«مفهوم المثقف»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
 
سطر ٢٠٢: سطر ٢٠٢:
 
وهناك عامل آخر أظن أنه يساهم في تغذية المواقف السلبية تجاه مبادرات الدولة على الخصوص(ربما يندرج في النقطة 4 من لائحتك) وهو النظرة الموروثة -ربما منذ عهد القبائل- إلى الدولة كأداة قمع مادي ومعنوي يتلخص دورها في استخلاص الضرائب وتقليص الحريات (حرية الغزو مثلا). هذا يجعل قرارات مثل وضع رادارات لمراقبة السرعة تُؤوَّل على أنها وسيلة لسلب السائقين أموالهم وليس لحماية المواطن من المستهترين الذين قد يسحقونه بسياراتهم المتحركة بسرعة جنونية، ويجعل قرارات مثل زيادة عدد رجال الشرطة تُؤوَّل على أنها وسيلة لتشديد الطوق على المواطن ومراقبته وليس لحمايته من قُطّاع الطرق الذين يتربصون به وبأهله (وهو بالمناسبة يتشكى من وجودهم ومن عدم قيام الدولة بتأديتها لواجبها بإيقافهم!)
 
وهناك عامل آخر أظن أنه يساهم في تغذية المواقف السلبية تجاه مبادرات الدولة على الخصوص(ربما يندرج في النقطة 4 من لائحتك) وهو النظرة الموروثة -ربما منذ عهد القبائل- إلى الدولة كأداة قمع مادي ومعنوي يتلخص دورها في استخلاص الضرائب وتقليص الحريات (حرية الغزو مثلا). هذا يجعل قرارات مثل وضع رادارات لمراقبة السرعة تُؤوَّل على أنها وسيلة لسلب السائقين أموالهم وليس لحماية المواطن من المستهترين الذين قد يسحقونه بسياراتهم المتحركة بسرعة جنونية، ويجعل قرارات مثل زيادة عدد رجال الشرطة تُؤوَّل على أنها وسيلة لتشديد الطوق على المواطن ومراقبته وليس لحمايته من قُطّاع الطرق الذين يتربصون به وبأهله (وهو بالمناسبة يتشكى من وجودهم ومن عدم قيام الدولة بتأديتها لواجبها بإيقافهم!)
  
 
+
=1 أيار 2019، التنويرية والرسولية=
 +
في أسفل الصفحة الرئيسية لموقع السوري الجديد (https://newsyrian.net/ar/) وجدت التصريح التالي:
 +
"مشروع السوري الجديد هو منظومة إعلامية ثقافية تنموية تحفيزية متعددة المصادر، تعمل على نشر الوعي والمعرفة بين السوريين، ودعم الأفكار الحداثية، وتقديم رؤية عصرية وعملية تحاول الخروج من التداعيات السلبية للحالة السورية في ظل الحرب، وما أنتجته من أزمات نفسية واقتصادية وفكرية وانقسامات اجتماعية تهدد مستقبل الشعب السوري، و تؤسس لجيل جديد من السوريين يتمتعون بالوعي والمعرفة والقدرات الضرورية لمرحلة البناء القادمة."
 +
الموقع ظريف وتصميمه جميل ومواده تعبر تماماً عن المشروع والكتاب. لكن ما يزعجني، وهنا لا أتهم أحداً فانا شريك في الجريمة، هو ادعاء التنوير. بعد ثماني سنوات ثورات وقلاقل ومشاريع بناء مجتمع ودولة أصبحت أتحسس من مصطلحات مثل "مثقف"، "باحث"، "مفكر"، "تنوير"، "توعية"، "جديد"، "حداثة"، "عصرية"، "سلبيات"، "أمراض اجتماعية"، "أزمات". هذه النوع من الخطاب منتشر بكثرة بين السوريين بشكل عام، وبين الكتاب السوريين بشكل خاص. واسميه "الخطاب الرسولي" لان الكاتب فيه يتقمص دور رسول سلطة متعالية (إلهية أو دنيوية) تمتلك الرؤية "الصحيحة" لما يجب أن تكون عليه الأحوال في المجتمع والدولة والغقتصاد وكل نواحي الحياة. هذه السلطة المتعالية قد تكون دينية (كما عند الإسلامويين) أو قد تكون ليبرالية (كنا عند أصحاب الموقع) أو قد تكون حداثوية (كما عند الليبراليين واليساريين). المشروع الذي يقدمه الخطاب الرسولي هو توجيه للمجتمع ينقله من جادة الخطأ والأزمات والتخلف والأمراض إلى جادة الصواب الإسلامي او الحداثي او الليبرالي أو الديمقراطي. الكاتب هنا لا يتفاعل مع الناس أو الأحداث (أي سفاسف الأمور) ولا يرى العملية كأخذ ورد وتطور للفكرة وإنما كتلقين من أستاذ إلى تلامذة. ما يثير القلق في مثل هذا الخطاب هو عدم حاجته إلى مساءلة فالطريق واضح والمشروع واضح هناك هدف وهناك عملية تعليم لتحويل الأفراد غير المؤهلين إلى أعضاء متناغمين مع المشروع. لا أنتقد أي كاتب أو أية مقالة، وأتمنى أن يستمر الجميع في النقاش والبحث والكتابة، لكن ازعم أن الخطاب الرسولي خطاب نخبوي وغير فعال ، بل مضلل، وأحياناً مؤذي. لا يوجد تنوير، ولا توجد توعية، ولا توجد أمراض أنت طبيبها. هذه مصطلحات أيديولوجية دعوية من أجل جذب الناس إلى "الدين الجديد" و"الرسالة الجديدة" بقيادة "الانبياء الجدد" (يمكن القول ان المثقفين هم مشايخ الحداثة). إعرض بضاعتك وحاور من يدخل معك في حوار وانصرف. نحن في عملية انتقال، التطور هو حصيلة افعال الجميع وليس نتيجة توعية موجهة من أنبياء ملهمين. هذا التطور، أو التغيير، ليس جيداً او سيئاً، إنما هو مجرد سنة الحياة. بالطبع كل إنسان عنده مشروع يسعى لجذب الناس إليه، لكن "التوعية" تفترض أن كل هذه المشاريع خاطئة عدا مشروع واحد على الصراط المستقيم.
  
 
[[تصنيف:المجتمع السوري]]
 
[[تصنيف:المجتمع السوري]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٤:٣٣، ٣ ديسمبر ٢٠٢٤

7 تموز، 2017 - التململ من المجتمع المتخلف

لا اؤمن بالتململ المتواصل واتهام المجتمع بالتخلف. مثل هذا النقد السلبي اصبح علامة فارقة لمن يسمونهم المثقفين. وهم ليسوا فئة اجتماعية كما يعتقد كل من امن بالايديولوجيات القومية واليسارية. المثقف هو انسان يسعى لانتاج مكانة اجتماعية بناءا على التعليم العصري الذي تلقاه والكتب التي قراها، وهو بالتالي لا يفرق عن رجل الدين الذي يدعي مكانة اجتماعية قيادية بناء على معرفة دينية مزعومة. ثم جاء ماركس واقنع الناس ان من يقرا المادية الديالكتيكية ويؤمن بصراع الطبقات فبامكانه تحليل وضع المجتمع والدولة. الماركسية انتجت كهنوت المادية والعلمانية. وبهذا تلتقي السلفية مع الماركسية في الاعتقاد بان من قرا الكتب المقدسة فانه يستطيع التنظير والقيادة. اذا نادينا بتحرير المجتمع من قبضة الكهنوت فيجب ان ننادي بتحريره من المثقفين. هذا لا يعني كبت جهود الارتقاء الاجتماعي والمهني والسياسي، وانما وضع معايير جديدة قائمة على الاختصاص والممارسة، وليس فقط قراءة القران او ماركس. يمكن ان نحاجج ايضا بان تاثير الفكر الديني على الثورة السورية يشبه تاثير الفكر اليساري. الاثنان قدما حلولا جاهزة وفاشلة لانها مبنية على الايديولوجيا وليس على فهم الواقع، اي على التطلع نحو معيار مثالي جاهز.

