«التحليل والتركيب»: الفرق بين المراجعتين
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٢٣٦: | سطر ٢٣٦: | ||
Ahmad Nazir Atassi | Ahmad Nazir Atassi | ||
الاتحاد السوفياتي قام على مبادئ الشيوعية وليس على ادوات الماركسية التحليلية. اكن هذا لا يثبت صحة او خطأ هذه الادوات. اسرائيل قامت غلى المظرية التوراتية، فهل هذا جعل تلك النظرية حقيقة. عرفت خطأها عندما حاولت تطبيقها. لم اجد اي مقياس للطبقة ولم اجد اي علاقة بين الطبقة وتطور التاريخ ولم اجد اي مؤشر على صراع طبقي. هناك تنافس بين فئات لكنها ليست طبقات. | الاتحاد السوفياتي قام على مبادئ الشيوعية وليس على ادوات الماركسية التحليلية. اكن هذا لا يثبت صحة او خطأ هذه الادوات. اسرائيل قامت غلى المظرية التوراتية، فهل هذا جعل تلك النظرية حقيقة. عرفت خطأها عندما حاولت تطبيقها. لم اجد اي مقياس للطبقة ولم اجد اي علاقة بين الطبقة وتطور التاريخ ولم اجد اي مؤشر على صراع طبقي. هناك تنافس بين فئات لكنها ليست طبقات. | ||
+ | |||
+ | =15 كانون الأول 2019، التحليل والموقف= | ||
+ | |||
+ | في نقطة هامة جدا في التعامل مع اوضاعنا الصعبة والمتعبة، وهي ان يسأل المحلل نفسه دائما هل انتج تحليلا سوسيولوجيا ام تحليلا ايديولوجيا ام فشة خلق ام اعيد ما اسمعه دون وعي. لما يكون الحكي فشة خلق كل القراء يحسون بهذا الضعف في ضبط المصطلحات وترابط الافكار. لكني اتحدث هنا بالتحديد عن النوعين السوسيولوجي والايديولوجي لانهما يشتركان باعطائهما مظهرا جديا للتحليل. من الصعب فعلا فصل النوعين لان كثيرا من النظريات التي نعرفها ونستخدمها هي ايديولوجيات عند البعض وعلم عند آخرين. ومن الواضح هنا اني استخدم مصطلح سوسيولوجي حتى لا اقع في فخ الموضوعية؛ فهذه الاخيرة اصعب واقل قابلية للكشف فالسوسيولوجي والايديولوجي يعتقدان بانهما ينتجان معرفة موضوعية. واقصد بالسوسيولوجي المحلل المختص الى درجة ما والعارف بمنهجيات ونظريات ذلك العلم. اما المحلل المؤدلج فحتى لو عرف المنهجية والنظرية فان تحليله سيكون شديد الانحياز. هذا كلام عام جدا. هل هناك طريقة او مؤشرات نميز بها بين النوعين من التحليلات؟ المؤشرات التي سأوردها فيما يلي هي مجرد افكار احاول تطويرها وليس نظرية متكاملة. | ||
+ | اعتقد ان المحلل المنهجي والمتوخي عدم الانحياز لا يعطي اثناء تحليله اي حكم قيمي بخصوص موضوع تحليله. واعني بالحكم القيمي اي استخدام لصفات تقودنا الى تصنيفات من قبيل جيد سيء، متطور متخلف، مقرف ممتع، حضاري وحشي، فاسد اخلاقي، مقدس مدنس، حلال حرام، ثوري رجعي، مجرم ضحية (كقيمة وليس كماهية) . بالنسبة لي هذه الصفات وغيرها يستخدمها المنخرطون في الظاهرة الاجتماعية التي احللها لانها تحمل رساميل يتم تبادلها اجتماعيا؛ لكن المحلل ليس بحاجة الى الصفات كأدوات وانما كمعلومات ميدانية يجمعها. اذا قلت مثلا هذا الفرد فاسد اخلاقيا فهذا الوصف ليس تحليلا لعلاقات اجتماعية وانما رأي في هذه العلاقات. فهل هذا يعني ان المحلل لا يجب ان يرى التصرفات المسيئة ولا يجب ان يذكرها ويندد بها لمجرد انه يتوخى الموضوعية؟ كفرد من المجتمع ومتفاعل معه فعليه ان يتخذ موقف ويعطي قيمة. لكن كمحلل فإن الفساد لا يعدو كونه اسما لاحد المتغيرات التي يدرسها الباحث. تقييم كل شخص لفساد اي موظف او مواطن هو ايضا متحول يدرسه الباحث. | ||
+ | قد يبدو هذا عاديا ومنطقيا للبعض. لكن المسألة اعقد من الظاهر. كمحلل لا يمكنني ان اقول هذا مرض اجتماعي وذاك فساد وذلك تخلف وهذا غباء وهذه ثقافة تافهة وتلك شعوب متقدمة. عندما استخدم هذه الصفات فاني اتوقف عندها لاني اما اشجعها او احاربها، اما رافض لها واما راضي عنها. التحليل انتهى وبدأ التفاعل الايديولوجي فالسيء اريد تغييره والمتخلف اريد تطويره والمقرف اريد تجميله. وتحليلي يصبح ايديولوجيا عندما يعطينا تصورا جاهزا وفهما تحكمه الغاية والهدف الايديولوجيين. | ||
+ | بالنسبة للمحلل المجتمع لايخطئ ولا يفسد ولا يتخلف ولا يتقدم، المجتمع فقط يتفاعل. المحلل يتساءل لماذا يستخدم الفاعل سين مصطلح متخلف لوصف ظاهرة معينة؟ ماذا يقصد به؟ ما هو الاثر المرجو من استخدامه؟ من هم المستهدفون بالادعاء ولماذا؟ من هم المستمعون للادعاء ولماذا يتقبلونه او يرفضونه؟ ما معنى متخلف عند المدعي؟ هل هذا خطاب شائع؟ وشائع في اية اوساط ولماذا؟ ما هي الرساميل الرمزية المتبادلة في حادثة الادعاء والتقبل؟ | ||
+ | اما صاحب الايديولوجيا فلا يسأل وانما يفعل. انه يطلق الادعاء ويقرأ ردود الافعال، ويوجه الرسالة ويراقب الرد ،ويحتفي بالاعجاب ويجادل المستنكرين، يفرز الاصدقاء عن الاعداء، ويقيس مكانته هل ارتفعت ام انخفضت، هل اصطاد اتباعا ومريدين ام خسرهم، وكيف سيحسن اداءه ويزيد رساميله. | ||
+ | المحلل لا يأخذ موقفا حتى ينتهي التحليل. | ||
[[تصنيف:المنظوماتية]] | [[تصنيف:المنظوماتية]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢١:٣٧، ١٢ فبراير ٢٠٢٥
محتويات
- ١ 3 حزيران 2018، التركيب
- ٢ 4 حزيران 2018، أدوات التركيب
- ٣ 5 حزيران 2018، استكمال فهم التركيب
- ٤ 26 آذار، 2019-ثورية الثورة 1
- ٥ 26 آذار، 2019-ثورة الثورة 2
- ٦ 26 آذار، 2019-ثورية الثورة 3
- ٧ 26 آذار، 2019-ثورية الثورة 4
- ٨ 26 آذار، 2019-ثورية الثورة 5
- ٩ 26 آذار، 2019-ثورية الثورة 6
- ١٠ 12 نيسان 2019، فيما بعد التنظير - التركيب
- ١١ 12 نيسان 2019، تصميم التركيب للتدخل
- ١٢ 5 تشرين الأول 2019، أدوات تحليل الأحداث المتسارعة
- ١٣ 15 كانون الأول 2019، التحليل والموقف
3 حزيران 2018، التركيب
الاخ Nasser Saffan هو الوحيد الذي سالني عن التركيب، اي عكس التحليل. بكلمات اخرى، الكل ينظر عن اسباب المشكلة، لكن من يصمم طريق الخروج، من يصمم التغيير، من ينظر للمنظومة الجديدة، من يعرف كيف سنصل إليها. في الحقيقة، الباحثون يتصدون لمهمة التحليل في العادة لكنهم لا يعرفون اي شيء عن التركيب. المهندس مثلا يدرس تحليل المنظومات ثم يتعلم كيف يركب منظومات جديدة. الطبيب يتعلم التحليل ليصل الى تشخيص المرض، والعلاج عادة هو نوع من التركيب لانه اصلاح المنظومة. الاقتصادي كذلك يحلل ويضع خطة استثمار. هو لا يركب منظومة جديدة لكن اهل القرار قد يصممون سياسة اقتصادية للتحكم بالمنظومة. حتى السيكولوجي بدا يتحدث عن التركيب من خلال العلاج السلوكي. اما المؤرخون واهل العلوم الاجتماعية والفلاسفة فهمهم التحليل ولا يستطيعون التركيب. كثيرون يعتقدون ان مجرد تحليل منظومة اجتماعية هو بحد ذاته خطوة في اتجاه التغيير، لكن هذا بعيد جدا عن التركيب. التركيب هنا متروك لاهل الايديولوجيا وللسياسين، وهذا اسوا انواع التركيب. مثلا الديمقراطية تقوم على فرضية خاطئة وهي ان الانتخاب سيعطينا الاقدر وان البرلمان المؤلف من ممثلين سيعطينا افضل تصميم او تركيب. والحقيقة هي ان السياسيين يمارسون التفاوض والاتفاقات لكنهم لا يعرفون ابدا ما هو الانسب ولا كيف الوصول اليه. الانتخاب هو وسيلة لاقناع الناس بان قرار السياسيين هو الانسب. ولذلك يعتقد الناس ان احلالةالديمقراطية سيحل كل المشاكل الاقتصادية والتنموية والاجتماعية. وهذا مجرد ايديولوجيا. الديمقراطية لم تصنع اوروبا، الديمقراطية كانت نتيجة لتاريخ اوروبا الحديث وليس السبب وراء نجاحها. ويحافظ المثقفون على تعاليهم الاخلاقي برفضهم التركيب لصعوبته ويتركون التغيير للايديولوجيا. التحليل يعطيهم انطباعا بانهم يكتشفون الحقيقة ويكشفون التزييف في ادعاءات المؤدلجين. اسلوب التركيب الوحيد المعروف هو الايديولوجيا، ولذلك متى حاول المحلل او الباحث او المثقف اقتراح الحلول فانه يقع في الايديولوجيا والقوالب الجاهزة الاشتراكية او الليبرالية او الاسلامية. يمكن ان نجعل من التركيب علما، الا انه سيسبب مشاكل اخلاقية عند المحللين لانهم يعتقدون ان اكتشافهم للمنظومة وفهمهم لعملها هو نفسه كشفهم لامراضها. انهم يعملون مثل الطبيب، اي يشخصون امراض ويصفون العلاج كوصفة اصلاح. واقصى ما تعطيهم اياه الايديولوجيا هي اهداف بعيدة ورؤى حالمة ومعايير مثالية. اكبر محلل سوسيولوجي سيصبح ببغاء ايديولوجي عندما تساله وما العمل الان. ونرى ذلك عند اساتذة الجامعات مثلا حين يصبحون مستشارين للسياسيين وصناع القرار، فهم محللون عظماء لكن لن يستطيعوا توقع المستقبل ولا يعرفون التركيب ويصبحون عالة حقيقية حين تطلب منهم استشارة عملية. ولذلك كان ردي على الاخ ناصر هو التالي: التركيب عمل ولا يمكن ان يكون تنظير في هذه المرحلة. لن يتحمله احد، لا استطيع ان اكتب عنه. التحليل يوهم الناس بتفوقهم الاخلاقي. التركيب يضعهم امام الحقيقة التي لا يطيقون تحملها. يتركون التركيب للزمن ويلومون القدر.
