كيف نحل مشكلتنا-انسجام الإنتماءات

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
انسجام الكيانات 1
انسجام الكيانات 2

السير باتجاه مقارب لا معاكس

نخطو الآن خطوة متقدمة جداً (برأيي) على درب حل مشكلتنا. حيث سنسعى لحل التناقضات بين انتماءاتنا المتعددة. أقدم هنا شكلاً رسومياً مبسطاً يمكن أن يساعدنا على كشف بعض التناقضات في كلام كل منا. وهذا سيمكننا بالتدريج من تجميع أفكارنا ومن ثم تنسيقها وسيسمح لاحقاً بتجميع أعمالنا. وسأشرح كيفية استخدام الشكل من خلال مثال بسيط ومحايد لأنه بعيد عن البيئة المحلية وهو استخدام أميرة الدانمرك الدراجة لنقل أبنائها إلى مدرستهم فوق الثلج (المثال موجود في بوست سابق)

*********

استعصاؤنا الفكري الناتج عن تناقض الانتماءات

في الحقيقة كلمة (نحن) غير واضحة في أذهاننا وهذه أحد أسباب مصيبتنا لأننا نستخدمها بعدة معان في الجملة الواحدة كأن يقول أحدنا (نحن أكرم خلق الله عبر التاريخ ونحن الآن لا نجد من يساعدنا والعالم يريد تدميرنا) هنا يخلط الإنسان الانتماء للأمة والدين بالانتماء للدولة بالانتماء للمدينة بالانتماء للطائفة ومما يساعد على الخلط جهل المتكلم بإدارة منظومة المدينة والدولة وجهله بإدارة المنظومة العالمية. نتيجة العبارة هي تجميد قدرة الإنسان على الفهم وبالتالي تجميد قدرته على العمل للنهوض بنفسه وبمن حوله. والخطر في العبارة شديد جداً لأن الناس تسر لسماعها ويشجع سامعها قائلها وبالتالي يشجع كل منا الآخر على حشو رأسه بأفكار لا تؤدي إلى أي عمل إيجابي وهكذا يقوم الملايين بتضييع أعمار بعضهم في حالة انتحار جماعي عجيب

من أجل ذلك بدأت سلسلة (كيف نحل مشكلتنا) وخلال تسعة أشهر طويلة وصعبة قمت بتوضيح الفوارق بين انتماءاتنا المتعددة حيث بحثت بشكل مستفيض كل انتماء وارتباطاته وتناقضاته المفتعلة مع الانتماءات الأخرى.
********

شكل يلخص الانتماءات والعلاقات فيما بينها

عنوان الشكل هو "أنا أنتمي إلى .. أنا جزء من .. ". كل مستطيل في الشكل يعبر عن كيان ننتمي إليه وقد تم شرح كل مستطيل بشكل مستفيض سابقاً. نرى في هذا الشكل كيف أن كل إنسان ينتمي لجسده. وطبيعة انتمائه لجسده وطبيعة تعامله مع هذا الجسد يتعلق بطبيعة فكر الإنسان ومبادئه ودينه وأخلاقه. هذا الفكر الذي يتفاعل من خلال الجسم مع كل الكيانات الأخرى ولتوضيح التفاعل بين الفكر والجسد هناك خط بسهمين بين الجسد وبين الفكر. ثم هناك سهم من الجسد إلى الأسرة. فكل منا ينتمي لأسرته. وانطلاقاً من الأسرة هناك سهم للقبيلة فنحن ننتمي لعائلتنا الكبيرة العرقية. في الحقيقة قد لا يكون انتماؤنا للقبيلة كبيراً وإنما يقتصر في المجتمعات المدنية على الارتباط بالعائلات ذوي القرابة من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة كعائلات الأعمام والعمات والأخوال والخالات. هناك سهم مهم جداً من الأسرة للبيت أو الدار موطن سكن الأسرة فنحن ننتمي لبيتنا الذي نسكن فيه. هذا النقلة مهمة جداً حيث أنها تشكل حداً فاصلاً بين الحياة البدوية وبين الحياة الحضرية فارتباط الإنسان بمكان سكنه هو الأساس العميق الذي يبنى عليه التنظيم الاجتماعي والمدني والاقتصادي والسياسي. وكذلك هناك سهم من الأسرة نحو الطائفة فنحن ننتمي لطائفتنا. غالباً ما تأخذ الطائفة شكلاً دينياً أو مذهبياً ولكنها في الحقيقة تتعلق غالباً بأبعاد عرقية أو اجتماعية حيث يكون هناك يكون هناك ارتباط خاص بين أفراد الطائفة يقوي العلاقة بين أفرادها بالمقارنة مع بقية افراد المجتمع. نرى بشكل طبيعي أن هناك أسهماً بين البيت (أو الدار) وبين الحي والمدينة والدولة والمنظومة الدولية فمن مجموعة البيوت يتشكل الحي وبالتالي فنحن ننتمي لحينا ومن مجموعة الأحياء تتشكل المدينة وبالتالي نحن ننتمي لمدينتنا (أو قريتنا) ومن مجموعة المدن والأرياف والبدو تتشكل الدولة وبالتالي نحن ننتمي لدولتنا. ومن مجموعة الدول تتشكل المنظومة العالمية وبالتالي نحن ننتمي للمنظومة العالمية. بشكل مشابه من مجموعة أبناء الأمة الموزعين في طوائف وأقليات وأكثريات تتشكل الأمة. من مجموع الأمم يتشكل المجموع البشري ولكن إدارة المجموع البشري يتم من خلال التركيبة السياسية العالمية وبالتالي نحن نعبر عن انتمائنا للبشرية من خلال فهمنا للأمة ومن خلال المنظومة العالمية أيضاً

