المنظوماتية
محتويات
- ١ بوست 1 - مقدمة، 1 يناير، 2019
- ٢ بوست 2 - فهم منظوماتي لقانون نيوتن، يناير 1، 2019
- ٣ بوست 3 - مفهوم الرساميل وتبادلها، 1 يناير، 2019
- ٤ بوست 4 - النموذج الوصفي، 2 يناير، 2019
- ٥ بوست 5 - تعريف المنظومة، 2 يناير، 2019
- ٦ بوست 6 - المفاهيم، 2 يناير، 2019
- ٧ بوست 7 - المنظومات البيولوجية، 3 يناير، 2019
- ٨ بوست 8 - متابعة المنظومات البيولوجية. 3 يناير، 2019
- ٩ بوست 9 - استطرادات وملاحظات، 7 يناير، 2019
- ١٠ بوست 10 - المنظومات الفكرية - الأيديولوجيا والجهادية، يناير 10، 2019
- ١١ بوست 12 - تابع المنظومات الفكرية - الايديولوجيا، 20 يناير 2019
بوست 1 - مقدمة، 1 يناير، 2019
- المنظوماتية
منذ عدة ايام كتبت بوست طويل عن المنظومات التي اتحدث دائما عنها كمقاربة للعلوم الاجتماعية. لكن بالخطا محيت البوست بعد ان نقلته الى نوتة. فعلا اصبت بصدمة وكآبة، لكنها كانت بداية طيبة يجب البناء عليها. وخير وقت للبدء هو دائما الآن. من البديهي القول بان هناك تنظيما ما يحكم العلاقات الاجتماعية، لكن لبست هناك نظريات موحدة للعلوم الاجتماعية. البنيوية حاولت ايجاد ذلك الشيء المشترك، لكنها حددته في جوهر لا يتغير. لكن هذا اعادة للخطأ القديم الذي ترتكبه الفلسفة، اي الاعتقاد بان وراء التحولات والتغير شيء ثابت لا يتغير. واعتقد ان نظرية ماركس عن نمط الانتاج وعلاقاته كانت ولا تزال افضل تنظير بنيوي ياخذ المجتمع باسره مادة له. لكن اذا نظرنا الى العلوم الطبيعية فاننا سنرى ان العلم لم يخرج من اسر الفلسفة ويحقق فتوحاته الباهرة الا عندما ترك العقل كمصدر للمعرفة واتجه الى الطبيعة. لا توجد فرضيات مسبقة من نمط الجوهر الثابت والمنطق، فقط الطبيعة. العقل اداة وليس مصدر للمعرفة. لا يمكن فهم ظاهرة ما بالاستنتاج من مسلمات ومقولات، بل يجب البحث عن نموذج نظري يستطيع محاكاة الواقع، وهذا ما نجحت الرياضيات في تقديمه. يتبع ..
بوست 2 - فهم منظوماتي لقانون نيوتن، يناير 1، 2019
- المنظوماتية
اذا نظرنا الىقانون نيوتن القائل بان القوة التي يخضع لها جسم ما تساوي حاصل ضرب كتلة ذلك الجسم بتسارعه. هذا القانون لم تكتشفه البشرية من الاف السنين، بل فقط من حوالي ثلاثمئة عام. هذا الاكتشاف شكل قفزة نوعية لم يكن العقل الفلسفي بقادر على انجازها لآلاف السنين. العقل، وهو ما اعتبره الاقدمون مصدر المعرفة، قال بان التفاحة والبرتقالة جسمان مختلفان ظاهريا وجوهريا وحركة كل منهما لها خصوصية تفرضها خصوصية الجسم. ولو تركنا الجسمين يسقطان فانهما سيسقطان بشكلين مختلفين. واذا كانت حركة السقوط الشاقولية مشتركة فلابد ان يشترك الجسمان بجوهر من نوع واحد يفسر تآلفهما مع الارض التي يسعيان دائما باتجاهها شاقوليا اذا تركناهما على سجيتهما. وحتى لو اعتبرنا ان هناك شيء اسمه الكتلة مشترك بين الجسمين لما استطعنا الوصول الى معادلة نيوتن. قد تكون قوة الجذب بين جسمين، والتي اقترحها نيوتن، تعبيرا عن التآلف السابق الذكر، الا ان القفزة النوعية هي في كتابة المعادلة. فكرة المعادلة هي الفكرة العبقرية، اي في القول بانه في حال سقط الجسم سقوطا حرا فان قوة الجاذبية المؤثرة عليه والتي تسببها كتلة اخرى هي الارض تساوي كتلة الجسم مضروبة بتسارعه. فاذا اعتبرنا القوة هي مسبب الحركة فان التسارع هو عنوان الحركة. والان نستطيع ان ننتقل من مفهوم القوة الى مفهوم التسارع بمعادلة بسيطة. بكلمات اخرى، القوة متناسبة مع الحركة، وثابت التناسب هو الكتلة. كل ما نحتاجه من التفاحة او البرتقالة هو الكتلة، واذا سقطتا سقوطا حرا فاننا لا نحتاج حتى الى الكتلة لانها ستصلان الى الارض في نفس الزمن وبنفس التسارع. لاحظ ان استخلاص القانون قائم على التجربة فقط لا غير، اي على ملاحظة العالم كما هو دون فرضيات مسبقة. هذه اول نقطة، اي الواقع اولا واخيرا. ثاني نقطة، هي اننا نسعى الى نموذج واصف للظاهرة على شكل مساواة، اي علاقة، بين مفاهيم تختص بها او تخضع لها الاجسام الداخلة في الظاهرة. النقطة الثالثة هي بناء المفهوم الرياضي القادر على محاكاة الظاهرة، وهذا ما يفعله مفهوم التسارع، والذي يعني نسبة تغير السرعة. يتبع ...