4 حزيران 2018، أدوات التركيب
ادوات التركيب: اولا يجب ان تعرف ايديولوجيتك. كل شي تعلمته عن الصح والخطا، الحلال والحرام، التقدمي والرجعي، الاخلاقي وغير الاخلاقي، المثالي والعملي، كل شيء جاهز، معروف، مرتبط بكثير من المشاعر والتربية. هذه كلها ادوات تركيب قد تكون جيدة لكنها ستجعلك تاخذ القرار غير المناسب فقط لان ابديولوجيتك تعتقد انه الاخلاقي. مثلا عمر ومفهوم الحاكم العادل، الخلافة، الاشتراكية، الطبقات الكادحة، القومية، القائد الملهم، القائد الاخلاقي، النواة الصلبة، الديمقراطية. كل شيء لم تجربه بنفسك وتتعرف على تعقيداته هو وصفة جاهزة وبالضرورة ايديولوجيا. مشكلة الايديولوجيا ليس في خطئها، فهي ليست دائما خاطئة، وانما في الايمان بصحتها قبل تجربتها، واشدد على كلمة الايمان. مثلا التقدمي هذه الايام ينادي بالديمقراطية لكن المجتمع لم يجربها ابدا، وكل الدول الديمقراطية تطلب منه ان يؤمن بانها الحل الناجع لكل شيء واحسن ما انتجه التاريخ. وكما ذكر احد الاصدقاء انها ارث عالمي. قوانين الفيزياء ارث عالمي، اما الديمقراطيه فهي تجربة احد المجتمعات فقط. كان نقول اذا لم يمر مجتمع بمرحلة حكم المماليك فلن يصبح مثل سوريا. او اذا لم يمر بمرحلة التصنيع فلن يصبح مثل فرنسا.
5 حزيران 2018، استكمال فهم التركيب
نعود الى قضية التركيب. اولا، حاولنا تمييز الايديولوجيا والتحرر منها، لان جزءا كبيرا منها قائم على الايمان الاعمى بصحتها ونجاعتها كحل للعديد من المشاكل. قد نعود اليها لاحقا فقد نستفيد من بعض افكارها، لكن دون تحيز ودون اعتقاد بانها كتلة واحدة ناخذها كلها او نرفضها كلها. ثانيا، يجب ان نحدد المشكلة التي نعتقد ان التركيب سيحلها. كما يقولون صياغة السؤال فيها نصف الجواب. تحديد المشكلة يمكن ان يكون بطرق مختلفة وصيغ مختلفة تعتمد على منهج التحليل وعلى النموذج التحليلي الذي نبنيه للظاهرة التي نريد تغييرها. انتقدنا التحليل واتهمناه بالعقم في حل المشاكل، لكن هذا يعتمد على النموذج التحليلي. مثلا اذا كنا نتحدث عن سوريا تحت دولة الاسد، واذا كنا نعتقد ان هناك مشكلة احتكار الاقتصاد. فكيفية شرح ظاهرة الاحتكار سيكون اول خطوة في التعامل معها. اذا قلنا ان الاحتكار هو نتيجة قلة اخلاق بعض المستمثرين واعتمادهم على الرشوة، فان الحل الذي يفرض نفسه هو تحسين المستوى الاخلاقي للمستثمرين. ممكن نعطيهم نصيحة ابوية او اخوية. يمكن ندعوهم لحضور الصلوات لانهاتؤثر في الاخلاق، ويمكن ان نحذرهم من رفاق السوء. بالنسبة للواعظ، التحليل واضح، صياغة المشكلة واضحة، الهدف واضح، والحل واضح. انه نموذج قائم على اشخاص وخيارات فردية ومعايير اخلاقية. ولذلك شعبية المشايخ والخطباء دائما عاليا. نموذجهم التحليلي بسيط. لكن التجربة تقول بان كل مواعظ القدماء والمحدثين لن تفيد في كسر احتكارات المتعاونين مع نظام الاسد. طيب، يمكن ان نجرب تحليلا اخر. قد نقول بان المسؤولين المرتشين هم السبب في نجاح المحتكرين. ولذك قد يكون الحل هو محاربة الفساد، اقالة بعض المسؤولين، تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة في الدولة. كل الدولة فيها آليها لاستعادة توازنها واصلاح الخلل فيها. هنا النموذج التحليل يعتمد على عنصر مؤسساتي، اي على سلطة المسؤول المستمدة من وظيفته. لكنه يغلب الجانب الفردي الاخلاقي مرة اخرى، لكن اخلاق مختلفة. فالمسؤول خرق اخلاقيات مؤسسته، وليس اخلاقيات المجتمع. الاحتكار لا يزال موجودا بعد نوعين من المقاربات والتدخل فما العمل. يمكن ان نوسع دائرة البحث وندخل فواعل اخرى في النموذج. هناك المستثمر المحتكر، هناك المسؤول المرتشي، وهناك سلسلة طويلة من الموظفين الاقل شانا الذين يدعمون المحتكر ويتغاضون عن تطبيق القانون مما يعني عرقلة المنافسين، وهناك ضابط المخابرات الذي يدعم المحتكر ويعطيه الموافقات الامنية بينما لا يعطيها لغيره، وقد نكتشف ان المحتكر يعتمد على تعميم رئاسي مفصل على مقاسه. في هذه الحالة يجب ان نعرف عن تفاصيل للصفقات، ودور كل من الفواعل فيها. قد ننظر الى المشكلة على انها طارئة بسبب فساد الرئيس الحالي وموظفيه. قد نعتقد ان الحل هو في تغيير الحكومة الفاسدة او حتى في انتخاب رئيس جديد
26 آذار، 2019-ثورية الثورة 1
التحليل والتركيب وثورية الثورة ١ هناك شكلان من العمل النظري، التحليل والتركيب. واعني فهم الواقع دون التفاعل معه، ثم التفاعل مع الواقع ومحاولة تغييره. استطيع القول بان معظم المنظرين والفلاسفة يهتمون بالشكل الاول ويمجدونه، ويعتبرونه سعيا وراء الحقيقة لانه يتضمن اكتشاف المبهم وبالتالي يقدم للمنظر لحظات مبهرة من النشوة. اما الشكل الثاني فغالبا ما يتركه المنظرون للايديولوجيات. وحتى اولئك المنظرين التحليليين عندما يدخلون خضم التفاعل مع الواقع فانهم يتحولون الى ايديولوجيين مع ايمانهم العميق بان عملهم تحليلي علمي وواقعي. افضل مثال هو ماركس. تحليله للاقتصاد الرأسمالي عظيم، لكن نظرياته عن الثورة والتغيير وحركة التاريخ ايديولوجيا بحتة. لكن هذا لا يقلل من العمل التركيبي او من محاولة التغيير التي يقوم بها اي شخص او منظر لان التركيب، حسب مقولات المنظوماتية، لا بد ان يمر بمرحلة اختزال للواقع من اجل التركيز على ما يهم الفاعل ومجتمعه. لابل يمكن القول ان الايديولوجيا تدخل في صلب التركيب باعتبار ان من اهم عناصر التغيير هو القيمة. القيمة معيار يفرضه الانسان على الواقع ولا يوجد الا في ذات الانسان، اي انه لا ينتمي الى الواقع. من وجهة نظر المنظومة لا توجد قيمة، ومن وجهة نظر الفرد الوجود كله للقيمة. طيب اذا كان التغيير مبنيا على ايديولوجيا فلماذا هذا التمييز وهذا الغمز واللمز بالتركيب، ولماذا نرفع التحليل الى اعالي العمل النظري ونتنصل من التركيب او نمارسه زاعمين انه جزء من التحليل الواقعي. مثل الماركسي حين ينادي بالثورة ضد الراسمالية يزعم انه يستند الى نظريات علمية جعلت من الثوروة حتمية تاريخية والوسيلة الوحيدة للتغيير. يتبع
Salah Alrifai مبدئيا اعترف بأني اضطررت للاعادة كي افهم المعنى بدقة و اعتقد انني قاربت على فهمه، عبارة التركيب شوشتني قليلا. الموضوع على درجة عالية من الاهمية بالنسبة لي، لذلك اخرج عن صمتي الفيسبوكي المتأرجح بين الحالة التحليلية و الحالة الايديولوجية، عقليا انا مقتنع بعدم جدوى الكتابة و لكن تنفيذ ذلك يستدعي الكتابة احيانا، لأن كل نظرية تحتاج لدعائم مستمرة و متكررة كي تبقى صامدة. اعتقد انك جاوبت على جزء كبير من تساؤلك .... الايديولوجيا و طريقة التنفيذ لأي تحليل نظري اثناء ممارستها و ارتكاب المفارقات بداخلها حتى مع النظرية المستندة اليها تجعل للنظريات التالية احداثيات جديدة و معطيات جديدة، اي ان العلاقة الجدلية بينهما محكومة بانتهاء مرحلة التنفيذ لحين قدوم نظرية جديدة اكثر جدوى، و هنا تكمن احدى المآسي الانسانية و هي تتعلق بأن الانسان لا يعرف متى يتوقف عن الممارسة للايديولوجيا التي بدأت تضر به و بقيمه الانسانية، و كأن واضع النظرية انتج ساعة لا يمكن ايقافها الا بتكسيرها بنظرية مقابلة قادرة على افراز ايديولوجيا ذات جدوى اعلى انسانيا تحطم الايديولوجيا التي سبقتها. تزداد قناعتي يوما بعد يوم ان وجودنا مرتبط بحالة التأمل نفسها و ليس بتصرفنا او ردود افعالنا، و كأن المطلوب هو ان نتواجد و نتأمل فقط. هنا يبرز لدي سؤال محير فعلا، ماهو منتج التأمل؟ لما قد يفضي؟ ما هي الوحدة القياسية التي تستطيع مقارنة اداءه عبر عامل الزمن؟ لا شك لدي ان التأمل هو العامل الرئيسي لانتاج الفرضيات و ايديولوجياتها، لذلك اذا استطعنا تفنيد ما نستطيع منه (قوته، قياسه، سببه، تأرجحاته، خلله) ، قد نقترب من الميكانيزم المسير لكل تلك المسرحية الالهية.
