المنظومة الموازية-المظليون

من Wiki Akhbar
نسخة ٢٠:٥١، ١٨ أغسطس ٢٠٢٠ للمستخدم Aatassi (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مظليون

المظليون: مثال عن توظيف مؤسسات التعليم المركزي في تفتيت المجتمع

قد يتسآل القارئ عن علاقة "المظلة" بالتعليم. في الحقيقة لا يوجد أية علاقة منطقية ولكن مع البنية الإدارية الشكلية للمؤسسات التي نتجت عن احتلال حامل السلاح لمركز الإدارة في المؤسسة دون أن يكون عنده أي تأهيل إداري أو معرفي. وجرأة حامل السلاح على اتخاذ القرارات الإدارية الاستراتيجية العليا في مجالات ليس له فيها أية خبرة ومع قبول الموظفين تنفيذ أي قرار صادر عن أي شخص لمجرد أنه جلس في كرسي المدير فإن كل شيء ممكن. لا نحتاج هنا لأية علاقة منطقية ولأي تبرير منطقي وبالتالي ستنهار بالتدريج كل المؤسسات وسيأتي هذا اليوم الذي نرى فيه مؤسسات البلد تدمر البلد بسواعد أبناء البلد وبأفكار أبناء البلد.

المسؤولية هنا لا تقع على حامل السلاح فقط بل تقع على الموظف  أيضاً الذي ينفذ خوفاً وطمعاً تعليمات صادرة عن إدارة غير مؤهلة. في مجال التعليم يشترك في تحمل المسؤولية حامل السلاح المجرم والممثل للمنظومة الموازية الذي يقوم  بتركيع المؤسسة لصالح حامل السلاح ويشترك فيه أيضاً كوادر العملية التعليمية نفسها بما فيهم الطبيون والسيئون ويشترك  فيه أيضاً الطلاب المتعلمون أنفسهم. إن عدم وعي الناس لهذه النقطة بالذات ستطيل إلى قترة طويلة الألم الذي يعيشه السوريون.

ما المقصود بـ "المظليين" في منظومة التعليم

في فترة السبعينيات قامت المنظومة الموازية بتجميد عمل المنظمات الطلابية والنقابية وأنشأت كيانات بديلة مثل "شبيبة الثورة" و "طلائع البعث". الدور الأساسي لهذه الكيانات (مثل دور الفرق الحزبية) كان تكريس تحكم المنظومة الموازية التي تحركها المخابرات في كل قطاعات الدولة وبشكل خاص في القطاع التربوي. كان معظم أدوات المنظومة الموازية هم من المنتفعين من أعضاء حزب البعث الذي قامت المنظومة الموازية باعتقال قياداته وبسجنهم أو طردهم أو قتلهم لذا كان الولاء نفعياً. كانت المنظومة الموازية تعيد تشكيل نفسها كي تتمحور حول "الفرد" وليس حول "الحزب" أو "الطائفة". ولذا فقد تم تشكيل مجموعات من طلاب الثانوي يتم تدريبهم ظاهرياً بالقيام بعمل شبابي و هو القفز بالمظلات. ولكن الحقيقة هي أن الغاية من تلك المجموعات هي توريط الفتيان في سن مبكر قبل أن تكون لديهم القدرة على المحاكمة العقلية كي يشكلوا مجموعة مرتزقة من الكوادر الطلابية في المرحلة الثانوية والجامعية التي تتبع لـ "رفعت الأسد" شقيق "حافظ الأول" وبما أن المنظومة الموازية ستتشكل حول الفرد فسيكون "حافظ الأسد" رئيساً للجمهورية بينما سيكون شقيقه "نائب رئيس الجمهورية" حيث ستتم تهيئته لخلافة أخيه. وسيستمر ذلك حتى يكبر الابن الأكبر لحافظ الأسد "باسل الأسد" قليلاً مما ستؤدي بنية المنظومة المزازية المتمركزة حول الفرد لطرد "رفعت الأسد" من سوريا. وبعد مقتل "باسل الأسد" سيتم الإعداد السريع لشقيقه "بشار الأسد" لخلافة ابيه. كان الرفيق المظلي مختلفاً عن أقرانه فقد كان يحمل السلاح بشكل غير قانوني بالنسبة لمؤسسات الدولة ولكنه مقبول عند الجميع لأنه يزود به من قبل المنظومة الموازية. أصبح الشرطي في تلك الفترة بلا قيمة. وفي نهاية المرحلة الثانوية كانت تجرى مفاضلة خاصة للرفاق المظليين بحيث تسمح له في بعض الاحيان بتجاوز زملائه بنسبة حوالي عشرين بالمئة من معدل دخول الجامعات مما جعل معظم الكليات في متناول معظم "المظليين" مهما كان تأهيلهم التعليمي ضعيفاً أو مهما كانت قدراتهم العقلية محدودة.

