«الدولة الحديثة»: الفرق بين المراجعتين
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) (←31 كانون الثاني 2020، الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره) |
||
(٨ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) | |||
سطر ٦٩: | سطر ٦٩: | ||
حسب رأيي، الحل الأنجع في مجتمعنا هو حكم محلي قائم على التمثيلية ومرفود بالشورية، لا العكس. وهو عين ما يؤسس له الباب السابع من الدستور. إذ أقر مجالس بلدية منتخبة، يكون فيها التقرير تشاركيا مع المواطنين، أي عبر عملية شورية تبني إجماعا داخل الجماعة المحلية حول الأولويات والمتطلبات. قد يقودنا ذلك مستقبلا إلى إعادة تشكيل جذري للسلطة من تحت، لكن التدرج هو سمة الحكمة في مواجهة صلابة البنية التاريخية. | حسب رأيي، الحل الأنجع في مجتمعنا هو حكم محلي قائم على التمثيلية ومرفود بالشورية، لا العكس. وهو عين ما يؤسس له الباب السابع من الدستور. إذ أقر مجالس بلدية منتخبة، يكون فيها التقرير تشاركيا مع المواطنين، أي عبر عملية شورية تبني إجماعا داخل الجماعة المحلية حول الأولويات والمتطلبات. قد يقودنا ذلك مستقبلا إلى إعادة تشكيل جذري للسلطة من تحت، لكن التدرج هو سمة الحكمة في مواجهة صلابة البنية التاريخية. | ||
إن أي مشروع لا يقرأ البنية الاجتماعية والسياسية وتوازناتها، ويبني نفسه على الشعاراتية أو الاستنباط العقلي القانوني المحض، هو مغامرة غير محسوبة. حاولت إختصار رأي متواضع في الموضوع، وأتمنى فتح نقاش عام حوله لأن عواقبه السياسية والاجتماعية هي من الخطورة بمكان. | إن أي مشروع لا يقرأ البنية الاجتماعية والسياسية وتوازناتها، ويبني نفسه على الشعاراتية أو الاستنباط العقلي القانوني المحض، هو مغامرة غير محسوبة. حاولت إختصار رأي متواضع في الموضوع، وأتمنى فتح نقاش عام حوله لأن عواقبه السياسية والاجتماعية هي من الخطورة بمكان. | ||
+ | |||
+ | =6 تشرين الثاني 2019، الدولة الفاسدة= | ||
+ | هناك مقولة في الإدارة تعجبني مفادها "ان ما لا يقاس لا يُدار". وأزيد عليها "ان ما لا يقاس لا يُعرف". في علوم إدارة مؤسسات الدولة يدرّوسون مادة إسمها "تقييم السياسات" أو "قياس أثر السياسات". هذا يعني أنه لا يجب أن تُقدم المؤسسة على تطبيق سياسة (قوانين وتشريعات مشاريع) لا تعرف نتائجها السيئة والجيدة (حسب الجمهور المستهدف). | ||
+ | المغزى من هذا الحكي، هو أن الحكم غير ممكن دون جمع معلومات عما هو موجود (الجمهور المستفيد)، وإقتراح سياسات، تقييم أثر هذه السياسات، البدء بتطبيقها بعد تعديلات ملائمة، ثم جمع معلومات للتغذية الراجعة، وإعادة الكرة من البداية. | ||
+ | يعتقد الناس أن الدولة الفاسدة لا تعمل بنفس هذه المبادئ. في الحقيقة إنها دولة تعي واقعها وتعرف أهدافها وتقيّم سياساتها وتجمع معلومات عن تطبيقها. لكن الهدف من هذه السياسات هو السرقة وخدمة مصالح النخبة وليس خدمة الشعب، وتقييم هذه السياسات هو معرفة حجم الهبشة وإمكانية إنجاحها وما إذا كانت ستتسبب بمشاكل مع شبكات السرقة الأخرى. التغذية الراجعة تكون بتغطية العملية وجمع معلومات عن المستفيدين والمستائين والإحتفاظ بأدلة تدين المشاركين لكي يتم الضغط عليهم لاحقاً. | ||
+ | لقد وجدنا أن الدول الفاسدة في العصر الحديث هي دول تحتاج البيروقراطية لتنظيم عملية توزيع الغنائم بين شبكاتها المختلفة، وهي تستخدم القانون (بتطبيقه أو بتعطيله) للضغط والضبط، وتستخدم حملات مكافحة الفساد لتغيير الوجود وإسكات الشعب. وهم ياخذون الشعب بعين الإعتبار من خلال عملية تساقط تديرها شبكاتهم. بالطبع حصة الشعب صغيرة لكنها ليست معدومة. الخطر في مثل هذه المنظومات هو في هشاشة شبكة التوزيع وضعف قدرتها على التأقلم مع البيئات الجديدة. | ||
+ | والناس في الحقيقة تتعود على هذه الديناميكية وتستبطنها وتشارك فيها مادام حد أدنى من المنفعة يصل إليها. وليس من الضروري أن تؤدي السرقات إلى قيام ثورات، فنحن نعرف أنها كانت موجودة منذ عقود ولم يحرك أحد ساكناً. وحجوم السرقات لم تتغير اليوم وحجمها بالمقارنة مع الإقتصاد لم يتغير. لكن الثورات تقوم إذا توقف التساقط الإقتصادي من النخبة وباتجاه الاسفل. هذا التوقف يحصل غالباً لاسباب خارجية. مثلاً ضغوط البنك الدولي والسوق الاوروبية التي أنتجت الخصخصة في سوريا (الرمرمة)، وكذلك الأزمة المالية العالمية عام 2008 التي أدت إلى تضخم مالي ألغى قيمة أي تساقط إقتصادي كان يصل الناس بشكل لم يكن من الممكن تلافيه أو الحد منه. الثورة بعد 2008 كانت مسألة وقت وفتيل إشعال. | ||
+ | ما أريد قوله هو أن الطرف الذي لا يدرس الوضع ولا الجمهور ولا يقترح سياسات ولا يقيّم أثرها ولا يضع أية آليات للتغذية الراجعة ليس الدولة وإنما الشعب المتظاهر. هل ألوم الضحية؟ بالطبع، لان اللوم يتوزع على الجميع. ولذلك عندما تكون المطالب "مشايلة" (بالقفة) وغير قابلة للقياس، مثل "الشعب يريد إسقاط النظام"، أو "يلعن روحك يا حافظ"، أو"ك--- أم فلان"، أو"كلن يعني كلن"، فإن سياسة هذه المطالب ستفشل بالتأكيد. لا تعتقدوا أن الحرامي مجرد مسؤول جشع لا يفكر، إنه يفكر ويعرف مداخل ومخارج الدولة والقانون والنظام والشبكات المجتمعية والسياسية. ولن تهزه مظاهرات ليس لها أي قدرة على الإستمرار أو التأثير. فكروا كيف يمكن تغيير المنظومة. كيف يمكن تفكيك ديناميكية محكمة دامت لثلاثين أو أربعين سنة، ودامت بتواطئ الناس أيضاً وليس فقط بقذارتها. | ||
+ | |||
+ | حسام الدين درويش | ||
+ | أنت تطلب من "الشعب" أن يكون (عمله) مؤسساتيا أو أن يكون لديه مؤسسات تضبط مطالبه وتصيغها صياغة سياسية عقلانية إلخ، مع أن جذر المشكلة تكمن تحديدا في المؤسسات المفترض أنها تمثل هذا الشعب و/ أو تدير شؤونه وتضبطه وتعمل على تحقيق مصالحه. | ||
+ | "الشعب الثائر أو المتظاهر" يعلن رفضه لما هو قائم من مؤسسات، وليس ممكنا على الأرجح، وربما ليس مرغوبا مرحلية على الأقل، عقلنة مطالبه وتحويلها من الرفض أو السلب إلى الإيجاب وتحديد ما يريده (وليس ما لا يريده فقط) بدقة وبطريقة تراعي شروط الوضع القائم و/ أو تخضع له بمعنى ما. | ||
+ | أظن أن فكرك يتنافر مع مفهوم و/ أو واقع "الثورة" من ناحية ما بمعنى ما. | ||
+ | سلامات | ||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | حسام الدين درويش انا لم اقل غير هذا. فقط حبيتهم ما يتعبوا انفسهم. الشغلة بدها وقت طويل. وبدها استراتيجية وتخطيط وافعال افضل من مجرد الصراخ في الشوارع. لكن يبدو ايضا ان الصراخ في الشوارع قد يكون اول خطوة. | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، إعادة صياغة الدولة= | ||
+ | الدولة شر لكن لابد منه. الهدف ليس تحطيم الدولة او تقسيمها وانما اعادة صياغتها. الدولة ليست الناس ولا الجغرافيا. هذا هو البلد. ونحن لا نفرق في كلامنا بين الدولة والبلد وهذا خطير. الدولة مؤسسات وعندما تعارض او تحارب المؤسسات فلا يجب ان تحارب الجغرافيا او السكان، اي لا يجب ان تحارب البلد. نحن لا نسعى لانتاج بلد جديد وانما لاقامة دولة جديدة في نفس البلد. فاحذروا من تغيير البلد وانتم تحاولون تغيير الدولة. صحيح ان الترابط وثيق بين البلد والدولة لكنهما لا يتماهيان. من يريد الانتماء الى تركيا مثلا فقد اختار بلدا ودولة معا. ولا يحق له ان يسحب جزءا من البلد او الجغرافيا او السكان معه الى بلده الجديد ويسلم هذا الجزء لدولة جديدة. | ||
+ | لا احب الايديولوجيا القومية واعتبرها قاتلة لكني اعترف بضرورة الايديولوجيا الوطنية. وفكرتي هي ان الوطنية هي ولاء للبلد وليس للدولة. او هي ولاء لعقد مجتمعي بالعيش المشترك وهو مختلف تماما عن العقد الاجتماعي بين الناس والدولة الذي هو الدستور. الدستور هو الدولة واحترامه هو احترام القانون، اما العقد المجتمعي فليس الدولة وليس الدستور. ان من سوء الايديولوجيا القومية هو تأكيدها على التماهي بين الدولة والبلد. فالناس يحيون العلم ويذهبون للحرب اعتقادا منهم انهم يدافعون عن الدولة وان الدولة ملكهم وتمثلهم وتخضع لسلطتهم وانها هي نفسها البلد. هذا الهراء الليبرالي الغربي هو مجرد ايديولوجيا تستخدمها نخب الدولة لاخضاع السكان. | ||
+ | انت تدافع عن البلد وتضحي بحياتك من اجل البلد وتحيي علم البلد وتنشد النشيد الوطني للبلد، وليس الدولة. الدولة مجرد مؤسسات نخضع لها بالقوة ونقنع انفسنا بانها تخدمنا. اعتقد ان النظرة الصحية للدولة هي نظرة الريبة والشك والخشية والاتقاء والمراقبة. التمثيل مجرد اسطورة. ليس متخيل وانما غير موجود في اي فضاء. لنقل ان الجماعات المتخيلة تنشأ بعقد مجتمعي. اما الدولة فلا تنشأ بعقد وانما بالاجبار ولا يمكن ان تكون متخيلة. العلاقات ضمن المجموعات المتخيلة هي علاقات حقيقية، الخيال يحدد فقط تبرير وجود هذه العلاقات. لكن التمثيل علاقة غير حقيقية وتبريرها وهم وليس متخيلا. | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، الانتخاب والتمثيل= | ||
+ | الانتخاب ليس التمثيل وانما طريقة في انتقاء بعض موظفي الدولة بحيث يمكن ابعادهم اذا استغلوا الدولة لمصالحهم او لاخضاع الناس، انها وسيلة لتدويل السلطة ومنع احتكارها. الديمقراطية هي اولا المفاوضات التي يتم اقرار القوانين عن طريقها، وثانيا تدويل السلطة عن طريق الانتخاب. الانتخاب لا يعطينا الموظف الامثل، ومن الحمق اختيار التكنوقراطيين بالانتخاب. فقط الوظائف التقنية التي تتركز فيها سلطات هائلة يمكن حمايتها من الاحتكار عن طريق الانتخاب مثل القاضي المحلي او رئيس الشرطة في امريكا. اما النائب في البرلمان والرئيس وعمدة المدينة ومجلس الناحية فهي وظائف سياسية، اي تفاوضية منتجة للقرارات وليس وظائف تقنية. يجب عزل التقني عن السياسي ما امكن. | ||
