«التاريخ السوري المعاصر»: الفرق بين المراجعتين
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٤٧: | سطر ٤٧: | ||
وهناك خطيئة هامة اخرى يرتكبها السوريون الى اليوم. مثلا الشهبندر كان يعتقد بانه يسعى الى دولة عربية شاملة بينما كل تصرفاته تقول بانه لا يرى في هذه الدولة ابعد من دمشق السنية واسوارها. ايديولوجية العروبة التي كان يتكلم بها لم تكن اكثر من دمشق السنية، عاصمة الامويين واقدم مدينة في التاريخ وارض الاسلام وقلب العروبة. اي سخافة ان يعلن مثله على الملأ ان دمشق هي عاصمة سوريا الازلية بينما لم تكن دمشق يوما اكثر من عاصمة امارة لا تتعدى غوطتها، وبينما كان يعرف خير معرفة ان حلب تتمتع بنفس الصفات. لماذا كان هو واقرانه يعتقدون بان اللاذقية او حلب او عمان او بيروت او طرابلس يجب ان تخضع لسلطة دولة واحدة مركزها دمشق. كيف اقنعوا انفسهم بان ما كان في البداية خيار حسين وابنه فيصل هو الحقيقة والهدف ولا شيء غيره. كيف اعتقد بان محادثاته السرية مع سلطان الاطرش للقيام بثورة مسلحة كانت ما يريده كل السوريين في كل المدن. هذا اقرب الى عقلية الاخوان المسلمين وغبائهم في الثمانينات والآن. | وهناك خطيئة هامة اخرى يرتكبها السوريون الى اليوم. مثلا الشهبندر كان يعتقد بانه يسعى الى دولة عربية شاملة بينما كل تصرفاته تقول بانه لا يرى في هذه الدولة ابعد من دمشق السنية واسوارها. ايديولوجية العروبة التي كان يتكلم بها لم تكن اكثر من دمشق السنية، عاصمة الامويين واقدم مدينة في التاريخ وارض الاسلام وقلب العروبة. اي سخافة ان يعلن مثله على الملأ ان دمشق هي عاصمة سوريا الازلية بينما لم تكن دمشق يوما اكثر من عاصمة امارة لا تتعدى غوطتها، وبينما كان يعرف خير معرفة ان حلب تتمتع بنفس الصفات. لماذا كان هو واقرانه يعتقدون بان اللاذقية او حلب او عمان او بيروت او طرابلس يجب ان تخضع لسلطة دولة واحدة مركزها دمشق. كيف اقنعوا انفسهم بان ما كان في البداية خيار حسين وابنه فيصل هو الحقيقة والهدف ولا شيء غيره. كيف اعتقد بان محادثاته السرية مع سلطان الاطرش للقيام بثورة مسلحة كانت ما يريده كل السوريين في كل المدن. هذا اقرب الى عقلية الاخوان المسلمين وغبائهم في الثمانينات والآن. | ||
انا مصدوم من ان التاريخ يعيد نفسه رغم عدم ايماني بتلك المقولة. اهناك شيء في الماء الذي نشربه ام اننا نحمل جينات ثقافة سياسية عقيمة. يا اخي اهلا بالفيدرالية واعطوا كل ديك صياح مزبلته الصغيرة ليعلن نفسه زعيما ابديا عليها. ادعو للحفاظا على وحدة الاراضي السورية ليس لاني مؤمن بهوية سورية او قومية سورية او ارض الاباء، ابدا، انا اعتقد فقط بان اي دولة اصغر لا تملك مقومات البقاء. لا تهمني الفسيفساء فهذه مقولة تافهة اذ ان كل مجتمع هو فسيفساء ولا تهمني حقوق الاقليات او الاغلبيات القومية او الدينية. انا تهمني بلد كبيرة وغنية وقادرة على الاستمرار وذات استقلالية في قراراتها لان اي تدخل خارجي يعني الفوضى. انا اؤمن بان اية دولة هي امبراطورية استعمارية مهما كانت. لكني احب ان اتنعم بالامان والسوق الكبيرة والاستقرار. لذلك يجب ان نفهم تحدياتنا بكل وضوح. نحن بحاجة الى دولة خدمات تكنوقراطية تحتكر العنف وتطبق القانون ولا تملك شيئا ولا تحتكر الاقتصاد لكنها تجمع الضرائب وتصرفها على المدارس والطرقات وتعطي الحرية المطلقة للقطاع الخاص والمجتمع المدني وتطبق اللامركزية الادارية وليس لها جيش ولا دستور وتنتقي برلمانها بالقرعة وشرطتها محلية منتخبة ومحاكمها كذلك. | انا مصدوم من ان التاريخ يعيد نفسه رغم عدم ايماني بتلك المقولة. اهناك شيء في الماء الذي نشربه ام اننا نحمل جينات ثقافة سياسية عقيمة. يا اخي اهلا بالفيدرالية واعطوا كل ديك صياح مزبلته الصغيرة ليعلن نفسه زعيما ابديا عليها. ادعو للحفاظا على وحدة الاراضي السورية ليس لاني مؤمن بهوية سورية او قومية سورية او ارض الاباء، ابدا، انا اعتقد فقط بان اي دولة اصغر لا تملك مقومات البقاء. لا تهمني الفسيفساء فهذه مقولة تافهة اذ ان كل مجتمع هو فسيفساء ولا تهمني حقوق الاقليات او الاغلبيات القومية او الدينية. انا تهمني بلد كبيرة وغنية وقادرة على الاستمرار وذات استقلالية في قراراتها لان اي تدخل خارجي يعني الفوضى. انا اؤمن بان اية دولة هي امبراطورية استعمارية مهما كانت. لكني احب ان اتنعم بالامان والسوق الكبيرة والاستقرار. لذلك يجب ان نفهم تحدياتنا بكل وضوح. نحن بحاجة الى دولة خدمات تكنوقراطية تحتكر العنف وتطبق القانون ولا تملك شيئا ولا تحتكر الاقتصاد لكنها تجمع الضرائب وتصرفها على المدارس والطرقات وتعطي الحرية المطلقة للقطاع الخاص والمجتمع المدني وتطبق اللامركزية الادارية وليس لها جيش ولا دستور وتنتقي برلمانها بالقرعة وشرطتها محلية منتخبة ومحاكمها كذلك. | ||
+ | |||
+ | =15 أيلول 2019، مركزية دمشق= | ||
+ | |||
