نقد الثورة السورية-رياض الترك

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث

4 أيلول 2018، في تصريحات رياض الترك الأخيرة

في أول حديث له بعد خروجه متسللا من سوريا… رياض الترك: الخلل اليوم لم يعد بقاء «مجرم الحرب» بشار الأسد


اولا، نسعد بسلامة كل الهاربين من جحيم الديكتاتورية. وبالطبع، السيد رياض الترك يتمتع بصراحة مفقودة عند كثيرين من مدعي العمل في السياسة في سوريا. لكن المقالة اثارت عندي من التساؤلات، اكثر مما قدمت من الاجابات. طبعا كل انسان جابه آلة القمع الاسدية قد ادى لاجيال سوريا الحالية والقادمة خدمة ومثالا يجب ان نعترف به ونقدره. لكن الجدال وتداول الافكار لا علاقة له بسنوات العذاب، ونحن كذلك امام تحد عظيم لابد معه من التركيز على الفكرة وليس على المسيرة النضالية الشخصية. اولا، المعلومات والتحليلات المطروحة في المقالة والمنسوبة الى الترك قديمة في اقل تقدير وفقدت اهميتها منذ زمن. ثانيا، كتابات الجيل الشاب من المفكرين والمحللين تفوق ماقدمه الترك، لكننا نحتفي بالمناضلين القدماء ورمزيتهم ولا نعير اهتماما للجيل الجديد. ثالثا، مفاهيم ومصطلحات الترك، مثل الوطنية والاستقلال وللمؤامرة واولوية الاستقلال وخيانة الغرب وضرورة وحدة الصف الوطني والمعارضة السورية، تنتمي الى الستينات ولم يعد لها اي معنى اليوم. بالاضافة الى ذلك، فان احداث السنوات الماضية اشكلت كل هذه المفاهيم واثبتت وهن مثل هذه الادوات التحليلية في شرح اي شيء وحتى في وضع خطط سياسية للمستقبل. رابعا، ما هو المجلس الوطني، وهل يستحق فعلا ان نعود الى تجربته لنتعلم منها. تجربة المجلس الوطني لا تستحق حتى عناء الذكر. قد نستفيد من المزيد من المعلومات غير المعروفة. خامسا، تقييم جماعة الاخوان قد كان يمكن ان يكون مفهوما اذا كان الترك خارجا من السجن لتوه. لكن بعد سبع سنوات من الحرب، وكم هائل من خرق الجماعة لأبسط اسس بناء وطن للجميع، لن اتردد في اتهامهم بخيانة فكرة الوطن الجامع كما اتهم بها الاسد. جماعة الاخوان الرسمية لا تمثل احدا ولم تمثل احدا إلا نفسها وداعميها من تركيا وقطر، وكانت محاولة التعاون معهم فاشلة من عنوانها. سادسا، لماذا يرمي الترك اللوم على السفير الامريكي فورد وكانه ضحك على المعارضة ضحكة سايكس بيكو. لا احب فورد، لكن الزلمي ومثله نظراؤه الاوروبيون لم يقولوا يوما بانهم يعملون على اسقاط نظام الاسد، لا بل رددوا مرارا ان المعارضة تفهم خطأ انهم مع اسقاط النظام. الى متى نرفع المظلومية شعارا لتبرير فشلنا. وكم من صفعة غدرا يمكن للانسان ان يبرر. سابعا، اما الزعم باننا لا نرى الحقائق والتحليلات العميقة الا عندنا يخرج ابن العم عن صمته فهذا اجحاف بحق الجيل الجديد من المفكرين والمحللين. ولا اعرف ان كان هذا الاحساس تكون عندي فقط ام يراه اخرون، وان كان منشأه المحاور بكسر الواو او المحاور بفتحها. ثامنا، كتب كثيرون مراجعات عن تجارب كثيرة في الثورة وليس للترك قصب السبق في هذا المضمار. وارى انها عملية تسويق لا تليق به بتصويره على انه الاجرأ على نقد الذات والاول في المضمار. تاسعا، كم مرة يحتاج ممارس اية مهنة الى مراجعة الاخطاء والفشل حتى يبدأ يسأل نفسه هل المشكلة بنيوية ان مجرد سوء حظ. معروف عن الترك الابتعاد عن المقابلات والحوارات، لكني فعلا بحاجة الى الاستماع إلى حكاية هذه الاخطاء والمراجعات.