من خلال تفاعل البشر مع البيئة تتوضح طبيعة انتمائنا للأرض.

الأرض جزء من الكون الرحيب وطبيعة انتمائنا للمجموعة الشمسية وللكواكب والنجوم هي فكرية فلسفية أكثر منها مادية فنحن لا نؤثر بها كثيراً رغم أننا ننتمي إلى الكون الذي يجمعنا معها

لا بد أن اشير هنا إلى أنني قمت بتمثيل بعض الكيانات المهمة التي ننتمي إليها وليس كل الكيانات لأن الغاية تعميق إحساسنا بهذه الكيانات وتخفيف التناقضات فيما بينها
عند الضرورة في بعض الأحاديث ربما نضيف بعض الكيانات مثل كيان الجامعة أو كيان المعمل أو النادي أو الجمعية .. الخ..
*****

لا قيمة للانتماء بدون فهم والتزام

نشعر مثلاً بشكل غريزي بالانتماء لجسمنا ولأسرتنا ولكن عدم وعينا لانتمائنا لجسمنا قد يدفعنا إلى تناول كل ما هو لذيذ مما يؤدي للسمنة والأمراض. كذلك الاكتفاء ببناء الأسرة بناء على العاطفة أو الغريزة قد يشقي الأم التي تصبح غريزة الأمومة عندها أقوى من غريزة الجنس بينما لا يحدث ذلك عند الرجل مما قد يمزق الأسرة. بينما بناء الأسرة السليم يبنى على أساس مشروع طويل يدرك فيه الزوجان الاختلاف الطبيعي بين الذكر والانثى وبين وظائفهما وكيف يمكن لهما أن يتكاملان من خلال التزامهما بالقيام بأدوارهما خلال فترة الحياة من أجل سعادتهما وسعادة اطفالهما وبناء المجتمع من حولهما. الطامة الكبرى التي تدمر الأسرة هي ظن أحد الزوجين أن صالحه الخاص متناقض مع صالح الأسرة العام. هذا الكلام ينطبق على كيان الأسرة كما أنه ينطبق على الانتماءات الأكبر. في مجتمعاتنا غالباً ما تتكفل الأسرة بإشعار الطفل بأنه منتم للطائفة والقبيلة والأمة ولكن في كثير من الأحيان يكون الانتماء عاطفياً سلبياً على مبدأ (أنا و أخوي ع ابن عمي وأنا وابن عمي ع الغريب!!) أما الانتماء للحي والمدينة وللدولة وللكيان العالمي والبشرية والبيئة الأرضية فأهالي منطقتنا في أكثر الأحيان لم يستوعبوه لأن هذا الانتماء يأتي من خلال شرح وممارسة خلال مراحل التعليم الأساسي تؤدي إلى التزام بفعل حقيقي يبني الكيانات التي ننتمي إليها. فالإدعاء بأننا "نحب مدينتنا" لا معنى له ما لم نكن نعرف بشكل علمي تاريخ المدينة وتركيبتها السكانية والتناقضات المجتمعية فيها ووضعها الاقتصادي والعمراني وكيف تغير هذا الوضع في الفترات الماضية وكيف يمكننا المشاركة في برامج بناءة نشارك من خلالها جيراننا في بناء المدينة. من ناحية ثانية غالباً ما يستخدم الانتماء للكيان الأصغر بشكل متناقض مع انتمائنا للكيان الأكبر بدلاً من أن يكون منسجماً معه. فغالباً ما نكون مستعدين لقطع الأشجار بشكل غير قانوني أمام بيتنا لتوسيعه نتيجة إحساسنا بانتمائنا للبيت أكثر بكثير من انتمائنا للحي. كذلك كثيراً ما يكون