Oussama Al-chami في كل مجتمع متمدن. هناك فئة اسمها الانتلجينسيا. وهي التي تقود المجتمع لحسن الحظ. ومن الطبيعي أن تصل هذه الفئة إلى إدارة بلادها إذا كانت هذه البلاد تقوم على التنافس الصحيح بين الكفاءات. اعتقد انك متجاكر من الذين "يعتقدون أنفسهم بأنهم يفهمون" وليس من الذين "حقا يفهمون". ومعك حق. المثقف حسب التعريف الفرنسي للكلمة. لأن سورية استخدمت واستقدمت هذه الكلمة من فرنسا. هو من يهتم بشؤون مجتمعه ويكون لديه القاعدة الفكرية للتحليل وتقديم الحلول. ومن الطبيعي أن الذين "يظنون أنفسهم انهم بيفهموا" ان يكون أعدادهم كبيرة. ولا نستطيع أن نفرز بينهم الا من خلال نظام اقتصادي اجتماعي تنافسي يكون الإنتاج عالي القيمة المضافة هو معيار هام فيه. هنا تستطيع أن تنخل المجتمع، القمحة المسوسة سوف تفرز بشكل طبيعي.

Ahmad Nazir Atassi أسامة أنت تتكلم عن النخبة وهو مفهوم مختلف عن الإنتلجنسيا. ومفهوم الإنتلجنسيا يساري بامتياز ولم يعد يلعب دوراً كبيراً في المجتمعات الأوروبية. كان له دور في القرن التاسع عشر في مرحلة صعود العمل السياسي العام. اليوم يتكلمون عن المختصين كنخبة تستحق القيادة وليس عن الإنتلجنسيا. أعتقد أن الإنتلجنسيا الأوروبية مختلفة جذريا عن المثقفين السوريين. لقد كتبت من توي بوستاً أشرح فيه الفرق. أما نخل المجتمع كما تفضلت فهو أداة بناء النخبة الحاكمة والقائدة وهي سيرورة تعتمد على أيديولوجيا الأهلية القيادية التي يؤمن بها المجتمع. إنتقاء الخبة حسب الإختصاص ومن خلال مؤسسات سياسية مختلف تماماً عن إنتقاء النخبة حسب "المثق المعارض الذي دخل السجن". ما أحاوله هو التنظير لهذا الإنتقاء في المجتمع السوري وكيف يمكن تغييره. أنا غير متجاكر من "الذين لا يفهمون"، أنا أحلل الوضع القائم لأفهم سبب صعود نفس المساطر في كل مرة واتخاذ نفس القرارات في كل مرة. وحتى لو كنت من "الذين يفهمون" ومن "الذين يستحقون القيادة" فلن يكون باستطاعتي فعل شيء لأني سأكون بحاجة إلى المؤسسات المعقلنة غير المتوفرة في مجتمعاتنا. سيرورة الإنتقاء السابقة الذكر (ثنائية المثقف ورجل الدين) ستتغلب علي وستحيدني.

Oussama Al-chami هناك مثل روسي جميل جدا "سنونو واحد لا يصنع ربيع" ولقد وضعت انت الحل بيدك في تعليقك أعلاه. اكاديمي مثلك عليه ام ينتقل إلى مرحلة المؤسسة. اقترح عليك تأسيس "think-tank" كمرحلة أولى حول هذا الموضوع. وبذلك يصبح السنونو، سربا، يأتي مع الربيع. معك حق تماما. بما كتبت. اشجعك على الخطوة التالية. ولديك الطاقة والقاعدة والمركز للبدء بها. من جهتي سوف أكون مشجعا لمثل هذا التكتل الأكاديمي الاجتماعي.


Ahmad Nazir Atassi شكرا على تشجيعك اسامة. هناك عدة مراكز وبيوت فكر لكنها حبيسة التمويل ولاتستطيع ان تقوم بدور سياسي لانها لا تمثل السوريين. انتاج النخبة السياسية ليس قرارا فرديا. المجتمع كله عليه المشاركة والتبرع واعطاء الشرعية. انا عندي امل لكن الامور بدها وقت. كذلك التمويل الخارجي كاسح.

Necip Derubi Zade على المثقف ان يعي اعراض تخلف المجتمع الذي ينتمي اليه و يعمل على تصحيح الوضع كالطبيب الذي يعالج المرضى .. و هذه من مسؤوليته و مهامه .. و ليس التململ من هذا المجتمع و يعيره بالتخلف

Ahmad Nazir Atassi لا وجود لمثل هذا الانسان ومن نسميه المثقف لا يحمل اي مسؤولية تجاه احد وليس لديه القدرات ليقوم بذلك. المثقف من اساطير اليسار والقوميين

7 تموز، 2017 - المثقف والتسليح

البوست السابق تحدث عن تاثير من يسمونهم المثقفين في الازمة السورية. وهو دور سلبي باعتقادي. واود ان اخصص مداخلة عن تاثير المغتربين في الثورة، وهو باعتقادي تاثير سيء جدا ايضا. لكني لا ازال ابحث عن الكلمات المناسبة لوصف هذه الحالة. ان وعي المغتربين لطبيعة الثورة، وتصورهم لاهدافها، ودفعهم باتجاه وسائل معينة، كلها اثرت سلبا على مجريات الاحداث. بعد عدة اشهر من بدايتها تحولت الثورة الى ثورة غائبين يجهزون لعودتهم المظفرة بعد ان كانت ثورة حاضرين يسعون لتغيير واقعهم. التسليح ايضا من عمل المغتربين، بالاضافة الى مؤسسات فاشلة مثل المجلس الوطني والائتلاف.


Marwan AbdulSamad كلام مجحف، التسليح لم يبدأ من الخارج ، بدا من المنشقين، " الخارج " لم يكن جسماً واحداً ، بل بدا من اجل لجم تسلط الاخوان على الثورة ، اي أسلمتها ، لكنه فشل ، و هذا ما افشل الثورة ، الأسلمة هي من افشل الثورة .

طارق محمد أكرم الخواجه لكل ثورة سماتها وإذا أردنا تحليل هذه الثورة فكل ماذكرت صحيح ..بداية التسليح البسيط بدأ من مدخراتنا وحتى التحريض باقصى صوره تم على أيدينا كمغتربين .. لكن بالنهاية المغتربين هم جزء من سوريا وهذه بصمتهم في ثورتها ..هذا واقع ويجب التعامل معه ... الخطا الرئيس ربما اننا فشلنا في تطوير هذه المشاركة للمغتربين وتطويرها بالشكل الصحيح .. والأمور باي حال لازالت في بدايتها ..

Ahmad Nazir Atassi بالتاكيد طارق، انا معك، لابمكن اهمال ثقل مليونين من المغتربين عندما بدات الثورة. انا فقط اقول ان الحسابات مختلفة. على العموم ثورة الحاضرين دامت خمسة اشهر فقط. المغتربون اطالوا حياتها بالتسليح والاغاثة. مجرد قراءة وليس اتهام.