7 أيلول 2018، تقديس رياض الترك

يا اخي التقديس والدفاع الغريزي عن المقدسات يعرقل الفكر الحر النقدي. لا اتكلم هنا عن الاديان او عن اسلمة الثورة، وانما عن المقابلة مع رياض الترك. مقالتين نقد وبعدهما عشرين مقالة دفاع وتذكير بالتاريخ النضالي والرمزية التي لا ياتيها الباطل من اي اتجاه والافكار العظيمة والثورية للاب القائد. يا اخي، ما بدنا نمس الزلمي بسوء بس بدنا نحكي كلمتين مفيدات. عشرين سنة في السجن لا تعصم اي انسان من اخطاء في الممارسة السياسية وفي التحليل السياسي. واذا كان له حساد وعوازل، فلا يعني ذلك ضرورة التحصن والتخندق والرمي رشا ودراكا من اجل حماية الرمز القائد. هل من الممكن ان ننتقد دور الرجل في الثورة السورية بالطبع نعم. ولا يعني هذا التخوين او التشهير. وهل يمكن ان ننتقد مقولاته عن اولوية مصارعة الاحتلالات بدل التركيز على نظام مضعضع. بالطبع ممكن، لا بل ضروري. هل يمكن ان نقول ان هذه المقولات من الناحية التحليلية والعملية خطيرة وغير مبررة وحتى غير حصيفة. بالطبع ممكن. اللي حابب يرد على النقد فليقتصر على النقد، ولا داعي لذكر التاريخ النضالي والتفوق التحليلي والمعصومية السياسية. الرجل قليل الكلام ولا يدافع عن مقولاته وافعاله، هذا حقه، لكن لا يعني هذا تجييش الاقلام للدفاع عن الزعيم فهذا يبدو تبريرا وينعكس سلبا عليه وعلى مواقفه وافعاله. لم ينج اي انسان في هذه الثورة من النقد، ومن يحاول ذلك قصدا او عن غير قصد فلن يزيد الناس الا شكا وتكهنا للغايات واعتمادا على الشائعات والقيل والقال.

Khuzama Turk نظير من حقك انت وغيرك تكتب وتحكي وتنقد ... الخ هذا لا يضير بل يغني .. بس اللي ما حبيتو منك انت بالذات كلمة الأب القائد تقيلة على الأقل بالنسبة لجيل تربى" وانا منه" على هذه الكلمة تنخر روحه ورأسه سنين وسنين ... فعلاً مؤسف ... هو لم يطلب يوماً لا لقب ولا منصب من مانديلا لابن العم ...ولا تقديس من أحد اذا انت شايف هي الكلمة لائقة بحقه ... فمعناها انا كنت غلطانة ومن زمان

Ahmad Nazir Atassi سؤال وجيه جدا، ما معنى اي قول او عمل يمكن ان تخسر بسببه اهلك واصدقاءك. وهل يهم اذا كان هذا القول او الفعل على صواب من وجهة نظرك. انت تضعينني في موقف الخيار. لماذا تربطين عشرة وصداقة براي. هل تريدين مني مثلا ان اقول ان من حوله يعتبرونه الاب القائد وانه لا دخل له بهذه الاعتقادات والممارسات. يعني هو منيح بس اللي حواليه عاطلين. لا اعتقد ان هذا تفسير مناسب. مقالات الدفاع التي اشرت اليها تتعامل مع رياض الترك على انه الاب القائد. لا اعرف اذا كان يرحب او لا او اذا كان واعيا او لا، لكني اعرف ان عقلية الاب الرمز القائد موجودة عند كتاب تلك المقالات. هذه العقلية وهذا المصطلح لا علاقة له بحافظ الاسد وانما موجودان بمعزل عنه وهما جزء من ثقافة شرق اوسطية قديمة. لا تتحسسي من المصطلح ولا تدافعي عن الشخص فانا لا اتعامل مع الشخص وانما مع الظواهر والعلاقات التي تربط السياسي رياض الترك مع العاملين الاخرين في الشان السياسي. يجب ان تعرفي ان انتقاد السياسي الترك اصبح من المستحيلات بسبب جوقة الدفاع المستميتة عنه. لا اعرف ان كان هو منظم هذه الجوقة ام لا ولا اريد ان اعرف. لكني اعرف تماما انها موجودة وانها معيقة وانها تخضع لعقلية الاب القائد. لماذا تخلطين الشخصي بالسياسي. ولماذا تهددين بمراجعة تاريخ شخصي بسبب راي سياسي لا علاقة له بشخص رياض الترك. كيف استطيع ان اقول باني معارض لاقوال وافعال السياسي رياض الترك وباني اشجب جوقة الدفاع التي تحكمها عقلية الاب القائد من دون ان يتهمني القاصي والداني باني اتعدى على شخص رياض الترك وتاريخه النضالي