+ | اعتقد ان الدولة في العصر الحديث اخطر من ان تترك لوحدها مع شرعية وتفويض هائلين تعطيهما إليها كذبة التمثيل. عندما تنتخب نائب في البرلمان فانت لا تنتخب ممثلا عنك وناقلا لافكارك ورغباتك، ولا هو وكيل عنك مفوض بادارة اعمالك. وانما هو مجرد شخص تفوضه بالتفاوض نيابة عنك، وبكل بساطة وسذاجة تقبل قراراته. الدولة نخبة تعمل لمصلحة المؤسسة ولمصالحها الشخصية. وارى ان وظيفة المجتمع ليس بالاعتقاد الساذج بان الدولة تعمل لخدمته وانما بالنضال المستمر لاجبار الدولة على العمل لخدمته. | ||
+ | تاريخيا نشأت اوائل الدول في اودية الانهار من اجل ادارة عملية ري الاراضي. لكن دولة الادارة هذا لم تلبث ان اختفت لصالح دولة التسلط بالعنف العسكري. هذه الدولة العنفية لا تمثل الا اصحابها، ولا تقدم اية خدمات الا اذا ادت الى زيادة الضرائب، وهي تفرض الضريبة كأي كائن طفيلي يأكل من دم ضحيته التي يتطفل عليها. | ||
+ | مع الثورة الصناعية والتكنولوجية اصبحت الدولة تقدم بعض الخدمات . وقد حصل هذا التطور بمعزل عن الصناعة والعلم. هذ التطور حصل في اوروبا كمحاولة لزيادة الضرائب. وادى الى نشوء بيروقراطية كبيرة ومستقلة عن الملك. وحتى كانت اغلب الخدمات التي قدمتها الدولة متجذرة في غاياتها السلطوية. الديمقراطية والدولة الليبرالية لم تكن دولة خدمات وانما كانت دولة اوليغارشية تنافسية، وكانت ساحة تنافسها هي الانتخابات. اما دولة الضمان الاجتماعي والخدمات العامة فظهرت بعد الحرب العالمية الاولى وبسببها. اليوم نعتبر الدولة الديمقراطية ككل واحد ونعتبر تاريخها هو مسيرة الوصول الى هذا الهدف. لكن في الحقيقة فان الدولة الديمقراطية التي ينادي بها كثيرون لم تظهر الا بعد الحرب العالمية الثانية وبسببها. دولة الانتخاب الشعبي والتمثيل والخدمات والضمان الاجتماعي وتداول السلطة والحريات والقانون، ليست هي الدولة الليبرالية القديمة. وهذا الدولة الحديثة ليست كلا واحدا ولم يكن تاريخها كذلك. ايديولوجيا التمثيل هي من بقايا الليبرالية والقومية، وهي مجرد تبرير للنخب الحاكمة لا يختلف عن تبرير الاصطفاء الالهي للملك. الاله هنا هو الشعب الذي نعتبره شخصا واحدا له ارادة وراي. | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، دولة الخدمات= | ||
+ | اعتقد ان الخدمات فكرة ممتازة لكنها يجب ان تتحول الى الفكرة المركزية في الدولة. التمثيل والشرعية وحماية الامة والتعبير عن ثقافتها، كل هذا مجرد هراء لتبرير حكم النخب. الدولة هي خدمة وفقط خدمة لاننا نريد لها ذلك. انها لا تمثل احدا لكنها تبيعنا الخدمة مقابل الضريبة. طبعا الدولة موجودة شئنا ام ابينا وستأخذ الضريبة ولا تبيعنا اي شيء. لكن الايديولوجيا الجديدة التي ادعو لها هي ان الدولة مجرد خدمة لاننا مضطرون لان ندفع لها الضريبة ولاننا سنجبرها على تأدية هذه الخدمة. الدولة طبعا ستعارض لانها بنية تسعى لبقائها واستقلالها، لكن واجبنا هو ان نفرض عليها اداء الخدمة. ولذلك فهي شر لا يمكن الافلات منه لكن يحب ترويضه. النظر الى الدولة كممثل خطير جدا ويجعل المجتمع يترك واجبه بمراقبة الدولة بشكل دائم والشك بها واجبارها على ان تكون خدمة. | ||
+ | يجب اجبار الدولة على ان تكون خدمة اي على استخدام الاموال التي تجبيها بالعنف لتوفير حاجات اساسية للناس. الدولة تاريخيا لم تكن اداة اعادة توزيع للثروة لكن علينا ان نجبرها اليوم على ان تكون كذلك. الشرطة والجيش ادوات للقمع وحماية مصالح النخب الحاكمة ويجب علينا ان نحولها الى ادوات لخدمة المجتمع. ولا يكون هذا بالولاء للدولة وعبادتها كما يفعلون في الديمقراطيات بل بالولاء للبلد وتجهيز المجتمع ليكون في مواجهة دائمة مع الدولة. ولا اعني بالمواجهة الصدام الدائم وانما بناء سلطة مجتمعية تقابل سلطة الدولة وتوازنها. قد لا يمكن ان نأخذ الجيش من الدولة، لكن يمكن مراقبته دائما ويمكن ان نأخذ الشرطة ونعطيها للمحليات. | ||
+ | يجب ان ندرس مكامن سلطة الدولة وان نذررها ونوزعها ونمنع تجميعها واحتكارها مهما كان السبب حتى ولو كان خطرا خارجيا. في الحقيقة انا لم اعد مقتنعا بفائدة الجيوش. انها هدر للاموال ولحيوات الناس. الجيوش الهجومية والدفاعية على حد سواء غير مفيدة. المعارك الحديثة ليس فيها رابح لانها لم تعد محصورة في ساحة المعركة. الجيوش مجرد وسيلة لاطعام آلاف الناس دون مردود او عمل منتج، ووسيلة بيد الدولة لقمع السكان. لا توجد دولة اليوم تحارب عدوا خارجيا حقيقيا، انها اما لقمع الناس او للتوسع الامبريالي، اي قمع ناس مجاورين او آخرين. | ||
+ | البلد هو الهدف والدولة وسيلة، البلد هو الثروة والدولة مجرد ادارة لا تلبث ان تتغول. | ||
+ | لذلك الهدف هو سوريا كبلد ثم دولة خادمة نراقبها دائما. | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، الوطنية والعقد الاجتماعي= | ||
+ | انا لا اقول بان افكاري عن الدولة هي الحقيقة او الواقع او ماهو طبيعي. هذا غير موجود. انا اعترف بان كل شيء نعتقد به ونؤمن به هو ايديولوجيا، ولذلك فانني افضل ان اختار ايديولوجيتي لخدمة مصلحتي وليس لخدمة مصلحة نخبة مسيطرة. | ||
+ | انا اقول بان علينا ان نسحب الوطنية من الدولة ونضعها في خدمة العقد المجتمعي، هذا خيار وليس اكتشاف لحقيقة. كل ما اطرحه هو خيارات، واساسها هو الحصول على اكبر خدمة وافضل عيش ضمن المجتمع. التقنية الحديثة والمعرفة الحديثة قد تستطيع ان تخلصنا من ايديولوجيات الخضوع للدولة. اعتقد انه من الافضل اخضاع الدولة للمجتمع وليس العكس . | ||
+ | وقد يقول قائل هذا مستحيل وهذا يعني القضاء على الدولة وان الدولة اساسية ولا يمكن الحياة دونها. في الحقيقة يمكن بسهولة اليوم العيش بعيدا عن الدولة لكن هذا يعني العيش في مجتمع صغير. اي طريق يربط بين مجتمعين صغيرين يحتاج الى تعاون. واقول ان نبني الدولة على ان تضطلع بادارة هذا التعاون. وبهذا يكون للدولة مستويات. بين المدينتين تكون دولة المنطقة وبين المنطقتين تكون دولة المحافظة وبين المحافظتين تكون الدولة المركزية. ويجب ان تكون كل هذه المستويات مستقلة عن بعضها ولا تربطها اية علاقات هرمية. ليس للمحافظة سلطة على المنطقة. هذه المستويات هي مستويات خدمة وليست مستويات سلطة. | ||
+ | وعلى كل مستوى العلاقة مع الدولة هي علاقة خدمة وتنسيق وليست علاقة سلطة. يجب ان نتخلص من عقلية التراتبية الهرمية وان الرئيس يعين المحافظ، فالمحافظ هو نائب الرئيس في المحافظة، والمحافظ يعين مدير المنطقة وهكذا الى ان يعين مدير الناحية مختار القرية. حتى احزابنا مبنية على هذه التراتبية ولذلك فهي احزاب ديكتاتورية بطبيعتها. | ||
+ | وقد قلنا سابقا ان الدولة تصنع القومية وتصنع المجتمع الاكبر . لكنها لا تصنع التعايش. الدولة تصنع المجتمع كتعريف اداري اي من يحمل الجنسية ومن له حقوق ومن عليه واجبات. الدولة السورية مثلا تصنع المجتمع السوري، هذا الكائن الهلامي الذي ليس له ملامح محددة والذي لا يمكن تعريفه الا على اساس القانون والذي لا يمكن تشكيله كفكرة وكمفهوم الا بواسطة التعليم والتلقين الايديولوجي، انه الجماعة المتخيلة بامتياز. لا باس انا اقول ليس من الضروري ان تقول بوجود تجانس او بوجود ما يسمونه بالوحدة الوطنية. هذه مفاهيم دولة. انا اقول انت تعيش في جماعتك الصغيرة ويحدد القانون علاقتك بالجماعات الصغيرة الاخرى، لكن القانون لا يعني القبول بالآخر. هذه الجماعات مختلفة عن جماعتك لكن يجب ان تقبل بوجودها وان تقبل بالتعايش معها. ولا يمكن لاي قانون او عنف ان يجبرك على ذلك. كل هذه الاشياء التي يمكن عزلها عن الدولة يمكن ان نسميها البلد وان ننتمي اليها ونحميها ونتعاون معها، هذا ما اسميه بالوطنية. واما كل ما له علاقة بالدولة فأرى ان نحافظ على مسافة حذر منه. | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، المركزية واللامركزية= | ||
+ | من الغريب فعلا ان اغلب السوريين يخافون من اللامركزية رغم ان كل مصائبهم نابعة من مركزية الدولة. لا نزال نعتقد بان الاسد مجرد ادارة سيئة لكن بنية الدولة جيدة. | ||
+ | لا يوجد شيء اسمه سوء ادارة باعتقادي اذا تكرر سوء الادارة هذا لعدة مرات وتحت ظروف مختلفة. هناك شيء اسمه بنية تؤدي الى ادارة سيئة وبنية تفرض ادارة جيدة. | ||
+ | في سوريا الصراع الوحيد الذي نعرفه هو الصراع على الدولة المركزية وابقائها مركزية. اذا اردنا الخروج من تهميش منطقتنا، او اردنا اعطاء جماعتنا حقوقها او اردنا مراعاة ثقافتنا المحلية فالطريق في سوريا تمر دائما بالدولة المركزية. الكل يريد ان يستولي على الدولة المركزية ومن ثم ارسال المعارضين والمنافسين الى القبر او الى السجن. ثم نستغرب ان ظهر نظام مثل نظام الاسد. اننا نحس بالامان تحت جناح السلطة المركزية. الدولة المركزية تفرض الثقافة والدولة تفرض الاخلاق، والدولة تفرض اللباس المحتشم والدولة تقرر مناهج المدارس والدولة تؤمن الشغل والدولة تدير الاوقاف والدولة تستغل الثروات الباطنية ونتوقع ان تعطينا نسبة والدولة تؤمن الضمان الاجتماعي وحفظ الاسرار والحماية. كيف يمكن ان نعطي الدولة كل هذه الصلاحيات ونتوقع منها ان تخدمنا وان لا تستغلنا ولا تسرقنا ولا تقمعنا لان الاخلاق الحميدة هي الرادع للوحيد للقائمين على الدولة. منذ ان نشأت الدولة وهي تعدنا بكل هذا. لكن الحقيقة هي ان السلطة من طرف واحد هي دائما قمع واستبداد وسرقة. السلطة يجب ان تكون دائما توازنا وليس واجبا واخلاقيا وخدمة عامة من طرف واحد. اذا اعطيت اي طرف سلطة على نفسك فلا يجب ان تتوقع الا الاستبداد. لا توجد نظرة سوداوية كفاية لوصف الخطر الذي تشكله الدولة غير المحكومة بتوازنات مع المجتمع. | ||
+ | |||
+ | معاوية الصباغ | ||
+ | البوست يخلط بين "المركزية" في الإدارة و "الاستبداد الفرداني" | ||