محمد خير حمزي جانسيز التسليح. بدا. بشكل. شخصي. وفردي. وباباعمرو. بابناءها لديهم سلاح. من قبل الثورة مخبا بطبيعة اهلها. وعندما بدا النظام. بقتل المدننيين حماسة. الشباب. كانت بالمرصاد. حملوا السلاح بشكل سري. لحماية. المتظاهرين. وتسارعت الخطا. والشهور الاولى. لم يرسل اي شخص مساعدات كانت من مال اهلها وثار النظام. وبدا بالهجوم العسكري. والخطف. وووو وتم الرد عليه بحماية المظاهرات وبعد ذلك. بدات القوى. الخارحية بالتحرك. وشكلت الفاروق. للقضاء. على الثورة. ام المنشقين. هناك. منهم. شرفاء قاتلوا وراء الظل. واستشهدوا ولم بعلم احد بهم. اما من طبل وزمر. كان الهدف منه اعلامي ان الثوار هم جيش حر. وخاصة. بعد. ما اخرج. اصف شوكت. التكفريين من سحن. صيدنايا وسجل لهم. اشرطة. على انهم. امراء اسلاميين. لمناطق المظاهرات. والحديث يطول. وكان بعض التنظيمات اسلامية لاسف. تريظ ان تثبت ان هي القوى الضاربة بالثورة من الناحية. السياسية. والعسكرية. عسكريا كانت. صفر. وبدات بتخريب النفوس وشراء الذمم. وباعت. باباعمرو. واهلها. بقيادات الفاروق المتورطة معها. . شباب الفاروق والبقية. مغرر بهم من اناس وثق بقياداتهم من اولاد جلدتهم.

Ahmad Nazir Atassi نعم، هذا ما اقصده. حماية المظاهرات ليست التسليح الذي اتكلم عنه. قصدت ظواهر مثل الفاروق. شكرا على مداخلاتك القيمة. انا اعرف انك عالم بالامور.

محمد خير حمزي جانسيز من بعدها. تكالبت الاحزاب. لاثبات زاداها. وانها موجودة. بالساحة. احزاب تدفع. ملايبن ليرتفع فقط علمها بالمظاهرات السلمية. وكما ذكرت سابقا اخرى. تريد ان تثبت انها هي المسيطرة. وحتى اذا دمرت. الثورة تم بيع. باباعمرو من قبل قيادات الفاروق والاخوان باليوم 26 من شباط. وحتى اليوم. يبيعون منطقة بعد منطقة. لوصلنا الى هذا الحال مه العلم. ان الذين اخرجهم. اصف شوكت من السحن. هم الان مسيطربن على مفاصل القرار بالثورة.

محمد خير حمزي جانسيز اما المغتربين منهم من ارسل وساعد. مساعدات انسانية بشكل فردي. وكان هناك اخطاء. لمن اعطى المال. ولا يلام. بسبب ان الرويا كان ياخذها من اصحاب او اقارب له من الداخل وهناكةاشخاص غيرها المصاب والمال. ووو

1 كانون الثاني، 2021 - مفهوم المفكر

بما ان العزيز حسام الدين درويش ورطنا بشغلة المفكرين، فصار لازم اعطي شوية افكار ربما في نقد مفهوم المفكر. احد المعلقين او المعلقات ذكر ان المفكر هو من له منظومة افكار خاصة به تشرح كل شيء او كثير من الاشياء، او ان المفكر هو من له فكره الخاص المختلف عن افكار سابقيه ومعاصريه. وهذا دفعني لتقديم بعض الملاحظات. "اللعين" حسام اراد ان يدفعنا للكتابة، فأنا للشهادة مقل في هذا الجانب. واذا احسنت الظن، وهذا ضروري، فربما يريد ان يشكرنا على جهودنا. وللحقيقة فأنا احترم جهود وكتابات كل الاسماء التي ذكرت واعتبرهم باحثين ذوي شأن وفكر متوثب ومجدد. لكني لا ازال اتخوف من كلمة مفكر التي يحبها القراء العرب. ردة فعلي الاولى اني لا اريد ان اكون مفكرا عربيا لاني لا اعرف ما يعنيه هذا الدور. وعندما انظر الى من نسميهم مفكرين فاني لا اريد ان ألعب نفس ادوارهم. انا من مشجعي التخصص اولا والمذهب التجريبي العلمي ثانيا. والثاني يعيدنا الى الاول. احب الانتاج المتراكم ولا احب الفلسفة المنفلتة من العقال. اكره تماما في الفلسفة والعلوم الاجتماعية فكرة ان يأتي مفكر ويشطب كل ما جاء قبله ويبدا من جديد. اعتقد ان هذه الطريقة هدامة ومتعجرفة وربما مسيئة وغبية في الوقت نفسه. ومهما كانت الحقيقة متعددة الاوجه كم يحب البعض ان يقول الا اني اعتقد بأن البحث يقوم على التراكم وليس على النظريات الكلية الجميلة وجذب الاتباع وتحويلهم الى "شبيحة" مثقفين. باعتقادي، الذي لم يتخصص حتى العمق فانه لن يستطيع التحدث عن الموسوعية والنظريات الشاملة. هذا ينقلنا الى النقطة الثانية التي افضلها في المفكر. الموسوعية لا تعني الاهتمام بعدة مواضيع والقراءة عنها. اعتقد ان الموسوعية تبدأ من رحم التخصص. وذلك عندما يبدأ المتخصص بملاحظة التشابه بين اختصاصه واختصاصات اخرى فيسعى للتعرف عليها. الموسوعية تعني بالنسبة لي الوصول الى نقاط التشابه بعد التمحيص في نقاط الاختلاف. وهنا يبدأ المختص بتطوير ادواته او تعميمها لتصبح عابرة للتخصصات. اما ان يبدأ الانسان حياته الثقافية بطموح ان يصبح مفكرا بان يبحث لنفسه عن نظرية تشرح كل شيء فهذا باعتقادي غير ناجح وربما فاشل وربما مؤذي. هذه كلمات كبيرة وحادة فقط للتأكيد على فكرة تمسكي بالتخصص اولا وثم بالموسوعية ثانيا. اما بالنسبة للوسط العربي فأعتقد اننا بحاجة ماسة الى كثير من المختصين الى درجة انه قد يكون من المفيد لبعض الوقت ترك الموسوعية. لكن هذا الكلام غير عملي، لان الناس تبحث في الملمات عن انبياء مهتدين هادين وهم يرونه في مشايخ الدين من جهة وفي مشايخ العلمانية او المثقفين من جهة اخرى. هذا انعكاس لواقع نقص التخصص والحاجة الماسة إليه، لكنه ايضا انعكاس لواقع أننا لا نزال بعيدين عن التخصص وبحاجة لمنتجين للثقافة والتحليلات، ولا نزال نجد هؤلاء في المثقفين الدينيين والعلمانيين. هل هذا يعطيني هامش ان اصبح مثقفا ومفكرا عربيا وان اقدم شيئا يحتاجه الناس ويساعدهم على الابحار في هذا العالم المتغير والسريع التغير، ربما، على الاقل كارضاء للغرور. فاذا كنت كذلك فرسالتي لانقاذ الجماهير بسيطة، تخصص وتعليم عالي ممتاز، وبحث علمي لا يتوقف عن التوسع، وتشجيع النشر والكتابة، وخلق طبقة وسطى تستطيع ان تشتري كتابا وان تقرأه. اذا كنت مفكرا فأنا افكر كيف يمكننا ان نتخطى زمن المفكرين الموسوعيين لكن غير المتخصصين حتى نصل الى زمن المتخصصين ثم الموسوعيين او العابرين للاختصاصات.