7 أيلول 2018، مقالات تدافع أو تنتقد رياض الترك

رياض الترك:وهم النظام والعودة

المحامي ادوار حشوة :رياض الترك بين التاريخ النضالي والسياسة !

ملاحظات‭ ‬على‭ ‬مقابلة‭ ‬رياض‭ ‬الترك‭: ‬النقد‭ ‬شامل‭ ‬ومخلص

ثورة رياض الترك

10 أيلول 2018، رياض الترك والممارسة السياسية

في فهم السياسة اتحدث عن السياسة كممارسة ضمن المؤسسات والمجموعات المشتركة في الحكم او التي تسعى الى المشاركة في الحكم. هذه هي السياسة بمعناها الضيق. ولا اضع تعريفات فقد سئمت من العلوم التي تبدا بتعريفات وتنتهي بانتاج ايديولوجيا، اي المجتمع كما يجب ان يكون وليس كما هو. تجد مثل هذا الانتاج الايديولوجي الذي يعتبر نفسه علما في اغلب ما يكتب عن الديمقراطية وما يسمى بالانظمة الديمقراطية. احد معارفي في اوائل التسعينات في فرنسا كان شابا تونسيا شديد الذكاء. والدهاء ايضا. هذا الشاب شارك في الحياة السياسية التونسية في اواخر الثمانينات عندما كان هناك بعض التنافس السياسي. كان الشاب من انصار الحزب الشيوعي التونسي. وتحدث عن عراك حصل في الجامعة بين انصار الحزب وانصار الاسلاميين بسبب انتخابات اتحاد الطلبة. المهم تجابهت مجموعتان كل منهما تنتمي الى حزب بسبب ممارسات بلطجة لتهديد المنتخبين ان صوتوا لهذا ام ذاك. المهم انتهت الانتخابات واكتشف الشاب ان قيادات الحزبين كانت قد اجتمعت سرا وقررت نتائج الانتخابات مسبقا. واما العراك فقد كان لحفظ الخطوط الايديولوجية ولتجييش الانصار والاعضاء. الشاب ترك العمل السياسي، ليس لعدم اخلاقيته كما يظن الناس وانما لانه ليس من القيادات وسئم ان يتلاعب به السياسيون المحترفون. هذا الشاب لم تكن تنقصه الحيلة والدهاء والقدرة التبريرية لتحييد المعايير الاخلاقية التي يقيم بها الناس العمل السياسي عادة. بالنسبة لي هذه القصة في صميم العمل السياسي. الالتزام بالاخلاقيات المتعارف عليها بين الافراد في المجتمع يقتل العمل السياسي، لكن ايضا اشهار الممارسات المنافية للاخلاق الفردية يقتل العمل السياسي. انه تناقض الديمقراطية حيث تقول الايديولوجيا بان الحكم قائم على تسييد ارادة الشعب بينما الممارسة الحقيقية هي صفقات بين النخب المتنفذة كما في المثال اعلاه. ان الانتقال من الحكم الملكي الفردي الى حكم المؤسسات والاحزاب يقوم على هذا التناقض بالذات، ومن دونه لا تقوم الدولة الحديثة الديمقراطية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، اذا عملت النخب كل منها على تحقيق مصالحها من خلال هذه الصفقات فكيف تنشا دولة الخدمات ويتحقق تداول السلطة، اي الديمقراطية، ويتم جمع الضرائب واعادة انفاقها في عملية ضخمة من اعادة توزيع الثروة هي اساس الديمقراطيات الحديثة التي نشات بعد الحرب العالمية الثانية. الدولة ومنظومتها تنشا في الحقيقة من التزام النخب والمجموعات المشاركة في الحكم ببعض القواعد. كل توليفة من القواعد تعطي نظاما مختلفا للحكم. ما يسمى بالنظام الديمقراطي يقوم على قواعد مثل عدم الاقصاء من اللعبة السياسية، وطبعا عدم ادخال لاعبين جدد. وكذلك يقوم على تداول المناصب التشريعية والتنفيذية من خلال صناديق الاقتراع. عمليا صناديق الاقتراع ليست جوهر الديمقراطية وانما اداة بسيطة من ادواتها يمكن استبداله باية اداة اخرى مادامت تحقق هذا