+ | تضايق البعض من اعتباري دمشق مجرد مدينة كبيرة تقابلها حلب في الشمال، ومن قولي بان جعل دمشق عاصمة لسوريا لم يكن حتمية تاريخيا وانما قرارا اتهذه فيصل بن الحسين ثم اصبح محل صراع بين النخب السياسية. في اللامركزية الادارية التي انادي بها لا حاجة لمفهوم العاصمة ، اي المركز الحضري الاكبر والمركز الاقتصادي والسياسي والثقافي. هذا المفهوم اساسي للدولة القديمة ونمطها الذي نريد تغييره. العاصمة في الملكية هي ملكة المدن. اي انها تحتكر وتمركز بها كل شيء. الدولة الحديث تقوم على التداول والشبكية وليس على التراتبية والمركزية. بالطبع ايةُ منظومة اقتصادية وسياسية بحاجة الى مراكز حضرية من حجوم مختلفة من اجل مداولة الرساميل في الشبكة وليس من اجل شفط الرساميل وتعطيش الاطراف. الاثرياء ورجال الاعمال يلعبون نفس الدور في المنظومة الاقتصادية اي انهم عقد تداول . فاذا احتكروا الثروة ولم يداولوها اصبح فرق الثروة كبيرا وتجمدت الفروقات بين اطراف المنظومة مما يؤدي الى تأزيمها كما حدث في سوريا. عدم التساوي في الثروة والاهمية والسلطةً والمكانة والدور معطى اساسي في اية منظومة بسبب الاختصاص والتكامل بين المكونات. لكن مداولة هذه الرساميل بين الافراد يمنع تجمد هذه الفروقات وتأبيد الادوار وتوزيع الثروة وهذا يأزم المنظومات الاجتماعية السياسية | ||
+ | |||
+ | '''مراد بنيس''' | ||
+ | النموذج الذي تصفه يذكرني بمغرب ما قبل دخول الفرنسيين حيث كانت هناك ما بين 2 و4 عواصم سلطانية يتجول بينها السلطان باستمرار نظرا لاستحالة تنظيم بلد ذي حواجز طبيعية كبيرة (سلاسل جبال) وخصوصيات ثقافية واقتصادية متعددة من مكان واحد | ||
+ | طبعا أنت تتحدث عن نموذج عصري، لكن فكرة العواصم المتعددة (التي كنا نراها عند الامبراطوريات) حاضرة بقوة عندك | ||
+ | |||
+ | '''Ahmad Nazir Atassi''' | ||
+ | مراد بنيس بالتأكيد مراد، ماذا جنينا من العاصمة التي تبلع كل شيء غير افقار الاطراف والانفجار السكاني في العاصمة. انه نموذج سيء لا يناسب الا الملكية. لم اعرف هذا عن المغرب، مثير للاهتمام. اقرأ نقاشنا وقل لنا رأيك. لازم اروح ارد على الشامي. | ||
+ | |||
+ | =15 أيلول 2019، عن الشهبندر والكتلة= | ||
+ | |||
+ | البارحة كتبت بوستين او ثلاثة فشة خلق حيث قارنت سوريا العشرينات بسوريا اليوم. لعلي تجنيت على الشهبندر والكتلة الوطنية ومجموع السوريين بادعائي انهم يعيدون الاخطاء نفسها. فأي الخطأ في مثل هذه البوستات. لا ضير في المقارنة بين اي شيئين لتوضيح نقاط ذلت اهمية. لكن قد يقول البعض ان اسقاط الحاضر على الماضي فيه اجحاف لاهل ذلك الماضي. لا اعتقد ان الاسقاط فيه اجحاف اذا كان من باب المقارنة. الاجحاف يكون في الحكم على تصرفات وقرارات معينة ووسمها بمعيار قيمي مثل صح وخطأ، ذكاء غباء، وطنية خيانة، اخلاقي لا اخلاقي. انا ادعي اني انظر الى اي ظاهرة اجتماعية على انها من انتاج منظومة ما. وفي المنظومة لا يوجد قرار صائب او خاطئ، تصرف فاسد او اخلاقي. المنظومة فيها علاقات وافعال وردود افعال وتبادل رساميل. المنظومة فيها استقرار او اضطراب، سيولة او انسداد و ازمة، مرونة او جمود. | ||
+ | ادعيت ان منظومتي الحياة السياسية اثناء الانتداب والحياة السياسية اليوم تحملان عدد من اوجه التشابه، وعبرت عن ذلك بقولي السوريون دائما يفعلون كذا ويقعون بنفس الخطأ، وكأن سوريي اليوم هم نفسهم سوريو الامس. مثل هذا الادعاء يفترض استمرارية في الثقافة واستمرارية في العلاقات واستمرارية في القرارات والافعال بالاضافة الى استمرارية في بنية المنظومتين، تحت الانتداب واليوم. فهل فعلا هناك مثل هذه الاستمرارية؟ بالنسبة لي هذا هو جوهر البحث التاريخ. الناس دائما تفترض مثل هذه الاستمرارية بمقولة تاريخنا وتعتق انها تستنتج دروس يمكن الاستفادة منها اليوم باعتبار ان الاشياء لم تتغير وان دروس الماضي لها تطبيق اليوم. | ||
+ | فعلا لا اعرف لان تاريخ سورية الحديث غير مدروسة بدقة وحيادية وبشكل كافي للاجابة على هذه الاسئلة. اذن خطئي كان ذا شقين، اولا حكم قيمي، وثانيا غير منهجي. لكن لم يكن خطئي الاجحاف، اللهم الا اذا اثبتنا امكانية المقارنة ووضعنا اسسا لها. | ||
+ | واذا تابعنا تنظير القهاوي فاني فعلا اعتقد ان الكتلويين كانوا وصوليين والشهبتدر كان معتدا بنفسه، والاثنان مارسا الديكتاتورية والاقصاء وضعف التخطيط | ||
+ | |||
+ | =15 أيلول 2019، مركزية دمشق2= | ||
+ | |||
+ | النقاش محتدم مع الصديق اسامة الشامي. الافكار المطروحة تستحق التوقف عندها دون تعصب وحساسيات. | ||
+ | السؤال هل نريد ان نستمر مع دولة مركزية تجمع كل شيء في العاصمة ام نريد لامركزية تنعش المراكز الحضرية الاخرى غير العاصمة السياسية. انا قلت ان فكرة العاصمة الجاذبة لكل شيء تتناسب مع الحكم الملكي الذي يجمع كل شيء في الملك. اليوم من الافضل اعتماد تنظيم شبكي لتوزيع الثروة والفعاليات الاقتصادية. | ||
+ | اسامة واقعي ويتحدث عن اليوم التالي، مابعد الازمة مباشرة. وهو يحاجج بان دمشق ستبقى العاصمة بنفس طريقة ما قبل ٢٠١١، تتركز فيها السلطات والنخب السياسية والاقتصادية والثقافية. وتوصل الى هذا الاستنتاج لان سوريا الحديثة قامت على اسس اعطت الافضلية لدمشق منذ البداية وهمشت حلب وبقية المدن. عهد حلب، على حد زعمه، انتهى مع قيام تركيا الحديثة وضمها لمدن اورفة وعينتاب وانطاكيا. وحتى لما تناطحت المدينتان في الخمسينات خسر حلب وتحالفها الهاسمي وربحت دمشق وتحالفها المصري. | ||
+ | ثم يعود بنا اسامة الى التاريخ ليحاجج بان دمشق كان دائما مركز سوريا الطبيعية التي يراها في مفهوم بلاد الشام. ولم ينس ان يذكرنا بحنكة الشوام التجارية والسياسية. | ||
