الحقوق والواجبات

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث

24 تشرين الثاني 2018، الحقوق في المجتمع

باعتقادي لا يوجد شيء في المجتمع اسمه حقوق. وارى ان الحقوق والواجبات هي عقد اجتماعي في احسن الاحوال، ونتيجة لعرف اي لثقافة سائدة تفرض نفسها في اسوئها. ومن هنا اعتبر ان ازدراء الاديان مثلا قد يكون جريمة اذا قررت الجهات التشريعية ذلك بناءا على تمثيلها للسلم الاجتماعي والتناغم بين فئات المجتمع، وهذا هو العقد، او بناءا على ادعائها تمثيل الاغلبية او تمثيل الثقافة السائدة، وهذا هو الفرض. هذا من الناحية القانونية. لكن وجود القانون لا يعني ضرورة الالتزام به، فاغلب الافكار التغييرية تبدا كافكار خارجة على القانون. كما لا يعني وجود العرف الاجتماعي ضرورة الالتزام به. فالتغيير غالبا ما يكون ضد العرف. بالنسبة لي الخروج على العرف اسهل من الخروج على القانون. الصراع الاجتماعي المتمثل بالخروج على العرف، ضمن حدود عدم الاذية الجسدية والمادية، ضروري لتحقيق التغيير فلولا التغيير لتوقفت المجتمعات عن التاقلم مع اوساطها وعن التطور. فاذا ادخلنا الدولة في الصراع الاجتماعي نكون قد خرجنا من صراع الافكار الى استخدام القوة. من هذا المنطلق، ولا اعرف كيف اسميه، لا اشجب ما يسمى بازدراء الاديان، وهذا طيف كبير من الاقوال والممارسات، ولا ادعو لمنعه، بل اطلب وجوده حتى ولو اثار حفيظة كثيرين، لا بل حفيظة الاغلبية، وحتى ولو كان مخالفا للقانون. العادات والتقاليد والاديان هي عناوين المحافظة والجمود. نعم احب الاستقرار، لكن القلقلة والتحدي ضروريان لمنع السقوط في الجمود. هل يشمل هذا التسامح او التشجيع شتم الالهة والرسل والكتب المقدسة. كما قلت، قانونيا يمكن تحديد المسموح به وغير المسموح به. الدستور مثلا نص مقدس بالنسبة للدولة للحديثة ويمكن تجريم شتمه او نقده. الايديوبوجية الجمهورية في فرنسا مثلا تدخل في حيز المقدس الذي يجب فرضه. التشكيك بالهولوكوست في المانيا جريمة. الانتماء الى جماعة نازية في امريكا ليس جريمة. شتم الرئيس في سوريا جريمة، والانتماء الى حزب شيوعي في امريكا شبه جريمة. اين هو الصح والغلط اذن. ليس هناك الا القانون، ويفرض بقوة الدولة، والعرف، ويفرض بقوة النبذ الاجتماعي، ثم هناك الجريمة والخروج على العرف. التغيير يحصل في تلك المساحة، ولا اسميها حرية وانما خروج على المسموح به. احترام مشاعر الاخرين، كمانع لازدراء الاديان، مجرد ادخال للقضية في المجال الاخلاقي، او تغيير للفضاء المصطلحي المستخدم في الجدال. الاخلاق ايضا تخضع لنفس الثنائية قانوني وغير قانوني، عرفي وغير عرفي، وهي اصطلاح واتفاق في احسن الاحوال وفرض في اسوئها. والانسان يتارجح في افعاله واقواله يوميا بين اقطاب هذه الثنائيات. لذلك ليس لي راي مطلق ونهائي في مسالة شتم او نقد اي شيء. لا بل افضل هامشا اكبر من الخيارات، او ما نسميه حريات، وان يكون القانون ضامنا لهذه الخيارات حتى وان كان ذلك في تضاد مع الاعراف. المجتمعات الحديثة تبدو ليس مجتمعات قانون، اي الدولة هي الضامنة، اكثر مما هي مجتمعات اعراف وقسر اجتماعي. يمكن للقانون ادارة مجتمعات كبيرة وتعددية وتفشل الاعراف في ذلك فشلا ذريعا. دع الدولة، اي القانون، تضمن لك حرية دينك ورايك بدل ان تعطي هذه الوظيفة للعرف الاجتماعي التابع للاكثرية فانك لن تضمن انك ستكون في الاغلبية لفترة طويلة. ولا تطلب من الدولة مساعدتك في سحق غرمائك في الفكر فهذا تجبر واقصاء. ولذلك فان المنادي بتجريم شتم الاديان في نظري ليس الا مناد بدمج العرف مع القانون وباستخدام قوة الدولة لسحق اعدائه ومخالفيه في الراي.