التداول. وعنصر العشوائية في الاقتراع يمكن الحصول عليه بالقرعة مثلا. لكن الحملات الانتخابية اساسية لتجييش الانصار وتعطي الانطباع بالاحقية بالحكم استنادا الى الايديولوجيا القائلة بان الاقتراع يعبر عن رغبة الشعب. اذن الاقتراع ضروري للشرعية وليس من اجل تنفيذ رغبة الشعب، الشعب مفهوم ايديولوجي ليس له اي وجود واقعي لكنه مفهوم اساسي في شرعنة النخبة الحاكمة. اذن الدولة تنشا من اللعبة السياسية ومن التزام النخب بقواعدها المتفق عليها وليس من الرغبة الوطنية الصادقة باقامة نظام حكم يجمع الامة ويعبر عنها او من حاجة الناس الى الدولة كما تفلسف علينا فلاسفة الليبرالية في القرن التاسع عشر. وبالتالي فان الوظيفة الطبيعية والمنطقية لاي حزب حديث هو الوصول الى السلطة. فاذا احتكرها نشات ديكتاتورية الحزب الواحد واذا داولها بالاقتراع الشعبي نشات ديمقراطية. لكن الاحزاب ليس هي الوحيدة التي تتداول السلطة وتصنع الدولة، هذا اعتقاد شائع وخاطئ منذ اربعينات وخمسينات القرن العشرين في سوريا. الاحزاب هي الواجهات التي تحكم من خلالها تحالفات النخب المختلفة. يعني ان يدعم رجال الاعمال مثلا حزبا ما بالاموال فهو امر طبيعي، لا بل ان الحزب الذي يقوم على الايديولوجيا فقط دون اي تحالف مجتمعي عريض للنخب الاقتصادية والثقافية وغيرها هو حزب مراهق سينتهي حتما بديكتاتورية قياداته اذا وصل الى الحكم. وهذا كان حال كل الاحزاب السورية. وتوقعاتي ان الديكتاتورية كانت ستقوم لو استلم اي حزب الحكم بدل البعث. الطعمة فقط تختلف. اسف لكل من كان اهلهم يعملون فيما يسمى السياسة في سوريا، كلهم كانوا مشاريع ديكتاتوريات بطعمات مختلفة. لا بل الانكى من ذلك ان هذه الاحزاب اعتمدت على دعم دول خارجية للوصول الى الحكم اكثر من اعتمادها على تحالفات داخلية. وللاسف لا يزال الارتهان للخارج احد اسس العمل السياسي في سوريا، الرسمي والمعارض، وخاصة اليوم. حكاية ان الحزب الفلاني يعتمد على اشتراكات اعضائه ما هي الا ايديولوجيا محببة للاحزاب السورية لان الثقافة السورية تشدد على ممارسات طهرانية طفولية مستقاة من هامشية سوريا في الدولة العثمانية ومن عدم تمكن النخب السياسية من ممارسة الحكم اثناء الانتداب الفرنسي، بالاضافة الى ثقافة سياسية تستقي خطابها ومفاهيمها واساطيرها من حكايات اسلامية قديمة مثل دولة الرسول وعدالة عمر وسذاجة عثمان وطهرانية ابي ذر الغفاري وعلي بن ابي طالب والملك العضوض المزعوم للاسرة الاموية. يتبع ... اذن وظيفة قيادة اي حزب الطبيعية وفي اية منظومة سياسية هي الوصول الى الحكم او المشاركة فيه. فاذا لم يستطع اي حزب المشاركة في الحكم حتى ولو بمناصب بسيطة فانه لن يحصل على الخبرة اللازمة في ادارة الدولة وفي المناورة ضمن لعبتها السياسية وفي التعاملات الديبلوماسية مع الدول الاخرى. وللاسف فهذا ما حصل مع ما يسمى احزاب المعارضة في سوريا، وليس هذا خطاها وانما خطا الديكتاتورية. فبقيت مجموعات تمتهن العمل السري التآمري واصدار البيانات الشاجبة والمزاودات الايديولوحية والافتقار الى برنامج حقيقي اقتصادي ومؤسساتي واللعب على التوازنات الدولية من اجل الضغط على النظام القائم لاشراكها في الحكم. لكن الطامة الكبرى حصلت حينما ادعت هذه الاحزاب قدرتها على ممارسة السياسة