عن معركة حمص
21 شباط، 2016-عن معركة حمص
Sindian Greenish February 21, 2016 · من اطلع و لو على قصاصات مما شهدته حمص من أهوال و فظائع خلال الفترة السوداء الممتدة بين أواخر عام 2011 و بدايات عام 2013 , سيدرك بلا ريب أن المدينة دخلت في حلقة الرعب المفرغة منذ ذلك الوقت . ذلك الرعب الذي قد يتخامد لفترة و يتقطع لفترات , ولكنه سيبقى ظلاً كريهاً و قاتماً , معلقاً في سماء المدينة , لن يزول قبل مرور أعوام طويلة . شهدت تلك الأيام الخانقة , عديدا من المجازر , سقط ظحيتها آلاف من سنة المدينة , و عدد أقل من ذلك بكثير من علوييها , في ظل طرف كان يدير لعبة البربرية و التوحش بإتقان و مهارة , ليوظف كل الفظائع الجهنمية التي وقعت , في خدمته مشروعه المأبون , الذي لن نقدر على تحديد ملامحه بدقة قبل أن يمر وقت طويل . و الآلاف الذين قتلوا بطرق شتى , بشكل جماعي أو إفرادي , قضوا دون أن يتبقى لهم أثر , فالغالبية العظمى لم يعرف لها جثث , ولم توثق أسماؤهم , ولم يشار ولو تلميحا إلى الطرف المسؤول عن مأساتهم , أي أنهم شطبوا من دفاتر الحياة كأن لم يردوها يوما , وضاعت أبسط حقوقهم . كل ذلك ترك المدينة محقونة بالعنف , مشحونة بالبغض و الغيظ , مختومة بالبرية , وخلال تجوالك بين خرائبها , خاصة إن كنت من أبنائها , تشعر فورا بذلك الحضور الغامق الثقيل للأسى و الوحشة و الذعر , و ينتابك جفاف الحلق , و انقباض مضن في الصدر . و مجزرة حي الزهراء المروعة اليوم كانت تتابعا زمنيا بغيضا لتلك الحلقة المفرغة , وهي تضرب بعد عدة مجازر مشابهة علويي المدينة , الذين توهموا قبل عامين أن الحرب انتهت بانتصارهم , وأن الأثمان قد دفعت , دون أن يدركوا أن ما ينطبق على الفيزياء ينطبق على كل شيء , وأن الطاقة لا تفنى و لا تخلق من العدم , وإنما تنتقل من دور إلى دور . رحم الله كل الأبرياء و البسطاء , الذين يمضون دوما , وقودا رخيصا للألعاب الجهنمية القذرة .