Hussam A Alnhar فعلا منشور الاستاذ حسام في الأمس أثار رغبة الكثيرين في التعليق والمشاركة .. لم ينقطع العالم العربي من المفكرين والباحثين .. ولعلا أبرز من رحلوا اخيرا ً عنا هو الراحل محمد عابد الجابري.. ولكن بنظري أننا الى الآن نعاني من صراع الفكر في المدرسة الغربية "الأندلس" والشرقي "بغداد" حتى نرى هذا التباين من خلال افكار الكتاب كفرج فودة وامين معلوف وعلي الوردي وبين الجابري وسعيد ناشيد وإدريس الشرايبي لكن الاستاذ حسام حدد بمنشوره عن الكتاب الاحياء منهم .. وهذا ما قلص اسماء المفكرين..

Mazin Balkhi وهذا يقودنا إلى لماذا يوجد استسهال في إطلاق لقب المفكر من قبل الباحثين على أنفسهم؟، أو من قبل وسائل الإعلام التي تستضيفهم؟ ، وبصراحة أنا أميل إلى تسمية "المتخصص" بالمتخصص اذا كان يحمل دكتوراه في اختصاص معين أو اذا تخصص لأكثر من عشرة آلاف ساعة كما ورد في كتاب ال outlier

Houssam Attal كنت سأقول أن التعريف المذكور هو أقرب منه للنبي عن المفكر، وأن لدينا عدد كافي من الانبياء. لكنك خربتها عليي 🙃 وسبقتني الى ذلك في المقطع قبل الأخير. نظير، هل أفهم منك أنك تدعوا لمجتمع تكنوقراطي ،ولو مرحلياً، كما فعلت اليابان والمانيا بعد الحرب العالميه ٢؟

Oussama Al-chami هذا البوست يليق بمستوى أكاديمي عالي. أصبت كبد الحقيقة وبدقة متناهية وبشمول يطرح كامل الموضوع. شكرا لك على هذا الوضوح والتوضيح. يبدو أننا نخلط بين مثقف ومفكر. وهذا ليس تقييم للكاتب بل لما يكتب. هل ما يكتب ثقافة ملتزمة أم فكر بنيوي اثبت فيه مرحلتي التحليل والتركيب. 🌺

Khalid Sibai صديقي الاتاسي : اتفق معك في تحليلك . من هو المفكر ؟ من خلال الصفات الثلاثة التي ذكرتها , وقد اصبت جوهر الحقيقة بالتفرقة بين المفاهيم حسب الواقع : نعم , اني ارى البعض يحب ان يتكلم بدون النظر لتراكم المعرفة السابقة وكأنه الفتح الجديد لما يقول . وحين يعلق احدنا عليه , ولو استفسارا لتوضيح الحقيقة كمختص بالفلسفة , يهمل الرد . بحجة لا وقت عنده يضيعه بالحوار , هو برأيه : ابديت وجهة نظري , والقارئ حر بأخذ ما يريد منها , اي يقطع طريق الحوار بينه وبين قارئه , مع انه يذكر : ان لا حرية بدون اختلاف , فهو يناقض نفسه دون شعور منه . الخ وشكرا

أحمد زهاء الدين عبيدات حسام الدين درويش محاولة متواضعة لتقسيم المثقفين العرب وترتيب نوعية منتجاتهم "هل يمكنُ تقييمُ الإبداعِ الأكاديمي في سِتِّ طبقاتٍ؟"

2 كانون الثاني، 2021 - مراسلة مع إدوارد سعيد

في شتوية ٩٩-٢٠٠٠ سافرت زوجتي لزيارة اهلها وقعدت وحيدا في البيت اصارع الاكتئاب الشتوي وازمة متكررة حول ما اذا كنت مستعدا لمتابعة حياتي في الهندسة الكهربائية استاذا وباحثا. قرأت وقتها كتابا قصيرا لادوارد سعيد عن دور المثقف. وكان الكتاب محشوا كعادة المثقفين العرب بالمثاليات عن دور المثقف كمعلم للمجتمع ومعبر عن احاسيسه ومشاكله ومتقصي لمشكلاته وباحث عن حلول لها. تأثرت كثيرا بالكتاب وقررت ان فعلا هذا بالتحديد ما اريد ان اقضي حياتي افعله. ثارت حماستي وتضافرت عدت تيارات في عقلي، واحد منها الجنون، وقررت ان اترك ١٥ عاما من الهندسة وان اتوجه الى التاريخ تماما كما يفعل الراهب حين يقرر وهب حياته لربه ورسالته. كتبت وقتها ايميلا مطولا لادوارد سعيد على عنوانه في جامعة كولومبيا، اردت ان آخذ رأيه وطلبت نصيحة لا بل طالبته بنصيحة تذكيرا مني له بدوره كمثقف كما عبر عنه في كتابه الحماسي. طبعا لم اتلق اي جواب. اعذرت الرجل، لكن حزنت وغضبت لكني اخذت القرار وتابعت فيه. كنت معتادا على خذلان من اعتبرهم قدوات، ربما من حظي السيء وربما لأن المفكر يجب ان يتخلى عن قدواته في يوم ما حتى يستطيع التنافس معه وتخطيهم. لكن هذه الحادثة جعلتني دائما اتساءل عن مسؤولية الانسان عما يكتب. قد يقول الكاتب ان وظيفتي ان اكتب فقط، واترك للقارئ حرية التصرف بما كتبته ولا تربطني به اية علاقة مسؤولية، انا فقط اعبر عن نفسي ولا اكتب نصائح اتحمل نتائجها. دائما اقول بان للنص حياته الخاصة وانه يصبح ملكا للجميع بعد النشر. وقد احاجج بأن مسؤولية الكاتب تتوقف عند نواياه والمعاني الخاصة التي قصدها من وراء كتاباته والتي هي جزء بسيط من مجموع المعاني التي يمكن لعقول القراء ان تولدها. لكني ارفض تماما اية مقولة من كاتب تزعم انه لا يريد او لا تريد تغيير حياة الناس والتأثير بهم ولعب دور المعلم والمرشد. هناك صراع دائم باعتقادي في اي نص بين غرور الكاتب واعتداده بما يكتب واعتباره الحقيقة ورغبة دفينة في لعب دور المعلم والمرشد والنبي المخلص باعتباره مكتشف ومالك الحقيقة من جهة، وبين رغبة اخرى بالتضحية بالنفس من اجل فائدة الجماعة ككل، فالعمل الفكري ليس سهلا والمعاناة التي ترافق انتاجه حقيقية، والرغبة في انقاذ الاخرين حقيقة لا يجب انكارها من جهة اخرى. باعتقادي لا يوجد انسان مفكر متواضع لان فعل الكتابة فيه هذا التعالي والنظرة الفوقية التي دونها لا يمكن تحليل الواقع، وفي الوقت نفسه لا يمكن اهمال جهود كثير من المفكرين في مساعدة الاخرين كمعلمين في الاكاديميا او حتى كمحاضرين وكاتبين في الاعلام ومتكلمين على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة. ولذلك فاني لا اعفي نفسي ولا غيري من الكتاب من بعض المسؤولية عما نكتبه وحتى من واجب في مساعدة من يطلبها اذا كانت ضمن حدود ما ندعو اليه في كتاباتنا. لا اعتقد اني النبي المخلص، لكني اؤمن بما اكتب واعتبره صحيحا الى حين اقتنع بالدلائل والحجج بعدم صحته. ولا اريد ان ألعب دائما دور المعلم المرشد لان هذا بحث عن اتباع وتحمل لمسؤولية هائلة فيها الكثير من الاعتقاد بامتلاك الحقيقة. لكن في الوقت نفسه لا استطيع متابعة الكتابة دون تحمل مسؤولية ما اكتبه ودون لعب دور المعلم لبعض الوقت. ولذلك فإني لا ارد سائلا عن فحوى كتاباتي او مناقشا يريد الاستزادة في النقاش او طالبا لمزيد من العلم او لاستشارة او لنصيحة او شاتما او مسفها غضب من كتاباتي. وفي هذا بعض التعب لان الكاتب بالتعريف هو انسان لا يعتقد ان كلماته المحكية تعبر عما يجول في خاطره. ان لديه الكثير مما يريد ان يقوله لكن الكلمات المحكية لا تكفيه. وفي كثير من الاحيان فانه انسان منطو على نفسه لا يحسن التعبير عنها بالكلام او بالتفاعل الاجتماعي. من يحتاج الى كتاب ليعبر عن نفسه هو بالضرورة بالنسبة لي انسان لا يحصل على ما يريد من التفاعل الاجتماعي، الكلمات لا تكفي والافعال لا تكفي والمشاعر لا تكفي. الكاتب انسان متمحور حول ذاته تملؤ عليه وجوده وتغمره المشاعر والافكار وليس لديه الوقت الكافي ليشرح. هذا متعب للكاتب ولمن حوله، لكن هذا بالضبط ما يجعل الكاتب ملاحظا جيدا وعميقا وكاشفا لما يعجز الاخرون عن استخراجه والتعبير عنه بالكلمات. اقول هذا لأؤكد بأن الكاتب يحتاج الى القراء انه يحلم بهم ويريدهم ان يقرؤوا ويسمعوا ويفهموا. انه لا يكتمل الا بهم. قد يكون يؤدي خدمة لهم بهذا لكنه في الوقت نفسه يفرض نفسه عليهم، نفسه التي تملؤ حياته ولا يستطيع تحملها لوحده. لكل انسان دور في المجتمع، واعتقد ان الحياة الاحتماعية اخذ ورد، انا احتاج القراء كما يحتاجونني ولذلك فأنا مسؤول عما اكتب كما هم مسؤولون عما يقرؤون وعما يفعلون. اكتمال الحلقة الاجتماعية التي تبدأ بالكتابة وتنتصف بالقراءة هو ان تنتهي بالتفاعل وتبادل المسؤولية مع تبادل المعارف.

