«التاريخ السوري المعاصر»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(13 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر)
سطر ٣٦: سطر ٣٦:
 
فعلا علينا بقبول الحقيقة والاعتراف باننا لن نستطيع انشاء اكثر من دولة محاصصة طائفية ذات نظام فيدرالي وإدارة محلية (فكرة لا تزال غير ناضجة). اعتقد انه علينا التركيز على بناء مؤسسات الادارة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والعزوف نهائيا عن التصارع على الدولة المركزية ومؤسساتها من برلمان ودستور ورئاسة وجيش ومخابرات. وبالتوازي مع ذاك نهتم ببناء قطاع اقتصادي خاص قوي واضعاف اي قطاع اقتصادي عام واي تدخل للدولة في الاقتصاد (هذه الافكار مستقرة أكثر وأدعو لها).
 
فعلا علينا بقبول الحقيقة والاعتراف باننا لن نستطيع انشاء اكثر من دولة محاصصة طائفية ذات نظام فيدرالي وإدارة محلية (فكرة لا تزال غير ناضجة). اعتقد انه علينا التركيز على بناء مؤسسات الادارة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والعزوف نهائيا عن التصارع على الدولة المركزية ومؤسساتها من برلمان ودستور ورئاسة وجيش ومخابرات. وبالتوازي مع ذاك نهتم ببناء قطاع اقتصادي خاص قوي واضعاف اي قطاع اقتصادي عام واي تدخل للدولة في الاقتصاد (هذه الافكار مستقرة أكثر وأدعو لها).
  
 +
=14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 2=
 +
 +
من خلال قراءتي السريعة لكتاب حسن الحكيم عن الشهبندر بدا لي ان الشهبندر كان يفهم التحديات التي تواجه سوريا والمؤامرات التي كان الفرنسيون والانكليز يحوكونها للمنطقة. لكنه كان مثل كل السوريين ومثل خصومه يعتقد انه وحده على حق وان الاخرين مجرد عملاء وخونة.  الشهبندر لم يكن عميلا للانكليز كما اتهمه الفرنسيون لكنه كان يخدم سياستهم وعملاءهم دون ان يحس، تماما كما كانت الكتلة الوطنية تخدم سياسة الفرنسيين دون ان تحس. من الواضح لي ان المخابرات الفرنسية هي من اغتالت الشهبندر لايمانها بانه عميل انكليزي في وقت كان الفرنسيون يخضعون للانكليز او يحاربون ضدهم.  ومن الواضح لي لن الفرنسيين اعتقدوا ذلك منذ الحرب العالمية الاولى ووقوفه الى جانب فيصل ودفاعه عنه حتى بعد ان ثبت ضعفه. ومشاركته الفعالة في الثورة الكبرى علم ١٩٢٥ لا بد اكدت شكوكهم ولذلك ابعدوه لاكثر من عقد.
 +
لكن الشهبندر لم يكن افضل من الكتلة التي وقف ضد معاهدتها. ويمكنني بكل ارتياح ان اشبه الكتلة في ذلك الوقت بالائتلاف الان، اي جماعة من الوصوليين الذين يعتقدون بانهم يضحكون على الفرنسيين من اجل بناء دولتهم ومن ثم الانقلاب على داعميهم.  ويمكن تشبيه الشهبندر بالمجلس الوطني ومزاوداته الوطنية رغم انه كان اداة في يد دولة اخرى.
 +
ويبقى ايمان السوريين قويا بان دولتهم لن تكون الا بقرار ودعم خارجي، وبانهم اذكى من داعميهم وبانهم قادرون على بناء الدولة اذا حصلوا فقط على الالقاب ووزارة الدفاع.
 +
السوريون يحلمون دائما بالدولة المركزية المتعالية لانهم لم يعرفوا يوما غيرها. لكنهم لم ينتبهوا الى ان ممارستهم للسياسةكانت دائما على مستوى محلي وغير مؤسساتي. ولذلك فهم يهملون المؤسسات في سعيهم الى السلطة المركزية. ومتى حصلوا عليها استخدموها بطريقة محلية بسيطة عشائرية وتعاملوا مع المواطنين بنفس منطق الاجبار الذي كانت الدولة العثمانية المركزية  تستخدمه معهم. انهم فعلا يجهلون الدولة ودائما تعاملوا معها بمنطق عيني فيه وتفو عليه . انهم يكرهونها لكنهم يطالبونها بكل شيء وكانها مصباح علاء الدين، ويسيؤون ادارتها بينما يكيلون اليها الشتائم، ويريدونها ان تكون اخلاقية بينما هم لا يحترمون قوانينها، ويريدون ان تعطيهم العطايا وتوزع عليهم الثروة العامة بينما هم يسرقونها ولا يدفعون ضرائبها، ويريدونها عادلة تجاه الجميع بينما هم يتعاملون معها كمزرعة عندما يستلمون وظائفها.
  
