الإسلاميون والهوس بالإستشراق
24 كانون الثاني، 2013
المشايخ والإسلاميون والمثقفون العرب مهووسون بالإستشراق ولا يمر يوم دون أن ينتجوا مقالة أو محاضرة أو كتاب عن الإستشراق أو في الرد عليه. كل أيديولوجيا سياسية بحاجة إلى عدو وقد جعل الإسلاميون من الإستشراق والليبرالية الغربية عدوهم. كانت الشيوعية عدوهم في الخمسينات ثم أصبح الإستشراق عدوهم ي التسعينات. ليس هناك تعريف للمستشرق والكلمة مجرد شتيمة سياسية. والمؤسف في الأمر أنك تكتشف أن علاقة العداء قائمة أيضاً على عقدة نقص ودونية. مما يجعل المستشرق (مهما كان تعريفه) عدواً نداً نقرأه ونستبطن كثيراً من آرائه وأفكاره لكن نكرهه لأننا نعتبر أن ذكاءه يشكل خطراً على الإسلام.لا أقرأ أي كتاب إنكليزي عنوانه "الإسلام" "إعرف الإسلام" "ما هو الإسلام" ولا أقرأ أي كتاب بالعربية عنوانه "الإستشراق" "أوهام المستشرقين" "مؤامرة الإستشراق والصهيونية" وما إلى ذلك. الأمر في غاية البساطة. أنا أراقب القرد ثم أنا أضع فرضيات تشرح تصرفات القرد وأنتج نظرية متكاملة عن مجتمع القردة لأني بحاجة إليها للتعامل معهم أو لإخضاعهم مثلاً. وبنفس الطريقة الغربي يتعامل مع المسلم ويريد أن يفهم تصرفاته لأن هذه التصرفات تؤثر به أو أنه يريد إخضاع المسلم أو بيعه منتجاً ما أو إنشاء شركة في بلده. الغربي عندها يراقب المسلم ويضع فرضيات ويعمل نظريات لشرح وتفسير تصرفات وأفكار المسلم. هذه المعرفة ليست موجهة لاستهلاك المسلمين وإنما لاستهاك الغربيين. وهذه المعرفة لها أغراض مثل أي تصرف إنساني آخر. هذه المعرفة مليئة بالمغالطات بسبب طبيعتها وأدواتها ومنهاجها في صنع المعرفة. بالمقابل المسلم يتعامل مع الغربي ويريد أن يفهمه لأنه يشتري منه ويستفيد من تقنيته. المسلم يراقب الغربي ويقوم بإنتاج معرفة عن الغربي. هذه المعرفة موجهة للمسلمين ولاستهلاكهم. هذه المعرفة مليئة بالمغالطات بسبب طبيعتها ومنهاجها وأدوات إنتاجها وغاياتها. هذه هي حال المعرفة الإنسانية عن الناس الآخرين. المسلمون ينتجون المقدار ذاته من الترهات غن الغرب كما ينتج الغرب الترهات عن المسلمين أو العرب. هذه معرفة للإستهلاك الداخلي. نقد مثل هذه المعارف جيد غي حالة إنتاج حوار متكافئ وبناء بين الطرفين. عدا ذلك، فإذا كانت هذه المعرفة للإستهلاك الداخلي فلا تتعب نفسك في تتبعها وقراءتها ونقدها. إنها ليست لك وكلها فرضيات خاصة بمن أنتجها وبمنظوره وتاريخه وأهدافه.