+ | هما مفهومان مختلفان | ||
+ | السوريون يعانون من الاستبداد وليس من المركزية في الإدارة | ||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | هذا بالضبط لب الاختلاف بيننا في النظرة. انا ارى المشكلة بنيوية ولا اعطي اهمية كبيرة للفرد المستبد | ||
+ | |||
+ | =24 تشرين الثاني 2019، الشرعية والسيادة= | ||
+ | |||
+ | الدولة تقوم على تناقض هائل وهو مفهوما الشرعية والسيادة. بالنسبة لي الشرعية تعني القبول والاذعان والسيادة تعني احتكار العنف. المواطن يدفع الضريبة ويخضع للقانون بالقوة ومقابل ذلك يكتفي بايديولوجية التمثيل والعقد الاجتماعي مع الدولة. ليس هناك اي تناظر في هذه الوصفة غير السحرية. المواطن يدفع ويخضع ثم ينسحب ويقبل وينفذ طرفه من العقد وتراقب الدولة هذا التنفيذ. بينما لا يملك المواطن اية وسيلة لمراقبة الدولة واجبارها على تنفيذ طرفها من العقد المزعوم. الدولة تملك السلطة كل الوقت والمواطن يملك السلطة لحظة الانتخاب فقط. الدولة متفردة بامتلاك السلطة بينما المواطن يقتسم سلطة الانتخاب مع بقية الشعب. لا بل يتنافس معهم على امتلاكها. | ||
+ | بالنسبة للتفكير المنظوماتي فان كل منظومة تقوم على مثل هذا اللاتناظر. المنظومات لا تقوم على التعاون الطوعي والمساهمة الطوعية والحرية لكل مكوناتها. على العكس تماما المنظومة تقوم علل تخصص مكوناتها وعلى الحد من حريتها واستقلالها. | ||
+ | وانا لا اقول بتهديم المنظومة وانما اعترف بوجودها واعترف بوجود اللاتناظر ولا احاول تغطيته بمفاهيم مثل التمثيل او الدعم الالهي. كل ما اقوله هو وجوب ادراك هذا اللاتناظر بين المنظومة ومكوناتها ومحاولة التقليل من النتائج السيئة له. احتكار العنف واخذ الضريبة اساسيان في قيام منظومة دولة-مجتمع سياسي. ولا اقرل بالثورة على الضريبة واحتكار العنف. وانما اقول بضبطهما. الضريبة يجب ان تتحول الى خدمة هي البنية التحتية وتكافؤ الفرص (وليس المساواة) والعنف يجب ان يتحول الى خدمة ايضا هي الامان وتطبيق القانون. وحتى نصمن التحويل الكامل لكليهما الى خدمات يجب ان لا نثق بالدولة وان نراقبها باستمرار لان اللاتناظر يعطيها قوة اكبر من قوة الشعب. هذا التوتر يجب ان يبقى موجودا اذا اردنا ان نبقى احرار ولا نتحول لعبيد للدولة. | ||
+ | |||
+ | Anas Abdelrahman | ||
+ | دكتور ، بصراحة أنا لدي مشكلة مع نظرية العقد الاجتماعي ، لكن السؤال المهم كيف يمكن تكييف العلاقة بين الدولة والمواطن!!! بمعنى ما هو الوصف الحقيقي لعلاقة الدولة والمواطن ؟! | ||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | Anas Abdelrahman وصف العلاقة بين الدولة والمواطن هو في صميم طروحاتي. واعتقد انه في صميم التحدي الذي نرى مظاهرة في الشرق الاوسط ومثير من بلدان العالم اليوم. الليبرالية تزعم بان الدولة في خدمة المواطن اذ هي تمثل رغباته وتحققها وهو في المقابل يرضى عنها فينتخبها او يعاقبها باستبدالها بغيرها بالانتخاب ايضا. لكن هذا هراء لاننا نعرف ان هذا العقد الاجتماعي ليس الاصل التاريخي للدولة، ولا حتى هو اصل الدولة الاوروبية الحديثة. العقد يكون بين انداد. والدولة ببساطة اقوى بمثير من الشعب. هذا العقد اذا وجد فانه عقد بين الذئب وضحيته الساذجة. الدولة كانت ولا تزال اداة تسلط. الدولة تحتكر العنف وعلى اساس هذا الاحتكار فانها تفرض الضريبة. هذه الضريبة لم تكن في يوم من الايام خدمة او اعادة توزيع للثروة. الضريبة كانت ملكا لصاحب العنف. مفهوم الخدمة مقابل الضريبة مفهوم حديث جدا ولم يكتمل بعد لاننا نعرف ان معظم الضريبة يذهب كمصاريف حكم وعلاقات ديبلوماسية وقوة عسكرية وشرطة. وخدمة التشريع التي هي اهم خدمة فان الدولة تقدمها لمن يدفع اكثر، اي انها غالبا خدمة غير عامة. اذن الدولة عنف وتسلط وابتزاز، وانا اقترح ايجاد سلطة مقابلة توازن الدولة وتفرض عليها توزيع الضريبة بشكل خدمة. لكن يبقى احتكار العنف كعلامة فارقة للاتناظر بين الدولة والمجتمع. العلاقة عير متكافىة وغير متناظرة ويجب ان نسعى دائما للتخفيف من حدة هذا التفاوت في امتلاك السلطة | ||
+ | |||
+ | Ahmad Refaee | ||
+ | تستخدم مفردة السلطة و الدولة بذات المعنى .. | ||
+ | هل هذا ما تقصده ام هو اصطلاح ؟ | ||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | Ahmad Refaee لا احاول ان اوحد المعنى في المصطلحين. واعتقد ان هناك سلطة في سياقات خارج سياق الدولة، وبعضها قد يقوم على العنف او التهديد بالعنف. لكن الدولة باعتبارها محتكرة للعنف فانه تمثل اكبر تجمع للسلطة في المجتمع. الدولة الحديثة تتغلغل في كل شيء وتفرض علاقاتها السلطوية. لكن لا ليسا شيئا واحدا. الدولة حيثما توجد توجد سلطة لكن العكس ليس صحيحا. ملاحظتك في محلها وانا بالتأكيد مهووس بتفلية الدولة واكتشاف مكامن السلطة فيها. اعتقد ان ثمانية سنين من الحرب مع الدولة تشفع لي هذا الهوس. | ||
+ | |||
+ | Amer S S Atassi | ||
+ | "لا يملك المواطن اية وسيلة لمراقبة الدولة واجبارها على تنفيذ طرفها من العقد المزعوم" . هل تتكلم عن الدولة بالمطلق؟ أليست هناك دول فيها مراقبة لأداء مؤسسات الدولة و مساءلة و محاسبة لها عندما تخطئ أم أن هذا وهم؟ | ||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | نعم بالتأكيد بعض الدول فيها اجهزة مراقبة، ويمكن ان توجد اقسام مراقبة وتحريات داخل كل مؤسسة. لكن المواطن لا يملك مثل هذه الادوات. تأثير المواطن في الدولة يكاد يقتصر على صوته الانتخابي كل مدة محددة من الزمن. هناك منظمات مجتمع مدني تحاول مراقبة بعض المؤسسات، هناك ايضا آليات مثل جمع التواقيع او مقاضاة الدولة. وهناك لوبيا مثل لوبيات المتقاعدين، وهناك الاعلام، وهناك البحث العلمي. وكل هذه الادوات تحتاج الى تجمع للافراد وليست متاحة لفرد بعينه الا اذا امتلك اموالا ونفوذا. لكن كل هذه الادوات لا تعطي آثارا آنية ومباشرة بالمقارنة مع السرعة الهائلة التي تؤثر بها الدولة على الفرد. لا المراقبة ممكنة وليست وهما، واعتقد اني ادعو لزيادة هذه المراقبة ولا ازعم انها غائبة تماما. ما يثير عجبي هو صغر الفرد مقابل جبروت الدولة. هذه اللاتناظر مخيف ونحن في سوريا نعرفه اكثر من غيرنا | ||
+ | |||
+ | =25 تشرين الثاني 2019، الدولة والبلد= | ||
+ | الصديق العربي بن ثاير من تونس يسأل عن امكانية التصنيف دولة- بلد ووضع البلد في مواجهة الدولة: | ||
+ | ""اسمح لي بمداخلة أراها مهمة : أين تصنف الإدارة ومرافقها مثل القضاء والضرائب والبلدية وقباضة الاموال والشهر العقاري ( المدنية غالبها والعسكرية بعضها ) هذا من جهة ومن جهة أخرى أين تصنف والأحزاب السياسية وأين تصنف المنظمات مثل الكشافة على سبيل المثال وأين تصنف الجمعيات الحقوقية والاجتماعية والبيئية بل أين تصنف النوادي الرياضية والادبية هل كلها تابعة للمجتمع ولا علاقة لها بالدولة ؟ ...الخ أظن أن بين الدولة والوطن ( البلد بتعبيرك ) هناك مكونات أخرى يمكن لو أدمجتها ضمن تحليلك لصار الأمر أدق وأوضح وأهم هذه المكونات التي لم يرد ذكرها "النظام و "السلطة "."" | ||
+ | وهذا هو جوابي: | ||
+ | شكرا على سؤالك. انه في صميم الطرح الذي اطرحه. وهو كيف يمكن التمييز بين ماهو دولة وبين ما هو بلد وبين ما هو خليط لا يمكن فصله. اعتقد انه لا وجود لتصنيفات ثابتة. كل ما هو سلطة مدعومة باحتكار العنف فهو دولة ويجب الحذرمنه. وفي هذا اجابة على اقتراحك استخدام السلطة والنظام بدل الدولة. نعم اكتشاف مكامن السلطة هو الاساس. لكن تبقى مؤسسات الدولة ادوات بيد السلطة، وانا احاول كسر هذا الاحتكار. | ||
+ | الشخص المسيس، حتى لا اقول الحزب كله، هو جزء من البلد الى حين يتسلم منصبا عموميا مدعوما بقوة الشرطة والجيش فعندها يصبح جزءا من الدولة. الحزب السياسي او اية مجموعة صغط لوبي تستطيع ان تمارس نوعا من التوجيه او الاجبار على اصحاب المناصب فهم جزء من الدولة لانهم يمتلكون السلطة لكن بشكل غير مباشر وعبر وسيط هو صاحب المنصب. | ||
+ | ويمكنني ان ابدأ بالاسهل. النادي الرياضي او الادبي هو جزء من البلد اي التجمعات داخل المجتمع الاكبر. واقصر استخدام مصطلح المجتمع باسره على مجموع الناخبين واسميه المجتمع السياسي. لكن عندما يتحول النادي الى منصة لمناقشة السياسة فانه يدخل المعترك ويصبح اما اداة مراقبة وضغط او اداة تمارس السلطة غير المباشرة. ولذلك استخدم مصطلح النخبة الحاكمة والتي هي مجموع اصحاب المناصب والمؤثرين عليهم او اصحاب السلطة غير المباشرة. النخبة الحاكمة هي الدولة بجزءيها المؤسساتي والسلطوي. | ||
+ | الجمعيات الحقوقية والبيئية هي جزء من البلد مادامت مواجهة للدولة ومراقبة لها وضاغطة عليها ومطالبة بالخدمة. والخدمة هي اعطاء الحقوق والحفاظ على البيئة. وقد تقول ما الفرق بين المجموعة الحقوقية حين تضغط على الدولة وبين مجموعات المصالح اللوبيات. اللوبيات تعبر عن تحالف مع اصحاب المناصب وتعطيهم ثمن تعاونهم معها وتحصل على مكاسب اكثر مما توفرها الخدمة المنصوص عليها بالقانون. اما مجموعات البيئة فلا تدفع ثمنا وانما تجبر اصحاب المصالح على تأدية الخدمة المنصوص عليها قانونيا. التشريع ومراقبة تنفيذه خدمات وهذه الخدمات عامة ومعيارها هو الاستفادة العامة. لكن عندما تكون الاستفادة محدودة وخاصة فان هناك سلطة غير مباشرة مثل سلطة اللوبي. | ||
+ | الكشافة منظمة مجتمع مدني. لكنها حين تدفع الاولاد الى عبادة الدولة تحت مسمى الوطن فانها تصبح اداة من ادواة الدولة والنخبة الحاكمة. | ||