 
[[تصنيف:التاريخ السوري]]
 
[[تصنيف:التاريخ السوري]]

مراجعة ٠٠:١٤، ٤ ديسمبر ٢٠٢٤

28 آذار 2018، تعليق على كتاب "التسلطية في سوريا"

التسلطية في سوريا: ستيفن هايدمان محللاً استمرارية النظام البعثي بين (1963- 1970)

Ahmad Nazir Atassi

هذا احسن الموجود، لكنه مؤشر على ما اعتقد انه سوء الدراسات المتعلقة بسوريا ما بعد الاستقلال بشكل عام. الكتب عن سوريا معدودة على الاصابع واغلب مصادرها المذكرات والصحف والدراسات الاسرائيلية، التي تعتبر الافضل في الاوساك الامريكية لاعتقاد الامريكان انها مبنية على تقارير صادقة ومفصلة للموساد، وهذ وهم. دراسات الانتداب افضل بسبب وجود الارشيفات الفرنسية. هايدمان الوحيد الذي يستخدم اطار نظري مقارن وهو الانظمة الشعبوية في جنوب امريكا وتحليل تكوين مؤسسات الدولة العليا مثل الرئاسة والوزراء والبرلمان والاحزاب. بالاضافة الى التحليل الاقتصادي السياسي الماركسي القائم على صراع طبقات مثل الاقطاع والراسمالية والفلاحين والعمال، وهي مفاهيم اشكالية جدا في الحالة السهرية. الدراسة تطبيق ذكي لنظريات كبرى باستخدام كم قليل من المعلومات وكم كبير من التحليلات الجاهزة التي اصبحت ازلية نمطية فيما يخص سوريا، مثل سلطة الاقطاع، نشوء الراسمالية الصناعية، صراع الطبقات من خلال الاحزاب، انعكاس الصراع الطبقي في القوانين وتعاقب الحكومات، سلطة الحزب الواحد، العقد الاجتماعي، والدولة المؤسساتية، والديكتاتورية الشعبوية السلطوية. هايدمان استاذ وباحث مشهور ومتخصص في الشؤون السورية والديكتاتوريات المؤسساتية ويعمل مستشارا للعديد من الشركات والدول العاملة الان في سوريا ومشرفا على منظمة اليوم التالي ومناصب بحثية اخرى. ويشرف على تخريج اجيال جديدة من المختصين بسوريا. التخصص بسوريا ما بعد الاستقلال مخاطرة اكاديمية الا اذا دخل الباحث في مجال الدراسات الاستراتيجية والاستشارات والثينك تانكس المحافظة. بالنسبة لي الرجل بذل اقصى ما بوسعه لحشر المعطيات القليلة في النظريات الكبرى، ووصل الى ابعد نقطة تسمح بها الدراسات غير الميدانية وغير الارشيفية. وهو اليوم، كما هو واضح من كتابه، زعيم نظرية التحديث السلطوي، اي كيفية تاقلم الديكتاتوريات مع العصر. قد يجد كثيرون في تحليله الحقيقة عن نظام البعث، لكني اشكك بكل التحليلات الجاهزة عن سوريا والمفاهيم التي تستخدمها والتي ذكرت بعضا منها اعلاه. ان تراكم عدد كبير من هذه التحليلات وتحت اسماء مشهورة جعل منها حقائق مقبولة دون تفكير وهي بالاصل مزاعم غير مثبتة. التاريخ السوري لسوريا لا يتعدى المذكرات والصراعات الخطابية الايديولوجية، والتاريخ غير السوري لسوريا لا يتعدى حشر معطيات قليلة في نظريات كبرى بسبب شح المصادر. يعنى لا يزال تاريخنا الى اليوم مليئا بالبعبعة الخطابية والاتهامات بالخيانة والشتائم السياسية، هل يذكرنا هذا بالتحليلات الاخيرة عما يجري في الغوطة. شهود عيان ينتجون تاريخا اعوج كله دعاية سياسية.

