«الترييف والتقدم»: الفرق بين المراجعتين
سطر ٧٤: | سطر ٧٤: | ||
تمام اخ كاظم من صفات النظم السلطوية حصر ما نسميه السياسة بالقصر ونخبة القصر. وكل ما عدا ذلك فهو وهم السياسة وحديث القهاوي. ونحن نفعل ذات الشيء اليوم. هذه الافكار احتاجت الى سنين لتظهر على السطح ونحن بحاجة الى نقاش هادئ ومتسامح لنبلورها | تمام اخ كاظم من صفات النظم السلطوية حصر ما نسميه السياسة بالقصر ونخبة القصر. وكل ما عدا ذلك فهو وهم السياسة وحديث القهاوي. ونحن نفعل ذات الشيء اليوم. هذه الافكار احتاجت الى سنين لتظهر على السطح ونحن بحاجة الى نقاش هادئ ومتسامح لنبلورها | ||
− | [[تصنيف: | + | [[تصنيف:مواضيع الثورة السورية]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢٠:٥٩، ٦ يناير ٢٠٢٣
محتويات
7 نيسان، 2019-الترييف والتقدم 1
الترييف والتقدم ١ انا شديد السعادة بالنقاشات التي تجري بين اصدقاء الفيس بوك لانها ولاول مرة يمكن تمس مفاهيم اساسية في بلدنا بقيت لفترة طويلة خارج النقاش او كانت تابو. استخدم الصديق سمير سليمان
في احد بوستاته مصطلح ترييف المدينة. فعلقت ودون تمعن فيما كتبه بان هذا المصطلح عنصري. واشكر سمير انه اخذ تعليقي وحوله الى نقاش هادئ ومفيد.
ولا ازال اقرأ ما يكتبه لكني الى الان فهمت ان المصطلح بالنسبة له لا يعني غزو الريف للمدينة بسبب الهجرة الداخلية وانما دور الديكتاتورية في وقف مسيرة التحديث في سوريا. فالريف بالنسبة له يدل على نمط انتاج زراعي وثقافة سياسية قبلية، في حين ان المدينة او التمدن يدل على نمط انتاج صناعي وثقافة سياسية تقوم على الاحزاب والديمقراطية. واعتقد ان هذا الموضوع شديد الصلة بالنقاش الذي دار حول مقولة موريس العايق بان الثقافة السياسية عند بعض الفئات التي شاركت في الربيع العربي ثقافة محافظة ورجعية وغير ديمقراطية. والبعض يقول بان الثورة السورية ثورة ارياف وبالتالي فهي ثورة متعصبة دينيا وعنيفة. من المثير للاهتمام ان هذه النقاشات تدور في فضاء مصطلحي وتحليلي ماركسي. الحديث يدور عن نمط انتاج وتأثيره على الثقافة والسياسة. الريف نمطه زراعي والمدينة نمطها صناعي، وبالنظرة الماركسية الحداثة تنتمي الى النمط الصناعي وبالتالي المدينة. وحتى لو تركنا الماركسية وركزنا على مفهوم الحداثة الليبرالي فان الريف يخرج خالي الوفاض منعوتا بكل ما هو لاحداثي وبالتالي متخلف. اضاف سمير بان المشكلة المزدوجة لبلدنا هي ايضا في بلادة المدينة اي عجزها ان تكون تقدمية وحداثية ومشعلا للتطور نحو الحداثة الصناعية والديمقراطية. عندما قلت ان مصطلح ترييف المدينة عنصري، لم يكن المعنى الذي قصده سمير في ذهني. بل معنى آخر مستخدم في اوساط المدن الكبرى السورية المقصود به هو غزو سكان الارياف للمدن بسبب الاسد والبعث. الترييف هنا يعني دخول الغريب وسيطرته على ما يعتقد اهل المدن بانه من حقهم اي الحكم والثقافة العامة. بل اكثر من ذلك انه سيطرة الريفيين على الحكم والثقافة بعد ان كانوا عمالا يخدمون في اراضي يملكها اهل المدينة. بهذا المعنى، وهو الذي اعرفه، ترييف المدينة مصطلح عنصري حتى وان كان يعبر عن حقيقة موجودة. ان فهم الواقع هو العنصري. اما الواقع نفسه فهو اعقد من مجرد نزوح هائل وتغيير ثقافة المجتمعات المدينية. الذين اشتركوا في اي فعالية من فعاليات الثورة السورية يعرفون