بوست 3 - مفهوم الرساميل وتبادلها، 1 يناير، 2019
- المنظوماتية
اكرر ما وصلت اليه البارحة، اولا الواقع هو المعيار . ثانيا، نسعى الى ايجاد علاقة بين المفاهيم مثل المعادلة. ثالثا، نحتاج مفاهيم تحاكي الواقع مثل التسارع. فكيف يمكن بناء نظريات تشرح الواقع الاجتماعي تحقق هذه المتطلبات الثلاث؟ اولا من الصعب القيام بتجارب مخبرية اجتماعية تعزل المتحولات وتقتفي اثر متحولين، المسبب والاثر. ثانيا، لا توجد قوانين تحكم العلاقات الاجتماعية، او هكذا يبدو لنا. ثالثا، من الصعب استخدام الرياضيات كلغة للتعبير عن الظواهر الاجتماعية لان الاخيرة لا تقبل التكميم، او على الاقل لا نعرف كيف نكممها. عندما نصادف مثل هذه العقبات فيجب البحث عن لغة اخرى وصفية تستطيع ان تنقلنا من عالم العلوم الطبيعية الى عالم الاجتماع دون ان نفقد النقاط الثلاثة السابقة الذكر. وهنا اقترح لغة المنظومات. فلننظر الى قانون نيوتن من وجهة نظر المنظومات. هناك علاقة بين مسبب القوة وبين المتلقي لها تؤدي الى حركة المتلقي، هذه العلاقة هي تناسب طردي بين القوة وبين الحركية. وهنا ابتعد عن التسارع واعتمد الحركية لان التسارع مفهوم كمي يمكن التعبير عنه رياضيا. اما الحركية، اي تغير في حركة الجسم، فهو مفهوم وصفي غير كمي لكنه يعبر عن فكرة التسارع نفسها، اي تغير حالة الجسم بين السكون والحركة. علاقة التناسب تعني ان اي تغير في القوة سيقابله تغير في الحركية هو حاصل ضرب الثانية بثابت التناسب. اذن انتقلنا من اللغة الكمية للرياضيات الى لغة وصفية تحافظ على العلاقة بين المتحولات. يمكن ايضا اان نخرج من لغة القوى وان نتحدث عن العلاقة بين المسبب والمتلقي كعلاقة تبادل لرساميل نسميها الطاقة. المسبب صاحب القوة كان يمتلك راسمال ما اعطاه الى المتلقي وعبر عنه المتلقي بدوره براسمال حركي. وهناك تناسب طردي بين الطاقة المكتسبة والطاقة المستهلكة الحركية. ان لغة الرساميل مفيدة جدا لانها وصفية ومفهومة كما يمكن تكميمها احيانا والتعبير عنها رياضيا. كما انها تبرز قضية التبادل التي سنعتمد عليها لاحقا. بعبارة اخرى، دخل المسبب والمتلقي بعلاقة تبادل لرساميل من انواع مختلفة وتحولت طبيعة الرساميل اثناء التبادل. ما دامت العلاقة قائمة فاننا نتحدث عن منظومة. نسمي المسبب والمتلقي مكونات المنظومة. لكن المكونات لا تدخل بكل سماتها وخصائصها في المنظومة، التي هي علاقة تبادل. فقط بعض السمات تدخل في العلاقة. وعندما نعرف السمات ونحدد العلاقة فاننا نعرف المنظومة. لناخذ مثال النواس من اجل توضيح وتطوير مفاهيمنا. النواس هو نقطة ارتكاز ثابتة، خيط مشدود، وكرة. اذا اضفنا كوكب الارض فاننا نحصل على المكونات. اذا ربطنا الخيط الى نقطة الارتكاز وشددنا على الخيط وعلقنا الكرة في نهايته الاخرى ثم تركناها تسقط شاقوليا فاننا سنحصل على حركة نوسان منتظمة. الكلمة المفتاحية هنا هي حركة منتظمة. هذا التكرار الدوري كثيرا ما يكون مؤشرا على وجود منظومة. فكيف نعبر عن النوسان كعلاقة تبادل. اننا امام حركة سقوط كالتي ذكرناها سابقا لكنها مثيرة اذا لا يتبع الجسم الساقط مسارا مستقيما شاقوليا باتجاه الارض وانما مسارا دائريا نازل ثم صاعد. قد نفهم النزول ونقول ان الخيط المشدود منع السقوط الشاقولي المستقيم، لكن كيف نفسر المسار الدائري الصاعد وكأن علاقة التجاذب قد تحولت الى علاقة تنافر محكومة ايضا بالخيط المشدود. العلاقة هي بين الارض والكرة والخيط المثبت من احد طرفيه ونقطة التثبيت او الارتكاز، لكن ما هي هذه العلاقة، وماذا تتبادل هذه المكونات حتى نحصل على النوسان المنتظم؟ اذا تابعنا بلغة القوى فاننا سنلاقي تعقيدات قد تحرفنا عما نعرفه رياضيا، لكنها ممكنة، وحتى في الفيزباء فان الحديث عن القوى اطول طريق لوصف حركة النواس. فلنتوجه الى لغة الطاقة والرساميل فقد تكون الاسهل. يمكن التعبير عن قوة جذب الارض للكرة بمفهوم الطاقة الكامنة. هناك تناسب عكسي بين قوة الجذب والطاقة الكامنة فكلما خفت قوة الجذب زادت الطاقة الكامنة. في الحقيقة هناك تناسب عكسي بين قوة الجذب ومربع المسافة الفاصلة عن الارض. وهذا يعني ان هناك تناسب طردي بين الطاقة الكامنة ومربع المسافة عن الارض. اي كلما ابتعدنا عن الارض، كلما زادت الطاقة الكامنة. وعند السقوط تتحول الطاقة الكامنة الى طاقة حركية مظهرها السرعة والتسارع. هذه هي العلاقة بين الكرة والارض في منظومة الكرة والارض اثناء السقوط الحر. فماذا يحدث عندما ندخل الخيط ونقطة الارتكاز في الصورة. الخيط كامتداد لنقطة الارتكاز يحد من حركة الكرة، وهذا ما سنراه دائما في المنظومات. اي ان المكونات حين تدخل المنظومة تفقد شيئا من حرية الحركة. في هذه الحالة تنقسم الطاقة الحركية للجسم الساقط الى قسمين، قسم يساهم في السقوط الشاقولي وقسم يساهم في الانزياح الافقي على قوس الدائرة التي نصف قطرها هي طول الخيط. اي ان الطاقة الكامنة تتحول الى طاقة حركية، وهذه الاخيرة ذات شقين افقي وشاقولي، تمام كما هي حركة النواس، افقية وشاقولية. عندما تصل الكرة الى اقرب نقطة من الارض تكون الطاقة الحركية كلها افقية مما يدفع الكرة افقيا، لكن الخيط يجبر الطاقة الحركية على الانقسام من جديد الى شاقولية نحو الاسفل وافقية تدفع نحو الاعلى. وتتحول الطاقة الحركية الى طاقة كامنة. عند وصول الكرة الى النقطة من القوس المقابلة لنقط البدء تنعدم الطاقة الحركية وتعود بمجموعها الى طاقة كامنة. هذا ما نعبر عنه في الفيزياء بمبدا انحفاظ الطاقة في المنظومة المغلقة. ما هو دور نقطة الارتكاز والخيط اذن في هذه المنظومة. الخيط المشدود هو ناقل للقوة، ونقطة الارتكاز الثابتة تعطينا القوة المعاكسة لقوة الجاذبية. ان نقطة الارتكاز تمنح ما يكفي من القوة لمنع سقوط الكرة الكامل الى الارض. يمكن ان نقول ان نقطة الارتكاز تعطينا فرق الطاقة الكامنة بين الكرة والارض مما يجبر الكرة على التارجح بين مستويين للطاقة الكامنة، مستوى نقطة الانطلاق ومستوى اسفل قوس النوسان. ولا اعرف اسم هذه الطاقة، وقد يساعدنا الفيزيائيون هنا ا مهندسو الميكانيك. اي ما هو اسمالطاقة التي تعطيها نقطة الارتكاز. ان طول الخيط متناسب مع فرق الطاقة الكامنة ولذلك فان طول الخيط يحدد تواتر النوسان. وكما في السقوط الحر فان الكتلة غير مهمة فتواتر النوسان هو نفسه للكرة الكبيرة والصغيرة ما دام طول الخيط واحدا. وهنا اقول ان دور نقطة الارتكاز هو دور