المثقفون السوريون وتحليل الإسلاموية

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث

29 كانون الثاني، 2016، الشرط الكولونيالي المتأخر

مقالة ياسين الحاج صالح، عولمة الشرط الكولونيالي المتأخر

يسعدني أن نتبادل مثل هذه المقالات على الفيس بوك. بها يصبح الفيس بوك أكثر "ثقافة" لكن أكثر "نخبوية". لكن هذه الحالة الأخيرة ليست فرضاً على القارئ إذ يستطيع القارئ أن يتجاهل مثل هذه المقالات. الكتابات العربية "المثقفة" غالباً ما تكون "مثقفة بشكل عام" أي بعكس "مختصة". ويغلب عليها الطابع الفلسفي لأننا متأثرين بالممارسات الفكرية الفرنسية التي لا تزال تعطي مكانة عالية للفلسفة على حساب التخصص في العلوم الإجتماعية. على عكس الحال في البلدان الأنكلو-ساكسونية. الكتابات الأنثروبولوجية في العربية قليلة وخاصة النظرية منها. هذه المقالة مبنية على كم هائل من المعارف المسبقة غير الموجودة بالعربية، وأهمها كتابات بورديو. لكن بغض النظر، إذا أردت أن أضيف شيئاً لهذا الجهد المثير فإني أقول بأن الباحث-الكاتب يقصر حالة "الكولونيالية المتأخرة أو الكولونيالية المحاربة" على العصر الحديث بينما هي حالة وجدت في المجتمعات القديمة وتوجد أيضاً في المجتمعات الحديثة الغربية وغير الغربية. إن اعتماد الباحث على التحليل النفسي الفرويدي (وهذا استخدام يبرع به الأنثروبولوجيون) يدل على أنه لا يناقش طارئ على النفس البشرية وإنما حالة أصيلة تظهر وتختفي حسب ضخامة المجتمع ورفاهيته وتعدديته وقوته. يمكن أن أحلل ظواهر في العهد العباسي المتوسط بنفس الطريقة، ويمكن أن أحلل ظواهر مماثلة في العصر الروماني المتوسط أيضاً. الحالتان متشابهتان لأنهما تمثلان ذروة الإمبراطوريتين الإسلامية-العربية والرومانية-قبل المسيحية. أما حديثه عن المسلمين "المتدينين جدياً" في أستراليا مثلاً فلا أوافقه تماماً، بعض هؤلاء المسلمين ينتمي إلى فضاء كولونيالي محارب هو الفضاء السعودي الخليجي. إنهم ليسوا الآخر المستضعَف وإنما تمظهرات مستوردة. وكنت أسمي هذه الحالة أو الواقع أو الظرف (Condition وليس الشرط كما ترجمها المترجم) مجتمع الثغور (frontier society)لأنها مجتمعات الثغور لا تخضع إلا لقانون الحرب وقد كانت موجود عهلى الثغور الإسلامية-البيزنطية والثغور الإسلامية-الإسبانية وكذلك كانت موجودة في الغرب الأمريكي (Western) وما تكلم عنه الكاتب من اتهام الضحية بأنها تضطر المتحضر أن يصبح متوحشاً كان من أهم أسس الخطابي الكولونيالي الأمريكي ضد الهنود الحمر وكذلك خطاب المستوطنين الفرنسيين في الجزائر، وأعتقد أنه مشابه لخطاب الجهادية الخليجية التي ترى أن الإسلام هو قمة الحضارة وأن الحروب التي يخوضونها ما هي إلا حروب دفاعية اضطرهم إليها الغرب الصليبي والصهيونية الماسونية والعلمانيين العرب. ورغم أن الكثير من المشاركين في هذا الخطاب هم فلسطينيون أو مهاجرون مسلمون في الغرب إلا أن نشاة الخطاب خليجية. وكذلك كان حال المستوطنون الفرنسيون في الجزائر أو الهولنديون-البريطانيون في جنوب إفريقيا، إنهم من فقراء المستعمرات الأم ويعتقدون أنهم ثغور الحضار الغربية في عالم الوحشية الإفريقية أو الإسلامية. أرفض أن نحلل كل شيء من موقع الضحية. الجهادية العالمية تستخدم أشخاص ضحايا لكنها خطاب إمبريالي حربي خليجي.