1 نيسان 2018، تعليق على منشور لنشوان الأتاسي

Nashwan Atassi : استكمل حافظ الأسد استيلاءه على كافة مواقع السلطة ومفاصلها الأساسية في سوريا مع نهاية شهر شباط من عام 1969. وقد فعل ذلك تحت ستار استنفار عسكري نفذته القوات الموالية له بحجة قيام الطيران الإسرائيلي بغارة جوية على قرى في جوار دمشق... لكن لم يجر الإعلان الرسمي عن استلامه السلطة إلا في يوم 16 تشرين الثاني عام 1970. لا أحد يعرف، ربما بمن فيهم الأسد نفسه، لماذا تأخر هذا الإعلان مدة عشرين شهراً ! وفي تفاصيل ما حدث، أنه خلال شهر شباط عام 1969، بعد أن قام رجال رفعت الأسد - شقيق حافظ - "باكتشاف" مخبر كان يحوم بسيارته حول منزل شقيقه، ما جعل رفعت "يشك" بأن عبد الكريم الجندي أرسله لاغتياله، بدأ يحاول إقناع شقيقه بالتحرك ضد الجندي وإلا كانت حياته في خطر، وعليه تحرك الأخير يوم 25 شباط (تحت ستار استنفار عسكري رداً على غارات إسرائيلية على قرى في جوار دمشق) وأمر الأسد دباباته باحتلال نقاط إستراتيجية داخل العاصمة، وعزَل رجال جديد من مسؤولية الصحف الرسمية والحزبية (البعث والثورة) وعيّن فيها أشخاصاً محسوبين عليه، واحتل مباني إذاعتي دمشق وحلب، وطرد رجال جديد من مكاتب الحزب والدولة في اللاذقية وطرطوس، واستمر تحرك الأسد حتى 28 شباط حيث قام بضرب أجهزة مخابرات عبد الكريم الجندي بدمشق واعتقال كل رجاله، عندئذ أدرك الجندي فداحة ما يحصل، وأيقن بقرب نهايته. وفي ليل 1 -2 آذار، حصل تبادل لفظي عنيف على الهاتف بين الجندي وعلي ظاظا رئيس المخابرات العسكرية الموالي للأسد، فأقدم الجندي إثرها على "الانتحار". يعلق أكرم الحوراني في مذكراته على حادثة انتحار الجندي بالقول: (تتضارب الأقوال حول انتحاره أو اغتياله بتاريخ 2 آذار 1969 وكان رفعت رأس الحربة التي استخدمها أخوه حافظ الأسد بمواجهة صلاح جديد في طريقه إلى الاستيلاء على السلطة والقضاء على نفوذ عبد الكريم الجندي. ومن الجدير بالذكر أن زوجة الجندي "انتحرت" بعد عدة أسابيع من موت زوجها، كما أُطلق الرصاص من سيارة مسرعة على سائقه الذي سقط ميتاً في الشارع المتفرع من طريق الصالحية والمسمى بستان الرئيس). ومن طرائف السياسة في سورية، لكن شديدة الوضوح والتعبير، أن القيادة الحزبية والسياسية "الرسمية والشرعية" للبلاد، ممثلة بالأمين العام لحزب البعث، رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء نور الدين الأتاسي، والأمين القطري لحزب البعث في سورية صلاح جديد، لم تعد تملك أية وسيلة إعلامية ضمن البلاد بعد أن استولى عليها كلها آمر سلاح الطيران ووزير الدفاع - حافظ الأسد - وجعلها تنطق باسمه، لذلك اضطرت "القيادة الحزبية والسياسية" الحاكمة إلى إصدار صحيفة يومية في لبنان (صحيفة الراية) كي تكون الناطق باسم "الحكم الشرعي" في سورية. بموت عبد الكريم الجندي، وإبعاد أحمد المير إلى خارج سورية، كما وإبعاد الأخوين سامي وخالد الجندي، تكون قد اكتملت تصفية كتلة الضباط والمسؤولين الاسماعيليين في الجيش والحزب، بعد أن كانت كتلة الضباط الدروز قد تمت تصفيتها خلال العامين 1966 و 1967، كما جرت الإشارة إليه سابقاً. وإذا أضفنا محمد عمران إلى لائحة المبعدين، نجد أنه لم يبق من أعضاء اللجنة العسكرية الخماسية في السلطة، وفي البلاد، سوى صلاح جديد وحافظ الأسد، الذي تمكن من حسم الصراع لصالحه خلال أحداث شباط 1969 الآنفة الذكر، لكنه لم يشأ استلام السلطة مباشرة، أو ربما لم يطلب منه ذلك، انتظاراً لظروف إقليمية ودولية أكثر ملائمة، ففضل إبقاء مظلة القيادة السياسية القائمة، لكن مفاصل السلطة الأساسية في البلاد أصبحت طوع بنانه. (نشوان الأتاسي، تطور المجتمع السوري 1831-2011، دار أطلس للنشر والترجمة والإنتاج الثقافي، ص 265- 266