ان صراع المدينة والريف كان له اثر سيء في كسر وحدة الصف وخلق العداوات. لذلك فان النقاش الدائر له راهنية واهمية كبيرتين. تصطرع افكار كثيرة في ذهني بسبب تسارع النقاشات ولذلك ساحدد بعض الملاحظات دون ان اعرض نظرية تفسيرية شاملة للموضوع. اولا، واذا بقينا ضمن الاطار الماركسي، فان نمط الانتاج في المدن السورية ليس صناعيا ولم يكن. تاريخ الصناعة السورية بالمفهوم الماركسي لا يتعدى عشرين سنة من الاربعينات الى الستينات. نمط الانتاج المديني كان ملكيات زراعية تهدف الى نوع من الزراعة التي تدخل السوق العالمية مثل القمح والقطن، اي زراعة بقصد الربح. هناك ايضا التجارة المحلية والاقليمية وهي نمط انتاج غير منتج لكنه نمط شرقي قديم جدا يقوم على مداولة الرساميل وليس على زيادتها. ثم جاء نمطان اضافيان الصناعة ووظائف الدولة المتضخمة باضطراد. طبعا في عهد الاسد اضمحل القطاع الخاص فيما عدا التجارة، واصبحت الصناعات ملكا للدولة وانتهت الملكيات الزراعية وتحول كثير من الفلاحين الى ملاكين صغار. ثانيا، هل فعلا ماركس محق بان الصناعة هي التقدم والزراعة هي التخلف. وهنا نعود الى طرح موريس العايق عن اولوية مفهوم التقدم. التقدم هو الحداثة والتخلف هو غياب الحداثة. وعندما نربط الصناعة بالمدينة نحصل على معادلة المدينة تساوي التقدم والقرية تساوي التخلف. ومن هنا نفهم معنى مقولة سمير سليمان بان المدينة السورية بليدة، اي لم تصبح صناعية وبالتالي لم تصبح مركز الحداثة والتقدم. لا احب استخدام مصطلحات مثل التقدم والرجعية والحداثة والتخلف، لاني لا اعتقد ان الحداثة هي معيار لقياس سعادة الشعوب. معيار القياس مهم جدا، لكن عملية القياس بحد ذاتها تحيلنا الى مفهوم التقدم. اي معيار لقياس سعادة الناس يحيلنا الى مفهوم ان المستقبل يجب ان يكون افضل من الماضي والحاضر وبالتالي يجب ان تكون هناك حركة نحو تزايد قيمة المعيار. موريس محق، لمفهوم التقدم اولوية، والاختلاف يكون بالمعيار الذي نختاره، اهو معيار الحداثة الاوروبي ام معيار العودة الى مثالية السلف الصالح الاسلاموي. الاسلامويون ايضا لديهم معيار للتقدم، لنه ليس المعيار الافضل بنظر العايق، بل الافضل هو معيار الحداثة. ورغم ان فكرة الحداثة ليبرالية اوروبية فان الماركسية ككل الافكار الاوروبية الجديدة تؤمن بفكرة التقدم. وهنا التقدم هو الشيوعية. الكل يؤمن بالتقدم عدا السلفيين فهم يريدون الماضي نفسه وليس نسخة محسنة حداثوية عنه مثل بقية الاسلامويين. بناءا عليه، الريف والمدينة وجهان اخران لمفهوم المعيار حسب نسخة التقدم بالحداثة والتخلف بانعدام الحداثة. الريف نمط اقدم وليس صناعي اذن هو غير متقدم وغير حداثي.
يتبع في بوست جديد
Badr Samman تعليقا على ما نُشِر: في أواخر الثمانينات على ما اذكر احد المسؤولين في الحزب و هو من قرى شرق حُمص و كان في منصب عال جدا يقوم بزيارة لاحد شوارع مدينة حُمص بناء على طلب من سكان الشارع لما يعانوه من سوء وضع الشارع ، و زيارته كانت بناء على طلبات حقيقة من احد أصدقائه الذي يقطن في هذا الشارع. بعد وصول موكبه و النظر الى الطريق التفت الى صديقه و قال له: و الله اهل الضيعة عنا بيتمنوا بكون عندهم طريق متل ها الطريق، اجابه صديقه: كنّا نتمنّى ان تجعلوا طرقات الريف متل المدينة و ليس العكس ، و كان هذا هو اللقاء الأخير بينهما.
