«مشروع الوطنية السورية»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر ٧١: سطر ٧١:
 
أعرف أن ترحيل اليونانيين من تركيا كان باتفاق. لكن هذا يعني بالنسبة لي أن الدولة قادرة على التخلي عن مواطنيها الذي هم سكان أصليون مقابل مجموعات تشترك مع الدولة بالقومية الرسمية لكنهم ليسوا مواطنين. هذا يشبه تخلي إسرائيل عن الفلسطينيين مقابل استجلاب يهود أمريكا، أو تخلي سوريا عن الأكراد مقابل استجلاب عرب من تركيا.
 
أعرف أن ترحيل اليونانيين من تركيا كان باتفاق. لكن هذا يعني بالنسبة لي أن الدولة قادرة على التخلي عن مواطنيها الذي هم سكان أصليون مقابل مجموعات تشترك مع الدولة بالقومية الرسمية لكنهم ليسوا مواطنين. هذا يشبه تخلي إسرائيل عن الفلسطينيين مقابل استجلاب يهود أمريكا، أو تخلي سوريا عن الأكراد مقابل استجلاب عرب من تركيا.
 
أما التحالف مع أمريكا بعد كل أفعالها. أنت تطلب مثلاً من المسيحيين السريان أن يكونوا مواطنين رغم أن العرب محتلين. الموقف الذي يستمر لأجيال ليس موقف وإنما عقبة. إذا كان التحالف لمصلحة المستقبل فالمستقبل ابدى من الماضي. ولم لا تقول بأن الاتراك احتلونا 400 عام وأنت تريد أن تتحالف معهم. إن انتقاءك للأصدقاء والاعداء يتفق مع مصالحك، وهذا تماماً ما أفعله. لماذا تلمح إلى خيانة ولا تراها في نفسك. تركيا كانت على شفا إعلان الحرب على سوريا لمرتين في القرن العشرين. ماذا تفعل بهذا الخبر. تركيا حجبت مياه الفرات ودجلة عن سوريا وعن العراق. ماذا تفعل يذلك؟ تركيا تسببت بدمار حلب وسرقت المصانع وتستخدم اللاجئين السوريين كورقة تفاوض. يا أخي قل لي أن مصالحك تملي تحالفاتك وساقبله منك. أما أن تتهمني بالخيانة وأنت تفعل نفس الشيء فهذا غير مقبول.
 
أما التحالف مع أمريكا بعد كل أفعالها. أنت تطلب مثلاً من المسيحيين السريان أن يكونوا مواطنين رغم أن العرب محتلين. الموقف الذي يستمر لأجيال ليس موقف وإنما عقبة. إذا كان التحالف لمصلحة المستقبل فالمستقبل ابدى من الماضي. ولم لا تقول بأن الاتراك احتلونا 400 عام وأنت تريد أن تتحالف معهم. إن انتقاءك للأصدقاء والاعداء يتفق مع مصالحك، وهذا تماماً ما أفعله. لماذا تلمح إلى خيانة ولا تراها في نفسك. تركيا كانت على شفا إعلان الحرب على سوريا لمرتين في القرن العشرين. ماذا تفعل بهذا الخبر. تركيا حجبت مياه الفرات ودجلة عن سوريا وعن العراق. ماذا تفعل يذلك؟ تركيا تسببت بدمار حلب وسرقت المصانع وتستخدم اللاجئين السوريين كورقة تفاوض. يا أخي قل لي أن مصالحك تملي تحالفاتك وساقبله منك. أما أن تتهمني بالخيانة وأنت تفعل نفس الشيء فهذا غير مقبول.
 +
 +
=30 تشرين الأول 2019، صناعة الكيان السوري وأفكار التقسيم والانتماء=
 +
يا جماعة الخير، كيف اصبحت "مسوقاً للتحالف مع أمريكا"، و"مبهوراً بالثقافة الأمريكية" وداعيا "للإنبطاح لأمريكا"، وبوقاً "للقدر الأمريكي". لا أريد أن ألوم القارئ وأتهمه بسوء الفهم، لأني أنا كاتب الكلمات وأتحمل مسؤولية كثير من القراءات الممكنة، لكن ليس كلها. بالنسبة لي الأزمة اليوم تحتاج إلى استراتيجية معقدة وتكتيك مستمر.
 +
أولاً يجب أن يكون عندنا هدف واضح، وهو بالنسبة سوريا موحدة ومتعايشة ودولة تخدم الناس ولا تتسلط عليهم. هذا الهدف يعني تمسك بالمكونات السورية كلها، ويعني الإيمان بإمكانية التعايش، ويعني أن كل "التنازلات" واردة وممكنة ما دامت تحقق الهدف. ببساطة، إما أن نكون أو لا نكون. إما أن تكون سوريا أو لا تكون. سوريا المنقوصة بسبب التقسيم أو الإنفصال أو الإقصاء أو التسلط، هي سوريا غير مقبولة لأنها غير قابلة للوجود، إنها سوريا فاشلة ومآلها السقوط. سميها وطنية، سميها واقعية، الهدف هو الهدف ويجب أن تسعى لبقائه. أنا لا أريد مجرد إسم أو صفة، أنا أريد كيان قادر على الإستمرار. ولا ألوم آخرين على اعتمادهم لأهداف مختلفة لكن الإتفاق معهم سيكون صعباً. سوريا غير ضرورية لوجود الافراد الذين يمكنهم أن يعيشوا في أي مكان، لكن عندما تقرر أن انتماءك لتلك البلد فهذا يصبح الهدف. أنا في أمريكا لست سورياً، أنا أمريكي عاش طفولته في بقعة إسمها سوريا، أو ساكون أمريكي بثقافة سورية من زمن الثمانينات، لكن بالتأكيد لن أكون سورياً. إما أن نكون أو لا نكون. إذا أردت أن تكون سورياً فأنت بحاجة إلى سوريا. وإذا اردت أن تكون تركياً فأنت بحاجة إلى تركيا، وإذا أردت أن تكون حلبياً فانت بحاجة إلى حلب. لا يمكنك أن تقبل بنصف حلب. لا يمكنك أن تتنافس مع آخرين على امتلاك حلب أو على تسمية حلب. لا يمكن أن توجد مدينتان باسم حلب. هذا ليس وطنية، هذا أحد شروط البقاء. لا أتهم الناس بقلة الوطنية لكن أطلب منهم أن يحددوا هدفهم. ما هو الكيان الذي تريد الإنتماء إليه لأن هذا سيحدد إمكانية التعاون المشترك.
 +
ثانياً، الهدف الواضح لا يعني الموقف الصلب والمبدئي. الهدف الواضح يعني أن علينا فعل كل ما يلزم للوصول إليه. الغاية تبرر الوسيلة أم لا، أحياناً كثيرة لا أعرف، لكن على الاقل الوسيلة يجب أن لا تهدد الهدف. أي تحالف أو تقارب أو عمل مشترك مع كيانات من خارج الهدف هو وسيلة وليس وحدة حال وإلتزام أبدي. لذلك ليس عندي أية أيديولوجيا أو هوية لا يمكن التفاوض عليها من أجل الهدف. كل شيء جائز وممكن. إذا اعتبرت هويتك الإسلامية أو العربية أو الكردية أو الطائفية أعلى وأبدى من هويتك السورية فأنت لا تسعى إلى سوريا كهدف، أنت تسعى إلى امتلاك شيء إسمه سوريا لإدخاله في كيان آخر، أنت تسعى إلى فرض مشروعك وهدفك على الآخرين الذين هدفهم هو سوريا فقط دون صفات أخرى أعلى منها. هذا هو الصراع. لا يمكن لدكان أن تبيع الحلويات وتتاجر بالعقارات. يمكنك أن تطرح انضمام مناطق من الشمال إلى تركيا، لكنك ستصطدم بالآخرين الذين يريدون سوريا كما هي. هذه مشاريع متباينة. هذا صراع. مشروعك ومشروعي مختلفان جذريا ولا يمكن أن يكون هناك تعاون بيننا. ممكن أن يوحدنا هدف التخلص من نظام الأسد، لكننا لا نسعى لبناء نفس الكيان وسنصطدم عاجلاً أم آجلاً. سوريا ليست تركيا أو العراق. أنظروا إلى الوحدة مع مصر. فكرة جيدة لكنها لم تكن هدفاً مجمع عليه. المصريون لم يريدوا أن يكون الجمهورية المتحدة، السوريون لم يريدوا أن يكونوا الجمهورية المتحدة، كل طرف حافظ على حدود انتمائه. لا أقول بأنه لا يمكن تغيير الإنتماء، على العكس إنه ممكن. لكن لا يمكن أن يكون سقف انتماءك هو سوريا ثم تعمل وحدة مع مصر. لذلك القومية العربية كذبة كبيرة. لا يوجد أي كويتي أو مصري أو سوداني يستطيع أن يتخلى عن هذا الإنتماء لصالح إنتماء أكبر. كل واحد ديك يصيح على مزبلته ويراها حدود الدنيا. لا تستطيع أن تصيح على مزبلة أكبر وأنت تحلم بالمزبلة الأصغر وتخاف أن تضيع سلطتك على المزبلة الاصغر. لا يمكنك أن تقنع السوريين بأنهم سيبقون سوريين إذا انضموا إلى تركيا. يمكنهم أن ينضموا إذا ارادوا، لكنهم لن يكونوا سوريين بل سيكونون أتراك-سوريين، ثم بعد فترة أتراك فقط. حتى تحافظ على الصفة يجب أن يكون مصدر الصفة موجوداً.
  