Ahmad Nazir Atassi

غالبا وعند كتابة تاريخ سوريا الحديث نسرد الاحداث ونعتبر مجرد السرد شرحا كافيا لمنطق تعاقب الاحداث. لا اعرف كل التفاصيل، لكن من دراستي لحقب تاريخية اخرى اعرف ان الامر اعقد بكثير من شخص اخذ قرار وشخص عمل رد فعل وتصارعا وانتهى الامر. التحليل الطائفي اسهل تحليل، وقد يكون صحيحا لكن كون الجندي اسماعيليا وحاطوم درزيا والاسد علويا لا يعني بالضرورة ان الطائفية هي القانون الوحيد. نحن نتحدث عن كتل بشرية متنوعة تتصارع على دولة كاملة بسلطتها السياسية والعسكرية ومواردها الاقتصادية. لذلك ارى من الضروري التعمق في كل حدث ودراسته لوحده قبل ان ننتقل بسرعة الى تعاقب الاحداث وكان الاسباب تشرح نفسها. هايدمان الذي انتقدته من يومين طرح نظرية ثم جمع الادلة عليها ولم يكتف بالسرد والطائفية وافتراض حقارة المشاركين او حسن نواياهم. السؤال هنا، اذا اردنا التوقف عند الفترة من 69 الى 70، هو كيف استطاع شخص واحد ان يجمع هذه القوة والسلطة. هل فعلا كان لوحده. ما هي تركيبة الدولة التي مكنته من تجميع هذه السلطات. كيف لم يتم تفعيل العمليات الدستورية والقضائية وغيرها لايقاف ما كان الجميع يعرفه. كيف تم تحييد كل هؤلاء المتنافسين. ما هي الصلاحيات في الدولة التي سمحت بذلك، كيف كانت الدولة تعمل في ظل هذه الاضطرابات. كل هذا كان يحصل في قلب الحرب الباردة، ونعلم اليوم اهمية التوازنات الدولية في سوريا فماذا كان دورها في تلك الفترة. لا يكفي ان نذكر شخص او شخصين ونطلق الاحكام، يجب ان نعرف كل المشاركين والفاعلين، يجب ان تكون لدينا معلومات اكثر من قارئ الجريدة اليومية في تلك الفترة. مع تحيتي لكل من يدخل في هذا الخضم الذي لا ياتي منه الا معاداة الناس ووجع الراس.

13 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر

كنت عم اقرا كتاب حسن الحكيم عن عبد الرحمن الشهبندر. وهذه الايام قرأت من عدة مصادر عن تاريخ سوريا في الاربعينات والخمسينات. طبعا بقيت كمية هائلة من المراجع يجب قراءتها، لكن الانطباعات الاولى هي التالية: اولا سوريا لم تكن امبراطورية او مملكة موحدة بحياتها وهي ليست مؤهلة لذلك. ثانيا، السوريون لا يزالون يلعبون نفس السياسة منذ ايام الحثيين والى اليوم. وهي سياسة زعامات محلية لا ترى ابعد من انفها وتلعب على تناقضات القوى الاكبر منها المحيطة بها وتعتقد دائما انها اذكى منهم، رغم انها اغبى بمراحل. ثالثا، لا يوجد ولاء في سوريا ابعد من ولاء العصبية المحلية من حارة او مدينة او قرية او طائفة او عشيرة. رابعا، من ناحية سياسية، ينقسم السوريون الى نوعين من الناس، زعماء وشبيحة. وحتى الزعماء ليسوا الا عملاءا لقوى خارجية ويتعاملون مع غيرهم من الزعماء بطريقة صفرية. وعندما يتهم الواحد منهم الاخرين بانهم عملاء لدولة سين فذلك لانه هو نفسه عميل لدولة عين معادية لسين. خامسا، السوريون من زعماء وشبيحة يعادون المأسسة لانها تكشف شبكات المحسوبية التي يعتمدون عليها ولا يتخلون عنها. اية محاولة لفهم السياسة في سوريا من منطلق المؤسسة هي محاولة فاشلة اذ لا توجد الا الشبكة. فعلا علينا بقبول الحقيقة والاعتراف باننا لن نستطيع انشاء اكثر من دولة محاصصة طائفية ذات نظام فيدرالي وإدارة محلية (فكرة لا تزال غير ناضجة). اعتقد انه علينا التركيز على بناء مؤسسات الادارة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والعزوف نهائيا عن التصارع على الدولة المركزية ومؤسساتها من برلمان ودستور ورئاسة وجيش ومخابرات. وبالتوازي مع ذاك نهتم ببناء قطاع اقتصادي خاص قوي واضعاف اي قطاع اقتصادي عام واي تدخل للدولة في الاقتصاد (هذه الافكار مستقرة أكثر وأدعو لها).

