«فقه اللغة والمصطلحات»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
 
(٥ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ٩٣: سطر ٩٣:
 
أنا خايف من فتح حساب على انستغرام، مع التفكير في فتح حساب آخر على انستجرام أو انستقرام ...!
 
أنا خايف من فتح حساب على انستغرام، مع التفكير في فتح حساب آخر على انستجرام أو انستقرام ...!
  
 +
=19 كانون الأول 2019، عن يوم اللغة العربية=
 +
 +
'''Ahmad Nazir Atassi'''
 +
 +
انا مع ما يقوله الاخ عبدالرحمن الهجام في بوسته ادناه.
 +
تذا المجتمع الدولي اعطى اللغة العربية يوما لها فذلك لانها لغة حية في الحاضر. وكل ما يفعله المتفاخرون هو ردها الى الماضي.
 +
عدد مفردات العربية مبالغ فيه كثيرا.
 +
لسان العرب لا يحتوي الا مفردات الاعراب البدو وشعرائهم بالاضافة الى القرآن والحديث بينما يغفل تماما وبكل جهالة منتجات الحضارة في الشرق الاوسط بين عامي ٧٠٠ و١٥٠٠
 +
الفخر الفارغ القائم على الاشعار القديمة التي تعبر عن اراء كتابها القدماء لا يعني ان العربية متناغمة مع العصر الحديث. لا بل الدراسات تشير الى ان الاجيال الحديدة في الشرق الاوسط تتكلم الانكليزية باطراد حتى في البيت. وكثير من المتفاخرين يرسلون اولادهم الى المدارس الاجنبية منذ الصفر.
 +
انت تدعم العربية اذا اخترعت ملمة حديدة او معنى جديد ولكنك لا تدعمها اذا تذكرت بيتا للفرزدق او حتى المتنبي فلا احد يتكلم لغتهم.
 +
انت تدعم العربية اذا كتبت فيها اعقد الافكار الفلسفية وليس فقط اذا حفظت القرآن. حفظ القرآن يحافظ على القرآن وليس على العربية فلا اخد يتحدث لغة القرآن.
 +
انت تدعم العربية اذا علمت نفسك ان تتكلم بها خطبة في عملك او اجتماعاتك، ولا تدعمها اذا ابقيتها حبيسة الكتب القديمة والمسجد.
 +
انت تدعم العربية اذا طورت لغة خطاب سهلة تجمع الالفاظ المستخدمة في العامية لانها اغلبها ألفاظ فصيحة، ولا تدعمها اذا تجنبت كل العامية وكأنها قاذورات
 +
انت تدعم العربية اذا شجعت اولادك على حفظ الشعر الحديث كما تشجعهم على حفظ الشعر القديم.
 +
انت تدعم العربية اذا توقفت عن نسخ ولصق اسماء المطر والسيف والاسد فلا احد يستخدمها اليوم فالمطر توقف والاسود انقرضت والسبوف اصبحت في المتاحف.
 +
انتتدعم العربية اذا توقفت عن زعم انها تعبر عن ادق تفاصيل النفس والحياة فهذا غير صحيح، وليس ذلك لعجز العربية وانما لعجز مستخدميها على استنباط كلمات جديدة معبرة.
 +
انت تدعم العربية اذا حسنت املاءك عندما تكتب على الفيسبوك. حتى العامية لها قواعد املاء.
 +
انت تدعم العربية اذا توقفت عن نشر محاضرات متفذلكين يشرحون لنا غريب الكلمات البدوية القديمة وتعقيدات قواعد لم يعد يستخدما احد.
 +
انت تدعم العربية اذا تركت الاعراب كتمرين مزعج في النخليل اللغوي ومارست الاعراب الخقيقي وهو الكلام دون خطأ.
 +
انت تدعم العربية اذا سكنت اواخر الكلمات وحفظت ماء وجهك بدل ان تلصق حركات الاعراب حيث لا تصح.
 +
واجمل ابيات بالعربية هي ابيات لطلال حيدر من بحر غير شكل (مكتوب بقواعد الاملاء الصحيحة)
 +
بغيبتك نزل الشتي
 +
قومي اطلعي ع الباب
 +
في فوق سجادة صلاه
 +
والل عم بيصلوا كتار
 +
صوتهن متل مصر المرا
 +
وبعلبك الرجال
 +
ع كتر ما طلع العشب
 +
بيناتنا بيرعى الغزال
 +
 +
 +
'''عبدالرحمن الهجام'''
 +
 +
-  العربية ليست أعظم أو أفضل أو أحسن من غيرها وهذا القول مدحوض علميا منذ فردناند دو سوسير أب اللسانيات الحديثة.
 +
-  وليست لغة أهل الجنة فلو صح ذلك فماهي لغة أهل النار إذن ؟ والثابت أنهم يتكلمون كما يورد القرآن ( " قالوا ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون " / " وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربّك قال إنّكم ماكثون " إلخ...) فإن كانت لغة أهل النار عربية فلا وجه للافتخار بعروبة لسان أهل الجنة.
 +
-  وليست توقفية أوحاها الله لآدم بل هي بشرية كغيرها وقد فنّــد المعتزلة قديما القول بالمصدر الإلهي للغة وأكدوا بأنها بشرية كغيرها.
 +
-  احتواءها على 12 مليون و 300 ألف كلمة وهو رقم ضخم للغاية كأكبر معجم لغوي بين ستة ألاف لغة موجودة الآن، ليس محلّ افتخار ما دامت الإنجليزية التي تليها في عدد الكلمات بـ 600 ألف كلمة قد سبقتها علميا ومعرفيا وحضاريا ومن حيث عدد المتكلمين.
 +
-  للعربية ظواهر لغوية مدعاة للإعجاب ولكن ليس للمفاضلة فالنظام المعجمي والصوتي والصرفي والنحوي والدلالي وهي المستويات الخمسة التي نجدها في كل لغة  ثريّة جدّا ومعقّدة في العربية. الاشتقاق من الجذر مثلا يعطي للمعجم العربي إمكانات رهيبة في خلق الكلمات إضافة إلى الشّكل ( جذر '' س.ح.ب " على هذا الترتيب نشتق منه عدة كلمات برسم مختلف: سحب سحاب ساحب مسحوب سحابة، ومن كلمة واحدة بنفس الرسم وبإعراب متباين: سَحَبَ و سُحُبٌ و سُحِبَ ).
 +
-  رصد اللساني والناقد رومان جاكبسون ستة عناصر أساسية  للتواصل وهي: المرسل، والمرسل إليه، والرسالة، والقناة، والمرجع، واللغة. ومن خلال هذه العناصر تنهض اللغة بستة وظائف نجدها في سائر لغات الآدميين وهي:
 +
1 المرسل / الرسالة:  وظيفة انفعالية
 +
2 الرسالة / الرسالة:    وظيفة شعرية (الأدب والشعر)
 +
3 المرسل إليه / الرسالة:  وظيفة تأثيرية ( الخطب والخطابات )
 +
4 القناة / الرسالة:    وظيفة حفاظية
 +
5 المرجع / الرسالة:  وظيفة مرجعية ( التأريخ والتوثيق )
 +
6 اللغة / الرسالة:  وظيفة وصفية ميتالغوية ( النقد اللساني والأدبي أو الكلام على الكلام )
 +
هذه الوظائف موجودة في كل اللغات الكبرى والمشهورة وصولا إلى لغات القبائل "البدائية" الاستوائية والآسيوية التي لا نسمع بها أصلا.
 +
-  النزعة التبجيلية والتقدسية ليست علمية ولا تخدم العربية في رهاناتها المعرفية والعلمية وتحديات العصر والعولمة واللغات المهيمنة.
 +
-  يقال أنّه في كل يوم تموت لغة وتندثر. وعلماء اللغات عالميا لا يوردون العربية حتى على سبيل المزاح والنكتة أنها مهددة بالانقراض والاندثار فلها من دعائم القوة وأسباب المنعة ما تعرفونه، لغويا وثقافيا وديمغرافيا وسياسيا وتاريخيا ودينيا...
 +
ل Moussa Ben Moussa
 +
 +
=19 كانون الأول 2019، مؤسسو اللغة العربية الحديثة=
 +
 +
عشرة مؤسسين للغة العربية الحديثة من المشارقة
 +
فارس الشدياق
 +
بطرس البستاني
 +
ابراهيم اليازجي
 +
رفاعة الطهطاوي
 +
محمد كرد علي
 +
ابراهيم المازني
 +
لطفي المنفلوطي
 +
إيليا أبو ماضي
 +
سامي الدروبي
 +
محمود درويش
 +
واذا كان لازما ذكر القدماء فهذه قائمتي
 +
اسحاق بن حنين
 +
حنين  بن اسحاق
 +
الكندي
 +
الفارابي
 +
الجاحظ
 +
ابن المقفع
 +
البيروني
 +
الخوارزمي
 +
ثابت بن قرة
 +
قسطا بن لوقا
 +
هؤلاء من طوروا العربية وليس نقلة الشعر البدوي
 +
 +
=19 كانون الأول 2019، اللغة الأم=
 +
 +
تعريف ماهر مسعود للغة الام هو التعريف الطبي وليس العاطفي. اللغة الام هي التي تتعلمها خلال السنوات الخمسة الاولى من الحياة. فماهر لا يعطي تراتبية من عنده. لكن الامور اصبحت معقدة اكثر هذه الايام. فالطفل يستمع الى التلفزيون حيث افلام الاكرتون بالفصحى ومسلسلات الاطفال بالفصحى والاحرف والاغاني كذلك. وكذلك فان نسبة متزايدة من الاطفال العرب يسمعون ويتعلمون الانكليزية او الفرنسية في البيت والمدرسة منذ طفولتهم. ولذلك يمكن طبيا اعتبار العامية هي الام الاكبر وبقية اللغات المتداولة في الطفولة الامهات الاصغر.
 +
 +
=19 كانون الأول 2019، العلاقة مع اللغة=
 +
[https://www.facebook.com/watch/?v=430445590983765 عماد رامي متفاجئ من جمال صوتها بعد 22 عام من سماعها لهذه الأنشودة بصوته التقت به في إندونيسيا لتسمعه "الطيبون للطيبات" بصوتها صوت لا يصدق!!]
 +
 +
جميل. هناك اللغة الام وهذا تعريف طبي سيكولوجي. لكن العلاقة مع اللغة أعقد من مجرد لغة اولى ولغات ثانية، ممتوبة ومنطوقة، فصحى وعامية، مقدسة وعادية، وطنية واجنبية فكل هذه التعريفات والموقف منها تحمل عناصر ايديولوجية. اللغة الحية هي اللغة المتداولة والتي تتطور كل يوم لان مستخدميها يطورونها لتتأقلم مع واقعهم؛ وهم يطورونها بابداع وليس باتباع قواعد مؤسسات حماية اللغة. كفى صراعات ولنركز على تطوير اللغة التي نستخدمها اليوم، هذا الخليط الحي من كل شيء.
 +
 +
=20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج1=
 +
 +
#حوار_عن_العربية ج١
 +
كتب الاستاذ حازم نهار منشورا طويلا عن علاقته بالعربية وطرح مسائل ذلت اهمية اود ان اتحدث عن بعضها هنا. منشوري ليس ردا على منشور الاستاذ،  وانما استخدام لبعض جمله خارج سياقها.
 +
يقول: "في الحد الأدنى لا بدّ من تثبيت حالة الشيزوفرينيا التي يعانيها الفرد بدءًا من الطفولة على مستوى المفارقة بين اللغة... الفصحى والعامية."
 +
لماذا نصر على تسمية ثنائية العامية الفصحى بالشيزوفرينيا ولا نسمي ثنائية الفرنسية- العربية او الانكليزية- العربية بالشيزوفرينيا اللغوية. لم احس يوما بمعاناة نفسية من الانتقال بين العامية والفصحى. قد احس بالارتباك اذا كان الموقف رسميا مثل محاضرة او مقابلة لكني اتأقلم كما يتأقلم اي انسان مع حالة الانتقال من مستويين في اللغة او بين لغتين يتقنهما. كل الذين تعلموا لغة اجنبية وسكنوا لاحقا بلادها يعرفون جيدا مشكلة الانتقال من المستوى المحكي الى المستوى المثقف في تلك اللغة. لزمني زمن بالسنوات لكي احقق هذا الانتقال في الفرنسية و الانكليزية.  وكم كنا نضحك كأصدقاء على اخطاء بعضنا في الجامعة من جراء استخدام كلمات فرنسية عامية امام الاستاذ او في موقف رسمي محترم.
 +
يمكننا اعادة صياغة المسألة: نحتاج الى تعليم جيد بالفصحى حتى نفي بحاجات تستلزم استخدام الفصحى مثل الكتابة والخطابة والمناقشات المثقفة.
 +
اغلب تواصلنا عندما نتعلم لغة اجنبية تكون مع اهل الكتب ولذلك نحس احيانا بان كل المتكلمين بتلك اللغة من الفصحاء. في حالة الفرنسية كنت استطيع في البداية قراءة اللموند قبل ان استطيع فهم مسلسلات التلفزيون. وكذلك فان طلابي الاجانب الذين يتعلمون العربية الفصحى يصادفون نفس المشكلة  عندما يذهبون الى المنطقة العربية.
 +
ذكر لي احد الباحثين الالمان المجيدين للعربية انه وفي اول زيارة لمصر قال للبقال: من فضلك اريد زجاجتين من المياه الغازية. فما كان من البقال الا ان نادى اصحابه قائلا تعالوا ياولاد شوفو ده بيتكلم نحوي. فهل نخجل من الحادثة ام نعتبرها طبيعية. غالبية المثقفين يخجلون من حادثة كهذه لكن هذا احساس بالدونية وليس اقرارا بوضع مرضي.
 +
يقول: "
 +
التعريب والترجمة الكارثية في مجال الطب والعلوم عمومًا، والتي تعود في معظمها إلى سيطرة عقل ماضوي على العملية بكليتها. هناك مثلًا مرض اسمه باللغة العربية "القهم العصبي أو القهم العُصابي" Anorexia nervosa، لو بقينا دهرًا لمعرفته من اسمه فلن نصل إليه، ما يشير إلى أن ترجمة اسمه تحتاج هي الأخرى إلى ترجمة".
 +
نعود دائما الى موضوع الطب. وانا على بعض الاطلاع على الموضوع فعندما كان اخي في كلية الطب وكنت ادرس الهندسة كان دائما يتذمر من تعريب المفردات الطبية بكلمات قديمة كان معظمها يستخدم للابل والحيوانات. لماذا نستصعب كلمة قهم ولا نستصعب كلمة anorexia رغم انهما تعنيان الشيء ذات ومتشابهتان في القدم. القهم حسب لسان العرب هو فقدان الشهية بسبب المرض، والمفردة اللاتينية مأخوذة عن سابقة اغريقية تعني دون وكلمة اغريقية تعني الشهية. لماذا يحظى المصطلح اللاتيني بالقبول ولا يحظى المصطلح العربي بنفس القبول مع ان الصعوبة هي ذاتها بالنسبة للمصطلحين. الدارس العربي سيحتاج القاموس في الحالتين. اذكر ايضا طلاب الطب في جامعة امريكية في ميشيغان عندما كانوا يذاكرون معنا في الكافيتيريا، كان القاموس لا يفارقهم ويجدون صعوبات هائلة في حفظ المصطلحات اللاتينية لانهم لا يعرفون اي شيء باللاتينية. وكان بعضهم يحضر نفسه لكلية الطب بان يدرس اللاتينية لسنة او اثنتين. وهل يستطيع الانكليزي او الفرنسي ان يفهم المصطلح الطبي مباشرة من خلال معرفته بلغته الام. لا ابدا، الانكليزية لغة جرمانية والفرنسية لغة لاتينية والاثنتين تختلفان عن الاغريقية. ومن المفارقات ان الاوروبيين عندما بدؤوا دراسة الاغريقية في العصور الوسيطة المتأخرة كانوا يدرسون الاغريقية الاثينية الكلاسيكية التي لم يكن يتحدث بها احد. وكانوا فرحين بانهم سيقرؤون اخيرا الاناجيل كلام الرب بلغتها الاصلية اي الاغريقية. لكنهم صدموا بان الاناجيل كتبت بالاغريقية العامية المتأخرة فهالهم ان يكون المسيح يتحدث لغة اهل الشوارع وليس لغة افلاطون. وحتى لو كان المسيح يتحدث الارامية فانه لم يكن يتكلم سريانية الكنيسة الفصيحة بل احدى اللهجات العامية للآرامية. ولربما سخر منه كهنة المعبد لانه كان يتكلم الارامية ولا يفقه كلام الرب المكتوب بالعبرية القديمة التي لم يكن يفهمها ويتحدث بها احد وقتها.
 +
يتبع في بوست لاحق
 +
 +
 +
'''حازم نهار'''
 +
 +
أشكرك عزيزي نظير على هذا التفاعل الغني والمحفِّز على التفكير.
 +
الشيزوفرينيا التي نعانيها أو المعاناة النفسية في الانتقال بين العامية والفصحى، خصوصًا في الطفولة، تظهر بوضوح في حالة التصنع وفقدان العفوية لدى الأطفال عند التحدث بالفصحى (مثلًا برنامج طلائع البعث المثير للشفقة)، وتظهر أيضًا (بسبب أنماط التعليم السائدة) في عدم استخدام العلم المدرسي في الحياة اليومية، ليكون أمام معادلة على هيئة (أعط ما للمدرسة للمدرسة، وما للحياة للحياة)، إذ يكفي أن يشعر الطفل بعدم جدوى ممارسة ما يتعلمه مدرسيًا في الحياة اليومية لنقول إن هناك مشكلة حقًا. أتفق معك بأننا نحتاج إلى تعليم جيد بالفصحى، لكن أحد شروط ذلك المهمة هي تطوير اللغة الفصحى، وأذكر أن عبد الرحمن منيف استخدم تعبير "اللغة الوسيطة" التي هي ليست الفصحى المقعرة وليست العامية أيضًا.
 +
أتفق معك بخصوص حاجة الأطباء إلى قاموس باللغة العربية، تمامًا مثل حاجة الأطباء الإنكليز وغيرهم إلى قواميس طبية متخصصة، وأيضًا مثل حاجة كل علم إلى قاموس متخصص، لكن الحالة على مستوى اللغة العربية أكبر من ذلك، إذ يزيد عليها ما أسميه (حشر الحاضر في الماضي) أو (قياس الحاضر على الماضي)، وكأن الماضي استنفذ العلم كله، وما علينا إلا أن نعود إليه أمام كل جديد، لنبحث في الماضي عما هو قريب من هذا الجديد. مثلًا: ألا توجد تسمية أقرب إلى الفهم، وتنتمي إلى الحاضر، غير تسمية "القهم العصبي"؟! أعتقد يمكن وضع أسماء أفضل، مثلًا: "نقص الشهية العصبي". طبعًا هذا يحتاج إلى اتفاق ليجري اعتماده.