26 آذار، 2019-ثورة الثورة 2
التحليل والتركيب وثورية الثورة ٢ في الحقيقة، ما يفعله اي انسان في اية لحظة هو تزاوج بين التحليل والتركيب. الانسان يراقب ويفهم ما حوله، ثم يحاول التأثير في وسطه وفقا لقيمه اي للقيمة التي يحملها للاشياء. انا افضل حرية التعبير اذن ان اصارع من اجل حرية التعبير. لكن هذه الحرية قيمة فكل الناس عندهم حدود لحرية التعبير وهذه الحدود تعبر عن قيمهم. هذه هي معضلة المجتمع البشري فهو يتكون من وحدات مفكرة وفاعلة وليس فقط محكومة بردود الفعل كجزء من آلة. لكن المنظومة الاجتماعية تقوم ايضا على مجموع هذه الافعال الفردية وبالتالي فان القيمة متحول غائب يزول تأثيره بالجمع(هذه النقطة لا تزال بحاجة للبحث والتفكير). انا اتحدث هنا عن المشاريع التغييرية الكبرى مثل الثورات واريد ان اجعل منها عملا واعيا يقوم على اسس نظرية تقبل التحليل والتغيير. اي لا تقوم على الايديولوجيا المقدسة التي لا تتغير. اذن انا اعتبر المجتمع ومرحلة التغيير، بثورة ام بغير ثورة، واقعا واعتبر الايديولوجيا مشروعا للتغيير لكنها مشروع قاصر وغير واع ولا يتغير ويتأقلم مع الظروفويقوم على قيم لا تتغير. نلخص، هناك الواقع والتحليل، وهناك الايديولوجيا والتركيب او التغيير. الايديولوجيا تستند على قيم اكثر من استنادها على تفاعل واع مع الواقع يتأقلم معه. ما يزعجني في الايديولوجيا هي انها احلام لا تتغير بينما الواقع دائم التغير، وانها تحاول تعظيم القيمة maximize او optimize ولا تنتبه الى ان القيمةتنبع من الانسان ولا يمكن تعظيمها في كثير من الاحيان. مثلا نحن نفضل ان يموت بطل القصة دفاعا عن مبادئه بدل ان يغير اهدافه ويستبدلها باهداف ممكنة. الايديولوجيا تقول لك الموت افضل من التأقلم. يتبع
26 آذار، 2019-ثورية الثورة 3
التحليل والتركيب وثورية الثورة ٣ لذلك افضل الفصل بين التحليل والتركيب ما امكن. الفصل مؤقت ويعطيني فرصة فهم الواقع دون محاولة اسقاط قيمي عليه. اي دون محاولة فهم الواقع على ضوء التركيب والايديولوجيا. التحليل الواقعي اساسي لاية عملية تغيير واعية ولا تريد ان اسقطزفي فخ الايديولوجيا والقيم المثالية. والحقيقة هي اننا يقطنا جميعا في فخ التحليل القيمي. اي مفهوم تحليلي يحتوي على قيمة فهو مفهوم غير مجدي من ناحية التحليل وعلى المحلل ان يكون واعيا لذلك. في نقاشنا عن ثورية ثورات الربيع العربي اعتبرنا ان هناك ثورات ثورية وثورات غير ثورية، اي ثورات ذات محتوى تحرري وبالتالي جيدة وثورات ذات محتوى رجعي مضاد وبالتالي سيئة. وحاولت ان اوضح ان كل الثورات او التمردات او الثورات المضادة هي عمليات تغيير ويجب تحليلها بنفس النظرية دون نظر الى جودتها او سوئها اي الى ثوريتها او انعدام ثوريتها. كتب الاخ موريس عايق Morris Keya
مقالة عما سماه بمعضلة ثورات الربيع العربي وهي حسب زعمه ثورية ورجعية في ااوقت نفسه. ما عندي مشكلة بمثل هذه المقولة شرط ان يتم توضيح موقع وطريقة التناقض. وجادل آخرون موريس من منطلق ان مثل هذه المعضلة لا توجد الا في خطاب مؤيدي النظام. وستنشر للاخ حسام الدين درويش غدا مقالة في استحالة الثورة المضادة وفي حتمية ثورية الربيع العربي اذ لا شيء اسوا من الاستبداد، واي شيء ضده فهو جيد بالضرورة.
مقولة موريس مبنية على تعارض صارخ بين الثورة السورية كانقلاب وتغيير نحو الافضل بالضرورة وبين الثقافة الرجعية والمحافظة للمشاكين فيها بحيث لا يعرف صاحب المشروع الحقيقي الجيد للتغيير اذا كان سيشجع الثوري ام الشبيح. ومقولة حسام مبنية على تعارض صارخ بين ان يقوم الانسان بثورة ويتحمل تبعاتها دون ان يمون مؤمنا بنوع ما من التغيير. وبما ان النظام السوري اسوا ما خلقت البشرية فاية ثوة ضده هي بالضرورة جيدة وثورية بما يكفي. يمكن مناقشة المراحل والمشاركين في الثورة السورية ويمكن حتى وصف بعضهم بالمحافظة والرجعية، لكن لا يمكن التشكيك بثورية المرحلة الاولى والمشاركين فيها. بنظري، المقولتان تقومان على تحليل قيمي لسيرورات معقدة مثل الثورات. وتتلاقى المقولتان في ضرورة ان تكون اية ثورة منبعا للتغيير التحرري الجيد وإلا فما الحاجة لها. موريس يشكك في ثورية الربيع العربي وحسام يؤكدها. المقولتان تتلاقيان في ان التحليل يجب ان ياخذ القيمة بعين الاعتبار، الاسلاميون بالنسبة لموريس لا يمثلون نفسا تحرريا، والمتظاهرون الاوائل بالنسبة لحسام منزهون عن الرجعية بسبب تضحياتهم. يتبع
26 آذار، 2019-ثورية الثورة 4
التحليل والتركيب وثورية الثورة ٤ لا اقول بان الاثنين مخطئان. لا احد يجادل بان الفصائل الاسلامية تحمل قيما تحررية من النمط الليبرالي، ولا احد يجادل بان الاسلاميين كانوا مشاركين فاعلين في الثورة السورية منذ البداية. وكذلك لا احد يجادل بان الثورة على نظام شمولي وطائفي وشرس مثل نظام الاسد بحد ذاتها تعطينا املا وهذا بحد ذاته قيمة ايجابية. لكن في الوقت نفسه لا شيء يمنع من قيام دولة على النمط الايراني في سوريا في المستقبل القريب. وكذلك لا شيء يمنع نظام الاسد ان يعود كسابق عهده. كل هذه المقولات قيمية وتحمل قيما سلبية وايجابية في الوقت نفسه حسب المراقب. دولة دينية على النمط الايراني تعتبر جنة بالنسبة للاسلاميين وجهنم بالنسبة للعلمانيين والاقليات الدينية. نطام الاسد لا ينقصه المستفيدون منه كما لا يمكن اخفاء مئات الآلاف من ضحاياه. وبالطبع اذا اخترنا المرحلة والمشاركين بعناية فيمكن ان نبرر اي تحليل قيمي. بعض الشبيحة قد يكونوا اصحاب بسط وبعض الثورجيين قد يكونوا من قطاعين الرؤوس. كيف نخرج اذن من هذا المستنقع التحليلي، خاصة وان بعض. الردود على مقالة موريس اصبحت متشنجة وعابت على موقع يساري مثل الجمهورية نشر مثل هذه المقالة. بالنسبة لي ما يجري هو محاكم تفتيش حيث الثورة تواجه الثورة المضادة والمؤمنون يواجهون الكفرة والمعارضون الحقيقيون يواجهون المؤيدين المتنكرين. اذا كنا نتحدث عن جماعتنا وجماعتهم فلم لا من يستطيع اليها سبيلا فليرمه بحجرة. لكنا اذا كنا نتحدث عن تحليل واقعي غير قيمي نستطيع استخدامه من اجل التركيب الواعي، فان النقاش اصبح عقيما. اصلا لا احد يتوقع من مثقفين ان يتفقوا على راي. دعونا من الثورة والثورية والتحرر والرجعية وكل تلك المصطلحات القيمية الايديولوجية غير المجدية. اننا نحتاج الىطلحات محايدة غير قيمية. يتبع
حسام الدين درويش منذ قليل كتبت منشورًا جاء فيه من وجهة نظري، لا قيمة معرفية (كبيرة) لمثل هذه الدراسات، فهي تفتقر للموضوعية، لمحاولتها أن تكون حيادية أحيانًا/ غالبًا، ولأنها لا تستطيع ان تكون حيادية وموضوعية أحيانًا أخرى. ....................... أعتقد أنه، في مثل هذه السياقات والمواضيع، لا مجال لوصف دون تقييم ولا لمعرفة محضة دون أخلاق ...إلخ. ما ينبغي لنا فعله هو أن نعي الافتراضات والمتضمنات والأبعاد والنتائج الأخلاقية الموجودة مسبقًا في خطابنا، وأن نفكر فيها ونننظمها بطريقة تناسبنا. كما ينبغي لنا أن نحاول ألا ننزلق إلى أخلاقويةٍ لا ترى إلا القيمة وتتناقض تناقضًا غير ضروريٍّ ولا مفيدٍ مع الموضوعية والمعقولية والدقة المعرفية. يسلمو على الملاحظات المفيدة والمثيرة للتفكير. تحياتي
Ahmad Nazir Atassi حسام الدين درويش هو رايي فيه هيك شي. صعب التحليل الحيادي. بينما التقييم البحت ليس تحليلا بل ايديولوجيا. لكني اطرح فكرة ام معرفة التوليفة الجيدة ليست سرا وسحرا انها ممكنة واقتراحي هو اعتناق التركيب لكن بعد صيام عنه الى حين الحصول على تحليل واقعي والمؤسر هو الخطاب القيمي
حسام الدين درويش Ahmad Nazir Atassi لا يمكن، والأمر ليس خاضعًا للإرادة، وذات الباحث، الأمر متعلق بطبيعة المسائل وباللغة ذاتها. اللغة الطبيعية تتضمن تقييمًا بالضرورة في معظم السياقات عمومًا وفي هكذا سياقات ومواضيع خصوصًا. لذا بدلًا من السير على خطى توم كروز في إنجاز المهمات المستحيلة، أرى ضرورة فهم أن نعي الوضع وأن نحاول مناقشة البعد المعياري وضبطه قدر المستطاع.