معاوية الصباغ التسرع في الحكم على كلام الآخر يشي بالكثير عن طريقة تفكير وطبيعة المتسرع
Fadia Abouzied اسمح لي ان انشر ردي على بوست الاستاذ سمير: اعتقد أن ترييف المدينة هو استبدال ادوات انتاج المدينة بأدوات انتاج الريف بما يحمله كل واقع من خصوصية وادوات بناء والاهم /استبدال فكر المدينة بفكر الريف/، ويمكن اختصاره بالاختلاف بين: الصناعة والزراعة. فدورة الانتاج في الصناعة "قصيرة" على عكس دورة الانتاج في الريف. الانتاج في الريف يعتمد على الخبرات المتوارثة من التجارب المناطقية المجتمعية المتراكمة اما الانتاج الصناعي فيعتمد على العلم والاختراعات العلمية العالمية! الانتاج الريفي سجين الارض، على عكس الانتاج الصناعي المتحرر. يترافق مع هذه الفوارق حزمة كبيرة من انماط العلاقات المبنية على انماط الانتاج. الفكر الريفي يمثل الثبات في المكان والحفاظ على الروابط العائلية والقبلية كأحد ادوات الانتاج. القبض على بنية العائلة والعلاقة بين افرادها بما يتناسب مع عدم الابتعاد عن المكان، على عكس مجتمع المدينة. فكر الريف يموت بالابتعاد عن بيئته، ويخاف من التجربة في تطوير العلاقات التي تؤدي الى تطوير ادوات الانتاج واهمها العائلة. فكر المدينة يعيش بالبحث عن بيئات جديدة كوسيلة لزيادة الربح. فكر الريف لا يجرؤ على المغامرة: فدورة انتاجه سنة والخسائر فادحة. اما فكر المدينة الصناعي جريء وخسارته بسيطة. الزراعة تعتمد على هبات الطبيعة من الماء والبذار. الصناعة تعتمد على مواد اولية يمكن الحصول عليها بسهولة. الصناعة هي ضمان الربح. الزراعة هشة. الفكر الصناعي بيئته المدينة. الفكر الزراعي بيئته الريف. تطوير بيئة الريف وبيئة المدينة بشكل متواز، هو ربح للدولة والمجتمع. أما ترييف المدينة: فهو عملية ممنهجة لقتل المدينة: لقتل الصناعة لقتل التفكير لقتل الابداع لقتل رأس المال لقتل فكرة التغيير لقتل فكرة الارتقاء لقتل الفنون لقتل الانفتاح لقتل التطور لقتل الحرية. المدينة تتحدى السلطة، وجب قتلها
Ahmad Nazir Atassi بالطبع سيدة فاديا، أهلاً بك. عندما استلهم موضوعاً لكتاباتي من بوستات آخرين، فلا يعني هذا أني أعارضهم أو أنتقدهم. عندما يتعرض أحد الكتاب لفكرة مهمة فإنها فرصة لتوسيع النقاش والإدلاء بدلوي في الحوار. بالطبع سوء الفهم منتشر كثيراً في الفيسبوك بسبب ضيق المساحة. لكننا نتعلم كيف نتعامل معه وكيف نستخدم سوء الفهم لتطوير النقاش.