 +
مشكلة أخرى في السياق هذا؛ بعض الأمراض والمصطلحات الطبية مثلًا لا تحتاج إلى تعريب، ويفترض ضمها إلى اللغة العربية كما هي، وهذا واحد من جوانب إثراء اللغة العربية من جهة، وواحد من الاعتراف بعالمية العلم من جهة ثانية. هناك كثير من الأمراض التي تحدث عنها أطباء عرب قدماء دخلت إلى الإنكليزية من دون ترجمة، وظلت معروفة باسمها العربي، فلماذا لا نفعل المثل؟
 +
اطلعت على كتب باللغة العربية تترجم الصيغ الكيميائية وأسماء المركبات، وهذه مهزلة حقيقية.
 +
 +
 +
'''Ahmad Nazir Atassi'''
 +
 +
حازم نهار كيف عربوا الاوكسيجين والهيدروجين والآزوت.
 +
انا اقبل بكل المصطلحات الاجنبية بس الكلمات القديمة والله ما سيئة، مشكلتها انها بس قديمة.
 +
غلبتني في مثال الطلائع. لكنك اخترت لحظة ايديولوجية مريضة بالايديولوجيا وليس باللغة. لكنه مثال يستحق التفكير. وهذا الوباء محصور ضمن سوريا لسوء الحظ. والله كنت احاول اعطي ما للمدرسة للحياة بس الناس ما كانت تخليني من شرها. على مين يقع اللوم هنا. شكرا لعبورك
 +
 +
=20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج2=
 +
 +
#حوار_عن_العربية ج٢
 +
سأسقط اسم كاتب الكلمات المقتبسة لاني لا انتقده ولا اعلق على ما كتبه بل اسلخ بعض عباراته عن سياقها واستخدمها حافزا لمنشوراتي عن العربية. مع كل التقدير والاحترام والعرفان بفضله على العربية من خلال كتاباته وترجماته الغزيرة التي اعجز عن مجاراتها.
 +
يقول: "ووجدت أن القيِّمين على اللغة العربية لم يترجموا كثيرًا من المصطلحات أو التعابير العلمية إلى الآن، فاضطررت في بعض الأحيان إلى وضع ترجمتي الخاصة لها، خاصة في المجالات العلمية"
 +
لماذا نفترض دائما ان هناك قيمين على العربية او انه من اللازم ان يكونوا موجودين. احلى شي بالانكليزية انه لا يوجد مجمع للغة الانكليزية، وازعج شب بالفرنسية ان هناك اكاديمية لغة فرنسية تدعمها الدولة. نحاور ونصارع حراس الدين والعادات والسلطة يوميا فلماذا نحتاج الى حراس للغة لنصارعهم ايضا. اللغات ظواهر عضوية لا توجد بقرار ولا تموت بقرار. بل بالعكس فان التدخل السلطوي في المنظومات العضوية مثل المجتمعات البشرية غالبا ما يؤدي اما الى الفوضى او الى البوار. عندما نقرأ قدماء اللغويين والنحويين وهم يزعمون انهم اخذوا اللغة عن الفصحاء من الاعراب فاننا نقول لانفسنا الحمد لله فلولا الاعراب لماتت الفصاحة ولكنا نتكلم لغة اهل الحضر الهجينة الممسوخة. العربية بالسماع وليست بالقياس، وسمعت اعرابيا، وتقول العرب، وقالت العرب، وهذا لعمري ما لم تقله العرب!!!!! انا مقتنع تماما بان قضية الاخذ عن الاعراب كانت خطوة سياسية عباسية، وان النحويين واللغويين اخذوا عمن وقع تحت يديهم في الاسواق من المتكلمين بالعربية سواءا كانوا اعرابا ام حضرا، من اياد ام من قيس، وحتى من تغلب وكلب. هل ياترى اخذ لغويو الفرنسية لغتهم بالسماع عن اعراب الافرنج  او لغويو الانكليزية بالسماع عن اعراب الساكسون. 
 +
ان هم ومسؤولية نحت المعاني والمفردات تقع طبيعيا على المترجم. انتقدت ابن منظور جامع لسان العرب لانه لم يجمع الا كلام الاعراب. فلو انه جمع كلام اهل الحضر ممن ترجموا وألفوا الكتب لتسعمائة سنة قبله لاكتشف ان لغة آلاف من تلك الكتب  لم ينطق بها اي اعرابي وان من اخترعها  لم بكونوا اعرابا من امثال حنين بن اسحاق وقسطا بن لوقا وابن المقفع وثابت بن قره والبيروني وغيرهم من المسيحيين والمسلمين واليهود والصابئة والفرس الذين نقلوا عن السريانية والاغريقية والفارسية والهندية. هؤلاء سهروا الليالي ليجدوا الكلمات المناسبة، وهؤلاء اعادوا مرات ترجمات اسلافهم عندما وجدوها رديئة. هؤلاء جعلوا العربية لغة الفلسفة والطب والرياضيات والفلك.
 +
ولذلك ادعو المترجمين والكتاب والعلماء والروائيين وكل من احتاج الى كلمة جديدة، اخترعها ولا تخف اصلا مافي غيرك في الساحة، والزمن سيقرر ما يبقى ما يزول من الاستخدام. ولتسقط مجامع العربية وليسقط كل من يعين نفسه حارسا للمعبد.
 +
تخطر لي كلمة خنفشاري هنا، هل هي فصيحة؟ اذا موجودة في اللسان فسأقاطعها.
 +
 +
'''حازم نهار'''
 +
 +
مرة أخرى شكرًا نظير:
 +
لا أدري إن كانت هناك جهة إنكليزية مقابلة لمجامع اللغة العربية في بلادنا، لكن أعتقد أن القواميس الإنكليزية التي تُجدَّد سنويًا هناك من يناقش ويعتمد الجديد.
 +
ليست المشكلة في وجود جهات (معتمدة) في ما يتعلق باللغة العربية، بل المشكلة في طبيعة هذه الجهات والعقل المسيطر عليها، وفهمها للغة ودورها وطرائق تجاوبها مع التحديات التي تواجهها اللغة. مجامع اللغة العربية لدينا عقول ماضوية منضبطة بقواعد صارمة لا تنشد تجديدًا أو تطويرًا.
 +
نحتاج إلى قاموس عربي معاصر يصدر سنويًا، ويفترض وجود جهات ذات كفاءة لغوية وعلمية في آن معًا تشرف عليه، ولا مشكلة في الاسم الذي يعطى لهذه الجهة. لا يحتاج تطوير اللغة إلى متخصصين في اللغة العربية فحسب بل أيضًا إلى مفكرين وفلاسفة وعلماء وأطباء وقانونيين وفنانين وغيرهم. وهذا غير موجود للأسف.
 +
وجود هذه الجهة مهم من أجل فرز المنتجات والاستفادة منها ونقدها واعتماد المفيد منها، ومن أجل تراكم العلم والمعرفة وتواصل العلم من جيل إلى آخر.
 +
 +
=20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج3=
 +
 +
#حوار_عن_العربية ج ٣
 +
يقول: "لكن ليس عسيرًا اكتشاف عدم قدرة كثير من الناس على تمييز حروف الجر من بعضها بعضًا، فأغلبنا لا ينتبه إلى أهميتها واختلاف المعاني المترتبة على استخدامها."
 +
اية قراءة سريعة للادبيات العباسية ستوضح مقدار اهمالنا لحروف الجر ومقدار اغنائها للغة العربية . اؤيد هذه المقولة
 +
يقول: "كما لا نهتم في أثناء القراءة بعلامات الترقيم التي تعدّ كلمات هي الأخرى قد تغيِّر المعنى بوجودها أو غيابها، وهكذا."
 +
يا لطيف،  ادعو لترك العربية الان ولنصب كل اهتمامنا على علامات التنقيط. علامات التنقيط فصاحة قائمة بذاتها، انها نوع من الفلسفة والبلاغة في آن واحد.
 +
ويقول: "وهذا يشير إلى مشكلة في التواصل تحتاج إلى حل، فليس من المعقول أن يدرس الناس جميعهم اللغة بدقة ليحسنوا التواصل.  "
 +
اعتقد ان كل من يحسنون التواصل بأية لغة حول العالم يضطرون لدراستها بدقة. انا اعلم طلاب اجانب واعرف تماما نسبة الذين يتقنون الانكليزية ويجيدون الكتابة بها. نحتاج الى  منابر لمن يحسنون الكتابة بالعربية وليس الى تعليم من لا يرغب بذلك. علينا ان نقبل ان الثقافة ظاهرة نخبوية.  معظم  الناس يقرؤون وقليلون جدا من يكتبون.
 +
يقول: "تمتلك اللغة العربية عمومًا المؤهلات المطلوبة لتكون لغة عالمية."
 +
اعتقد ان كل لغات العالم تمتلك مؤهلات العالمية اذا اتيحت لها الفرصة والاموال والتعليم والزمن. دخلنا هنا في مجال القومية. هل الكردية مثلا مؤهلة للعالمية. هذا موضوع شيق!!
 +
يقول: "الدعوات التي تذهب في اتجاه الاستغناء عن اللغة العربية هي دعوات عاجزة وفارغة."
 +
آمين. معك مية بالمية.
 +
يقول: "إعادة بناء وتحديث اللغة العربية مشروع ضخم وهائل، هو مشروع منطقة بأسرها، ويحتاج إلى جهد لغوي وثقافي وعلمي وتاريخي جبار، وفي أساسه إلى إرادة وجهد سياسيين."
 +
احجبوا إست السياسيين والدولة عنا وعن لغتنا ارجوكم. وصلنا مرحلة الفطام. مقالة واحدة مبدعة افضل من ألف بيروقراطي. فلنترك ما هو عضوي ليتطور بطريقة عضوية.
 +
 +
=20 كانون الأول 2019، مقارنة بالفصاحة=
 +
 +
- ماما بدي روح ع التواليت، ايه طيب حبيبي روح.
 +
-أمي، اريد الذهاب الى المرحاض. حسنا يا حبيبي اذهب.
 +
- أماه،  أرغب في قضاء حاجتي. كان الله معك يا ولدي.
 +
- يا أمه، الخلاء يدعوني ولا أخلف ميعاده. وقاك الله من كل شر يا فلذة كبدي.
 +
- يا زوجة ابي، قد دعاني داعي السحر، ولا مفر من هذا القدر. اللات والعزى معك يا ابن زوجي الذي حملت به.
 +
اي واحدة افصح من الاخريات؟
 +
 +
=20 كانون الأول 2019، العامية والقواعد=
 +
 +
ذكر احد الاصدقاء ان من مصائب حالنا ان العامية لا تخضع لقواعد ثابتة وواضحة.
 +
من قواعد اللسانيات ان لكل لغة قواعد لكن ليس لكل لغة نحو مكتوب. الدماغ يتبع القواعد بالفطرة والنحو هو مجرد تسمية لهذه القواعد الفطرية تقريبا.
 +
هل يمكن اعطاء مثال عن افتقار العامية للقواعد المحكمة.
 +
نعود الى مثالنا وهنا اتكلم عن العامية الحمصية
 +
ماما بدي روح ع التواليت. طيب حبيبي روح
 +
ماما: منادى
 +
بدي : جار ومجرور (بودي)
 +
روح:  فعل مضارع (حرف المضارعة الالف في المفرد المتكلم يسقط في بعض العاميات الشامية ويظهر في حالات خاصة)، الفاعل مستتر تقديره انا
 +
ع: حرف جر يفيد الوجهة
 +
التواليت: اسم مجرور
 +
طيب:  خبر، لمبتدأ مقدر هذا طيب
 +
حبيبي: منادى
 +
روح: فعل امر.
 +
فعل الامر : خذ المضارع المفرد الغائب واحذف حرف المضارعة واجعل حركة عين الفعل طويلة. راح، يروح، روح
 +
العامية لا تجزم بل على العكس تطيل الحرف  صوتي الوسطي، الا ان العربية على خلاف الارامية والعبرية كانت لغة شد وبتر او نتر كما يقولون.
 +
اختلاف الصرف والصياغة عن العربية المعيارية لا يعني ان العامية لا قواعد لها. نعرف ان للغة قواعد عندما تحافظ على نفس طريقة الاداء.
 +
فمثلا صيغة الامر في العامية تشتق دائما بنفس الطريقة التي ذكرتها
 +
المضارع المفرد الغائب ثم نحذف حرف المضارعة ولا نجزم
 +
كتب، يكتب،  كتوب
 +
مسك، يمسك، مسيك
 +
حكى، يحكي، حكي
 +
خرس، يخرس، خراس
 +
احرف المضارعة دائما مكسورة، والامر يبدأ بساكن. وهنا الابتدء، بساكن مسموح به
 +
اذا اختلفت العامية اختلفت القواعد .  لكنها ثابتة ضمن العامية الواحدة.
 +
في العامية المصرية الشائعة في القاهرة يصبح مثالنا:
 +
ماما عاوز اروح الحمام.  طيب يا حبيبي رح
 +
ألف المضارعة في المفرد المتكلم تعود وفي كل الحالات. والامر فيه جزم ولا يبتدأ بساكن
 +
راح، يروح ، رح
 +
مسك، يمسك، امسك
 +
حكى، يحكي، احك
 +
خرس، يخرس، اخرس
 +
لا توجد لغة دون قواعد محكمةًوثابت
 +
 +
=21 كانون الأول 2019، عدد كلمات اللغة العربية=
 +
 +
قال العربية فيها ١٢ مليون كلمة. هذا الكلام الفارغ يملأ غوغل. يعني الذي نجحنا به في يوم اللغة العربية هو الكذب على محرك البحث غوغل. يا أخي والله الانسان احيانا يسأم من هؤلاء المزاودين.
 +
  وهذا حساب بسيط وتقريبي جدا جدا ويضع حد اعلى لا يمكن تجاوزه:
 +
حسبت كل جذور اللغة العربية بنفسي. اذا اخذنا نهايات الجذور فسنجد ان كل حرف يتبعه ما متوسطه ثلاثمئة جذر على الاكثر. اضرب هذا ب ٢٨ حرف تحصل على حد اعلى هو تقريبا ٩٠٠٠ جذر. كل جذر له عشر تفعيلات وهذا نادر الحدوث. يعني ٩٠ ألف فعل ولكل فعل  عشرة مصادر وهذا ايضا نادر (اسم فاعل، اسم مفعول، مصدر، صيغة مبالغة، مصدر مرة، مصدر صناعي، اسم آلة، اسم مكان)، يعني  ٩٠٠ ألف. وأغلب جموع المصادر سالمة ولا تدخل في الحساب. ثم هناك جموع التكسير والكلمات المدخلة والمحدثة وكله على بعضه ما بيطلع مليون بحسابات الحد الاعظم الاعظم.
 +
وليسجل القاموس هذه الكلمات الجديدة
 +
كبلغ اي كذب وبالغ
 +
انهم يكبلغون الى حد الان الانفقام اي الانفجار من السقم والملل
 +
 +
=22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج1=
 +
[https://www.facebook.com/watch/?v=460289431345565 كشكشة وكسكسة وعنعنة وطمطمانية وغيرها، لهجات العرب القديمة في لهجاتنا المحكية اليوم]
 +
 +
#العربية_المعيارية ج١
 +
هذا جرد شامل لما ورد في الكتب القديمة عن اختلاف لغات العرب او ما نسميه اليوم اللهجات. لكن التسميات المقرونة بقبيلة هي تسميات مضللة لان اللهجة مرتبطة بمنطقة جغرافية وليس بقبيلة مترحلة. على العموم هذه اللهجات كانت موجودة ومنذ بداية ظهور العربية في الكتب واولها القرآن.
 +
فاذا اخذنا مثلا لهجة نجد في السعودية والمعتبرة الاقرب الى المعيارية الفصحى لوجدنا ان كل العوامل التي تجعل من لهجة نجد عامية كانت موجودة منذ البداية. وهذا ينطبق على اللهجات اليمنية والخليجية والعراقية والجزيرية الفراتية والحورانية الشامية والاردنية والسينائية والرشيدية المصرية ويمكن كثير من لهجات السودان والمغرب العربي التي لا اعرفها؛ وغيرها من اللهجات التي تشترك مع ما نعتبره بدويا بأشياء كثيرة. هذا يعني اننا لو حذفنا الاعراب اي حركات اواخر الكلمات لاكتشفنا ان العربية القديمة وكل لهجاتها كانت موجودة في نفس الوقت اي من أكثر من ألف سنة. فما هو تعريف العربية الفصحى ومن اين جاءت.
 +
أولا يجب التنويه الى ان اللهجات الحديثة الاخرى التي لم اذكرها مثل الساحلية والجبلية والشامية الداخلية والفلسطينية واللبنانية والمصرية القاهرية والفلاحية وباقي اللهجات السودانية والمغاربية المدينية والريفية تنضوي على ما ذكر عن اللهجات العربية القديمة بالاضافة الى تأثيرات محلية من لغات مثل الارامية والسريانية والقبطية والامازيغية والنوبية والفارسية بلهجاتها المتعددة.
 +
ثانيا، ان العربية الفصحى هي العربية المعيارية. ومثل كل لغات العالم فان اللغة المعيارية هي احدى اللهجات (او خليط منها) التي اصبحت لغة نخب الدولة اي السياسة والدواوين والادب العالي والتعليم والدين. كل هذه الفضاءات اللغوية تجمعها علاقتها مع الدولة ونخبها. لا توجد لغة معيارية دون وجود سلطة. ولا اتحدث هنا عن لغات التواصل المتفق عليها مثل السواحيلية التي تكون لغة التجارة. اللغة المعيارية مرتبطة ايضا بالكتابة والتي هي بدورها احدى اهم ادوات الدولة. انا متأكد ان هناك امثلة متعددة للغات اصبحت معيارية وكانت من جمع وتنقيح الادباء والشعراء والقصاصين. لكن مثل هذه اللغات لا تنتشر الا اذا اعتمدتها النخب الحاكمة وبالتالي الدولة.
 +
ألخص مرة اخرى ان اللغة المعيارية هي لهجة او خليط من اسرة لغوية ما، وهي مرتبطة بالدولة والنخب والسلطة والمؤسسات مثل الدواوين والمعابد والمدارس. ايضا اللغة المعيارية تخرج عن التاريخ وتطوره العضوي باعتبار انها تخضع لقواعد صارمة تميز بين الصح والخطأ اي بين الفصيح والركيك. اللغة المعيارية تخضع لتمحيص النحويين واللغويين وتصبح لغة منطقية اي انها تتبع قواعد معروفة ولا تتغير وهي قواعد مشروحة ومفسرة اي منطقية. اللغة المعيارية هي اللغة التي لها قواعد، على خلاف اللهجات الاخرى التي لا يسمح ان يكون لها نحويون ولغويون ومعجميون فتبدوا وكأنها دون قواعد. المؤسسة هي مجموعة قواعد ولغة المؤسسة تمتلك الصفة نفسه. انها لغة خارج الزمن والتاريخ لانها تخضع لقواعد صارمة لا تتغير. ونحن نرى ذلك في العربية المعيارية، انها لغة النحو والمعاجم والقرآن والحديث والتعليم والدواوين.