المظليون هم تعميم لعقلية "الانقلاب العسكري" على مؤسسة التعليم

إن الطريقة المضحكة التي كان يسيطر بها الضباط الإنقلابيون في الجيش على الجيش من خلال تآمر مجموعة منهم ثم من خلال احتلال مبنى قيادة الأركان بقوة عسكرية ومن ثم التلاعب بالسجلات بحيث يتم حذف أسماء آلاف الضباط الذين لا يحبهم الانقلابيون وإضافة أسماء آلاف الضباط الآخرين والترقية بدون مؤهلات لآلاف الضباط قد حولت مؤسسة الجيش إلى مؤسسة خلبية شكلية لا علاقة لبنيتها بأي هدف من أهدافها الاساسية. الخطير في الموضوع أن هذه العقلية قد استخدمها الضباط الانقلابيون في احتلال مؤسسة الرئاسة والبرلمان وباقي المؤسسات السيادية في الدولة وقد نجحوا بشكل يسير بالطبع بتنفيذ ذلك الاحتلال وبشكل يسير أصبح موظفو الدولة تابعين لإرادة الضباط الانقلابيين غير المؤهلين أصلاً لقيادة الجيش. لذا كان من الطبيعي أن يفكر الضباط الانقلابيون بتطبيق فكرة تسليح بعض الطلاب كي يسيطروا من خلالهم على المدارس والجامعات. فإذا كان الضباط الانقلابيون لا يدركون أصلاً هدف الجيش فهم من باب أولى لا يدركون أهداف المؤسسة التعليمية وهم سيطبقون مبادئ المؤامرات والتحالفات السرية بين الضباط في المجال التعليمي وهم لذلك بحاجة لمجموعات طلابية صغيرة تتورط معهم في احتلال مؤسسات التعليم.

الثمن الذي دفعه المظليون على مستواهم الشخصي هو تدمير أنفسهم

إن إحدى غايات المؤسسة التعليمية هي تطوير قدرات الفرد الشخصية ليأخذ موقعه الذي يستطيع من خلاله التعاون مع المجتمع فيستفيد هو من إمكانات المجتمع ويستفيد المجتمع من إمكاناته في سبيل الارتقاء بالجميع. إن التوريط المسلح للشباب في سن مبكرة وحقن المفاهيم الحاقدة في رؤوسهم بهدف السيطرة على باقي أفراد المجتمع يدمر أكثر ما يدمر الشباب المظليين أنفسهم. تم استخدام المظليين في مواجهات محلية أدت إلى مقتل العديد منهم في سبيل تكريس تحكم المنظومة الموازية. من ناحية ثانية فإن معظم المظليين الذين دخلوا من دون تأهيل حقيقي للجامعات كانوا مضطرين للاستمرار في الورطة في التعامل مع المؤسسات المخابراتية والحزبية التابعة للمنظومة الموازية كي ينجحوا بشكل بطيء في تمرير امتحاناتهم الدراسية من خلال عمليات الغش والتزوير. كثيرون منهم لم تكن لديهم القدرة الكاملة على الغش في كل الامتحانات فضيعوا سنوات كثيرة من عمرهم قبل أن يتم فصلهم أما البعض الذي استطاع إكمال مسيرة التزوير فقد تخرج من كليته من دون أن يكون لديه الثقة بنفسه ومن دون أن يكون لدى الناس أية ثقة بمؤهلاته ليضطر أن يحيى كامل حياته كخلية سرطانية في المجتمع.