 
[[تصنيف:مواضيع الثورة السورية]]
 
[[تصنيف:مواضيع الثورة السورية]]

مراجعة ٠٢:٣٨، ٥ ديسمبر ٢٠٢٤

19 آذار، 2016-المشروع الكردي في سوريا

شوية تعليقات على المستجدات: لم أقرأ عابد الجابري ولا أعتقد أني سأقرؤه ولم أقرأ نقد جورج طرابيشي له ولا أعتقد أني سأقرؤه. كلما تكلم قومجي أو تناقش قومجيان من أية قومية كانت، أشعر بالأسى عليهما معاً. مبروك لأي فصيل كردي إعلان دولة أو منطقة حكم ذاتي وأعتقد أن الأمر واقع لا يمكن إنكاره وهو مشابه لم فعلته داعش أو غيرها. أخيراً سيكون للأكراد ديكتاتورهم الخاص، لأني لا أؤمن بتفوق أي عرق شرق أوسطي على الآخر. في الحقيقة لا يهمني الناس بل تهمني الأرض. بغض النظر عن معاناة الشعب العربي أو الكردي او الإسرائيلي أو حتى الفلسطيني. أعتقد أن المهم هي الأرض بالنسبة لإنشاء دولة. سوريا بحاجة إلى هذه الأراضي وكانت جزءاً منها لعقود طويلة ولا أحب أن أتخلى عنها. بكرة بيصيروا أصحاب الشعر الأحمر مثلاً شعب لوحده وياخذوا جزء من البلد. لا أريد فيدرالية معهم ولكن أريد الأرض والموارد ما عدا ذلك يمكنهم أن يستقلوا. وأعتقد أن الأرض والموارد هو ما يهم طبقتهم الحاكمة الجديدة أيضاً. أما بالنسبة للأقليات في مناطق الأكراد فنعرف مصيرهم؟و أحس بالعجز، وهذا يشبه ما عبر عنه جورج طرابيشي في مقالته عن "الفشل" ولا أعتقد أن هذا مرتبط بالأحداث المروعة في سوريا وإنما في عدم إمكان التأثير فيها أو التأثير في أي إنسان سوريا. العجز يأتي من الإحساس بالعقم وليس من اليأس من عدم التدخل الخارجي. الثقافة السورية الحالية دينياً وفنياً وتعليمياً وفكرياً وسياسياً تعطيني إحساساً بالعجز. هذا ما نفعله لأنفسنا وليس ما يفعله الآخرون بنا.

22 شباط 2018، مبادرة "حياة كل السوريين غالية"

افكار طرحتها منذ ما يزيد عن السنة ولا ازال متمسكا بجدواها. مبادرة ”حياة كل السوريين غالية“

Ammar Aljer فكرة إعلان عام جيدة. ولكن أعتقد أن الإعلان يجب أن يكون أخلاقياً وغير متعلق بالمؤسسات لاننا لا نملكها. يجب أن يتضمن الإعلان أنني ضد قتل أي بريء وضد المساعدة في قتل أي بريء وضد التستر على قتل أي بريء وأنني أسعى للتعاون مع باقي السوريين على الفهم وعلى التعاون وعلى المساعدة في إشاعة الأمان وتقديم أي مجرم من أية جماعة للمحاكمة.