 +
المعيارية اسمها الفصحى اي القويمة الخاضعة للقواعد والقادرة على التعبير ضمن المعايير. كل اللهجات الاخرى التي ليس لها مكانة المعيارية يجب منطقيا ان تسمى الاعجمية او غير الفصيحة. لكننا دائما نسميها العامية او الدارجة او المحكية، اي لغة العوام ولغة الكلام الشفوي ولغة الشارع والسوق، لغة الدارج والشعبي والمنتشر. فإذا موضعنا انفسنا في موضع العامية لسمينا الفصحى لغة الخاصة، اي النخب المتعلمة والدولة والمؤسسات، اللغة المكتوبة، واللغة التي لا نكررها آلاف المرات كل يوم. فهي من جانب لغة الخاصة اي النخب المنعزلة عن الشعب العام، ومن جانب آخر هي لغة الحالات الخاصة اي كل ما هو بعيد عن التكرار اليومي والشارع والسوق، فهي لغة الكتابة والمؤسسة المحترمة ذات الهيبة مثل مؤسسة الدولة ومؤسسة الدين.
 +
هذا هو تعريف اللغة المعيارية في اي بلد. فالسؤال لا يكون لماذا لا نتحدث المعيارية في حياتنا اليومية لان الجواب بسيط، انها لغة مصممة للحالات الخاصة والطبقات الخاصة. وانما السؤال هو كيف اصبحت المعياريات الاخرى حول العالم لغات الحياة اليومية بالاضافة الى كونها لغات المؤسسات. الجواب تاريخيا هو الدولة. في كل البلدان اخذت الدولة الحديثة على عاتقها تحويل اللغة المعيارية الى لغة عامية. ولم يكن هذا القرار نابعا من احساس الدولة بالواجب وانما من تطور الدولة من ملكية الى بيروقراطية تمثيلية قومية. الفرق بين الفصحي المعيارية والعامية هو الفرق بين الدولة الملكية القديمة والدولة البيروقراطية التمثيلية الحديثة. ونجاح تحويل الفصحى المعيارية الى عامية مرتبط بنجاح الدولة الحديثة. الدولة الحديثة دولة سلطة شمولية بامتياز، انها تتدخل في كل نواحي الحياة، ولذلك فهي اداة تعميم.
 +
هناك نقطة مهمة وهي ان هذه العلاقة بين المعيارية والدولة لم تعد موجودة بنفس القوة التي ظهرت بها الى الوجود في القرنين التاسع عشر والعشرين. الدولة الحديثة تتغير اليوم. لم يعد ضروريا اليوم ان تكون الدولة شمولية. علاقات السوق الرأسمالية اليوم هي التي تحكم تطور اللغات وليس الدولة. نحتاج اليوم الى لغة معيارية لنتواصل ونتواصل حتى ننتج ونستهلك. ولا نحتاج المعيارية من اجل ان نخضع لسلطة الدولة عن طريق التعليم والجيش والضمان الاجتماعي والخدمات والتمثيل.
 +
قد تكون الدولة اول ما نشأت منذ خمس آلاف سنة قد كانت دولة تنظيم جهود جمعية. لكنها سرعان ما تحولت الى سلطة مفروضة بالعنف لا تقدم اية خدمات. وفي العصر الحديث ظهرت دولة التمثيل والخدمات وتنظيم التعاون المجتمعي لكنها تغولت الى درجة هائلة بسبب الادوات الجديدة من بيروقراطية وعلوم وتكنولوجية. اما اليوم ومع الثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات فاني اعتقد ان الدولة ستخضع لتغيرات هائلة اهمها اضعاف سلطتها الشمولية ونقل خدماتها وصلاحياتها الهائلة الى المجتمع نفسه الذي كانت تزعم انها تخدمه.
 +
اليوم ما نطلبه من الدولة ليس الخدمة بالذات وانما تعميم نشر الخدمة وتوحيد معايير تلك الخدمة. ولا نزال في طور التجربة، اي الخدمات تحتاج الى تعميم وتوحيد وايها لا يحتاج. اعتقد ان اللغة اليوم ليست بحاجة للدولة فضرورات السوق ستنتح الادوات اللازمة. حتى التعميم والتوحيد لم يعودا ضروريين مع وجود الترجمات الآلية. وبنوك المعلومات الرقمية المتوفرة على الشبكة للعموم تلغي الحاجة الى دور الدولة التوحيدي. اذا اخترعت كلمة جديدة ضعها في بنك المعلومات ثم يحدد سوق تداول اللغة اية كلمة ستستمر واية كلمة ستنقرض.
 +
 +
=22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج2=
 +
 +
#العربية_المعيارية ج٢
 +
نعود الى العربية المعيارية. كيف ظهرت وما علاقة الدولة بظهورها.
 +
مع وجود كل تلك اللهجات الى جانب المعيارية منذ بداية الدولة العربية، يجعل من ظهور المعيارية امرا اشكاليا. يحلو للمسلمين ان يزعموا بأن المعيارية هي لغة قريش. لا دليل على ذلك لأن الكتابة الوحيدة التي نعتقد انها قرشية هي القرآن نفسه.  اذن المرجع هو القرآن. بالتأكيد يود المؤمنون ان يكون المرجع الوحيد. هذه هي بالتحديد الاشكالية التى واجهت الدولة عندما قررت اعتماد معيارية عربية.
 +
فما هي الدولة التي اعتمدت العربية المعيارية كلغة كتابة ولغة نخبة وادب ودواوين؟ هل هي الاموية ام العباسية؟ واي دولة اموية واي دولة عباسية؟ استمرارية السلالة الحاكمة لا يعني استمرارية في الدولة ومؤسساتها ونخبها. نعرف ان الصراع بين القيسية واليمنية استعر لفترة طويلة، ونعرف ان الصراع العربي الفارسي استعر ايضا لفترة طويلة. اذن يجب التركيز على الفترة وليس على السلالة الحاكمة. استمرارية السلالة مجرد اداة شرعنة لا غير.
 +
نعرف ان العربية اصبحت لغة الدواوين في عهد الاموي عبد الملك. فهل دولة عبد الملك هي التي اخترعت العربية اي حددت قواعدها واملاءها ومعاجمها ؟  يبدو لي من النقوش الاثرية في الحجاز والنقب وسوريا وقبة الصخرة ان العربية اصبحت لغة رسمية في عهد عبد الملك لكنها كانت لغة متطورة ومكتوبة قبله. اعتقد ان العربية عاشت قبل عبد الملك فترات صعود وفترات هبوط لكنها كانت دائما لغة ثانوية. سواءا في تدمر او الحيرة او حواضر الغساسنة ، العربية كانت موجودة وكانت لغة شعر وبلاط ملوك لكنها لم تكن لغة دواوين او لغة معابد. الدواوين والمعابد كانت بالآرامية او اليونانية او الفارسية. 
 +
المكانة الثانوية للعربية واضحة جدا لان اصحابها كانوا ثانويين في السياسة والبيروقراطية والدين. ونرى ذلك بوضوح في كثير من اخبار التراث العربي الاسلامي.  كنا اعرابا متحاربين فوحدنا الاسلام، اعطانا الله عرش كسرى وقيصر،  ضرب عمر جبلة بن الايهم فهرب الى قيصر، كل هذه الانماط من الاخبار تشير الى احساس بالدونية او بالثانوية. قلة الاخبار بالسريانية واليونانية والفارسية عن الاجتياح العربي لا تعود الى الاضطرابات فقط بل الى ثانوية العرب والعربية بالنسبة للامبراطوريتين العظميين يومها.
 +
حتى القرآن يحمل بين طياته اشارات الى هذه الثانوية. فمن ناحية القرآن جدال بين عرب توحيديين وعرب وثنيين، ومن تاحية اخرى فهو جدال بين عرب توحيديين ومسيحيين ويهود إما آراميين او يونانيين. دين العرب المؤمنين في القرآن هو نسخة من دين المسيحيين واليهود لكنه نسخة مختلفة، نسخة اعتبرها أولئك هرطقة. بالمقابل القرآن حاجج وجادل بأن دعاوى الهرطقة ضد دين العرب المؤمنين مردودة الى نحور المدعين. فدين هؤلاء المدعين هو الهرطقة والحياد عن دين ابراهيم الاصيل، في حين ان دين المؤمنين العرب هو الوحيد الذي لم يفسد وينحرف. لو كان هؤلاء المؤمنون يتكلمون من منطلق قوة لكان خطاب القرآن مختلفا ومؤسساتيا. لكن المؤمنين في القرآن كانوا في موقف ضعف واتهام وشك، ليس فقط في صحة دينهم بل ايضا في صحة موقعهم السلطوي والثقافي. كان المؤمنون هامشيين وثانويين ولذلك لا نرى لهم ذكرا في ادبيات اصحاب السلطة والدين الارثوذوكسي. وحتى بعد مائة عام من السيادة العربية لم يذكر السريان او اليونان الا اليسير عن العرب المؤمنين اتباع النبي المخادع الذي جاء بالسيف.
 +
الفرضية التي اطرحها الان هي ان العربية كلغة نخبة ملكية كانت موجودة لكنها كانت ثانوية في الدواووين والمعابد والمجتمعات المرتبطة مباشرة بالامبراطوريات حينذاك. هذا يعني انها شهدت عصورا من الصعود والهبوط جعلت احدى اللهجات او خليط منها يظهر كلغة تواصل بين النخب العربية وفي بلاطهم. هذه هي العربية التي نراها فيما يسمى بالشعر الجاهلي والشعر الاموي الاول. واعتقد ان الشعر الجاهلي لم يسبق الاسلام وانما كان معاصرا لظهوره وهو شعر البلاطات العربية. اما القرآن فهو الوجه الديني لعربية البلاطات. القرآن لم يكن كتاب الغساسنة او المناذرة وانما كان نمطا طقسيا من الادب يستخدمه العرب سواءا كانوا مسيحيين ام متهودين ام مؤمنين. وهذا يفسر تأثر عربية القرآن باللغة الدينية السائدة والمهيمنة والتي هي السريانية اي آرامية الكنيسة. ان الاختلاف الواضح بين عربية القرآن وعربية الشعر الجاهلي قد لا يكون اختلافا بين بدو وحضر فقط، بل ايضا اختلافا بين لاهوتيين وعلمانيين، واختلافا بين وثنيين وتوحيديين، واختلافا بين مؤمنين ومسيحيين ويهود، واختلافا بين لغة شعر البلاط ولغة شعائر المعبد. ولذلك اعتقد بان العربية المعيارية كانت قد دخلت طورا اوليا من اطوار المعيارية قبل استيلاء العرب المسلمين على الحكم. ويمكن ان نتخيل ان معياريتها قد اكتملت في القرنين بين عبد الملك الاموي والمأمون العباسي. في ذلك العصر تم تدوين الشعر والحديث والمعاجم وتم وضع قواعد النحو والاملاء، والاهم تم تحويل العربية الى لغة رسمية مرتبطة بدين رسمي للدولة. ولذلك فان الانطباع عند من يعمل في تاريخ بدايات الاسلام هو انه عندما بدأ التدوين فان العربية وآدابها لم تكن في مراحل بدائية من المعيارية وانما في مراحل متوسطة ولذلك تبدو العربية الاقدم وكأنها ظهرت على مسرح الاحداث جاهزة كاملة مكملة. عربية الادب كانت لغة نخب وبلاط وفرق هرطقية قبل ان تصبح لغة دولة امبراطورية. انتا نعرف من اين جاءت الفرنسية المعيارية مثلا لكن من الصعب معرفة اصول العربية المعيارية لانها كانت سابقة للامبراطورية ودوواوينها ومعابدها.
 +
 +
=22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج3=
 +
#العربية_المعيارية ج٣
 +
حسب فرضيتي فان العربية المعيارية لم تكن لغة احد وفي نفس الوقت كانت لغة الجميع، الجميع الذين يرتبطون بالبلاط والادب الراقي والدين والامبراطورية.
 +
العربية المعيارية هي لغة الكتابة والدولة والدين منذ نشوئها والى يومنا هذا. ولذلك فهي لغة تجميعية ولغة  مبنية حسب القواعد وليس العكس. من الواضح لي ان مشكلة النحويين العباسيين مع الاعراب لم تكن مشكلة فصاحة فالاعراب كانوا يتحدثون لهجات عضوية، وانما كانت مشكلة معيار.  اللهجات العضوية لغات حية اي تحكمها قواعد لكن قواعد ذات طبيعة احصائية اي ان الناس سيطبقون القاعدة في ثمانين بالمئة من الحالات وسيخرجون عنها بسبب طفرات لغوية طبيعية في عشرين بالمئة من الحالات. الانفصال بين العربية المعيارية وعربيات العوام والاعراب قديم واقدم من الاسلام الامبراطوري اي الاموي والعباسي. النحويون العباسيون لم يكونوا يبحثون عن اعراب  ليأخذوا عنهم قواعد اللغة بالاستنباط وانما كانوا يبحثون عن اعراب يتحدثون المعيارية. وهذا بالضبط كان نادرا فتارة احدى عشائر تميم وتارة احدى عشائر بكر وتارة هوازن وتارة ربيعة وهكذا. لا بل عندما كانوا يلتقون بأعراب لا يتحدثون المعيارية كان النحويون يتهمونهم بفساد اللسان ولا يأخذون عنهم شيئا. وكثيرا ما كانت الشائعات تنتشر في الاسواق والمنتديات بأن النحوي الفلاني  كان يدفع المال لأعرابي لقيه في السوق او انه كان يأخذ عن أعرابي مقيم في المدينة يتلقى الاجر لقاء اقراره بعربية النحويين المعيارية، مثل حماد الراوية وغيره. كل اشعار الاعراب الجاهليين مأخوذة عن عدد قليل جدا من الرواة المقيمين في المدن مثل حماد وثعلب. او هكذا زعم المدونون. وهنا نفهم شهرة الاصمعي المتأخر جدا. فقد جمع اشعارا من مصادر اخرى. والشائعات المغرضة كانت تقول ايضا بان حماد مولى فارسي وثعلب متنكر بزي اعرابي، او ان حماد كان يلحن ويخترع الشعر وثعلب يخترع المفردات.
 +
واذا نظرنا الى الجذور الرباعية والخماسية والسداسية في لسان العرب لاقتنعنا بأن بعض تلك الكلمات الغريبة المفشكلة والتي غالبا ما تعني امرأة قبيحة او رجل سمين هي كلمات مخترعة، تماما مثل كلماتنا العامية التي نؤلفها لتناسب الحادثة،  مثل  شعر مخزعل او مكزعل، واحوال مفشكلة، وايام خنفشارية،  وكتابة مشخبطة، وبثور مبزبزة، وحرامي متسلحب،  وغليظ متسلبط، وشخص متسلوق،  واصبع متشلوط. وفي كل مرة نغير اللفظ او الوزن لاننا نسينا الكلمة
 +
 +
=22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج4=
 +
 +
#العربية_المعيارية ج٤
 +
هذا يعني ان العربية المعيارية لا تقوم على السماع الا اذا اراد النحويون في جدالاتهم التي لا تنتهي، والكثير منها جدالات دينية او عداوة مهنة او عداوات مناطقية.
 +
العربية المعيارية ملك لنا وليست مربوطة بمرساة تاريخية الى القرن الفلاني والقبيلة الفلانية.  العربية المعيارية، ومثل اي معيار  اجتماعي، تتغير عندما نريد لها ان تتغير. انها لغة غير عضوية او على الاقل فهي لغة مجمدة اصطناعيا ومجيرة لأغراضنا المؤسساتية والسلطوية. اليوم، هي لغة تواصل بين ملايين المستهلكين والمنتجين ولغة كتابة ليس لأغراض خاصة وانما لأغراض تمس العموم. لغات العصر الحديث المعيارية يحب ان تتحول الى لغات عامية والا فإنها لن تحقق الوظيفة الديمقراطية والاستهلاكية والرأسمالية المنوطة بها.
 +
العربية المعيارية لا تزالة لغة الخاصة ولغة خاصة محكومة بالماضي المؤدلج والدين الذي تحول الى هوية قومية.
 +
اننا لا نرفع العامية الى المعيارية فهذا ما قد فعله اسلافنا وانتجوا العربية. لكننا نهبط بالمعيارية الى مستوى العموم، عموم المستهلكين، وعموم المواطنين ، وعموم المتواصلين بالتكنولوجيا، وعموم طالبي التعليم التقني.
 +
بصراحة. لا يهم ان يكون خبر كان منصوبا او مرفوعا فان هذا لا يفيد بأي شيء، وانا متأكد انه كان هناك اعراب يرفعونه واعراب ينصبونه  واعراب يفعلون ما يطلبه منهم النحويون.
 +
معاني الكلمات في المعاجم ليست اصيلة ولا اصلية، انها لحظة واحدة في تاريخ الكلمة. لسان العرب يعطينا المعنى البدوي لقبيلة ما ويهمل معاني اهل الحواضر واهل العلوم والفلسفة، كما يهمل معاني العوام المتجددة.
 +
المعاجم اليوم لا تحتاج لان تكون اصيلة وان تبقى على حال ثابتة، وانما ان تكون مفيدة ووظيفية.
 +
نلاحظ ان ترتيب المعاجم العربية حسب الجذر يفيد اللغويين ولا يفيد المتعلمين، لان المعاجم القديمة كانت مكتوبة من اجل اللغويين ودراساتهم ومجادلاتهم. المعاجم القديمة لم تكن لخدمة متعلمي اللغة العربية.
 +
خذ مثلا الاحاديث. بسبب اهميتها الفقهية اخذ المتأخرون يرتبونها على احرف المعجم . حتى الترتيب حسب المواضيع اختفى لصالح الترتيب الابجدي. لكن المعجم مرتب حسب الجذور
  