+ | سأرد وبنفس النفس الساخر . نعم دمشق هي بوابة الاردن والسعودية ومصر. وكانت دائما متوجهة نحو الصحراء. لكن ماذا جنينا من الصحراء ومصر. الاردن بلد هش وفلسطين راحت وبيروت لم تعد مرفأ دمشق. الصحراء جاءت بفيصل والثورة المسماة عربية وبالقومية العربية، ويا خيبة ما جاءت به. ولتزيد الطين بلة بوابة مصر جاءتنا بعبد الناصر وتأميماته ومخابراته، ثم بعد ذلك بالسعودية. يا ليتنا ذهبنا مع حلف بغداد ودخلنا الناتو وتركنا عدم الانحياز والوحدة العربية وقضية فلسطين. خلصنا صحراء ويجب الان ان نتوجه نحو الشمال والغرب اي نحو تركيا والمتوسط. بدنا ندخل بطريق الحرير الجديد القادم من الصين وبدنا نقوي الشراكة المتوسطية. | ||
+ | الحرب دخلت حلب ولم تدخل دمشق المدينة. هذا دليل على ان عقدة مواصلات شرق المتوسط في حلب. ايران تريد حلب وتركيا وامريكا واوروبا. موقع سوريا الاستراتيجي تمثله حلب. اما دمشق فهي محطة على طريق الحج، فقط. لن يمر بدمشق اي خط نفط او غاز او سكك حديدية. طريق الحرير الجدي سيمر بحلب وليس دمشق. | ||
+ | اخيرا عندما تنتعش حلب فلان التجارة العالمية تنتعش. اما دمشق فتنتعش عندما يأتي سكان الصحراء بدءا بالاراميين وانتهاءا بالعرب. ويعتقد الناس ان وظائف الدولة كانت تذهب الى العلويين، لكنها في الحقيقة كانت تذهب الى الشوام. صحيح اللهجة الحلبية لا تناسب الكوميديا لكن الشوام انفسهم لا يناسبون الكوميديا. اعتقد ان هوليوود السورية يجب ان تكون في حمص. ولو اتيح لي استعادة ميناء طرابلس لناديت بحمص كعاصمة، هواء عليل وناس خفاف دم، وليس عندهم "حنكة" بس عندهم ضمير بالتجارة، وقريبين على البحر. | ||
+ | |||
+ | =16 أيلول 2019، الشهبندر والكتلة 2= | ||
+ | تعقيب على البوستين الذين كتبتهما عن الشهبندر ومثالب السوريين: عقدنا جلسة نقد مع الاصدقاء وتم نقدي بمنهجية حسب القواعد الديمقراطية. | ||
+ | قالوا عممت على كل السوريين في كل العصور. كيف يجوز ذلك وانت تقول بالمنظومات فهل المنظومة السورية ثابتة لا تتغير على مر العصور | ||
+ | قالوا اعطيت حكما قيميا بصيغة "يرتكب السوريون الخطأ نفسه..."، فكيف تعرف انه خطأ وبالمقارنة مع ماذا؟ | ||
+ | قالوا لم تعر اي اهتمام لتأثير منشورك خاصة وانك تنصلت منه سريعا بان زعمت انك غاضب وفاير. | ||
+ | واخيرا قالوا اقترحت الفدرالية لانك يئست من النزعات المناطقية فهل الفدرالية تقسيم؟ وكيف نحافظ على سوريا بوجود فيدرالية مع نزعات مناطقية؟ | ||
+ | انا قلت صحيح كنت غاضبا، صحيح عممت، صحيح لم اقترح اي حل وانما قبول سلبي بالامر الواقع. لكني عرضت معضلتين تجعلان افكاري تتأرج بين نقيضين، المعضلة الاولى نحن نحتاج الى المقارنة عبر الزمان والمكان والثقافة لانتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية. لكننا لا ننتبه الى ارضية المقارنة واهدافها. المعضلة الثانية هي الانتقال من التنظير الى التطبيق. فمثلا ما هي النتائج العملية التي يمكن استخلاصها من عمل نظري مثل المقارنة؟ | ||
+ | اذا قلنا ان الشهبندر متعاون مع الانكليز او انه اقصائي ومعتد برأيه وانه مناطقي يدعي الوطنية بينما الترجمة الحقيقية لوطنيته هو مركزية دمشق، فكيف يمكن مقارنة ذلك مع ارتهان المعارضة اليوم لجهات خارجية والتصارع الصفري بين اطراف المعارضة والنزعات المناطقية الواضحة عند كل الاطراف؟ كيف يمكن اجراء المقارنة ثم الاستنتاج بان جوهر العقلية السورية لم يتغير ثم القفز بعد ذلك الى التسليم بالفدرالية؟! | ||
+ | يجب الاعتراف بان منظومة ايام الشهبندر مختلفة عن منظومتنا اليوم. فكيف نجري مقارن وكيف تكون مفيدة في تحصيل معارف جديدة؟ المنظومة هي مكونات من افراد وجماعات ومؤسسات ومتغيرات وعلاقات ورساميل وافعال وردود افعال وخطابات وعقليات او ايديولوجيا تساعد على اتخاذ القرارات. التفاعل بين كل هذه العناصر يعطينا المنظورة السياسية او الاقتصادية او العامة. يمكن انتاج مفاهيم نظرية مجردة لتحليل المنظومة مثل الخطاب، تحليل اصحاب المصلحة، تحليل شبكة العلاقات، مفهوم الرساميل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وتبادلها، مفهوم العلاقات غير الخطية، مفهوم الظواهر المنبثقة، مفهوم دور الفرد في البنية. يمكننا تطبيق كل هذا على الشهبندر ضمن منظومته وتطبيق الادوات نفسها على منظومة المعارضة والحرب الحالية وثم اقامة مقارن حسب كل مفهوم او اداة تحليل ونتائجها. نتائج المقارن ستفيد في فهم تكوين وديناميكية كل منظومة طيق فهم والاختلاف والتشابه. كذلك يمكن ان نرسم خطا تطوريا للمنظومة السياسية زمن الشهبندر وانتهاءا بمنظومة اليوم، وان نحدد عناصر الاستمرار وعناصر القطيعة مع الماضي. بناءا على هذه المنهجية يمكن القول ان الارتهان الى الخارج والعلاقة الصفرية بين اطراف المعارضة هي عناصر استمرار، لكن ذلك لا يعني استمرار في العقلية السورية او حتى وجود عقلية سورية. طبعا يمكن للمرظ ان يتوسع في المقارن والتحليل التاريخي حتى يدعم مقولة وجود عقلية تتخطى الزمن والاجيال وان هذه العقلية ثابتة. وعندها يجب الرجوع الى التطور التاريخية للمنظومة واكتشاف اسباب هذا الثبات اذا كان موجودا. زعم بوجود مثل هذه العقلية وثباته لم بقم على تحليل منهجي وكان مجرد ملاحظة يمكن ان توضع للنقاش ومن ثم البحث المنهجي. اما نقديمها على انها حقيقة فهو خطأ من جانبي. الحطأ الثاني هو الحكم على العقلية بعد افتراض وجودها بانها خطيئة وخطيئة ازلية قاتلة. في الدراسات الاجتماعية لا توجد اخطاء وانما مجرد افعال تكون بمجموعها ديناميكية المنظومة التي يجب دراستها. الحكم القيم مفيد فقط في التطبيق اذا كان لدينا هدف ونسعى الى تحقيقه وهنا نحكم على اي فعل بانه يقربنا من الهدف او يبعدنا