+ | الشهر العقاري والبلدية هي خدمات وهي جزء من الدولة. ويمكنها ان تتحول الى وسائل سلطوية. عن طريق الشهر العقاري يمكن للدولة الاستيلاء على الاملاك وعن طريق البلدية يمكن توجيه الخدمات لفئة على حساب فئة. وهذا بالضبط ما يجب مراقبته. يجب ان تكون الخدمة عامة لكل الناس وان لا تتحول الى اداة قمع وتعسف. واعتقد انه بالامكان خصخصة بعض هذه الخدمات مثل التوثيق. قد يفتح هذا بابا للتسلط ايضا لكن احتكار الدولة لمثل هذه الخدمات لا يعني تسلطا اقل، لا بل على العكس فالاحتكار هو تسلط مطلق. اذا وزعنا التوثيق على عدد كبير من المؤسسات غير الربحية او حتى الخاصة فانه يصعب استغلالها كلها. وسوريا اكبر مثال. اليوم تستغل الدولة احتكارها للشهر العقاري لتعاقب المعارضين ولتستولي على املاك اهالي المناطق المتمردة. | ||
+ | والقضاء مشابه اذ يمكن توزيعه على مستويات مختلفة من الحكم ويمكن ايضا اعطاؤه للمجتمع. القضاء تاريخيا لم يكن دائما حكرا على الدولة. لكن الدول الملكية المركزية كانت دائما تحاول احتكار القضاء. وعندها تستطيع استخدامه لقمع الناس مثل المحاكمات السياسية. انا مع انشاء محاكم شعبية ومحاكم شرعية محلية لا تخضع لسلطة الدولة. | ||
+ | |||
+ | =26 تشرين الثاني 2019، تعليق على مقالة "في غرام السلطة"= | ||
+ | [https://www.alquds.co.uk/%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%b1%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%b7%d8%a9-%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%8a-%d9%86%d8%b1%d9%8a%d8%af%d9%87-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9%d8%9f/?fbclid=IwY2xjawHAzN1leHRuA2FlbQIxMQABHUhK5eFKF4z7log3dzou3R13fyTqrpeKeRKDfjOs7yUQjX-iEtAncmgmnw_aem_CXAx1q-GZWeW9HB5Jf7lMw في غرام السلطة: ما الذي نريده من الدولة؟] | ||
+ | |||
+ | المقالة كالعادة غنية بالافكار التي اعتبرها جذرية. | ||
+ | هناك العديد من الجمل والمقولات التي لم افهمها، ربما لعدم معرفتي بالنصوص والافكار التي يلمح لها الكاتب. | ||
+ | هناك عدة خيوط فكرية تنتظم حولها المقالة واود ان اشارككم واحدا منها، | ||
+ | "وربما ستواجه الموجة الاحتجاجية المعاصرة طريقاً مسدوداً، إذا لم تنتج حلولاً عملية، تمكّنها من التحول، ولو بشكل مؤقت، إلى سلطة." | ||
+ | اننا فعلا واقعون "في غرام السلطة" | ||
+ | |||
+ | =31 كانون الثاني 2020، الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره= | ||
+ | [https://aljumhuriya.net/ar/2020/01/29/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%87%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1%d9%87/ الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره] | ||
+ | |||
+ | نسيت اقول ان مقالتي عن الدولة نزلت على موقع الجمهورية. وهي جزء من ملف كامل من عدة مساهمات لعدة كتاب وقام بالتنسيق الاخ موريس العايق. الفكرة فكرة موريس وانا حاولت اناقشها كما فهمتها. لكن في النهاية انا اناقش فكرة اساسية قائمة بذاتها وستكون موضع اهتمامنا لعقود قادمة. ما هي الدولة ولماذا هي موجودة وما علاقتها بالايديولوجيا وكيف نتعامل معها؟ قد لا تجيب المقالة عن كل هذه التساؤلات، لكنها تذهب الى الجذر حسب نظري، وهو ان الدولة موجودة قبل وبعد فكرة انها تخدم المواطنين. العقد الاجتماعي الذي يبرر الدول الحديثة ليس الا احدث ايديولوجيا لتبرير الدولة في سلسلة طويلة بدأت من خمسة آلاف سنة. الدولة قضاء وقدر ويجب التعامل معها على هذا الاساس، ليس بالخضوع لها وانما باجبارها على تأدية بعض الخدمات دون ان ننزلق في خطأ انها تمثلنا او انها تحكم باسم الاله او انها اختراع اتفق البشر عليه ليعيشوا حياة اسعد. لماذا توجد الحشرات؟ لا احد يعرف، الوجود هو الوجود وفقط، اما الاسباب فهي من اختراع الناس. لكن الدولة حشرة مهمة جدة وخطيرة ولا يجب ان نتركها لوحدها تفعل ما تشاء، لكننا لن نستطيع ازالتها او تجييرها بالكامل لخدمتنا. العلاقة مع الدولة صراع، انها شر لا بد منه، او على الاقل لايمكن التخلص منه. | ||
+ | |||
+ | مقالتي عن الدولة اخذت معي شغل وكانت رحلة تعلم وتعليم في الوقت نفسه. الثورة السورية قلبت كل المفاهيم ولا ازال الى الان احاول سبر مدى الانقلاب. | ||
+ | ما كتبته في هذه الورقة كان مثل البوح الذي لا ازال احاول ان افهمه واتصالح معه. | ||
+ | وكل نقاش حول موضوع الدولة هو فرصة لنا جميعا للنمو والتطور كمفكرين. | ||
+ | ان امامنا تحد هائل. نظام الاسد باجرامه وتبذيره لرصيد الثقة اعاد طرح مفهوم الدولة الى نقطة الصفر. ماهي، لماذا هي موجودة، لماذا تقتلنا، وكيف نجبرها على ان تتوقف. واذا نجحنا في تحويلها الى خدمة لمصالحنا فهذا امنية لا نحلم بها. | ||
+ | من هذا المنظور، وبكل جنون يشبه جنون هذه الحرب، قد يأتي يوم نقول فيه شكرا بشار الاسد انك ضربتنا ضربة على الرأس طيرت كل المعارف القديمة. | ||
+ | انها مقولة تشبه تناقض نشوء الحياة الانسانية على الارض من منظور ديني: شكرا ايها الشيطان ان جعلت امنا تغري ابانا ليأكل تفاحة المعرفة ويكتشف عريه الذي ادى الى بشريته. اننا لا ننبعث من الخطيئة وانما من الضربة القاصمة. | ||
[[تصنيف:فقه الدولة]] | [[تصنيف:فقه الدولة]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢٠:٢٥، ١٣ فبراير ٢٠٢٥
محتويات
- ١ 16 تموز، 2017 - المتبرع والدولة
- ٢ 17 تموز، 2017 - دول قروسطية 1
- ٣ 21 تموز، 2017 - دور الإعلام
- ٤ 17 تموز، 2017 - دول قروسطية 2
- ٥ 1 تموز، 2019-ضرورة الدولة الديقراطية والعلمانية
- ٦ 29 نيسان 2018، الدولة، العنف، والحرب الأهلية
- ٧ 19 تشرين الأول 2019، اللاسلطوية والحكم المحلي
- ٨ 6 تشرين الثاني 2019، الدولة الفاسدة
- ٩ 24 تشرين الثاني 2019، إعادة صياغة الدولة
- ١٠ 24 تشرين الثاني 2019، الانتخاب والتمثيل
- ١١ 24 تشرين الثاني 2019، دولة الخدمات
- ١٢ 24 تشرين الثاني 2019، الوطنية والعقد الاجتماعي
- ١٣ 24 تشرين الثاني 2019، المركزية واللامركزية
- ١٤ 24 تشرين الثاني 2019، الشرعية والسيادة
- ١٥ 25 تشرين الثاني 2019، الدولة والبلد
- ١٦ 26 تشرين الثاني 2019، تعليق على مقالة "في غرام السلطة"
- ١٧ 31 كانون الثاني 2020، الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره
16 تموز، 2017 - المتبرع والدولة
السوري المتبرع يدعم اما الاغاثة او التسليح، لكنه لا يدعم الاحزاب ولا مراكز الابحاث ولا مؤسسات التعليم ولا الفن ولا مؤسسات المجتمع المدني غير الربحية ولا الدراسات ولا النشر ولا الترجمة ولا المواهب ولا الاعلام الحر. السوري المتبرع لا يعرف معنى العيش في دولة حديثة. اذا كنت تريد المشاركة السياسية فعليك ان تدعم بناء المجتمع وليس فقط الصراع على السلطة. الدولة لا تبني المجتمع الحديث، الناس تبنيه. المجتمع الحديث ليس فقط زكاة اسلامية، انها مشاركة فعالة في تقوية المجتمع بكل ما ذكرته اعلاه.
16 تموز، 2017 - الدولة الحديثة ضرورة= مطلب الدولة الحديثة التكنوقراطية والديمقرلطية ليس مجرد تقليد الغرب او لاننا اكتشفنا الحرية. ابدا، وقد عجز المفكرون العرب عن التنظير لهذه الدولة واعتقدوا انها اما حداثة مرغوبة لذاتها او ارث استعماري بغيض. ابدا، هناك علاقة قوية بين رغبتك بشراء سيارة وتليفون وتعليم اولادك والضمان الصحي وتامين فرص العمل وبين انشاء هذه الدولة التكنوقراطية الديمقراطية. والمسالة ليست تطبيق الشريعة والشورى بدل الديمقراطية. كما قلت العلاقة وثيقة جدا بين المتطلبات الحديثة وبين الدولة الحديثة. لم يعد من الممكن اقامة ديكتاتورية النخبة العسكرية او الدينية او العشائرية والتمتع بالحضارة الحديثة. هذا ما كان يجب ان نطالب به وليس مجرد اسقاط الاسد او اقامة حكم الله، الاثنين لا يصنعان تليفونا.
17 تموز، 2017 - دول قروسطية 1
لا تزال الدولة العربية قروسطية تقوم اما على نخبة عسكرية قبلية او على نخبة دينية. وهي في الحالتين ملكية يتعامل معها الملك كاقطاعية يوزعها على اعوانه لقاء الولاء. للاسف المطالب الخفية للثورة السورية كانت اما المجيء بملك مسلم طاهر او المجيء بديكتاتور سني. الثورة كانت ثورة على الظلم وليس ثورة من اجل التغيير. ومعظم المطالب الان لا تتعدى العودة الى باب الحارة وتنقية الحارة من الغرباء واعادة العلويين الى الجبل. الحقيقة ان انتاج طبقة علوية من رجال الاعمال المنفصلين عن الدولة يمنع النظام من تجييش الطائفة كجنود. الحل ليس بالانتقام والتطهير، الحل بخلق فرص مختلفة ومتكافئة.
21 تموز، 2017 - دور الإعلام
عادت المظلوميات العربية تتنافس على المساحة الإعلامية، سوريا أم القدس أم اليمن أم المغرب. وعاد استغلال الأحزاب والدول لقضية فلسطين. وعاد نفاق أمة العرب وأمة الإسلام وبالروح بالدم نفديك، وعاد التجييش السياسي القومي والإخواني والإسلاموي. التوقيت مناسب جداً لبعض القوى على ما يبدو. أتعاطف مع أهل القدس وحقهم في الصلاة في الأقصى، لا أكثر ولا أقل. عدا ذلك فهو نفاق سياسي وأيديولوجي.
17 تموز، 2017 - دول قروسطية 2
الاقتصاد لا يزال في يد المدينة السنية والعلوي لا يزال جنديا في المخابرات يشارك التاجر السني لتمرير معاملات الدولة، وتحول بعضهم في عهد الابن الى بيرقراطية دولة فاشلة جدا لانها تلقت الوظائف كاعطيات. النظام الان يبحث عن رؤوس اموال لبناء سورية وسيفعل مثلما فعل الاب قي التسعينات فسمح بعودة راس المال السني وملحقاته من المشايخ. هذه وصفة عقيمة وللاسف تناسب الاخوان، وسيعود كثيرون من خلالها الى حضن الوطن وسيبقى الوضع كما هو. يجب فتح باب الاستثمار والاقتراض والاعمال للجميع وكسر الاحتكارات الطائفية. يجب ان تكون بيرقراطية الدولة مفتوحة للجميع وليست مزرعة. يجب استغلال حاجة النظام الى راس المال والمطالبة بتغيير حقيقي. الشركاء في مثل هذا المشروع هم من العلويين انفسهم، اولئك الذين يريدون الخروج من معادلة علوي يساوي جندي وسني يساوي تاجر.