 
[[تصنيف:فقه اللغة والمصطلحات]]
 
[[تصنيف:فقه اللغة والمصطلحات]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٢٢:٣٧، ١٢ فبراير ٢٠٢٥

8 أيار 2018، مراجعة الإرث اللغوي للنهضة العربية

عندي مشروع مراجعة الارث المفهومي واللغوي لما يسمى بالنهضة العربية ومن بعدها فترة الاحزاب. اعتقد ان جل مفاهيمنا المجتمعية والسياسية واللغوية تعود الى تلك الفترة التي كانت مفيدة لكن اصبح من الضروري تخطيها. مفاهيم مثل الاسلام دين ودولة، التمدن، التخلف، الحضارة، الامراض الاجتماعية، الشرق، الغرب، الاصلاح، المصلح، المثقف، المتنور، وطني، عميل، زعيم، جمعية، حزب، السياسة، الدولة، الاستعمار، المؤامرة، الماسونية، طبائع الاستبداد، الاخلاق العربية، الحضارة الاسلامية، التاريخ الاسلامي، الفن الاسلامي، الفلسفة الاسلامية، الامة، العروبة، اجدادنا العرب، اقلية، حقوق الاقليات، القومية، العدالة الاجتماعية، دستور، الشريعة الاسلامية، تنمية، تصنيع، برجوازية، اقطاعيين، ابناء جلدته، علمانية، اشتراكية، الخلافة العثمانية، الخلافة الاسلامية، الطائفة، الطائفية، الظلم، العدالة، الاثرة والايثار، جابر عثرات الكرام، القناعة كنز لا يفتى، المعلقات، الشعر الجاهلي، عصور الانحطاط، النهضة، القضية، الملتزم، الفن الملتزم ... كلها مفاهيم بحاجة الى مراجعة ونقد. حتى اللغة العربية التي اخترعوها وترجموا اليها وكتبوا بها بحاجة الى مراجعة واعادة بناء.


DrAli Asaad

جهد نوعي بلاشك لأنه دليل على سعيك للتحرر وتحرير الآخر من أسر المفاهيم والمصطلحات التي تسيطر علينا. عندي سؤال لو سمحت: على أية قاعدة معرفية أو منطلق فلسفي ستقف في مراجعتك هذه أو عملية إعادة البناء التي ستقوم بها؟

Ahmad Nazir Atassi

ليست عملية تحرير وانما مراجعة. لا يمكن للانسان الافلات من الايديولوجيا، لكنه يمكن ان يؤقلم الايديولوجيا مع الواقع والتطلعات الجديدة. من اجل النقد يمكن استخدام بارادايم مجتمع المواطنة ودولة الخدمات والمؤسسات، بدل مجتمع العشائر والعائلات المتنافسة، ودولة السلطان والخليفة. البحث المعرفي المستقل عن اجندات دول مثل دول الخليح. المنهجية في البحث والتصحيح المستمر بناءا على الواقع كما هو وليس كما يجب ان يكون. نقج اسقاطات القومية والسياسىة الاسلاموية على التاريخ. ماعندي مشروع اعادة بناء وانما تحليل ونقد. البناء جهد جماعي وليس نخبوي مفروض من فوق.

حسام الدين درويش

لدي الميل والتوجه إلى التركيز على التحليل المفاهيمي، وهناك احتمال أن أشتغل على مفهوم العلمانية والمفاهيم المتصلة به في السياقين الغربي والعربي منذ عصر النهضة. سلامات

Ahmad Nazir Atassi

دائما اصطدم باللغوي مع ان القصد هو المفاهيمي. العلمانية، منذ عصر النهضة، هذا مشروع معتبر. اعتقد ان الكتابة المسيحيين في عصر عبد الحميد استخدموا للعلماني في معرض تبريرهم رفض السياسة الحميدية باسم المساوة في الحقوق، لكني لا اعتقد انهن كانوا علمانيين انفسهم فقد شرطوا مواطنتهم بهويتهم.

معاوية الصباغ

رأي شخصي: لاتضيع وقتك لأن هذه منتجات آخرين في عصرهم فلهم ماأنتجوا وليس لنا من هذه المنتجات إلا تسطير كتب التاريخ ستقول لي ولكن يوجد من يحييها ويتبناها بعصرنا الحالي ويبني أعمالا عليها جوابي: تفضل واستثمر جهودك بإيجاد البديل المعرفي المناسب للحاضر ويؤسس للمستقبل وإذا أردت البدء بمشروع فليكن مشروع تنمية معرفية بناء منظومة معرفية جديدة هو الحل وهو العمل الصعب أما مراجعة القديم فهو أمر مقدور عليه وهو كالحراثة في بحر مالح لايبنى عليه تنمية وستضيع وقتك وعمرك بالصراع مع الآخرين تفضل أجب على الأسئلة التي تفيد الإنسان الحالي وستجد أنك بدأت تنتج مفاهيم جديدة وتضع مصطلحات جديدة وليكن المنطلق متطلبات الواقع الحالي مثلا سوريا لازالت كلمة ليس فيها مضمون حقيقي

Ahmad Nazir Atassi

الإهتمام بهذا الموضوع ليس لأني مهتم بالتاريخ، وإنما لأن هذه المفاهيم تأسست في ذلك الوقت ولم تتطور من حينها. البناء لا يكون بأن تقول للناس أنتم غلطانين وهذا هو الصحيح. يجب أن تحلل أولاً وتدخل في نقاش، ثم عملية البناء تتبع بنفس الطريقة أي نقاش. لا أستطيع أن أقول لهم أنا أعرف أكثر منكم وهذا ما يجب أن تفعلوه

Ahmad Nazir Atassi

المعايير العالمية هي معايير غربية. لكن ما مشكلة. يمكن أن نقبل بها على انها معايير كونية. سنعلم أطباء ومهندسن وحرفيين وسنرفع عدد الأسرة في المشافي وسنمحو الأمية وسنزيد تنافسية منتجاتنا وسنزيد عدد الكتب المطبوعة وسنزيد عدد المسارح. لكن من سيفعل كل هذا؟ هل المجتمع وحده سيقرر أن هذا هو الطريق وسيبدأ العمل ببناء الجامعات الخاصة والمستشفيات الخاصة ودور السينما؟ نعرف ماذا سندرس في قسم الفيزياء والهندسة لكن ماذا سندرس في قسم السوسيولوجيا وقسم العلوم السياسية وقسم الفلسفة وقسم الدراسات الدينية وقسم التاريخ وقسم الموسيقا؟ هل كلية الشريعة هي نفسها كلية الدراسات الدينية؟ أي تاريخ سندرس وماهي الدروس التي سنستخلصها؟ أية علوم سياسية سندرس؟ أية نظريات سوسيولوجية؟ من سيقوم بحفظ الأمن، من سيجمع الضرائب، كيف سننفق الضرائب، هل نحتاج إلى رئيس؟ هل نريد الفقيه ليقود الدولة أم رئيس؟ هل الدولة علمانية؟ من هي الاقليات، هل نعترف بحقوقها؟ أية لغة سنستخدم في الدولة والمدارس؟ هل سنعاقب المفطر في رمضان؟ هل سنطبع الكتب الدينية فقط أم الكتب البحثية العلمية أم الروايات، ما هي الكتب المفيدة؟ هل سنعلم الطلاب المعلقات أم أشعار بودلير؟ من قال أن الماضي مرير، تفرج على المنجزات العظيمة للتاريخ الإسلامي؟ لكن لحظة، هذا ليس تاريخاً إسلامياً إنه تاريخ الجميع؟ ولماذا لا يقرر الاكراد مصيرهم والعلويون مصيرهم والحلبيون مصيرهم؟ لماذا حدودنا كما هي الآن وليس إلى البصرة وأنطاكيا؟ هل نريد طبيبات أو أطباء ذكور؟ كم عددهم؟ من سيدخل كلية الطب وكيف نحدد هذا؟ من سيضع مناهج الجامعات الخاصة؟ هل النقابات مرتبطة بالدولة؟ هل نمنع أكلة الكبة المشوية لأنها تضر بالصحة وترفع الكلستيرول؟ ما هو تعريف البناء لاأثري وهل نحافظ عليه؟ كم من ميزانية الدولة يذهب إلى الدفاع؟ هل قضية فلسطين مهمة، هل نعمل علاقات سياسية واقتصادية مع إسرائيل؟ لماذا علينا أن ننتسب إلى الأمم المتحدة؟ هل منظمة التجارة العالمية مفيدة لنا؟ هل نفرض حجاب المرأة أم نتركه لقرارها الشخصي؟ إذا ضربها ابوها أو زوجها على نزع الحجاب هل تعاقبه الدولة؟ هل هي قضية حق عام أم حق خاص؟ ماذا سنعرض في دور السينما، من يحدد المشاهد الكسيئة والمشاهد غير المسيئة؟ هل نترك الباحثين يلعبون بالجينات على كيفهم؟ هل يمكن أن نصنع جنين في حاضنة؟ هل نحافظ على قانون ملكية الاراضي؟ هل النظام الرأسمالي الأوروبي أحسن ام الراسمالي الأمريكي؟ لماذا نعطي ضماناً صحياً للجميع حتى العاطلين عن العمل؟ كم نسبة الضريبة من دخل الفرد؟ هل سنفرض الجزية على المسيحيين؟ ما هي حرية التعبير وأين حدودها؟ اعطني قياسات معيارية لكل هذه الاسئلة وأنا ساتبعك إلى المريخ.


8 أيار 2018، الوطنية

"هذا وطني"، "شب مثقف وطني"، "مناضل وطني" هذه كلمات لا زال نسمعها في الأحاديث السورية. لكن استخدامها كان أكبر عند آبائنا. كل مذكرات وكتب عن تاريخ سوريا تعج بمصطلح وطني، وحتى الكتابات العثمانية فيها الكثير من استخدام الوطن، والوطنية، والوطنيون. "الدين لله والوطن للجميع" هذا شعار معروف من عصر ما يسمونه النهضة العربية؛ "موطني موطني"، نشيد معروف وانتشر كثيراً منذ بداية التظاهرات وهو لا يزال يؤثر في الناس. "هذا عميل وخائن"، "بيقبض"، "ما وطني". هذه مصطلحات مرتبطة لكنها ليست بالضبط معاكسة. فماذا يقصدون بهذه المصطلحات؟ والأهم من ذلك لماذا يستخدمونها وأين وكيف؟ وكيف يجب أن نفهمها. "الوطن" مصطلح أيديولوجي كحال معظم المصطلحات التي نستخدمها يومياً وخاصة في الشأن العام. أعتقد، وبحاجة إلى مزيد من البحث، أن أول استخدام للمصطلح لم يكن في الأدبيات العربية وإنما في الأدبيات العثمانية التركية. في النصف الثاني من القرن التاسع عشر صعدت تيارات فكرية تريد حماية الإمبراطورية العثمانية من التدخل الخارجي والأزمات الداخلية التي بدات تتكاثر. بعض هذه الافكار كان عند النخبة الحاكمة وبعضها كان عند تيارات معارضة، لكنها جميعها استخدمت مصطلح الأمة القومية وأرض الأجداد (أي وطن) وأرض الدولة (أي وطن) التي تمثل الأمة، وهي مصطلحات كانت رائجة وقتها في أوروبا أيضاً (لم يكن العثمانيون وراء الركب، أي متخلفين، بل كانت تصلهم الأفكار أولاً بأول). ظهرت عدة مشاريع لتحقيق الأمة والدولة الممثلة لها، التنظيمات العثمانية استخدمت هذه المصطلحات، السلطان عبد الحميد كان عنده مشروع، تركيا الفتاة، لجنة الإتحاد والترقي، العرب المسيحيون، اليونان، وكل شعوب البلقان كان لديها تصورات محتلفة عن هذا المشروع. ثم جاء الاوروبيون أثناء الحرب العالمية وفرضوا مشروعهم الخاص. في حالة سوريا كان هناك معارضة للوجود الفرنسي (ليس من الجميع) وللمشروع الفرنسي (ليس من الجميع)، لكن السوريين لم يتفقوا يوماً على تعريف الوطن والأمة والدولة. وبعد الإستقلال تابعوا صراعاتهم ليس على أمور يومية فقط بل كذلك على أمور وجودية مثل الوحدة مع العراق، الوحدة مع الأردن، الوحدة العربية، الدولة الليبرالية، الدولة القومية، الدولة الإشتراكية. يمكن القول أن السوريين كانوا يتصارعون على مشاريع تعريف الدولة وليس على بناء مؤسسات الدولة. وهنا يكون مدخلنا إلى مصطلح "وطني" الذي استعاره السوريون من الأدبيات العثمانية. وعندما سقطت الإمبراطورية العثمانية ولم يعد ممكننا المساواة بين وطني وعثماني، وانزاح المعنى ليشمل معاداة الإنتداب. يعني "وطني" = معادي للإنتداب. لكن ما هو عكس الإنتداب؟ لا أحد يعرف. عكس الإنتداب لم يكنا "وطناً" واضح المعالم وإنما مشاريع متنافسة. إذن "وطني" بعد الإنتداب كانت تعني "مناصر لمشروعي" عن الدولة والوطن. ومن هنا يأتي الإلتباس. أولاً الغالبية اتفقت أن مناصرة الدويلات التي خلقتها فرنسا تعني "غير وطني"، وهذا جعل وضع بعض العلويين ملتبساً وحتى بعض الدروز. أما المناصر لدولة مستقلة في لبنان فليس "غير وطني" لأن الجميع قبل بمشروع لبنان الفرنسي. إذا اعتقدت أت سوريا يجب أن تتحد مع العراق فأنت وطني، وإذا أردت الإتحاد مع الأردن فأنت وطني، وإذا طلبت الإتحاد مع مصر فأنت وطني، وإذا شاركت في ثورة الكيلاني في العراق فأنت وطني، وإذا شاركت في حرب فلسطين فأنت وطني، وإذا شاركت في حرب الجزائ فأنت وطني، وإذا عملت إنقلاب دعمته فرنسا فأنت وطني، وإذا عملت إنقلاب دعمته أمريكا فأن وطني، وإذا أخذت دعم من السعودية فأنت وطني، وإذا خضعت لتعليمات الإتحاد السوفياتي فأنت وطني، وإذا أردت دولة إسلامية فأنت وطني، وإذا اردت دولة إشتراكية فأنت وطني. لكن في كل حالة أنت "وطني" من نوع مختلف، وحسب مشروع مختلف للأمة والدولة. كثرة استخدام "وطني" لم تكن دليلاً على تزايد وطنية الناس وإنما دليلاً على تزايد المشاريع المتضاربة. فأنت وطني إذا كنت من جماعتنا وعميل إذا كنت من جماعة أخرى. نلاحظ أن المخالف في الراي ليس معارضاً وإنما عميل وغير وطني ويقبض من الخارج. العمل السياسي في سوريا لم يكن من أجل بناء مؤسسات وإنما من أجل تعريف من هو وطني ومن هو عميل، والكل كان يتلقى دعماً من أطراف خارجية. لذلك فإن تهمة عميل كانت رائجة فالكل عميل، لكنك تريد العميل من جماعتك "اي الوطني" وليس العميل من جماعة معادية "أي العميل الحقيقي". واليوم عدنا إلى نفس الماساة. سوريا ليست بلداً وإنما مشروع بلد ولذلك ليس هناك سياسي أو معارض بل "وطني" و"عميل". وبالطبع الكل سارع إلى الإستقواء بالخارج كما كان السوريون يفعلون منذ الإستقلال وحتى قبله. واليوم هناك معضلة حقيقية: بما أن ثورتك فشلت في إقامة دولة جديدة فكيف تكون وطنياً إذا كنت رافضاً للدولة القائمة. أنت أصبحت مثل الفلسطيني، أي تنتمي إلى شيء غير موجود (دولة سورية جديدة ومختلفة). وفي أحسن الأحوال أنت تنتمي إلى أرض لا تعيش عليها. أنت تقول أنهم مستوطنون وهم يقولون أنك غير وطني ويسحبون منك جواز السفر. هذه معضلة حقيقة لا أعرف كيف أحلها أو كيف سيحلها ملايين السوريين. لا تزال سوريا مشاريع متنافسة، وكلمة "وطني" لا تعني شيئاً محدداً. إلى من سأل لماذا نتكلم عن الماضي ولا نلتفت لبناء المستقبل، هذا جوابي: أعطن تعريفاً لوطني أو سوري يشترك فيه الجميع دون أن تحل مشاكل التاريخ (يمكن أن تضع نقطة بداية التاريخ حيث تريد). يمكن أن تقول، نعرّف سوريا الجديدة ويكون الوطني من ينتمي إليها. بالطبع هذا هو الجواب البسيط لكن أي سوريا، أي مشروع، كيف سنتفق عليه.