1 نيسان 2019، الهوية الوطنية

عروبتنا، وما كان علينا نسيانه

هذه مقالة رائعة من الاخ موريس. فعلا الهوية الوطنية تكون بالاتفاق على نسيان اشياء وتذكر اشياء اخرى وعلى كيفية سرد النسيان والتذكر. ذكر الكاتب احداث الكاثار في فرنسا العصور للوسطى واحداث مجازر يوم القديس بارثلوميو في القرن السادس عشر ضد البوتستانت. رواية الامة الفرنسية اليوم تتذكر هذه الاحداث على انها ايام عصيبة حيث اختلف الاخوة، لكن روح الجماعة تفوقت. ويمكن ذكر احداث اقرب الى زماننا. الحرب الاهلية الامريكية في التاسع عشر والصراع من اجل الحقوق المدنية للسود في الستينات من القرن الفائت يتم تقديمها على انها مراحل انتقالية وايام صعبة، لكن روح التواؤم انتصرت واستمرت الامة. وهذ الرواية يقبلها الجميع، ولو كان عن مضض، ويتم تدريسها في المدارس والجامعات. العنصريون البيض الامريكان من الخمسينات كانوا لا يزالون يمارسون عنصريتهم في السبعينات وما بعدها، لكن رواية الصراع من اجل الحقوق المدنية اصبحت رواية وطنية. مارتن لوثر كينغ اصبح بطلا قوميا للامة الامريكية واصبحت نتائج نضاله ملكا للجميع، اما معاناته فهي نتيجة اخطاء وسبحان الذي لا يخطئ. فهل فشل خلق رواية وطنية سورية جامعة هو ما خلق الطائفية والتفتت ومن ثم الحرب والنزعات الانفصالية. يؤكد الكاتب على ان الطائفية لا تسبق الدولة. اي ان الفشل المذكور هو فشل الدولة وليس بسبب وجود الطائفية. الدولة السورية والنخب الحاكمة على مر عقود فشلت في ايجاد سردية جامعة تجعل النسيان المركز ممكنا والتذكر التلفيقي ممكنا. بلمح الكاتب الى تدخل الاستعمار الفرنسي كسبب في تعقيد الامور، لكنه يعود الى ملاحظة اسامة مقدسي المحقة وهي ان الانتداب لم يكن فرضا برمته وانما سوقا جديدة للتنافس. لكن الكاتب لا يتوسع في اسباب فشل السردية الجامعة فهذا لم يكن موضوع مقالته. هنا اقترح بعض الملاحظات التي قد تكون نافعة في تحري اسباب فشل السردية الجامعة: اولا، النخب السياسية التي عارضت الوجود الفرنسي ثم التي تتابعت على حكم سوريا بعد ذلك اتكأت على ايديولوجيا قومية عربية موسعة. القومية العربية في نشأتها الشامية المسيحية في القرن التاسع عشر كانت لا تتعدى حدود سوريا الكبرى واحيانا كانت تضم العراق إليها. في حين ان النسخة الموسعة شملت كل ما نسميه اليوم بالوطن العربي، وهذا ما جعل من الصعب ادماج الاكراد والسريان وكثير من المسيحيين. ثانيا، مركزية دمشق في السردية السورية. دمشق اصبحت العاصمة ليس لانها كانت دائما العاصمة وانما لان الملك فيصل اختارها ومن بعده الفرنسيون. دمشق كانت عاصمة ولاية دمشق ومن ثم سوريا التي توقفت حدودها عند حمص. حلب كانت دائما عاصمة ولايتها الخاصة. تاريخ سوريا اصبح تاريخ دمشق وتم اهمال ادماج اجزاء من تواريخ المناطق الاخرى. ثالثا، مركزية الاسلام في السردية السورية والعربية. التاريخ العربي والسوري يبدا في مكة وليس في الشام ويغفل كل ما جاء قبله. انه تاريخ يتجه الى الداخل، الى الصحراء والى دمشق باعتبارها حاضرة الصحراء ووجهة القوافل. هناك تاريخ اخر لسوري يتجه الى الشمال والشرق والساحل تم اهماله. رابعا، قضية فلسطين وظهور اسرائيل خلق سوقا جديدة للصراع على روح الامة الناشئة. بينما كان الانتداب محور الاستقطاب بين مدافع عنه ومعارض له لكل من كان يصارع على السلطة، اصبحت فلسطين محور الاستقطاب. ببساطة صراع الزعامات على اساس المؤيد او المعارض لفرنسا، او على اساس القيسية واليمنية، لا يختلف عن انقسامه على اساس المزاودات على قضية فلسطين. اصبحت فلسطين قضية السنة العرب في سوريا وساهمت في صعود التيار الاسلامي الذي كان من اوائل من ارسل المتطوعين. لا اصبح معيار نجاح الدولة هو اهتمامها او اهمالها لقضية فلسطين وليس ادماجها او عزلها للجماعات الاثنية الاخرى. خامسا، لجوء دولة الاستقلال الى العنف لقمع تحركات محلية مثل اعدام سليمان المرشد وقمع تمرد الدروز عام ١٩٤٧. سادسا، الحرب الباردة ونسختها الاقليمية جعلت الصراعات داخل سورية مرتكزة على قضايا خارج سوريا. الحرب الباردة الروسية الامريكية والحرب الباردة الاقليمية العراقية السعودية والحرب الباردة المصرية السعودية كلها قسمت الصراعات داخل سوريا على اساس قضايا خارجها. سابعا، الافكار البعثية القومية العربية لجماعة الاسد التي ركزت على قومية عربية موسعة، وعلى مركزية فلسطين، وعلى مركزية الاسلام في التاريخ السوري. في نفس الحين الذي غطت فيه على النفس الطائفي بغطاء اليسارية وصراع الطبقات. الاسد اعادنا الى الحكم السلطاني حيث تتصارع فيه الزعامات الطائفية والاثنية على عطايا الاب القائد.