7 نيسان، 2019-الترييف والتقدم 2
الترييف والتقدم ٢ ثالثا، دعونا نخرج من هذه الثنائية ونقوم ببعض الملاحظات من ارض الواقع. العشائرية موجودة في المدينة والريف. وليس من الواقعي القول ان المدينة عادت الى العشائرية بسبب الاستبداد. العشائرية كانت موجودة قبل الاستبداد واستمرت بعده. يمكن ان نطلق الخيال عن ما كان يمكن ان يكون الحاضر دون الاستبداد. لا اعرف لكني لا اعتقد ان الحداثة والديمقراطية والتصنيع كانت ستكون الطاغية. من السهل ربط الاستبداد بالريف لان النخبة الحاكمة في سوريا من اصول ريفية، لكني اشك في ان الحال لو حكمت نخب مدينية كان سيكون مختلفا جذريا. على الاقل، اتمنى لكني لا اعرف. الفكر الاسلاموي لم يخرج من الريف وانما هو مديني بامتياز، على الاقل في سوريا. الفكر البعثي ايضا نشأ في المدينة. حزب البعث كحزب الفلاحين هي فكرة ظهرت بعد استلام الاسد. الاسد فتح باب الانتساب للبعث وكان قبله حزبا نخبويا. التصنيع في اوروبا ظهر في المدينة لكنه استخدم اليد العاملة القادمة من الريف اذا نظرنا الى الطبقات الوسطى الاوروبية والامريكية التي كانت مسؤولة عن النهضة الصناعية والانتاجية بعد الحرب العالمية الثانية فسنجد ان معظم هؤلاء المهندسين والموظفين كانوا من اصول ريفية او حتى لنقل انهمولوا في الريف وشاركوا في الحرب ثم انتقلوا الى المدينة. هذه حقيقة يغفل عنها الكثيرون الا الذين عاشروا تلك المجتمعات. فمن اين تأتي الحداثة والتقدمية ومن اين ياتي التخلف والرجعية. بشار الاسد ليس فلاحا ولا ريفيا وعندما جاء الى الحكم جاء بنخبة مالية من بين زملائه في مدرسة اللاييك، اي من النخب التجارية السنية المدينية. رامي مخلوف هو الوجه لكن الكتلة هي من اولئك. وهذه الكتلة دعمت الاسد اثناء الحرب ولا زالت تدعمه. وهذه الكتلة لها مشايخها وثقافتها المحافظة الابوية. فهل ننعت الريف بالتخلف لان هذا جوهره وننعت المدينة بالبلادة لانها لم تحقق جوهرها الحداثي التقدمي. لا اعرف الامبراطوريات الشرقية القديمة كانت تقوم مع موجة جديدة من هجوم البدو على المدينة. ثم لا تلبث الحضارة ان تزدهر بالرغم من النخبة الحاكمة. البعض يقول، ومنهم ابن خلدون، انهم يفقدون البداوة ويصبحون اهل مدينة وحضارة ورفاهية. لكنه قال انهم بسبب الرفاه لا يلبثون ان يفقدوا دولتهم نفسها. هل يمكن ان نقول ان حكم الاسد كان اخر هجوم للبداوة نعرفه. لكن اين الازدهار. حسب ابن خلدون يتعلم البدو من الحضر الاحضارة والازدهار ورخاء العيش. وبشار فعل ذلك تماما، اصبح من اهل المدينة واعتمد على نخبها. ووالازدهار هو بالضبط ما توقعه الناس الذي فكروا بنفس الطريقة اي اخيرا اصبحالحاكم البدوي واحدا منا. وبالتالي فان الثورة هي سبب توقف مسيرة الازدهار الخلدونية الطبيعية
يتبع في بوست جديد
Fadia Abouzied حزب البعث لم يريف المدينة. بل /بدون/ سوريا: من بدو
Fadia Abouzied حافظ حافظ الاسد على تعزيز مكانة العشيرة والعائلة والطائفة، حين اخضع الاسرة السورية: الاسلامية والمسحية والدرزية الى التشريعات الدينية والطائفية والمذهبية، المنصوص عليها في الدستور. مدعما بنيتها بحزمة قوانين جرائم الشرف في قانون العقوبات، والتي لها مرجعية اجتماعية. تكريسا لسيادة فكر الريف: الذي يتعامل بالعصبوية والعائلية والطائفية! تراتيبية تطور الفكر: بدوي، ريفي ، مديني. قد يكون ابن مدينة لكن فكره بدوي. القصة ليست قصة افاد بل فكر على ما اعتقد
Ahmad Nazir Atassi أفهم أن مصطلحاتك تدل على أنماط من التفكير. لكن أهل الريف مثلاً الذين لا يفكرون بهذا النمط قد يجدون تعسفاً في استخدام مصطلح يدل عليهم من أجل تسمية فكرة قد لا يملكونها. المصطلح قد يكون تهمة. هذا همي ولذلك أحاول فصفصة الفكرة والمصطلح. فربما نستخدم مصطلحاً آخر أفضل.