8 أيار 2018، مصطلح الأمراض الاجتماعية

ما الغرض من مناقشة مصطلح مثل الامراض الاجتماعية. هل عم اعطي خطبة مثل خط راتب النابلسي، ام عم احكي سياسة، ام عم اتفلسف حيث لا توجد فلسفة. تحدثت سابقا عن نقد مصطلحات ما يسمى بعصر النهضة العربية وما تلاها من عصر الاحزاب. كتاب عصر النهضة نظروا الى انفسهم كمعلمين للمجتمع. وكانوا في ذلك يتفاعلون مع اهم موضوع في تلك الفترة، اي ماذا نفعل بالتحدي الذي يفرضه علينا الغرب من كل الجهات، لغويا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا .... الخ. كيف نرد، هل نتبع هديهم ام نصر على ما نحن عليه. من الواضح انهم اقوى منا واننا هزمنا على كل الصعد وان التدخل الغربي يخترقنا يمينا وشمالا. فما هو الرد المناسب، عما ندافع، وبماذا نحتفظ. مدارس الارساليات في كل مكان، البضائع تغزو الاسواق، الاسلحة الجديدة مخيفة، الافكار معقدة وتتولد كل يوم، الناس مبهورون، الغربيون يتهموننا بالتخلف بالقياس الى تقدمهم، وهم يهاجمون ديننا ويعرفون عن تاريخنا اكثر مما نعرف ويدرسوننا كما يدرس العالم الطبيعة. اذا اعترفنا بالهزيمة فيجب ان نزيد قوتنا ومناعتنا، وربما يجب ان نعرف سر قوتهم وغلبتهم، وربما يجب ان نكون مثلهم. كان رجل الدين هو الطبيب الاجتماعي، يقول لنا ان القهوة من عمل الشيطان وان السيجارة من المنكرات واننا ننهزم بسبب ابتعادنا عن الدين واقترافنا الذنوب، وعندها نعرف كيف نصلح احوالنا. اليوم حتى اهل السلطة والمال يرسلون اولادهم الى مدارس الارساليات ومن ثم الى الجامعات العلمانية. اصبح المتعلمون في هذه المدارس والجامعات موظفي دولة وافندية واصحاب نفوذ. وظهر كاهن جديد اسمه المثقف المتنور. درس في الكليات الغربية وعرف العلوم الحديثة واصبح هو الطبيب والمصلح الاجتماعي. هؤلاء لا يشخصون الحالة بالادوات الدينية وانما بالادوات العلمانية العلمية الحديثة. واعتقد ان مقولة الامراض الاجتماعية هي من تشخيصات مشعوذي التنوير وكهنة الحداثة. عمامتهم طربوش، وكتابهم المجلة، ولغتهم مترجمة، وانبياؤهم فلاسفة اوروبيون مثل رينان. يكتبون موسوعات ويتبادلون المقالات في المجلات ويؤسسون الجمعيات ويتراسلون مع العالم الاخر وملائكته من المستشرقين ويترجمون اخر الابحاث في تاريخنا الذي يسمونه بالتاريخ الاسلامي، وبدؤوا حديثا تاسيس المدارس والاكاديميات اللغوية وطباعة كتب التراث التي حققها الغربيون في بولاق وبيروت واسطنبول. وزاروا اوروبا وتعرفوا على ما يسمونه الحضارة او التمدن. فهل فعلا شخص المتنورون امراضا اجتماعية حقيقية، وما معنه هذا المصطلح، ام شخصوا ذنوبا ككهنة الدين وزعموا ان ارباب الحضارة غاضبة علينا وتريدنا ان نتوب.

12 حزيران 2018، مفهوم المنهجية بدلًا من العقلية

انا من الرافضين لمفهوم مثل العقل العربي او العقل المسلم لانه يوحي الجمود والحتمية واللاارادة. لكن ردود الافعال السلبية على المفهوم تزول اذا استخدمنا مصطلح منهجية في التفكير، او ما افضل تسميته بالعقلية، فالمنهجية توحي الاداة التي قد يختارها المرء او يتركها. الربط بين المنهجية وصفة عربي او مسلم ربط تعسفي، فلا كل ما هو عربي او مسلم يحمل او يستخدم هذه المنهجية. لكنها منهجية موجودة في التحليل والبحث الفكري. هذه المنهجية تقوم على التجميع، اي تكتفي بالنقل، نقل من القدماء وعرض لارائهم جنبا الى جنب دون اية محاكمة جدية. او ان المحاكمة تعتمد على محاولة تصنيف ومناغمة ما تم جمعه. ولا غرابة ان العربية الحديثة تجمع بين كاتب ومؤلف كمترادفات، وما هما بذاك. الكاتب يخترع ما يكتبه والمؤلف يجمع النصوص ويؤلف بينها، اي يحاول مناغمتها وتصنيفها. يبدو اننا نتعلم هذه المنهجية في المدرسة وخارجها، لانها منتشرةومعممة عند كثيرين من مستويات معرفية متفاوتة. التخلص من هذه المنهجية اخذ مني جهدا واعيا كبيرا ولا ازال اخشى الوقوع فيها. واني اراها عندما اتصفح المقالات والكتب العربية وحتى البوستات على الفيسبوك. لا اريد ان انتقد اشخاص او كتابات معينة وانما اريد ان احلل المنهجية. اولا لا علاقة لهذه المنهجية بالدين، وان كانت منتشرة بكثرة في بعض اصناف الادبيات الدينية مثل الحديث والتفسير. وهي ايضا منتشرة في الكتابات التاريخية والسير والتراجم والادب القديم. من المزعج حقا قراءة كتاب بثلاثمئة صفحة ليس فيه من الكتابة الا توليف مواد اقدم، مرفقة ببعض الاراء التي لا ترقى الى صفة النقد المنهجي. بشكل عام النقل في العصور القديمة كان يشغل جل وقت الدارس. لم تكن الطباعة موجودة لتحرر الدارس من حفظ مقالات القدماء في الذاكرة عن ظهر قلب. اغلب الدراسة كانت حفظا لما قاله الاولون من النسيان. ومن هنا جاءت قدسيه بعض النصوص القديمة. افضل مثال لهذه المنهجية في تحصيل المعرفة والدراسة هو دراسة الاحاديث والتواريخ والاخبار. العنعنة والاسناد يخدران العقل، والحديث او الخبر مكتفي بذاته وهو خارج اي سياق تاريخي او ثقافي بالمعنى الواسع. لقد كان لصعود اهل الحديث في القرنين الهجريين الثاني والثالث اثر كبير في نشر هذه العقلية. ولا غرابة ان المحدث احمد بن حنبل كان من اوائل من عطل العقل بوجود النقل. ادرس اهل الحديث منذ اكثر من عقد ونصف من الزمن. لا ابالغ اذ اقول انهم من اقل من درست معرفة وعلما ومنطقا ومعرفة بالعربية. وياتي بعدهم المؤخون وكتاب التراجم الذين كانوا غالبا من المحدثين. من المفيد الاشارة الى هذه المنهجية كما نستعملها اليوم، وصفها، وتحليلها وابراز عقمها وتخطيها الى منهجيات علمية اكثر انتاجا وافضل نتائجا.


11 كانون الأول 2018، معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

جهد ممتاز ومشكور. كنا نتمنى معجم تأصيل لكن هذا يأتي إن شاء الله. نتمنى فتح باب للتفاعل مع الجمهور. معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

13 كانون الأول 2019، توسيع الأبجدية العربية

تعقيبا على البوست الهام جداً أدناه للصديق حسام فإني أريد أن أروج لفكرة قديمة تراودني بين الحين والآخر. يجب توسيع الأبجدية العربية وتصميم كيبورد عربي جديد لسد الحاجات التالية: 1. هناك ألفاظ نحتاجها ليس لها مقابل في العربية لكنها تدخل مع الكلمات الأجنبية المقتبسة كما هي من لغات أخرى. مثل أصوات: p, v, g, french u or german u umlat or turkish u umlat; french e or german e umlat, or turkish o umlat; english ai or german a umlat 2. نحتاج كثيراً إلى كتابة كلمات أجنبية باحرف عربية مثل أسماء الاشخاص وأسماء العلوم والأدوية والآلات والأجهزة والتقنيات. اللغة اليابانية اخترعت أبجدية كاملة إضافية لكتابة الكلمات الأجنبية. وهذا يكون بإضافة أحرف للالفاظ المذكورة سابقاً أو تحوير بعض الحركات لتناسب الأحرف الصوتية القصيرة مثل o, e, وغيرهما 3. هناك ألفاظ في المحكيات نحتاج إليها عندما نكتب بالمحكية. وهنا يجب الحفاظ على صلة مع الحرف الأصلي. فمثلاً القاف الشامية المدينية يمكن أن تكون قاف قوقها همزة، والكاف العراقبة يمكن أن تكون كاف فوقها شين صغيرة، الضاد العراقية والخليجية والمغاربية يمكن أن تكون ضاد فوقها ثلاث نقاط أو أية إشارة أخرى. الياء المخففة (الإمالة) كما في قراءة عيسى وموسى القرآنية وهي اللفظ الاصلي للنبرة على الغالب. وكذلك القاف المنقلبة g، والجيم المنقلبة ياء، والقاف المنقلبة غين، والجيم المصرية واليمنية، والكاف المنقلبة تس أو تش 4. يجب أن تعامل الحركات كحروف لأننا فعلاً بحاجتها لتمييز الكلمات. مثلاً المبني للمجهول، اسم الفاعل واسم المفعول في الأوزان المزيدة، الافعال المشتركة بالجذر الثلاثي لكن المخالفة بالتشكيل، الظروف التي كلها منصوبة بتنوين الفتح. هذا عدا عن الذين يحبون استخدام علامات الإعراب. 5. إضافة مفتاح إلى الكيبور ينقل الكاتب مباشرة إلى الأحرف اللاتينية ويفتح حيز محدد بمستطيل لكتابة الأحرف اللاتينية ويغير اتجاه حركة مؤشر الكتابة ويقسم الجملة الطويلة بين الأسطر حسب قواعد متفق عليها. 6. النقطة العربية في آخر الجملة تقريباً غير مرئية ويجب إيجاد حل لها. في المخطوطات القديمة نهاية الجملة كانت نقاط مثلثة أو حرف نون مقلوب (تقريبا دائرة فيها نقطة). 7. بعض الفونط لا تخلق حيز للحركات منفصل عن الحرف فتندمج الحركة مع الحرف. يجب تصحيح ذلك. اقترح إضافة الحركة فوق نهاية الحرف وليس فوق منتصفه. 8. الفونط المائل في العربية غير مفيد لأن ميلانه ليس ملحوظاً دائماً. كما أن العربية بسبب اتصال أحرفها يمكن أن تكون مائلة بطبعها. لذلك يجب إيجاد أداة إظهار غير الإمالة. 9. التخلص من زر مخصص لـ لام-ألف، لام-مدة لأنها مركبة وتوفيرها كمركبة لا يختصر الوقت بل أحياناً معرقل لأت كتابة ألف-لام مركبة بالغلط يعني حذف حرفين وليس حرف واحد وبالتالي ضربتين على زر الحذف. 10. الأحرف مع نقطة مثل ح-خ، ص-ض، د-ذ، ط-ظ، ر-ز، ع-غ يمكن اختصار مقاتيحها من 12 إلى 7 أي إلى مفاتيح ح، ص، د، ط، ر، ع مع مفتاح للنقطة. وهذا يعطينا خمسة مفاتيح شاغرة نحن نحتاجها ويريحنا من مفتاح الذال الموجود في الطرف الأعلى اليسار والمزعج حقيقة. تواجد الحرف والحرف المنقوط المقابل له جنباً إلى جنب على لوحة المفاتيح لا يسرع الكتابة. بل على العكس يبطئها. وهذا متعمد لأن الآلات الكاتب بالمطارق كانت مصممة لتبطيء الكتابة حتى لا تتشابك المطارق. 11. يجب أن يقترح برنامج الكتابة تشكيل حرف الجذر الأوسط لأنه يفصل بين الافعال المختلفة المتشابهة الجذور (غالباً واحد منها فقط مستعمل بكثرة). ويمكن أيضاً إستخدام ! في أول الكلمة ويقلبها البرنامج مباشرة إلى مبني للمجهول أو أسم مفعول بالتشكيل المناسب لحرف المضارعة وللحرف الأوسط للجذر. 12. وحتى الكتابة بالعامية يمكن برمجة مفتاح واحد بحيث يحول كل الأحرب المنطوقة بشكل مختلف في العامية عن شكلها الفصيح. وويقوم كل مستخدم ببرمجة خياراته العامية بنفسه. 13. تصحيح الكتابة العامية أوتوماتيكيا بعد وضع قواعد لكتابتها: يدمج الكاتب الفعل مع حرف الجر أو حرف الجر مع الإسم فيقول: بعتلك بدل بعتت لك أو بعتّ لك، أو يقول عالشباك بدل على الشباك أو ع الشباك. يمكن الإتفاق على استخدامات مثل هالبيت للإشارة، رح أكتب للمستقبل، عم آكل للإستمرار. في الحقيقة يمكن الإتفاق على كتابة استخدامات مشتركة لكل العاميات. مثلاً حرف المضارعة الإضافية (باء في المشرق، كاف مكسورة في المغرب)، الإستقبال (رح، ح، باش)، الإستمرار (عم/عب، عمال، قاعد)، نون الجماعة في الأفعال (موحودة أو محذوفة)، نون النسوة في الأفعال (موجودة أو محذوفة)، الملكية (تبع، ديال، مال، حق)، الفعل المضعف (إستخدام الياء في التصريف مثل حبيت ومليت)، الهاء في المؤنث والجمع (كتابها/كتابا، كتابهم/كتابون)، النفي (ما بدل لا أو لم، أو إضافة الشين، في الماضي والحاضر)، تعطيل الجذم في الأمر أو إطالة حركة لام الفعل أو حذف الهمزة من المقدمة (كتوب بدل أكتب، إبكي بدل إبكِ)، عدم حذف حرف العلة في حالة النكرة (قاضي بدل قاضٍ)


حسام الدين درويش

هل من ضرورة/ سبيل لتوحيد الكتابة العربية لل g الأجنبية؟ فهل نكتبها: ج، أم غ، أم ك، أم ق، أم ماذا؟ وهل الكتابة العربية لهاتين الكلمتين هي الشائعة فعلًا: Telegram تيليجرام Instagram انستقرام ........ ذكرت مرة أنه حصل معي موقف طريف ومحرج، وكان سببه تعدد طرق الكتابة العربية للأحرف الأجنبية. فاسم الفيلسوف الألماني Kant يكتب باللغة العربية بأربعة طرق: كانط، كنط، كانت، كنت. وفي كتاب البكالوريا السوري القديم كان يكتب "كنت" أو "كانت" (لم أعد أذكر بدقة) أما في أحد كتب السنة الأولى في قسم الفلسفة فكان يكتب "كنط" أو "كانط" . وقد توهمت أن هذه الأسماء تعود على أشخاصٍ مختلفين، وفي إحدى النقاشات التي جرت في إحدى المحاضرات دافعت عن رأي "كنت" وانتقدت رأي "كانط". لحسن الحظ حينها لم ينتبه أحد إلى هذا الأمر، ومضت الأمور على خير 🙂. فرأفة بأمثالي الخطائين، ألا ينبغي التفكير في توحيد الرسم العربي للأحرف الأجنبية، الساكنة على الأقل؟ أنا خايف من فتح حساب على انستغرام، مع التفكير في فتح حساب آخر على انستجرام أو انستقرام ...!