14 تشرين الأول 2019، حق تقرير المصير والآمال المشروعة للكرد

ما هو "حق تقرير المصير" و"الآمال القومية المشروعة"؟ هل نناقض أنفسنا إذا قلنا أن سوريا كدولة عربية لها الحق بالوجود وأن أية دولة كردية ليس له الحق بالوجود؟ وهل نناقض أنفسنا إذا قلنا أن الدول القائمة تدافع عن نفسها وأراضيها وفقا لعرف دولي هو السيادة، وأن كل الحركات الإنفصالية هي غير محقة وغير شرعية؟ وهل نناقض أنفسنا إذا قلنا بأن هذه القومية موجودة ولها حقوق وتلك القومية مخترعة وليس لها حقوق؟ هل يمكن لأقلية قومية أن تطالب "بحقوق قومية" ضمن البلد الذي تعيش فيه، وما هي طبيعة هذه الحقوق؟ يبدو لي من النقاشات الدائرة اليوم حول العملية التركية أن هذه النقاشات تحمل تناقضات هائلة سواءاً من الطرف العربي أو من الطرف الكردي. وما يلفت نظري أيضاً هو التعاطف الغربي (الأوروبي والأمريكي) الشديد مع ما يسمونه "القضية الكردية" دون تمييز بين الأحزاب والمجتمعات الكردية المختلفة. هجوم تركيا هو بالنسبة للراي العام الغربي هو إعتداء على الشعب الكردي وحقوقه المشروعة، وفقط.. لم يستطع الغرب (من خلال ما نقرأه ونراه في الإعلام) أن يتعاطف مع الثورة السورية إلا من جهة أنها قد تكون ثورة مظلومين، لكنها في النهاية تمرد ضد الدولة. وبالتالي ومن منطلق الدولة فإن أي تمرد لا يمكن أن يحظى بالدعم والتأييد، المباشر على الاقل، لأن مثل هذا التأييد ومثل هذه التمردات تشكل خطراً على المنظومة الدولية القائمة. أما التعاطف مع "قضية قومية" فهو مشروع لأن القضية القومية هي دولة جنينية تريد الخروج إلى العالم. هذه الدولة الجنينية لها حق الظهور والإنضمام إلى النظومة الدولية. أما التمرد فهو مسألة داخلية تتعلق بالسيادة، والأفضل النظر إليها ووسمها بالحرب الأهلية لتبرير عدم التدخل. أعتقد أن الفواعل في هاتين الحالتين ليست أيديولوجية بالضرورة ولا تحكم تصرفاتها حسابا الايديولوجيا فقط. لكن استخدام الأيديولوجيا القومية في خطاب هذه الفواعل ظاهر. وكل التناقضات التي ذكرتها يمكن تصنيفها (وليس بالضرورة التعامل معها) من خلال الأيديولوجية القومية وتناقضاتها الفكرية. كيف يمكن أن نتكلم عن ونعترف بالقومية العربية أو الفرنسية أو حتى الأمريكية ونرفض الإعتراف بالقومية الكردية؟ كيف يمكن تجزيء ما يسمى بالقضية الكردية لتصبح مشروعة في تركيا وفيدرالية في العراق وغير مشروعة في سوريا و"حالة خاصة" في إيران؟ التبريرات التي تساق في كل حالة هي تبريرات بهلوانية إن لم تكن مضحكة. وبالمقابل فإن التبريرات الكردية في كل حالة (الخطاب القومي الكردي فقط) أيضاً بهلوانية ومضحكة، تماما كما هي أية تبريرات تقوم على الايديولوجيا القومية. لكن هل يحق لي أن أصفها بالبهلوانية والمضحكة إذا كانت فعلاً عقائد راسخة يؤمن بها من يقومون بهذه التبريرات؟ هل الإيمان العميق بشيء يجعله حقاً للشخص المؤمن به؟ إذا نظرنا إلى القومية من هذا المنطلق فإن أية مصالب ما دامت مشفوعة بالغيمان العميق هي مطالب محقة. مثلاً مطالب المثليين، ومطالب الاقليات الدينية، ومطالب النساء، ومطالب الأقليات القومية، ومطالب القبائل، ومطالب العمال، ومطالب الراسماليين، أي أية مطالب لها من يعتقد بها ويدافع عنها. ما هي المطالب المشروعة والمطالب غير المشروعة؟ إذا ظهرت جماعة جديدة تؤمن أن من حقوقهم الطبيعية أن يمشوا عراة في الطريق، وظهر لها تمثيل وأدبيات ومناضلين وشهداء وتاريخ ومؤسسات، فمن يقرر بأنها حركة لها مطالب مشروعة أو ظاهرة عابرة مخادعة لا مطالب مشروعة لها؟

Ammar Aljer هناك تلاعب في معاني الكلمات يؤدي بشكل مقصود إلى تضليل فكري. مفهوم القبيلة هو مفهوم واضح وهي علاقة واسعة من علاقة القربى بينما مفهوم القومية هو مفهوم يرغب بتوظيف علاقات الدم لوصف العلاقات بين المؤسسات. يمكن وصف مؤسسات الدولة بأنها مركزية أو لا مركزية بأنها ديمقراطية أو فردية .. الخ .. ولكن لا معنى لوصف المؤسسات بأنها كردية أو عربية أو تركية. بشكل خاص عندما نقول الدولة إسلامية فغالباً ما يقصد بها المستمعون المعنى القومي وليس المعنى المؤسسي المبني على أسس دستورية واضحة.

الناس تبحث عن العدل والتنمية وغالباً ما يتم حقن الناس بالشعور بالظلم والإيحاء إليهم بأن الدولة القومية سترفع عنهم هذا الظلم لأن الإنسان العادي لا يعرف التعقيد الهائل في مؤسسات الدولة وأثر هذا التعقيد على الظلم الذي يحيق به وفي هذه الحالة غالباً ما تصب العصبية القومية في مصلحة انتقال رأس السلطة من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديكتاتوري. فحقن الناس بالظلم أيام عبد الحميد جعلهم يطالبون بدولة قومية عربية أدت لولادة نظام المخابرات في سوريا وغيرها من دول المنطقة. الظلم الناتج عن نظام المخابرات يؤدي لولادة شعور بالظلم ويتم الإيحاء لبعض المكونات بأن الدولة الكردية سترفع عنهم هذا الظلم .. الخ..

