لماذا لا يوقف العالم المذبحة في سوريا ؟

السبت، 9 يوليو 2011

بقلم خابيير بالينثويلا (ظهرت في صحيفة إل باييس الإسبانية)
ترجمة : زياد حدرامي الأميني أكثرمن ألف قتيل بين المدنيين , أكثر من عشرة آلاف معتقل , و أكثر من عشرين ألف لاجىء على كلا جانبي الحدود بين سوريا و تركيا , تلك هي الحصيلة حتى اليوم للقمع الفظيع الذي ترد به عشيرة الأسد على المظاهرات , التي تطالب منذ آذار الماضي بالحد الأدنى من الحريات و الحقوق في هذا البلد العربي المهم . استخدام الأسلحة النارية بما فيها مدافع الدبابات , و قصف البلدات الثائرة يشكلان جزأ من الوسائل التي يرد بها الأخَوَان الأسد , بشار الرئيس الرخو وماهر القائد الدموي , على مطالبات الكثيرين من السوريين. في حالة مشابهة , قرر المجتمع الدولي , بشكل جازم , التدخل في ليبيا القذافي .
اليوم , في خطابه الثالث منذ بدء الاحتجاجات , أهان بشار الأسد ذكاء شعبه و ذكاء بقية العالم . ” لن يكون هناك إصلاحات وسط التخريب و الفوضى”, قال هذا  بينما , على الرغم من الرقابة القاسية التي يمارسها نظامه , نعلم جيداً أن الفوضى و التخريب الموجودين في سوريا هما نتيجة لوحشية قواته القمعية . أضاف أيضا أنه يود الاستماع إلى مطالب المتظاهرين كما هي بدون تشذيب . حسناً , ليس عليه إلا شراء هاتف ذكي , أو كمبيوتر محمول و وصله بالانترنت . هناك سيرى و يسمع مطالبات المتظاهرين  كما هي و كما يرفعونها مباشرة , بدون وسطاء , على  الشبكة , وكما نستطيع متابعتها في كل أرجاء الأرض .
لماذا لا يتدخل المجتمع الدولي في سوريا بينما يقوم بذلك فعلا في ليبيا ؟ السؤال وجيه , و الجواب يشتمل على عناصر شتى , من بينها :
1 – التدخل في ليبيا يطول أكثر من اللازم و البلدان الديموقراطية المشتركة لا تستطيع الالتزام في عملية إنقاذ أخرى حتى تنتهي من الأولى بنجاح . المدة الزائدة عن الحد  للتدخل العادل و الضروري , من وجهة نظري , في ليبيا يمكن عزوها إلى الشروط المحدِّدة المهولة للتفويض الدولي . فهذا التدخل مقيد اليدين : لا يستطيع تسليح و تدريب الثوار , لا يستطيع القيام بعمليات أرضية , يجب أن يقيد الهجمات الجوية … , إضافة إلى ذلك , فإن الولايات المتحدة , مع الأوضاع المعقدة نتيجة الانسحاب من  العراق و استمرار المعارك في أفغانستان , قليلة الفعالية من الناحية العسكرية .
2 – إن سوريا آل الأسد ما زال لديها حُماة في الساحة الدولية . وبما أنها كانت , بلاغياً أكثر من أي شيء آخر , بلداً معارضاً للامبريالية الأميريكية و مدافعاً عن الفلسطينين بمواجهة اسرائيل ,  فروسيا و الصين مترددتان جداً تجاه سقوط النظام . و هذا ما يفسر أن اليسار , و هو ذاته تقريبا الذي يستمر في الدفاع عن كوبا كاسترو , ينظر بنفور إلى عملية محتَمَلَة في سوريا .
3 – في تناقض ظاهري , فإن ما يلائم اسرائيل هي سوريا الاستبدادية التي يحكمها آل الأسد . فالأب حافظ , كما الأبناء , هددوا و يهددون كثيراً  ” الدولة الصهيونية ” , و لكنهم في ساعة الحقيقة لم يقوموا بإطلاق طلقة واحدة ضدها خلال العقود المنصرمة .
4 – تستفيد سوريا آل الأسد في الأوساط الديبلوماسية الغربية من بركة تعليق لهنري كيسنجر , حيث سوريا الأسد , حسب هذا التعليق , ” عامل استقرار في الشرق الأدنى “. و السياسة الواقعية الأوروبية و الأميريكية تخشى أن يكون سقوط نظام هذه العائلية العلوية سبباً في الفوضى , نظراً إلى التعقيدات العرقية و الدينية في البلاد , و كذلك في الجارة اسرائيل , و تركيا , و العراق المُمَّزق  .
في غضون ذلك , يستمر الديموقراطيون السوريون – المُتَّهمون من جديد من قبل بشار بأنهم عملاء القوى الأجنبية أو الإسلاميين الراديكاليين – في إظهار شجاعة استثنائية . فاليوم , بعد الخطاب المخيّب لابن حافظ و شقيق ماهر , عاودوا الخروج إلى الشوارع .

تابعونا على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي:

You may also like...

shares