عنه. الهدف بالنسبة لي الذي اقمت الحكم القيمي على اساسه هو التعاون من اجل انشاء دولة مركزية. وهذا يفترض نبل هذا الهدف وصحة اختياره، وهذا الافتراض مجرد موقف شخصي. قد لا يكون التعاون هو اساس نشوء الدول بل التنافس، وقد بكون تنافس النزعات المناطقية هو الطريق لبناء دولة يتحقق فيها التوازن بين الاطاف الممثلة لكل المناطق. اي ان العمل لمصلحة الذات قد يكون الطريق لانتاج المصلحة العامة. في الحقيقة ما اعيبه على المناطقية في سوريا ليس اقتصارها على جزء من الوطن وانما علاقتها الصفرية مع بقية النزعات المناطقية. والنقطة الثانية هي ان المناطقية ترى تحقيق مصلحة المنطقة بالاستيلاء على السلطة المركزية وتجييرها لتلك الغاية. بينما لو تعاونت تلك المصالح او تنافست ضمن اطار غير اقصائي وغير مهووس بامتلاك السلطة كلها احصل توازن ولحصل انبثاق لاطار تفاوضي يصمن مصالح الجميع | ||
+ | |||
+ | =16 أيلول 2019، كتاب قضايا الحزب الشيوعي السوري= | ||
+ | |||
+ | على صعيد اخر، اطلعت على كتاب الياس مرقص المعنون قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري. ووجدت فيه ملاحظات السوفييت على البرنامج السياسي والاقتصادي والزراعي ووجدتها مدخلا ممتازا لنقد الحركة الشيوعية في سوريا من حيث طروحاتها وتصرفتها وعلاقتها بسياسية الاتحاد السوفيتي. المراجعة لتاريخ الشيوعية في سوريا والذي تكلم عنه كثيرون ممكن جدا من خلال تلك الملاحطات ومن خلال الصياغة التي اتخذها الخلاف والتي كانت صياغة فيها مواربة وابتعاد غامض عن القضية الاساسية التي ادت الى الازمة والتي هي قضية الديكتاتورية في الحزب. ليس على اجندتي التأريخ للحركة الشيوعية في سوريا بأكملها لكن التعرف عليها هو جزء اساسي من مشروعي الحالي في تسجيل تاريخ شفوي لسوريا الحديثة. | ||
[[تصنيف:التاريخ السوري]] | [[تصنيف:التاريخ السوري]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠١:١٢، ٤ ديسمبر ٢٠٢٤
محتويات
- ١ 28 آذار 2018، تعليق على كتاب "التسلطية في سوريا"
- ٢ 1 نيسان 2018، تعليق على منشور لنشوان الأتاسي
- ٣ 13 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر
- ٤ 14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 2
- ٥ 14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 3
- ٦ 15 أيلول 2019، مركزية دمشق
- ٧ 15 أيلول 2019، عن الشهبندر والكتلة
- ٨ 15 أيلول 2019، مركزية دمشق2
- ٩ 16 أيلول 2019، الشهبندر والكتلة 2
- ١٠ 16 أيلول 2019، كتاب قضايا الحزب الشيوعي السوري
28 آذار 2018، تعليق على كتاب "التسلطية في سوريا"
التسلطية في سوريا: ستيفن هايدمان محللاً استمرارية النظام البعثي بين (1963- 1970)
Ahmad Nazir Atassi
هذا احسن الموجود، لكنه مؤشر على ما اعتقد انه سوء الدراسات المتعلقة بسوريا ما بعد الاستقلال بشكل عام. الكتب عن سوريا معدودة على الاصابع واغلب مصادرها المذكرات والصحف والدراسات الاسرائيلية، التي تعتبر الافضل في الاوساك الامريكية لاعتقاد الامريكان انها مبنية على تقارير صادقة ومفصلة للموساد، وهذ وهم. دراسات الانتداب افضل بسبب وجود الارشيفات الفرنسية. هايدمان الوحيد الذي يستخدم اطار نظري مقارن وهو الانظمة الشعبوية في جنوب امريكا وتحليل تكوين مؤسسات الدولة العليا مثل الرئاسة والوزراء والبرلمان والاحزاب. بالاضافة الى التحليل الاقتصادي السياسي الماركسي القائم على صراع طبقات مثل الاقطاع والراسمالية والفلاحين والعمال، وهي مفاهيم اشكالية جدا في الحالة السهرية. الدراسة تطبيق ذكي لنظريات كبرى باستخدام كم قليل من المعلومات وكم كبير من التحليلات الجاهزة التي اصبحت ازلية نمطية فيما يخص سوريا، مثل سلطة الاقطاع، نشوء الراسمالية الصناعية، صراع الطبقات من خلال الاحزاب، انعكاس الصراع الطبقي في القوانين وتعاقب الحكومات، سلطة الحزب الواحد، العقد الاجتماعي، والدولة المؤسساتية، والديكتاتورية الشعبوية السلطوية. هايدمان استاذ وباحث مشهور ومتخصص في الشؤون السورية والديكتاتوريات المؤسساتية ويعمل مستشارا للعديد من الشركات والدول العاملة الان في سوريا ومشرفا على منظمة اليوم التالي ومناصب بحثية اخرى. ويشرف على تخريج اجيال جديدة من المختصين بسوريا. التخصص بسوريا ما بعد الاستقلال مخاطرة اكاديمية الا اذا دخل الباحث في مجال الدراسات الاستراتيجية والاستشارات والثينك تانكس المحافظة. بالنسبة لي الرجل بذل اقصى ما بوسعه لحشر المعطيات القليلة في النظريات الكبرى، ووصل الى ابعد نقطة تسمح بها الدراسات غير الميدانية وغير الارشيفية. وهو اليوم، كما هو واضح من كتابه، زعيم نظرية التحديث السلطوي، اي كيفية تاقلم الديكتاتوريات مع العصر. قد يجد كثيرون في تحليله الحقيقة عن نظام البعث، لكني اشكك بكل التحليلات الجاهزة عن سوريا والمفاهيم التي تستخدمها والتي ذكرت بعضا منها اعلاه. ان تراكم عدد كبير من هذه التحليلات وتحت اسماء مشهورة جعل منها حقائق مقبولة دون تفكير وهي بالاصل مزاعم غير مثبتة. التاريخ السوري لسوريا لا يتعدى المذكرات والصراعات الخطابية الايديولوجية، والتاريخ غير السوري لسوريا لا يتعدى حشر معطيات قليلة في نظريات كبرى بسبب شح المصادر. يعنى لا يزال تاريخنا الى اليوم مليئا بالبعبعة الخطابية والاتهامات بالخيانة والشتائم السياسية، هل يذكرنا هذا بالتحليلات الاخيرة عما يجري في الغوطة. شهود عيان ينتجون تاريخا اعوج كله دعاية سياسية.