Ahmad Nazir Atassi حسام الدين درويش انت عم تضرب لي اساسياتي الانكلوساكسونية البيكونية وعم تقول لي الدين وراءك يا ولدي لا مفر
حسام الدين درويش انت عم تضرب لي اساسياتي الانكلوساكسونية البيكونية وعم تقول لي الدين وراءك يا ولدي لا مفر
Salah Alrifai طريف جدا بالنسبة لي ان اسألكما سؤالا يتضمن عدة اسئلة و الاطرف هو ان تجاوباني بكل صدق و تفهم بأن اسئلتي ودية و بريئة تماما: هل يستظيع كل منكما ان يحدد بالنسبة المئوية مدى فهمه لكلام الاخر من اول قراءة؟ ما هو نسبة احتياج كل منكما على اعادة قراءة كلام الاخر؟ بعد اكتمال قراءة احدكم لنص الاخر و انجاز عملية التفهم، ما هو قيمة الجزء المتبقي غامضا بالعادة كنسبة مئوية؟ و كي اشجعكما على الاجابة و لتشعرا بسبب السؤال سأجاوب بنفسي على الاسئلة: افهم حوالي ٨٠ بالمائة من كلام الصديق احمد من اول مرة و حوالي ٨٥ من كلام الصديق حسام. لم استطع ان افهم من اول مرة .... ولا مرة لكليكما بعد استكمال (الاستقراء) افهم من احمد ٩٥ بالمائة، اما من الصديق حسام ٩٠ بالمائة. الغريب انه يبقى لدي مساحة مبهمة من الفكرة و هذا سبب سؤالي الرئيسي، هل هذا يحصل معكما ايضا؟ المقارنة لها علاقة بأن اطمئن انني بعيد عن الزهايمر ما زلت.
حسام الدين درويش Salah Alrifai الأمر مختلف بين منشور أو تعليق وآخر وبين موضوع أو سياق وآخر. وسأعطيك مثالين: لم أجد أي مشكلة أو صعوبة في فهم هذا المنشور وفي فهم التعليقات المتبادلة. في المقابل وفي سياق آخر طلبت من الصديق أحمد أن يعطيني انطباعاته عن مقال كتبته، وقد كتب لي بضعة أسطر مشكورًا، وعلى الرغم من أن الجمل مفهومة والمعاني الأوليه لها مفهومة أيضًا إلا أنني لم أستطع أن أفهم كيف أمكنه التوصل إلى كتابة هذه الجمل عن المقال، ولا أين يمكنني أن أجد في المقال الأفكار التي يتحدث عنها ولا كيف يمكنني تجنب الانتقادات التي يتضمنها كلامه. وهذه حالة فهم/ سوء فهم كبيرة هنا. (هو لا يعرف ذلك، لأنه لم يكن هناك مجال للنقاش في هذا الخصوص) وهكذا يمكنك ان تلاحظ أن الأمر يتراوح بين الفهم (شبه) الكامل وعدم الفهم (شبه) الكامل أيضًا. لكن وجود مساحة مبهمة أمر موجود لدي دائمًا وفي كل السياقات والمواضيع ومع كل الأشخاص تقريبًا. تحياتي
حسام الدين درويش القسم الأول مفهوم بالنسبة لي عمومًا لكن هناك أكثر من ملاحظة في هذا الخصوص. 1- يستعمل نظير مصطلحات التحليل والتركيب بمعنى خاص به، ولا ضير في ذلك، وفي الاستعمال معقولية، لكن على القارئ الانتباه إلى ذلك في قراءته وفهمه. 2- يستعمل نظير بعض المصطلحات بطريقة غير واضحة ولا مضبوطة (فالأيديولوجيا يبدو مرة مفهومًا وصفيًّا لا معياريًّا ومرة مفهومًا معياريًّا سلبيًّا، ومرة يبدو ضرورة ومرة يبدو خيارًا إلخ) ويمكن لذلك أن يعرقل الفهم. 3-في المنشور يتحدث نظير أحيانًا بعمومية وهنا يكون مفهومًا بعمومية أيضًا لكن قد يكون هناك صعوبة في تحديد الحالات الجزئية أو المتعينة التي يمكن أن تنطبق عليها هذه العمومية، كما يحيل أحيانًا على أمثلة وتطبيقات ما بدون تحديدها بدقة وهذا قد يعرقل عملية الفهم أيضًا. أظن أن أجابتي هي أيضًا لا إجابة بمعنى ما، لكن أحاول أن أقول ما لدي قدر المستطاع.
Salah Alrifai بالعكس، هذه الاجابة بالذات هي ما ارغب بسماعه، شرحت ما حصل معي بالضبط و بحرفية مذهلة، حريف (استقراء) اقل ما يمكن ان يقال عنك.
Ahmad Nazir Atassi Salah Alrifai صلاح ما ذكرته شيء طبيعي اولا مساحة الكتابة على الفيسبوك ضيقة ثانيا، المصطلحات غير مشتركة لان كل واحد ياتي من مجال اكاديمي مختلف ثالثا، قد يستخدم الكاتب مقولة يعتبرها بديهية بينما القارئ يعتبرها مسألة راي ووجهة نظر وغير بديهية رابعا، كثير من المصطلحات التي استخدمها اما من اختراعي او مترجمة عن الهندسة والرياضيات في حين ان مصطلحات حسام فلسفية خامسا، القارئ المطلع والمتعمق في مجال ما، مثلا معه دكتوراه، يمكنه ان يلتقط مجموعة من الكلمات المفتاحية وان يستحضر النموذج النظري الذي يعرفه والذي يستخدم هذه المفاهيم والمصطلحات. اذا حصل تطابق فعلي بين نموذج الكاتب النظري ونموذج القارئ فان عملية الفهم تصبح اسرع. اما اذا كان النموذجان مختلفين فسينتج كثير من سوء التفاهم. لكن غالبا سعة الاطلاع والتخصص تجعل القارئ قادرا على موضعة المقالة ضمن خارطة المعارف الواسعة وخارطة المدارس النظرية الاساسية. اما بالنسبة للقارئ الجديد على مجال الحديث فانه بحاجة الى بناء المفاهيم من الصفر وهذا ما لا تتيحه المقالة. سادسا، لا اتوقع من اي معلق ان يكون رده شاملا وعميقا فالمساحة لا تكفي. ولذلك فاني ارحب بالتعليقات الجزئية مهما كانت. سابعا، لا يوجد قارئ مخطئ مئة بالمئة، لان الكتابة مجرد وسيلة نقل افكار وهي وسيلة غير مثالية وتفسح المجال واسعا لتوارد الخواطر وسوء التفاهم. لكن سوء التفاهم هذا بحد ذاته معلومة مفيدة. انا ككاتب اكون مغرورا لو اعتقدت ان كتاباتي واضحة جلية، ومغرورا اكثر لو اعتقدت اني قادر على التعبير بينما القارئ غير قادر على الفهم. متى ما خرجت المقالة من تحت القلم اصبحت عائمة في فضاء خارجي ومفتوح، وليس من الحصيف ان يستميت الكاتب في شدها الى مرساة ثابتة. اي تفسير يعطيه القارى هو تفسير ممكن حتى ولو لم يفكر فيه الكاتب. اخيرا، انا وحسام مهنتنا التدريس وبالتالي مهنتنا هي الملام والقراءة والشرح والفهم والتلخيص والموضعة والنقد وقبول النقد وسوء الفهم. وفي الحقيقة المعلم يتعلم من مهنة التدريس اضعاف ما يتعلمه الطالب، وهذا يعطي انطباعا باننا قادران على القراءة السريعة والفهم السريع اكثر من غير المدرسين. كذلك دخلت مع حسام في نقاشات كثيرة واعرف بعض منطلقاته النظرية وهو يعرف منطلقاتي، وبالتالي فان كثير من الاسئلة في القراءة تحصل على جواب سريع. بالطبع لا افهم كل فكرة وكلمة
حسام الدين درويش Ahmad Nazir Atassi فهمت عليك ومتفق معك 🙂. بس بتمنى منك تراجع معرفتك عني وعن بعض منطلقاتي وتتاأنى في أحكامك عني قبل إطلاقها، 🙂 ليس لأنني أعتقد أنها غير دقيقة أحيانا، وبالتالي هي تقودك إلى سوء أو عدم فهم بعض ما أقوله، وإنما أيضا لأنه يتم تبنيها/ نقلها من الآخرين لأسباب وغايات متعددة، وبالتالي تكون سببا من أسباب سوء أو عدم الفهم أو عدم التفاهم. على سبيل المثال أنا لا أقول إن الثورة، بوصفها حدثا، مستمرة، لكني أقول إن نتائج الثورة لم تنتهِ بعد. وأنت تعلم أنه على العكس من نظرية الفعل، تتناول نظرية أو نظرة التاريخ نتائج الفعل/ الحدث وليس وقوع الحدث ونتائجه فقط. كل الود والتقدير دائما
26 آذار، 2019-ثورية الثورة 5