14 أيلول 2019، عبد الرحمن الشهبندر 2

من خلال قراءتي السريعة لكتاب حسن الحكيم عن الشهبندر بدا لي ان الشهبندر كان يفهم التحديات التي تواجه سوريا والمؤامرات التي كان الفرنسيون والانكليز يحوكونها للمنطقة. لكنه كان مثل كل السوريين ومثل خصومه يعتقد انه وحده على حق وان الاخرين مجرد عملاء وخونة. الشهبندر لم يكن عميلا للانكليز كما اتهمه الفرنسيون لكنه كان يخدم سياستهم وعملاءهم دون ان يحس، تماما كما كانت الكتلة الوطنية تخدم سياسة الفرنسيين دون ان تحس. من الواضح لي ان المخابرات الفرنسية هي من اغتالت الشهبندر لايمانها بانه عميل انكليزي في وقت كان الفرنسيون يخضعون للانكليز او يحاربون ضدهم. ومن الواضح لي لن الفرنسيين اعتقدوا ذلك منذ الحرب العالمية الاولى ووقوفه الى جانب فيصل ودفاعه عنه حتى بعد ان ثبت ضعفه. ومشاركته الفعالة في الثورة الكبرى علم ١٩٢٥ لا بد اكدت شكوكهم ولذلك ابعدوه لاكثر من عقد. لكن الشهبندر لم يكن افضل من الكتلة التي وقف ضد معاهدتها. ويمكنني بكل ارتياح ان اشبه الكتلة في ذلك الوقت بالائتلاف الان، اي جماعة من الوصوليين الذين يعتقدون بانهم يضحكون على الفرنسيين من اجل بناء دولتهم ومن ثم الانقلاب على داعميهم. ويمكن تشبيه الشهبندر بالمجلس الوطني ومزاوداته الوطنية رغم انه كان اداة في يد دولة اخرى. ويبقى ايمان السوريين قويا بان دولتهم لن تكون الا بقرار ودعم خارجي، وبانهم اذكى من داعميهم وبانهم قادرون على بناء الدولة اذا حصلوا فقط على الالقاب ووزارة الدفاع. السوريون يحلمون دائما بالدولة المركزية المتعالية لانهم لم يعرفوا يوما غيرها. لكنهم لم ينتبهوا الى ان ممارستهم للسياسةكانت دائما على مستوى محلي وغير مؤسساتي. ولذلك فهم يهملون المؤسسات في سعيهم الى السلطة المركزية. ومتى حصلوا عليها استخدموها بطريقة محلية بسيطة عشائرية وتعاملوا مع المواطنين بنفس منطق الاجبار الذي كانت الدولة العثمانية المركزية تستخدمه معهم. انهم فعلا يجهلون الدولة ودائما تعاملوا معها بمنطق عيني فيه وتفو عليه . انهم يكرهونها لكنهم يطالبونها بكل شيء وكانها مصباح علاء الدين، ويسيؤون ادارتها بينما يكيلون اليها الشتائم، ويريدونها ان تكون اخلاقية بينما هم لا يحترمون قوانينها، ويريدون ان تعطيهم العطايا وتوزع عليهم الثروة العامة بينما هم يسرقونها ولا يدفعون ضرائبها، ويريدونها عادلة تجاه الجميع بينما هم يتعاملون معها كمزرعة عندما يستلمون وظائفها.