19 كانون الأول 2019، عن يوم اللغة العربية

Ahmad Nazir Atassi

انا مع ما يقوله الاخ عبدالرحمن الهجام في بوسته ادناه. تذا المجتمع الدولي اعطى اللغة العربية يوما لها فذلك لانها لغة حية في الحاضر. وكل ما يفعله المتفاخرون هو ردها الى الماضي. عدد مفردات العربية مبالغ فيه كثيرا. لسان العرب لا يحتوي الا مفردات الاعراب البدو وشعرائهم بالاضافة الى القرآن والحديث بينما يغفل تماما وبكل جهالة منتجات الحضارة في الشرق الاوسط بين عامي ٧٠٠ و١٥٠٠ الفخر الفارغ القائم على الاشعار القديمة التي تعبر عن اراء كتابها القدماء لا يعني ان العربية متناغمة مع العصر الحديث. لا بل الدراسات تشير الى ان الاجيال الحديدة في الشرق الاوسط تتكلم الانكليزية باطراد حتى في البيت. وكثير من المتفاخرين يرسلون اولادهم الى المدارس الاجنبية منذ الصفر. انت تدعم العربية اذا اخترعت ملمة حديدة او معنى جديد ولكنك لا تدعمها اذا تذكرت بيتا للفرزدق او حتى المتنبي فلا احد يتكلم لغتهم. انت تدعم العربية اذا كتبت فيها اعقد الافكار الفلسفية وليس فقط اذا حفظت القرآن. حفظ القرآن يحافظ على القرآن وليس على العربية فلا اخد يتحدث لغة القرآن. انت تدعم العربية اذا علمت نفسك ان تتكلم بها خطبة في عملك او اجتماعاتك، ولا تدعمها اذا ابقيتها حبيسة الكتب القديمة والمسجد. انت تدعم العربية اذا طورت لغة خطاب سهلة تجمع الالفاظ المستخدمة في العامية لانها اغلبها ألفاظ فصيحة، ولا تدعمها اذا تجنبت كل العامية وكأنها قاذورات انت تدعم العربية اذا شجعت اولادك على حفظ الشعر الحديث كما تشجعهم على حفظ الشعر القديم. انت تدعم العربية اذا توقفت عن نسخ ولصق اسماء المطر والسيف والاسد فلا احد يستخدمها اليوم فالمطر توقف والاسود انقرضت والسبوف اصبحت في المتاحف. انتتدعم العربية اذا توقفت عن زعم انها تعبر عن ادق تفاصيل النفس والحياة فهذا غير صحيح، وليس ذلك لعجز العربية وانما لعجز مستخدميها على استنباط كلمات جديدة معبرة. انت تدعم العربية اذا حسنت املاءك عندما تكتب على الفيسبوك. حتى العامية لها قواعد املاء. انت تدعم العربية اذا توقفت عن نشر محاضرات متفذلكين يشرحون لنا غريب الكلمات البدوية القديمة وتعقيدات قواعد لم يعد يستخدما احد. انت تدعم العربية اذا تركت الاعراب كتمرين مزعج في النخليل اللغوي ومارست الاعراب الخقيقي وهو الكلام دون خطأ. انت تدعم العربية اذا سكنت اواخر الكلمات وحفظت ماء وجهك بدل ان تلصق حركات الاعراب حيث لا تصح. واجمل ابيات بالعربية هي ابيات لطلال حيدر من بحر غير شكل (مكتوب بقواعد الاملاء الصحيحة) بغيبتك نزل الشتي قومي اطلعي ع الباب في فوق سجادة صلاه والل عم بيصلوا كتار صوتهن متل مصر المرا وبعلبك الرجال ع كتر ما طلع العشب بيناتنا بيرعى الغزال


عبدالرحمن الهجام

- العربية ليست أعظم أو أفضل أو أحسن من غيرها وهذا القول مدحوض علميا منذ فردناند دو سوسير أب اللسانيات الحديثة. - وليست لغة أهل الجنة فلو صح ذلك فماهي لغة أهل النار إذن ؟ والثابت أنهم يتكلمون كما يورد القرآن ( " قالوا ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون " / " وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربّك قال إنّكم ماكثون " إلخ...) فإن كانت لغة أهل النار عربية فلا وجه للافتخار بعروبة لسان أهل الجنة. - وليست توقفية أوحاها الله لآدم بل هي بشرية كغيرها وقد فنّــد المعتزلة قديما القول بالمصدر الإلهي للغة وأكدوا بأنها بشرية كغيرها. - احتواءها على 12 مليون و 300 ألف كلمة وهو رقم ضخم للغاية كأكبر معجم لغوي بين ستة ألاف لغة موجودة الآن، ليس محلّ افتخار ما دامت الإنجليزية التي تليها في عدد الكلمات بـ 600 ألف كلمة قد سبقتها علميا ومعرفيا وحضاريا ومن حيث عدد المتكلمين. - للعربية ظواهر لغوية مدعاة للإعجاب ولكن ليس للمفاضلة فالنظام المعجمي والصوتي والصرفي والنحوي والدلالي وهي المستويات الخمسة التي نجدها في كل لغة ثريّة جدّا ومعقّدة في العربية. الاشتقاق من الجذر مثلا يعطي للمعجم العربي إمكانات رهيبة في خلق الكلمات إضافة إلى الشّكل ( جذر س.ح.ب " على هذا الترتيب نشتق منه عدة كلمات برسم مختلف: سحب سحاب ساحب مسحوب سحابة، ومن كلمة واحدة بنفس الرسم وبإعراب متباين: سَحَبَ و سُحُبٌ و سُحِبَ ). - رصد اللساني والناقد رومان جاكبسون ستة عناصر أساسية للتواصل وهي: المرسل، والمرسل إليه، والرسالة، والقناة، والمرجع، واللغة. ومن خلال هذه العناصر تنهض اللغة بستة وظائف نجدها في سائر لغات الآدميين وهي: 1 المرسل / الرسالة: وظيفة انفعالية 2 الرسالة / الرسالة: وظيفة شعرية (الأدب والشعر) 3 المرسل إليه / الرسالة: وظيفة تأثيرية ( الخطب والخطابات ) 4 القناة / الرسالة: وظيفة حفاظية 5 المرجع / الرسالة: وظيفة مرجعية ( التأريخ والتوثيق ) 6 اللغة / الرسالة: وظيفة وصفية ميتالغوية ( النقد اللساني والأدبي أو الكلام على الكلام ) هذه الوظائف موجودة في كل اللغات الكبرى والمشهورة وصولا إلى لغات القبائل "البدائية" الاستوائية والآسيوية التي لا نسمع بها أصلا. - النزعة التبجيلية والتقدسية ليست علمية ولا تخدم العربية في رهاناتها المعرفية والعلمية وتحديات العصر والعولمة واللغات المهيمنة. - يقال أنّه في كل يوم تموت لغة وتندثر. وعلماء اللغات عالميا لا يوردون العربية حتى على سبيل المزاح والنكتة أنها مهددة بالانقراض والاندثار فلها من دعائم القوة وأسباب المنعة ما تعرفونه، لغويا وثقافيا وديمغرافيا وسياسيا وتاريخيا ودينيا... ل Moussa Ben Moussa

19 كانون الأول 2019، مؤسسو اللغة العربية الحديثة

عشرة مؤسسين للغة العربية الحديثة من المشارقة فارس الشدياق بطرس البستاني ابراهيم اليازجي رفاعة الطهطاوي محمد كرد علي ابراهيم المازني لطفي المنفلوطي إيليا أبو ماضي سامي الدروبي محمود درويش واذا كان لازما ذكر القدماء فهذه قائمتي اسحاق بن حنين حنين بن اسحاق الكندي الفارابي الجاحظ ابن المقفع البيروني الخوارزمي ثابت بن قرة قسطا بن لوقا هؤلاء من طوروا العربية وليس نقلة الشعر البدوي

19 كانون الأول 2019، اللغة الأم

تعريف ماهر مسعود للغة الام هو التعريف الطبي وليس العاطفي. اللغة الام هي التي تتعلمها خلال السنوات الخمسة الاولى من الحياة. فماهر لا يعطي تراتبية من عنده. لكن الامور اصبحت معقدة اكثر هذه الايام. فالطفل يستمع الى التلفزيون حيث افلام الاكرتون بالفصحى ومسلسلات الاطفال بالفصحى والاحرف والاغاني كذلك. وكذلك فان نسبة متزايدة من الاطفال العرب يسمعون ويتعلمون الانكليزية او الفرنسية في البيت والمدرسة منذ طفولتهم. ولذلك يمكن طبيا اعتبار العامية هي الام الاكبر وبقية اللغات المتداولة في الطفولة الامهات الاصغر.

19 كانون الأول 2019، العلاقة مع اللغة

عماد رامي متفاجئ من جمال صوتها بعد 22 عام من سماعها لهذه الأنشودة بصوته التقت به في إندونيسيا لتسمعه "الطيبون للطيبات" بصوتها صوت لا يصدق!!

جميل. هناك اللغة الام وهذا تعريف طبي سيكولوجي. لكن العلاقة مع اللغة أعقد من مجرد لغة اولى ولغات ثانية، ممتوبة ومنطوقة، فصحى وعامية، مقدسة وعادية، وطنية واجنبية فكل هذه التعريفات والموقف منها تحمل عناصر ايديولوجية. اللغة الحية هي اللغة المتداولة والتي تتطور كل يوم لان مستخدميها يطورونها لتتأقلم مع واقعهم؛ وهم يطورونها بابداع وليس باتباع قواعد مؤسسات حماية اللغة. كفى صراعات ولنركز على تطوير اللغة التي نستخدمها اليوم، هذا الخليط الحي من كل شيء.

20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج1

  1. حوار_عن_العربية ج١

كتب الاستاذ حازم نهار منشورا طويلا عن علاقته بالعربية وطرح مسائل ذلت اهمية اود ان اتحدث عن بعضها هنا. منشوري ليس ردا على منشور الاستاذ، وانما استخدام لبعض جمله خارج سياقها. يقول: "في الحد الأدنى لا بدّ من تثبيت حالة الشيزوفرينيا التي يعانيها الفرد بدءًا من الطفولة على مستوى المفارقة بين اللغة... الفصحى والعامية." لماذا نصر على تسمية ثنائية العامية الفصحى بالشيزوفرينيا ولا نسمي ثنائية الفرنسية- العربية او الانكليزية- العربية بالشيزوفرينيا اللغوية. لم احس يوما بمعاناة نفسية من الانتقال بين العامية والفصحى. قد احس بالارتباك اذا كان الموقف رسميا مثل محاضرة او مقابلة لكني اتأقلم كما يتأقلم اي انسان مع حالة الانتقال من مستويين في اللغة او بين لغتين يتقنهما. كل الذين تعلموا لغة اجنبية وسكنوا لاحقا بلادها يعرفون جيدا مشكلة الانتقال من المستوى المحكي الى المستوى المثقف في تلك اللغة. لزمني زمن بالسنوات لكي احقق هذا الانتقال في الفرنسية و الانكليزية. وكم كنا نضحك كأصدقاء على اخطاء بعضنا في الجامعة من جراء استخدام كلمات فرنسية عامية امام الاستاذ او في موقف رسمي محترم. يمكننا اعادة صياغة المسألة: نحتاج الى تعليم جيد بالفصحى حتى نفي بحاجات تستلزم استخدام الفصحى مثل الكتابة والخطابة والمناقشات المثقفة. اغلب تواصلنا عندما نتعلم لغة اجنبية تكون مع اهل الكتب ولذلك نحس احيانا بان كل المتكلمين بتلك اللغة من الفصحاء. في حالة الفرنسية كنت استطيع في البداية قراءة اللموند قبل ان استطيع فهم مسلسلات التلفزيون. وكذلك فان طلابي الاجانب الذين يتعلمون العربية الفصحى يصادفون نفس المشكلة عندما يذهبون الى المنطقة العربية. ذكر لي احد الباحثين الالمان المجيدين للعربية انه وفي اول زيارة لمصر قال للبقال: من فضلك اريد زجاجتين من المياه الغازية. فما كان من البقال الا ان نادى اصحابه قائلا تعالوا ياولاد شوفو ده بيتكلم نحوي. فهل نخجل من الحادثة ام نعتبرها طبيعية. غالبية المثقفين يخجلون من حادثة كهذه لكن هذا احساس بالدونية وليس اقرارا بوضع مرضي. يقول: " التعريب والترجمة الكارثية في مجال الطب والعلوم عمومًا، والتي تعود في معظمها إلى سيطرة عقل ماضوي على العملية بكليتها. هناك مثلًا مرض اسمه باللغة العربية "القهم العصبي أو القهم العُصابي" Anorexia nervosa، لو بقينا دهرًا لمعرفته من اسمه فلن نصل إليه، ما يشير إلى أن ترجمة اسمه تحتاج هي الأخرى إلى ترجمة". نعود دائما الى موضوع الطب. وانا على بعض الاطلاع على الموضوع فعندما كان اخي في كلية الطب وكنت ادرس الهندسة كان دائما يتذمر من تعريب المفردات الطبية بكلمات قديمة كان معظمها يستخدم للابل والحيوانات. لماذا نستصعب كلمة قهم ولا نستصعب كلمة anorexia رغم انهما تعنيان الشيء ذات ومتشابهتان في القدم. القهم حسب لسان العرب هو فقدان الشهية بسبب المرض، والمفردة اللاتينية مأخوذة عن سابقة اغريقية تعني دون وكلمة اغريقية تعني الشهية. لماذا يحظى المصطلح اللاتيني بالقبول ولا يحظى المصطلح العربي بنفس القبول مع ان الصعوبة هي ذاتها بالنسبة للمصطلحين. الدارس العربي سيحتاج القاموس في الحالتين. اذكر ايضا طلاب الطب في جامعة امريكية في ميشيغان عندما كانوا يذاكرون معنا في الكافيتيريا، كان القاموس لا يفارقهم ويجدون صعوبات هائلة في حفظ المصطلحات اللاتينية لانهم لا يعرفون اي شيء باللاتينية. وكان بعضهم يحضر نفسه لكلية الطب بان يدرس اللاتينية لسنة او اثنتين. وهل يستطيع الانكليزي او الفرنسي ان يفهم المصطلح الطبي مباشرة من خلال معرفته بلغته الام. لا ابدا، الانكليزية لغة جرمانية والفرنسية لغة لاتينية والاثنتين تختلفان عن الاغريقية. ومن المفارقات ان الاوروبيين عندما بدؤوا دراسة الاغريقية في العصور الوسيطة المتأخرة كانوا يدرسون الاغريقية الاثينية الكلاسيكية التي لم يكن يتحدث بها احد. وكانوا فرحين بانهم سيقرؤون اخيرا الاناجيل كلام الرب بلغتها الاصلية اي الاغريقية. لكنهم صدموا بان الاناجيل كتبت بالاغريقية العامية المتأخرة فهالهم ان يكون المسيح يتحدث لغة اهل الشوارع وليس لغة افلاطون. وحتى لو كان المسيح يتحدث الارامية فانه لم يكن يتكلم سريانية الكنيسة الفصيحة بل احدى اللهجات العامية للآرامية. ولربما سخر منه كهنة المعبد لانه كان يتكلم الارامية ولا يفقه كلام الرب المكتوب بالعبرية القديمة التي لم يكن يفهمها ويتحدث بها احد وقتها. يتبع في بوست لاحق


حازم نهار

أشكرك عزيزي نظير على هذا التفاعل الغني والمحفِّز على التفكير. الشيزوفرينيا التي نعانيها أو المعاناة النفسية في الانتقال بين العامية والفصحى، خصوصًا في الطفولة، تظهر بوضوح في حالة التصنع وفقدان العفوية لدى الأطفال عند التحدث بالفصحى (مثلًا برنامج طلائع البعث المثير للشفقة)، وتظهر أيضًا (بسبب أنماط التعليم السائدة) في عدم استخدام العلم المدرسي في الحياة اليومية، ليكون أمام معادلة على هيئة (أعط ما للمدرسة للمدرسة، وما للحياة للحياة)، إذ يكفي أن يشعر الطفل بعدم جدوى ممارسة ما يتعلمه مدرسيًا في الحياة اليومية لنقول إن هناك مشكلة حقًا. أتفق معك بأننا نحتاج إلى تعليم جيد بالفصحى، لكن أحد شروط ذلك المهمة هي تطوير اللغة الفصحى، وأذكر أن عبد الرحمن منيف استخدم تعبير "اللغة الوسيطة" التي هي ليست الفصحى المقعرة وليست العامية أيضًا. أتفق معك بخصوص حاجة الأطباء إلى قاموس باللغة العربية، تمامًا مثل حاجة الأطباء الإنكليز وغيرهم إلى قواميس طبية متخصصة، وأيضًا مثل حاجة كل علم إلى قاموس متخصص، لكن الحالة على مستوى اللغة العربية أكبر من ذلك، إذ يزيد عليها ما أسميه (حشر الحاضر في الماضي) أو (قياس الحاضر على الماضي)، وكأن الماضي استنفذ العلم كله، وما علينا إلا أن نعود إليه أمام كل جديد، لنبحث في الماضي عما هو قريب من هذا الجديد. مثلًا: ألا توجد تسمية أقرب إلى الفهم، وتنتمي إلى الحاضر، غير تسمية "القهم العصبي"؟! أعتقد يمكن وضع أسماء أفضل، مثلًا: "نقص الشهية العصبي". طبعًا هذا يحتاج إلى اتفاق ليجري اعتماده. مشكلة أخرى في السياق هذا؛ بعض الأمراض والمصطلحات الطبية مثلًا لا تحتاج إلى تعريب، ويفترض ضمها إلى اللغة العربية كما هي، وهذا واحد من جوانب إثراء اللغة العربية من جهة، وواحد من الاعتراف بعالمية العلم من جهة ثانية. هناك كثير من الأمراض التي تحدث عنها أطباء عرب قدماء دخلت إلى الإنكليزية من دون ترجمة، وظلت معروفة باسمها العربي، فلماذا لا نفعل المثل؟ اطلعت على كتب باللغة العربية تترجم الصيغ الكيميائية وأسماء المركبات، وهذه مهزلة حقيقية.