عازل او محدد، فهي تحد حركة الكرة وتمنعها من الوصول الى الارض. وبلغة القوى فان نقطة الارتكاز تعاكس جزءا من قوة الجاذبية وهو الجزء المضروب بتجيب زاوية الحركة عن الشاقول. لنحاول تلخيص ما ذكرناه. هناك منظومة مكوناتها الارض، الكرة، الخيط المشدود، ونقطة الارتكاز الثابتة فوق الارض. الرساميل المتبادلة هي خسارة الكرة للطاقة الكامنة لتتحول الى طاقة حركية في مرحلة النزول وبالعكس في مرحلة النزول. هذا التحويل للرساميل هو العلاقة التي نبحث عنها، انها المنطق الذي يحكم المنظومة، المنطق الخاص الذي تفرضه الطبيعة وتقولبه مكونات المنظومة. وهذا المنطق لا يشبه اي منطق انساني قائم على السببية والقياس. حتى ندرس الظواهر الطبيعية علينا الوصول الى هذا المنطق، وكذلك الحال بالنسبة للظواهر الاجتماعية. واقول بان المنطق الانساني العقلاني لن ينجح ابدا في تفسير العلاقات الاجتماعية لان للظواهر منطقها الخاص الذي لا تعطينا اياه الا الملاحظة والتجربة ومحاكاة الواقع. وهذه هي نقطتنا الاولى... يتبع
بوست 4 - النموذج الوصفي، 2 يناير، 2019
- المنظوماتية
في دراستنا لمنظومة النواس تعرفنا على المكونات وتوصلنا الى وصف المنطق الخاص الذي يحكم المنظومة وهو منطق تحول الطاقة الكامنة الى حركية وبالعكس على مسار دائري. راينا ان هذا المنطق موجود في الواقع فقط وليس في العقل. النقطة الثانية هي ايجاد نموذج وصفي يحاكي عمل المنظومة ويقوم على وصف العلاقات التبادلية بين المكونات. الطاقاة الكامنة والحركية هي سمات للكرة فاين هي عملية تبادل الرساميل؟ لقد راينا عملية تحويل شبيهة بالصيرفة ولم نر عملية تبادل. في الحقيقة فان الطاقة الكامنة ليست سمة للكرة وانما سمة للارض والفضاء الجاذب الذي تخلقه كتلتها. الطاقة الكامنة تتعلق بموقع الكرة في فضاء الارض الجاذب. فلنقل بان الارض اعطت الكرة طاقتها الكامنة. هذه الطاقة تحولت الى طاقة حركية ضنن حدود المسار الدائري الذي فرضه الخيط ونقطة الارتكاز. فماذا اعطى او تلقى الخيط ونقطة الارتكاز في هذه المنظومة. الخيط كان ناقلا لقوى الشد بين الكرة ونقطة الارتكاز، كمل ان الخيط حدد مستويي الطاقة الكامنة اللذين ستنتقل الكرة بينهما، وحدد ايضا شكل المسار، اي القوس الدائري. قوة الشد التي اعطها نقطة الارتكاز الثابتة والتي نقلها الخيط منعت الكرة من الانفلات. فما هي الطاقة التي تبادلتها الكرة مع نقطة الارتكاز. في الحقيقة فان التحول الى طاقة حركية لم يطل كل الطاقة الكامنة. تقسيمنا السابق للقوة او الطاقة الحركية الى شاقولية وافقية كان لتوضيح نوعي الحركة، سقوط شاقولي وانزياح افقي. لكن هناك تقسيم اخر يوضح تبادل الطاقات. عادة في دراشة النواس يتم اسقاط قوة الجاذبية على محورين الخيط وهو قطر الدائرة، والمماس للدائرة. القسم القطري تعاكسها قوة شد الخيط وبالتالي نقطة الارتكاز، والقسم المماسي مسؤول عن حركة الكرة على محيط الدائرة. القسم المماسي هو اساس الطاقة الحركية، واما القسم القطري فهو ما يقابل الطاقة التي يتم تبادلها مع نقطة الاتكاز ولا اعرف اسمها ولندعها طاقة الشد او التوتر. فرق الطاقة الكامنة يساوي المجموع الكلي للطاقات الاخرى. هذه المكونات تفرض نوعا معينا، او بروتوكلا، من تبادل الطاقات نرى نتيجته في حركة النوسان على قوس دائرة. سمات المكونات التي دخلت في العلاقة التبادلية هي صلابة وثبات نقطة الارتكاز، انشداد الخيط وطوله، كون الكرة لها كتلة تخضع لفضاء جاذبية الارض، وكتلة الارض الضخمة التى اعطتها هذا الفضاء. فقط هذه السمات دخلت في علاقات. ولذلك فان المنظومة ليست تماما مجموعة مكونات منظمة وانما مجموعة سمات تربطها علاقات تبادل وفق بروتوكول معين، هنا تحكمه قوانين الطبيعة. هذا هو النموذج الوصفي لمنظومة النواس. ولذلك اقول العلاقات وليس الماهيات هي ما تعطينا المنظومة. المكون ككل له مئات السمات، اي ماهية، لا يعطينا منظومة، اما العلاقات بين السمات فهي ما تحدد المنظومة. بعض المؤشرات على وجود منظومة نقترح التكرار، تكرار الصعود والهبوط، تكرار الحركة على نفس القوس الدائري، تكرار تبادل الرساميل حسب نفس البروتوكول. كذلك هناك الاستمرار. لو دام النوسان لجزء من الثانية لانتهت المنظومة ولانقطعت العلاقة بين المكونات. الاستمرارية لبعض الوقت شرط لوجود اية منظومة. ماذا اذن عن التنظيم المتضمن في كلمة منظومة؟ التنظيم لايعني الانتظام في بنية معينة مثل بناء، وانما التنظيم هو الحد من حرية المكونات وانخراطها في ادوار محددة تفرضها عليها المنظومة. لدينا اذن نموذج وصفي للمنظومة. فماذا عن النقطة الثالثة، اي المفاهيم، مثل التسارع او الطاقة. كيف نحددها ونعرفها في منظومة ما؟ ... يتبع
بوست 5 - تعريف المنظومة، 2 يناير، 2019
- المنظوماتية
قبل الدخول في المفاهيم، هناك ملاحظة هامة. وهي ان العلاقات بين بعض سمات المكونات ترسم خطا فاصلا يميز ما هو داخل المنظومة، اي داخل العلاقة، وبين ما هو خارج المنظومة، اي خارج العلاقة. معدن الكرة لا يهم، مكونات الارض لاتهم مادامت الكتلة نفسها، النجوم لا تهم وسعر البورصة العالمية لا يهم. اي تاثير على المنظومة يجب ان يجد مدخلا الى مكوناتها. وهو ما نسميه قنوات التواصل مع الخارج. الهواء واحتكاكه بالكرة يمكن ان يؤثر، اما سعر البورصة فلن يؤثر لا ليس له مدخل الى الخيط او الكلاة او الارض. يمكن لزلزال ان يحرك نقطة الارتكاز او تكتسب هذه النقطة بعض المرونة. نقطة انطلاق الكرة، وهو ما نسميه بالشرط الاولي، مهمة. اذا كانت نقطة الارتكاز عبارة جزء من مولد لاهتزازات افقية مثلا فانه من الممكن ان نؤثر على حركة النواس بطريقة تجعلنا نتحكم بها حسب رغبتنا، وهو ما نسميه المدخل الى المنظومة، وكل تاثير عبر المدخل هو مدخلات. ولنتخيل ان قادرون على قياس موقع الكرة وسرعتها الانية. هذه ما نسمية مخرجات المنظومة. اذن المنظومة هي مجموعة علاقات تبادل بين مجموعة سمات لمجموعة مكونات. المنظومة هي كل مختلف عن مجموع مكوناته وهذا الاختلاف هي بالضبط نتيجة العلاقات المحددة. هو ما نسميه الانبثاق. اي ان العلاقات بين مكونات النواس انتجت حركة النوسان وهي انبثاق لظاهرة لم تكن موجودة حتى ولو حضرت كل المكونات. هذه المنظومة بعلاقاتها تفرض تمايزا بين داخل المنظومة وخارجها او بقية العالم. التواصل مع الخارج يتم عبر قنوات خاصة ومحددة هي المداخل. كل ما نستطيع ملاحظته او قياسه هو من مخرجات المنظومة.