أما خلط الأكراد بحزب العمال الكردستاني وخلط المسلمين بداعش ومثل هذه التلاعبات فهي ألعاب لغوية يقوم بها الإعلام المحلي والعالمي بكفاءة للتحكم بالمجموع البشري بسبب البنى السياسية الدولية التي لم تتشكل بناء على المصلحة الإنسانية الشاملة وإنما بناء على تطورات تاريخية تدريجية محلية في كل منطقة من مناطق العالم

30 تشرين الأول 2019، نهاية العقد الإلزامي السوري

العدوان التركي ونهاية العقد الإلزامي السوري - سوريا التي عرفناها تتصدع مقالة مثيرة للأخ حسام حسون. بالمشرمحي، نحنا صرنا مع بعض بقرار دولي ورح نرجع بصيغة أخرى من التجميع وأيضاً بقرار دولي. لكن ما يزعجني في الامر، كما يزعج الكاتب، هو مدى ارتهان السوريين للخارج وانبطاحهم واستهانتهم بتجمعهم. السياسة في سوريا من يوم تشكيلها وإلى الآن هي الإرتهان لداعم خارجي. مع جرعة كبيرة من النفاق من نمط "أنا وطني، بس إنت عميل". مقتطف من المقالة: "الثقة العمياء لدى جمهور عريض من السوريين بالجيش التركي أو الروسي أو الإيراني أو الأمريكي، والترحيب بالغزو الأجنبي، وانعدام هذه الثقة مع الآخر السوري، علوي أو سني أو شيعي أو كردي، دلائل أخرى على انفراط العقد الإلزامي السوري بلا عودة. ألا يشبه هؤلاء، أولئك من استقبل الغزاة الفرنسيين على أبواب دمشق في العام 1920؟"

30 تشرين الأول 2019، عن فكرة دمج سورية السنية بتركيا

اسمع من البعض هذه الايام اقتراح دمج سوريا العربية السنية مع تركيا. المسالة بسيطة، ما هو الكيان الذي تريد أن تحافظ عليه وتعيش فيه؟ إذا أردت سلامة أهلك فقط فيمكنك أن تعيش في أوروبا وهذا أفضل من العيشة في تركيا. وإذا أردت سلامة ثقافتك الإسلامية فتركيا خيار جيد لكنك ستخسر العربية. أما إذا اردت كياناً مستقلاً له اقتصاد مستقل ولغة مستقلة وقرار مستقل ونخب مستقلة، فتحديد أعدائي وأصدقائي سيكون على هذا الاساس. تركيا تريد ابتلاعنا ولذلك أعاديها. طبعاً انا في أمريكا واولادي لا يتحدثون العربية، لكني أتكلم عن نفسي. التعاون مع الأتراك في كل الملفات ضروري والعداوة مكلفة وغير منطقية. لكن حين يكون ثمن التعاون هو استقلال القرار والتبعية الإقتصادية فأرفضه. كما قلت، ما هو الكيان الذي تريد أن تبنيه وان تعيش ضمنه؟ إذا كنت تريد أن تكون تركياً فلا ألومك. أما إذا كنت تريد أن تكون عربياً سوريا فتركيا لن تحقق لك ذلك. لكن هل أمريكا تحققه؟ أنا لا أقول أن نصبح ولاية أمريكية، ولا أن نربط اقتصاد سوريا باقتصاد أمريكا. لكن إذا الامريكان بدهم قاعدة عسكرية فلم لا، أليس أفضل من دخول الاتراك بحجة أنهم يدافعون عن مصالحهم القومية. كذلك امريكا لا علاقة لها بنهر الفرات. أما الاتراك فعطشوا سوريا وجوعوها بسدودهم على الفرات ودون أية رحمة. وهم يفعلون نفس الشيء مع العراق. عزيزي بترول الجزيرة أيام داعش وحتى أيام قسد إلى اين كان يذهب، أليس إلى تركيا. الدول لها مصالح وليس لها أصدقاء او أعداء. يعني في مصلحة معينة يمكن أن تكون صديقي وفي مصلحة أخرى عدوي. وهل تعتقد أني أريد أن يتدخل الامريكان في كل صغيرة وكبيرة في سوريا. هذا ينفي هدفي وهو الإستقلال والإستقلالية. التحالف لا يعني الإنبطاح. التحالف يعني وحدة المصالح. وحتى لو كنت ضعيفاً فإن اعتقادي بأن مصالحي هي نفس مصالح حليفي على طول الخط لهو غباء سياسي. وهل تعتقد أن كون تركيا بلد مسلم سيحميك منهم ومن استغلالهم وتسلطهم، أبداً. القومية التركية أيديولوجيا عنصرية جداً ولا أحب أن أرضخ لها. أصلاً انا لست إسلامي ولا أحب حكم الإسلاميين المرتهنين لاردوغان، حتى ولوكانوا منافقين متل أردوغان، ولا أريد سوريا إسلاموية على النمط التركي ولا ان يكون للأتراك دور لمجرد أنهم أبطال السنة. حتى الدولة العثمانية لم تكن تقيم أي وزن للمنطقة العربية. على العكس تماماً لقد أهملوها ووجهوا جل همهم لأراضيهم في أوروبا. منطقتنا اصبحت مهمة لهم في صراعهم مع الصفويين. ولم تصبح منطقة استراتيجية إلا في عهد السلطان عبد الحميد. وليس ذلك لانه كان إسلاميا. أبداً، عبد الحميد خسر كل أراضيه في أوروبا عام 1887 في مؤتمر برلين وعندها فطن أن لديه اراضي مسلمة في الشرق. هل عاشرت قوميين اتراك؟ ألم تر الكره والاستصغار في أعينهم وكلامهم. القومية التركية التي يشترك فيها العلمانيون والإسلاميون تقوم على مكون أساسي هو "الحمد لله أننا لسنا عرباً". الفوقية العرقية التركية تقوم على تمايزهم عن العرب. يا رجل لا أطيق التعالي علي من الاوروبيين فكيف أقبله من الاتراك الذين لا يختلفون عنا في شيء. نفس العقلية ونفس المشاكل.

