مؤتمر الرياض 2015
محتويات
5 كانون الأول، 2015، عن الرياض ومؤتمرها
عن الرياض ومؤتمرها: إن الشرح السخيف الذي يعطيه الغرب للديمقراطية نجعلنا نعتقد أن أساسها التمثيل أو إنتقاء شخص يعبر عن أراء الجماعة. فكرة أن الجماعة لها رأي فكرة غير منطقية وإحصائياً غير موجودة. الحزب المنضبط هو أقرب ما يكون للجماعة صاحبة الرأي الموحد لكن لن نستطيع أن ندخل كل المواطنين في أحزاب. جوهر المسألة باعتقادي هو التفويض وليس التمثيل. الجماعة تنتقي وسيطاً ليفاوض عنها وتقبل بحكمه. القضية إذن في الإذعان لرأي الحكم الوسيط المفوض أو عدم الإذعان. وفي الحقيقة لا يحقق هذا الإذعان إلا الدولة المتسلطة بقوتها العسكرية ومؤسساتها صاحبة اليد العليا والقوة الضاربة. ما نراه في الحالة السورية طبيعي وسببه غياب الدولة وكذلك غياب مهارة إنتاج المؤسسة الوسيطة التي تفوضها الجماعة وتتفاوض باسمها. السياسيون لا يعبرون عن أراء المواطنين. السياسيون يعبرون عن أرائهم التي بمجموعها قد تعبر عن العديد من أراء الناس لكنها لا تغطيها كاملة. لكن في النهاية نقبل بما يقرر السياسيون في مجلس الشعب لأننا نقبل بمؤسسة التفويض والوساطة. لذلك لا أجد أي جدوى من طلب التمثيل، وكل السياسيين في المعارضة هم من المدعين ولا يمثلون إلا أنفسهم. الطامة الكبرى ليس في هذا وإنما في عدم استطاعتهم الحصول على تفويض، أي أن الناس لن تذعن للإتفاقات التي يخلصون إليها بتفاوضهم مع أي طرف آخر. من سخافة الفهم الغربي للديمقراطية أن العقد الإجتماعي يولد الدولة ولذلك نعتقد بأن علينا كسوريين أن نصل أولاً إلى هذا العقد. الحقيقة هي أن العقد الإجتماعي يأتي بعد الدولة وفي ظلها ووظيفته شرعنة الدولة وليس تأسيسها. المشكلة السورية الآن هي أن المعارضة خارج نطاق الدولة تماماً تماماً وليس من الممكن أن تتوحد أو أن تحصل على تفويض. أما القائد الملهم فهو وهم وصلنا إليه من حشو النموذج النبوي في أمخاخنا وكأن النبي أقنع الناس بالحجة فقط فأذعنوا له. الرجل جرب هذا 13 سنة ولم ينجح ولجأ بعدها إلى قوة السلاح. أما عبد الناصر فليس شخصية قيادية وإنما ظاهرة إعلامية. الناس تحلقوا حوله ليس من كريزماته وإنما بسبب اختراع الراديو والتلفزيون. أمريكا والسعودية والمجتمع الدولي سيفرضون رأيهم بالقوة وسينبطح الإئتلاف دون سؤال أو اعتراض وسنتفاوض مع الأسد وستعود الدولة الإستبدادية ومن ثم نبدأ مسيرة التحرر السلمية من جديد في ظل الدولة وبوجود الاحزاب.
6 كانون الأول، 2015، متابعة
بغض النظر عمن ذهب إلى الرياض ومن تم اختياره ودعوته وعلى أي أساس، لكننا سنقبل. وسينفذون اتفاق جنيف الأخير وسنقبل. وستكون هناك حكومة محاصصة ووقف لإطلاق النار وسنقبل. وسيظل بشار الأسد والمخابرات وسيتم إدخال المليشيات الإسلامية في الجيش، وسنقبل. وسنعرف حقيقة المعارض والموالاة وسنندم على اليوم اللي عرفناهم، وسنقبل. ستبدأ المفخخات والإغتيالات والتصفيات، وسنقبل. ستعود الحرب بشكل متقطع وستكون هناك حدود غير معترف بها، وسنقبل. سيتم استغلال السوريين للقضاء على داعش وجبهة النصرة وسيفشل هذا الجهد وسنقبل. ستقود قطر بمالها عملية إعادة البناء، وسنقبل. سيتم نهب الناس وتشليحها بعض أملاكها وسنقبل. ستكون العملية فاشلة وستؤدي إلى أزمة إقتصادية خلال عدة سنوات وسنقبل. سيغتني أعضاء المعارضة الذين تم اختيارهم للمشاركة في الحكومة وسيتحولون إلى دكتاتوريات معلنة وسنقبل. عندها فقط سيبدأ العمل الحقيقي والتحدي الحقيقي لرغبة السوريين بالتغيير وستبدأ رحلة المائة عام. لا أعرض عليكم خيارات، أنا أقول لكم ما سيحدث فقط.
9 كانون الأول، 2015، متابعة
أخي المعارض لمؤتمر الرياض أو المؤيد له. هناك شيء إسمه مواقف مبدئية وهناك شيء إسمه سياسة. الأول يعطيك إحساس بأخلاقية تصرفاتك لكن لن يوصلك إلى حل المشاكل، أما الثاني فقد يوصلك إلى أحد الحلول لكن ليس الحل المثالي (حل صاحب المواقف المبدئية). في هذه الحالة تذكر أنك سوري وأن أقصى ما تريده اليوم هو وقف القتل وأنك مفلس وعاجز. مؤتمر الرياض قد يأتي بهذا، وقد يأتي بأشياء أخرى كثيرة لا تريدها. لكن لا أعتقد أن "الموت ولا المذلة" مقولة واحد عايش تحت القصف وإنما واحد متلي ومتلك عايش في الخارج. بالنسبة للمؤيدين، أرجوكم لا تجميل ولا تبرير ولا وعود خلبية. السعودية بعمرها ما قدمت لنا شيء مفيد لنا وإنما فقط مفيد لهم. صحيح السياسة السعودية "متأنية" لكن لا يعني هذا أنها ذكية أو أخلاقية أو إسلامية أو عروبية أو أية صفة أخرى. إنها سياسة عائلة مالكة تحمي أملاكها وعلى حسابنا. لماذا علينا القبول؟ لسبب بسيط لكنه كبير، لقد فشلنا وعلينا العودة إلى السلم حتى تتاح الفرصة للناس لتعيش وتعمل وتشارك وتقول رأيها. وأظن أننا نفضل مشاركة أي مدني سلمي على مشاركة عسكر ومقاتلين. هذا رأيي على الأقل. ولا أقول فشلت الثورة لأنه لم يعد هناك ثورة (إلا إذا كنت من جماعة المجاهدين) وإنما أقول فشلنا كأفراد وكمجتمع في إحداث التغيير المرجو. هذا يكفي لنرفع شبح الموت عن الناس. لا أحب المعارضة السورية ولا أعتقد أنهم أهل لأي شي حتى شرب كاسة شاي، ولا أعول عليهم ليمثلوني فنحن شعب ليس له قيمة وبالتالي ليس له تمثيل، وإنما أعول على التوازنات الدولية كما فعل أجدادنا وآباؤنا. لم تنجح عدة أجيال سورية في أكثر من اللعب على التوازنات الدولة وكان أفضلهم حافظ الاسد. هل سياتي هذا بالإستقرار المستدام؟ شو عم تمزح! لكن سيأتي بوقف القتل لبعض الوقت حتى يلتقط الناس أنفاسهم ويتبين للجميع أن اي شيء يمت للسلاح بصلة (نظام أو معارضة) فهو فاشل سلفاً. ولا تقل لي نظام مجرم وما أخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة، أعتقد أن جرعتك الصباحية من الأخلاق العربية و"الحياة وقفة عز" و"ألف حبل مشنقك ولا يقولوا بو عمر خاين يا خديجة" و"هذه ثورة عز وكرامة" كانت زايدة عن اللزوم. راجع أولوياتك خاصة وأننا أصبحنا نعرف قدرات بعضنا جيداً. على العموم الثورات بشكل عام أثبتت فشلها بدءاً من الثورة الفرنسية، أكبر كذبة بالتاريخ الحديث.
26 كانون الثاني، 2016، ملاحظات على مفاوضات الرياض
عندي ملاحظتين أو ثلاثة على المفاوضات وما يجري من كلام حولها. غريب والله أمر السوريين. يتنادون لقراءة برهان غليون والأخذ بآرائه ونسوا أن المجلس الوطني كان أحد أسباب خراب الثورة السورية، وتحت قيادة غليون التي اتسمت بالديكتاتورية والإستعلاء والإنفراد باتخاذ القرار. الزلمي يقول أنا أكاديمي ناقد وسأبقى كذلك ولذلك لم أذهب للرياض. أين كان كان هذا الكلام عندما كان رئيساً للمجلس الوطني. لم يذهب لأنه يعرف أن الطبخة فاشلة وأن كل من فيها سيحترق سياسياً. إن برهان غليون أول من نادى بالواجهة السياسية للثورة (وليس قيادة) التي أخذت التمثيل من الثوار في الداخل ولم تعطهم أي شيء لا بل ضعضعت كل مجموعات الثورة بإغداقها المال القطري. في حين طالب المجلس بالتدخل الدولي ليدخل إلى السلطة على أكتاف أمريكا وغيرها كان المجلس لا يهتم للثورة ويعتبر أنها فرصة السياسيين القدماء للوصول. ثانياً، نحن نعرف أن الإئتلاف وجماعته مرتهنين مائة بالمائة للسعودية وأن المفاوضات كلها من تنظيم السعودية وأمريكا. الكلام عن طعنة أمريكية في الظهر ليست إلا مناورة معروفة للتنصل من قرارات المفاوضات. كل رئيس وسياسي عربي فعل نفس الشيء. ماذا تتوقعون من هذه المفاوضات، زوال الأسد مثلاً. الذهاب إلى المفاوضات هو عنوان كبير أننا لم ننتصر وأن العمل المسلح والسياسي كذلك خاضع تماماً لرغبة دول الخليج وأمريكا وأننا فشلنا في بناء أية مؤسسة سياسية أو عسكرية تستطيع أن يكون لها إستقلالية. إذا لم نعترف بهذا الفشل ونبحث عن أسبابه فغننا سنخرج من خيبة أمل إلى أخرى. نحن نجيب الكذب على أنفسنا وتبرير تصرفاتنا السيئة. واليوم يأتي حجاب ونعسان آغا الذين انتقتهم السعودية ليقنعونا بأنهم يفهمون بالتفاوض وأنهم كانوا سيحققون مكاسب لولا خداع الولايات المتحدة.اللي مقتنع أنه ذاهب للتفاوض من موقع قوة وليخلع الأسد عليه أن يستفيق من نومه العميق. من أي موقع قوة نتفاوض والمعارضة المسلحة لا تحقق أي تقدم إلا إذا جاء التاو من أمريكا وفتحت السعودية حنفية المصاري. نحن نتفاوض على إنهاء حالة الحرب المستعصية الذي لا يمكن الإنتصار معها، وكل ما هنالك أن المحاربين يبحثون عن مخرج مشرف. إذا حصلنا على وقف إطلاق نار في بعض المناطق فسيكون هذا نعمة. طبعاً لا يجب إعادة أية منطقة إلى النظام لأن هذا هو المكسب الوحيد الذي حققته الثورة، بالإضافة إلى إضعاف النظام. أفضل ما يمكن أن نحصل عليه اليوم هو وقف النار والحك المحلي للمناطق تحت المعارضة. أما الإنسحاب من المفاوضات وركوب الراس وطلب المستحيل (وقف غير مشروط للنار، الإفراج عن المساجين، فك الحصارات) فهذا لن يحصل، المفاوضات مفروضة فرضاً والإئتلاف كانت شغلته إنتظار هذه اللحظة ليوافق. هذا فقط للإستهلاك الإعلامي. أمريكا هي الضامن الوحيد للمفاوضات ولا تفاوض المعارضة من أي موقع قوة إلا موقع أمريكا. بشار الأسد سيبقى وستحصل الإنتخابات وسيكون هناك مرشح معارضة وسينجح بشار الأسد وستتأسس حكومة محاصصة يحصل فيها المعارضون تبع الإئتلاف على مقاعد خلبية هي أقصى احلامهم، ثم سيعود الصراع المسلح وبعدها بسنة أو اثنتين ستحصل مفاوضات مثيلة وهكذا لعشر سنوات.