مسألة التسليح
7 آذار، 2012
مسألة التسليح أريد شرح وضع معقد جداً حيث يبدو أن الناس عندهم صورة مبسطة ومثالية. أنا لا أتهكم على الشهداء ولا أتهكم عمن يدافع عن بيته. الحقيقة أن الصورة غائمة وصورة المناضل الذي يحمل الرشاش بيد والقرآن باليد الآخرى أصبحت طاغية بفعل الدعاية التي قام بها المسلحون أنفسهم والسماسرة الذين يعملون معهم لإقناع الناس بضرورة التبرع أحياناً عن حسن نية وأحياناً أخرى عن سوء نية. التسلح في كل حي من أحياء حمص له صورة مختلفة عن الأحياء الأخرى، وهذا ينطبق على كل مدينة في سوريا. أولاً يجب أن يكون واضحاً للجميع أن الجيش الحر الذي يرأسه رياض الاسعد ليس إلا إسم يتغطى به المسلحون. يعني الاسعد لا يمون على أي من المسلحين ولا يعطيهم أوامر ولا يعين ضباط للقيادة ولا يعرف ماذا يفعلون ولا يشرف على التمويل ولاعلى العمليات. إذاً عندما نقول أن الجماعة الفلانية من الجيش الحر فهذا لا يعني أي شيء ومنذ البداية استخدم المسلحون هذه التسمية حتى لا يؤثروا على صورة سلمية الثورة. وحتى فيديوهات الإنشقاقات في البداية كانت مفبركة كجزء من حرب إعلامية ضد النظام. ولا أقول هذا لأني مع النظام أو ضده، أنا أقول ما أعرف، وقد نجح هذا الأسلوب إلى حد ما لكنه اصبح عالة على الثورة ولهذا أنتقده. وأوجه الإنتقادات للأعمال والممارسات التي اصبحت مؤذية لنا. المسلحين في بابا عمرو أغلبهم من المدنيين. التسليح بدأ في بابا عمرو بين العشائر منذ الأسابيع الأولى للثورة ولا يزال الطابع العشائري هو الغالب على مجموعات المقاتلين في حمص. هؤلاء اتخذوا خياراً لكنه لم يكن الخيار الوحيد ولم يكن الخيار الوحيد على طول الخط. نعم في بابا عمرو 29 مجموعة مسلحة من المدنيين وكل مجموعة لها زعيم خاص مدني وليس ضابط ولا علاقة له بالجيش الحر. هناك ضباط يستعين بهم المقاتلون عند حصول هجمات من النظام فقط كمستشارين. سرقات وتصفيات وصراعات على الأموال حصلت. لكن هذا طبيعي، ما أعترض عليه هو غياب التنظيم والمشروع. يعني إذا كان هدفك إسقاط النظام فيجب أن تذهب وتسقط النظام لا أن تجلس في البيت وتنتظر إلى أن يأتي النظام لعندك. في بابا عمرو لوحدها ما يزيد عن الألف مقاتل موزعين على مجموعات يقودها مدنيون، ليس عندهم مشروع ولا مخطط ولا رؤية للمستقبل، ومستوطنون في الحي بانتظار الإجتياح القادم. الطرح الذي أقدمه هو تقسيم المقاتلين إلى مجموعات هجومية من 5 إلى 10 أشخاص. يعني بدل شراء 1000 روسية لتسليح ألف مواطن، يمكن شراء 100 روسية و100 آربي جي و300 قذيفة وقنابل يديوية هجومية وقناصات بعيدة المدى. يمكن تشكيل عشرة فرق كل فريق فيه 10 مقاتلين مجهزين بتجهيز عالي ومدربين (لأن المقاتلين في بابا عمرو غير مدربين، أي غير مدربين على الهجوم) وتتوزع الفرق على شبكة مخابئ آمنة في كل المدينة وحتى القطر ويتم تحديد الأهداف مركزياً وإسناد هدف لكل فريق أو أكثر. هذه الاهداف القصد منها إستنزاف البنية التحتية للنظام من مخازن أسلحة وثكنات ومراكز إعتقال ومراكز مخابرات وخزانات وقود. تدمير هذه الأهداف يحتاج إلى أسلحة هجومية ويحتاج إلى مهارة وتدريب. للأسف المسلحون في بابا عمر غير مدربين وغير مستعدين للتعاون مع الجماعات الأخرى وتشكيل قيادة مركزية تضع الأهداف وتوزع الفرق على المخابئ وتنظم تدوير الفرق على المخابئ حتى لا يبقوا في مكان واحد. السبب هو أن التمويل يصل بشكل متفرق وهناك جامعين وسماسرة في الخليج والقاهرة واسطنبول وغيرها يعملون لصالح مجموعات محددة. لما واحد بيطلب منكم مصاري اسألوه لوين رايحة وباسم مين عم تنجمع وباسم مين رح تنبعت وشو رح يصير فيها. التمويل العشوائي هو الذي أدى إلى ظهور مجموعات منفصلة. وكل ما قلته هو أنه من الغباء البقاء في بابا عمرو بهذا الشكل مادامت النتيجة معروفة وهي الإنسحاب التكتيكي فلا هم حموا الناس ولا هم أسقطوا النظام أو حتى ضربوا موقعاً حساساً من مواقعه. النظام كان أذكى منهم وقصفهم من بعيد وأرسل لهم أرتالاً من المجندين العاديين الذين ماتوا جميعاً ثم دخلت الفرقة الرابعة. يعني بالمختصر المفيد النظام عنده مخطط والمقاتلين ما عندهم وقد حان الوقت لأن يكون عندهم لكن كيف تقنع مدنيين بالتخلي عن سلاحهم إذا كان قائدهم من العشيرة وإذا كانت الأموال تصل باسمهم فقط دون الباقين ومن ضمنها تمويل لإعاشتهم وعائلاتهم فقط