1 نيسان 2018، تعليق على منشور لنشوان الأتاسي
Nashwan Atassi : استكمل حافظ الأسد استيلاءه على كافة مواقع السلطة ومفاصلها الأساسية في سوريا مع نهاية شهر شباط من عام 1969. وقد فعل ذلك تحت ستار استنفار عسكري نفذته القوات الموالية له بحجة قيام الطيران الإسرائيلي بغارة جوية على قرى في جوار دمشق... لكن لم يجر الإعلان الرسمي عن استلامه السلطة إلا في يوم 16 تشرين الثاني عام 1970. لا أحد يعرف، ربما بمن فيهم الأسد نفسه، لماذا تأخر هذا الإعلان مدة عشرين شهراً ! وفي تفاصيل ما حدث، أنه خلال شهر شباط عام 1969، بعد أن قام رجال رفعت الأسد - شقيق حافظ - "باكتشاف" مخبر كان يحوم بسيارته حول منزل شقيقه، ما جعل رفعت "يشك" بأن عبد الكريم الجندي أرسله لاغتياله، بدأ يحاول إقناع شقيقه بالتحرك ضد الجندي وإلا كانت حياته في خطر، وعليه تحرك الأخير يوم 25 شباط (تحت ستار استنفار عسكري رداً على غارات إسرائيلية على قرى في جوار دمشق) وأمر الأسد دباباته باحتلال نقاط إستراتيجية داخل العاصمة، وعزَل رجال جديد من مسؤولية الصحف الرسمية والحزبية (البعث والثورة) وعيّن فيها أشخاصاً محسوبين عليه، واحتل مباني إذاعتي دمشق وحلب، وطرد رجال جديد من مكاتب الحزب والدولة في اللاذقية وطرطوس، واستمر تحرك الأسد حتى 28 شباط حيث قام بضرب أجهزة مخابرات عبد الكريم الجندي بدمشق واعتقال كل رجاله، عندئذ أدرك الجندي فداحة ما يحصل، وأيقن بقرب نهايته. وفي ليل 1 -2 آذار، حصل تبادل لفظي عنيف على الهاتف بين الجندي وعلي ظاظا رئيس المخابرات العسكرية الموالي للأسد، فأقدم الجندي إثرها على "الانتحار". يعلق أكرم الحوراني في مذكراته على حادثة انتحار الجندي بالقول: (تتضارب الأقوال حول انتحاره أو اغتياله بتاريخ 2 آذار 1969 وكان رفعت رأس الحربة التي استخدمها أخوه حافظ الأسد بمواجهة صلاح جديد في طريقه إلى الاستيلاء على السلطة والقضاء على نفوذ عبد الكريم الجندي. ومن الجدير بالذكر أن زوجة الجندي "انتحرت" بعد عدة أسابيع من موت زوجها، كما أُطلق الرصاص من سيارة مسرعة على سائقه الذي سقط ميتاً في الشارع المتفرع من طريق الصالحية والمسمى بستان الرئيس). ومن طرائف السياسة في سورية، لكن شديدة الوضوح والتعبير، أن القيادة الحزبية والسياسية "الرسمية والشرعية" للبلاد، ممثلة بالأمين العام لحزب البعث، رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء نور الدين الأتاسي، والأمين القطري لحزب البعث في سورية صلاح جديد، لم تعد تملك أية وسيلة إعلامية ضمن البلاد بعد أن استولى عليها كلها آمر سلاح الطيران ووزير الدفاع - حافظ الأسد - وجعلها تنطق باسمه، لذلك اضطرت "القيادة الحزبية والسياسية" الحاكمة إلى إصدار صحيفة يومية في لبنان (صحيفة الراية) كي تكون الناطق باسم "الحكم الشرعي" في سورية. بموت عبد الكريم الجندي، وإبعاد أحمد المير إلى خارج سورية، كما وإبعاد الأخوين سامي وخالد الجندي، تكون قد اكتملت تصفية كتلة الضباط والمسؤولين الاسماعيليين في الجيش والحزب، بعد أن كانت كتلة الضباط الدروز قد تمت تصفيتها خلال العامين 1966 و 1967، كما جرت الإشارة إليه سابقاً. وإذا أضفنا محمد عمران إلى لائحة المبعدين، نجد أنه لم يبق من أعضاء اللجنة العسكرية الخماسية في السلطة، وفي البلاد، سوى صلاح جديد وحافظ الأسد، الذي تمكن من حسم الصراع لصالحه خلال أحداث شباط 1969 الآنفة الذكر، لكنه لم يشأ استلام السلطة مباشرة، أو ربما لم يطلب منه ذلك، انتظاراً لظروف إقليمية ودولية أكثر ملائمة، ففضل إبقاء مظلة القيادة السياسية القائمة، لكن مفاصل السلطة الأساسية في البلاد أصبحت طوع بنانه. (نشوان الأتاسي، تطور المجتمع السوري 1831-2011، دار أطلس للنشر والترجمة والإنتاج الثقافي، ص 265- 266
Ahmad Nazir Atassi
غالبا وعند كتابة تاريخ سوريا الحديث نسرد الاحداث ونعتبر مجرد السرد شرحا كافيا لمنطق تعاقب الاحداث. لا اعرف كل التفاصيل، لكن من دراستي لحقب تاريخية اخرى اعرف ان الامر اعقد بكثير من شخص اخذ قرار وشخص عمل رد فعل وتصارعا وانتهى الامر. التحليل الطائفي اسهل تحليل، وقد يكون صحيحا لكن كون الجندي اسماعيليا وحاطوم درزيا والاسد علويا لا يعني بالضرورة ان الطائفية هي القانون الوحيد. نحن نتحدث عن كتل بشرية متنوعة تتصارع على دولة كاملة بسلطتها السياسية والعسكرية ومواردها الاقتصادية. لذلك ارى من الضروري التعمق في كل حدث ودراسته لوحده قبل ان ننتقل بسرعة الى تعاقب الاحداث وكان الاسباب تشرح نفسها. هايدمان الذي انتقدته من يومين طرح نظرية ثم جمع الادلة عليها ولم يكتف بالسرد والطائفية وافتراض حقارة المشاركين او حسن نواياهم. السؤال هنا، اذا اردنا التوقف عند الفترة من 69 الى 70، هو كيف استطاع شخص واحد ان يجمع هذه القوة والسلطة. هل فعلا كان لوحده. ما هي تركيبة الدولة التي مكنته من تجميع هذه السلطات. كيف لم يتم تفعيل العمليات الدستورية والقضائية وغيرها لايقاف ما كان الجميع يعرفه. كيف تم تحييد كل هؤلاء المتنافسين. ما هي الصلاحيات في الدولة التي سمحت بذلك، كيف كانت الدولة تعمل في ظل هذه الاضطرابات. كل هذا كان يحصل في قلب الحرب الباردة، ونعلم اليوم اهمية التوازنات الدولية في سوريا فماذا كان دورها في تلك الفترة. لا يكفي ان نذكر شخص او شخصين ونطلق الاحكام، يجب ان نعرف كل المشاركين والفاعلين، يجب ان تكون لدينا معلومات اكثر من قارئ الجريدة اليومية في تلك الفترة. مع تحيتي لكل من يدخل في هذا الخضم الذي لا ياتي منه الا معاداة الناس ووجع الراس.
13 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر
كنت عم اقرا كتاب حسن الحكيم عن عبد الرحمن الشهبندر. وهذه الايام قرأت من عدة مصادر عن تاريخ سوريا في الاربعينات والخمسينات. طبعا بقيت كمية هائلة من المراجع يجب قراءتها، لكن الانطباعات الاولى هي التالية: اولا سوريا لم تكن امبراطورية او مملكة موحدة بحياتها وهي ليست مؤهلة لذلك. ثانيا، السوريون لا يزالون يلعبون نفس السياسة منذ ايام الحثيين والى اليوم. وهي سياسة زعامات محلية لا ترى ابعد من انفها وتلعب على تناقضات القوى الاكبر منها المحيطة بها وتعتقد دائما انها اذكى منهم، رغم انها اغبى بمراحل. ثالثا، لا يوجد ولاء في سوريا ابعد من ولاء العصبية المحلية من حارة او مدينة او قرية او طائفة او عشيرة. رابعا، من ناحية سياسية، ينقسم السوريون الى نوعين من الناس، زعماء وشبيحة. وحتى الزعماء ليسوا الا عملاءا لقوى خارجية ويتعاملون مع غيرهم من الزعماء بطريقة صفرية. وعندما يتهم الواحد منهم الاخرين بانهم عملاء لدولة سين فذلك لانه هو نفسه عميل لدولة عين معادية لسين. خامسا، السوريون من زعماء وشبيحة يعادون المأسسة لانها تكشف شبكات المحسوبية التي يعتمدون عليها ولا يتخلون عنها. اية محاولة لفهم السياسة في سوريا من منطلق المؤسسة هي محاولة فاشلة اذ لا توجد الا الشبكة. فعلا علينا بقبول الحقيقة والاعتراف باننا لن نستطيع انشاء اكثر من دولة محاصصة طائفية ذات نظام فيدرالي وإدارة محلية (فكرة لا تزال غير ناضجة). اعتقد انه علينا التركيز على بناء مؤسسات الادارة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والعزوف نهائيا عن التصارع على الدولة المركزية ومؤسساتها من برلمان ودستور ورئاسة وجيش ومخابرات. وبالتوازي مع ذاك نهتم ببناء قطاع اقتصادي خاص قوي واضعاف اي قطاع اقتصادي عام واي تدخل للدولة في الاقتصاد (هذه الافكار مستقرة أكثر وأدعو لها).