الحقيقية مع قيام الثورة السورية الشعبية. لم تستطع هذه الاحزاب التاثير على الارض خلال الاشهر الاولى لاسباب لوجستية بحتة منها نقص الكوادر على الارض ونقص الاموال والافتقار الى منصات اعلامية وضعف تحالفاتها الدولية، بالاضافة الى مشاكلها السابقة الذكر وملل الشباب من خطابها الخشبي وايديولوحياتها العقيمة. لكن الحال بدا مختلفا بعض الشيء عند جماعة الاخوان المسلمين في المهجر فهي جماعة منظمة ولها قيادة خارج سوريا ولدبها شبكة واسعة لتامين الموارد المالية ويمكنها الاعتماد على اعداد هائلة من الشباب، لكن غير الاعضاء، هم ابناء الاخوان المهاجرين. وكذلك فان نجاح الاخوان في تونس ومصر اعطى زخما وبعدا اقليميا وعالميا للتحالف الاخواني القطري التركي. لقد اصبح للاخوان منصة اعلامية هي الجزيرة ووجود لوجستي على الحدود امنته تركيا ودعم مالي من قطر وشبكة الاعضاء السابقين والداعم الدولي المتمثل بقطر وتركيا. كل ما كان ينقصهم هو التواجد في سوريا على الارض. ورغم الجهود الهائلة لابناء المهاجرين في جذب الثورة الى المنصات والموارد المادية والبشرية الاخوانية الا ان الغياب التاريخي الذي دام ثلاثين سنة كان معناه ان الجيل الجديد، وسوريا يتضاعف عدد سكانها كل عشرين سنة، الذي قام بالثورة لا يعرف الكثير عن الاخوان. لكن الثورة كانت قصيرة جدا اذ استطاع النظام خنقها خلال خمسة اشهر. في شهر آب من عام 2011 لم يكن عند النشطاء من منفذ الا المنصات والموارد التي يؤمنها المهاجرون وابناؤهم، واهمهم شبكة الاخوان. فقط في هذا الجو الخانق ظهرت مجموعات المهاجرين وابنائهم على السطح مثل الهيئة العامة للثورة واتحاد التنسيقيات وشبكة شام. وفقط بعد ذلك بشهر او شهرين استطاعت المعارضة القديمة اظهار نفسها فيما يسمى بالمجلس الوطني. ان اجهاض ثورة الداخل هو الذي رفع من اسهم هذه المعارضة رغم كل مشاكلها القاتلة التي ذكرتها. ولم تخب التوقعات فقد كان المجلس الوطتي مسرحية سقيمة في المراهقة السياسية والفشل المؤسساتي وخبرات الخمسينات والستينات والسبعينات القائمة على المزاودة والبيان الشاجب والتامر على المنافسين والارتهان للدول المانحة. وكما هو متوقع فقد برزت في المحلس الوطني القوة الوحيدة المنظمة والمزودة ماليا وبشريا، اي الاخوان. لكن لا يستطيع الاخوان ان يظهروا سيطرتهم الساحقة على المجلس اذا ارادوا تاكيد زعمهم بقيادة الثورة وتمثيلها، والا صدقت مزاعم النظام بان الثورة ليست الا الحلقة الثاتية من المسلسل الاخواني الذي بدا في السبعينات وفشل فشلا ذريعا. لذلك كان الاخوان بحاجة الى حليف يعطيهم مظهر التشاركية والتعددية. هذا الحليف كان اعلان دمشق والقوة الاكبر فيه المتمثلة بحزب الشعب الديمقراطي. لذلك كان قرار الزعيم الحقيقي للحزب رياض الترك سريعا وواضحا وحاسما، رغم معارضة القواعد الحزبية لهذا القرار، واعني التحالف مع الاخوان في المجلس الوطني. وهو تحالف اقدم يعود الى بداية الالفية وكان التحالف الواقعي الوحيد القادر على التفاوض مع الاسد باستغلال الضغوط الدولية عليه خاصة بعد حرب العراق. الترك فعل ما كان من المنطقي ان يفعله قائد اي حزب، فوظيفته هي ايصال الحزب الى المشاركة في السلطة. اما مهمة الاصلاح فهي متضمنة في مفهوم المعارضة. نحن معارضة النظام الاسدي المجرم