الفترة العثمانية
5 أيار، 2017 - الشيخ والسلطان سليم
وقعت على مخطوطة صغيرة لاحد المشايخ المشهورين من زمن السلطان سليم يعني اول حكم العثمانيين. كان عم يتذمر من العسكر العثماني، طبعا يتوسل لخادم الحرمين الجديد ليحل المشكلة. الشكوى الاساسية ان العسكر عم يشجعوا الدعارة عالمكشوف وعم يسكروا وعم يلحقوا شباب البلد مشان اللي ببالي بالك. قال الناس خبات اولادها منهم لان ما حدا فلت من تسلطهم. قال له الشيخ اذا ما بتحمي الشباب الله بياخد منك النصر اللي عطاك ياه على المماليك وبياخد منك الحرمين. حلو التاريخ، كله صفحات مضيئة.
13 أيار 2018، تعليق على فكرة سياسة الأعيان
شكرا اخ محمد، الموضوع شيق ومهم. انا متعدي على التاريخ العثماني، ومعارفي فيها فجوات كبيرة. لكني اقترح التفريق بين اعيان الثامن عشر واعيان اواخر التاسع عشر. او بين اعيان البير حوراني واعيان فيليب خوري. بالفعل فئتين مختلفتين من الناس بقدرات مختلفة وعلاقات مختلفة مع المركز ومع المجتمع المحلي. ونرى في كتاب ستيفان وينتر عن تاريخ العلويين النوعين من هؤلاء الاعيان وظروف نشاتهم. هناك فرق كبير بين ال العظم وبين ال العابد في دمشق او الكيلاني في حماة او الاتاسي في حمص على سبيل المثال. ما يهمني هو السياسة في سوريا اثناء وبعد الانتداب. هذه السياسة لا يلعب فيها اعيان من نمط الثامن عشر اي دور، لكن لعب فيها اعيان من نمط اواخر التاسع عشر دورا لا باس به. سمات هاتين الفئتين مختلفة عن بعضها البعض ونشاتهما ودورهما وقوتهما الاقتصادية والاجتماعية. هذا التمييز سيعطينا قدرة اكبر على فهم سوريا الحديثة في القرن العشرين. واعتقد ان الربط بين الفئتين قد ولد كثيرا من الاستنتاجات الخاطئة. فعلى سبيل المثال، اعيان الحوراني كانوا يملكون قوة ضاربة، اما اعيان الخوري فلا يملكون الا قوة قبضايات الاحياء، الاولى سيطرت على مناطق واسعة والثانية تنافست على احياء في المدن، الاولى كانت تعمل في الالتزام والثانية تعمل في الوظيفة وملكية الاراضي. يمكن ان نتحدث عن حكم الاعيان في الاولى، لكن هذا المصطلح يصبح مضللا في الثانية. وفي الحالتين لم تمارس الفئة الثانية سلطة قائمة على العصبية القبلية، وانما كانت مصدرا لزعماء محليين متنافسين ومصدرا للبيروقراكيين. لا يمكن ان نتحدث باعتقادي عن سلطة عائلة كذا، وانما عن سلطة الزعيم كذا الذي قد يستعين بافراد من عائلته الكبيرة او قد لا يستعين، واحتاج للتاكد من هذه النقطة. شكرا على جهودك مرة اخرى.
13 أيار 2019، تعليق على مراجعة كتاب "الدولة العثمانية في عصر الإصلاحات"
الأمة المسلّحة: أن تكون جنديا عثمانيا في القرن التاسع عشر؟
مراجعة غنية لكتاب مثير. ان دراسة ما يسمى بالقرن التاسع عشر الطويل، اي من ١٧٩٠ الى ١٩١٤، حاجة اساسية لفهم تاريخ منطقتنا. وللاسف فان القليلين من المؤرخين العرب يهتمون بهذه الفترة. ان مفهومنا عن الدولة له جذور في دولة التنظيمات وليس فقط في دولة الانتداب. المدارس العسكرية والجيش كباني للامة ليست فكرة خاصة بالدولة العثمانية بل كانت منتشرة في اوروبا ايضا. بالطبع المثال الالماني كان الاكثر اثارة بسبب سرعة تطوره ونتائج هذا التطور. لكن الموديل ينطبق ايضا على الدول الاوروبية الاستعمارية. الاستعمار احد مظاهر مركزية الجيش في بناء الامة. ونلاحظ هذه الفكرة في سوريا في الضباط العراقيين الذين رافقوا الملك فيصل. وهناك مجموعة اخرى منسية هم الضباط الحلبيون وغيرهم من السوريين الذين تعلموا في المدارس العسكرية العثمانية. وبعضهم بقي عسكريا اثناء الانتداب واستلم تاسيس الجيش الوطني بعده. واعني جسش الانقلابات. في اول الحرب الباردة كانت امريكا ايضا تشجع الانقلابات العسكرية في العالم الثالث التي يقودها ضباط ليبراليون، تصنيف امريكا، عندهم مشاريع تنموية سريعة مثل اتاتورك ورضا شاه. كما اوضح الاخ محمد الربيعو، فان فكرة الاصلاح عن طريق الانقلاب العسكري كانت موجودة في اواخر الدولة العثمانية. ويمكنني ان اقول بانها كانت موجودة في كل مكان. ثورة ١٨٢٥ في روسيا كانت ثورة ضباط تعلموا في فرنسا. الثورة البلشفية كانت في الحقيقة انقلابا عسكريا سياسيا، مجيء النازية والفاشية كان بانقلابات عسكرية. وحتى عسكرة المجتمع من خلال منظمات الشبيبة الكشفية لم تكن فقط عثمانية فالفاشية والنازية والشيوعية استخدمت نفس التكتيك. منظمة الكشافة البريطانية التي انتشرت في جميع انحاء العالم تاسست عام ١٩١٢. وحتى جماعة الاخوان المسلمين لم تشذ عن هذه القاعدة اذ اعتمدت على الرياضة والتدريب العسكري والانضباط. اننا نعطي اهمية غير متناسبة لفكرة الحداثة الليبرالية. بينما اعتقد ان الطريق الى ما نسميه الحداثة كان الجيش والخدمة الالزامية والمغامرات الاستعمارية العسكرية والحروب العالمية. الجميع يعرف اهمية الجيش في تاريخ سوريا الحديث لكن لا يعرفون كيف يفسرون ذلك. هذا الكتاب الذي يعرضه الاخ محمد هو الطريق. الجيش هو اكثر المؤسسات استفادة من الحداثة التقنية والبيروقراطية، ولذلك كان من الطبيعي ان يلعب دورا هاما في بناء الدولة والامة. اضف الى ذلك ان احتكار العنف لم يعد مجرد احتكار بعض السيوف والرماح. ان احتكار العنف اليوم يعني احتكار العنف المطلق. ويمكن القول ان كل الثورات العربية التي لم تسايرها انقلابات عسكرية تحولت الى حروب اهلية. وكذلك فان اي ثورة في العصر الحديث لا تستطيع السيطرة على الجيش فالافضل ان تبقى سلمية مهما كان الثمن. يجب ان يقابل مؤسسة الجيش قوى مجتمعية موازية تعتمد على المجتمع المدني وتقوية الجانب السياسي والقطاع الخاص. والا فاننا سنبقى عبيد الجيش.