التحليل والتركيب وثورية الثورة ٥ المنظومات الاجتماعية بالنسبة للمراقب لا تحمل اية قيمة. القيمة دائما يحملها المشارك المنخرط. هذا يعني انه لا توجد منظومة اجتماعية جيدة ولا توجد منظومة اجتماعية سيئة. طبعا اذا كنت اسلامي فانت تبحث عن مجتمع الصحابة وتركيا اردوغان اسد السنة بانتظارك. واذا كنت اقلوي علماني وتحب ممارسة ثقافتك المميزة فوق كل شيء فالاسد ليس بالخيار السيء لك او يمكنك ان تذهب الى الغرب وتصبح يميني يكره المهاجرين. واذا كنت تحرريا ليبراليا متعصبا فعليك بالغرب والانخراط به . واذا كنت يساريا اشتراكيا فلا دواء لك عندي الا جماعة الستر الصفراء وجماعة احتلال الوول ستريت. هذا تمثيل كاريكاتوري لكن الايديولوجيا وهوسها بالقيمة لا تبتعد كثيرا عن هذا التمثيل الاختزالي. المنظومات الاجتماعية قد تصبح مأزومة وقد يتفتت العقد الاجتماعي ضمنها وتنفجر على نفسها، هذا ما نسميه عادة بالثورة. هذا الانفجار هو اول مرحلة في التغيير. وهذا الانفجار لا يحدث دون فئات حاملة له كمشروع. قد يحدث الانفجار ويدخل المجتمع في صراع شديد قد يؤدي الى حرب تدميرية. طبعا هناك سيناريوهات متعددة لكن هنا اناقش الانفجار العنيف بغرض التغيير . الانفجار او الثورة لا يحملان اية قيمة بحد ذاتهما. اي بالنسبة للمراقب المحايد الانفجار ليسسيئا وليس جيدا، انه مجرد اعلان جعن استحالة استمرار المنظومة المأزومة. وهنا يتساوى الثورجيون التحرريون والثورجيون الاسلاميون والارهابيون والمتطرفون والاناركيون والجهاديون والشيوعيون والقوميون. كلهم حالات انفجارية في منظومات مأزومة. ان ما يجعل من الصعب تحليل ظواهر مثل الجهاديين والمتطرفين البيض هو اننا ننفي عنهم صفة الثورية ونعتبرهم حالات انفجارية خاصة لانها مؤذية او شديدة العنف. وعندها نعتبر ان ادوات تحليل الشيوعية والاناركية والفاشية وغيرها من الايدولوجيات الاوروبية خاصة ولا تعمل في حالات ايضا خاصة مثل حالات الاسلامويين والجهاديين والمتطرفين. اؤكد هنا ان الادوات التحليلية نفسها تنطبق على الجميع فكلهم حالات انفجارية في منظومات مازومة. الخطأ الذي نقع فيه هو اعتبار القيمة جزءا من التحليل. من ناحية قيمية، وحسب المراقب، فان الاسلاموي والشيوعي لا يلتقيان. لكن ودون القيمة فانهما ظاهرتان متشابهتان اشد التشابه. مثال قاسي لكن شديد الوضوح عن التحليل القيمي وصعوبة الق بتحليل دون قيمة هو الدين. لايمكن للدين ان يرى اية ظاهرة دون ان يرى قيمتها. القرآن مثلا كتاب تحليل وتركيب معا وهو قيمي بامتياز. لا توجد معارضة في القرآن ، يوجد فقط كفار ومؤمنون. نقاشنا عن ثورية الثورة نقاش قرآني.
حسام الدين درويش إعجاب كبير عمومًا واختلاف لا يقل حجمًا ... سلامات
حسام الدين درويش إعجاب كبير عمومًا واختلاف لا يقل حجمًا ... سلامات
Ahmad Nazir Atassi Oussama Al-chami اسامة انت فهمتها صح. كل ما اقوله هو ان التحليل المحايد والواقعي يجب ان يبتعد عن القيمة. ما سميته انت الملائمة للحياة انا اسميه تركيب او تحكم بلغة الهندسة واحاول فصله عن التحليل حتى لا نقع في الايديولوجيا والتمني والتحليل القائم على فرض النظرية على الواقع لان النظرية تكري القيمة التي نحبها. انها عملية توقيت وليست نفيا للقيم
Oussama Al-chami Ahmad Nazir Atassi فهمت عليك يا صاحبي إنك تقوم بإجراء معالجة بخطوات، إنت تسميه توقيت، المشكلة عندي إن القيمة التي يحملها المنظومة هي التي تحدد من أي فئة ينتمي. إي إن منظومة فئة ألف وفئة باء ليستا ذات الفئة إذا لم ننظر للقيمة. وإلا يتساوى كل شيئ. بديهيا إننا نعالج مجموعات، ومتفقين إن القيمة يجب تأخيره في المعالجة حتى نعرف المنظومة بشكل منهجي. وهنا تجاوزت مرحلة هامة، إن القيمة هي التي تشكل المجموعة وليس المجموعة التي تختار قيمة. في خطوات دراستك حذفت مرحلة كاملة. وهي مرحلة تشكل المنظومة الاجتماعية. إذا أضفت هذه المرحلة سيكون لأيمكن إن نفهم منظومة إجتماعية مالم نفهم قيمها. وعندما حذفتها تساوى كل شيئ بسبب غياب الفئة في مرحلة ماقبل إضافة القيمة.
Ahmad Nazir Atassi Oussama Al-chami انت تخلط بين الجماعة والمنظومة. المنظومة فيها عدة جماعات متصارعة ويمكن ان تكون قيمهم متضاربة. المنظومة علاقات وليست اهداف لمشروع
Ahmad Nazir Atassi Oussama Al-chami اسف كلامي الاخير يمكن غلط. ما اعنيه هو ان اي شيء في الكون لا يحمل قيمة بحد ذاته، يعني مثلا التفاحة لوحدها ليست سيئة او جيدة. القيمة تتولد من التفاعل والعلاقات كما قلت انت.يعني المنظومة تخلق القيمة داخلها. لكن اذا اعتبرنا المنظومة لوحدها فهي لا سيئة ولا جيدة. ما اقوله هو اننا اذا اردنا ان نفهم عمل المنظومة يجب ان نبتعد عن التقييم. بالطبع كدارس للعلاقات بين الفواعل انت تاخذ القيمة التي يخترعونها بعين الاعتبار كمتحول من المتحولات، لكنك كمحلل لا يجب ان تقيم المتحولات. الفاعلون فقط يقيمونها. كباحث كيميائي لا اقول هذه الذرة جيدة وهذه شريرة والا فلن افهم التفاعل. لكن الكائن الذي يعيش على سطح الذرة لا بد ان يكون عنده تقييم لكل الذرات
Oussama Al-chami Ahmad Nazir Atassi تطبيق المنهج الابستومولوجي طبعا يقتضي عدم إدخال إي من عواطفنا أو احكامنا في الموضوع الذي ندرسه. وأنا لم أقل هذا فما أسلفت. إي قيمة من قيمنا ندخلها أو نسقطها على ما ندرس نخرج تماما من الابستومولوجيا. لكن القيمة التي يحملها أعضاء المجموعة هي التي تحدد انتمائهم لها. وهي المعيار في تحديد المجموعة وهي المعيار في صلاحية منظومة. يجب أن نلجم عواطفنا عندما نحلل ونركب. ومقالك كيف تتصرف ذرة البوتاسيوم مثلا بعيد عن المنظومة المدروسة. ذرة البوتاسيوم لا تختار. لها التصرف ذاته في ذات الظروف وبكل زمان ومكان. في المنظومة التي تدرسها، العنصر يختار ويمكن اختياره إن يكون متغيىرا وقلقا. فهل يصلح نموذج الذرة لدراسة نموذج المنظومة البشرية.. طبعا لا يصلح. ابستومولوجيا يجب على النسق المنطقي أن يمثل تماما ما ندرسه وإلا نصبح متولي شعراوي في علم الاجتماع.
26 آذار، 2019-ثورية الثورة 6
التحليل والتركيب وثورية الثورة ٦ لا اعتراض على القرآن والتحليل القيمي لكنه قد يدخلنا في دوامة من التطهير وبارانويا الثورة المضادة. شخصيا لا احسب اشخاصا مثل ماكسيميليان روبسبيير، بطل الثورة الفرنسية والذي لا يزال مشهورا في فرنسا بلقبه uncorruptible اي الذي لا يمكن افساده رغم انه مسؤول عن ثلاثين ألف ضحية للمقصلة ومات هو ايضا بها. باعتبار الثورة انفجارا وباعتبار ان لها حامل اجتماعي وباعتبار انها سيرورة تاريخية فان فيها كثير من المتناقضات او بعبترة اخرى كثيرا من الفرص. ليس تناقضا ان يثور اسلامي محافظ ضد نظام مازرومًمثل نظام الاسد، وليس تناقضا ان تظهر فصائل جهادية تطالب بدولة دينية، وليس تناقضا ان يقف اقلويون مع الاسد او ان يقف معه نصف من يتماهون مهع هوية دينية سنية. الانفجارات او الثورات غير التحررية ممكنة والثورات التحررية ممكنة ايضا وتقومان بنفس الممارسات وتمران بنفس المراحل. السرديات الطهرانية عن الثورة المؤزرة او الثورة المضادة هي ايديولوجيات اختزالية ورغائبية ولا تعبر الا عن احلام وليس تحليل واقعي. الان، اذا اردنا الدخول بعملية تركيب واعية لدفع التغيير باتجاه معين فمن الممكن الحديث عن قيمة، لكنها يجب ان تكون متغيرة ومتأقلمة وحتى ثانوية. كموقف اولي، وكمصمم تدخلات تسعى الى التغيير الواعي، لايهمني من اية ثورة او انفجار الا التدمير. هناك منظومات اجتماعية واقتصادية وسياسية مازومة ويجب ان تتفكك. وهنا لا يمكنني ان اتحدث عن معضلة مستحيلة وانما عن واقع يمكننني او لا يمكنني التعامل معه او قبوله والتأقلم معه. ان عملية التغيير الواعي سيرورة صعبة من التأقلم والاعتراف بالواقع والايمان بالقدرة على التأثير فيه. ما فعلته هنا هو اني اخذت الايديولوجيا وسحبتها من المعادلة ثم قولبتها ثم اعدتها بحيث لا تكون الحاكم المطلق.