بوست 6 - المفاهيم، 2 يناير، 2019
- المنظوماتية
تركت المفاهيم الى النهاية لانها الاصعب. راينا في حركة السقوط وخركة النوسان ان نموذجنا الوصفي الرياضي يستخدم مفاهيم مثل القوة والسرعة والتسارع والكتلة والطاقة الكلمنة وفضاء الجاذبية والطاقة الحركية. فهل يحتاج وصف تفاحة تسقط الى كل هذا التعب النظري؟ وكيف نتعرف على المفاهيم المناسبة؟ وكيف تبحث عن العلاقات بين هذه المفاهيم؟ استغرقت البشرية آلاف السنين نن التفكير والمباحظة والتجربة حتى وصلنا الى حيث نحن الان. لكن متى ما وقفنا علىالطريق الصحيح فان سرعة تطور المفاهيم والتنظير تزداد باطراد. اعتقد ان العلوم الاجتماعية تقترب يوما بعد يوم من الطريق الصحيح الذي سيتبع انفجار علمي هائل. واعتقد ان المنظوماتية ستضعنا على بداية الطريق الصحيح. فما هي المفاهيم المناسبة للعلوم الاجتماعية وكيف نكتشف العلاقات بينها. هل هناك سرعة او تسارع في العلوم الاجتماعية؟ وهل هناك قانون نيوتن؟ وهل هناك لغة رياضية لبناء النماذج الوصفية؟
هناك مفاهيم متغيرة القيمة وهناك مفاهيم ثابتة. هناك مفاهيم ملازمة للاجسام واخرى طارئة. السرعة مفهوم طارئ على الجسم، لكن الكتلة مفهوم ملازم. الطاقات التي يتم تبادلها كرساميل هي مفاهيم طارئة على الاجسام ومتغيرة. طول الخيط ملازم وثابت في منظومة النوسان التي تكلمنا عنها. بالطبع هناك مئات المفاهيم التي اخترعتها العلوم الاجتماعية، لكن ايها الانسب لبناء النموذج الوصفي؟ بالنسبة للطبيعة فان قوانين الفيزياء والكيمياء هي اساس مل البروتوكولات فب المنظومات الطبيعية. لكن لا نرى قوانين عامة في العلوم الاجتماعية. لدينا ملاحظات لكنها ليست قوانين عامة وليس لها تعبير كمي رياضي. الاحصاء محاولة لتكميم بعض الظواهر الاجتماعية واستنباط قوانينها لكن هذه المحاولة، رغم تعقيدها احيانا، لا تعطينا لغة عامة ولا مفاهيم عامة، وهي تفرض على الظواهر التي تدرسها علاقات خطية. ان المنظوماتية تعطينا طريقة في الملاحظة والتحليل، واعتقد استخدامها المتكرر سيعطينا المفاهيم العامةوالبروتوكلات العامة التي نسعى إليها. يمكن ان اقدم كامثلة بعض المفاهيم التي اراها واعدة. مفهوم الرساميل مثل الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، مفهوم الايديولوجيا، مفهوم الفصاء الخطابي والفضاء الايديولوجي. سانتقل هنا الى امثلة بيولوجية لانها ستساعدنا اكثر على فهم المنظومات الاجتماعية وتوليد المفاهيم العامة المناسبة لها... يتبع
بوست 7 - المنظومات البيولوجية، 3 يناير، 2019
- المنظوماتية
راينا في البوستات السابقة امثلة عن منظومات ميكانيكية. واخترنا مفهوم الرساميل للحديث عن علاقات التبادل داخل المنظومة، اي تبادل هذه الرساميل. وقلنا ان المنظومة هي كل، والكلية صفة اساسية، يجمع بين مكونات تدخل من خلال بعض سماتها الاصيلة والطارئة، اي الثوابت والمتحولات، في علاقات محددة هي منطق المنظومة وقانونها، وسميناها بروتوكولات التبادل. قلنا ان المنظومة تميز بين داخلها وخارجها، وانها تتواصل مع الخارج من خلال قنوات محددة. واكدنا ان وظيفة العلم هي تمييز الثوابت والمتحولات والرساميل والعلاقات من خلال مراقبة الواقع، وان العلاقات اهم من التعريفات والماهيات. اخيرا يقوم العالم بصنع نموذج وصفي، رياضي في حالة الامثلة السابقة، يعبر عن واقع المنظومة بثوابته ومتحولاته ورساميله وعلاقاته. كل هذه المفاهيم والادوات سنستخدمها في الامثلة العضوية. يمكن نعطي امثلة ابتداءا من نهاة الذرة، فالذرة، فالمركبات الكيماوي، فالمركبات العضوية الطويلة، فالحموض الامينية والبروتينات، فغشاء الخلية، فجينات الخلية ومركباتها الوظيفية المختلفة. اؤجل هذا الى حين استشير خبراء في هذه المواضيع واتاكد من تفاصيل الامثلة. وهناك كتب مختصة تعرض بنية هذه الامثلة. فلنتجه الى الخلية لانها الاوضح. اولا الخلية لديها غشاء يفصل داخلها عن خارجها. ودون هذا الغشاء لا توجد خلية. هذا الفصل موجود في الامثلة الميكانيكية لكن ليس بوضوح الغشاء. وسنجد ان المنظومات المعقدة قد تفصل الداخل عن الخارج من خلال تعريف صارم للانتماء كما في المجموعات البشرية الاجتماعية. ثانيا، غشاء الخلية يحتوي على قنوات وبروتوكولات تواصل وتعامل مع الخارج. هناك قنوات للغذاء وقنوات للفضلات، وقنوات لجمع المعلومات من الوسط المحيط، مجسات او حساسات. وهذا عنصر مهم في المنظومات العضوية والذاتية التنظيم. سنعود الى هذين المفهومين لاحقا، اي المعلومات والتنظيم الذاتي. ثالثا، مكونات الخلية المختلفة تقوم بوظائف مختلفة، فهناك مكونات تقوم بتجزئة السكريات، ومكونات تقوم بتخزين الطاقة، ومكونات تنقل المعلومات، ومكونات تتعامل مع الفضلات، ومكونات للحماية، ومكونات لتخزين البروتوكولات. هذا التمايز الاختصاصي مهم جدا لبناء المنظومات. وهو قائم على الحد من حرية المكونات وحصرها بوظائف محددة. في النواس مثلا الخيط يقوم بدور الناقل لقوة نقطة الارتكاز المضادة لقوة الجاذبية، في حين ان الخيط خارج المنظومة يمكن ان يؤدي وظائف مختلفة باسنخدام خصائص اخرى، وظائف مثل العقد والالتفاف والشد الافقي والدوران والبكرات. كذلك الكرة فقد تكون كرة لعب او ثقل ميزان او مصدرا للمعدن او حجر بناء. رابعا، التمايز في الوظائف لا يشكل وحده منظومة، بل يجب ان يتوازى مع تكامل لهذه الوظائف. اي ان الحماية التي يقدمها الغشاء ضرورية لعمل المكونات الاخرى. وتجزئة السكريات ضرورية لتوفير الطاقة اللازمة لعمل المكونات الاخرى. الخيط والكرة لا يصنعان نواسا، لكن الخيط المشدود الشاقولي والمثبت من اعلاه والموصول بالكرة في اسفله يعطينا نواسا. ان الاختصاص يؤدي الى الاعتماد والتواكل. والتكامل يوظف الخصائص والتواكل بين المكونات حسب قواعد محددة ليعطينا شيئا جديدا هو المنظومة مختلفا عن المجموع الميكانيكي لمكوناتها.... يتبع
بوست 8 - متابعة المنظومات البيولوجية. 3 يناير، 2019
- المنظوماتية