أحمد زهاء الدين عبيدات Amir Mansouri تفضل شرحا للمسألة والمعذرة على طول الشرح. بين الفلاسفة القاريين والأنجلوفونيين: الاستطلاع الفلسفي العربي بين عبودية التقليد والعمل الاستخباري

Reem Alhaj "The Responsibility of Intellectuals" – by Noam Chomsky who wrote this after being inspired by Dwight Macdonald, is the article I engaged with on this critical topic. I reached out to Chomsky and within a day he responded encouraging me to pursue my aim, engage with what interests me, and give all the help to Syria possible, for Syria needs all the help it can get, he insisted. Years after that, a few months ago, I sent another email about my struggle with our 'political life' generally. Again, Chomsky's reply came in a timely manner bringing a simple yet profoundly concise message. I smiled deeply, took a breath, and decided to continue.

2 كانون الثاني، 2021 - نشر الفكر أم نشر الأيديولوجيا

سؤال اخير: اين الحد الفاصل بين نشر فكر معين وبين نشر ايديولوجيا؟ ماذا لو اثبتنا ان من نطلق عليه لقب مفكر هو في الحقيقة ناشر لايديولوجيا وليس لبحث علمي؟ ماذا سنسميه بعد ذلك؟ البحث العلمي غالبا ما يطرح اسئلة اكثر مما يجد اجوبة، فكيف يوافق الكاتب بين كونه باحثا وبين كونه كاتبا ناشرا لحقائق ويقينيات؟ كيف نتعامل مع هذه المسافة الفاصلة بين الباحث وبين المعلم، بين ناشر الشك وناشر اليقين، وبين ناشر الاسئلة وناشر الاجوبة؟ بين ناشر التحليل وناشر الحلول؟ بالنسبة لي ليس هناك جواب حقيقي وواضح، ان ما نفعله هو دائما توازن بين اقطاب حدية. الحياة هي مانفعله في تلك المسافة الرمادية الواسعة والفاصلة بين الابيض والاسود. احيانا انت معلم واحيانا انت متمرد. احيانا نحتاج الى يقين واحيانا لا ينبغي علينا الا الشك. تنتهي الحياة مع اليقين المطلق وتصبح مستحيلة مع الشك المطلق. ولذلك فاني لا احب التسميات، انها تفرض علينا ادوارا وتوقعات معينة وبالتالي يقينيات وتعليم وارشاد وكذلك مسؤولية.

Oussama Al-chami الباحث أولا يبحث عن تحديد الأسئلة، ويعمل على قياسها بحيادية علمية. وهي مرحلة التحليل. ويجب أن تكون القياسات غير متحيزة لأي حل موجود أو يمكن أن يبنى. اما التركيب، فهنا المشكلة، لأن الحل المقترح من الصعب جدا برهنته بشكل معياري منهجي. فالاقتصاد يطرح حلول تنتمي إلى مدارس مختلفة. وبالتالي الأيديولوجيا سوف تلعب دور هام في تشويش حيادية الحل المقترح. ولكن كلما كانت مراقبة تطبيق نجاح الحل دقيقة وتقبل النقد والتعديل والاعتراف بالانحراف عن الحل المنشود كلما كان الحل المقترح أقرب للهدف. إي إننا بحاجة دوما إلى دراسات مقارنة، ومتابعة بعدة دورات من لاحظ، فكر، جرب. الخطوات الأساسية للنزاهة المنهجية.

أحمد زهاء الدين عبيدات 1- الفكر البشري بطبعه بشري، أي جواب الإنسان عن ضروراته وحاجياته وتحسينياته (على طيف من واسع من الكفاءة وعدم الكفاءة). 2- وعليه فعلم التربية تطبيق لمُثل لعلم النفس، وعلم التنمية تطبيق لمُثل علم الاقتصاد، وعلم الحوكمة تطبيق لمُثل علم السياسة. 3- الحاصل أن كل العلوم فيها تنظير وتطبيق وعليه فالمُثل الآيدلوجية جزء من العمل العلمي نفسه. ولا تصير الآيدلوجية عملا فاسدا إلا لما تكون هذه المثل وهمية أو قاصرة أو متناقضة أو نفاقية. لا أدري ماذا يخفى عليك من هذا وانت تعلمه؟

Nabil Taoufik -العلم وسيلة لتمرير/تبرير الايديولوجيا. -كل ما تحمله لغة فهو في آخر المطاف رأي. -العلم محاولة لالجام الرأي من منطلق انطولوجي معين. ---> هذه مجموعة افكار تصدر عن انطولوجيا/ايديولوجيا معينة، قد تصير علما ان عضدتها باطروحة جامعية...