12 نيسان 2019، فيما بعد التنظير - التركيب
فيما بعد التنظير، أو ما أسميه التركيب (عكس التحليل) في تعقليق له على بوست طويل عن الثورات العربية أعاد نشره الصديق حسام الدين درويش، سأل الأستاذ خالد السباعي :Khalid Sibai: "ويبقى السؤال الفكري الجوهري كتحد لنا , متى ننتقل من التنظير الى العمل , في هذا العصر المعولم ؟ كي نثبت جودنا و ولا نخرج من التاريخ ؟ " وهو هنا يتفق مع قولي: " أليس ممكناً أن منطلقاتنا وأهدافنا حدية وعامة وشاملة وأزلية بينما يجب أن تكون أهدافنا جزئية ومرحلية ومحددة ومؤقتة." لكنه يتساءل عن ماهية هذه الحلول. فجرى الحوار التالي. جوابي نقد الاستاذ السباعي في محله. لكن المساحة لا تتسع لنقد وحلول في نفس الوقت. طبعاً هذا تعقيب كلاسيكي يمكن بسهولة ترجمته إلى (قفشتني، أنا فعلاً لا أملك أية حلول). لكن عندي أكثر من مجرد "الحلول الجزئية والمرحلية والمحددة والمؤقتة". وعندي أكثر من مجرد "البراجماتية". لا أعتقد بأن الحلول كما وصفتها تفرضها استحالة الحلول العامة والشاملة والدائمة، وإنما تفرضها طبيعة الأزمة. ليس خياري هذا من باب الضعب وقلة الحيلة وإنما من طريقتي في فهم الازمة. لا نحن ولا معارضة الإئتلاف ولا روسيا ولا أوروبا ولا إيران ولا الاسد عندهم الحلول الشاملة والعامة والدائمة. التوازنات الدولية قلقة والبنية التحتية مهدمة ومؤسسات الدولة هشة والمصالح متضاربة والأموال معدومة واليد العاملة والخبرات قليلة. هذا وضع كارثي حتى في حالات السلم. اليوم لا يخاف الناس في سوريا من المخابرات فقط بل من الجريمة والخطف والقتل العشوائي. ولا يمنع الناس من العودة والإعمار تعنت النظام فقط، بل أيضاً الصراعات الداخلية ضمن النظام ونفوذ الدول الأجنبية داخل سوريا واستمرار ما سمي باقتصاد الحرب أو عقلية الحرب في الإقتصاد. أية محاولة لضخ المال والجهد والخبرات ستضيع هباءاً في مثل هذا الجو، ومن هنا جاء طرح الجزئية والمرحلية والمحدودية وقصر الأمد، لأننا بحاجة إلى مراقبة دائمة وتغذية راجعة وتجارب صغيرة ومراكمة طويلة الامد. لكن تبقى هذه المبادئ مجرد تكتيكات من دون مشروع تنفيذي. المشاريع كثيرة لكن ليس لها حوامل اجتماعية وتقع دائماً فريسة لصراع النخب على النفوذ والبقاء. ومن هنا جاء اهتمامي بالتخطيط والتكتيك والتدخل تصميمها على اسس متينة. بالإضافة إلى التكتيكات المطروحة فإني أطرح مجالات الإهتمام التالية: القطاع الخاص المحلي، اللامركزية الإدارية، الإقتصاد المحلي، المجتمع المدني، الشراكة بين الإقتصاد والمنصات المطلبية، واستغلال تضارب المصالح. سوريا فقيرة في مواردها لكنها عقدة جيوسياسية شديدة الأهمية. الأعداء والأصدقاء كلهم على ارض سوريا، وكلهم متورطون، وفي هذا نقطة ضعف ونقطة قوة ايضاً. هذا كله كلام في الإقتصاد والحوكمة المحلية فاين الحديث عن النظام والدولة والحقوق. في الوقت الحاضر، يجب تجاهل السياسة والسلطة المركزية والدستور وصراع الأحزاب ومؤسسات الدولة المركزية. كل شيء مركزي الآن سيعيدنا إلى الصراع المستميت على الدولة ولن ينجح. في الحقيقة الثورة كتدمير حققت مهمتها، وقضت على أسطورة النظام الشرس الذي لا يقهر. هناك مستويات كثيرة من السلطة لم يعد النظام قادراً على السيطرة عليها وكلها محلية. النظام يصارع من أجل بقائه على راس الدولة، ولم تعد عنده الإمكانات المادية والبشرية ليحكم كل شبر وكل شيء كما كان. وكل فراغ يفقده النظام علينا أن نملأه ببنيات موازية للدولة، اي انها تشغل الإقتصاد وتدعم الحكم المحلي وتقدم الخدمة الاساسية دون تدخل الدولة المركزية. الجميع يعتقد أن هذا غير ممكن بسبب شراسة النظام وتعنته. والحقيقة أن النظام مفتت وغير قادر، نعم شرس، لكن غير قادر على ملء كل الفراغات. العقوبات والأزمة الإقتصادية والدمار الذي جلبه على نفسه وعلى البلد جعل النظام مشلولاً والإقتصاد عاجزا وستزداد الحال سوءاً إلى درجة المجاعة والحرب الأهلية الثانية لكن بين أطراف النظام نفسه. قد تكون هذه الحالة هي الانسب للتدخل وملء الفراغ. هناك رساميل كثيرة وهناك رغبة روسية في الضغط على الاسد الذي حالف إيران وهناك رغبة أمريكية في طرد إيران وهناك، وهذا الأهم، إنقسام داخل نخبة النظام إلى معسكرين أحدهما تدعمه روسيا والآخر تدعمه إيران، وهذه نقطة يجب أخذها بالإعتبار. إذا اردنا الجزئية والمرحلية والأمد القصير والمحدودية فعلينا أن نقبل بما يسمى التقدم اللولبي نحو الأهداف وليس التقدم الخطي الواضح، وعلينا أن نستغل كل الفرص ودون هوادة. قد يبدو ذلك مكيافيلياً، لكن في غياب القانون لا توجد إلا الشراكات والإتفاقات والمصالح. حتى الاخلاق لا معنى عملي لها لأن تطبيقها يخضع للإستقرار وللقانون وللتعاضد المجتمعي. لكن المبدئي والاساسي والواعد هو ضرورة تجميع السوريين وتاطيرهم في تجمعات مصلحية وخلق أهداف صغيرة مشتركة وممارسة الوحدة والتعاون على نطاق ضيق. التجمع والمأسسة والأهداف الصغيرة (وليس المطالب الكبيرة) والتركيز على المحلي (وليس المركزي). خالد السباعي طبعا كل هذه الامال لن تتحقق بهذا الجو القلق . لذا رأيت الحل . لملء الفراغ بالتحالف مع المعسكر الروسي . رغم قولك ان هناك رساميل روسية وغير روسية في الضغط على الاسد ورغبة امريكية ضد ايران . وهنا لا بد من طرح السؤال : لماذا تنادي بالتحاف مع الروس وليس مع الامريكان ؟ لانك لم تقدم اي تفسير لموقفك هذا ؟ رغم ان كل سياسي يدرك ان اجرام الروس لا يقل عن اجرام الاسد بتدمير البنية التحتية والتهجير الخ و _ يدرك _ ان كل الدول الاقليمية والكبرى _ حتى روسيا , امريكا غضت الطرف عن تدخل روسيا وايران منذ السنة الاولى . وفي عام 2015 سمحت لروسيا بالتدخل رسميا في " اتفاقية كيري . لافروف _ هي " دمى " تحركها السياسة الامريكية واسرائيل معها من وراء ستار . " بالكونترول " حسب مبادئ " الحرب الرابعة " . لذا , ارى ان الاعتماد على " التكتيك " وحده لن يؤدي الى انقاذ سوريا , دون ان يتخذ موضعا له ضمن رؤية استشرافية استراتيجية " سورية ثورية " تكون " مقبولة دوليا .". والا قد يصبح _ التكتيك _ " ملهاة " بين الاطراف المتصارعة الموالية والمعارضة . واستنزاف لدماء شبابنا . كما حدث خلال 8 سنوات. جوابي كلامك صحيح. لماذا التعامل مع الروس وهم شركاء في قتل. ولماذا لا نتعاون مع امريكا مثلا. هذه القناعة لم تتولد بايام وانما بسنوات من المحاولة والمراقبة. امريكا لا تريد ان تلعب اي دور عملي مشارك في اعمار سوريا. دورها فقط تعطيل المشاريع التي لا تناسبها والانتظار. نعم هم استفادوا من الروس في تحقيق اتفاق كيري لافروف وبالتالي فروسيا فاعل حقيقي ومستعد ان يؤجر خدماته. الروس مستثمرون في الحالات المستعصية. يتدخلون بسلاحهم المتفوق، يقصفون ويدمرون، ثم يعيدون بناء الهيكل العام للدولة ويبيعون مقاطعات للمستثمرين. في حالة سوريا عندك مستنقع من القاذورات والدمار واذا اردت تحقيق اي شيء فيجب ان تعرف خياراتك واحتمالاتك وشركاءك وادواتك. الهدف ليس انشاء دولة الآن وانما انشاء نواة يمكنها ان تعيش وتتوسع. نظرنا الى كيفية تعامل الفصائل واهالي المناطق المستعادة مع واقعهم الجديد ووجدنا انهم فضلوا التعامل مع الروس على التعامل مع النظام رغم ان الروس كانوا الذين يقصفونهم. لماذا اذن وما هو السر؟ ليس سرا، الروس مجرد قوة شرسة لكنها لا تحمل اي موقف مبدئي تجاه من تقصفهم. واذا استسلموا فانها تحترم شروط الاستسلام. تماما عكس النظام. او، الروس لا يطلبون العبودية وبوس صباط الرئيس بل يطلبون التعاون معهم في فرقهم العسكرية ومشاريعهم. الروس عندهم مشروع بناء هياكل ومؤسسات حتى ولو اضطروا للقضاء على النظام، وهم فعلا يمتصون مؤسساته شيئا فشيئا. نعم قد يسيطرون على الدولة لكنهم يسمحون بالاعمار وعودة اللاجئين واللامركزية الادارية ويريدون فتح البلد للاستثمار الاوروبي شرط ان ياخذوا حصتهم. هذا يعني انه يمكن التخلص من نظام طائفي مركزي واستبداله بدولة تحب المصاري وتتخلى عن كثير من ادوارها للقطاع الخاص والحكم المحلي. في حالتنا، هذا اقصى ما يمكن ان تحلم به ويمكن اعتباره نواة لمرحلة العشرين سنة القادمة. ولا تنسى اهم شيء عودة المهجرين واعمار بمصاري سورية وتمكين للحكم المحلي. اما الدولة المركزية فانساها حاليا فان وراءها مئات الصيادين. نقطة اخرى هامة جدا. انت تكلمت عن رؤية استشرافية لسوريا ثورية جديدة. اعتقد اننا اصبحنا نعرف تماما اليوم ان المجتمع الدولي رفض هذا الخيار من البداية وفضل اضعاف الاسد وابقاءه. هذا ما نتعامل معه الان. كما قلت انت في مستنقع فماذا يمكنك ان تحقق خال السباعي يبقى حديثك هذا عن الدور الروسي واهميته بتفضيله على الدور الامريكي برأيي وجهة نظر جدلية لا حل لها . ورأيي : ان الروس غير قادرين على الاعمار لوحدهم لكلفته الكبيرة دون الاستعانة بالمال الاوروبي والخليجي الخ اذن يبقى الحل الروسي " مشروط ومقيد اليدين . لانه في الحقيقة دوره " كومبارس " درجة اولى بين باقي الدول الاقليمية والدولية بنظر السياسية الامريكية الاستراتيجية بمنطقتنا . وهي التي تمنحه الدور الذي ترغب به حسب رؤيتها ورغبتها تلبية لمصالحها بالمنطقة . هذه وجهة نظري ايضا . مقابل رأيك . :: اما الرد على ردك الثاني " مذا يمكننا ان نحقق لمستقبل سوريا ؟ طبعا الحل يجب ان يكون خارج عن المألوف كليا من حلول تفليدية منشرة في السياسة والفيسوك . جوهر يهدف الى اقامة سلام دائم بالمنطقة حتى مع العدو . حسب مبدأ : في السياية لا صديق دائم ولا عدو دائم . وان " المصالح المتبادلة " هي المعيار للطرفين . بين الدول . والاقوى يحصل على ما يريد والاضعف يخرج باقل الخسائر . هذا الحل البرجماتي هو الذي تسير عليه كل الدول .ويكغينا 70 سنة من الهزائم والتردي نحو الاسوأ . وعلينا ان نخترق التابو الرابع وهو الحوار بصدق مع عدونا على مستقبل المنطقة . لا ان نعلن شيئا ثم نبطن شيئا آخر . وصدق " النية " مطلوب من الطرفين معا . وهنا ارى ان حل قصيتنا مرتبط " جوهريا " بحل القضية الفلسطينية ايضا .لان قضيتنا هي بالاصل نتيجة للصراع الفلسطيني العربي الاسرائيلي . وشكرا ردي روسيا اكيد ما معها مصاري للاعمار. انا ذكرت انها تريد بيع سوريا للاستثمارات الاوروبية. لا يوجد حل روسي، اعتقد اني لم اوضح كلامي. الروس عندهم شيء يمكن ان ينفعنا وهو انهم يبنون دولة موازية. عدا ذلك فلا امل منهم في الاعمار. اما الحوار مع اسرائيل فانت على حق وقد استفسرت عن الموضوع وقابلت سريعا باحثين اسرائيليين في اثناء مؤتمر في امريكا. يبدو ان السياسة الاسرائيلية في ورطة داخلية والاسد مناسب لهم ويريدونه. يمكن بس متضايقين من ايران. بس ايران بتنشرى متلها متل غيرها. الا ترى معي اننا في مستنقع نتن ما فيه شيء جيد
12 نيسان 2019، تصميم التركيب للتدخل
وضعت البوست الاخير عن تصميم تدخل في سوريا وهو ما اسميه التركيب لاطرح الفكرة التالية: نتناقش يوميا وفي مواضيع هامة ونستخدم نظريات تعلمناها من اختصاصات اكاديمية مختلفة او من قراءات واسعة فيتلك المجالات. وهذه النقاشات غالبا نظرية وتحليلية، فمثلا ناقشنا مفهوم الثورات والثورية، مفهوم التقدم، مفهوم الترييف، تجربة المجالس المحلية، المقارنة بين سوريا والسودان او الجزائر، العلوية السياسية، الاسلام السياسي، الثقافوية، الاستبداد، الطائفية وغيرها. وكاها مواضيع محورية في اي تحليل للوضع السوري الان وفي الماضي القريب. واختلفنا في وجهات النظر. طبعا الاختلاف في العلوم الاجتماعية يعتبر من اساسيات هذا الفضاء المعرفي، ودائما ننصح طلاب هذا المجال ان يبتعدوا عن احتكار الحقيقة. لكن هذا لا يعفينا من اسئلة مثل ١. لماذا هذه النظرية وليس تلك، وكيف نجمع عدة نظريات لشرح ظاهرة واحدة ٢. كيف ننطلق من نظرية ما عامة الى اسقاطها على حالة محددة ٣. هل تشرح النظرية المستخدمة كل اوجه الظاهرة التي نحللها، وكيف نعرف ذلك ٤. كيف يمكن ان ننتقل من التحليل الى تصميم او تركيب تدخل مباشر في الظاهرة التي ندرسها من اجل توجيهها في وجهة نريدها، اي التحكم. بالمختصر المفيد، كيف ننتقل من التحليل الى التركيب او التصمم او التحكم او التأثير على الواقع. عندما نقول مثلا ان الازمة السورية محكومة بفكرة الطائفية ، فهل وصفنا الحالة في كل انحاء سوريا وعبر فترة زمنية من عقدين، ام ان هناك عوامل اخرى. وما هي اهمية العوامل الاخرى. واذا قلنا اننا نريد استخدام التحليل الماركسي في تحليل الحالة السورية فهل النظرية تشرح كل الجوانب وماهي الجوانب الاخرى وكيف يمكن جمعها مع التحليل الماركسي. وهل يمكن ان نصمم تدخلا اخر غير الثورة او واسقاط النظام. اذا اردنا ان نتدخل في سوريا الان فكيف؟ اعتبر انه عندك شركة راسماليه فكيف يمكنك ان تستثمر في سوريا اليوم اذا استطنه
5 تشرين الأول 2019، أدوات تحليل الأحداث المتسارعة
أود أن أقدم ملاحظة عن الأدوات التحليلية التي نستخدمها لفهم الأحداث المتسارعة في المنطقة. أولاً لا توجد أية بحوث ميدانية عن التظاهرات منذ 2011 وإلى اليوم. عدا بعض المقابلات هنا وهناك التي تستعيض عن الكم بالكيف، أي بالمقابلة المتعمقة. لكن المقابلة، ورغم المعلومات الهائلة التي تفصح عناها، إلا أنها ليست إثباتاً لأي شيء. المقابلة تنتج فرضيات، وتظل فرضيات حتى حين إثباتها ميدانيا بعدد من الدراسات المنفصلة التي تصل إلى نفس النتائج. ثانياً، أنا كغيري من الكتاب المحللين (من جماعة الفيسبوك وغيرهم) لا نعتمد إلا على مشاهدات شخصية نجمعها عبر الإنترنت. وهذه الملاحظات تكون الحجج التي نقدمها في كتاباتنا. لكن لا يجب أن نصدق أبداً أننا ننتج حقائق؛ كل ما ننتجه هو فرضيات ندخل بها في نقاش مثقف من أجل الوصول إلى إجماع أو مجموعات يكون ضمن كل منها إجماع مختلف. وهذا الوصف في الحقيقة ينطبق على الايديولوجيا أكثر مما ينطبق على المعرفة العلمية المنهجية (ولا أقول الموضوعية). فلماذا ندخل إذن في هذه النقاشات ونكتب كل هذا الخيال العلمي؟ لابد من طرح تحليل من أجل الفهم أولاً ومن أجل تصميم أنواع من الفعل ثانياً. الفاعلية مطلوبة، والافضل أن تكون نتاجاً لنقاش متعدد الأوجه بدل أن تكون قراراً لشخص واحداً. ثالثاً، وهذا ينقلنا إلى لب ملاحظتي، أي التحليل الماركسي الطبقي. منذ جاء ماركس بنظريته عن وسائل الإنتاج وأنماط الإنتاج والطبقات والصراع الطبقي والجدلية التاريخية لم يقم أي منظر أو باحث ميداني بالتحقق من وجود هذه المفاهيم التحليلية. لا أحد يعرف ما هي الطبقة، ولا أحد يستطيع أن يحدد الكميات التي يمكن قياسها أو ملاحظتها لتعريف الطبقة. وكل دراسة جديدة تبدأ باقتراح مؤشرات خاصة بالدراسة ولا تزعم أنها مؤشرات عامة. أحياناً المهنة، وأحياناً الدخل، وأحياناً أنماط الإستهلاك، وأحياناً مكان السكن. لكن لا يوجد أي تعريف موحد للطبقة. ولا يوجد أي مقياس موحد للصراع الطبقي، ولا حتى لوسائل الإنتاج وأنماط الإنتاج. وحتى صراع الأضداد والجدلية التاريخية لا تعدو كونها نظرية جميلة. لا أحد استطاع تحديد الأضداد أو قياس صراعها. التطور التاريخي في الماركسية من العبودية إلى الإقطاعية فالرأسمالية، هو مجرد نظرية، لا بل هي نظرية خطية لا تدعمها الأدلة التاريخية. وإنصافاً للماركسية، كل النظريات الإجتماعية الأخرى تشترك بنفس العجز، أي أنها فرضيات تستخدم مفاهيم يصعب تعريفها بدقة. وهي أحياناً لا تختلف عن النظرية الدينية في فهم المجتمع، أي الإبتعاد عن المثال، ثم العقاب الإلهي، والفعل بناءاً على المثال الأخلاقي. ما الفرق بين الطبقة والجماعة الدينية، وما الفرق بين التدخل الإلهي والجدلية التاريخية، وما الفرق بين الأخلاق الحميدة والمجتمع لاإشتراكي، وما الفرق بين الغلتزام بسنة رسول الله والإلتزام بسنة ماركس أو لينين. في الحقيقة لاشيء. السيوسيولوجيا اليوم تحاول التركيز على المنظومات الاصغر والأبسط من أجل تطوير مفاهيمها. وافضل ما تم إنتاجه باعتقادي من جهة فهم الإنقسامات الإجتماعية هي نظرية بورديو عن الرساميل. على الأقل يمكن قياس بعض هذه الرساميل، ويمكن قياس تحويلها من نوع إلى آخر. العلوم الإجتماعية لا تزال في بداية الطريق نحو نظريات عامة تدعمها المعلومات الميدانية. يقول الكاتب اللبناني الاصل نسيم طالب في كتابه ضد-الهشاشة أن الممارس في حالات المنظومات المعقدة أفضل بكثير من المنظر. أي أن حسن نصر الله مثلاً يفهم المظاهرات بشكل أفضل بكثير من أي منظر لبناني أو غير لبناني يتابع المظاهرات على التلفزيون. صحيح أن الممارس لا يستطيع دائماً التعبير عن خبرته وتحويلها إلى مفاهيم وعلاقات بين هذه المفاهيم، إلا أنه يستطيع بناء الافعال. حسن نصر الله يدير التظاهرات (من طرفه ولمصلحته) أفضل بكثير من أي طرف مشارك في التظاهرات. طبعاً هو لا يديرها لمصلحة المتظاهرين وإنما لمصلحته الخاصة. ما اقصده هو أن حسن نصر الله يستطيع أن يضرب في الصميم، ليس لأنه حقير، بل لأنه ممارس يفهم تماماً ما يجري. أما المتظاهرين فوا أسفي عليهم، خرجوا لا يعرفون ماذا يريدون وسيبقون كذلك. وكل المطالب التي سمعت بها تدل على ضعف تحليل وضعف ممارسة وضعف تنظيم. لا بل يمكن تمييز بعض المتسلقين الذين يقدمون "حلولاً" لا تنفع أحداً إلاهم. إن تحليل فشل الثورة السورية باسلمتها هو أيضاً تحليل لم يفهم لماذا ظهرت هذه الثورة ومن قام بها ولماذا تحولت إلى العنف ولماذا ارتهنت إلى الدول المتنفذة. إلى الآن لا نملك أية أدوات تمكننا من فهم ما جرى أو ما يجري. لا أحد يعرف ما يجري في العراق. وعندما يبدا العنف سنعود إلى قصة اختطاف الثورة.