انتماؤنا لطائفتنا غير واع بحيث تتحول الطائفة أو العشيرة إلى وسيلة لشل إدارة المدينة أو الدولة التي نعيش فيها بدلاً من أن تكون عاملاً مساعداً على النهوض بها. الخطير هنا أن الكيانات التي ننتمي إليها تنهار تلقائياً إذا انعدم وعي أجزائها لها. فالأسرة التي لا يجد أي من الزوجين مصلحة له في استمرارها ستتفتت بالطلاق. والحي الذي سيسعى كل سكانه لقطع أشجاره واقتطاع أرصفته وشوارعه لتوسيع بيوتهم سيكرهه الجميع ويتحول إلى مكب للقمامة والمدينة التي لا يساهم عدد كاف من سكانها ببنائها (وفق مشاريع حقيقية وليس وفق عواطف ومشاريع مبنية على مصالح شخصية) ستتفكك وربما تدمر بالصواريخ والطائرات والمدافع. وكيان الدولة لم يمارس أي مواطن فيها انتماءها لها ولم يعرف كيف يساهم في إدارتها وتطويرها ذلك الكيان الذي تفرح كل طائفة فيه وكل قبيلة فيه وكل مدينة فيه بتميزها المبني على الانتقاص من الآخرين وعلى تطوير الشعور بالظلم المزعوم الذي تمت ممارسته تاريخياً ضدها كيان الدولة هذا سينهار تلقائياً ولن يستمر إلا بشكل كاريكاتوري لأسباب خارجية. والكيان العالمي نفسه المبني على توازن القوى المتصارعة والمبني على أساس نتائج حرب (الحرب العالمية الثانية) تم حشر كل البشر فيها وغير المبني على ثقافة إنسانية جامعة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الحروب والكوارث

لا بد أن أشير في هذه الخلاصة إلى أن الأسرة والحي والمدينة والبشرية والبيئة الأرضية هي كيانات طبيعية فلا يمكن الافتراض بأن الأسر أو المدن سيتم إلغاؤها من العالم بينما كيان الدولة والكيان العالمي هي كيانات افتراضية غير طبيعية يمكن أن تلغى ويعاد تشكيلها فمثلاً شكل الدولة السورية تغير بشكل مضحك خلال المئة سنة الماضية كذلك تغير شكل الدولة الفرنسية بشكل مضحك أيضاً خلال القرنين الماضيين وقبل سبعين سنة كانت ألمانيا وفرنسا دولتين متحاربيتن واليوم تندمجان مع كثير من الدول الأخرى في كيان واحد جديد لا يشبه شكل الدول التي نعرفها.
******

كيف يمكن استخدام الشكل في تجميع الأفكار

من الآن فصاعداً وبهدف المساعدة في تجميع أفكارنا يمكننا الاستعانة بمخطط انتماءاتنا المختلفة للمساعدة في وصف الأفكار والمشاريع والأقوال وكشف تناقضاتها واستخلاص ما هو مفيد منها وإصلاح ما هو سلبي فيها. من أجل ذلك سأضع بجانب كل كيان من الكيانات التي ننتمي إليها رمزاً : الرمز الأخضر مع إشارة (صح) يعني أن الفكرة المقترحة جيدة للكيان الذي توضع بجانبه الإشارة. الرمز الأحمر مع إشارة (خطأ) يعني أن الفكرة المقترحة مؤذية للكيان الذي توضع بجانبه الإشارة. الدائرة السوداء بدون إشارة يعني أن الفكرة المقترحة حيادية بالنسبة للكيان الذي توضع بجانبه