خامسا، العلاقات التي تربط بين المكونات وتكامل بين وظائفها مخزنة في النواة في سلاسل الحموض الامينية، التي نسميها الدي ان ايه. هذه العلاقات هي نفسها قوانين الخلية وبروتوكولاتها. قي النواس العلاقات مفروضة بقوانين فيزيائية، لكن في المنظومات الامبر والاكثر تعقيدا تقوم المعلومات المخزنة في المركز مقام القوانين الطبيعية. المنظومات لها قوانينها، بمعنى لها منطقها وقواعدها التي تحكم التعامل بين مكوناتها والتعامل مع الوسط الخارجي. وهنا يجب ان ننوه بخاصية مهمة وهي اللغة، لغة التشفير والتخزين ولغة التواصل. ان القواعد التي تحملها الجينات في النواة مخزنة باستخداك ابجدية، اي رموز تشفير. الابجدية مكونة من خمسة حموض امينية، اي خمسة احرف. وكل متتالية من الحموض تشكل كلمة، وكل مجموعة متتاليات تشكل جملة، او امر، ومل مجموعة من الجمل تشكل مقطعا، اي بروتوكول مكون من مجموعة اوامر. كل نشاط في الخلية محكوم بهذه البروتوكولات المخزنة والمشفرة بمتتاليات الحموض الامينية. ومكونات الخلية تتلقى هذه البروتوكولات باستخدام لغة تواص وتخاطب اسمها سلاسل الار ان ايه. وعندما تصل الاوامر الى المكون المختص تتم ترجمتها الى بروتينات، ثم تقوم البروتينات بالوظيفة الخاصة بالمكون المعني. خمسة حموض امينية في الخلية يمكن ان تقود صناعة حوالي خمسة عشر الف بروتين مختلف. سادسا، الانبثاق، او ما يسميه السوسيولوجيون emergence. عندما تتمايز المكونات وظيفيا وتتكامل وتنعزل عن الوسط المحيط تحصل المعجزة التي نسميها الانبثاق. وفيها يخرج الى الوجود شيء جديد لم يكن موجودا قبل ظهور المنظومة ولم يكن ليوجد باجتماع المكونات دون العلاقات الناظمة. في النواس، اجمع الخيط والكرة والمرتكز فلن تخصل على نوسان. لكن اذا رفعت الكرة وشددت الخيط واسقطت الكرة لتقوم الجاذبية بعملها فانك ستحصل على نواس. الانبثاق هنا هو حركة النوسان الدورية المنتظمة. هذه الحركة التي لم تكن موجودة قبلا ولا توجد الا في منظومة النواس، هي ظاهرة تقوم بها المكونات ككل متمايز ومتكامل في المنظومة. بالنسبة للخلية فان مجموع النواة والجينات والسائل الخلوي والمكونات المتخصصة والغشاء تعطينا شيئا جديدا هو الخلية الحية والمتحركة والتي تقوم تتكامل مع خلايا اخرى في منظومات بيولوجية اكبر واكثر تعقيدا. الانبثاق هو الجديد الذي تقدمه المنظومة للطبيعة. الجديد النافع او الضار او المحايد لكنه الجديد الذي لم يوجد قبلا. سابعا، الارتقاء. متى وكيف تتحول المكونات الى منظومة، اي متى وكيف يظهر الانبثاق. في المنظومات الميكانيكية، مثل ساعة الحائط، هناك فاعل يضع مخطط المنظومة ويختار مكوناتها ويجمعها ويحدد علاقاتها من اجل انتاج منظومة جديد هي ساعة الحائط. الانبثاق في هذا المثال هو الحركة المنتظمة المجزءة الى فترات زمنية كالثانية والدقيقة والساعة واليوم، اي قياس الوقت. الارتقاء من نواس وعلبة ودواليب معشقة وعقارب ولوحة دقائق وساعات الى ساعة حائط هو من فعل فاعل. لكن في العالم العضوي يكون تشكيل المنظومة بفعل الحركة الذاتية لمكوناتها. في هذه الحالة يكون ظهور المنظومة، او الارتقاء، ظاهرة عشوائية، بمعنى انها تقوم على احتمالات احصائية اي على حظوظ. تشكيلات الطيور في طيرانها مثال جيد على ظاهرة الارتقاء. حين تتبع الطيور بعض القواعد البسيطة فان منزونة اكبر ستظهر الى الوجود دون وعي من اعصاء المجموعة. الارتقاء في العوالم حيث الحركة ذاتية يكون صدفة ودون وعي من المكونات. وحتى في العوالم التي تبدو ميكانيكية للوهلة الاولى، مثل الماء، فان ظهور المنظومات يكون ذاتيا. في منظومة الماء والطاقة الحرارية فان انخفاض هذه الطاقة الى حد معين يؤدي الى تبطيء حركة جزيئات الماء وانتظامها في بلورات، وهذه البلورات قد تنتظم معا ايضا لتكون بلورات الثلج. انخفاض درجة الحرارة لا يكون احيانا ضامنا للتبلور. فقد يحصل ان تنخفض الحرارة بسرعة وان لا يتجمد الماء. ثم فجأة وعندما تحط فراشة على سطح الماء يتجمد السطح كله. اي ان مكونات وشروط المنظومة قد تنوجد، لكن هذا ليس ضامنا لظهور المنظومة، والكيميائيون يعرفون هذا جيدا... يتبع
حسام عتال اقترح: The Philosopher Redefining Equality Elizabeth Anderson thinks we’ve misunderstood the basis of a free and fair society.
By Nathan Heller
December 31, 2018
رد على حسام عتال: لم استطع اكماله لاني غير مشترك، لكن احساسك صحيح. المشكلة في الفلاسفة اليساريين انهم ينتهون بالقبول بان التفاوت في امتلاك الثروة والسلطة هو اساس المجتمع. لكنهم يعتقدون انهم وجدوا الخلاص، اي حقق المساواة تتحقق الحرية. لكن اذا حققنا المساواة فان المجتمع كمنظومة سيزول. التمايز الوظيفي يعني عدم المساواة، والتكامل الوظيفي يعني عدم الحرية. المنظومة قائمة على محدودية المساواة او عدمها ومحدودية الحرية. الانعتاق والحرية يعنيان تفكك المنظومة وزوال الحضارة. انا ارى انه من الافضل الاعتراف بان الحضارة نفسها التي لا نعيش دونها هي منظومة وبالتالي قائمة على عدم المساواة ومحدودية الحرية. لكن هذا لا يعني ارتباط الوظيفة بالشخص. اي يجب ان يكون هناك عامل فقير وصاحب عمل غني، لكن هذا لا يعني ان يبقى الشخص نفسه فقيرا وان يبقى الشخص نفسه غنيا. وجود الوظائف لا يعني ابدية الادوار. تداول الوظائف يسمح بدوران الاشخاص على الوظائف وبالتالي على درجات مختلفة من المال والسلطة. وهذا ما نسميه بتكافؤ الفرص. يمكن ايضا ان نفكر بمنظومات اقل قهرا. الراسمالية الصناعية مثلا انتجت من فائض البضائع ما يكفي لاعطاء العمال مزيدا من الثروة ومزيدا من الوقت والحرية في الانتقال والاختيار. المشكلة كذلك في تعريف المساواة والحرية. هذه مفاهيم ايديولوحية قيمية وليست مفاهيم تحليلية. كل منظومة تعرف الحرية والمساواة بطريقة مختلفة. مشكلة الفلسفة الغربية احيانا هي الاعتقاد بشي كوني اسمه المساواة والحرية. واعتقد ان هذه الفكرة، وهي نفسها حقوق الانسان، فكرة مثالية ايديولوجيا لا اساس لها في الواقع. المساواة والحرية معطاة ضمن منظومة، وليس بشكل مطلق خارج اية منظومة. وتوق الانسان الى شي اسمه حرية نسبي.