حسام الدين درويش من طبيعة "المفهوم التحليلي" أن يكون بينه وبين الواقع مسافة واختلاف تجعل تطابقهما مستحيلًا، وينطبق ذلك على مفهوم الطبقة أو المنظومة أو الأيديولوجيا ... إلخ، مو هيك؟
Ahmad Nazir Atassi حسام الدين درويش قصدك ideal type تبع فيبر. لكن الطبقة كما عرفها ماركس ليست من هذا النمط من المفاهيم. بل اعتبرت قمة الواقعية. في الحقيقة لو استطعنا قياس المسافة بين المفهوم والواقع لكان لدينا علم موضوعي لا يخطئ. المفاهيم تخضع للنظرية التي تختزعها لكن النظرية ككل يجب ان تسابه الواقع في حركته. ما هي اذن المؤشرات التي سنقيسها لمعرفة مدي توافق حركة النموذج التحليلي مع الواقع.
أحمد الزيادة أولاً: أنت عرفت أن الماركسية لم تكن واقعية في تفسيرها للتطور التاريخي وقلتَ أن تفسيرها الطبقي غير قابل للقياس وأن الماركسية بقيت مجرد نظرية علماً أن هناك دولة "عظمى" أُسستْ بناء عليها أي أن لها نموذجها العملي فهي لم تبق نظرية. نعم تفسيرها خاطئ للتاريخ لكنها لم تبق نظرية. خطأ النظرية كان أحد اسباب فشل التطبيق. أتفق مع حضرتك في ذلك لكن أنت كيف عرفت ذلك؟ علامَ استندت؟ أي كيف عرفت خطأ الماركسية؟ ثانياً: منهج جدل الإنسان فسّر التطور التاريخي الاجتماعي بشكل أفضل من الجدلية المادية.هناك مختصر عن هذا المنهج لو أحببت أرسل لك الرابط.
Ahmad Nazir Atassi الاتحاد السوفياتي قام على مبادئ الشيوعية وليس على ادوات الماركسية التحليلية. اكن هذا لا يثبت صحة او خطأ هذه الادوات. اسرائيل قامت غلى المظرية التوراتية، فهل هذا جعل تلك النظرية حقيقة. عرفت خطأها عندما حاولت تطبيقها. لم اجد اي مقياس للطبقة ولم اجد اي علاقة بين الطبقة وتطور التاريخ ولم اجد اي مؤشر على صراع طبقي. هناك تنافس بين فئات لكنها ليست طبقات.
15 كانون الأول 2019، التحليل والموقف
في نقطة هامة جدا في التعامل مع اوضاعنا الصعبة والمتعبة، وهي ان يسأل المحلل نفسه دائما هل انتج تحليلا سوسيولوجيا ام تحليلا ايديولوجيا ام فشة خلق ام اعيد ما اسمعه دون وعي. لما يكون الحكي فشة خلق كل القراء يحسون بهذا الضعف في ضبط المصطلحات وترابط الافكار. لكني اتحدث هنا بالتحديد عن النوعين السوسيولوجي والايديولوجي لانهما يشتركان باعطائهما مظهرا جديا للتحليل. من الصعب فعلا فصل النوعين لان كثيرا من النظريات التي نعرفها ونستخدمها هي ايديولوجيات عند البعض وعلم عند آخرين. ومن الواضح هنا اني استخدم مصطلح سوسيولوجي حتى لا اقع في فخ الموضوعية؛ فهذه الاخيرة اصعب واقل قابلية للكشف فالسوسيولوجي والايديولوجي يعتقدان بانهما ينتجان معرفة موضوعية. واقصد بالسوسيولوجي المحلل المختص الى درجة ما والعارف بمنهجيات ونظريات ذلك العلم. اما المحلل المؤدلج فحتى لو عرف المنهجية والنظرية فان تحليله سيكون شديد الانحياز. هذا كلام عام جدا. هل هناك طريقة او مؤشرات نميز بها بين النوعين من التحليلات؟ المؤشرات التي سأوردها فيما يلي هي مجرد افكار احاول تطويرها وليس نظرية متكاملة. اعتقد ان المحلل المنهجي والمتوخي عدم الانحياز لا يعطي اثناء تحليله اي حكم قيمي بخصوص موضوع تحليله. واعني بالحكم القيمي اي استخدام لصفات تقودنا الى تصنيفات من قبيل جيد سيء، متطور متخلف، مقرف ممتع، حضاري وحشي، فاسد اخلاقي، مقدس مدنس، حلال حرام، ثوري رجعي، مجرم ضحية (كقيمة وليس كماهية) . بالنسبة لي هذه الصفات وغيرها يستخدمها المنخرطون في الظاهرة الاجتماعية التي احللها لانها تحمل رساميل يتم تبادلها اجتماعيا؛ لكن المحلل ليس بحاجة الى الصفات كأدوات وانما كمعلومات ميدانية يجمعها. اذا قلت مثلا هذا الفرد فاسد اخلاقيا فهذا الوصف ليس تحليلا لعلاقات اجتماعية وانما رأي في هذه العلاقات. فهل هذا يعني ان المحلل لا يجب ان يرى التصرفات المسيئة ولا يجب ان يذكرها ويندد بها لمجرد انه يتوخى الموضوعية؟ كفرد من المجتمع ومتفاعل معه فعليه ان يتخذ موقف ويعطي قيمة. لكن كمحلل فإن الفساد لا يعدو كونه اسما لاحد المتغيرات التي يدرسها الباحث. تقييم كل شخص لفساد اي موظف او مواطن هو ايضا متحول يدرسه الباحث. قد يبدو هذا عاديا ومنطقيا للبعض. لكن المسألة اعقد من الظاهر. كمحلل لا يمكنني ان اقول هذا مرض اجتماعي وذاك فساد وذلك تخلف وهذا غباء وهذه ثقافة تافهة وتلك شعوب متقدمة. عندما استخدم هذه الصفات فاني اتوقف عندها لاني اما اشجعها او احاربها، اما رافض لها واما راضي عنها. التحليل انتهى وبدأ التفاعل الايديولوجي فالسيء اريد تغييره والمتخلف اريد تطويره والمقرف اريد تجميله. وتحليلي يصبح ايديولوجيا عندما يعطينا تصورا جاهزا وفهما تحكمه الغاية والهدف الايديولوجيين. بالنسبة للمحلل المجتمع لايخطئ ولا يفسد ولا يتخلف ولا يتقدم، المجتمع فقط يتفاعل. المحلل يتساءل لماذا يستخدم الفاعل سين مصطلح متخلف لوصف ظاهرة معينة؟ ماذا يقصد به؟ ما هو الاثر المرجو من استخدامه؟ من هم المستهدفون بالادعاء ولماذا؟ من هم المستمعون للادعاء ولماذا يتقبلونه او يرفضونه؟ ما معنى متخلف عند المدعي؟ هل هذا خطاب شائع؟ وشائع في اية اوساط ولماذا؟ ما هي الرساميل الرمزية المتبادلة في حادثة الادعاء والتقبل؟ اما صاحب الايديولوجيا فلا يسأل وانما يفعل. انه يطلق الادعاء ويقرأ ردود الافعال، ويوجه الرسالة ويراقب الرد ،ويحتفي بالاعجاب ويجادل المستنكرين، يفرز الاصدقاء عن الاعداء، ويقيس مكانته هل ارتفعت ام انخفضت، هل اصطاد اتباعا ومريدين ام خسرهم، وكيف سيحسن اداءه ويزيد رساميله. المحلل لا يأخذ موقفا حتى ينتهي التحليل.