المجتمع الجندري السلطوي
1 كانون الثاني - ج ٩ - السلطة والذكر وليس التسلط والضحية
- المجتمع_الجندري_السلطوي ج ٩ - السلطة والذكر وليس التسلط والضحية.
اولا- الجماعة البشرية كمنظومة: دراسة اي جماعة تعني وضع الاصبع على الافراد، العلاقات البينية، والرساميل المتبادلة. العلاقات تبني قنوات لتبادل الرساميل. وهذا ما نسميه بالديناميكية. على الباحث الدارس الجماعة ان يلاحظ انماط العلاقات والتبادل. بحيث يتم تقسيم الديناميكية الى اجزاء اصغر لدراستها. ثانيا - النمط الاول - الدور: الفرد في الجماعة يتلقى رساميل ويعطي رساميل ويحول رساميل الى رساميل اخرى. هذا التحويل نسميه الدور. دور الزوج مثلا هو تحويل العمل العضلي او الفكري الى مال. دور الزوجة مثلا هو تحويل الطعام الى جهد وعناية ينتج عنها طفل. دور الاب في اسرة بطريركية هو قيادة الاسرة. دور الام في اسرة بطريركية هو ادارة المنزل وانتاج وتربية الاولاد. بعبارة اخرى، الديناميكية هي مجموع الادوار. ثالثا- النمط الثاني - الدور التحكمي والسلطة: المنظومة المتطورة لا تستجيب للمنبهات فقط، بل تضبط سلوكها بحيث تتحقق اهداف معينة مهما كانت المنبهات (الهدف الاهم هو البقاء وكل هدف ثانوي يصب فيه). اي ان الديناميكية تتنقل على شبكة من السلوكيات المضبوطة. هناك ادوار تنتج معلومات وتستخدمها وتعطي اوامر لضبط السلوك، ونسميها الادوار التحكمية. الاب المزارع مثلا يضبط افعال افراد الاسرة من اجل تكرار حلقة الانتاج الزراعي. الام مثلا تضبط افعال ابنائها ليتعلموا سلوكيات منتجة. هذه الادوار تكون على شكل حلقات اي ان هناك تغذية راجعة وتغيير في السلوك الى حين يتحقق الهدف. الانسان منظومة قائمة بذاتها. لكنه في الاسرة جزء من منظومة اكبر. وحتى تنشأ الاسرة وتستمر على كل فرد ان ينصاع للاوامر الصادرة عن الادوار التحكمية (وهذا يأتي عبر التعليم والتربية). اعطاء الاوامر والحصول على الطاعة (انتاج الفعل المطلوب) يسمى السلطة. يمكن ان نعتبر ان السلطة رأسمال يصرفه صاحب الدور التحكمي للحصول على فعل معين. في المنظومات المعقدة، والتي تحتوي مئات حلقات التحكم (الادوار التحكمية)، رساميل السلطة متعدة وموجودة في كل مكان وزمان. في الحقيقة لا توجد منظومة معقدة دون سلطة. رابعا- الذكر في الاسرة البطريركية: ليست الاسرة ابسط المنظومات الاجتماعية (على العكس)، ولكنها احدى المنظومات التي يمكن الانطلاق منها والبناء عليها. ولذلك فان دراسة المجتمع السلطوي الجندري تنطلق من دراسة الاسرة البطريركية. من اجل البقاء كأسرة هناك عمل تحكمي قيادي (تنسيقي، لوجيستي)، ومن اجل الانخراط في مجتمع اوسع كوحدة متماسكة هناك نوع اخر من العمل التحكمي القيادي (استراتيجي). هذان النوعان من العمل القيادي يضطلع بهما الذكر (الاب، الزوج). هذه ملاحظة تاريخية وليست اثباتا منطقيا. الانثى (الام، الزوجة) بالطبع تمارس ايضا اعمالا قيادية داخل الاسرة (واحيانا كثيرة خارجها) ولو تحت غطاء السلطة الابوية. لماذا استقرت معظم منظومات الاسرة، حول العالم وفي ازمنة مختلفة منذ الثورة الزراعية على الاقل، على الذكر من اجل القيادة (او صورة القيادة)؟ خامسا - السؤالان الاساسيان - السلطة والذكر: ماهي اشكال السلطة في الاسرة البطريركية؟ ولماذا وقع الخيار على الرجل؟ النسوية تطرح هذين السؤالين بشكل مختلف: كيف يتسلط الرجل على المرأة في الاسرة البطريركية؟ كيف استطاع الذكر التسلط على الانثى في تلك الاسرة؟ وبالتالي يصبح هدف النضال هو فضح تسلط الذكر وكسر تسلط الذكر في الاسرة، وانهاء حالة الضحية التي تعيشها الانثى في الاسرة. المشكلة في هذه النظرة، وهي المشكلة في اية ايديولوجيا، انها تشخصن السلطة (الشخصنة عكس البنيوية) ولا تنتبه الى ان السلطة نابعة من البنية وليست نابعة من الذكر. اصلا من الاشكالي جدا افتراض وجود نمط مثالي اسمه الرجل (ذكر، اب، زوج) او المرأة (انثى، ام، زوجة) يمكن تعميمه على كل الاسر البطريركية، بحيث تكون السلطة كلها دائما في الرجل، والضحية دائما في المرأة. داخل الاسرة الواحدة هناك عدة ذكور، وتوزيع السلطة ليس متساويا بينهم. وهناك ايضا عدة اناث وتوزيع حالة الضحية ليس متساويا بينهم. لا بل هناك علاقة سلطوية بين انثى (متسلطة) وانثى (ضحية) ، وعلاقة سلطوية بن انثى (متسلطة) وذكر (ضحية). بالاضافة الى ان الطرف الثاني من العلاقة السلطوية ليس بالتعريف او بالضرورة متضررا او خاسرا، اي ضحية. طبعا رأس الهرم السلطوي في الاسرة البطريركية (ولو بشكل صوري) هو غالبا ذكر. افتراض وجود ضحية يعني افتراض وجود جاني. ونادرا ما يرى افراد الاسرة البطريركية انفسهم بهذه الطريقة، انهم يقبلون بأدوارهم ومواقعهم. الشخصنة (عكس البنيوية) ضرورية للايديولوجيا لان الاخيرة تعتمد على فكرة العدالة ورد الحقوق، وتحرير الضحية ومعاقبة الجاني. ومن هنا تنبع فكرة "حقوق المرأة"، اي ان هناك حالة غير عادلة يجب تصحيحها (اي موضوع نضال عادل). بينما من وجهة نظر منظوماتية، هناك منظومة يجب تغييرها. اصر دائما انه ليس هناك حقوق وانما هناك ادوار في منظومة. غذا غردت تغيير الادوار فعليك تغيير المنظومة. الخطاب الحقوق مجرد لعبة ايديولوجية لجذب الجهود المناضلة. اذن لا يجب ان يكون همنا هو تحديد الضحية والجاني، وانما اكتشاف العلاقات السلطوية ضمن اطار المنظومة البطريركية. بهذا تكون الاسئلة البحثية فيما يخص الاسرة البطريركية: ما هي الديناميكية، الادوار ما هي ادوار الذكور ما هي ادوار الاناث ما هي القيادة، اين السلطة لماذا الذكر على رأس الهرم السلطوي