Sulaiman Wardah في الثمانينات ايام الحصار وقف ضابط خلف كل تاجر للتبادل النفعي اليوم الوضع مختلف اذا تم التوصل الى طريقة ادارة المدن باسلوب الادارة الذاتية وتخفيف سلطة العاصمة عليها هنا يبدأ ارساء العمل المؤسساتي لن يرض العسكر بمشاهدة انتقال الاموال خلال الاعمار دون المشاركة وهذا حقهم فهم بذلوا ارواحهم للامساك بالزمام ( وجهة نظرهم) لن يتركوا الكعكة لمن اشعل الحرب فهم شركاء في كل شيء لانهم السلطة فالحرب القادمة بعد الحل السياسي هي حرب مواقع نفوذ للشيعة هامش حركة اكبر مما كان لهم سابقا وفي مراكز القرار وسيشهد زحفا على الكليات العسكرية منقطع النظير بالرغم ان الحل السياسي سيمنح السنة مساحة اكبر كشريك الا ان امساك الزمام من غير السنة سيكون فظيعا خاصة في حمص ودمشق وحلب
Hanane Atassi اذا لم يستمر مفهوم الثورة فلن يتغير شيئ بالاصل من ثار وطالب بالحرية والعدل ليست البرجوازية السورية ان كانت بدمشق او حلب او حمص وانما اهل الريف وذلك لاسباب عطة اولا الاسد الابن شعر انه ينتمي للطبقة الحاكمة الغنية وانه اصبح هو الاكثر ثرائا واصبحوا الاقتصاديين السنة ليسوا اكثر منوسطاء وتنظيف ام ال وهم تحت امرة ليس الطائفة وانما العائلة فمعروف ان التاجر الدمشقي مستعد ان يبيع امه لاجل الربح ولا اله له سوى المال اما الاخوان فالقيادات كانت ولاتزال من تجار دمشق واكبر صناعي حلب اما تجار وثرياء حمص وحماة هم مرمطونات عند هؤلاء اما الجيش العلوي فقياطاته علوية وضباطه الكبار سنة او عل ية اصبح الجيش والعسكري هو مصدر للربح فلن تصح سورية الا بعد القضاء على جميع هؤلاء واحلال جيل قاسي شرس لا يقبل ان يكون سلعة لاي نظام
محمد خير حمزي جانسيز الاقتصاد بيد العلويين الا ن والسنة واجهة لهم قام حافظ الاسد بنهاية عهده بتزاوج السلطة مع المال فعدد اولاد المسؤليين العلويين الي تزوجوا فتيات من السنة كثير واخ احمد لم يحدث انفتاح اقتصادي بسوريا الا بعد ان اصبحت الدفة الاقتصادية والقوة المالية لهم وانت كتاجر سني تدفع اتوة مقابل اي صفقة وينقص ربحك اما هم لا يدفعون شي وهناك تجار كثر من السنة هم واجهة الاموال بشار وما هر ومخلوف وغيرهم من مسؤلي الدرجة الاولى بالحكم وخاصة بعد مقتل الحريري اعادوا اموالهم الى مزرعتهم سوريا وبداوا يستثمرون بها المال الي سرقوه من العب السوري على مدى عقود
Hanane Atassi مشكلة السوري ليس علوي او سني او مسيحي مشكلته الاساسية وهنا اتكلم عن اهل المدن اجمالا يلهثون وراء الربح وليس وراء اي مبدء فالامثلة كثيرة تعبر عن العقلية الشامية وهنا اعني كسورية وليس فقط دمشق اما الريف كانوا ولا يزالوا يعانون من الجهل والتبعية اما دينيا او احلام بانهم يوما ما سيصبحون افضل فلذلك استطاع الاسد الاب ان يمدهم بقليل من السلطة مع التجهيل وزرع الحقد لاهل المدن وبالوقت ذاته استطاع ان يثري بعض وخاصة تجار دمشق الاصليين مثل الشلاح والسكري وغيرهم من علية التجار الدمشقيين وكذلك استطاع ان يشتري كبار الصناعيين بحلب واما حمص وحماة فكانوا تبعيين للمدينتين وقبلوا بالفتاتاو انتقلوا لدمشق واصبحوا من خدام السلطة اما الابن وبعد زواجه من عائلة سنية من البرجوازية الصغيرة تخلى عن اصله كفلاح او لا ادري ماهو الاصل وظن انه اصبح من الامراء وخاصة بعد ان تعامل مع ملوك السعودية وصادق امراء الخليج فتخلى عن الفلاح السوري الذي كان مصدر قوة للاسد الاب والذي كان يعرف تماما كيف يتلاعب به وكيف اذا فكر بالعدل شحنه من جديد ضد اهل المدينة والتجار والاقطاع الذي لم يعد له وجود فنحن السوريين لم نعرف يوما ماهو الوطن وماهي المواطنة وهذه الثورة عرتنا جميعنا وجميع الطوائف والفئات واظهرت مانحن عليه من فساد وتجبر واحتقار للمختلف او الفقير ولانؤمن بغير المصالح اما الدين تجارة واليدولوجية مهما كانت سلم لتسلق السلطة ربما هذه الثورة اخيرا ستنظف ما تركم من عفونة اولوف السنين
1 تموز، 2019-ضرورة الدولة الديقراطية والعلمانية
الدولة الديمقراطية العلمانية ضرورة وليست خيارا الدولة الديمقراطية العلمانية ضرورة وليست خيارا
29 نيسان 2018، الدولة، العنف، والحرب الأهلية
Ahmad Nazir Atassi
معه مية المية
Sami Alkayial April 28, 2018 · - لا يمكن للمرء ان ينتقد الحداثة والدولة الحديثة ويكون في الوقت ذاته ضد "الحرب الأهلية" و"مع السلم الاهلي"، لأن فكرة السلم الاهلي مرتبطة بمبدأ احتكار الدولة للسلاح او للعنف الشرعي، ونزع امكانية ممارسة العنف من المجتمع بوصفه عنفا لا قانونيا، "الحرب الاهلية" مصطلح حديث اصلا يدل على خلل يؤدي لانتقال منظومة الحرب من الدولة الى المجتمع، بما يلازم ذلك من اشكال للعنف اللاشرعي. - بلغة اخرى يمكننا الحديث عن "نظام للقانون" هو المخول بممارسة العنف في مجتمعات الحداثة، وكل عنف خارجه هو لا شرعي، وذلك يرتبط بتمايز وظيفي بين مختلف الانظمة في هذا النوع من المجتمعات، كل منها يعمل في نطاقه الخاص وباسلوبه الخاص دون اختلاط، فهنالك انظمة مستقلة للسياسة والاقتصاد والدين والعلم والمجتمع..الخ، بهذا المعنى فقط تكتسب ادانة الحرب الاهلية معناها. - في المجتمعات القديمة، او غير المتمايزة وظيفيا، لا ينفصل نظام القانون والعنف عن غيرهما من الانظمة، فقد كان مثلا لكل باشا او اقطاعي او شيخ عشيرة او زعيم عائلة "رجاله" المسلحين، وتصفية الخلافات بين مختلف المجموعات تتم باساليب تتنقل بين العنف المسلح ثم الصلح العرفي ثم الحرب من جديد . من ابسط الامور مثل الشرف والثأر والصراع على المراعي والسقاية، وصولا الى الحروب الاكبر حول مناطق النفوذ، باختصار "الحرب الاهلية" ليست امرا استثنائيا في هذا النوع من المجتمعات بل هي شكل طبيعي من اشكال الحياة. فالانظمة القديمة هي انظمة "الحرب الاهلية الدائمة". في اليمن وبلاد الشام مثلا هنالك حرب اهلية مستمرة منذ قرون بفترات صلح عابرة. - الحرب الاهلية، او النزاع الاهلي الدائم ليس توقفا في سيرورة الحياة كما يظن البعض، بل هي جزء من هذه السيرورة، وهي تملك اقتصادها الخاص، وتؤمن فرص للعمل وكسب الرزق لفائض الذكور في المجتمع، كما انها تجدد انظمة القرابة والمصاهرة، وتعيد توزيع الثروة. هي ليست حالة استثناء على الاطلاق ولها وظائف اجتماعية مهمة. - باختصار من يرفضون الحرب الاهلية وينتقدون الحداثة في نفس الوقت هم اشخاص لا يعرفون ماذا يقولون، فاما ان تكون مع دولة حديثة ومجتمع متمايز وظيفيا وعلماني، واما ان تتدرب على استخدام السلاح وتنمي عضلاتك قليلا وتبحث في تراث عائلتك عن ثأر ما، فمن المعيب على الرجال ان يقضوا وقتهم في الاقتصار على ضغط ازرار الكومبيوتر.
19 تشرين الأول 2019، اللاسلطوية والحكم المحلي
كتب جهاد الحاج سالم فكرة قيس سعيد عن الحكم المحلي هي فكرة تمتد بأصولها إلى الفلسفة السياسية الأناركية (أو اللاسلطوية) في صيغتها الحديث، القائمة على دعم أشكال الحكم الذاتي التشاركي عبر إعادة بناء السلطة من تحت. من المعروف عن الأناركية رفض كل أشكال السلطة، وعلى رأسها سلطة جهاز الدولة. لكن، في العقود الأخيرة شهدت الفلسفة السياسية الأناركية تطورات مهمة، خصوصا في ظل الأعمال الإناسية (أو الأنثروبولوجية) عن المجتمعات "البدائية" الفاقدة أو المضادة للدولة وعن العصر الحجري السابق لاكتشاف الزراعة وتدجين البشر ضمن الدولة. من ذلك، نجد أعمال عالم الإناسة جيمس سكوت (James scott) التي تبرز أن تاريخ الدولة لا يمثل سوى خمسة بالمائة من تاريخ جنسنا المعروف بالإنسان العاقل العاقل (homo sapiens sapiens) المقدر بمائتين وخمسين ألف سنة حسب علماء البيولوجيا. أما في بقية هذا التاريخ، فكان أسلافنا الساحقين يعيشون ضمن مجموعات صغيرة ومتحركة تقتات على الصيد والقطف في غالب الأحيان، أو الإعتلاف والرعي في أحسن الحالات. في حوار مع جايمس سكوت، تم سؤاله: "هل بالإمكان إنهاء الدولة؟"، فكانت إجابته: "لا أعتقد أنه مازال بإمكاننا إنهاء الدولة، كل ما بوسعنا فعله هو تدجينها". بالفعل، كل الفلسفة الأناركية الحديثة قائمة على تدجين الدولة، من خلال فكرة الحكم المحلي التي تعيد تأسيس السلطة من تحت عبر التقرير الجماعي والذاتي التشاركي. في كتاب جميل بعنوان "شذرات من أجل إناسة أناركية" (Fragments for an Anarchist Anthropology)، يطرح عالم إناسة آناركي آخر إسمه دايفيد غرايبر (David Graeber) فكرة مهمة مفادها أنه الديمقراطية التمثيلية هي شكل أوروبي خالص لتدبير السياسة. وإن كان استنباط الديمقراطية على يد إغريق أثينا، فإنه لا يعطيهم ذلك أي تفوق حضاري. فالمجتمعات الأخرى المعاصرة للإغريق كانت بالذكاء الكافي حتى تستنبط فكرة التمثيل عبر الانتخاب، إلا أنها خيرت شكلا آخر من التدبير السياسي قائم على الشورى (La délébération) لا على التمثيلية. في المجتمعات القبلية، مثلا، وأغلبها لم يعرف الدولة إلى حدود زمن قريب، يوجد مجالس يجتمع فيها القوم لتقرير شؤونهم . وبحسب حجم هذه المجتمعات، فإنه مجالسها قد تجمع وجهاء القوم حصرا في بعض الحالات، أو القوم بأجمعه في حالات أخرى. يمكن أن نضرب مثلا عن ذلك بدار الندوة في قريش، المعروف أنهم كانوا قوما لقاحا (أي دون سلطان، أو دولة). كذلك، رابطة قبائل الإيروكوا من الهنود الحمر، التي درسها لويس هنري مورغان في أحد الكتب المؤسسة لعلم الإناسة. على كل، تتميز كل هذه التنظيمات السياسية بكونها قائمة على بناء الإجماع، لا على تمثيل صوت الأغلبية داخل الجماعة السياسية. لكن، هناك ثلاثة شروط أساسية تساهم في نجاعة هذا الشكل من التدبير السياسي الشوري والمساواتي: - أولا، أنه أغلب المجتمعات التي تحقق فيها، هي مجتمعات ذات ساكنة ضعيفة العدد. ومن المعروف أن إرتفاع عدد السكان مرتبط بوجود نصاب سلطة مستقل عن المجتمع، أي دولة. إذ تحتاج الدول لتنمية عدد سكانها من أجل مراكمة الإنتاج وخوض الحروب. وهذا ما يجعل عالم الإناسة بيار كلاستر يصف الدولة بأنها موالدية (nataliste)، بينما المجتمعات الفاقدة أو المضادة للدولة كانت دائما تبتدع آليات لرفع الوفايات وإنقاص الولادات، أو تنفصل عن بعضها في حالة إرتفاع حجم ساكنتها إلى نسبة عالية. - ثانيا، أغلب هذه المجتمعات تنعدم أو تنخفض فيها الإنقسامات الاجتماعية بصفة عالية. إذ يجمع علماء الإناسة أنها لا تعرف إنقسمات طبقية بالمعنى الحديث، كما أن الإنقسمات الجندرية والعمرية فيها تكاد تغيب أيضا. وفي بعض الحالات، يكاد يكون الإنقسام الجندري أو العمري هو الإنقسام الوحيد في هذه المجتمعات، فتقصى النساء أو الفتيان الذين لم يبلغوا سن الرشد الاجتماعية من عملية التدبير السياسي. - ثالثا، لا تعرف هذه المجتمعات الفردانية بالمعنى الحديث. إذ أن مفهوم الفرد، بمعنى الذات المعنوية القائمة بذاتها، غائب فيها تماما. نعود إلى قضية الحكم المحلي من تحت. هذا الشكل الجديد لإعادة توزيع السلطة يمزج الشورى والتمثيلية في عملية التدبير السياسي. فهو يقوم على إحداث إجماع داخل المجموعة المحلية تمثله مجموعة من صلبها. لكن، شروط تحققه هي نفس تحقق شروط التدبير الشوري في المجتمعات الفاقدة أو الرافضة للدولة، إنما بهيئة حديثة وعبر مفهوم التشاركية الحديث. نأخذ، مثلا، نموذج المجتمعات الإسكندينافية التي تعرف مساحات واسعة من التقرير والحكم من تحت في تدبيرها السياسي: - هذه المجتمعات حققت مستوى عالي من العدالة الاجتماعية، بحيث ينزع فيها التوازن الطبقي إلى المساواتية. كما تحققت فيها حقوق جمة للمرأة والأطفال وذوي الإعاقة، بحيث تساوت حقوقهم بالكامل مع الذكور الراشدين. - هذه المجتمعات عرفت الديمقراطية التمثيلية وتشبعت بها، من ثم أخذت ترفدها بجرعات متتالية من الشورية أو التشاركية. - هذه المجتمعات تحققت فيها الفردانية الخالصة بالمعنى الحديث، بحيث صارت مكانة المواطنة فيها تعلو على مكانة الانتماءات الأخرى "ما قبل مواطنية". السؤال: هل تتوفر هذه الشروط في مجتمعنا؟ هل نقدر بحجم الإنقسامات الطبقية والاجتماعية والجندرية والعمرية والجهوية والعشائرية التي في مجتمعنا أن نبني جماعة محلية قادرة أن تدبر شأنها السياسي عبر التشاركية والإجماع؟ في رأيي، الإجابة هي لا. حسب رأيي، الحل الأنجع في مجتمعنا هو حكم محلي قائم على التمثيلية ومرفود بالشورية، لا العكس. وهو عين ما يؤسس له الباب السابع من الدستور. إذ أقر مجالس بلدية منتخبة، يكون فيها التقرير تشاركيا مع المواطنين، أي عبر عملية شورية تبني إجماعا داخل الجماعة المحلية حول الأولويات والمتطلبات. قد يقودنا ذلك مستقبلا إلى إعادة تشكيل جذري للسلطة من تحت، لكن التدرج هو سمة الحكمة في مواجهة صلابة البنية التاريخية. إن أي مشروع لا يقرأ البنية الاجتماعية والسياسية وتوازناتها، ويبني نفسه على الشعاراتية أو الاستنباط العقلي القانوني المحض، هو مغامرة غير محسوبة. حاولت إختصار رأي متواضع في الموضوع، وأتمنى فتح نقاش عام حوله لأن عواقبه السياسية والاجتماعية هي من الخطورة بمكان.
