التاريخ السوري المعاصر
28 آذار 2018، تعليق على كتاب "التسلطية في سوريا"
التسلطية في سوريا: ستيفن هايدمان محللاً استمرارية النظام البعثي بين (1963- 1970)
Ahmad Nazir Atassi
هذا احسن الموجود، لكنه مؤشر على ما اعتقد انه سوء الدراسات المتعلقة بسوريا ما بعد الاستقلال بشكل عام. الكتب عن سوريا معدودة على الاصابع واغلب مصادرها المذكرات والصحف والدراسات الاسرائيلية، التي تعتبر الافضل في الاوساك الامريكية لاعتقاد الامريكان انها مبنية على تقارير صادقة ومفصلة للموساد، وهذ وهم. دراسات الانتداب افضل بسبب وجود الارشيفات الفرنسية. هايدمان الوحيد الذي يستخدم اطار نظري مقارن وهو الانظمة الشعبوية في جنوب امريكا وتحليل تكوين مؤسسات الدولة العليا مثل الرئاسة والوزراء والبرلمان والاحزاب. بالاضافة الى التحليل الاقتصادي السياسي الماركسي القائم على صراع طبقات مثل الاقطاع والراسمالية والفلاحين والعمال، وهي مفاهيم اشكالية جدا في الحالة السهرية. الدراسة تطبيق ذكي لنظريات كبرى باستخدام كم قليل من المعلومات وكم كبير من التحليلات الجاهزة التي اصبحت ازلية نمطية فيما يخص سوريا، مثل سلطة الاقطاع، نشوء الراسمالية الصناعية، صراع الطبقات من خلال الاحزاب، انعكاس الصراع الطبقي في القوانين وتعاقب الحكومات، سلطة الحزب الواحد، العقد الاجتماعي، والدولة المؤسساتية، والديكتاتورية الشعبوية السلطوية. هايدمان استاذ وباحث مشهور ومتخصص في الشؤون السورية والديكتاتوريات المؤسساتية ويعمل مستشارا للعديد من الشركات والدول العاملة الان في سوريا ومشرفا على منظمة اليوم التالي ومناصب بحثية اخرى. ويشرف على تخريج اجيال جديدة من المختصين بسوريا. التخصص بسوريا ما بعد الاستقلال مخاطرة اكاديمية الا اذا دخل الباحث في مجال الدراسات الاستراتيجية والاستشارات والثينك تانكس المحافظة. بالنسبة لي الرجل بذل اقصى ما بوسعه لحشر المعطيات القليلة في النظريات الكبرى، ووصل الى ابعد نقطة تسمح بها الدراسات غير الميدانية وغير الارشيفية. وهو اليوم، كما هو واضح من كتابه، زعيم نظرية التحديث السلطوي، اي كيفية تاقلم الديكتاتوريات مع العصر. قد يجد كثيرون في تحليله الحقيقة عن نظام البعث، لكني اشكك بكل التحليلات الجاهزة عن سوريا والمفاهيم التي تستخدمها والتي ذكرت بعضا منها اعلاه. ان تراكم عدد كبير من هذه التحليلات وتحت اسماء مشهورة جعل منها حقائق مقبولة دون تفكير وهي بالاصل مزاعم غير مثبتة. التاريخ السوري لسوريا لا يتعدى المذكرات والصراعات الخطابية الايديولوجية، والتاريخ غير السوري لسوريا لا يتعدى حشر معطيات قليلة في نظريات كبرى بسبب شح المصادر. يعنى لا يزال تاريخنا الى اليوم مليئا بالبعبعة الخطابية والاتهامات بالخيانة والشتائم السياسية، هل يذكرنا هذا بالتحليلات الاخيرة عما يجري في الغوطة. شهود عيان ينتجون تاريخا اعوج كله دعاية سياسية.