Fadia Abouzied Ahmad Nazir Atassi القصة ليس لها علاقة بتصنيف الناس بل بتصنيف الفكر. حين اخبر لينين إنجلز ان الثورة قامت في روسيا لم يكن سعيدا، لانه كان يتمنى ان تقوم في المانيا لان المانيا بلد صناعي يستطيع ان يحمي الثورة بينما روسيا القيصرية: نمط فلاحي. ولذلك لن تعيش اكثر من خمسين سنة
7 نيسان، 2019-الترييف والتقدم 3
الترييف والتقدم ٣ مفهوم الحداثة الذي جاء به التنويريون في اوروبا في القرن الثامن عشر مبني على فهم معين للتاريخ الاوروبي، وبالاخص تاريخ المدينة الاوروبية. هذه المدينة، عدا حالات قليلة، نشات في بداية الالفية الثانية للميلاد. الاستثناءات كانت المدن ذات الاصل الروماني والتي تقلصت بعد زوال الرومان. هذه المدن الجديد قامت على اطراف الاقطاعيات الزراعية كمستوطنات تجارية مستقلة خارجة عن سلطة الاقطاع. هذه المدن كلنت منذ البداية معادية للاقطاع والكنيسة والملكية، اي الاسس التي قام عليها النمط الانتاجي القروسطي. ولثورة على هذه الاسس كانت الثورة الحداثية. الصناعة ناتج لاحق وليس اساسيا في تنوير القرن الثامن عشر ، ولم تصبح الصناعة من دعائم الحداثة الا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. الثورة العلمية التي على اساسها يقوم مفهوم التقدم كانت موضع اهتمام النخب فقط الى القرن التاسع عشر. وحتى الصناعة لم ترتبط بالعلم الا في الثورة الصناعية الثانية اي مع قدوم الكهرباء والصناعات الكيماوية في النصف الثاني من التاسع عشر. ايضا الديمقراطية لم تظهر الا في النصف الثاني اياه. السابقة لها وسلفها هي البرلمانية وليس الانتخاب العام. فكرة التقدم والحداثة لها تاريخ ولم تكن معيارا ازليا. المدن الاوروبية كانت رائدة التجارة والعلوم والتكنولوجيا والصناعة وبالتالي فكرة التقدم والحداثة، فهل يمكن للمدن الشرقية ان تكون حاملة شعلة الحداثة. المدن الشرقية قديمة جدا ولها دعامتان اقتصاديتان استغلال الريف الزراعي وثم التجارة. وكما بينت سابقا نمط الانتاج هذا لم يتغير الا من نصف قرن تقريبا. فكرة الحداثة لم تظهر في هذه المدن بل جلبت اليها من الغرب. وكان رد فعل هذه المدن ثقافيا نوعان اما استملاك فكرة الحداثة الغربية بطريقة ما، اشتراكية او قومية، واما استنباط نقيض الحداثة وهي الاصالة والعودة الى الزمن الذهبي. اعتقد اليساريون انهم حداثيون لكن بالطريقة الماركسية، واعتقد القوميون انهم حداثيون باعادة العنفوان الى الامة لكن في النهاية باخذ المنجزات الغربية، الاسلامويون اخترعوا حداثة جديدة تقوم على تأصيل المفاهيم الغربية في الماضي الاسلامي. الوحيدون الذين نبذوا الحداثة كليا هم السلفيون الوهابيون، اي اكبر مستهلكين للمنتجات الغربية. فاين التقدمية في هذه المدن. فلا هي تقدمية حسب الحداثة الليبرالية ولا هي بليدة لانها بالاصل تختلف عن المدن الغربية. هذا يعني انه من الضروري اعادة النظر في التقدم والحداثة حين نطبقهما على مدننا وقرانا. يتبع
7 نيسان، 2019-الترييف والتقدم 4