2 كانون الثاني، 2021-بين الفلاسفة القاريين والأنجلوفونيين

بين الفلاسفة القاريين والأنجلوفونيين

9 كانون الثاني، 2021-المثقف كاهن

هناك نقطة فهمتها الانثروبولوجيا ولم تفهمها السوسيولوجيا، وهي ان المعرفة تحتاج الى جمع معلومات ميدانية من خلال مراقبة اللاعبين والدخول في اللعبة معهم وليس من خلال الارشيفات او المقابلات او الاستبيانات. واسوأ معارف تقدمها لنا السوسيولوجيا الحديثة هي العلوم السياسية، تلك العلوم القائمة على الاستبيان وارشيفات الدوائر الحكومية ومجلس الشعب والرئاسة وبعض كتب الفلسفة. انها نوع من تاريخ المؤسسة لكن في اثناء حياتها، وهي تقترب في سوء منهجيتها من التاريخ، الذي هو بالطبع مجرد أدب وليس علما. لكن الممارس لا يتحول الى باحث لان البحث يفترض الجلوس في غرفة وقراءة المصادر المكتوبة، والباحث بالطبع لا يمكنه ان يمارس لأنه لا يملك المواهب اللازمة وهو يفضل الجلوس في مكتب وراء كمبيوتر او كتاب من الارشيف. منذ كنت صغيرا احببت الكتب والنقاش والمعرفة واردت ان اكون مثقفا وباحثا. اعتبرت، مثل كل المثقفين والباحثين، ان المعرفة المكثفة والحقيقية تكون في الكتب، وان الاعمال والسياسة ليست الا فنونا في الخداع والكذب واللااخلاقية. السياسيون لاأخلاقيون، والمثقفون أخلاقيون يملكون الحقيقة والمعرفة التي يحاول السياسيون والتجار ان يشوهوها. لكن الحقيقة هي ان السياسة هي ما يفعله السياسيون. علم السياسة يجب ان يدرس عمل السياسيين وليس نظريات مثالية قدمها غير ممارسين بناءا على فلسفات مثالية مسبقة. واكثر ما صدمني في الاكاديميا واوساط المثقفين والباحثين هي انهم يكرهون الممارسة والممارسين ويفضلون النظريات المثالية باعتبارها حقائق سامية يشوهها السياسيون. اذا استخدمنا قياسات مع ازمنة اقدم فان المثقفين يشبهون تماما الكهنوت. الكهان يتحدثون الى الالهة في المعابد ويزعمون بانهم من خلال تلك الاحاديث يحصلون على المعارف التي تمكن البشرية من الاستمرار. وكل ما يفعلونه في الحقيقة هو جزء من التخصص في الاعمال. ان اختصاصهم هو تبرير المنظومة القائمة من خلال مقارنتها مع المثال العالي. الكاهن مثل المثقف لا يعمل في الحقل ولا في الجيش ولا في البيروقراطية ولا في اي شيء، انه مجرد انسان يحب التفكير والعزلة ويعتقد ان الحقيقة تأتي من التفكير وليس من الممارسة. وجاء اليسار في العصور الحديثة ليقنعنا بان المثقف هو روح العامة وان وظيفته هي ان يفضح ممارسات الاستغلال التي يقوم بها السياسيون والاقتصاديون. لكن هذا ليس صحيحا الا من وجهة نظر واحدة. وهي ان المثقف المتمرد ليس الا كاهنا صغيرا يبحث لنفسه عن وسيلة ليصبح كاهنا كبيرا. الحزب اليساري هو نواة الكهنوت الجديد، الذي سيقوم بعد الثورة. كل مثقف اما ان يبرر النظام القائم او يتمرد عليه ليقيم نظاما يكون فيه هو الكاهن الاعلى. هذه هي حال الدنيا وهكذا يتم التغيير. لذلك يبدو لي احيانا من المستحيل ان ينتج المثقف اية معرفة علمية موضوعية، فهو اما كاهن يبرر النظام القائم او هو الكاهن المتمرد، لكنه في النهاية كاهن. انه كاهن من حيث انه لا يعمل ولا ينتج ومن حيث انه يقارن ما هو قائم مع ما يجب ان يكون قائما. هذه النزعة النخبوية والمتعجرفة هي التي تجعل المثقف مقتنعا دائما سواءا كان مبررا ام متمردا انه يبحث عن الافضل وعن الحقيقة المطلقة وعن سعادة الناس وخلاصهم من عذاب ما. المثقف هو مراهق يعتقد انه سيهب نفسه لخلاص البشرية وانه يعرف تماما طريق الخلاص وان لا شيء في الدنيا يمكن ان يمنعه من هذا الطريق وان الخلاص يجب ان يُفرض على الناس وخاصة اولئك الذين يرفضونه. ان اسقم جو عشت فيه في حياتي هو جو الاكاديميا. قليل منهم يفكر بحرية والباقون يعتقدون انهم يمتلكون الحقيقة ولذلك فقد دخلوا سلك التعليم حتى ينشروها، وهم تارة يسمونها حقوق الانسان وتارة اليسار وتارة الليبرالية وتارة التفكير النقدي المتنور. وقليلون منهم بسمونها طريق الايمان رغم انها لا تختلف بشيء عن طريق الايمان الدينية، الاختلاف في التسميات فقط، لكن الادوار هي نفسها.

DrAli Asaad في الإسلام المثقف هو ( مؤمن يعمل ويتفكّر ويشاور ويتعارف ويتفقّه ويستمع القول فيتبّع أحسنه ويجادل بالتي هي أحسن )

Khalid Sibai صديقي الاتاسي : لقد ابدعت في طرحك لهذه المقولة حول علاقة المثقف بالسياسي , وعلاقة المثقف بالكاهن .انها طرح جدي تستحق الحوار خاصة من قبل ذوي الاطلاغ والثقافة التنويرية والدينية واليسارية . لفت نظري هذه الفقرة , @ الحزب اليساري هو نواة الكهنوت الجديد، الذي سيقوم بعد الثورة. كل مثقف اما ان يبرر النظام القائم او يتمرد عليه ليقيم نظاما يكون فيه هو الكاهن الاعلى. هذه هي حال الدنيا وهكذا يتم التغيير. لذلك يبدو لي احيانا من المستحيل ان ينتج المثقف اية معرفة علمية موضوعية، فهو اما كاهن يبرر النظام القائم او هو الكاهن المتمرد، لكنه في النهاية كاهن.@ الا تراها تشبه الحديث عن @ لاهوت التحرير @ كما يتبناه اليوم في عصرنا المؤمن اليساري , مسلما متنورا كان , او مسيحيا ؟ وانموذجه في الفكر العربي الاسلامي اليساري المفكر المصري الفيلسوف ( د. حسن حنفي ) , حتى انه اصدر في الثمانينات مجلة اسمها _ المسلم اليساري _ لمدة عشر سنوات . واخيرا اصدر كتابا سماه @ لاهوت التحرير @وذلك تقليدا الى : لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية في ذلك الزمن . شكرا

Ahmad Nazir Atassi Khalid Sibai يبدو لي ان مثال حسن حنفي مناسب رغم اني لم اقرأ اي شيء له. لاهوت التحرير كلمة خطيرة لانها تشير الى دوغما فوق الطبيعة