اذن نحن دعاة الاصلاح وادواته. حاول الترك تطوير البرنامج السياسي لحزبه واعطائه صورة حديثة لكنه لم يستطع توسيع قواعده لاسباب قمعية مفهومة. التحالف مع الاخوان يشبه ما فعله ياسر عرفات في اتفاقيات اوسلو اي اذا اردت ان احقق الحلم قبل ان اموت فيحب استغلال اية فرصة في هذا الجو الجاف. النتيجة كانت بالطبع كارثية. وهذه هي نظريتي عن تحالف حزب الشعب مع الاخوان في المجلس الوطني. بالطبع قبل الثورة كانت الحالة مختلفة والفرص السانحة شبه معدومة. لذلك فقد كان التحالف مع الاخوان يومها عنوانا للعبقرية السياسية لرياض الترك. لكن القرار نفسه في ظل الثورة له تقييم جديد. باعتقادي ان الترك مثله مثل كل ابناء جيله بما فيهم الاخوان وبرهان غليون رئيس المجلس الذي انتقاه الاخوان كانوا يعتقدون ان الثورة ليست الا جنونا وطيشا لن يطول الزمن قبل ان يسحقه النظام. كان اعتقادهم منطقيا والحقيقة ان شكوكا مماثلة كانت تراودني خلال الشهرين الاولين. الترك والاخوان وجيلهم كانوا محقين في شكوكهم وجاء الشهر الثامن ليثبت معارفهم القديمة والمجربة. لكن كانت هناك فرصة سياسية عظيمة لابد من استغلالها لطالما استخدمتها الاحزاب السورية وهي انشاء مجلس معارضة يدعي تمثيل الثورة ومن ثم اللعب على التوازنات الدولية من اجل احراج الغرب في التدخل وبالتالي اجبار النظام على اشراكهم في الحكم وهذا فعلا كان برنامج المحلس الوطني ... يتبع هذا بالضبط كان الخطأ في تقديرات رياض الترك. لكن ليس الاخوان، فهؤلاء كان لديهم دوما خيار اخر لا يمكن للترك ان يحققه وهو الخيار العسكري. في الحقيقة لقد كان الاخوان يعدون العدة لعسكرة الثورة منذ اليوم الاول وحالما اخذت قطر قرارها، وجاء بعد اشهر من البداية، بدعم الثور اولا بالجزيرة ومن ثم بالمال والسلاح حتى اغرق الاخوان وغيرهم المجتمع السوري بالسلاح الخفيف ظانين ان حرب العصابات تكفي. وهو بالضبط ما كان النظام يريده ويحضر له ايضا. لا بل اضاف النظام بعض البهارات وهي السلفية الجهادية الى الخلطة لتكون ذريعته واضحة جدا، اي محاربة الارهاب الاسلامي السني. ولذلك وعندما يقول الترك في مقابلته الاخيرة ان روبرت فورد كذب على الثورة وان الغرب لم يكن يريد مساعدة الثورة ابدا فانه يعني ان المجلس الوطني فشل في تامين التدخل الخارحي. الحقيقة ان روبرت فورد، وهذا من العديد من المصادر، ردد عشرات المرات وبوضوح ولكل شخص قابله ان امريكا لن تتدخل في سوريا عسكربا، وانها ستدعم السكان اغاثيا وستندد بهمجية النظام لكن التدخل العسكري كما في ليبيا لم يكن ابدا على الطاولة ولا في اي وقت من الاوقات. كل ما ارادته امريكا هو استغلال الوضع للضغط على النظام من اجل اعطاء بعض الحقائب الوزارية للمعارضة القديمة، ثم انتقل تركيزها كليا الى ايران وما ظن اوباما بانه لعبة ذكية منه لاجبار ايران على التخلي عن سلاحها النووي الذي لا تملكه لكنها استطاعت اقناع اوباما بانها اما تملكه او انها قاب قوسين او ادنى من ذلك. اما اوروبا فقد دعمت المجلس الوطني سياسيا لكنها لم تعرض التدخل العسكري ابدا. واذا رجعنا الى جنيف واحد فاننا سنرى بوضوح سقف الغايات الاورويية، وهو اجبار النظام على التفاوض مع المعارضة من اجل انشاء حكومة توافق لا اكثر ولا اقل. وهو مشروع قديم يعود الى