14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 2
من خلال قراءتي السريعة لكتاب حسن الحكيم عن الشهبندر بدا لي ان الشهبندر كان يفهم التحديات التي تواجه سوريا والمؤامرات التي كان الفرنسيون والانكليز يحوكونها للمنطقة. لكنه كان مثل كل السوريين ومثل خصومه يعتقد انه وحده على حق وان الاخرين مجرد عملاء وخونة. الشهبندر لم يكن عميلا للانكليز كما اتهمه الفرنسيون لكنه كان يخدم سياستهم وعملاءهم دون ان يحس، تماما كما كانت الكتلة الوطنية تخدم سياسة الفرنسيين دون ان تحس. من الواضح لي ان المخابرات الفرنسية هي من اغتالت الشهبندر لايمانها بانه عميل انكليزي في وقت كان الفرنسيون يخضعون للانكليز او يحاربون ضدهم. ومن الواضح لي لن الفرنسيين اعتقدوا ذلك منذ الحرب العالمية الاولى ووقوفه الى جانب فيصل ودفاعه عنه حتى بعد ان ثبت ضعفه. ومشاركته الفعالة في الثورة الكبرى علم ١٩٢٥ لا بد اكدت شكوكهم ولذلك ابعدوه لاكثر من عقد. لكن الشهبندر لم يكن افضل من الكتلة التي وقف ضد معاهدتها. ويمكنني بكل ارتياح ان اشبه الكتلة في ذلك الوقت بالائتلاف الان، اي جماعة من الوصوليين الذين يعتقدون بانهم يضحكون على الفرنسيين من اجل بناء دولتهم ومن ثم الانقلاب على داعميهم. ويمكن تشبيه الشهبندر بالمجلس الوطني ومزاوداته الوطنية رغم انه كان اداة في يد دولة اخرى. ويبقى ايمان السوريين قويا بان دولتهم لن تكون الا بقرار ودعم خارجي، وبانهم اذكى من داعميهم وبانهم قادرون على بناء الدولة اذا حصلوا فقط على الالقاب ووزارة الدفاع. السوريون يحلمون دائما بالدولة المركزية المتعالية لانهم لم يعرفوا يوما غيرها. لكنهم لم ينتبهوا الى ان ممارستهم للسياسةكانت دائما على مستوى محلي وغير مؤسساتي. ولذلك فهم يهملون المؤسسات في سعيهم الى السلطة المركزية. ومتى حصلوا عليها استخدموها بطريقة محلية بسيطة عشائرية وتعاملوا مع المواطنين بنفس منطق الاجبار الذي كانت الدولة العثمانية المركزية تستخدمه معهم. انهم فعلا يجهلون الدولة ودائما تعاملوا معها بمنطق عيني فيه وتفو عليه . انهم يكرهونها لكنهم يطالبونها بكل شيء وكانها مصباح علاء الدين، ويسيؤون ادارتها بينما يكيلون اليها الشتائم، ويريدونها ان تكون اخلاقية بينما هم لا يحترمون قوانينها، ويريدون ان تعطيهم العطايا وتوزع عليهم الثروة العامة بينما هم يسرقونها ولا يدفعون ضرائبها، ويريدونها عادلة تجاه الجميع بينما هم يتعاملون معها كمزرعة عندما يستلمون وظائفها.
14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 3
وهناك خطيئة هامة اخرى يرتكبها السوريون الى اليوم. مثلا الشهبندر كان يعتقد بانه يسعى الى دولة عربية شاملة بينما كل تصرفاته تقول بانه لا يرى في هذه الدولة ابعد من دمشق السنية واسوارها. ايديولوجية العروبة التي كان يتكلم بها لم تكن اكثر من دمشق السنية، عاصمة الامويين واقدم مدينة في التاريخ وارض الاسلام وقلب العروبة. اي سخافة ان يعلن مثله على الملأ ان دمشق هي عاصمة سوريا الازلية بينما لم تكن دمشق يوما اكثر من عاصمة امارة لا تتعدى غوطتها، وبينما كان يعرف خير معرفة ان حلب تتمتع بنفس الصفات. لماذا كان هو واقرانه يعتقدون بان اللاذقية او حلب او عمان او بيروت او طرابلس يجب ان تخضع لسلطة دولة واحدة مركزها دمشق. كيف اقنعوا انفسهم بان ما كان في البداية خيار حسين وابنه فيصل هو الحقيقة والهدف ولا شيء غيره. كيف اعتقد بان محادثاته السرية مع سلطان الاطرش للقيام بثورة مسلحة كانت ما يريده كل السوريين في كل المدن. هذا اقرب الى عقلية الاخوان المسلمين وغبائهم في الثمانينات والآن. انا مصدوم من ان التاريخ يعيد نفسه رغم عدم ايماني بتلك المقولة. اهناك شيء في الماء الذي نشربه ام اننا نحمل جينات ثقافة سياسية عقيمة. يا اخي اهلا بالفيدرالية واعطوا كل ديك صياح مزبلته الصغيرة ليعلن نفسه زعيما ابديا عليها. ادعو للحفاظا على وحدة الاراضي السورية ليس لاني مؤمن بهوية سورية او قومية سورية او ارض الاباء، ابدا، انا اعتقد فقط بان اي دولة اصغر لا تملك مقومات البقاء. لا تهمني الفسيفساء فهذه مقولة تافهة اذ ان كل مجتمع هو فسيفساء ولا تهمني حقوق الاقليات او الاغلبيات القومية او الدينية. انا تهمني بلد كبيرة وغنية وقادرة على الاستمرار وذات استقلالية في قراراتها لان اي تدخل خارجي يعني الفوضى. انا اؤمن بان اية دولة هي امبراطورية استعمارية مهما كانت. لكني احب ان اتنعم بالامان والسوق الكبيرة والاستقرار. لذلك يجب ان نفهم تحدياتنا بكل وضوح. نحن بحاجة الى دولة خدمات تكنوقراطية تحتكر العنف وتطبق القانون ولا تملك شيئا ولا تحتكر الاقتصاد لكنها تجمع الضرائب وتصرفها على المدارس والطرقات وتعطي الحرية المطلقة للقطاع الخاص والمجتمع المدني وتطبق اللامركزية الادارية وليس لها جيش ولا دستور وتنتقي برلمانها بالقرعة وشرطتها محلية منتخبة ومحاكمها كذلك.
15 أيلول 2019، مركزية دمشق
تضايق البعض من اعتباري دمشق مجرد مدينة كبيرة تقابلها حلب في الشمال، ومن قولي بان جعل دمشق عاصمة لسوريا لم يكن حتمية تاريخيا وانما قرارا اتهذه فيصل بن الحسين ثم اصبح محل صراع بين النخب السياسية. في اللامركزية الادارية التي انادي بها لا حاجة لمفهوم العاصمة ، اي المركز الحضري الاكبر والمركز الاقتصادي والسياسي والثقافي. هذا المفهوم اساسي للدولة القديمة ونمطها الذي نريد تغييره. العاصمة في الملكية هي ملكة المدن. اي انها تحتكر وتمركز بها كل شيء. الدولة الحديث تقوم على التداول والشبكية وليس على التراتبية والمركزية. بالطبع ايةُ منظومة اقتصادية وسياسية بحاجة الى مراكز حضرية من حجوم مختلفة من اجل مداولة الرساميل في الشبكة وليس من اجل شفط الرساميل وتعطيش الاطراف. الاثرياء ورجال الاعمال يلعبون نفس الدور في المنظومة الاقتصادية اي انهم عقد تداول . فاذا احتكروا الثروة ولم يداولوها اصبح فرق الثروة كبيرا وتجمدت الفروقات بين اطراف المنظومة مما يؤدي الى تأزيمها كما حدث في سوريا. عدم التساوي في الثروة والاهمية والسلطةً والمكانة والدور معطى اساسي في اية منظومة بسبب الاختصاص والتكامل بين المكونات. لكن مداولة هذه الرساميل بين الافراد يمنع تجمد هذه الفروقات وتأبيد الادوار وتوزيع الثروة وهذا يأزم المنظومات الاجتماعية السياسية
مراد بنيس النموذج الذي تصفه يذكرني بمغرب ما قبل دخول الفرنسيين حيث كانت هناك ما بين 2 و4 عواصم سلطانية يتجول بينها السلطان باستمرار نظرا لاستحالة تنظيم بلد ذي حواجز طبيعية كبيرة (سلاسل جبال) وخصوصيات ثقافية واقتصادية متعددة من مكان واحد طبعا أنت تتحدث عن نموذج عصري، لكن فكرة العواصم المتعددة (التي كنا نراها عند الامبراطوريات) حاضرة بقوة عندك
Ahmad Nazir Atassi مراد بنيس بالتأكيد مراد، ماذا جنينا من العاصمة التي تبلع كل شيء غير افقار الاطراف والانفجار السكاني في العاصمة. انه نموذج سيء لا يناسب الا الملكية. لم اعرف هذا عن المغرب، مثير للاهتمام. اقرأ نقاشنا وقل لنا رأيك. لازم اروح ارد على الشامي.