Khalid Sibai صديقي الاتاسي : اليك عرض موجز لرؤية كل من ( د. علي شريعتي ) الايراني .و ( د. حسن حنفي ) المصري _ المسلم اليساري _ حول مفهوم @ لاهوت التحرير @ بقلم رئيس تحرير المجلة الفصلية _ قضايا اسلامية معاصرة _ في العددين ٤٩ و ٥٠ عام ٢٠١٢ : ::= . وتناول بحث الدكتور عبد الجبار الرفاعي "إختـــزال الديـــن فـــي الأيــديــولــوجيــــا: لاهوت التحرير عند علي شريعتي وحسن حنفي"، نشأة لاهوت التحرير في القرن العشرين على يد جماعة من رجال الدين والكنائس في امريكا اللاتينية، ممن عملوا على اكتشاف المضمون الإجتماعي الثوري للعقيدة، وتوظيفها في مقاومة الإستعمار، وإعتمادها كمرجعية في النضال والتحرير. فقد انخرط الراهب كاميو توريز ورهبان شباب آخرون في المقاومة الوطنية، بدوافع ايمانية، وفهم ديني للثورة. وتبلور لاهوت التحرير كأيديولوجية ثورية تحررية شعبية للجماهير، تربط بين الدين والثورة، والإيمان والعدالة، والله والشعب، والعقائد والمطالب الإجتماعية، والوحي من ناحية والحرية والإخاء والمساواة من ناحية أخرى. ودرس البحث محاولة الدكتور علي شريعتي والدكتور حسن حنفي في صياغة "لاهوت تحرير إسلامي"، ومرجعياتهما الماركسية وغيرها. ويرى الرفاعي ان لاهوت التحرير عند حنفي وشريعتي، يختزل الدين في أيديولوجيا المقاومة والثورة، ويطمس الوظيفة المحورية للدين. بينما الدين أرحب وأشمل وأوسع من الأيديولوجيا. الأيديولوجيا مظهر وتعبير اجتماعي للدين. تحويل الدين الى أيديولوجيا يعني: إختزال الإنسان في بعد واحد، و الروح في القانون، والعقيدة في الثورة، والله في الإنسان، والإلهي في البشري، والسماء في الأرض، والغيب في الشهادة، والميتافيزيقا في الطبيعة" الفيزيقا"، والآخرة في الدنيا، والروح في الجسد، والرمزي في الحرفي، والرؤيوي في المحسوس، والمعاد في المعاش، والعبادات والطقوس في المداليل الإجتماعية والتنمية والإنتاج، والديني في الدنيوي. وحين يتحول الديني الى دنيوي في لاهوت التحرير تختلط الحدود بينهما، فيجري تديين الدنيوي، وتعميم الفهم الديني لكافة حقول المعارف البشرية، وتديين المعرفة في خاتمة المطاف يفضي الى التضحية بالعقل والخبرة البشرية المستقلة عما هو ديني. كل دين يتجسد في تمثلات اجتماعية تعبر عن بنية المجتمع، وتتلون بما يحفل به من ثقافة وتقاليد وأعراف وأنماط سلوك، ولا يمكن ان يكون الدين خالصا وبريئا من التمثلات الأيديولوجية. الدين يتشكل في اطار البنية الإجتماعية، فإن كانت تسلطية قمعية يأخذ شكلا تسلطيا قمعيا، وإن كانت إختلافية تعددية حوارية يأخذ شكلا إختلافيا تعدديا حواريا، بيد ان الدعوة لإختزاله بأيديولوجيا للثورة خاصة، وتوظيف طاقته الروحية، وشبكته المفاهيمية، ورؤياه الجمالية، وجغرافيته الرؤيوية، ونظامه الرمزي، في الثورة فقط، يفضي الى إهدار مهمة الدين في إرواء الظمأ الأنطولوجي البشري للمعنى، وطمس أثر المقدس في إلهام المتدين الخبرة الروحية، وتوليد وصيرورة التجربة الدينية

Ezzat Baghdadi المثقفون مشايخ العلمانية. بس ما عندهم شبكة مالية تدور الأموال ودائما حاقدين على مجتمعاتهم بسبب عدم الطاعة واتباع الجماعة

AbdulMannan Al-Atassi المعرفة لاتأتي من فراغ لابدمن الكتب والحوار والجدل في محاولة فهم الواقع و مايطرحه اي مثقف يجب أن يكون وجهة نظر ومحاولة اجتهادفقط

AbdulMannan Al-Atassi أنت تقع في التبسيط و التعميم و بنفس مرض المثقفين الذين تتحدث عنهم

Ahmad Nazir Atassi AbdulMannan Al-Atassi بالطبع، هذا يحدث مجرد ان يفتخ الانسان فمه ليقول انا اعرف وانتم لا تعرفون، تماما كما تفعل انت الان


28 أيار 2018، الثقافوية

لا افهم لماذا يتحسس اصدقائي الفلاسفة من استخدام الثقافة كاحد العوامل المؤثرة في اي فعل مجتمعي، ويسمونها الثقافوية احتقارا لها. طيب ما هو دور الثقافة ولماذا هي موجودة. ام ان العامل الاقتصادي يبقى الملك المتوج، اي ان الحساسية مجرد بقايا التابوهات الماركسية. بكل بساطة، ذاكرة الانسان فيها عدد كبير من سيناريوهات الفعل ورد الفعل الجاهزة، يمكن ان نسميها عقليات سائدة. هذه العقليات منتج ثقافي بامتياز لان الفرد يتعلمها ضمن المجتمع ويمارسها ويدفع الاخرين لممارستها. لا يستيقظ الانسان كل يوم ويخترع افعالا جديدة في ظروف متشابهة. الانسان ليس روبوت، لكنه ليس عصيا على الفهم والتوقع وليس بعيدا عن تكرار افعاله واقواله كل يوم. كيف اذن يمكن ان نفسر جرائم الشرف مثلا. وكيف نفسر العشائرية، والمناطقية. اين ماركس ليحل هذه المعضلة.

