المشروع التعارفي
محتويات
الفصل الأول - اللغة والثقافة والمفاهيم الثقافية
اللغة هي وعاء الثقافة وأداتها وعنوانها. تقدم كل أمة حية محصولها الثقافي والفكري الخاص وتضعه بلغتها الخاصة بين أيدي أبنائها وأبناء الأمم الأخرى. يضم هذا المحصول مختلف المفاهيم والمصطلحات والمعتقدات والأمثال والآداب والفنون. فإذا بلغت المفاهيم الثقافية أو الآداب أو الفنون أو المعتقدات مستوياتٍ إنسانية عليا تصبح مفاهيمَ عالمية عابرة للحدود والثقافات والأمم. بالمقابل، هناك مفاهيم ثقافية مرحلية تتعارف عليها الأمة في ظروف سياسية واجتماعية تاريخية خاصة تمرُّ فيها. تبقى هذه المفاهيم محلية فلا تصلح للأمة في عصر آخر ولا تصلح لغيرها من الأمم فتبقى جزءاً من التراث الثقافي لهذه الأمة حصراً.
الفصل الثاني - التعارف والصيغ اللغوية المتعلقة به
أي عرف بعضهم بعضاً وهو المعنى البسيط للتعارف. إن أجمل ما في الشرح اللغوي هو أن مصدر «تعارفَ القومُ » هو من مادة )ع ر ف( والتي تدل على السكون والطمأنينة. يقول ابن فارس إن العين والراء والفاء أصلان صحيحان. أحدهما يدل على تتابع الشيء متصلاً بعضه ببعض، والآخر يدل على السكون والطمأنينة
الفصل الثالث - الدولة التعارفية
قدَّمتْ الديانات والفلسفات الوضعية عبر التاريخ إجابات مختلفة عن أسئلة محورية تتعلق بالحياة الإنسانية. طُرحتْ هذه الأسئلة منذ قرون ولاتزال مطروحة حتى اليوم، منها: ما الإنسان وما ماهيته؟ وما هويته؟ كيف تشكلت وتطورتْ المجتمعات والأمم؟ ما هو العدل وكيف يتحقق؟ ما العقد الاجتماعي؟ وما الدولة؟ وما أفضل نظام للحكم السياسي؟
الفصل الرابع - التطبيق والإجراءات العملية في الدولة التعارفية
ما هي القواعد الإجرائية لتطبيق كل ما أتت به الأطروحة؟ مثلاً: كيف يُطَبَّق التعارف؟ كيف تُبنى الدولة التعارفية من القاعدة إلى القمة؟ أين وكيف يجتمع الناس لبحث قضاياهم والتعارف على حلولها؟ ما الإجراءات التي يتبعونها ليختاروا رئيسهم مثلاً؟ كيف يُتَوصَّل للأعراف الناظمة في شتى مجالات الحياة وما الذي يضمن العمل بها؟ هل يمكن تطبيق مبدأ التكليف والترشيح بدل الترشح الذاتي لاختيار قائد مؤسسة أو دولة لمجرد أن أبناء مدينته أرادوا ذلك دون استشارته وموافقته على التكليف؟ ماذا لو رفض؟ كل هذه التساؤلات تعبّ عن مشكلة )التطبيق(.
الفصل الخامس - مقارنات
إن العلمانية الحقيقية التي نشأت مع الثورات الأوروبية واستناداً إلى ما ورد في دائرة المعارف البريطانية، هي بالتعريف )حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها، وأصبحت حركة مضادة للدين...( فالعلمانية أصبحت طريقة في الحكم تعني إقصاء الدين ورجالاته عن الدولة وسياساتها. إن المصطلح بالإنكليزية هو ) Secularism ( الذي يشير للفصل بين شيئين أو قطع صلة شيء بآخر، وليس هناك أي ترابط بينه وبين العِلم ) )Science فلا علاقة بين العلمانية والعِلم أبداً، فالتعلم والتعليم والبحث العلمي والاكتشافات العلمية نشهدها في دول علمانية وملكية ودينية واستبدادية وكذلك في مؤسسات غير حكومية لا علاقة لها بطبيعة نظام الحكم. ولا علاقة بين العلمانية والحريات وحقوق الإنسان. إنها فصل بين الدين والدولة وفصل بين الدنيا والآخرة وبين الأرض والسماء. ولاندري أكان خطأ الترجمة مقصوداً لتضليل أبناء مجتمعاتنا أم لا.
الفصل السادس - ملحقات
.1 إن أهم مصدر حديث لمفهوم الدولة المدنية هو كتاب “جون لوك”؛ “في الحكم المدني”. لابد من العودة إليه لتوضيح معالم مفهوم الدولة المدنية. يميز “جون لوك” بين “المجتمع المنزلي” الذي يتشكل من أفراد الأسرة وبين ”المجتمع السياسي أو المدني”، معت بِاً أن المقصد من المجتمع الأول يتمثل في “التناسل وتوفير أسباب المعاش والأمن للأولاد، ويسميه مجتمعاً طبيعياً، أما المجتمع المدني فهو مجتمع اختياري، غرضه المحافظة على حياة المرء وحريته الطبيعية ودفع عدوان الآخرين عنه وحماية ممتلكاته. إن قبول الفرد بالانتماء لهذا المجتمع هو قبول بالتنازل عن حقه الطبيعي بتنفيذ القانون الطبيعي والاقتصاص من المعتدين عليه، التنازل عن هذا الحق للجماعة، فتصبح هذه الجماعة، إذ ذاك، الحَكَم الوحيد في الخصومات التي تنشأ بينه وبين أقرانه، لها وحدها صلاحية تنفيذ القانون وإنزال العقوبات بالمجرمين. تتفرع عن هذه السلطة العامة التي تكتسبها الجماعة، بتنازل أبنائها عن حقوقهم الفردية في تأويل القانون الطبيعي وتطبيق أحكامه، تتفرع السلطتان الأساسيتان في الدولة: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية”.) جون لوك، “في الحكم المدني”، ترجمة، ماجد فخري، بيروت، 1959 ، ص )ح( من المقدمة.( فليس من مجتمع سياسي إلا حيث يتنازل كل فرد عن هذا الحق الطبيعي للجماعة، تنازلاً تاماً، شريطة أن لا يُحالَ بينه وبين اللجوء إلى القانون الذي تقره تلك الجماعة. وإذ يبطل الحكم الفردي على كل فرد، تصبح الجماعة الحكم الوحيد الذي يفصل في كل الخصومات التي قد تنشأ بين أفراد ذلك المجتمع في القضايا الحقوقية، بناء على قواعد عادلة