6 تشرين الثاني 2019، الدولة الفاسدة
هناك مقولة في الإدارة تعجبني مفادها "ان ما لا يقاس لا يُدار". وأزيد عليها "ان ما لا يقاس لا يُعرف". في علوم إدارة مؤسسات الدولة يدرّوسون مادة إسمها "تقييم السياسات" أو "قياس أثر السياسات". هذا يعني أنه لا يجب أن تُقدم المؤسسة على تطبيق سياسة (قوانين وتشريعات مشاريع) لا تعرف نتائجها السيئة والجيدة (حسب الجمهور المستهدف). المغزى من هذا الحكي، هو أن الحكم غير ممكن دون جمع معلومات عما هو موجود (الجمهور المستفيد)، وإقتراح سياسات، تقييم أثر هذه السياسات، البدء بتطبيقها بعد تعديلات ملائمة، ثم جمع معلومات للتغذية الراجعة، وإعادة الكرة من البداية. يعتقد الناس أن الدولة الفاسدة لا تعمل بنفس هذه المبادئ. في الحقيقة إنها دولة تعي واقعها وتعرف أهدافها وتقيّم سياساتها وتجمع معلومات عن تطبيقها. لكن الهدف من هذه السياسات هو السرقة وخدمة مصالح النخبة وليس خدمة الشعب، وتقييم هذه السياسات هو معرفة حجم الهبشة وإمكانية إنجاحها وما إذا كانت ستتسبب بمشاكل مع شبكات السرقة الأخرى. التغذية الراجعة تكون بتغطية العملية وجمع معلومات عن المستفيدين والمستائين والإحتفاظ بأدلة تدين المشاركين لكي يتم الضغط عليهم لاحقاً. لقد وجدنا أن الدول الفاسدة في العصر الحديث هي دول تحتاج البيروقراطية لتنظيم عملية توزيع الغنائم بين شبكاتها المختلفة، وهي تستخدم القانون (بتطبيقه أو بتعطيله) للضغط والضبط، وتستخدم حملات مكافحة الفساد لتغيير الوجود وإسكات الشعب. وهم ياخذون الشعب بعين الإعتبار من خلال عملية تساقط تديرها شبكاتهم. بالطبع حصة الشعب صغيرة لكنها ليست معدومة. الخطر في مثل هذه المنظومات هو في هشاشة شبكة التوزيع وضعف قدرتها على التأقلم مع البيئات الجديدة. والناس في الحقيقة تتعود على هذه الديناميكية وتستبطنها وتشارك فيها مادام حد أدنى من المنفعة يصل إليها. وليس من الضروري أن تؤدي السرقات إلى قيام ثورات، فنحن نعرف أنها كانت موجودة منذ عقود ولم يحرك أحد ساكناً. وحجوم السرقات لم تتغير اليوم وحجمها بالمقارنة مع الإقتصاد لم يتغير. لكن الثورات تقوم إذا توقف التساقط الإقتصادي من النخبة وباتجاه الاسفل. هذا التوقف يحصل غالباً لاسباب خارجية. مثلاً ضغوط البنك الدولي والسوق الاوروبية التي أنتجت الخصخصة في سوريا (الرمرمة)، وكذلك الأزمة المالية العالمية عام 2008 التي أدت إلى تضخم مالي ألغى قيمة أي تساقط إقتصادي كان يصل الناس بشكل لم يكن من الممكن تلافيه أو الحد منه. الثورة بعد 2008 كانت مسألة وقت وفتيل إشعال. ما أريد قوله هو أن الطرف الذي لا يدرس الوضع ولا الجمهور ولا يقترح سياسات ولا يقيّم أثرها ولا يضع أية آليات للتغذية الراجعة ليس الدولة وإنما الشعب المتظاهر. هل ألوم الضحية؟ بالطبع، لان اللوم يتوزع على الجميع. ولذلك عندما تكون المطالب "مشايلة" (بالقفة) وغير قابلة للقياس، مثل "الشعب يريد إسقاط النظام"، أو "يلعن روحك يا حافظ"، أو"ك--- أم فلان"، أو"كلن يعني كلن"، فإن سياسة هذه المطالب ستفشل بالتأكيد. لا تعتقدوا أن الحرامي مجرد مسؤول جشع لا يفكر، إنه يفكر ويعرف مداخل ومخارج الدولة والقانون والنظام والشبكات المجتمعية والسياسية. ولن تهزه مظاهرات ليس لها أي قدرة على الإستمرار أو التأثير. فكروا كيف يمكن تغيير المنظومة. كيف يمكن تفكيك ديناميكية محكمة دامت لثلاثين أو أربعين سنة، ودامت بتواطئ الناس أيضاً وليس فقط بقذارتها.
حسام الدين درويش أنت تطلب من "الشعب" أن يكون (عمله) مؤسساتيا أو أن يكون لديه مؤسسات تضبط مطالبه وتصيغها صياغة سياسية عقلانية إلخ، مع أن جذر المشكلة تكمن تحديدا في المؤسسات المفترض أنها تمثل هذا الشعب و/ أو تدير شؤونه وتضبطه وتعمل على تحقيق مصالحه. "الشعب الثائر أو المتظاهر" يعلن رفضه لما هو قائم من مؤسسات، وليس ممكنا على الأرجح، وربما ليس مرغوبا مرحلية على الأقل، عقلنة مطالبه وتحويلها من الرفض أو السلب إلى الإيجاب وتحديد ما يريده (وليس ما لا يريده فقط) بدقة وبطريقة تراعي شروط الوضع القائم و/ أو تخضع له بمعنى ما. أظن أن فكرك يتنافر مع مفهوم و/ أو واقع "الثورة" من ناحية ما بمعنى ما. سلامات
Ahmad Nazir Atassi حسام الدين درويش انا لم اقل غير هذا. فقط حبيتهم ما يتعبوا انفسهم. الشغلة بدها وقت طويل. وبدها استراتيجية وتخطيط وافعال افضل من مجرد الصراخ في الشوارع. لكن يبدو ايضا ان الصراخ في الشوارع قد يكون اول خطوة.
24 تشرين الثاني 2019، إعادة صياغة الدولة
الدولة شر لكن لابد منه. الهدف ليس تحطيم الدولة او تقسيمها وانما اعادة صياغتها. الدولة ليست الناس ولا الجغرافيا. هذا هو البلد. ونحن لا نفرق في كلامنا بين الدولة والبلد وهذا خطير. الدولة مؤسسات وعندما تعارض او تحارب المؤسسات فلا يجب ان تحارب الجغرافيا او السكان، اي لا يجب ان تحارب البلد. نحن لا نسعى لانتاج بلد جديد وانما لاقامة دولة جديدة في نفس البلد. فاحذروا من تغيير البلد وانتم تحاولون تغيير الدولة. صحيح ان الترابط وثيق بين البلد والدولة لكنهما لا يتماهيان. من يريد الانتماء الى تركيا مثلا فقد اختار بلدا ودولة معا. ولا يحق له ان يسحب جزءا من البلد او الجغرافيا او السكان معه الى بلده الجديد ويسلم هذا الجزء لدولة جديدة. لا احب الايديولوجيا القومية واعتبرها قاتلة لكني اعترف بضرورة الايديولوجيا الوطنية. وفكرتي هي ان الوطنية هي ولاء للبلد وليس للدولة. او هي ولاء لعقد مجتمعي بالعيش المشترك وهو مختلف تماما عن العقد الاجتماعي بين الناس والدولة الذي هو الدستور. الدستور هو الدولة واحترامه هو احترام القانون، اما العقد المجتمعي فليس الدولة وليس الدستور. ان من سوء الايديولوجيا القومية هو تأكيدها على التماهي بين الدولة والبلد. فالناس يحيون العلم ويذهبون للحرب اعتقادا منهم انهم يدافعون عن الدولة وان الدولة ملكهم وتمثلهم وتخضع لسلطتهم وانها هي نفسها البلد. هذا الهراء الليبرالي الغربي هو مجرد ايديولوجيا تستخدمها نخب الدولة لاخضاع السكان. انت تدافع عن البلد وتضحي بحياتك من اجل البلد وتحيي علم البلد وتنشد النشيد الوطني للبلد، وليس الدولة. الدولة مجرد مؤسسات نخضع لها بالقوة ونقنع انفسنا بانها تخدمنا. اعتقد ان النظرة الصحية للدولة هي نظرة الريبة والشك والخشية والاتقاء والمراقبة. التمثيل مجرد اسطورة. ليس متخيل وانما غير موجود في اي فضاء. لنقل ان الجماعات المتخيلة تنشأ بعقد مجتمعي. اما الدولة فلا تنشأ بعقد وانما بالاجبار ولا يمكن ان تكون متخيلة. العلاقات ضمن المجموعات المتخيلة هي علاقات حقيقية، الخيال يحدد فقط تبرير وجود هذه العلاقات. لكن التمثيل علاقة غير حقيقية وتبريرها وهم وليس متخيلا.
24 تشرين الثاني 2019، الانتخاب والتمثيل
الانتخاب ليس التمثيل وانما طريقة في انتقاء بعض موظفي الدولة بحيث يمكن ابعادهم اذا استغلوا الدولة لمصالحهم او لاخضاع الناس، انها وسيلة لتدويل السلطة ومنع احتكارها. الديمقراطية هي اولا المفاوضات التي يتم اقرار القوانين عن طريقها، وثانيا تدويل السلطة عن طريق الانتخاب. الانتخاب لا يعطينا الموظف الامثل، ومن الحمق اختيار التكنوقراطيين بالانتخاب. فقط الوظائف التقنية التي تتركز فيها سلطات هائلة يمكن حمايتها من الاحتكار عن طريق الانتخاب مثل القاضي المحلي او رئيس الشرطة في امريكا. اما النائب في البرلمان والرئيس وعمدة المدينة ومجلس الناحية فهي وظائف سياسية، اي تفاوضية منتجة للقرارات وليس وظائف تقنية. يجب عزل التقني عن السياسي ما امكن. اعتقد ان الدولة في العصر الحديث اخطر من ان تترك لوحدها مع شرعية وتفويض هائلين تعطيهما إليها كذبة التمثيل. عندما تنتخب نائب في البرلمان فانت لا تنتخب ممثلا عنك وناقلا لافكارك ورغباتك، ولا هو وكيل عنك مفوض بادارة اعمالك. وانما هو مجرد شخص تفوضه بالتفاوض نيابة عنك، وبكل بساطة وسذاجة تقبل قراراته. الدولة نخبة تعمل لمصلحة المؤسسة ولمصالحها الشخصية. وارى ان وظيفة المجتمع ليس بالاعتقاد الساذج بان الدولة تعمل لخدمته وانما بالنضال المستمر لاجبار الدولة على العمل لخدمته. تاريخيا نشأت اوائل الدول في اودية الانهار من اجل ادارة عملية ري الاراضي. لكن دولة الادارة هذا لم تلبث ان اختفت لصالح دولة التسلط بالعنف العسكري. هذه الدولة العنفية لا تمثل الا اصحابها، ولا تقدم اية خدمات الا اذا ادت الى زيادة الضرائب، وهي تفرض الضريبة كأي كائن طفيلي يأكل من دم ضحيته التي يتطفل عليها. مع الثورة الصناعية والتكنولوجية اصبحت الدولة تقدم بعض الخدمات . وقد حصل هذا التطور بمعزل عن الصناعة والعلم. هذ التطور حصل في اوروبا كمحاولة لزيادة الضرائب. وادى الى نشوء بيروقراطية كبيرة ومستقلة عن الملك. وحتى كانت اغلب الخدمات التي قدمتها الدولة متجذرة في غاياتها السلطوية. الديمقراطية والدولة الليبرالية لم تكن دولة خدمات وانما كانت دولة اوليغارشية تنافسية، وكانت ساحة تنافسها هي الانتخابات. اما دولة الضمان الاجتماعي والخدمات العامة فظهرت بعد الحرب العالمية الاولى وبسببها. اليوم نعتبر الدولة الديمقراطية ككل واحد ونعتبر تاريخها هو مسيرة الوصول الى هذا الهدف. لكن في الحقيقة فان الدولة الديمقراطية التي ينادي بها كثيرون لم تظهر الا بعد الحرب العالمية الثانية وبسببها. دولة الانتخاب الشعبي والتمثيل والخدمات والضمان الاجتماعي وتداول السلطة والحريات والقانون، ليست هي الدولة الليبرالية القديمة. وهذا الدولة الحديثة ليست كلا واحدا ولم يكن تاريخها كذلك. ايديولوجيا التمثيل هي من بقايا الليبرالية والقومية، وهي مجرد تبرير للنخب الحاكمة لا يختلف عن تبرير الاصطفاء الالهي للملك. الاله هنا هو الشعب الذي نعتبره شخصا واحدا له ارادة وراي.