بوست 9 - استطرادات وملاحظات، 7 يناير، 2019
- المنظوماتية
جدول مواضيع مثال منظومة اجتماعية المنظومة الفكرية، الايديولوجيا البقاء واعادة خلق الذات الاستقرار والقلقلة والفوضى استهلاك الطاقة انتاج واستهلاك المعلومات، التغذية الراجعة الملاط الجامع للمنظومة، طاقة البناء التفكك، طاقة التفكيك النمو والتطور التشعب المنظومة والحتمية التحكم بالمنظومة المنظومة ولغة الرياضيات
مثال منظومة اجتماعية الاسرة اسرع واوضح مثال على المنظومات الاجتماعية. ولا اقول ابسط لانه لا توجد منظومات اجتماعية الا وهي على درجة من التعقيد. اولا، العزل، الداخل والخارج. بيت الاسرة قد يلعب دور العازل عن الوسط الخارجي. لكن خارج البيت فان ايديولوجيا الانتماء هو ما يعزل الاسرة عن محيطها. اليوم الانتماء هو انتماء بيولوجي للابوين، لكنه ايضا انتماء موثق عند الدولة، وانتماء الى نسب، وانتماء استحقاقات وفروض لا يقدمها او يتلقاها الا افراد الاسرة مثل الاعالة، المحبة، التربية. ثانيا، المكونات والسمات. مكونات الاسرة اليوم هي الابوين والاولاد، في اغلب الاحيان. وكانت في السابق تضم اعضاءا اخرين من الاسرة الممتدة، اي العائلة الاكبر. سمات الافراد التي تدخل في بناء الاسرة هي القدرة على بذل الجهد العضلي والعقلي والعاطفي. من الابوين هناك القدرة الجنسية، والقدرة على فرض الطاعة، ومن الابناء القدرة علىالانصياع. ثالثا، العلاقات ومنطقها. هناك علاقة التبعية المالية والمادية والشعورية، علاقة التربية والتعليم والانصياع والتقويم، علاقة الترهيب بالعنف الجسدي والمعنوي، وعلاقة الترغيب بالعطف وتامين الحاجات والمادبة والشعورية. العلاقات التي تجعل الولد يجترم الابوين وينتمي اليهم والتي تجعل الابوين يربيان الولد ويعتمدان عليه او عليها. العلاقات التي تجعل ضرب الاب للولد مسموحا به والعكس محرما في الدين. العلاقات التي تجعل الولد يرث ابويه دون افراد المجتمع الاخرين. العلاقات التي تجعل الابوين يدافعان عن الاولاد والاولاد يدافعون عن الابوين. كل هذه العلاقات نعتبرها طبيعية وهذا بالذات ما يجعلها منظومة، فهي تعيد انتاج نفسها بطريقة محددة. رابعا، الانبثاق. انه الفرق بين عدة اشخاص يعيشون في بيت واحد وبين اسرة مكونة نن اربعة افراد سواءا عاشوا في نفس البيت ام لا. الانبثاق هو قدرة الاسرة على انتاج اطفال وانتاج ثروه، قدرتها على العمل المشترك من اجل بقاء الجميع. انها قدرتها على خلق ولد لم يكن يوجد قبلا وخلق ام لم تكن توجد قبلا وخلق اب لم يكن يوجد قبلا. خامسا، التمايز الوظيفي. هناك ادوار يحدد تفاصيلها المجتمع. فهناك دور الاب ودور الام ودور الابن ودور البنت، وهناك دور المعيل ودور المستهلك، هناك دور القائد ودور التابع. سادسا، التكامل. لا يكون الاب ابا الا اذا قام بدوره كمعيل وقائد، في النموذج الابوي مثلا. ولا يكون الاب ابا الا اذا كان الابن مطيعا وتابعا. طبعا هناك نماذج متعددة من الاسر. في الاسرة الابوية حيث توزيع السلطة هام جدا، التكامل يكون بقيادة الاب وطاعة الابن، فالقائد غير المطاع ليس قائدا. اختلاف الادوار بين الاب والام هو اختلاف تكاملي. فاذا قام الاثنان بنفس الدور فان نمط الاسرة يختلف وقد يكون غير مقبول اجتماعيا، وقد تتفكك الاسرة. اليوم ومع اختلاط الادوار بين الجنسين يتحقق نوع اخر من التكامل. لكن هذا يتطلب ان يتحول المجتمع باكمله عن نمط قديم الى نمط جديد. سابعا، الذاكرة والبروتوكولات. هل نستيقظ كل يوم ونعرف كيف نتصرف كاسرة. نعم. اذا استيقظت مثلا واكلت لوحدي واغلظت لزوجتي وطردت ابني فلن تكون هناك اسرة. واذا استيقظ ابني وصفعني واخذ مالي قاطع المدرسة واسكن صديقه معنا دون اذننا فلن تكون هناك اسرة. يمكن ان نتفاوض ونغير نمط الاسرة لكن ستكون هناك مرحلة انتقالية قد تؤدي الى تفكك الاسرة. اذن ما الذي يجعلنا نستيقظ كل يوم ونكرر مسرحية الاسرة. انها الذاكرة والاف البروتوكولات التي تربينا عليها. انها الايديولوجيا التي نحتفظ بها في ذاكرتنا. هل هناك بروتوكول يمنعك من الدخول الى بيت الجيران وقضاء الليلة دون اذن، بالطبع. هل هناك بروتوكول يفرض عليك ان ترد المحبة بمثلها لابويك وانت ترد القسوة منهما بالطاعة والاحترام، بالطبع. لو قال لك اي انسان يا اجدب هذا مخ او صندوق بويا فستضربه بعنف، لكن كثير نن ابائنا كانت هذه اسطوانتهم المفضلة والبعض يقول رحم الله ابي قومني حين اعوججت. ثامنا، قنوات التواصل المحدودة مع الخارج. وهنا يجب ان ننتبه الى ان المنظومة هي علاقات. فالتواصل هنا محدود بما يخص هذه العلاقات. مثلا الاهل يتحكمون بمستقبل الاولاد، ولا يمكن لشاب ان يتزوج الابنة دون المرور باهلها. ان عدم احترام القنوات سيؤدي الى زعزعة الاسرة، حسب نمطها. قد لا يزعزع هذا الاسرة الامريكية لكنه سيزعزع الاسرة السورية. اي خلخلة بعلاقة الاعالة ستؤدي الى زعزعة الاسرة. فاذا اعطى غريب الى ابني مالا كثيرا دون ان يمر بي فانه سيكسر علاقة التبعية بيننا التي تسمح لي بتربيته وتسمح لي لاحقا بالاعتماد عليه في كبرتي. اذن القنوات تخص العلاقات. اما مثلا خيار ابني لاصدقائه بما لايمس علاقتنا ايا كان شكلها فانه لن يؤثر على الاسرة. اما رفيق السوء فلابد ان يمر تحت عين الابوين المراقبة والا خسرا الولد، ليس ككائن حي وانما كابن مطيع. تاسعا، ما فائدة كل هذا التحليل. اخترت مثالا يعتقده الناس طبيعيا، لكنه صناعي كاي مثال اخر. لكن اذا ذهبت الى اي مجتمع واردت دراسة الاسرة فانك ستعرف تماما عما تبحث، اي عن ايديولوجيا الانتماء، عن السمات عن المكونات عن العلاقات عن التمايز الوظيفي وعن التكامل. وعندها فانه سيمكنك تحليل اية ظاهرة تدخل الاسرة في تكوينها، او حتى رمز الاسرة. مثلا اذا اردت دراسةظاهرة الاخوان المسلمين ولماذا يتكاثرون بالانقسام وكلهم يشبهون بعضهم، ابحث عن اصغر وحدة في الجماعة وطريقة المعاشرة بين اعضائها. فانك ستجد ان اسمها اسرة وانها تتبع تماما نفس بنية الاسرة الابوية في المجتمع المسلم المحافظ. واذا اردت ان تفهم لماذا يدرس كل المتفوقين في سوريا الطب الى درجة ان الثورة السورية كانت متخمة بالاطباء الذين يدعون التفوق والقيادة، فانك ستجد اجابة جزئية في الاسرة السورية ودورها الاقتصادي وتبعية الابناء للاهل ومفهوم الاولاد كمخزون رمزي لوجاهة الاسرة يعادل ما كان قديما امتلاك الاب للاولاد، ومفهوم الاولاد كضمان اجتماعي للكبرة. هل الماركسية قادرة على مثل هذا التحليل. انتبهت الماركسية الى علاقات السلطة داخل الاسرة وخاصة علاقة التبعية المادية للاب لكنها غير قادرة على تحليل العلاقات الاخرى. التحليل الاسلامي للاسرة مثلا هو ليس تحليلا وانما اعادة انتاج اسرة من نمط معين. الايديولوجيات ليست ادوات تحليل ناجحة، لانها قيمية وعمياء تجاه الايديولوجيا نفسها. اي ان التحليل الاسلامي سيعطيك الحلال والحرام، الاسرة المسلمة، وواجبات الابوين والاولاد، لكن لكن يقول لك ابحث عن العلاقات التي تجعل الاسرة منظومة لوحدها. التحليل السوسيولوجي او النفسي هو تحليل منظوماتي حتى وان لم يستخدموا هذا المصطلح. المنظوماتية تعطيك علبة ادوات كاملة لتحليل البنية والتفكك والتطور وتعدد الانماط واعادة الانتاج داخل اية منظومة.