Ahmad Nazir Atassi

حازم نهار كيف عربوا الاوكسيجين والهيدروجين والآزوت. انا اقبل بكل المصطلحات الاجنبية بس الكلمات القديمة والله ما سيئة، مشكلتها انها بس قديمة. غلبتني في مثال الطلائع. لكنك اخترت لحظة ايديولوجية مريضة بالايديولوجيا وليس باللغة. لكنه مثال يستحق التفكير. وهذا الوباء محصور ضمن سوريا لسوء الحظ. والله كنت احاول اعطي ما للمدرسة للحياة بس الناس ما كانت تخليني من شرها. على مين يقع اللوم هنا. شكرا لعبورك

20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج2

  1. حوار_عن_العربية ج٢

سأسقط اسم كاتب الكلمات المقتبسة لاني لا انتقده ولا اعلق على ما كتبه بل اسلخ بعض عباراته عن سياقها واستخدمها حافزا لمنشوراتي عن العربية. مع كل التقدير والاحترام والعرفان بفضله على العربية من خلال كتاباته وترجماته الغزيرة التي اعجز عن مجاراتها. يقول: "ووجدت أن القيِّمين على اللغة العربية لم يترجموا كثيرًا من المصطلحات أو التعابير العلمية إلى الآن، فاضطررت في بعض الأحيان إلى وضع ترجمتي الخاصة لها، خاصة في المجالات العلمية" لماذا نفترض دائما ان هناك قيمين على العربية او انه من اللازم ان يكونوا موجودين. احلى شي بالانكليزية انه لا يوجد مجمع للغة الانكليزية، وازعج شب بالفرنسية ان هناك اكاديمية لغة فرنسية تدعمها الدولة. نحاور ونصارع حراس الدين والعادات والسلطة يوميا فلماذا نحتاج الى حراس للغة لنصارعهم ايضا. اللغات ظواهر عضوية لا توجد بقرار ولا تموت بقرار. بل بالعكس فان التدخل السلطوي في المنظومات العضوية مثل المجتمعات البشرية غالبا ما يؤدي اما الى الفوضى او الى البوار. عندما نقرأ قدماء اللغويين والنحويين وهم يزعمون انهم اخذوا اللغة عن الفصحاء من الاعراب فاننا نقول لانفسنا الحمد لله فلولا الاعراب لماتت الفصاحة ولكنا نتكلم لغة اهل الحضر الهجينة الممسوخة. العربية بالسماع وليست بالقياس، وسمعت اعرابيا، وتقول العرب، وقالت العرب، وهذا لعمري ما لم تقله العرب!!!!! انا مقتنع تماما بان قضية الاخذ عن الاعراب كانت خطوة سياسية عباسية، وان النحويين واللغويين اخذوا عمن وقع تحت يديهم في الاسواق من المتكلمين بالعربية سواءا كانوا اعرابا ام حضرا، من اياد ام من قيس، وحتى من تغلب وكلب. هل ياترى اخذ لغويو الفرنسية لغتهم بالسماع عن اعراب الافرنج او لغويو الانكليزية بالسماع عن اعراب الساكسون. ان هم ومسؤولية نحت المعاني والمفردات تقع طبيعيا على المترجم. انتقدت ابن منظور جامع لسان العرب لانه لم يجمع الا كلام الاعراب. فلو انه جمع كلام اهل الحضر ممن ترجموا وألفوا الكتب لتسعمائة سنة قبله لاكتشف ان لغة آلاف من تلك الكتب لم ينطق بها اي اعرابي وان من اخترعها لم بكونوا اعرابا من امثال حنين بن اسحاق وقسطا بن لوقا وابن المقفع وثابت بن قره والبيروني وغيرهم من المسيحيين والمسلمين واليهود والصابئة والفرس الذين نقلوا عن السريانية والاغريقية والفارسية والهندية. هؤلاء سهروا الليالي ليجدوا الكلمات المناسبة، وهؤلاء اعادوا مرات ترجمات اسلافهم عندما وجدوها رديئة. هؤلاء جعلوا العربية لغة الفلسفة والطب والرياضيات والفلك. ولذلك ادعو المترجمين والكتاب والعلماء والروائيين وكل من احتاج الى كلمة جديدة، اخترعها ولا تخف اصلا مافي غيرك في الساحة، والزمن سيقرر ما يبقى ما يزول من الاستخدام. ولتسقط مجامع العربية وليسقط كل من يعين نفسه حارسا للمعبد. تخطر لي كلمة خنفشاري هنا، هل هي فصيحة؟ اذا موجودة في اللسان فسأقاطعها.

حازم نهار

مرة أخرى شكرًا نظير: لا أدري إن كانت هناك جهة إنكليزية مقابلة لمجامع اللغة العربية في بلادنا، لكن أعتقد أن القواميس الإنكليزية التي تُجدَّد سنويًا هناك من يناقش ويعتمد الجديد. ليست المشكلة في وجود جهات (معتمدة) في ما يتعلق باللغة العربية، بل المشكلة في طبيعة هذه الجهات والعقل المسيطر عليها، وفهمها للغة ودورها وطرائق تجاوبها مع التحديات التي تواجهها اللغة. مجامع اللغة العربية لدينا عقول ماضوية منضبطة بقواعد صارمة لا تنشد تجديدًا أو تطويرًا. نحتاج إلى قاموس عربي معاصر يصدر سنويًا، ويفترض وجود جهات ذات كفاءة لغوية وعلمية في آن معًا تشرف عليه، ولا مشكلة في الاسم الذي يعطى لهذه الجهة. لا يحتاج تطوير اللغة إلى متخصصين في اللغة العربية فحسب بل أيضًا إلى مفكرين وفلاسفة وعلماء وأطباء وقانونيين وفنانين وغيرهم. وهذا غير موجود للأسف. وجود هذه الجهة مهم من أجل فرز المنتجات والاستفادة منها ونقدها واعتماد المفيد منها، ومن أجل تراكم العلم والمعرفة وتواصل العلم من جيل إلى آخر.

20 كانون الأول 2019، حوار عن العربية ج3

  1. حوار_عن_العربية ج ٣

يقول: "لكن ليس عسيرًا اكتشاف عدم قدرة كثير من الناس على تمييز حروف الجر من بعضها بعضًا، فأغلبنا لا ينتبه إلى أهميتها واختلاف المعاني المترتبة على استخدامها." اية قراءة سريعة للادبيات العباسية ستوضح مقدار اهمالنا لحروف الجر ومقدار اغنائها للغة العربية . اؤيد هذه المقولة يقول: "كما لا نهتم في أثناء القراءة بعلامات الترقيم التي تعدّ كلمات هي الأخرى قد تغيِّر المعنى بوجودها أو غيابها، وهكذا." يا لطيف، ادعو لترك العربية الان ولنصب كل اهتمامنا على علامات التنقيط. علامات التنقيط فصاحة قائمة بذاتها، انها نوع من الفلسفة والبلاغة في آن واحد. ويقول: "وهذا يشير إلى مشكلة في التواصل تحتاج إلى حل، فليس من المعقول أن يدرس الناس جميعهم اللغة بدقة ليحسنوا التواصل. " اعتقد ان كل من يحسنون التواصل بأية لغة حول العالم يضطرون لدراستها بدقة. انا اعلم طلاب اجانب واعرف تماما نسبة الذين يتقنون الانكليزية ويجيدون الكتابة بها. نحتاج الى منابر لمن يحسنون الكتابة بالعربية وليس الى تعليم من لا يرغب بذلك. علينا ان نقبل ان الثقافة ظاهرة نخبوية. معظم الناس يقرؤون وقليلون جدا من يكتبون. يقول: "تمتلك اللغة العربية عمومًا المؤهلات المطلوبة لتكون لغة عالمية." اعتقد ان كل لغات العالم تمتلك مؤهلات العالمية اذا اتيحت لها الفرصة والاموال والتعليم والزمن. دخلنا هنا في مجال القومية. هل الكردية مثلا مؤهلة للعالمية. هذا موضوع شيق!! يقول: "الدعوات التي تذهب في اتجاه الاستغناء عن اللغة العربية هي دعوات عاجزة وفارغة." آمين. معك مية بالمية. يقول: "إعادة بناء وتحديث اللغة العربية مشروع ضخم وهائل، هو مشروع منطقة بأسرها، ويحتاج إلى جهد لغوي وثقافي وعلمي وتاريخي جبار، وفي أساسه إلى إرادة وجهد سياسيين." احجبوا إست السياسيين والدولة عنا وعن لغتنا ارجوكم. وصلنا مرحلة الفطام. مقالة واحدة مبدعة افضل من ألف بيروقراطي. فلنترك ما هو عضوي ليتطور بطريقة عضوية.

20 كانون الأول 2019، مقارنة بالفصاحة

- ماما بدي روح ع التواليت، ايه طيب حبيبي روح. -أمي، اريد الذهاب الى المرحاض. حسنا يا حبيبي اذهب. - أماه، أرغب في قضاء حاجتي. كان الله معك يا ولدي. - يا أمه، الخلاء يدعوني ولا أخلف ميعاده. وقاك الله من كل شر يا فلذة كبدي. - يا زوجة ابي، قد دعاني داعي السحر، ولا مفر من هذا القدر. اللات والعزى معك يا ابن زوجي الذي حملت به. اي واحدة افصح من الاخريات؟

20 كانون الأول 2019، العامية والقواعد

ذكر احد الاصدقاء ان من مصائب حالنا ان العامية لا تخضع لقواعد ثابتة وواضحة. من قواعد اللسانيات ان لكل لغة قواعد لكن ليس لكل لغة نحو مكتوب. الدماغ يتبع القواعد بالفطرة والنحو هو مجرد تسمية لهذه القواعد الفطرية تقريبا. هل يمكن اعطاء مثال عن افتقار العامية للقواعد المحكمة. نعود الى مثالنا وهنا اتكلم عن العامية الحمصية ماما بدي روح ع التواليت. طيب حبيبي روح ماما: منادى بدي : جار ومجرور (بودي) روح: فعل مضارع (حرف المضارعة الالف في المفرد المتكلم يسقط في بعض العاميات الشامية ويظهر في حالات خاصة)، الفاعل مستتر تقديره انا ع: حرف جر يفيد الوجهة التواليت: اسم مجرور طيب: خبر، لمبتدأ مقدر هذا طيب حبيبي: منادى روح: فعل امر. فعل الامر : خذ المضارع المفرد الغائب واحذف حرف المضارعة واجعل حركة عين الفعل طويلة. راح، يروح، روح العامية لا تجزم بل على العكس تطيل الحرف صوتي الوسطي، الا ان العربية على خلاف الارامية والعبرية كانت لغة شد وبتر او نتر كما يقولون. اختلاف الصرف والصياغة عن العربية المعيارية لا يعني ان العامية لا قواعد لها. نعرف ان للغة قواعد عندما تحافظ على نفس طريقة الاداء. فمثلا صيغة الامر في العامية تشتق دائما بنفس الطريقة التي ذكرتها المضارع المفرد الغائب ثم نحذف حرف المضارعة ولا نجزم كتب، يكتب، كتوب مسك، يمسك، مسيك حكى، يحكي، حكي خرس، يخرس، خراس احرف المضارعة دائما مكسورة، والامر يبدأ بساكن. وهنا الابتدء، بساكن مسموح به اذا اختلفت العامية اختلفت القواعد . لكنها ثابتة ضمن العامية الواحدة. في العامية المصرية الشائعة في القاهرة يصبح مثالنا: ماما عاوز اروح الحمام. طيب يا حبيبي رح ألف المضارعة في المفرد المتكلم تعود وفي كل الحالات. والامر فيه جزم ولا يبتدأ بساكن راح، يروح ، رح مسك، يمسك، امسك حكى، يحكي، احك خرس، يخرس، اخرس لا توجد لغة دون قواعد محكمةًوثابت

21 كانون الأول 2019، عدد كلمات اللغة العربية

قال العربية فيها ١٢ مليون كلمة. هذا الكلام الفارغ يملأ غوغل. يعني الذي نجحنا به في يوم اللغة العربية هو الكذب على محرك البحث غوغل. يا أخي والله الانسان احيانا يسأم من هؤلاء المزاودين.

 وهذا حساب بسيط وتقريبي جدا جدا ويضع حد اعلى لا يمكن تجاوزه:

حسبت كل جذور اللغة العربية بنفسي. اذا اخذنا نهايات الجذور فسنجد ان كل حرف يتبعه ما متوسطه ثلاثمئة جذر على الاكثر. اضرب هذا ب ٢٨ حرف تحصل على حد اعلى هو تقريبا ٩٠٠٠ جذر. كل جذر له عشر تفعيلات وهذا نادر الحدوث. يعني ٩٠ ألف فعل ولكل فعل عشرة مصادر وهذا ايضا نادر (اسم فاعل، اسم مفعول، مصدر، صيغة مبالغة، مصدر مرة، مصدر صناعي، اسم آلة، اسم مكان)، يعني ٩٠٠ ألف. وأغلب جموع المصادر سالمة ولا تدخل في الحساب. ثم هناك جموع التكسير والكلمات المدخلة والمحدثة وكله على بعضه ما بيطلع مليون بحسابات الحد الاعظم الاعظم. وليسجل القاموس هذه الكلمات الجديدة كبلغ اي كذب وبالغ انهم يكبلغون الى حد الان الانفقام اي الانفجار من السقم والملل

22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج1

كشكشة وكسكسة وعنعنة وطمطمانية وغيرها، لهجات العرب القديمة في لهجاتنا المحكية اليوم