الفترة حتى 2005 حيث وعدت اوروبا بشار الاسد بانقاذه من الورطة الامريكية مقابل ادخاله في الشراكة المتوسطية وجعله اقتصاديا تابعا للسوق الاوروبية. خلال ذلك الوقت قام الاوروبيون بتحضير قانون الادارة المحلية ومقترحات لاعادة هيكلة المالية السورية وادخال المصارف الخاصة وانهاء دعم المواد الاساسية وضخ القروض الدولية. يومها بقي الاسد يومئ براسه نعم الى ان جاء الفرج من قطر. ضخت قطر اموالها في سوريا وتم تاطير راس المال المغترب ضمن الشركات القابضة وتمت خصخصة القطاع العام من خلال رمرمته. ورمى الاسد بالمقترحات الاوروبية في الزبالة. والمضحك هو ان اول تنازلات الاسد كانت في حزيران حين اقر قانون الادارة المحلية الذي وضعه الاوروبيون على مكتبه عام 2005. فاما ان رياض الترك لم يفهم الرسائل الامريكية والغربية بشان التدخل او انه فهمها لكنه اعتقد ان تحالفه مع الاخوان قادر على احراج الغرب واجباره على التدخل. اما حديثه عن ان قيادة الثورة يجب ان تكون من الداخل وان الاخوان خدعوه وادخلوا اعوانهم من خلال التوسعات المستمرة فهو صعب التصديق لان فكرة المجلس الوطني كلها كانت تقوم على ادعاء تمثيل الثورة وعلى معرفة ان التظاهرات كانت قد اختنقت قبل شهر من بداية محادثات المجلس الوطني، علنيا على الاقل. اذا اعتقد الترك كما قال في المقابلة الاخيرة بان كان هناك اخطاء فاني اطالبه ان يشرح لنا هذه الاخطاء، وساجعل المهمة سهلة، فقط حكاية المجلس الوطني والتحالف مع الاخوان وفشل نظرية التدخل. يمكن ان نؤجل الى يوم اخر محادثات الدوحة لتشكيل الائتلاف وخروج اعلان دمشق من المولد بلا حمص وتلافي ذلك لاحقا بادخال جورج صبرة. لماذا يصر الترك على التحالف مع الاخوان والى النهاية، واعتقد دون معرفة قواعد حزبه. ولماذ خرج علينا بنظرية مقاومة الاحتلالات الروسية والايرانية بدل التركيز على النظام، هل هو تحالف جديد مع الاخوان ام حيلة سقيمة من حيل المعارضة. ولماذا يريد الترك مراجعة ما يعتقده اخطاءا اليوم وليس منذ سنتين او ثلاثة، او منذ سبع سنوات حين عبر الكثيرون عن خطا التحالف مع الاخوان واشاروا الى سوء قيادة المجلس الوطني والى عدم واقعية التدخل الخارجي والى خطا تحييد الشباب من الداخل وتسليم الامور الى العجايز. بالنسبة لي قرارات رياض الترك التي حاولت اثباتها هنا كانت لعبة فردية ديكتاتورية اساءت الى كل من آمن وعرف ان ثورة الاخوان في السبعينات كانت مراهقة قاتلة وان اخونة الثورة كانت ستعيد نفس المسرحية وان استراتيجية جذب التدخل الخارجي كانت خاطئة ومدمرة وان كل جيل العجايز لم يؤمن يوما بثورة الشباب لكنه ركبها دون خجل وكان الافضل التركيز على بناء القواعد في الداخل بدل اللعب على التوازنات الدولية. ارجوك لا تقل لنا هجمة امبريالية شرسة ولا تترك جوقة الدفاع عن مانديلا سوريا تعزف الحانها السقيمة في تمجيد الرمز، واعرف انك لا تتحكم بها لكنك تستطيع اسكاتها فانت تعرف كم هم مطيعون ذلك الجيل القديم. اما التكتيك القديم في الصمت وترك الكلاب تنبح على بعضها فلن ينجح هذه المرة. ارث جيلكم التاريخي ليس في يدكم بل في يدنا وتاكد اني شخصيا لن اترك انسانا شارك في مهزلة المجلس الوطني والائتلاف من قلمي. اعتبروا هذا المقالة ثورة على الاباء كان يجب ان تحصل منذ سبع سنوات.

