباطاً) التي تعبر بلفظ أحرفها على حجم الطاقة الشعورية الإجتماعية المرتبطة بالمعنى التي تعبر عنه الكلمة، وهو معنى على حافة المقبول اجتماعياً. ونستدل على مقولتنا هذه بحرية قلب الأحرف ضمن الكلمة الواحدة،  أو استبدالها بأحرف قريبة في النطق، وهي حرية تقابل حرية اختراع اللفظ للدلالة على المعنى، فمثلاً:

شمشليق، شفشليق
صهصلق، صهصليق
خيتروع، خيتعور
عنفص، حنفس، حفنس
مخربقة، خرباق
عطبل، عطبول، عطبولة، عيطبول
رودكة، مرودكة
حنبل وحزنبل
شوذب وشوقب
بحتر وحبتر
عطموس، عيطموس، علطميس، علطبيس
جنفليق، جعفليق
مكماكة، متمكمكة، كمكامة
عشنط، عشنق
بهكلة وبهكنة

يمكن أن نستنتج مايلي:

  1. هناك تركيز على النساء في اشتقاق المفردات
  2. هناك تركيز على الصفات الجسدية النسائية سواء المستحسنة أو المستقبحة، جسد المرأة فعلاً تحت المجهر
  3. الجذور الرباعية والخماسية فقيرة في الإشتقاق وتعطي غالباً كلمة واحدة
  4. الجذور الرباعية والخماسية تعبر عن معان غائمة سواءاً كانت مستحسنة أو مستقبحة
  5. الحسن والقبح الأخلاقيان مرتبطان بالجنس، الإنضباط الإجتماعي وخاصة الجنسي، وضبط اللسان (عدم التعبير عن الذات إلا بشكل سلاطة اللسان)
  6. الضخامة (والطول المرتبط بالضخامة) والإكتناز صفات جسدية مستحسنة في النساء
  7. الضخامة والقصر صفات جسدية مستقبحة في الرجال
  8. الكلمات ذات الجذور الرباعية والخماسية كاريكاتورية في بنيتها الصرفية، وغريبة في انتقاء حروفها حيث تجمع الفظاظة وعدم التناسق الموسيقي وصعوبة اللفظ.
  9. من المحتمل أن هذا الغنى العددي في المفردات التي تصف جسد المرأة مرتبط بتجارة الجواري، خاصة من أجل الممارسة الجنسية وإنجاب الأولاد.
  10. من المحتمل أن هذا الغنى العددي أيضاً مرتبط بحضور أجساد الجواري في الفضاء العام مثل السوق في حين أن النساء الحرائر كن محجوبات مخبوءات في البيوت والخدور ووراء الأحجبة.
تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares