تبرير الهزيمة
محتويات
4 شباط، 2016، وين الحكام العرب
أستغرب من ناس لسا بيقولوا كردة فعل على المجازر والقصف والتجويع "وين الحكام العرب وين الحكام المسلمين" وإذا الواحد ما كتير متدين بيقول "وين الإنسانية". بالنسبة للإنسانية الجواب سهل: مثل لما تصير حروب في دول أخرى ولم نكن نحرك ساكنا هكذا يفكر بنا الآخرون. أما المؤسسات الدولية فنحن نعرف أنها لا تمثل الإنسانية وإنما تمثل مصالح الدول الكبرى. والدول الكبرى لا تبدو مهتمة بحل الأزمة السورية. أما مناداة العرب والمسلمين، فعلى أية عصبية نعتمد؟ هل نعتقد بأن الحكام العرب سيساعدوننا لأنهم عرب مثلنا؟ أم أنهم سيساعدوننا لأنهم مسلمين مثلنا؟ هناك فرضية خفية في هذه الكلام وهي أن رابط العروبة أو رابط الإسلام سيطغى وأن الأمة العربية أو الأمة الإسلامية ستتداعى للعون والنجدة وكأننا نعيش في دولة واحدة ونشكل أمة وطنية واحدة. برأيي الحكام العرب هم أكبر المعادين لفكرة القومية العربية. الإعتراف بوجود أمة عربية يستوجب إلغاء الملكيات والديكتاتوريات وإنشاء دولة واحدة. من سيقبل بهذا منهم؟ الأيديولوجية السلفية الوهابية من أكبر المعادين للفكرة القومية والسعودية كانت من أعداء عبد الناصر وشجعت مجيء الأسد الذي قضى على البعثيين القومجيين الذين كانوا يشتمون السعودية ليل نهار في إذاعاتهم. أما الأمة الإسلامة فوجودها كقوة سياسية ليس له أي معنى إلا إذا كانت السعودية على رأسها لأن هذا يبرر أيديولوجيتهم. عدا ذلك فهؤلاء لا يهبون لنصرة المسلمين إلا إنتقائياً وبشروط تبعية. أتمنى أن أرى سوريين لا يستجدون البشرية أو العرب أو المسلمين ولكن يؤمنون أن مساندة بعضهم البعض هي الحل الوحيد.
5 شباط، 2016، الهزيمة بمؤامرة
هل يمكن أن نشرح الخسارة بأن هناك مؤامرة أو خذلان؟باعتقادي لا. دخول المعركة ليس قرار حميّة، لأن الإنسان لا يدخل أية معركة وحده وإنما يدخلها بكل أهله وماله. لا أعتقد أن أبازيد سيوفق بوقف اللوم أو المراجعة وأتمنى أن يكون هناك حوار حضاري. وهذه هي مداخلتي: إسمح لي بالمداخلة ولا أقصد اللوم أبداً وإن كانت الكلملت قاسية، لكني أعتقد أنها حقيقة لذلك تصبح قاسية. لم يسقط النظام عندما كانت معركتكم معه لأن إيران دعمته وكذلك روسيا بينما لم تدعمكم السعودية وقطر بما فيه الكفاية. سقوط أي طرف، النظام أو الفصائل، هو سقوط الداعم وليس سقوط الثورة، وهكذا يجب أن تكون حسابات التابع الذي ليس سيد نفسه. لم تعد هناك ثورة منذ تحول الخطاب إلى مطالب غير وطنية وإنما مطالب فئوية وأيديولوجيا. لا يمكن أن تقول أننا عملنا جهدنا وخسرنا، يجب أن نفهم الخسارة. أن تكون ثورياً فقط لا يكفي لتبرير الأعمال. وكما لو انتصرتم لصنعتم سرديتكم التي تبرر النصر، عليكم اليوم أن تصنعوا سردية تبرر الخسارة. الثورة عمل نخبوي وكثيرون حولوه إلى عمل إقصائي، وهذا يجعل هؤلاء في موقع الإجابة عن الخسارة. من تصدى للنصر وحده سيتصدى للخسارة وحده. الحديث عن الخذلان والمؤامرة لا طائل من ورائه. النصر يجبّ ما قبله لكن الخسارة تورث المسؤولية، هذه سنة الحياة. لا أقصد اللوم وإنما التوضيح.
6 شباط، 2016، مراهقة المعارضة المسلحة
لن أغير رأيي. المعارك اليومية لا تهم. هذه إمبراطوريات وليست فصائل سلفية لا ترى أبعد من أنفها. لا يجب فهم اللعبة على أساس حلفاء وشركاء لأن التحالف والشراكة مؤقتة خاصة مع المعارضة السورية المسلحة التي أثبتت أنها مجرد مراهقين معهم أسلحة، وأعني مراهقين في عالم السياسة. إنهم أبطال فيلم دراما مأساوي ويموتون في النهاية ميتة الأبطال دون تحقيق أي شيء. أمريكا تلعب مع روسيا والفصائل مجرد حجار شطرنج. لا يهم أمريكا إذا مات نصفهم أو ثلاثة أرباعهم. بشار والروس سيحاصرون حلب وسيستمر الحصار أشهر وهذا ضمانة وقوع روسيا في الفخ. كبري وتسريباته ليست إلا لعبة لإقناع الروس أنهم سيربحون. المسلحون لن يموتوا، المدنيون وحدهم من يموت. لا تبنوا ردود أفعالكم على فيديوهات الغضب والتوسل إنها قصة مأساوية لا يهم أمريكا من هم شخصياتها فهم في النهاية كلهم كومبارس في الللعبة الكبيرة. الأسد لن يستعيد السيطرة على سوريا، لكن هذا لا يعني أن المعارضة ستنتصر، إنهم أغبى من أن ينتصروا. الضحية الآن هم المدنيون.
7 شباط، 2016، خذلان العالم للمجاهدين
يقول الأخ أحمد أبا زيد في أحد بوستاته الأخيرة "لقد سقط النظام حين كانت معركتنا معه، ولكنها الآن معركة دولية تتولاها إيران وروسيا ضد خريطة المنطقة ودولها وشعوبها، ولم تعد معركتنا وحدنا، ولكننا نخوضها وحدنا، ومطلوب منا أن نحمي شعوب العرب والمسلمين وتاريخهم وراهنهم ومستقبلهم وكرامتهم، ونتحمل الملامات والشتائم على موتنا أيضاً." ثم نشاهد بعض فيديوهات من مقاتلين محاصرين في ريف حلب يطلبون العون من العرب والمسلمين ودول العالم. ثم تنتشر تعليقات "مؤامرة خذلان العالم للمجاهدين". نعم إنهم يموتون، نعم إننا نبكي معهم، نعم إننا نتألم معهم. لكن لا يمنع هذا من التفكير. لا بل يجب أن يكون رد فعلنا الأول هو التفكير. ألا يشبه هذا الكلام وهذه الفيديوهات قصص تراثية من أمثال "ليلة سقوط غرناطة" و"ليلة سقوط بغداد"؟ ألم نمل من قصص الهزيمة التي نلوم عليها تخاذل العالم بينما نحن أهل الأخلاق العالية والمثل السامية والطوباويين الذين يموتون لأنهم يمثلون روح الأمة أو روح الإسلام أو روح أأيديولوجيا ما؟ أنتم تحبون هذه القصص. أنا مؤرخ وأقرأها كل يوم ولست على استعداد للإستماع إليها مرة أخرى ولا حتى لقبولها. يقول الأخ أبازيد بأنهم، وأعتقد أنه يعني "المجاهدين" يدافعون عن الأمة. يا أخي هؤلاء ناس بسطاء قتل الأسد أهلهم فحملوا السلاح وهم الآن في موقف حرج لأن الأسد وروسيا يحاصرونهم في قراهم. هل يمكن لجيش في الدنيا أن يعيش في بيت أبيه. إذا كان هؤلاء بسطاء وكل همهم حماية ضيعتهم وليس لديهم إلا بنادق خفيفة فلماذا تورطونهم في جهاد عالمي وحماية الأمة ومصارعة الإمبريالية. السعودية ورطتهم وقطر وتركيا ورطتهم وأنتم أصحاب الأيديولوجيا ورطتموهم. لو كنتم تفهمون اللعبة الدولية لما ورطتموهم. ولو كنتم أقل حماسة وحمية وأيديولوجية ومراهقة لما تورطتم وورطتموهم. هذه ليست ثورة، هذه معارك دونكيشوتية مصيرها معروف. هل عذبتم أنفسكم وتوحدتم في جيش نظامي؟ هل عذبتم أنفسكم وتعاونتم مع إخوة الوطن من ذوي الخبرات بدل أخوة المنهج؟ هل عذبتم أنفسكم وتنبهتم لخطر التبعية الكاملة للممل أم أنكم اعتقدتم أن الممول أيضاً من إخوة المنهج؟ ألم تدمروا الثورة الوطنية، ثورة شعب، وحولتموها إلى ثورة نخبة تطالب بإجبار الشعب على نظام معين قلتم أنه إلهي؟ هل عذبتم أنفسكم واهتممت بإنشاء بنيات سياسية تمثلكم وتمثل الشعب؟ هل عذبتم أنفسكم وفهمتم تجربة المجالس المحلية والحكم المحلي بدل أن تربطوها بخلافاتك ومجالسكم الشرعية؟ هل عذبتم أنفسكم وقاومتم داعش والقاعدة لأنها أيديولوجيات غير وطنية ومن الواضح أنها مضرة؟ لا بالطبع لا. ما أشبهمكم بمنظمة التحرير الفلسطينية التي قامت على أكتاف مراهقين في الستينات وأدخلت المنطقة كلها في معارك دونكيشوتية انتهت بأن نصب أبو عمار الإله نفسه على مزبلة إسمها السلطة الفلسطينية قبل أن يموت لأن الهدف ليس فلسطين وإنما فلسطين يحكمها هو. ألا تزال حماس تلعب نفس اللعبة التافهة؟ لم تعترفوا بسذاجة تجربة الإخوان المسلمين في سوريا وبشعار محاربة العلويين وإعلان الجهاد ومعاداة كل من ليس إسلامي، لا بل أعدتم نفس التجربة. اليوم يمثلكن محمد علوش ورياض حجاب. يا رب العرش، هل هناك من في عقله ذرة فهم ليعرف إلى أين وصلتم وما هي النتائج. عندما قال الباحث مصطفى حمزة أن الفكر السلفي الجهادي هو من أوصلنا إلى هذه الورطة فهو ليس يتحدث من جهل، الرجل عارف، إستمعوا لفيديوهات محاضراته. هل أبكي على فيديوهات الشهداء الأحياء وأنا أعرف أنها ستكون بالعشرات وأنها لن تكون المرة الأخيرة وأن من أراه فيها لن أراه غداً. لا، لا أريد أن أسمع كلمة رزقه الله الشهادة أو تمناها فحصل عليها مرة أخرى. اكبروا، انضجوا، تحملوا مسؤولية الأحياء الذين سيعانون الحياة من بعدكم فالموت أسهل شيء في الدنيا. كفاكم مراهقة وأيديولوجيات. أنتم تتعاملون مع إمبراطوريات لا تراكم ولو بمجهر.