30 تشرين الأول 2019، التقسيم والعيش المشترك

هناك خطاب آخر يقول ولم لا نقبل بتقسيم سوريا. يقول: نعرف ان العيش المشترك مع العلويين سيكون مستحيلا، والاكراد يريدون الانفصال، والبعض يريد ان ينضم الى تركيا او الى العراق او الى الاردن، فلم لا، اريح من هذه الحرب والادعاء باننا نحب بعض وعندنا وطنية سورية وسنتعلم التعايش من اجل الوطن. بالنسبة لي، الجواب على مثل هذه المقولات لا علاقة له بالوطنية ولا بالقومية ولا بالهوية اصلا. الجواب هو مجموعة حسابات عصرية. في اي كيان اريد ان اعيش؟ هل اريد ان اعيش في كيان يشبهني في لغتي وقوميتي او في كيان يشبهني في ديني او افكاري الايديولوجية، ام في كيان يحقق لي العيش الكريم والعمل. طبعا انا اخذت قراري وهاجرت الى امريكا منذ زمن طويل، وهذا هو جوابي. لكن ما هو الكيان الذي يمكن أن اشجعه واساعده على النهوض. اولا، يجب ان يغطي الكيان مساحة جغرافية كافية بحيث تكفي مواردها السكان وتسمح لهم بالتنافس في السوق العالمية. الدولة الصغيرة هشة بالتعريف، الا ان تكون سويسرا او لوكسمبرغ او دبي. ونعرف اي نوع من الكيانات هي. يجب أن يملك الكيان مقومات الوجود الاقتصادي والقدرة على الحفاظ على استقلالية القرار. اذا كانت سوريا ماقبل الحرب بالكاد قادرة على الوجود، وهناك شك في ذلك، فكيف ستكون لكيانات اصغر اية فرصة في البقاء. لا يهمني التجانس العرقي او القومي او اللغوي، عندما يقرر الناس ان يتوقفوا عن استغلال بعضهم واقصاء بعضهم البعض فسيمكنهم العيش معا، واذا قرروا العكس فلن يساعدهم اي تجانس. نظرية الفسيفساء نظرية وصعوبة العيش في فسيفساء نظرية غير صحيحة. امريكا اكبر فسيفساء في الدنيا ولبنان اصغرها، ايهما اقدر على البقاء. ولذلك اذا قررت ان تعيش في بلد مستقل اسمه سوريا فلا تتنازل عن اي شبر من الارض لا بحجة تقرير المصير ولا بحجة استحالة التعايش ولا بحجة ارض الاجداد. بالعكس يجب ان تعمل على توسيع اراضي البلد. الارض ثروة وفقط. ثانيا، طيب اذا انضمت الجزيرة الى العراق وحلب الى تركيا ودرعا الى الاردن فاين سيذهب الباقي؟ يا فرحتي حمص دمشق والساحل دولة واحدة. حتى اكل لن يجدوا فكيف بالثروات والتجارة والاستقلال. وبنفس المنطق، لم لا ينضم المثلث العربي السني في العراق الى سوريا ونستعيد انطاكيا واورفة وعينتاب وماردين ونسترجع الاردن وطرابلس. هذه ستكون دولة قوية . واذا اراد اكراد العراق وتركيا الانضمام فاهلا بهم. وسنقبل حتى بجبل لبنان وجنوبه وشيعة العراق، ولم لا الاهواز. ثالثا، لا تهمني الوحدة العربية ولكن تهمني الدولة القوية التي تحميني وتقبل مشاركتي وتتركني ايضا امارس لغتي وثقافتي الى ان اشبع منها واغيرها الى الانكليزية (مزحة). لكني لا اريد ان اعيش في دولة مثل تركيا لها تاريخ طويل في قتل المختلفين وايديولوجيتها القومية تكره العرب وقتلت مليون ارمني وسرياني وطردت مليون يوناني وهدمت ٤٠٠ قرية كردية واجبرت مليون عربي على ترك لغتهم ولا زالت تتبجح بتحويل كنيسة ايا صوفيا الى مسجد. رابعا، اريد بلد فيها تكافؤ فرص، بلد تسمح لي بالصعود والترقي دون ان تفرض علي اي شيء. اذا إلتحاقك بتركيا او العراق او حتى اسرائيل سيحقق لك ذلك فاذهب ولا تنظر الى الخلف. لكن لا تحلم بأخذ الارض معك، الباقون لن يسمحوا لك بذلك فانت تحكم عليهم بالفقر. لا توجد اية قواعد لتشكيل البلدان الا الاتفاق او الاكراه وعليك الاختيار، وبجميع الاحوال ستستخدم القوة من اجل البقاء. سوريا تشكلت بقرار دولي وستعود بقرار دولي، وانا افضل الاتفاق واخذ المبادرة على الاكراه

Abdulrahman Scheikh Obeid لكني لا اريد ان اعيش في دولة مثل تركيا لها تاريخ طويل في قتل المختلفين وايديولوجيتها القومية تكره العرب وقتلت مليون ارمني وسرياني وطردت مليون يوناني وهدمت ٤٠٠ قرية كردية واجبرت مليون عربي على ترك لغتهم ولا زالت تتبجح بتحويل كنيسة ايا صوفيا الى مسجد. إذا صح أن نسمي خطاب بأنه خطاب إيديولوجي، فهو خطابك هذا. على علمي أنت شخص تؤمن بالوثائق والتوثيق، وبالتالي عندما تتحدث عن قتل الأرمن فمن الجدير بك قبل غيرك أن تطلع على الوثائق، بدل أن تردد ما يقولوه عضو برلماني أمريكي أو ألماني كان رئيس نقابة صناعة سكك الحدد وصوت لصالح الاعتراف بإبادة الأرمن، وهو لا علاقة له بالدراسات التاريخية لا من قريب ولا من بعيد.. أما طرد اليونانيين فهذه أيضا حكاية توثيق والأجدر أن تطلع على المعاهدات وتعرف أن العدد أولا خاطئ وثانيا تم تبادل المواطنين بين اليونان وتركيا باتفاقية بين البلدين بعد انهيار الدولة العثمانية.. أما الخوف المبالغ به على الثقافة واللغة العربية، فهذا أيضا لا يجد أن يعبر أو أن يستخدمه شخص مثلك بهذه الطريقة الشعبوية، إذا أن كل الدول التي خضعت لسلطة العثمانيين لمدة تزيد عن 400 عام، كلها بلا استثناء تتحدث لغتها الأصلية ولو حصل اعتداء على الثقافة لما تسنى لنا أن نقرأ لك باللغة العربية والمفروض انك تكتب بالتركي الآن.. إذا أردت أن تعرف كيف يكون الاعتداء على الثقافة فعليك بالنظر لحال الجزائر بعد 130 عام من الحكم الفرنسي، ولحد الآن لم تستعد لغتها الأم. أما تحويل كنيسة آية صوفيا إلى مسجد، فلا أعلم ما أقول، لأن تركيا على الأقل لم تدمر أي أثر وهي ربما تستخدمه بشكل آخر، ولكي تطلع أكثر وتتحدث بشكل موثق عليك ربما أن تبحث عن سياسة تدمير المنشآت العثمانية الصالحة التي دمرها اليوانيون والرومان والبلغار بعد انهيار الدولة العثمانية، فقط لكي لا يبقوا لها أثر. لقد دمروا آلاف الأبنية الكبيرة والمهمة والجميلة والمفيدة، فقط من باب التطرف بعد خروج العثمانيين. أما وأنه وبعد كل ما فعلت أمريكا في العالم العربي منذ سبعين عام وحتى هذه اللحظة، أن يخرج من بيننا من يريد أن يتحالف استراتيجيا مع أمريكا، ويبرر لنا ذلك ويكرهنا بتركيا بادعاءات غير صحيحة، فهذا لعمري ما لم نكن نتوقعه حتى في أحلامنا.. ولكن السوريون دائما مدهشون.