بوست 10 - المنظومات الفكرية - الأيديولوجيا والجهادية، يناير 10، 2019
- المنظوماتية
حتى أستطيع أن أشرح فهمي للجهادية وحتى أوسع هذا المفهوم فإني بحاجة إلى ما أسميه بالمنظومات الفكرية. وبهذا يكون هذه البوست حلقة في سلسلة المنظوماتية وبوستاً عن الجهادية كما وعدت في آخر بوست كتبته. تحدثت في السابق عن منظومات فيزيائية مثل النواس ومنظومات عضوية مثل الخلية ومنظومات إجتماعية مثل الاسرة. هناك أيضاً منظومات غير ملموسة، لكنها ليست أقل انتظاماً من المنظومات العضوية أو الإجتماعية، وهي المنظومات الفكرية. في هذه الحالة يجب تحديد مكونات المنظومة، اي الاشياء والمواد التي تدخل سماتها في علاقات لانتاج المنظومة. اشياء ومواد ومكونات المنظومات الفكرية هي الافكار. وهنا لا بد لنا من تعريف الافكار. . الفكرة مفهوم أعقد مما نتصوره للوهلة الأولى. لكن، ومن أجل توضيح المفهوم فإني ساميز مايلي. الحالة الذهنية هي التمثيل الدماغي للوسط المحيط الفيزيائي (بما فيه الدماغ نفسه). الإحساس هو حالة ذهنية تولدها الحواس الخمسة والحاسة السادسة (أي الإحساس بالدماغ نفسه). الشعور هو حالة ذهنية قيمية (حزن، فرح). عندما يجمع الدماغ عدة حالات ذهنية تحت عنوان واحد فإننا نحصل على المفهوم (أي المعنى). الطاولة مثلاً صور لأشياء كثيرة في الدماغ يعتقد الدماغ أن هناك رابط يربطها فيجمعها معاً. قد يجمع الدماغ بين احساسات ومشاعر في مفهوم واحد، مثل الكرامة أو الأخوة أو الأمان أو الطاولة الجميلة. الفكرة هي ربط بين مفاهيم بحيث تعكس وجوداً أو سيرورة في الخارج الفيزيائي أو الداخل الدماغي. فمثلاً أنا أحس بالسعادة، أو الشمس حارة، أو الكلب يمشي.
يجب التمييز بين الفضاء الفكري للفرد ضمن الجماعة والفضاء الفكري للجماعة. يمكن أيضاً أن نتحدث عن فضاءات فكرية أعم تضم كل ما تم إنتاجه في لغة معينة أو كل ما أنتجته البشرية. الفضاء الفكري الفردي هو كل الافكار التي فكرها ويفكرها شخص محدد، سواءاً كان واعياً لها أم لا، وسواءاً كان قاصداً لها أم لا. إذا أردنا إدراج المفاهيم والمقولات المكتوبة والملفوظة فإننا نعبر عن جزء من فضاء الافكار. والإفتراض هنا هو أن القول يسبقه أو يوازيه الفكر. هناك افكار لا نقولها ولا نكتبها واحيانا لا نعيها. التفكير واع وغير واع. الفضاء الفكري للجماعة هو كل الافكار التي فكرها ويفكرها وسيفكرها جميع أفراد الجماعة خلال فترة حياة الجماعة، أي ما دامت جماعة. يمكن تعريف فضاء أوسع يحتوي كل الأفكار التي فكرها ويفكرها ويمكن أن يفكرها كل أعضاء المجموعة الحاضرون والسابقون والتالون، طوال مدة حياة الجماعة كجماعة. في هذه الحالة فضاء الفرد في الجماعة هو جزء من فضاء الجماعة. وكما ذكرت يمكن توسيع هذه الفضاءات إلى فضاءات الأمة التي الجماعة جزء منها، فضاء اصحاب اللغة الواحدة التي تتكلمها الجماعة، او فضاء الإنسانية جمعاء، فضاء كل ما يمكن للعقل البشري أن يفكره في أي وقت كان ما دام عقلاً بشريا. لماذا هذا التحديد لغير الملموس بالملموس أي لماذا هذا التحديد للفضاء الفكري بفرد أو جماعة أو أمة أو بشرية؟ السبب هو أن الفكر لا يوجد وحده، فلا بد له من فرد مفكر يعيش ضمن جماعة مفكرة وفي وسط فيزيائي معين. الوسطان الفيزيائي والإجتماعي يؤثران ويتأثران بالفضاء الفكري. للتسهيل سنعتبر ان الفضاء الفكري الذي نعمل ضمنه هو فضاء الانسانية جمعاء. في الحقيقة اي فضاء اخر جزئي هو بنية، اي لهل قواعد تنظم انتماء الفكرة الواحدة اليها. وانا اريد ان اتحرك في فضاء مفتوح وغير مقيد باية بنية. في الجبر التجريدي ناخذ فضاء الارقام ونحدد علاقة جمع او ضرب ذات خواص معينة، كل ناتج للعلاقة يقع ضمن فضاء جزئي له بنيته الخاصة. واعتقد ان اية منظومة فكرية هي مثل هذه العلاقات التي تنتج فضاءات جزئية. حلول المعادلة التفاضلية مثلا والتي تعبر عن علاقة بين متحولات تشكل فضاءا جزئيا له بنية خاصة. المهم فضلت الفضاء الاعم حتى اتفادى الاخطاء.
مكونات المنظومة الفكرية هي الأفكار (عناصر الفضاء الفكري). والسمات التي تدخل في العلاقات بين الأفكار هي سمات الفكرة مثل حرارة الشمس عالية(اي مفهوم الحرارة الخاص بمفهوم الشمس، ومفهوم العلو حين نطبقه على الحرارة). تنتظم الافكار في بنيات اعقد مثل المقولات. فمثلا نقول لكل فعل ردة فعل تماثله بالشدة وتعاكسه بالاتجاه. المقولة قد تعبر عن علاقة ولهذا لن اعتبرها من مكونات المنظومة الفكرية وساحافظ على الافكار كمكونات لهذه المنظومة. يتبع...