15 أيلول 2019، عن الشهبندر والكتلة
البارحة كتبت بوستين او ثلاثة فشة خلق حيث قارنت سوريا العشرينات بسوريا اليوم. لعلي تجنيت على الشهبندر والكتلة الوطنية ومجموع السوريين بادعائي انهم يعيدون الاخطاء نفسها. فأي الخطأ في مثل هذه البوستات. لا ضير في المقارنة بين اي شيئين لتوضيح نقاط ذلت اهمية. لكن قد يقول البعض ان اسقاط الحاضر على الماضي فيه اجحاف لاهل ذلك الماضي. لا اعتقد ان الاسقاط فيه اجحاف اذا كان من باب المقارنة. الاجحاف يكون في الحكم على تصرفات وقرارات معينة ووسمها بمعيار قيمي مثل صح وخطأ، ذكاء غباء، وطنية خيانة، اخلاقي لا اخلاقي. انا ادعي اني انظر الى اي ظاهرة اجتماعية على انها من انتاج منظومة ما. وفي المنظومة لا يوجد قرار صائب او خاطئ، تصرف فاسد او اخلاقي. المنظومة فيها علاقات وافعال وردود افعال وتبادل رساميل. المنظومة فيها استقرار او اضطراب، سيولة او انسداد و ازمة، مرونة او جمود. ادعيت ان منظومتي الحياة السياسية اثناء الانتداب والحياة السياسية اليوم تحملان عدد من اوجه التشابه، وعبرت عن ذلك بقولي السوريون دائما يفعلون كذا ويقعون بنفس الخطأ، وكأن سوريي اليوم هم نفسهم سوريو الامس. مثل هذا الادعاء يفترض استمرارية في الثقافة واستمرارية في العلاقات واستمرارية في القرارات والافعال بالاضافة الى استمرارية في بنية المنظومتين، تحت الانتداب واليوم. فهل فعلا هناك مثل هذه الاستمرارية؟ بالنسبة لي هذا هو جوهر البحث التاريخ. الناس دائما تفترض مثل هذه الاستمرارية بمقولة تاريخنا وتعتق انها تستنتج دروس يمكن الاستفادة منها اليوم باعتبار ان الاشياء لم تتغير وان دروس الماضي لها تطبيق اليوم. فعلا لا اعرف لان تاريخ سورية الحديث غير مدروسة بدقة وحيادية وبشكل كافي للاجابة على هذه الاسئلة. اذن خطئي كان ذا شقين، اولا حكم قيمي، وثانيا غير منهجي. لكن لم يكن خطئي الاجحاف، اللهم الا اذا اثبتنا امكانية المقارنة ووضعنا اسسا لها. واذا تابعنا تنظير القهاوي فاني فعلا اعتقد ان الكتلويين كانوا وصوليين والشهبتدر كان معتدا بنفسه، والاثنان مارسا الديكتاتورية والاقصاء وضعف التخطيط
15 أيلول 2019، مركزية دمشق2
النقاش محتدم مع الصديق اسامة الشامي. الافكار المطروحة تستحق التوقف عندها دون تعصب وحساسيات. السؤال هل نريد ان نستمر مع دولة مركزية تجمع كل شيء في العاصمة ام نريد لامركزية تنعش المراكز الحضرية الاخرى غير العاصمة السياسية. انا قلت ان فكرة العاصمة الجاذبة لكل شيء تتناسب مع الحكم الملكي الذي يجمع كل شيء في الملك. اليوم من الافضل اعتماد تنظيم شبكي لتوزيع الثروة والفعاليات الاقتصادية. اسامة واقعي ويتحدث عن اليوم التالي، مابعد الازمة مباشرة. وهو يحاجج بان دمشق ستبقى العاصمة بنفس طريقة ما قبل ٢٠١١، تتركز فيها السلطات والنخب السياسية والاقتصادية والثقافية. وتوصل الى هذا الاستنتاج لان سوريا الحديثة قامت على اسس اعطت الافضلية لدمشق منذ البداية وهمشت حلب وبقية المدن. عهد حلب، على حد زعمه، انتهى مع قيام تركيا الحديثة وضمها لمدن اورفة وعينتاب وانطاكيا. وحتى لما تناطحت المدينتان في الخمسينات خسر حلب وتحالفها الهاسمي وربحت دمشق وتحالفها المصري. ثم يعود بنا اسامة الى التاريخ ليحاجج بان دمشق كان دائما مركز سوريا الطبيعية التي يراها في مفهوم بلاد الشام. ولم ينس ان يذكرنا بحنكة الشوام التجارية والسياسية. سأرد وبنفس النفس الساخر . نعم دمشق هي بوابة الاردن والسعودية ومصر. وكانت دائما متوجهة نحو الصحراء. لكن ماذا جنينا من الصحراء ومصر. الاردن بلد هش وفلسطين راحت وبيروت لم تعد مرفأ دمشق. الصحراء جاءت بفيصل والثورة المسماة عربية وبالقومية العربية، ويا خيبة ما جاءت به. ولتزيد الطين بلة بوابة مصر جاءتنا بعبد الناصر وتأميماته ومخابراته، ثم بعد ذلك بالسعودية. يا ليتنا ذهبنا مع حلف بغداد ودخلنا الناتو وتركنا عدم الانحياز والوحدة العربية وقضية فلسطين. خلصنا صحراء ويجب الان ان نتوجه نحو الشمال والغرب اي نحو تركيا والمتوسط. بدنا ندخل بطريق الحرير الجديد القادم من الصين وبدنا نقوي الشراكة المتوسطية. الحرب دخلت حلب ولم تدخل دمشق المدينة. هذا دليل على ان عقدة مواصلات شرق المتوسط في حلب. ايران تريد حلب وتركيا وامريكا واوروبا. موقع سوريا الاستراتيجي تمثله حلب. اما دمشق فهي محطة على طريق الحج، فقط. لن يمر بدمشق اي خط نفط او غاز او سكك حديدية. طريق الحرير الجدي سيمر بحلب وليس دمشق. اخيرا عندما تنتعش حلب فلان التجارة العالمية تنتعش. اما دمشق فتنتعش عندما يأتي سكان الصحراء بدءا بالاراميين وانتهاءا بالعرب. ويعتقد الناس ان وظائف الدولة كانت تذهب الى العلويين، لكنها في الحقيقة كانت تذهب الى الشوام. صحيح اللهجة الحلبية لا تناسب الكوميديا لكن الشوام انفسهم لا يناسبون الكوميديا. اعتقد ان هوليوود السورية يجب ان تكون في حمص. ولو اتيح لي استعادة ميناء طرابلس لناديت بحمص كعاصمة، هواء عليل وناس خفاف دم، وليس عندهم "حنكة" بس عندهم ضمير بالتجارة، وقريبين على البحر.