Ahmad Nazir Atassi كلام مقبول، ومعروف، ومردود عليه. وحتى لو زعمت أنه كلام أيديولوجي شعبوي غير مطلع فإنه يمكنني أن أحاجج بأن كلامك أيضاً أيديولوجي وشعبوي وغير مطلع. لماذا تحاول الطعن في "احتصاصي" كأداة في النقاش. أنا لا أعرف حتى مهنتك ولا كم كتاباً قرات ومع ذلك لا أطعن في معارفك أو أتهمك بالتقصير في التحصيل. قضية الأرمن قديمة وكتبت فيها مئات الكتب والمقالات ودارت حولها صراعات ولا تزال. فكيف عندك الخبر اليقين وأنا مشكوك بخبري. الأفضل من الناحية العلمية على الأقل القول بأن كلانا لا يعرف. الفكرة بسيطة، الارمن موجودون في المنطقة قبل قدوم التركمان، واليوم لا وجود لهم. كيف حصل ذلك. الأرمن في 1915 بدؤوا لوحدهم مسيرة ألف كيلومتر ومات منهم مليون لسبب ما. هل تعرف أن الفلسطينيين عام 1948 فعلوا نفس الشيء. ليس هناك أي دليل على أن الإسرائيليين هجروهم. أقصى ما تمكن المؤرخون من إثباته هو أن الفلسطينيين خافوا من شائعات المجازر مثل دير ياسين وهربوا لحماية أنفسهم، ثم بعدها لم يعودوا. أعتقد أن الارمن كذلك خرجوا برحلة طوعية ولم يعودوا. الدولة التركية كانت يومئذ دولة ذات سيادة ومسؤولة عن مواطنيها، فما الذي حصل. لم مات الأرمن والسريان ولم يمت الأكراد أو التركمان مع أنهم كانوا يعيشون في نفس المنطقة. أنا لا أحب المظلوميات والبكاء على الأطلال، لكن أحب أن أصدق كذبة مقنعة على الاقل. العثمانيون لم يجبروا أحداً على ترك لغتهم (أحيانا أجبروا البعض على ترك دينهم). لكني لم أتحدث عن العثمانيين بل تحدثت عن تركيا أتاتورك وسياستها تجاه مواطنيها من العرب. سياسة التتريك كانت موجودة ومعروفة، والدليل أن لا أحد يتكلم العربية في تركيا من أبناء المدن العربية الجنوبية. يمكن اختاروا أن يفعلوا ذلك، لكن أعرف تماماً كيف كانت سياسات التتريك تعمل. وعندما أطلق حكما على ما فعله الأتراك العثمانيون أو الحاليون بكنيسة آيا صوفيا فليس من الضروري أن اقارن فعلهم بأفعال أعدائهم. النتيجة الوحيدة من المقارنة هي أن الجميع قام بافعال سيئة. إذا كان يكفيك ذلك لقبول الماضي فلا بأس، أنا لا يكفيني. لا أقارن ما فعلته بعض المجتمعات الكردية في 1915 بما فعله البعثيون بالأكراد في سوريا. لا يمكن المقارنة، ليسوا نفس الاشخاص. وحتى لو كانوا نفسهم فإن الجريمة لا تغسل جريمة أخرى. أعرف أن ترحيل اليونانيين من تركيا كان باتفاق. لكن هذا يعني بالنسبة لي أن الدولة قادرة على التخلي عن مواطنيها الذي هم سكان أصليون مقابل مجموعات تشترك مع الدولة بالقومية الرسمية لكنهم ليسوا مواطنين. هذا يشبه تخلي إسرائيل عن الفلسطينيين مقابل استجلاب يهود أمريكا، أو تخلي سوريا عن الأكراد مقابل استجلاب عرب من تركيا. أما التحالف مع أمريكا بعد كل أفعالها. أنت تطلب مثلاً من المسيحيين السريان أن يكونوا مواطنين رغم أن العرب محتلين. الموقف الذي يستمر لأجيال ليس موقف وإنما عقبة. إذا كان التحالف لمصلحة المستقبل فالمستقبل ابدى من الماضي. ولم لا تقول بأن الاتراك احتلونا 400 عام وأنت تريد أن تتحالف معهم. إن انتقاءك للأصدقاء والاعداء يتفق مع مصالحك، وهذا تماماً ما أفعله. لماذا تلمح إلى خيانة ولا تراها في نفسك. تركيا كانت على شفا إعلان الحرب على سوريا لمرتين في القرن العشرين. ماذا تفعل بهذا الخبر. تركيا حجبت مياه الفرات ودجلة عن سوريا وعن العراق. ماذا تفعل يذلك؟ تركيا تسببت بدمار حلب وسرقت المصانع وتستخدم اللاجئين السوريين كورقة تفاوض. يا أخي قل لي أن مصالحك تملي تحالفاتك وساقبله منك. أما أن تتهمني بالخيانة وأنت تفعل نفس الشيء فهذا غير مقبول.