  1. العربية_المعيارية ج١

هذا جرد شامل لما ورد في الكتب القديمة عن اختلاف لغات العرب او ما نسميه اليوم اللهجات. لكن التسميات المقرونة بقبيلة هي تسميات مضللة لان اللهجة مرتبطة بمنطقة جغرافية وليس بقبيلة مترحلة. على العموم هذه اللهجات كانت موجودة ومنذ بداية ظهور العربية في الكتب واولها القرآن. فاذا اخذنا مثلا لهجة نجد في السعودية والمعتبرة الاقرب الى المعيارية الفصحى لوجدنا ان كل العوامل التي تجعل من لهجة نجد عامية كانت موجودة منذ البداية. وهذا ينطبق على اللهجات اليمنية والخليجية والعراقية والجزيرية الفراتية والحورانية الشامية والاردنية والسينائية والرشيدية المصرية ويمكن كثير من لهجات السودان والمغرب العربي التي لا اعرفها؛ وغيرها من اللهجات التي تشترك مع ما نعتبره بدويا بأشياء كثيرة. هذا يعني اننا لو حذفنا الاعراب اي حركات اواخر الكلمات لاكتشفنا ان العربية القديمة وكل لهجاتها كانت موجودة في نفس الوقت اي من أكثر من ألف سنة. فما هو تعريف العربية الفصحى ومن اين جاءت. أولا يجب التنويه الى ان اللهجات الحديثة الاخرى التي لم اذكرها مثل الساحلية والجبلية والشامية الداخلية والفلسطينية واللبنانية والمصرية القاهرية والفلاحية وباقي اللهجات السودانية والمغاربية المدينية والريفية تنضوي على ما ذكر عن اللهجات العربية القديمة بالاضافة الى تأثيرات محلية من لغات مثل الارامية والسريانية والقبطية والامازيغية والنوبية والفارسية بلهجاتها المتعددة. ثانيا، ان العربية الفصحى هي العربية المعيارية. ومثل كل لغات العالم فان اللغة المعيارية هي احدى اللهجات (او خليط منها) التي اصبحت لغة نخب الدولة اي السياسة والدواوين والادب العالي والتعليم والدين. كل هذه الفضاءات اللغوية تجمعها علاقتها مع الدولة ونخبها. لا توجد لغة معيارية دون وجود سلطة. ولا اتحدث هنا عن لغات التواصل المتفق عليها مثل السواحيلية التي تكون لغة التجارة. اللغة المعيارية مرتبطة ايضا بالكتابة والتي هي بدورها احدى اهم ادوات الدولة. انا متأكد ان هناك امثلة متعددة للغات اصبحت معيارية وكانت من جمع وتنقيح الادباء والشعراء والقصاصين. لكن مثل هذه اللغات لا تنتشر الا اذا اعتمدتها النخب الحاكمة وبالتالي الدولة. ألخص مرة اخرى ان اللغة المعيارية هي لهجة او خليط من اسرة لغوية ما، وهي مرتبطة بالدولة والنخب والسلطة والمؤسسات مثل الدواوين والمعابد والمدارس. ايضا اللغة المعيارية تخرج عن التاريخ وتطوره العضوي باعتبار انها تخضع لقواعد صارمة تميز بين الصح والخطأ اي بين الفصيح والركيك. اللغة المعيارية تخضع لتمحيص النحويين واللغويين وتصبح لغة منطقية اي انها تتبع قواعد معروفة ولا تتغير وهي قواعد مشروحة ومفسرة اي منطقية. اللغة المعيارية هي اللغة التي لها قواعد، على خلاف اللهجات الاخرى التي لا يسمح ان يكون لها نحويون ولغويون ومعجميون فتبدوا وكأنها دون قواعد. المؤسسة هي مجموعة قواعد ولغة المؤسسة تمتلك الصفة نفسه. انها لغة خارج الزمن والتاريخ لانها تخضع لقواعد صارمة لا تتغير. ونحن نرى ذلك في العربية المعيارية، انها لغة النحو والمعاجم والقرآن والحديث والتعليم والدواوين. المعيارية اسمها الفصحى اي القويمة الخاضعة للقواعد والقادرة على التعبير ضمن المعايير. كل اللهجات الاخرى التي ليس لها مكانة المعيارية يجب منطقيا ان تسمى الاعجمية او غير الفصيحة. لكننا دائما نسميها العامية او الدارجة او المحكية، اي لغة العوام ولغة الكلام الشفوي ولغة الشارع والسوق، لغة الدارج والشعبي والمنتشر. فإذا موضعنا انفسنا في موضع العامية لسمينا الفصحى لغة الخاصة، اي النخب المتعلمة والدولة والمؤسسات، اللغة المكتوبة، واللغة التي لا نكررها آلاف المرات كل يوم. فهي من جانب لغة الخاصة اي النخب المنعزلة عن الشعب العام، ومن جانب آخر هي لغة الحالات الخاصة اي كل ما هو بعيد عن التكرار اليومي والشارع والسوق، فهي لغة الكتابة والمؤسسة المحترمة ذات الهيبة مثل مؤسسة الدولة ومؤسسة الدين. هذا هو تعريف اللغة المعيارية في اي بلد. فالسؤال لا يكون لماذا لا نتحدث المعيارية في حياتنا اليومية لان الجواب بسيط، انها لغة مصممة للحالات الخاصة والطبقات الخاصة. وانما السؤال هو كيف اصبحت المعياريات الاخرى حول العالم لغات الحياة اليومية بالاضافة الى كونها لغات المؤسسات. الجواب تاريخيا هو الدولة. في كل البلدان اخذت الدولة الحديثة على عاتقها تحويل اللغة المعيارية الى لغة عامية. ولم يكن هذا القرار نابعا من احساس الدولة بالواجب وانما من تطور الدولة من ملكية الى بيروقراطية تمثيلية قومية. الفرق بين الفصحي المعيارية والعامية هو الفرق بين الدولة الملكية القديمة والدولة البيروقراطية التمثيلية الحديثة. ونجاح تحويل الفصحى المعيارية الى عامية مرتبط بنجاح الدولة الحديثة. الدولة الحديثة دولة سلطة شمولية بامتياز، انها تتدخل في كل نواحي الحياة، ولذلك فهي اداة تعميم. هناك نقطة مهمة وهي ان هذه العلاقة بين المعيارية والدولة لم تعد موجودة بنفس القوة التي ظهرت بها الى الوجود في القرنين التاسع عشر والعشرين. الدولة الحديثة تتغير اليوم. لم يعد ضروريا اليوم ان تكون الدولة شمولية. علاقات السوق الرأسمالية اليوم هي التي تحكم تطور اللغات وليس الدولة. نحتاج اليوم الى لغة معيارية لنتواصل ونتواصل حتى ننتج ونستهلك. ولا نحتاج المعيارية من اجل ان نخضع لسلطة الدولة عن طريق التعليم والجيش والضمان الاجتماعي والخدمات والتمثيل. قد تكون الدولة اول ما نشأت منذ خمس آلاف سنة قد كانت دولة تنظيم جهود جمعية. لكنها سرعان ما تحولت الى سلطة مفروضة بالعنف لا تقدم اية خدمات. وفي العصر الحديث ظهرت دولة التمثيل والخدمات وتنظيم التعاون المجتمعي لكنها تغولت الى درجة هائلة بسبب الادوات الجديدة من بيروقراطية وعلوم وتكنولوجية. اما اليوم ومع الثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات فاني اعتقد ان الدولة ستخضع لتغيرات هائلة اهمها اضعاف سلطتها الشمولية ونقل خدماتها وصلاحياتها الهائلة الى المجتمع نفسه الذي كانت تزعم انها تخدمه. اليوم ما نطلبه من الدولة ليس الخدمة بالذات وانما تعميم نشر الخدمة وتوحيد معايير تلك الخدمة. ولا نزال في طور التجربة، اي الخدمات تحتاج الى تعميم وتوحيد وايها لا يحتاج. اعتقد ان اللغة اليوم ليست بحاجة للدولة فضرورات السوق ستنتح الادوات اللازمة. حتى التعميم والتوحيد لم يعودا ضروريين مع وجود الترجمات الآلية. وبنوك المعلومات الرقمية المتوفرة على الشبكة للعموم تلغي الحاجة الى دور الدولة التوحيدي. اذا اخترعت كلمة جديدة ضعها في بنك المعلومات ثم يحدد سوق تداول اللغة اية كلمة ستستمر واية كلمة ستنقرض.

22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج2

  1. العربية_المعيارية ج٢

نعود الى العربية المعيارية. كيف ظهرت وما علاقة الدولة بظهورها. مع وجود كل تلك اللهجات الى جانب المعيارية منذ بداية الدولة العربية، يجعل من ظهور المعيارية امرا اشكاليا. يحلو للمسلمين ان يزعموا بأن المعيارية هي لغة قريش. لا دليل على ذلك لأن الكتابة الوحيدة التي نعتقد انها قرشية هي القرآن نفسه. اذن المرجع هو القرآن. بالتأكيد يود المؤمنون ان يكون المرجع الوحيد. هذه هي بالتحديد الاشكالية التى واجهت الدولة عندما قررت اعتماد معيارية عربية. فما هي الدولة التي اعتمدت العربية المعيارية كلغة كتابة ولغة نخبة وادب ودواوين؟ هل هي الاموية ام العباسية؟ واي دولة اموية واي دولة عباسية؟ استمرارية السلالة الحاكمة لا يعني استمرارية في الدولة ومؤسساتها ونخبها. نعرف ان الصراع بين القيسية واليمنية استعر لفترة طويلة، ونعرف ان الصراع العربي الفارسي استعر ايضا لفترة طويلة. اذن يجب التركيز على الفترة وليس على السلالة الحاكمة. استمرارية السلالة مجرد اداة شرعنة لا غير. نعرف ان العربية اصبحت لغة الدواوين في عهد الاموي عبد الملك. فهل دولة عبد الملك هي التي اخترعت العربية اي حددت قواعدها واملاءها ومعاجمها ؟ يبدو لي من النقوش الاثرية في الحجاز والنقب وسوريا وقبة الصخرة ان العربية اصبحت لغة رسمية في عهد عبد الملك لكنها كانت لغة متطورة ومكتوبة قبله. اعتقد ان العربية عاشت قبل عبد الملك فترات صعود وفترات هبوط لكنها كانت دائما لغة ثانوية. سواءا في تدمر او الحيرة او حواضر الغساسنة ، العربية كانت موجودة وكانت لغة شعر وبلاط ملوك لكنها لم تكن لغة دواوين او لغة معابد. الدواوين والمعابد كانت بالآرامية او اليونانية او الفارسية. المكانة الثانوية للعربية واضحة جدا لان اصحابها كانوا ثانويين في السياسة والبيروقراطية والدين. ونرى ذلك بوضوح في كثير من اخبار التراث العربي الاسلامي. كنا اعرابا متحاربين فوحدنا الاسلام، اعطانا الله عرش كسرى وقيصر، ضرب عمر جبلة بن الايهم فهرب الى قيصر، كل هذه الانماط من الاخبار تشير الى احساس بالدونية او بالثانوية. قلة الاخبار بالسريانية واليونانية والفارسية عن الاجتياح العربي لا تعود الى الاضطرابات فقط بل الى ثانوية العرب والعربية بالنسبة للامبراطوريتين العظميين يومها. حتى القرآن يحمل بين طياته اشارات الى هذه الثانوية. فمن ناحية القرآن جدال بين عرب توحيديين وعرب وثنيين، ومن تاحية اخرى فهو جدال بين عرب توحيديين ومسيحيين ويهود إما آراميين او يونانيين. دين العرب المؤمنين في القرآن هو نسخة من دين المسيحيين واليهود لكنه نسخة مختلفة، نسخة اعتبرها أولئك هرطقة. بالمقابل القرآن حاجج وجادل بأن دعاوى الهرطقة ضد دين العرب المؤمنين مردودة الى نحور المدعين. فدين هؤلاء المدعين هو الهرطقة والحياد عن دين ابراهيم الاصيل، في حين ان دين المؤمنين العرب هو الوحيد الذي لم يفسد وينحرف. لو كان هؤلاء المؤمنون يتكلمون من منطلق قوة لكان خطاب القرآن مختلفا ومؤسساتيا. لكن المؤمنين في القرآن كانوا في موقف ضعف واتهام وشك، ليس فقط في صحة دينهم بل ايضا في صحة موقعهم السلطوي والثقافي. كان المؤمنون هامشيين وثانويين ولذلك لا نرى لهم ذكرا في ادبيات اصحاب السلطة والدين الارثوذوكسي. وحتى بعد مائة عام من السيادة العربية لم يذكر السريان او اليونان الا اليسير عن العرب المؤمنين اتباع النبي المخادع الذي جاء بالسيف. الفرضية التي اطرحها الان هي ان العربية كلغة نخبة ملكية كانت موجودة لكنها كانت ثانوية في الدواووين والمعابد والمجتمعات المرتبطة مباشرة بالامبراطوريات حينذاك. هذا يعني انها شهدت عصورا من الصعود والهبوط جعلت احدى اللهجات او خليط منها يظهر كلغة تواصل بين النخب العربية وفي بلاطهم. هذه هي العربية التي نراها فيما يسمى بالشعر الجاهلي والشعر الاموي الاول. واعتقد ان الشعر الجاهلي لم يسبق الاسلام وانما كان معاصرا لظهوره وهو شعر البلاطات العربية. اما القرآن فهو الوجه الديني لعربية البلاطات. القرآن لم يكن كتاب الغساسنة او المناذرة وانما كان نمطا طقسيا من الادب يستخدمه العرب سواءا كانوا مسيحيين ام متهودين ام مؤمنين. وهذا يفسر تأثر عربية القرآن باللغة الدينية السائدة والمهيمنة والتي هي السريانية اي آرامية الكنيسة. ان الاختلاف الواضح بين عربية القرآن وعربية الشعر الجاهلي قد لا يكون اختلافا بين بدو وحضر فقط، بل ايضا اختلافا بين لاهوتيين وعلمانيين، واختلافا بين وثنيين وتوحيديين، واختلافا بين مؤمنين ومسيحيين ويهود، واختلافا بين لغة شعر البلاط ولغة شعائر المعبد. ولذلك اعتقد بان العربية المعيارية كانت قد دخلت طورا اوليا من اطوار المعيارية قبل استيلاء العرب المسلمين على الحكم. ويمكن ان نتخيل ان معياريتها قد اكتملت في القرنين بين عبد الملك الاموي والمأمون العباسي. في ذلك العصر تم تدوين الشعر والحديث والمعاجم وتم وضع قواعد النحو والاملاء، والاهم تم تحويل العربية الى لغة رسمية مرتبطة بدين رسمي للدولة. ولذلك فان الانطباع عند من يعمل في تاريخ بدايات الاسلام هو انه عندما بدأ التدوين فان العربية وآدابها لم تكن في مراحل بدائية من المعيارية وانما في مراحل متوسطة ولذلك تبدو العربية الاقدم وكأنها ظهرت على مسرح الاحداث جاهزة كاملة مكملة. عربية الادب كانت لغة نخب وبلاط وفرق هرطقية قبل ان تصبح لغة دولة امبراطورية. انتا نعرف من اين جاءت الفرنسية المعيارية مثلا لكن من الصعب معرفة اصول العربية المعيارية لانها كانت سابقة للامبراطورية ودوواوينها ومعابدها.

22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج3

  1. العربية_المعيارية ج٣

حسب فرضيتي فان العربية المعيارية لم تكن لغة احد وفي نفس الوقت كانت لغة الجميع، الجميع الذين يرتبطون بالبلاط والادب الراقي والدين والامبراطورية. العربية المعيارية هي لغة الكتابة والدولة والدين منذ نشوئها والى يومنا هذا. ولذلك فهي لغة تجميعية ولغة مبنية حسب القواعد وليس العكس. من الواضح لي ان مشكلة النحويين العباسيين مع الاعراب لم تكن مشكلة فصاحة فالاعراب كانوا يتحدثون لهجات عضوية، وانما كانت مشكلة معيار. اللهجات العضوية لغات حية اي تحكمها قواعد لكن قواعد ذات طبيعة احصائية اي ان الناس سيطبقون القاعدة في ثمانين بالمئة من الحالات وسيخرجون عنها بسبب طفرات لغوية طبيعية في عشرين بالمئة من الحالات. الانفصال بين العربية المعيارية وعربيات العوام والاعراب قديم واقدم من الاسلام الامبراطوري اي الاموي والعباسي. النحويون العباسيون لم يكونوا يبحثون عن اعراب ليأخذوا عنهم قواعد اللغة بالاستنباط وانما كانوا يبحثون عن اعراب يتحدثون المعيارية. وهذا بالضبط كان نادرا فتارة احدى عشائر تميم وتارة احدى عشائر بكر وتارة هوازن وتارة ربيعة وهكذا. لا بل عندما كانوا يلتقون بأعراب لا يتحدثون المعيارية كان النحويون يتهمونهم بفساد اللسان ولا يأخذون عنهم شيئا. وكثيرا ما كانت الشائعات تنتشر في الاسواق والمنتديات بأن النحوي الفلاني كان يدفع المال لأعرابي لقيه في السوق او انه كان يأخذ عن أعرابي مقيم في المدينة يتلقى الاجر لقاء اقراره بعربية النحويين المعيارية، مثل حماد الراوية وغيره. كل اشعار الاعراب الجاهليين مأخوذة عن عدد قليل جدا من الرواة المقيمين في المدن مثل حماد وثعلب. او هكذا زعم المدونون. وهنا نفهم شهرة الاصمعي المتأخر جدا. فقد جمع اشعارا من مصادر اخرى. والشائعات المغرضة كانت تقول ايضا بان حماد مولى فارسي وثعلب متنكر بزي اعرابي، او ان حماد كان يلحن ويخترع الشعر وثعلب يخترع المفردات. واذا نظرنا الى الجذور الرباعية والخماسية والسداسية في لسان العرب لاقتنعنا بأن بعض تلك الكلمات الغريبة المفشكلة والتي غالبا ما تعني امرأة قبيحة او رجل سمين هي كلمات مخترعة، تماما مثل كلماتنا العامية التي نؤلفها لتناسب الحادثة، مثل شعر مخزعل او مكزعل، واحوال مفشكلة، وايام خنفشارية، وكتابة مشخبطة، وبثور مبزبزة، وحرامي متسلحب، وغليظ متسلبط، وشخص متسلوق، واصبع متشلوط. وفي كل مرة نغير اللفظ او الوزن لاننا نسينا الكلمة

22 كانون الأول 2019، العربية المعيارية ج4

  1. العربية_المعيارية ج٤

هذا يعني ان العربية المعيارية لا تقوم على السماع الا اذا اراد النحويون في جدالاتهم التي لا تنتهي، والكثير منها جدالات دينية او عداوة مهنة او عداوات مناطقية. العربية المعيارية ملك لنا وليست مربوطة بمرساة تاريخية الى القرن الفلاني والقبيلة الفلانية. العربية المعيارية، ومثل اي معيار اجتماعي، تتغير عندما نريد لها ان تتغير. انها لغة غير عضوية او على الاقل فهي لغة مجمدة اصطناعيا ومجيرة لأغراضنا المؤسساتية والسلطوية. اليوم، هي لغة تواصل بين ملايين المستهلكين والمنتجين ولغة كتابة ليس لأغراض خاصة وانما لأغراض تمس العموم. لغات العصر الحديث المعيارية يحب ان تتحول الى لغات عامية والا فإنها لن تحقق الوظيفة الديمقراطية والاستهلاكية والرأسمالية المنوطة بها. العربية المعيارية لا تزالة لغة الخاصة ولغة خاصة محكومة بالماضي المؤدلج والدين الذي تحول الى هوية قومية. اننا لا نرفع العامية الى المعيارية فهذا ما قد فعله اسلافنا وانتجوا العربية. لكننا نهبط بالمعيارية الى مستوى العموم، عموم المستهلكين، وعموم المواطنين ، وعموم المتواصلين بالتكنولوجيا، وعموم طالبي التعليم التقني. بصراحة. لا يهم ان يكون خبر كان منصوبا او مرفوعا فان هذا لا يفيد بأي شيء، وانا متأكد انه كان هناك اعراب يرفعونه واعراب ينصبونه واعراب يفعلون ما يطلبه منهم النحويون. معاني الكلمات في المعاجم ليست اصيلة ولا اصلية، انها لحظة واحدة في تاريخ الكلمة. لسان العرب يعطينا المعنى البدوي لقبيلة ما ويهمل معاني اهل الحواضر واهل العلوم والفلسفة، كما يهمل معاني العوام المتجددة. المعاجم اليوم لا تحتاج لان تكون اصيلة وان تبقى على حال ثابتة، وانما ان تكون مفيدة ووظيفية. نلاحظ ان ترتيب المعاجم العربية حسب الجذر يفيد اللغويين ولا يفيد المتعلمين، لان المعاجم القديمة كانت مكتوبة من اجل اللغويين ودراساتهم ومجادلاتهم. المعاجم القديمة لم تكن لخدمة متعلمي اللغة العربية. خذ مثلا الاحاديث. بسبب اهميتها الفقهية اخذ المتأخرون يرتبونها على احرف المعجم . حتى الترتيب حسب المواضيع اختفى لصالح الترتيب الابجدي. لكن المعجم مرتب حسب الجذور