الترييف والتقدم ٤ مثال اخير عن المدينة والريف. ريف دمشق الابعد مثلا بدا يحس بتسلل المدينة نتيجة الفائض السكاني الذي جعل هذا الريف مكانا ملائما لضواحي المدينة وملجأ للطبقات الوسطى. قبل السكان الجدد جاءت الدولة لتغير تنظيم هذه المناطق وجاء سماسرة العقارات ثم جاء المقاولون. في حديث شيق جدا مع صديق كان يتطوع لتدريس الشريعة في تلك القرى توصلنا الى نتيجة هي ان دخول السماسرة والمقاولين كان سيعني حتميا دخول هذا الريف في الشبكات التجارية المدينية. لكن هذه الشبكات، تاريخيا ولا تزال، تعتمد على المشايخ كعنوان عصبية تعاونية. هذا يعني ان شبكات المشايخ بدأت تدخل هذا الريف بشكل طبيعي. النتيجة هي ان هذا الريف اعتمد نفس نمط التدين المديني المحافظ. حسب النقاش ومن منطلق الحداثة فان هذا النمط رجعي وغير تقدمي. لكنه انتقل من المدينة الى الريف وليس العكس. اليوم نلوم هؤلاء الريفيون علو تشكيل الفصائل الدينية ونزعم ان التعصب اصله من الريف لاننا نماهي بين الريف والهمجية. لكن في الحقيقة هذا التعصب اصله من المدينة. تاريخيا، اكبر مركزين للحنبلية المتشددة هما بغداد، مكان مولدها، ودمشق موطن ابن تيمية وتلامذته. السلفية لم تأت من الريف. ولا جاءت الوهابية الجهادية من البادية وثقافتها وانما من تناقض المنظومة الملكية السعودية نخلص الى القول بان فكرة التقدم اصبحت طاغية بسبب انتشار النموذج الاوروبي في المجتمعات وانتشار الافكار التي رافقت تطور هذه المجتمعات. رفض المفهوم كليا ليس حصيفا لاننا مدمنون على الحياة بنسختها الغربية من ناحية المستهلكات والطبابة وبيروقراطيك الدولة والانظمة العسكرية والسياسية وسيطرة الرأسماليك على ابسوق الدوليكزالتي نأخذ منها ما نستهلكه. لكن في الوقت نفسه فان مفهومي التقدم والحداثة اشكاليان فهما نتاج تاريخ غربي كما بينا، ولا نزال نتعثر في الوصول اليهما ونحس بالذنب لذلك، وفي الوقت نفسه المدينة التي هي منبع الحداثة حسب الموديل الغربي هي مدينة شرقية غريبة عن مبادئ ومقومات الحداثة الغربية وتاريخها. وبالتالي فهي اما رجعية حسب العايق او بليدة حسب سليمان او منبع الاصالة الاسلامية حسب الاسلامويين. ما هي الوصفة السحرية اذن التي نتخلص به من الاحساس بالفشل المستمر. اللعنك على هذا التقدم الذي يهرب منا ولا نمسكه. حديثا الكل يعلق اللوم على الاستبداد، فهو الذي انهى مسيرة المدينة نحو الحداثة من خلال الصناعة تماما كما تقول الوصفات الغربية. اعتقد ويعتقد العايق بان الاستبداد هو الشماعة الجديدة ، لكن العايق يؤمن بالتقدم وبالتالي الاستبداد هو شماعة الفاشلين في تحقيق التقدم، اما بالنسبة لي فان الاستبداد هو شماعة الاحساس بالفشل لكل من لديه معيار تقدم ليبرالي ام اسلاموي. ماذا نريد. لا تعطيني وصفة جاهزة. بل قل لي بالتحديد ماذا تريد وكيف ستحققه. سيكون هناك معيار نجاح او فشل لكنه لن يكون جاهزا. وعندها سمه ما شئت تقدم تسلق هبوط زحلقة اي شيء
Kazem Alzahouri هون مربط الفرس يا صديقي لم نستطع حتى الآن خلق مجال للنقاش الجماعي لا في المدن ولا في القرى حول أمور وإشكالات حياتنا اليومية المشتركة يعني بمعنى آخر حول حياتنا السياسية و تم تكريز كل النقاش في مؤسسة واحدة هي الحزب ثم في جماعة صغيرة نسميها النظام وتم التركيز على قضية واحدة هي تحرير فلسطين كما يتم التركيز البوم على الثورة و معانيها وطمس وحذف ارادي أو لاارادي لكل مشاكل الحياة اليومية. في مجتمعاتنا التقليدية كان هذا النقاش يتم في المنزول أو مضافة أحد أعيان القرية أو الحي الدولة في بلادنا اغتصبت هذا المجال وسلمته للحزب ثم لجماعة صغيرة من الحزب و منعت الناس من أي نقاش اخر
Ahmad Nazir Atassi Kazem Alzahouri تمام اخ كاظم من صفات النظم السلطوية حصر ما نسميه السياسة بالقصر ونخبة القصر. وكل ما عدا ذلك فهو وهم السياسة وحديث القهاوي. ونحن نفعل ذات الشيء اليوم. هذه الافكار احتاجت الى سنين لتظهر على السطح ونحن بحاجة الى نقاش هادئ ومتسامح لنبلورها