30 تشرين الأول 2019، صناعة الكيان السوري وأفكار التقسيم والانتماء

يا جماعة الخير، كيف اصبحت "مسوقاً للتحالف مع أمريكا"، و"مبهوراً بالثقافة الأمريكية" وداعيا "للإنبطاح لأمريكا"، وبوقاً "للقدر الأمريكي". لا أريد أن ألوم القارئ وأتهمه بسوء الفهم، لأني أنا كاتب الكلمات وأتحمل مسؤولية كثير من القراءات الممكنة، لكن ليس كلها. بالنسبة لي الأزمة اليوم تحتاج إلى استراتيجية معقدة وتكتيك مستمر. أولاً يجب أن يكون عندنا هدف واضح، وهو بالنسبة سوريا موحدة ومتعايشة ودولة تخدم الناس ولا تتسلط عليهم. هذا الهدف يعني تمسك بالمكونات السورية كلها، ويعني الإيمان بإمكانية التعايش، ويعني أن كل "التنازلات" واردة وممكنة ما دامت تحقق الهدف. ببساطة، إما أن نكون أو لا نكون. إما أن تكون سوريا أو لا تكون. سوريا المنقوصة بسبب التقسيم أو الإنفصال أو الإقصاء أو التسلط، هي سوريا غير مقبولة لأنها غير قابلة للوجود، إنها سوريا فاشلة ومآلها السقوط. سميها وطنية، سميها واقعية، الهدف هو الهدف ويجب أن تسعى لبقائه. أنا لا أريد مجرد إسم أو صفة، أنا أريد كيان قادر على الإستمرار. ولا ألوم آخرين على اعتمادهم لأهداف مختلفة لكن الإتفاق معهم سيكون صعباً. سوريا غير ضرورية لوجود الافراد الذين يمكنهم أن يعيشوا في أي مكان، لكن عندما تقرر أن انتماءك لتلك البلد فهذا يصبح الهدف. أنا في أمريكا لست سورياً، أنا أمريكي عاش طفولته في بقعة إسمها سوريا، أو ساكون أمريكي بثقافة سورية من زمن الثمانينات، لكن بالتأكيد لن أكون سورياً. إما أن نكون أو لا نكون. إذا أردت أن تكون سورياً فأنت بحاجة إلى سوريا. وإذا اردت أن تكون تركياً فأنت بحاجة إلى تركيا، وإذا أردت أن تكون حلبياً فانت بحاجة إلى حلب. لا يمكنك أن تقبل بنصف حلب. لا يمكنك أن تتنافس مع آخرين على امتلاك حلب أو على تسمية حلب. لا يمكن أن توجد مدينتان باسم حلب. هذا ليس وطنية، هذا أحد شروط البقاء. لا أتهم الناس بقلة الوطنية لكن أطلب منهم أن يحددوا هدفهم. ما هو الكيان الذي تريد الإنتماء إليه لأن هذا سيحدد إمكانية التعاون المشترك. ثانياً، الهدف الواضح لا يعني الموقف الصلب والمبدئي. الهدف الواضح يعني أن علينا فعل كل ما يلزم للوصول إليه. الغاية تبرر الوسيلة أم لا، أحياناً كثيرة لا أعرف، لكن على الاقل الوسيلة يجب أن لا تهدد الهدف. أي تحالف أو تقارب أو عمل مشترك مع كيانات من خارج الهدف هو وسيلة وليس وحدة حال وإلتزام أبدي. لذلك ليس عندي أية أيديولوجيا أو هوية لا يمكن التفاوض عليها من أجل الهدف. كل شيء جائز وممكن. إذا اعتبرت هويتك الإسلامية أو العربية أو الكردية أو الطائفية أعلى وأبدى من هويتك السورية فأنت لا تسعى إلى سوريا كهدف، أنت تسعى إلى امتلاك شيء إسمه سوريا لإدخاله في كيان آخر، أنت تسعى إلى فرض مشروعك وهدفك على الآخرين الذين هدفهم هو سوريا فقط دون صفات أخرى أعلى منها. هذا هو الصراع. لا يمكن لدكان أن تبيع الحلويات وتتاجر بالعقارات. يمكنك أن تطرح انضمام مناطق من الشمال إلى تركيا، لكنك ستصطدم بالآخرين الذين يريدون سوريا كما هي. هذه مشاريع متباينة. هذا صراع. مشروعك ومشروعي مختلفان جذريا ولا يمكن أن يكون هناك تعاون بيننا. ممكن أن يوحدنا هدف التخلص من نظام الأسد، لكننا لا نسعى لبناء نفس الكيان وسنصطدم عاجلاً أم آجلاً. سوريا ليست تركيا أو العراق. أنظروا إلى الوحدة مع مصر. فكرة جيدة لكنها لم تكن هدفاً مجمع عليه. المصريون لم يريدوا أن يكون الجمهورية المتحدة، السوريون لم يريدوا أن يكونوا الجمهورية المتحدة، كل طرف حافظ على حدود انتمائه. لا أقول بأنه لا يمكن تغيير الإنتماء، على العكس إنه ممكن. لكن لا يمكن أن يكون سقف انتماءك هو سوريا ثم تعمل وحدة مع مصر. لذلك القومية العربية كذبة كبيرة. لا يوجد أي كويتي أو مصري أو سوداني يستطيع أن يتخلى عن هذا الإنتماء لصالح إنتماء أكبر. كل واحد ديك يصيح على مزبلته ويراها حدود الدنيا. لا تستطيع أن تصيح على مزبلة أكبر وأنت تحلم بالمزبلة الأصغر وتخاف أن تضيع سلطتك على المزبلة الاصغر. لا يمكنك أن تقنع السوريين بأنهم سيبقون سوريين إذا انضموا إلى تركيا. يمكنهم أن ينضموا إذا ارادوا، لكنهم لن يكونوا سوريين بل سيكونون أتراك-سوريين، ثم بعد فترة أتراك فقط. حتى تحافظ على الصفة يجب أن يكون مصدر الصفة موجوداً.