تاريخ العلويين
15 شباط، 2016-كتاب تاريخ العلويين
سأروج لكتاب أحد الزملاء لأني معجب جداً بموضوع الكتاب والجهود التي قام بها. إسم الكاتب ستيفان وينتر، من جامعة كيبيك الكندية. الكتاب بالإنكليزية وسيصدر خلال هذه السنة. إنه يتحدث عن تاريخ العلويين في سوريا. ويعتمد على أرشيفات عثمانية لم يستخدمها أحد من قبل وجدها في طرابلس ووكذلك أرشيف رئاسة الوزراء في أنقرة (الأرشيف العثماني موجود في اسطنبول لكن ليس كله، هناك أقسام كبيرة في أنقرة لم ينتبه لها كثيرون). هذه الأرشيفات أعطت كماً هائلاً من المعلومات لم يعتقد أحد أنه ممكن. قمت بمراجعة فصلين من الكتاب كخدمة شخصية. ما فهمته هو أن العلويين لم يكونوا غائبين عن الأرشيفات العثمانية ولا عن سياسة الدولة العثمانية. ثانياً، ينقسم علويوا الجبل إلى قسمين، شمالي يتجمع حول القرداحة والبهلولية وبيت شلف وجنوبي يتجمع حول صافيتا. القسم الجنوبي غلبت عليه القيادة الإقطاعية وخاصة عائلة شمسين التي كانت تجبي الضرائب للعثمانيين (إلتزام). القسم الشمالي غلبت عليه قيادات عسكرية اعتمدت في مدخولها على قطع طريق حلب اللاذقية وغزو القرى. وهذه القيادات كانت متناحرة. ولا نزال نرى هذا اليوم، إذ أن عائلة الأسد لا تزال في معظمها عصابات وشبيحة (الأعمام وابناء العم). ثالثاً، الكره الطائفي لم يكن سياسة للدولة وإنما خاضعاً لحسابات محلية بحتة. وأهم المشاكل الطائفية كانت بين عصابات القرداحة والبهلولية وبيت شلف وببن تجار اللاذقية ومشايخها. هؤلاء كانوا يملكون الأرياف المحيطة الواطئة ويستخدمون العلويين كفلاحين بينما كان علويو القرى العالية يقطعون طريق التجارة بين حلب واللاذقية. ولذلك كان تجار اللاذقية ومشايخها يدفعون متسلم اللاذقية ليضرب العصابات بقوة وطبعاً كانت هذه القوة تشمل القرى وأهلها وتعتمد أحياناً على فتاوى دينية وأحياناً على رغبة المتسلم في تحسين سمعته أمام الباب العالي. فكانت كل حملة على القرى العالية تنتهي بجلب العديد من الرؤوس المقطوعة وإرسالها إلى اسطنبول على أنها رؤوس قطاع الطرق. وكان رد العصابات عشوائياً مثل عمليات المتسلم فكان يشمل القرى والمدينة وينتهي بالحرق والقتل والسلب. وهذه قصة تشبه قصة حمص مثلاً مع البدو. لكن البدو لم يطوروا هوية طائفية وإن كانت القبائلية ليست ببعيدة عن الطائفية لكنها دون قصة مظلومية. رابعاً، قبل عام 1831 كانت سوريا تعج بأمراء الحرب مثل الحالة اليوم. فكان السلاح منتشراً وسلطة الدولة ضعيفة والمنافسة شديدة بين المتسلمين في المدن وأمراء الحرب في البوادي والقرى والجبال. بعض هؤلاء كانوا سنة عرباً وبعضهم بدواً وبعضهم أكراداً (جبل الأكراد) وبعضهم دروزاً وبعضهم علويين. المعارك والمناوشات كانت كثيرة وكان لبعضها صفة طائفية. ولا ننسى أن المدن أيضاً كان فيها أمراء حرب (أنظر مسلسل الحصرم الشامي وأغاوات المدن). طبعاً البسطاء والفلاحين كانوا وقود هذه المناوشات. وأهم مثال على تحول بعض هذه المناوشات بين أمراء الحرب إلى حرب طائفية تدخلت فيها الدول هي أحداث 1860 في جبل لبنان ودمشق. إنها فعلاً كانت حرب أمراء عصابات تحولت إلى مجازر (الطرف الخاسر) لأسباب إقتصادية وسياسية وحتى عسكرية. الحكاية ليست حكاية اضطهاد طائفي (كل الإمبراطوريات القديمة كانت قائمة على العبودية والإستغلال) وإنما حكاية صراع أمراء حرب ومصالح. مثلاً أمراء الحرب من القرداحة ونواحيها انقلبوا على إبراهيم باشا لأنه أراد سحب سلاحهم وإدخال أولادهم في الجيش الجديد.فثاروا عليه بالتعاون مع الدولة العثمانية نفسها. وإبراهيم باشا أعطى الجميع حقوق المواطنة وأنشأ المجالس المحلية وأعطى حصصاً للأقليات. لكن العقلية العشائرية انتصرت لأنها كانت ولا تزال قوية في سوريا. أما بعد خروج إبراهيم باشا عام 1841 فإن الدولة العثمانية دخلت في مرحلة إصلاحات هائلة أدت إلى صعود ناس وهبوط ناس في كل البلدان. ما اعتقده الجميع اضطهاداً كان شيئين أساسيين: السحب على الجيش وقانون الأراضي. وهذان الأمراد أثرا في كل سكان سوريا الحالية بغض النظر عن الدين والقومية والطائفية. إنه فعلاً كتاب مثير يجب أن يقرأه الجميع. إنه تاريخ منطقتنا، هذا التاريخ الذي يعيد نفسه كما يقولون. الحل ليس في متابعة ممارسات أمراء الحرب من الطرفين وإنما في إيجاد نموذج للعيش المشترك.
هذا هو عنوان الكتاب. ويمكن التعرف على مؤلفه من خلال صفحته (غوغل). الكتاب سيظهر هذا العام. WINTER, Stefan. A Secular History of the ‘Alawis: From Medieval Aleppo to the Turkish Republic, 947 to 1936 (Princeton University Press : will appear in 2016).