23 تشرين الثاني 2018، المثقف والسلبية

الاخ مراد بنيس يتصدى دائما للسلبية الغريبة التي تطبع ردود افعال الناس، ونعني اهل البلاد من المغرب الى العراق، على نجاحات اخرين وعلى اي تطور يحدث في بلادهم. فهم اسرع الى الانتقاد منهم الى التشجيع، واسرع الى اظهار السلبيات وحتى تحويل الايجابيات الى سلبيات. مما يخلق جوا عاما من التشاؤم والاحباط وجذب الاخرين الى الاسفل والسوداوية والعدمية احيانا. كانت لي في الماضي عدة مداخلات عن التنافس الذكوري في المجتمعات العربية وعن مشكلة ما نسميه المثقف الذي يتصدى لمهمة النقد والقيادة وليس اهلا لها، وادعيت يوما بان المثقف ليس الا شيخ العلمانية عند اليسار ومنافس رجل الدين عند الاسلاميين. ويعلم الجميع دور التنافس التهديمي في مجموعات الثورة السورية. لكن لا احد ينظر الى المشكلة من المنطلق الفردي لاننا نخاف الانزلاق الى اتهام الثقافة العامة او اعتماد خطاب الانحطاط الثقافي. لكن كل ممارس لاي عمل عام في مجتمعاتنا، اقتصادي ام سياسي ام اجتماعي، يصطدم بظاهرة التنافس والنقد الهدام وحتى التهديم العمدي لاعمال ونجاحات الاخ نص غليظ رين. فهل ننطلق من الفرد ام من الجماعة لشرح الظاهرة، هل نقول انها نتيجة تدني الاخلاق ام انها نتيجة لتطاول زمن الديكتاتوريات ام انها نتيجة لثقافة عامة، هل هناك اسباب سوسيولوجية ام ان التنافس جزء اساسي من اي تفوق. اذا قرأنا بوستات الاخ مراد فاننا نلاحظ ان ظاهرة السلبية واعاقة وتبخيس النجاح منتشرة بكثرة، ليس فقط عن كارلوس غصن اللبناني وانما عن القطار السريع في المغرب وجائزة الكاتبة سمر يزبك وغيرهم. ساقدم عوامل لا اعرف مدى ارتباطها بالظاهرة ولا حجم الشرح الذي تقدمه لكني اعتقد انها ذات قيمة 1 التنافس الذكوري على الظهور الاجتماعي 2 ظاهرة المثقف كمرجعية فكرية في المجتمع وبالتالي الظهور والرياسة 3 عدم تكافؤ الفرص والاحساس بعدم جدوى الاجتهاد 4 انفصال النخب الاجتماعية والاقتصادية عن باقي المجتمع وادعائها التفوق بسبب اعتمادها الغرب كمرجعية، وهذه ظاهرة استغلتها التيارات الاسلامية 5 عدم وجود مسار واضح وسالك للصعود الاجتماعي 6 العشائرية بمعنى التنافس بين الجماعات المؤدي الى التفتيت، العشائرية لا تسمح بظهور جماعات كبيرة وماسسة عملها 7 عدم وجود ثقافة عليا مقبولة للجميع فما نراه في التلفزيون او ما نراه عند النخب ونحاول تقليده لا يعبر عن تطلعات وثقافة شرائح المجتمع الطامحة والصاعدة والاكثر اتساعا 8 الايديولوجيات اليسارية والاسلامية على حد سواء التي جعلت الهوية الطبقية والثقافية مسالة محورية في صراعها السياسي واعطت احساسا بالتفوق الثقافي عند متبعيها واتهاما بالانحطاط الثقافي عند غرمائها. وهذا نراه الان في امريكا مثلا حيث تحول الصراع السياسي الى صراع هويات. 9 اضافة مراد بنيس. العداء للدولة باعتبارها سلطة قمعية وابتزازية وليست جهة خدمية. رغم الصراع المستميت على الدولة المركزية في مجتمعاتنا، الا انه صراع على السلطة وليس على الخدمات، ولا نزال ننظر الى الدولة على انها اداة تسلط وقمع فقط يجب تخريبها ومكافحتها. 10 ثقافة الخضوع والطاعة والتي تجعل اي خارج عن المعتاد غريبا ومرفوضا باعتباره بدعة تهدد استقرار المجتمع.

مراد بنيس كل العوامل المذكورة تبدو ذات أهمية في تفسير ظاهرة السلبية التي تطبع مجمعاتنا. وهناك عامل آخر أظن أنه يساهم في تغذية المواقف السلبية تجاه مبادرات الدولة على الخصوص(ربما يندرج في النقطة 4 من لائحتك) وهو النظرة الموروثة -ربما منذ عهد القبائل- إلى الدولة كأداة قمع مادي ومعنوي يتلخص دورها في استخلاص الضرائب وتقليص الحريات (حرية الغزو مثلا). هذا يجعل قرارات مثل وضع رادارات لمراقبة السرعة تُؤوَّل على أنها وسيلة لسلب السائقين أموالهم وليس لحماية المواطن من المستهترين الذين قد يسحقونه بسياراتهم المتحركة بسرعة جنونية، ويجعل قرارات مثل زيادة عدد رجال الشرطة تُؤوَّل على أنها وسيلة لتشديد الطوق على المواطن ومراقبته وليس لحمايته من قُطّاع الطرق الذين يتربصون به وبأهله (وهو بالمناسبة يتشكى من وجودهم ومن عدم قيام الدولة بتأديتها لواجبها بإيقافهم!)

1 أيار 2019، التنويرية والرسولية

في أسفل الصفحة الرئيسية لموقع السوري الجديد (https://newsyrian.net/ar/) وجدت التصريح التالي: "مشروع السوري الجديد هو منظومة إعلامية ثقافية تنموية تحفيزية متعددة المصادر، تعمل على نشر الوعي والمعرفة بين السوريين، ودعم الأفكار الحداثية، وتقديم رؤية عصرية وعملية تحاول الخروج من التداعيات السلبية للحالة السورية في ظل الحرب، وما أنتجته من أزمات نفسية واقتصادية وفكرية وانقسامات اجتماعية تهدد مستقبل الشعب السوري، و تؤسس لجيل جديد من السوريين يتمتعون بالوعي والمعرفة والقدرات الضرورية لمرحلة البناء القادمة." الموقع ظريف وتصميمه جميل ومواده تعبر تماماً عن المشروع والكتاب. لكن ما يزعجني، وهنا لا أتهم أحداً فانا شريك في الجريمة، هو ادعاء التنوير. بعد ثماني سنوات ثورات وقلاقل ومشاريع بناء مجتمع ودولة أصبحت أتحسس من مصطلحات مثل "مثقف"، "باحث"، "مفكر"، "تنوير"، "توعية"، "جديد"، "حداثة"، "عصرية"، "سلبيات"، "أمراض اجتماعية"، "أزمات". هذه النوع من الخطاب منتشر بكثرة بين السوريين بشكل عام، وبين الكتاب السوريين بشكل خاص. واسميه "الخطاب الرسولي" لان الكاتب فيه يتقمص دور رسول سلطة متعالية (إلهية أو دنيوية) تمتلك الرؤية "الصحيحة" لما يجب أن تكون عليه الأحوال في المجتمع والدولة والغقتصاد وكل نواحي الحياة. هذه السلطة المتعالية قد تكون دينية (كما عند الإسلامويين) أو قد تكون ليبرالية (كنا عند أصحاب الموقع) أو قد تكون حداثوية (كما عند الليبراليين واليساريين). المشروع الذي يقدمه الخطاب الرسولي هو توجيه للمجتمع ينقله من جادة الخطأ والأزمات والتخلف والأمراض إلى جادة الصواب الإسلامي او الحداثي او الليبرالي أو الديمقراطي. الكاتب هنا لا يتفاعل مع الناس أو الأحداث (أي سفاسف الأمور) ولا يرى العملية كأخذ ورد وتطور للفكرة وإنما كتلقين من أستاذ إلى تلامذة. ما يثير القلق في مثل هذا الخطاب هو عدم حاجته إلى مساءلة فالطريق واضح والمشروع واضح هناك هدف وهناك عملية تعليم لتحويل الأفراد غير المؤهلين إلى أعضاء متناغمين مع المشروع. لا أنتقد أي كاتب أو أية مقالة، وأتمنى أن يستمر الجميع في النقاش والبحث والكتابة، لكن ازعم أن الخطاب الرسولي خطاب نخبوي وغير فعال ، بل مضلل، وأحياناً مؤذي. لا يوجد تنوير، ولا توجد توعية، ولا توجد أمراض أنت طبيبها. هذه مصطلحات أيديولوجية دعوية من أجل جذب الناس إلى "الدين الجديد" و"الرسالة الجديدة" بقيادة "الانبياء الجدد" (يمكن القول ان المثقفين هم مشايخ الحداثة). إعرض بضاعتك وحاور من يدخل معك في حوار وانصرف. نحن في عملية انتقال، التطور هو حصيلة افعال الجميع وليس نتيجة توعية موجهة من أنبياء ملهمين. هذا التطور، أو التغيير، ليس جيداً او سيئاً، إنما هو مجرد سنة الحياة. بالطبع كل إنسان عنده مشروع يسعى لجذب الناس إليه، لكن "التوعية" تفترض أن كل هذه المشاريع خاطئة عدا مشروع واحد على الصراط المستقيم.