تاريخ المدينة في الشرق الأوسط
مقالة محمد الربيعو تاريخ المدينة في الشرق الأوسط
شكراً استاذ محمد الربيعو على هذه المراجعة القيمة. من الصعب مراجعة كتاب مؤلف من مقالات لكتاب مختلفين بمواضيع مختلفة. وكان خيارك لمحور واحد خياراً صائباً وعملياً. إن موضوع المدن وتنظيمها وعلاقتها بالمجتمع وثقافته موضوع مثير حقاً وللأسف فهو من أقل المواضيع تواتراً في أدبيات الكتاب والمثقفين العرب. لقد أصبحت الجغرافية الثقافية جزءاً من العلوم الإجتماعية وقدمت مصدراً مهماً للمعلومات والتحليل الإجتماعي الماكروي. ولا يجب أن نهمل ذكر المشروع الألماني (منذ 2006) لإعادة تنظيم حلب القديمة، ومحاولات سابقة في دمشق أيضاً. ويجدر بالذكر دراسة حديثة للباحث Daniel Neep بعنوان إستعمار سوريا تحت الإنتداب الفرنسي (Occupyin Syria under the French Mandate) حيث يدرس الكاتب العلاقة بين الإستعمار والإعمار أي بين محاولة إخضاع المجتمع وفرض السيطرة وبين التنظيم الحضري للمدينة وريفها المحيط. هناك عدة دراسات عن العمارة الفرنسية في المستعمرات والتي تم تحويلها إلى مخابر لتجربة النظريات العمرانية- السلطوية الجديدة في المدرسة المعمارية الفرنسية. لي ملاحظة أخيرة. لا يزال الباحثون الغربيون متعلقين بمفهوم "المدينة الشرقية" أو المدينة الإسلامية" مع أنه مفهوم استشراقي تم نقده. لا توجد مدينة إسلامية بل توجد مدن يسكنها مسلمون. إن الجمع بين أنقرة وإسلام أباد وحلب في كتاب واحد مجحف ومشتت. إلا إذا كان هذا الجمع من باب المقارنة. وربما تكون المقارنة ممكنة بين مدن غير مسلمة ومدن مسلمة تشترك ببعض الصفات أنجع من مقارنة مدن لمجرد أن مسلمين يسكنونها. وعلى فكرة ليس الموضوع اختصاصياً إلى هذه الدرجة إذ ليس من الضروري أن يكون الباحث معمارياً ليكتب في هذا المضمار.ويمكن للكثير من المهتمين الكتابة عن صفات حضرية هامة مثل التوزع الطائفي في المدن، التنظيم الحضري بعد حزب البعث، العشوائيات وأحزمة الفقر، الضواحي وإعادة إنتاج الطبقة الوسطى المدينية، مباني الضباط وإنتاج طبقة جديدة، الجمعيات السكنية والإختلاط الإجتماعي، المدينة القديمة وأحزمة البيوت الحديثة، أسواق الحميدية وبرنامج التنمية في أواخر الدولة العثمانية، كلها مواضيع ممكن ومغنية للحوار.