16 أيلول 2019، الشهبندر والكتلة 2
تعقيب على البوستين الذين كتبتهما عن الشهبندر ومثالب السوريين: عقدنا جلسة نقد مع الاصدقاء وتم نقدي بمنهجية حسب القواعد الديمقراطية. قالوا عممت على كل السوريين في كل العصور. كيف يجوز ذلك وانت تقول بالمنظومات فهل المنظومة السورية ثابتة لا تتغير على مر العصور قالوا اعطيت حكما قيميا بصيغة "يرتكب السوريون الخطأ نفسه..."، فكيف تعرف انه خطأ وبالمقارنة مع ماذا؟ قالوا لم تعر اي اهتمام لتأثير منشورك خاصة وانك تنصلت منه سريعا بان زعمت انك غاضب وفاير. واخيرا قالوا اقترحت الفدرالية لانك يئست من النزعات المناطقية فهل الفدرالية تقسيم؟ وكيف نحافظ على سوريا بوجود فيدرالية مع نزعات مناطقية؟ انا قلت صحيح كنت غاضبا، صحيح عممت، صحيح لم اقترح اي حل وانما قبول سلبي بالامر الواقع. لكني عرضت معضلتين تجعلان افكاري تتأرج بين نقيضين، المعضلة الاولى نحن نحتاج الى المقارنة عبر الزمان والمكان والثقافة لانتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية. لكننا لا ننتبه الى ارضية المقارنة واهدافها. المعضلة الثانية هي الانتقال من التنظير الى التطبيق. فمثلا ما هي النتائج العملية التي يمكن استخلاصها من عمل نظري مثل المقارنة؟ اذا قلنا ان الشهبندر متعاون مع الانكليز او انه اقصائي ومعتد برأيه وانه مناطقي يدعي الوطنية بينما الترجمة الحقيقية لوطنيته هو مركزية دمشق، فكيف يمكن مقارنة ذلك مع ارتهان المعارضة اليوم لجهات خارجية والتصارع الصفري بين اطراف المعارضة والنزعات المناطقية الواضحة عند كل الاطراف؟ كيف يمكن اجراء المقارنة ثم الاستنتاج بان جوهر العقلية السورية لم يتغير ثم القفز بعد ذلك الى التسليم بالفدرالية؟! يجب الاعتراف بان منظومة ايام الشهبندر مختلفة عن منظومتنا اليوم. فكيف نجري مقارن وكيف تكون مفيدة في تحصيل معارف جديدة؟ المنظومة هي مكونات من افراد وجماعات ومؤسسات ومتغيرات وعلاقات ورساميل وافعال وردود افعال وخطابات وعقليات او ايديولوجيا تساعد على اتخاذ القرارات. التفاعل بين كل هذه العناصر يعطينا المنظورة السياسية او الاقتصادية او العامة. يمكن انتاج مفاهيم نظرية مجردة لتحليل المنظومة مثل الخطاب، تحليل اصحاب المصلحة، تحليل شبكة العلاقات، مفهوم الرساميل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وتبادلها، مفهوم العلاقات غير الخطية، مفهوم الظواهر المنبثقة، مفهوم دور الفرد في البنية. يمكننا تطبيق كل هذا على الشهبندر ضمن منظومته وتطبيق الادوات نفسها على منظومة المعارضة والحرب الحالية وثم اقامة مقارن حسب كل مفهوم او اداة تحليل ونتائجها. نتائج المقارن ستفيد في فهم تكوين وديناميكية كل منظومة طيق فهم والاختلاف والتشابه. كذلك يمكن ان نرسم خطا تطوريا للمنظومة السياسية زمن الشهبندر وانتهاءا بمنظومة اليوم، وان نحدد عناصر الاستمرار وعناصر القطيعة مع الماضي. بناءا على هذه المنهجية يمكن القول ان الارتهان الى الخارج والعلاقة الصفرية بين اطراف المعارضة هي عناصر استمرار، لكن ذلك لا يعني استمرار في العقلية السورية او حتى وجود عقلية سورية. طبعا يمكن للمرظ ان يتوسع في المقارن والتحليل التاريخي حتى يدعم مقولة وجود عقلية تتخطى الزمن والاجيال وان هذه العقلية ثابتة. وعندها يجب الرجوع الى التطور التاريخية للمنظومة واكتشاف اسباب هذا الثبات اذا كان موجودا. زعم بوجود مثل هذه العقلية وثباته لم بقم على تحليل منهجي وكان مجرد ملاحظة يمكن ان توضع للنقاش ومن ثم البحث المنهجي. اما نقديمها على انها حقيقة فهو خطأ من جانبي. الحطأ الثاني هو الحكم على العقلية بعد افتراض وجودها بانها خطيئة وخطيئة ازلية قاتلة. في الدراسات الاجتماعية لا توجد اخطاء وانما مجرد افعال تكون بمجموعها ديناميكية المنظومة التي يجب دراستها. الحكم القيم مفيد فقط في التطبيق اذا كان لدينا هدف ونسعى الى تحقيقه وهنا نحكم على اي فعل بانه يقربنا من الهدف او يبعدنا عنه. الهدف بالنسبة لي الذي اقمت الحكم القيمي على اساسه هو التعاون من اجل انشاء دولة مركزية. وهذا يفترض نبل هذا الهدف وصحة اختياره، وهذا الافتراض مجرد موقف شخصي. قد لا يكون التعاون هو اساس نشوء الدول بل التنافس، وقد بكون تنافس النزعات المناطقية هو الطريق لبناء دولة يتحقق فيها التوازن بين الاطاف الممثلة لكل المناطق. اي ان العمل لمصلحة الذات قد يكون الطريق لانتاج المصلحة العامة. في الحقيقة ما اعيبه على المناطقية في سوريا ليس اقتصارها على جزء من الوطن وانما علاقتها الصفرية مع بقية النزعات المناطقية. والنقطة الثانية هي ان المناطقية ترى تحقيق مصلحة المنطقة بالاستيلاء على السلطة المركزية وتجييرها لتلك الغاية. بينما لو تعاونت تلك المصالح او تنافست ضمن اطار غير اقصائي وغير مهووس بامتلاك السلطة كلها احصل توازن ولحصل انبثاق لاطار تفاوضي يصمن مصالح الجميع
16 أيلول 2019، كتاب قضايا الحزب الشيوعي السوري
على صعيد اخر، اطلعت على كتاب الياس مرقص المعنون قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري. ووجدت فيه ملاحظات السوفييت على البرنامج السياسي والاقتصادي والزراعي ووجدتها مدخلا ممتازا لنقد الحركة الشيوعية في سوريا من حيث طروحاتها وتصرفتها وعلاقتها بسياسية الاتحاد السوفيتي. المراجعة لتاريخ الشيوعية في سوريا والذي تكلم عنه كثيرون ممكن جدا من خلال تلك الملاحطات ومن خلال الصياغة التي اتخذها الخلاف والتي كانت صياغة فيها مواربة وابتعاد غامض عن القضية الاساسية التي ادت الى الازمة والتي هي قضية الديكتاتورية في الحزب. ليس على اجندتي التأريخ للحركة الشيوعية في سوريا بأكملها لكن التعرف عليها هو جزء اساسي من مشروعي الحالي في تسجيل تاريخ شفوي لسوريا الحديثة.