الثمن الذي تم دفعه الناس هو تدمير حاضر و مستقبل البلاد

أما الثمن الذي دفعته البلد وتدفعه البلاد اليوم ثمناً لتخريب المؤسسة التعليمية فهو هائل جداً. دمار البلد الحالي هو جزء منه : 1- تربية الناس على النفاق 2-تربية الناس على الخوف بما يكمل دائرة "الترويع المجتمعي" التي نتحدث عنها حيث تتوافق مؤسسة المخابرات مع مؤسسة الجامعة مع باقي مؤسسات الدولة في نشر ثقافة خوف الإنسان وتركيعه. 3-اعتبار أن المؤسسة التعليمية هي غنيمة بيد الحاكم العسكري التي نالها نتيجة غزوته الانقلابية وبالتالي فهو يشعر بأن من حقه أن يقدم شهاداتها وكراسيها لمن يشاء من المنافقين له. فالمقاعد الطلابية كانت توزع كأعطيات وحتى الوظائف كانت تقدم كأعطيات عبر شبكات المعارف المتصلة بالمنظومة الموازية 4-لقد تم تشويه معنى "العلم" ليصبح المعنى هو "الحصول على الشهادة الكرتونية" فقدت الشهادة والامتحانات المدرسية والجامعية قيمتها المعيارية في تصنيف الطلاب حسب قدراتهم فلا قيمة علمية لامتحان البكالوريا كله إن كان هناك استثناء واحداً تقوم به القوة المسلحة بشكل رسمي تعطي فيه لمن يحمل السلاح علامات بالمجان 5-أدى ذلك لتخريج كوادر كثيرة غير مؤهلة ساهمت في تخريب البلد. الأفظع من ذلك هو دخول لعبة "الانتماء للحزب الحاكم" في عملية الإيفاد الجامعي للحصول على الدكتوراة حيث أدى ذلك مع الزمن لوجود عدد كبير من الأساتذة الجامعيين (وغير الجامعيين) الذين لم يعيشوا يوماً جو جامعات حقيقية فهم لا يعرفون معنى المنظمات الطلابية ولا يعرفون معنى المجالس الجامعية الحقيقية وهم عاجزون عن إنجاز مشروع نهضة فكرية حقيقية. ففي معظم الأحيان تكون نظرة مثل هؤلاء الدكاترة (وهم كثيرون جداً) للجامعة على أنها "وظيفة محترمة" تؤمن لهم مردوداً مادياً جيداً وتؤمن لهم احتراماً مجتمعياً. هذا التورط للأساتذة الجامعيين شديد الخطورة فمعظم الأساتذة الجامعيين في سوريا عاجزون في الحقيقة عن أخذ مراكز علمية حقيقية في الجامعات العالمية ولذا فهم مضطرون للقول بأن "جامعاتنا راقية" كي يؤمنوا لأنفسهم احتراماً أدنى على حساب مستقبل البلاد 6- مع تخريب الإدارات الجامعية والتلاعب بالقبول الجامعي انقطعت العلاقة بين عملية التأهيل الجامعي وبين احتياجات البلد المستقبلية مما أدى لانعزال الجامعة عن الواقع فيوجد عشرات آلاف الخريجين ولكنهم يعملون خارج نطاق اختصاصهم. أدى ذلك مع الزمن من ناحية ثانية إلى ضعف إمكانات الخريج حتى لو عمل ضمن اختصاصه حتى أننا وصلنا لمرحلة يقتل فيها مئات آلاف السوريين ويعذبون ولا يشعر عشرات آلاف خريجي الحقوق بدورهم في ذلك ويتم قطع ووصل الكهرباء مع وجود آلاف من مهندسي الكهرباء لا يشعرون بمسؤوليتهم عن ذلك والأعجب هو أن كلية الحقوق وكلية الكهرباء تستمر بتقديم الخريجين الوهميين وتستمر الجامعات مثل باقي المؤسسات بعملها الشكلي الوهمي رغم أن نصف البلد قد تم تدميره

يجب على المظليين والبعثيين وباقي الناس فهم "آلية التوريط" التي ينزلقون عبرها

لا شك أن هناك مسؤولية فردية يتحملها كل فرد تورط بالانتماء للمظليين أو للبعثيين (سأتحدث عن هذه المسؤولية لاحقاً عندما أتحدث عن الكوادر التخصصية في المنظومة الموازية). كثير من الرفاق الحزبيين والمظليين وقفوا في صف المؤيد أو المعارض. ولكن الأهم هو أن يفهم "المظلي" أو "الحزبي" آلية "التوريط" و "الاستدراج" التي تم اتباعها معها جرياً وراء مصلحة شخصية موهومة لأنها تتضمن تخريب المؤسسات وتخريب البلاد مما يؤدي لدمار المصلحة الشخصية والجماعية معاً. إن أهم عمل يقوم به الرفيق المظلي والبعثي أن يفهم هذه الآلية ويشرحها للناس كي لا ينزلقوا للانتماء بطريقة مشابهة لمجموعات تشبيحية أو أية مجموعات مسلحة لم تنضج أفكارها مثل الجماعات التي تأخذ شكلاً دينياً او شكلاً قومياً أو شكلاً طائفياً

يجب علينا إدراك أهمية مؤسسات التعليم المركزية ودعمها والالتفاف حولها.

إن تخريب مؤسسات التعليم المركزية لا تتحمل مسؤوليته المنظومة الموازية فقط ولا المخابرات فقط ولا الشبيحة فقط ولا ضباط الجيش الانقلابيين فقط. بل يتحمل مسؤوليته كل المواطنين وبشكل خاص المثقفون وبشكل أكبر الأساتذة الجامعيون (لأسباب كثيرة سأتكلم عنها لاحقاً). يجب علينا جميعاً تغيير مفهوم العلم والتعلم في أذهاننا. كما يجب علينا جميعاً التعاون على إنشاء المناهج التعليمية لأبنائنا جميعاً وعلى إنشاء ودعم المؤسسات التعليمية المركزية السليمة التي تسمح ببناء الإنسان والأوطان

33- 31- هذه هي الحلقة 33 من سلسلة كيف نحل مشكلتنا؟