24 تشرين الثاني 2019، دولة الخدمات
اعتقد ان الخدمات فكرة ممتازة لكنها يجب ان تتحول الى الفكرة المركزية في الدولة. التمثيل والشرعية وحماية الامة والتعبير عن ثقافتها، كل هذا مجرد هراء لتبرير حكم النخب. الدولة هي خدمة وفقط خدمة لاننا نريد لها ذلك. انها لا تمثل احدا لكنها تبيعنا الخدمة مقابل الضريبة. طبعا الدولة موجودة شئنا ام ابينا وستأخذ الضريبة ولا تبيعنا اي شيء. لكن الايديولوجيا الجديدة التي ادعو لها هي ان الدولة مجرد خدمة لاننا مضطرون لان ندفع لها الضريبة ولاننا سنجبرها على تأدية هذه الخدمة. الدولة طبعا ستعارض لانها بنية تسعى لبقائها واستقلالها، لكن واجبنا هو ان نفرض عليها اداء الخدمة. ولذلك فهي شر لا يمكن الافلات منه لكن يحب ترويضه. النظر الى الدولة كممثل خطير جدا ويجعل المجتمع يترك واجبه بمراقبة الدولة بشكل دائم والشك بها واجبارها على ان تكون خدمة. يجب اجبار الدولة على ان تكون خدمة اي على استخدام الاموال التي تجبيها بالعنف لتوفير حاجات اساسية للناس. الدولة تاريخيا لم تكن اداة اعادة توزيع للثروة لكن علينا ان نجبرها اليوم على ان تكون كذلك. الشرطة والجيش ادوات للقمع وحماية مصالح النخب الحاكمة ويجب علينا ان نحولها الى ادوات لخدمة المجتمع. ولا يكون هذا بالولاء للدولة وعبادتها كما يفعلون في الديمقراطيات بل بالولاء للبلد وتجهيز المجتمع ليكون في مواجهة دائمة مع الدولة. ولا اعني بالمواجهة الصدام الدائم وانما بناء سلطة مجتمعية تقابل سلطة الدولة وتوازنها. قد لا يمكن ان نأخذ الجيش من الدولة، لكن يمكن مراقبته دائما ويمكن ان نأخذ الشرطة ونعطيها للمحليات. يجب ان ندرس مكامن سلطة الدولة وان نذررها ونوزعها ونمنع تجميعها واحتكارها مهما كان السبب حتى ولو كان خطرا خارجيا. في الحقيقة انا لم اعد مقتنعا بفائدة الجيوش. انها هدر للاموال ولحيوات الناس. الجيوش الهجومية والدفاعية على حد سواء غير مفيدة. المعارك الحديثة ليس فيها رابح لانها لم تعد محصورة في ساحة المعركة. الجيوش مجرد وسيلة لاطعام آلاف الناس دون مردود او عمل منتج، ووسيلة بيد الدولة لقمع السكان. لا توجد دولة اليوم تحارب عدوا خارجيا حقيقيا، انها اما لقمع الناس او للتوسع الامبريالي، اي قمع ناس مجاورين او آخرين. البلد هو الهدف والدولة وسيلة، البلد هو الثروة والدولة مجرد ادارة لا تلبث ان تتغول. لذلك الهدف هو سوريا كبلد ثم دولة خادمة نراقبها دائما.
24 تشرين الثاني 2019، الوطنية والعقد الاجتماعي
انا لا اقول بان افكاري عن الدولة هي الحقيقة او الواقع او ماهو طبيعي. هذا غير موجود. انا اعترف بان كل شيء نعتقد به ونؤمن به هو ايديولوجيا، ولذلك فانني افضل ان اختار ايديولوجيتي لخدمة مصلحتي وليس لخدمة مصلحة نخبة مسيطرة. انا اقول بان علينا ان نسحب الوطنية من الدولة ونضعها في خدمة العقد المجتمعي، هذا خيار وليس اكتشاف لحقيقة. كل ما اطرحه هو خيارات، واساسها هو الحصول على اكبر خدمة وافضل عيش ضمن المجتمع. التقنية الحديثة والمعرفة الحديثة قد تستطيع ان تخلصنا من ايديولوجيات الخضوع للدولة. اعتقد انه من الافضل اخضاع الدولة للمجتمع وليس العكس . وقد يقول قائل هذا مستحيل وهذا يعني القضاء على الدولة وان الدولة اساسية ولا يمكن الحياة دونها. في الحقيقة يمكن بسهولة اليوم العيش بعيدا عن الدولة لكن هذا يعني العيش في مجتمع صغير. اي طريق يربط بين مجتمعين صغيرين يحتاج الى تعاون. واقول ان نبني الدولة على ان تضطلع بادارة هذا التعاون. وبهذا يكون للدولة مستويات. بين المدينتين تكون دولة المنطقة وبين المنطقتين تكون دولة المحافظة وبين المحافظتين تكون الدولة المركزية. ويجب ان تكون كل هذه المستويات مستقلة عن بعضها ولا تربطها اية علاقات هرمية. ليس للمحافظة سلطة على المنطقة. هذه المستويات هي مستويات خدمة وليست مستويات سلطة. وعلى كل مستوى العلاقة مع الدولة هي علاقة خدمة وتنسيق وليست علاقة سلطة. يجب ان نتخلص من عقلية التراتبية الهرمية وان الرئيس يعين المحافظ، فالمحافظ هو نائب الرئيس في المحافظة، والمحافظ يعين مدير المنطقة وهكذا الى ان يعين مدير الناحية مختار القرية. حتى احزابنا مبنية على هذه التراتبية ولذلك فهي احزاب ديكتاتورية بطبيعتها. وقد قلنا سابقا ان الدولة تصنع القومية وتصنع المجتمع الاكبر . لكنها لا تصنع التعايش. الدولة تصنع المجتمع كتعريف اداري اي من يحمل الجنسية ومن له حقوق ومن عليه واجبات. الدولة السورية مثلا تصنع المجتمع السوري، هذا الكائن الهلامي الذي ليس له ملامح محددة والذي لا يمكن تعريفه الا على اساس القانون والذي لا يمكن تشكيله كفكرة وكمفهوم الا بواسطة التعليم والتلقين الايديولوجي، انه الجماعة المتخيلة بامتياز. لا باس انا اقول ليس من الضروري ان تقول بوجود تجانس او بوجود ما يسمونه بالوحدة الوطنية. هذه مفاهيم دولة. انا اقول انت تعيش في جماعتك الصغيرة ويحدد القانون علاقتك بالجماعات الصغيرة الاخرى، لكن القانون لا يعني القبول بالآخر. هذه الجماعات مختلفة عن جماعتك لكن يجب ان تقبل بوجودها وان تقبل بالتعايش معها. ولا يمكن لاي قانون او عنف ان يجبرك على ذلك. كل هذه الاشياء التي يمكن عزلها عن الدولة يمكن ان نسميها البلد وان ننتمي اليها ونحميها ونتعاون معها، هذا ما اسميه بالوطنية. واما كل ما له علاقة بالدولة فأرى ان نحافظ على مسافة حذر منه.
24 تشرين الثاني 2019، المركزية واللامركزية
من الغريب فعلا ان اغلب السوريين يخافون من اللامركزية رغم ان كل مصائبهم نابعة من مركزية الدولة. لا نزال نعتقد بان الاسد مجرد ادارة سيئة لكن بنية الدولة جيدة. لا يوجد شيء اسمه سوء ادارة باعتقادي اذا تكرر سوء الادارة هذا لعدة مرات وتحت ظروف مختلفة. هناك شيء اسمه بنية تؤدي الى ادارة سيئة وبنية تفرض ادارة جيدة. في سوريا الصراع الوحيد الذي نعرفه هو الصراع على الدولة المركزية وابقائها مركزية. اذا اردنا الخروج من تهميش منطقتنا، او اردنا اعطاء جماعتنا حقوقها او اردنا مراعاة ثقافتنا المحلية فالطريق في سوريا تمر دائما بالدولة المركزية. الكل يريد ان يستولي على الدولة المركزية ومن ثم ارسال المعارضين والمنافسين الى القبر او الى السجن. ثم نستغرب ان ظهر نظام مثل نظام الاسد. اننا نحس بالامان تحت جناح السلطة المركزية. الدولة المركزية تفرض الثقافة والدولة تفرض الاخلاق، والدولة تفرض اللباس المحتشم والدولة تقرر مناهج المدارس والدولة تؤمن الشغل والدولة تدير الاوقاف والدولة تستغل الثروات الباطنية ونتوقع ان تعطينا نسبة والدولة تؤمن الضمان الاجتماعي وحفظ الاسرار والحماية. كيف يمكن ان نعطي الدولة كل هذه الصلاحيات ونتوقع منها ان تخدمنا وان لا تستغلنا ولا تسرقنا ولا تقمعنا لان الاخلاق الحميدة هي الرادع للوحيد للقائمين على الدولة. منذ ان نشأت الدولة وهي تعدنا بكل هذا. لكن الحقيقة هي ان السلطة من طرف واحد هي دائما قمع واستبداد وسرقة. السلطة يجب ان تكون دائما توازنا وليس واجبا واخلاقيا وخدمة عامة من طرف واحد. اذا اعطيت اي طرف سلطة على نفسك فلا يجب ان تتوقع الا الاستبداد. لا توجد نظرة سوداوية كفاية لوصف الخطر الذي تشكله الدولة غير المحكومة بتوازنات مع المجتمع.
معاوية الصباغ البوست يخلط بين "المركزية" في الإدارة و "الاستبداد الفرداني" هما مفهومان مختلفان السوريون يعانون من الاستبداد وليس من المركزية في الإدارة
Ahmad Nazir Atassi هذا بالضبط لب الاختلاف بيننا في النظرة. انا ارى المشكلة بنيوية ولا اعطي اهمية كبيرة للفرد المستبد
24 تشرين الثاني 2019، الشرعية والسيادة
الدولة تقوم على تناقض هائل وهو مفهوما الشرعية والسيادة. بالنسبة لي الشرعية تعني القبول والاذعان والسيادة تعني احتكار العنف. المواطن يدفع الضريبة ويخضع للقانون بالقوة ومقابل ذلك يكتفي بايديولوجية التمثيل والعقد الاجتماعي مع الدولة. ليس هناك اي تناظر في هذه الوصفة غير السحرية. المواطن يدفع ويخضع ثم ينسحب ويقبل وينفذ طرفه من العقد وتراقب الدولة هذا التنفيذ. بينما لا يملك المواطن اية وسيلة لمراقبة الدولة واجبارها على تنفيذ طرفها من العقد المزعوم. الدولة تملك السلطة كل الوقت والمواطن يملك السلطة لحظة الانتخاب فقط. الدولة متفردة بامتلاك السلطة بينما المواطن يقتسم سلطة الانتخاب مع بقية الشعب. لا بل يتنافس معهم على امتلاكها. بالنسبة للتفكير المنظوماتي فان كل منظومة تقوم على مثل هذا اللاتناظر. المنظومات لا تقوم على التعاون الطوعي والمساهمة الطوعية والحرية لكل مكوناتها. على العكس تماما المنظومة تقوم علل تخصص مكوناتها وعلى الحد من حريتها واستقلالها. وانا لا اقول بتهديم المنظومة وانما اعترف بوجودها واعترف بوجود اللاتناظر ولا احاول تغطيته بمفاهيم مثل التمثيل او الدعم الالهي. كل ما اقوله هو وجوب ادراك هذا اللاتناظر بين المنظومة ومكوناتها ومحاولة التقليل من النتائج السيئة له. احتكار العنف واخذ الضريبة اساسيان في قيام منظومة دولة-مجتمع سياسي. ولا اقرل بالثورة على الضريبة واحتكار العنف. وانما اقول بضبطهما. الضريبة يجب ان تتحول الى خدمة هي البنية التحتية وتكافؤ الفرص (وليس المساواة) والعنف يجب ان يتحول الى خدمة ايضا هي الامان وتطبيق القانون. وحتى نصمن التحويل الكامل لكليهما الى خدمات يجب ان لا نثق بالدولة وان نراقبها باستمرار لان اللاتناظر يعطيها قوة اكبر من قوة الشعب. هذا التوتر يجب ان يبقى موجودا اذا اردنا ان نبقى احرار ولا نتحول لعبيد للدولة.
Anas Abdelrahman دكتور ، بصراحة أنا لدي مشكلة مع نظرية العقد الاجتماعي ، لكن السؤال المهم كيف يمكن تكييف العلاقة بين الدولة والمواطن!!! بمعنى ما هو الوصف الحقيقي لعلاقة الدولة والمواطن ؟!
