إعلان مبادئ ليتم الحوار على أساسها

ظهر المقال على موقع مدونة الموسوعة السورية في 28 أبريل، 2011

أرجو أن يكون صوتي صوت عقل لا صوت مشاعر، وصوت حوار لا صوت تخوين، وصوت قبول للآخر لا صوت تكفير. إني أرى وبألم شديد ما يجري في سوريا الحبيبة من قتل واعتقالات وتخوين وتجييش للمشاعر والأفكار. الحق أقول، الحالة صعبة والتشنج واضح على الجميع والإستقطاب حاصل والدماء تسيل ولا نهاية منظورة في الأفق ونحن لا نتناقش بل ندخل في حوار طرشان لا يسمع أحدنا الآخر فيه.
لست أكثر ذكاءاً أو وطنية أو ثقافة من أي من الأشخاص والجماعات الذين طرحوا مبادرات لحل الأزمة، وما أكتبه له نفس الهدف وإن اختلف المنحى. إني أرى أنه لا توجد فعلاً أرضية موحدة للحوار بين الفرقاء مما يؤدي إلى مزيد من التشنج والغضب والإتهامات المتبادلة. فلا بد إذا من تحديد لمبادئ أساسية يتفق عليها الجميع ويستندون إليها، وها أنا أطرحها الآن بين أيديكم حتى تدلوا برأيكم وتغيروها آملاً أن تؤدي إلى وصولنا جميعاً إلى إجماع ننطلق منه نحو حوار أعمق يدخل في التفاصيل المعقدة.

وإليكم هذه المبادئ التي صغتها على شكل شعارات:

  1. مبدأ التعايش والمساواة:
    لا للطائفية، لا للتفريق في المعاملة على أي أساس، لا للتخوين، لا للتكفير واحتكار الكلام باسم الدين أوالرب
    نعم للدولة المدنية ودولة المواطنة والتعايش والتسامح والتعددية السياسية والإجتماعية والقومية والدينية والفكرية
  2. مبدأ الحريات والحقوق:
    لا للإسكات والعنف والاعتداء على الأرواح والممتلكات
    نعم لدولة الحريات والحقوق والواجبات
  3. مبدأ تداول السلطة:
    لا لاحتكار السلطة وجمع السلطات
    نعم لتداول السلطة وفصل السلطات ولحرية الترشيح والإنتخاب والعمل السياسي
  4. مبدأ المشاركة في الحكم:
    لا للمحاصصة على أي أساس كانت ولا لديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية
    نعم للتشارك وتشكيل التحالفات حسب القضية وتحت قيادة دستور عادل
  5. مبدأ حكم القانون:
    لا لحكم أجهزة القمع مهما كان شكلها
    نعم للتشريع النابع من الشعب ولحكم القانون واستقلال القضاء
  6. مبدأ التنمية الإقتصادية:
    لا للإحتكار الإقتصادي وحجب الفرص والأرزاق
    نعم لاحترام الملكية الخاصة والمبادرة الفردية والجماعية والتعددية الإقتصادية وحماية المستهلك والمستضعف
  7. مبدأ تكافؤ الفرص:
    لا لدولة الأفراد والمحسوبيات والفساد والقبلية والعشائرية والمناطقية
    نعم لدولة المؤسسات والخدمات والقانون والضمان الإجتماعي

وأخيراً أريد أن أبدي بعض الملاحظات حول أحداث الأسابيع الخمسة الماضية. وهي ليست تحليلاً لأسباب ما حدث ويحدث وليست كذلك مبادرة عملية لحل الأزمة بل محاولة لتلمس بعض الوضوح في هذا الضباب الكثيف وتلمس الثوابت في هذا الكم الهائل من الأحداث والآراء:

  1. لسنا أمام مظاهرات منظمة على مستوى البلد بكامله بل أمام مبادرات محلية على مستوى لحي والقرية وليس على مستوى المدينة أو القطر. وتدعي بعض الصفحات على الفيس بوك تنظيم وقيادة الإحتجاجات لكن الحقيقة أن دعواتهم لم تستجب في الخامس من شباط، ومن خرج في درعا في الثامن عشر من آذار خرج احتجاجاً على اعتقال أولاد درعا وتعذيبهم. وحدها احتجاجات الحميدية في دمشق يوم 15 آذار قد تكون تلبية لنداءات صفحات الفيس بوك وهذه انتهت يوم 18 آذار باعتقال من خرج في صحن الجامع الأموي. أما اعتصامات 3 شباط و22-23 شباط فكانت مبادرات مستقلة. وأما حادثة الحريقة والإحتجاج الذي عقبها فقد كانا صدفتين لا تنظيم وراءهما.
  2. الأسبوع الأول من الإحتجاجات شهد أحداثاً مستمرة في درعا. أما بعدها فيمكن أن نقول بأننا أمام ظاهرة جمعات التظاهر وسبوت التشييع.
  3. الإستخدام المفرط للقوة من قبل سلطات الأمن السورية، واتباعها مبدأ المعاقبة الجماعية لجرم أو تصرف إرتكبه أفراد. إن استخدام أفراد من الأمن بالزي المدني ليس من المهنية والصدق بشيء خاصة وأننا رأيناهم بين أفراد الجيش وعناصر الأمن المرتدين للزي الرسمي. وهذا أثر كثيراً في مصداقية النظام إذ أخرج سيفه قبل أن يخرج مفاوضيه.
  4. لقد تميز حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد بالتحالفات والتوازنات ولا أرى مثيلاً لهذه التحالفات والتوازنات في حكم الرئيس بشار الاسد. فأين الحكمة مثلاً في ستخدام القوة في التعامل مع العشائر. ويدهشني أيضاً خروج العديد من المناطق التي كانت في السابق موالية لحزب البعث والتي لا يزال أبناؤها دعامة من دعائم الجيش السوري.
  5. كانت بعض صفحات الفيس بوك قبل الخامس من شباط تستجدي الخروج للتظاهر وتتلاعب بالأخبار وظهرت فيها الكثير من الأصوات الطائفية. وحتى الآن فإنها لا تتحلى بالشفافية، والكبريات منها لا تزال تفضل أصوات الأئمة ومشايخ الدين على الأصوات الأخرى وهذا أثار حساسية شرائح كبيرة من المجتمع السوري.
  6. لا أقولأن كل ما يظهر على الشبكة مغلوط، لكن ومع ضخامة الكم من الأخبار والأخبار المضادة أصابت الناس حالة من التبلد تجاه جميع المصادر. حتى التلفزيون السوري لم يسلم من التلفيق والكذب وخاصة في حادثة بلدة البيضا المؤسفة حقاً. أما الجزيرة والعربية فهما لاعبتان على الساحة وليستا متفرجتين حياديتين. فأين يذهب الناس وهم الغالبية الصامتة من الشعب السوري، أمن تحت الدلف إلى تحت المزراب؟
  7. الغالبية العظمى للشعب السوري صامتة، وأعتقد أنها تنتظر وتشاهد وتحسب وتعيد الحساب، وهي في النهاية على ما أعتقد صاحبة الرأي الفصل. أتمنى أن نبدأ الحوار ونبلور الرؤى المستقبلية ونضع الحياة أولاً، ثم تأتي المبادرات والحلول للخروج من الأزمة
تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

أحمد نظير الأتاسي

أنا أستاذ مساعد في قسم التاريخ والدراسات الإجتماعية في جامعة لويزيانا التقنية (لويزيانا، الولايات المتحدة). في عملي الأكاديمي، أدرّس مقدمة لتاريخ العالم، تاريخ الشرق الأوسط (القديم والقروسطي، والحديث). وأعمل أيضاً كرئيس للمركز الإستراتيجي لدراسة التغيير في الشرق الأوسط، SCSCme.

You may also like...

shares