الدائرة السوداء مع إشارة استفهام يعني أن الموضوع يحتاج لنقاش
ربما سنطور معاً رموزاً أخرى قد تكون مفيدة (مثلاً درجات لجودة الموضوع أو وجود علامة صح وخطأ مع بعض لأن المقترح له سلبيات وإيجابيات على كيان ما)
*******

مثال عن استخدام الشكل : أميرة الدانمرك تأخذ أولادها بالدراجة فوق الثلج في الشتاء

سنبدأ استخدام العلامات السابقة من خلال مثال حيادي وبعيد جداً عن منطقتنا كي نفهم الموضوع بشكل جيد ونتجنب الاختلافات على المثال. لقد عرضت في بوست سابق صوراً لأميرة الدانمرك وهي تركب دراجة ذات صندوق تضع فيه ابنيها وتقودهم فوق الثلج من القصر الملكي إلى المدرسة الحكومية القريبة. يبين الشكل الثاني المرفق أثر هذا العمل على الكيانات التي تنتمي إليها أميرة الدانمرك: - تم وضع إشارة (صح) بجانب (جسم الإنسان) لأن قيادة أميرة الدانمرك للدراجة يساعدها على الاحتفاظ بكيان رشيق وجسم سليم - تم وضع إشارة (صح) بجانب (الأسرة) لأن نقل أميرة الدانمرك لأولادها هو جزء أصيل من مشروع أسرتها وهو يسمح بنمو العلاقات الطبيعية الرائعة ضمن أسرتها السعيدة ويسمح بالارتقاء العلمي الطبيعي لأولادها ويسمح بتعود أجسادهم على بيئة البرد الطبيعية في تلك البلاد - تم وضع إشارة (صح) بجانب (الحي) لأن نقل أميرة الدانمرك لأولادها يومياً بشكل طبيعي لمدرسة الحي يسمح لها بتشكيل علاقات مودة مع الجيران من خلال اللقاءات اليومية في الطريق ومن خلال اللقاءات اليومية مع أهالي رفاق أولادها في المدرسة ومع المعلمات وتسمح لها بالتعاون معهم على فهم مشاكل الحي وحلها وعلى تطوير الحي. - تم وضع إشارة (صح) بجانب (المدينة) لأن أميرة الدانمرك تستجيب في تصرفها لتعليمات المدينة التي تطلب من السكان الاعتماد قدر الإمكان على الدراجات وتقوم بتنظيم الطرق بحيث تهيئ مساراً واسعاً وآمناً للدراجات كي تنسجم مع خطط مجلس المدينة الذي انتخبه سكان المدينة والذي يسعى لتخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون فيها. - تم وضع إشارة (صح) بجانب (الأرض) لأن ما تقوم به أميرة الدانمرك يؤدي إلى تخفيف انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وتخفض من الاعتماد على السيارات وهي بالتالي تساهم في الحفاظ على الأرض ولا تشارك في ظاهرة الاحتباس الحراري التي قد تؤدي يوماً ما لقتل عشرات وربما مئات ملايين الناس وإلى تهجيرهم. - تم وضع إشارة (استفهام) بجانب (الطائفة) لأنني لا أدري إن كان في تصرفها تعبير عن انتمائها لدينها أو أن فيه دعم لتوجيهات الطائفة وربما سيكون هذا موضوع نقاش يوماً ما - تم وضع إشارة إستفهام بجانب (البشرية) لأنني لا أدري إن كان في هذا التصرف ما يدعم تعاون الإنسان مع أخيه الإنسان على مستوى الأرض كلها وشعوره بذلك أم لا. - لم أضع إشارات (خطأ) فلم أجد أي شيء سلبي في هذا التصرف يؤثر على أي من الكيانات الأخرى - كذلك لم أضع دوائر حيادية لأنها غير مهمة هنا. - عند الضرورة يمكن إضافة مستطيلات للتعبير عن كيانات إضافية كالجامعة أو النادي أو النقابة أو المعمل .. الخ..

هذه هي الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة : كيف نحل مشكلتنا؟ على شكل بوستات في هذه الصفحة. 19 : من نحن ؟ خلاصة (من نحن) والتي تتناول محاولة لإيجاد الانسجام بين الكيانات التي ننتمي إليها (متابعة)