Ahmad Nazir Atassi Anas Abdelrahman وصف العلاقة بين الدولة والمواطن هو في صميم طروحاتي. واعتقد انه في صميم التحدي الذي نرى مظاهرة في الشرق الاوسط ومثير من بلدان العالم اليوم. الليبرالية تزعم بان الدولة في خدمة المواطن اذ هي تمثل رغباته وتحققها وهو في المقابل يرضى عنها فينتخبها او يعاقبها باستبدالها بغيرها بالانتخاب ايضا. لكن هذا هراء لاننا نعرف ان هذا العقد الاجتماعي ليس الاصل التاريخي للدولة، ولا حتى هو اصل الدولة الاوروبية الحديثة. العقد يكون بين انداد. والدولة ببساطة اقوى بمثير من الشعب. هذا العقد اذا وجد فانه عقد بين الذئب وضحيته الساذجة. الدولة كانت ولا تزال اداة تسلط. الدولة تحتكر العنف وعلى اساس هذا الاحتكار فانها تفرض الضريبة. هذه الضريبة لم تكن في يوم من الايام خدمة او اعادة توزيع للثروة. الضريبة كانت ملكا لصاحب العنف. مفهوم الخدمة مقابل الضريبة مفهوم حديث جدا ولم يكتمل بعد لاننا نعرف ان معظم الضريبة يذهب كمصاريف حكم وعلاقات ديبلوماسية وقوة عسكرية وشرطة. وخدمة التشريع التي هي اهم خدمة فان الدولة تقدمها لمن يدفع اكثر، اي انها غالبا خدمة غير عامة. اذن الدولة عنف وتسلط وابتزاز، وانا اقترح ايجاد سلطة مقابلة توازن الدولة وتفرض عليها توزيع الضريبة بشكل خدمة. لكن يبقى احتكار العنف كعلامة فارقة للاتناظر بين الدولة والمجتمع. العلاقة عير متكافىة وغير متناظرة ويجب ان نسعى دائما للتخفيف من حدة هذا التفاوت في امتلاك السلطة
Ahmad Refaee تستخدم مفردة السلطة و الدولة بذات المعنى .. هل هذا ما تقصده ام هو اصطلاح ؟
Ahmad Nazir Atassi Ahmad Refaee لا احاول ان اوحد المعنى في المصطلحين. واعتقد ان هناك سلطة في سياقات خارج سياق الدولة، وبعضها قد يقوم على العنف او التهديد بالعنف. لكن الدولة باعتبارها محتكرة للعنف فانه تمثل اكبر تجمع للسلطة في المجتمع. الدولة الحديثة تتغلغل في كل شيء وتفرض علاقاتها السلطوية. لكن لا ليسا شيئا واحدا. الدولة حيثما توجد توجد سلطة لكن العكس ليس صحيحا. ملاحظتك في محلها وانا بالتأكيد مهووس بتفلية الدولة واكتشاف مكامن السلطة فيها. اعتقد ان ثمانية سنين من الحرب مع الدولة تشفع لي هذا الهوس.
Amer S S Atassi "لا يملك المواطن اية وسيلة لمراقبة الدولة واجبارها على تنفيذ طرفها من العقد المزعوم" . هل تتكلم عن الدولة بالمطلق؟ أليست هناك دول فيها مراقبة لأداء مؤسسات الدولة و مساءلة و محاسبة لها عندما تخطئ أم أن هذا وهم؟
Ahmad Nazir Atassi
نعم بالتأكيد بعض الدول فيها اجهزة مراقبة، ويمكن ان توجد اقسام مراقبة وتحريات داخل كل مؤسسة. لكن المواطن لا يملك مثل هذه الادوات. تأثير المواطن في الدولة يكاد يقتصر على صوته الانتخابي كل مدة محددة من الزمن. هناك منظمات مجتمع مدني تحاول مراقبة بعض المؤسسات، هناك ايضا آليات مثل جمع التواقيع او مقاضاة الدولة. وهناك لوبيا مثل لوبيات المتقاعدين، وهناك الاعلام، وهناك البحث العلمي. وكل هذه الادوات تحتاج الى تجمع للافراد وليست متاحة لفرد بعينه الا اذا امتلك اموالا ونفوذا. لكن كل هذه الادوات لا تعطي آثارا آنية ومباشرة بالمقارنة مع السرعة الهائلة التي تؤثر بها الدولة على الفرد. لا المراقبة ممكنة وليست وهما، واعتقد اني ادعو لزيادة هذه المراقبة ولا ازعم انها غائبة تماما. ما يثير عجبي هو صغر الفرد مقابل جبروت الدولة. هذه اللاتناظر مخيف ونحن في سوريا نعرفه اكثر من غيرنا
25 تشرين الثاني 2019، الدولة والبلد
الصديق العربي بن ثاير من تونس يسأل عن امكانية التصنيف دولة- بلد ووضع البلد في مواجهة الدولة: ""اسمح لي بمداخلة أراها مهمة : أين تصنف الإدارة ومرافقها مثل القضاء والضرائب والبلدية وقباضة الاموال والشهر العقاري ( المدنية غالبها والعسكرية بعضها ) هذا من جهة ومن جهة أخرى أين تصنف والأحزاب السياسية وأين تصنف المنظمات مثل الكشافة على سبيل المثال وأين تصنف الجمعيات الحقوقية والاجتماعية والبيئية بل أين تصنف النوادي الرياضية والادبية هل كلها تابعة للمجتمع ولا علاقة لها بالدولة ؟ ...الخ أظن أن بين الدولة والوطن ( البلد بتعبيرك ) هناك مكونات أخرى يمكن لو أدمجتها ضمن تحليلك لصار الأمر أدق وأوضح وأهم هذه المكونات التي لم يرد ذكرها "النظام و "السلطة "."" وهذا هو جوابي:
شكرا على سؤالك. انه في صميم الطرح الذي اطرحه. وهو كيف يمكن التمييز بين ماهو دولة وبين ما هو بلد وبين ما هو خليط لا يمكن فصله. اعتقد انه لا وجود لتصنيفات ثابتة. كل ما هو سلطة مدعومة باحتكار العنف فهو دولة ويجب الحذرمنه. وفي هذا اجابة على اقتراحك استخدام السلطة والنظام بدل الدولة. نعم اكتشاف مكامن السلطة هو الاساس. لكن تبقى مؤسسات الدولة ادوات بيد السلطة، وانا احاول كسر هذا الاحتكار. الشخص المسيس، حتى لا اقول الحزب كله، هو جزء من البلد الى حين يتسلم منصبا عموميا مدعوما بقوة الشرطة والجيش فعندها يصبح جزءا من الدولة. الحزب السياسي او اية مجموعة صغط لوبي تستطيع ان تمارس نوعا من التوجيه او الاجبار على اصحاب المناصب فهم جزء من الدولة لانهم يمتلكون السلطة لكن بشكل غير مباشر وعبر وسيط هو صاحب المنصب.
ويمكنني ان ابدأ بالاسهل. النادي الرياضي او الادبي هو جزء من البلد اي التجمعات داخل المجتمع الاكبر. واقصر استخدام مصطلح المجتمع باسره على مجموع الناخبين واسميه المجتمع السياسي. لكن عندما يتحول النادي الى منصة لمناقشة السياسة فانه يدخل المعترك ويصبح اما اداة مراقبة وضغط او اداة تمارس السلطة غير المباشرة. ولذلك استخدم مصطلح النخبة الحاكمة والتي هي مجموع اصحاب المناصب والمؤثرين عليهم او اصحاب السلطة غير المباشرة. النخبة الحاكمة هي الدولة بجزءيها المؤسساتي والسلطوي. الجمعيات الحقوقية والبيئية هي جزء من البلد مادامت مواجهة للدولة ومراقبة لها وضاغطة عليها ومطالبة بالخدمة. والخدمة هي اعطاء الحقوق والحفاظ على البيئة. وقد تقول ما الفرق بين المجموعة الحقوقية حين تضغط على الدولة وبين مجموعات المصالح اللوبيات. اللوبيات تعبر عن تحالف مع اصحاب المناصب وتعطيهم ثمن تعاونهم معها وتحصل على مكاسب اكثر مما توفرها الخدمة المنصوص عليها بالقانون. اما مجموعات البيئة فلا تدفع ثمنا وانما تجبر اصحاب المصالح على تأدية الخدمة المنصوص عليها قانونيا. التشريع ومراقبة تنفيذه خدمات وهذه الخدمات عامة ومعيارها هو الاستفادة العامة. لكن عندما تكون الاستفادة محدودة وخاصة فان هناك سلطة غير مباشرة مثل سلطة اللوبي. الكشافة منظمة مجتمع مدني. لكنها حين تدفع الاولاد الى عبادة الدولة تحت مسمى الوطن فانها تصبح اداة من ادواة الدولة والنخبة الحاكمة. الشهر العقاري والبلدية هي خدمات وهي جزء من الدولة. ويمكنها ان تتحول الى وسائل سلطوية. عن طريق الشهر العقاري يمكن للدولة الاستيلاء على الاملاك وعن طريق البلدية يمكن توجيه الخدمات لفئة على حساب فئة. وهذا بالضبط ما يجب مراقبته. يجب ان تكون الخدمة عامة لكل الناس وان لا تتحول الى اداة قمع وتعسف. واعتقد انه بالامكان خصخصة بعض هذه الخدمات مثل التوثيق. قد يفتح هذا بابا للتسلط ايضا لكن احتكار الدولة لمثل هذه الخدمات لا يعني تسلطا اقل، لا بل على العكس فالاحتكار هو تسلط مطلق. اذا وزعنا التوثيق على عدد كبير من المؤسسات غير الربحية او حتى الخاصة فانه يصعب استغلالها كلها. وسوريا اكبر مثال. اليوم تستغل الدولة احتكارها للشهر العقاري لتعاقب المعارضين ولتستولي على املاك اهالي المناطق المتمردة. والقضاء مشابه اذ يمكن توزيعه على مستويات مختلفة من الحكم ويمكن ايضا اعطاؤه للمجتمع. القضاء تاريخيا لم يكن دائما حكرا على الدولة. لكن الدول الملكية المركزية كانت دائما تحاول احتكار القضاء. وعندها تستطيع استخدامه لقمع الناس مثل المحاكمات السياسية. انا مع انشاء محاكم شعبية ومحاكم شرعية محلية لا تخضع لسلطة الدولة.
26 تشرين الثاني 2019، تعليق على مقالة "في غرام السلطة"
في غرام السلطة: ما الذي نريده من الدولة؟
المقالة كالعادة غنية بالافكار التي اعتبرها جذرية. هناك العديد من الجمل والمقولات التي لم افهمها، ربما لعدم معرفتي بالنصوص والافكار التي يلمح لها الكاتب. هناك عدة خيوط فكرية تنتظم حولها المقالة واود ان اشارككم واحدا منها، "وربما ستواجه الموجة الاحتجاجية المعاصرة طريقاً مسدوداً، إذا لم تنتج حلولاً عملية، تمكّنها من التحول، ولو بشكل مؤقت، إلى سلطة." اننا فعلا واقعون "في غرام السلطة"
31 كانون الثاني 2020، الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره
الدولة: من فهم الواقع إلى تغييره
نسيت اقول ان مقالتي عن الدولة نزلت على موقع الجمهورية. وهي جزء من ملف كامل من عدة مساهمات لعدة كتاب وقام بالتنسيق الاخ موريس العايق. الفكرة فكرة موريس وانا حاولت اناقشها كما فهمتها. لكن في النهاية انا اناقش فكرة اساسية قائمة بذاتها وستكون موضع اهتمامنا لعقود قادمة. ما هي الدولة ولماذا هي موجودة وما علاقتها بالايديولوجيا وكيف نتعامل معها؟ قد لا تجيب المقالة عن كل هذه التساؤلات، لكنها تذهب الى الجذر حسب نظري، وهو ان الدولة موجودة قبل وبعد فكرة انها تخدم المواطنين. العقد الاجتماعي الذي يبرر الدول الحديثة ليس الا احدث ايديولوجيا لتبرير الدولة في سلسلة طويلة بدأت من خمسة آلاف سنة. الدولة قضاء وقدر ويجب التعامل معها على هذا الاساس، ليس بالخضوع لها وانما باجبارها على تأدية بعض الخدمات دون ان ننزلق في خطأ انها تمثلنا او انها تحكم باسم الاله او انها اختراع اتفق البشر عليه ليعيشوا حياة اسعد. لماذا توجد الحشرات؟ لا احد يعرف، الوجود هو الوجود وفقط، اما الاسباب فهي من اختراع الناس. لكن الدولة حشرة مهمة جدة وخطيرة ولا يجب ان نتركها لوحدها تفعل ما تشاء، لكننا لن نستطيع ازالتها او تجييرها بالكامل لخدمتنا. العلاقة مع الدولة صراع، انها شر لا بد منه، او على الاقل لايمكن التخلص منه.
مقالتي عن الدولة اخذت معي شغل وكانت رحلة تعلم وتعليم في الوقت نفسه. الثورة السورية قلبت كل المفاهيم ولا ازال الى الان احاول سبر مدى الانقلاب. ما كتبته في هذه الورقة كان مثل البوح الذي لا ازال احاول ان افهمه واتصالح معه. وكل نقاش حول موضوع الدولة هو فرصة لنا جميعا للنمو والتطور كمفكرين. ان امامنا تحد هائل. نظام الاسد باجرامه وتبذيره لرصيد الثقة اعاد طرح مفهوم الدولة الى نقطة الصفر. ماهي، لماذا هي موجودة، لماذا تقتلنا، وكيف نجبرها على ان تتوقف. واذا نجحنا في تحويلها الى خدمة لمصالحنا فهذا امنية لا نحلم بها. من هذا المنظور، وبكل جنون يشبه جنون هذه الحرب، قد يأتي يوم نقول فيه شكرا بشار الاسد انك ضربتنا ضربة على الرأس طيرت كل المعارف القديمة. انها مقولة تشبه تناقض نشوء الحياة الانسانية على الارض من منظور ديني: شكرا ايها الشيطان ان جعلت امنا تغري ابانا ليأكل تفاحة المعرفة ويكتشف عريه الذي ادى الى بشريته. اننا لا ننبعث من الخطيئة وانما من الضربة القاصمة.