14 أيلول 2018، لماذا انتقدت رياض الترك

حول رياض الترك واليسار السوري: مقاربة نقدية


شكرا جزيلا اخ ماهر على المقالة. كنت انتظر مثلها منذ زمن. اسمح لي ان اقول ان نقدي للترك لم يكن مبنيا فقط على تحالفه مع الاخوان، رغم ان البوست الاخير تحدث عن هذا فقط. اشاركك الراي في كل ما تقدمت به من نقد لليسار السوري. خياري التركيز على التحالف مع الاخوان تكتيكي. لا اريد اختصار اليسار برياض الترك او حزبه، لكني اعتقدا ان نقد تجربة المجلس الوطني بداية جيدة قد يهتم بها اليساري وغير اليساري. لاحظ اني بدات البوست بتنظير مختصر عن مفهوم العمل السياسي وجعلت انتقاد الترك جزءا من هذا المنحى العام ومثالا عليه. اليوم انت تنتقد ايديولوجيا اليسار بالاضافة الى ممارساتهم السيلسية. اعتقد ان لدينا مشروع جدي ليس لمئاجعة التاريخ فقط وانما ايضا لبنلء شيء جديد. واسمح لي اخيرا ان اعارض فكرتك عن واقعية العمل العسكري. كمؤرخ استطيع ان اقول ان اي عمل معارض يقوم على العنف اصبح مستحيلا في ضوء القدرات الضخمة الفتاكة للتكنولوجيا الحربية الحديثة والقدرات الاستعلامية الهائلة لتكتولوجيا الاتصالات. اي عمل معارض عنفي هو جنون مطلق لا يمكن ان ينجح. وقد اثبت المجتمع الدولي في الثورة السورية انه لن يسمح بمثل هضا العمل الا اذا جيره لاغراضه الخاصة وتحكم به كليا. المعارضة الدولية للثورة لك تات من اسلمتها بل من ثوريتها.

3 ديسمبر، تعقيباً على كلمة رياض الترك في باريس

كلمة رياض الترك في باريس كلمة رياض الترك في باريس 2018

لا تزال الاسئلة قائمة، كيف تحارب النظام من خلال محاربة الاحتلال. كيف تنظر بعين النقد الى المعارضة الفاشلة اصلا، كيف تبني تمثيل موحد للشعب الثائر اذا كان هذا لم يتحقق ابدا، ماذا تجني من هذا التوحيد، كيف تطلب من الاسلاميين ما لم يستطيعوا عبر اجيال ان ينقدوه او يغيروه، كيف تعطي القيادة للاجيال الشابة وهي قيادة مزعومة وغير حقيقية، كيف تطالب بالديمقراطية في بلد ليس له تجربة بالديمقراطية، كيف تلعب على التناقضات الدولية دون الارتهان لقوى معينة، كيف تبني الديمقراطية في بلد مهدم ودولة فاشلة وهشة، من هي الثورات المضادة وكيف تتعامل معها، وكيف نستمع لم لديه خبرة بمقارعة الاستبداد اذا لم يستطع اثبات وجوده، واسئلة اخرى كثيرة تبدو لي المقالة كخطاب انتخابي وليس كمشروع عمل.