بوست 12 - تابع المنظومات الفكرية - الايديولوجيا، 20 يناير 2019
- المنظوماتية
بعد عناء وصلنا الى مكونات المنظومات الفكرية، اي الافكار، عناصر في الفضاء الفكري العام للبشرية. في الحقيقة يجب تعريف فضاء المكونات والسمات لكل منظومة لكني لم افعل واعتمدت على الحس السليم عند القارئ. اما المنظومات الفكرية فكان لابد من تعريف مكوناتها بدقة. اذن لدينا افكار، وكل فكرة لها سمات اهمها، انها تعبر عن واقع ما، وان لها قيمة مثل صحيحة وخاطئة، جيدة وسيئة، مفيدة ومضرة. القيمة سمة شديدة الاهمية بالنسبة للمنظومات الفكرية. لكن سمتها كانعكاس لواقع ما، او ادعاء التعبير عن واقع ما، هو ما يسمح للمنظومة الفكرية من ان لا تكون مجرد هلوسات. ليس من الضروري ان تكون الفكرة انعكاسا دقيقا للواقع الملموس، الا انه من الضروري ان تحاكي الواقع على مستوى من المستويات. اذا قلنا "للاشجار ارواح"، فان قيمة الفكرة "صحيحة او خاطئة" قيمة نسبية حسب الشخص، لكن يجب ان تحاكي مشاهدات في الواقع يعتبرها المفكر ممكنة ومنطقية، او غير مخالفة لكل تجربة وملاحظة. مثلا الشجرة تكبر، الشجرة تتحرك، الشجرة تطلق اصواتا. كل هذه الملاحظات واقعية ومرتبطة في ذهن المفكر بمفهوم الروح. قدرة الفكرة على محاكاة الواقع هو ما يسمح للانسان بالبقاء والاستمرار. اذا كانت فكرة "الحيات سامة" لا تعبر عن حيوان متحرك يمكن ان يؤدي الى موت الانسان بسبب السم الذي يفرزه فان الجنس البشري سيموت حتما. القيمة هي ما يعطي الفكرة قدرة على انتاج الفعل. "الحيات سامة" كفكرة يجب ان تؤدي الى الفرار والابتعاد عن الحيات. وينتج هذا الفعل من قيمة الفكرة او مغزاها، اي "مضرة سيئة مميتة". "الحيات سامة" وحدها تشبه فكرة "الارض تدور حول الشمس"، انها ملاحظة فقط، هذا هو الواقع. لكن القيمة هي ما يحمي الانسان. بالنسبة للانسان المعلومة في الفكرة جزءان على الاقل، التعبير عن الواقع، والقيمة. الايديولوجيا او المنظومة الفكرية هي مجموعة افكار يحكمها منطق معين يحدد المعلومة بجزئيها والاستنتاجات القائمة عليها، اي العلاقات، وغالبا ما يحدد الافعال المرتبطة بهذه الافكار. وهذا مانجده غالبا في تعريفات الايديولوجيا كرؤية للواقع ذات منطق معين تشرح وتنصح.
مثال، "النساء قاصرات عقل ودين، ديدنهن الغواية والفتنة، فاحذرهن واختر زوجتك بعناية حتى تسعد بحياتك وتبتعد عن الزنا والجهالة وسفاهة العقل والقول". هل هذه الأفكار والمقولات أيديولوجيا؟
الايديولوجيا هنا ليست فقط الافكار المكتوبة والملفوظة بل مجموعة كبيرة من المفاهيم والافكار والقيم غير الملفوظة او المكتوبة. اللغة لا تعبر الا عن فتات من المنظومة الفكرية. لدينا هنا مفهوم المراة والعقل والدين والغواية والفتنة والقصور والديدن والزوجة والحياة والزنا والجهالة والسفاهة. هذا بالاضافة الى مفاهيم الرجل والزوج والزواج وافنتان الرجل والاسرة والذنب والعلاقات الاجتماعية وسلطة الرجل والثواب والعقاب والقضاء والقدر او المستقبل والعلاقة الجنسية والجسد. ولدينا افكار غير مكتوبة مثل "مع ذلك يجب ان تتزوج من امراة"، "لا تنفع المراة لاي شيء اخر"، "العقل والدين اهم مافي الانسان"، "العقل والدين كافيان لاطلاق حكم على اي انسان"، "سفاهة العقل والقول محددات اساسية لمكانة الرجل الاجتماعية"، "بعض النساء ورغم كونهن ناقصات عقل ودين يستطعن ضبط هذه المساوئ فاختاروهن كزوجات"، "سعادة المراة في الزواج غير مهمة، الاهم هي سعادة الرجل"، "لا نصيحة لدينا للنساء فيما يخص الزواج". ولدينا مجموعة من القيم "النساء قاصرات عقل ودين" صحيحة، مفيدة، دينية، مطلقة، عالمية، ضرورية، ذات اولوية، لا تقبل النقاش، خطيرة. وكذلك بالنسبة لافكار "ديدنهن الغواية والفتنة". "سفاهة القول والعقل تهدد مكانة الرجل الاجتماعية" صحيحة، مهمة، خطيرة. ولدينا علاقات مثل "اختيار المراة يحدد سعادة الرجل ومكانته الاجتماعية وتقييمه عند الرب"، "الاقتراب من النساء يعرضه لخطر الغواية والفتنة"، "الرجل لا يد له في الافتتان فهو ياتي من المراة"، "الافتتان قد يؤدي للزنا"، "التعامل مع النساء قد يؤدي لسفاهة العقل والقول"، "المراة خطر على الرجل لكن لابد منها"، "السعادة الزوجية هي سعادة الرجل"، "غياب سعادة الرجل سيؤدي الى تفكك الزواج"، "باعتبار ان ديدن المراة هو الغواية وفتنة الرجل فان المراة حتى ولو كانت زوجة فقد تمارس هذين الفعلين، اذن لا توجد ضمانة حقيقية"، "غواية رجل غير الزوج تقضي على الزواج"، "بعض النساء افضل من ناحية قصور العقل والدين فعلى الرجل البحث عنهن"، "اختيار الرجل للمراة غير الصالحة التي نسبة القصور عندها كبيرة ليس ذنبا لان النساء يخفين هاتين الخصلتين من خلال غواية الرجل وفتنته".
قلنا انه من شروط المنظومة الانعزال عن العالم الخارجي، وهو هنا فضاء الافكار خارج مجموعة افكار ومقولات ومنطق المنظومة. وقلنا ان تعامل المنظومة مع العالم الخارجي يكون عبر قنوات محددة. فكيف نتحقق من وجود هذين الشرطين. وجدنا ان المقولات السابقة لا تشكل منظومة الا اذا ادخلنا مفاهيم وقيم ومقولات وعلاقات اخرى مثل قوامة الرجل، الرجل مجرد متلقي في علاقة الغواية، العلاقة الجنسية محرمة خارج الزواج، محور الزواج والاسرة هو الرجل والمراة مجرد شر لا بد منه، استمرار العلاقة الزوجية يقرره الرجل فاذا كان سعيدا استمر الزواج، قرار فك الزواج سببه المراة لانها لم تسعد زوجها بسبب قصولا عقلها ودينها، الانسان يعرف بعقله ودينه وعكسهما الجهالة والسفاهة وارتكاب الذنوب، الزواج يكون بين رجل وامراة، الزواج ضرورة للرجل والمجتمع، العلاقة الجنسية محفوفة بالمخاطر، على الرجل ضبط زوجته حنى لا تقوم بالغواية والفتنة، المجتمع والدين يقران هذه الافكار. كيف تتفاعل الافكار الاخرى مع هذه المنظومة وكيف تعزل المنظومة نفسها، واين التفاضل الوظيفي والتكامل. .... يتبع