«التنوع السوري»: الفرق بين المراجعتين
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
|||
(مراجعة متوسطة واحدة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) | |||
سطر ١٧٤: | سطر ١٧٤: | ||
7- كنت ذلك الولد الذي تجول في تلك المنطقة لشهور طويلة (شارع حماه) وشاهدت الشرطة العسكرية تضرب الشباب ضربا مبرحا وشاهدت الشرطة ترتشي والتموين يصادر البسطات البسيطة (لسرقتها وتوزيعها بينهم) وغيرها من الذكريات. | 7- كنت ذلك الولد الذي تجول في تلك المنطقة لشهور طويلة (شارع حماه) وشاهدت الشرطة العسكرية تضرب الشباب ضربا مبرحا وشاهدت الشرطة ترتشي والتموين يصادر البسطات البسيطة (لسرقتها وتوزيعها بينهم) وغيرها من الذكريات. | ||
+ | =11 أيار 2018، عن النسيج العمراني والاجتماعي في دمشق= | ||
+ | [https://aljumhuriya.net/ar/2018/05/08/%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%b1%d9%83%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%af%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d8%b3%d9%85%d9%86%d9%8a%d8%aa%d8%a9-%d8%a8%d8%b4%d9%88/ حارتنا في ركن الدين: صناديق إسمنيتة بشوادر] | ||
+ | |||
+ | =5 شباط 2020، هل الشعب السوري شعب واحد؟= | ||
+ | |||
+ | هل يصطادني الأستاذ حازم نهار أم أني أقحم نفسي في جدال أنا أخترعه. يبدو أنه يبادر ويكتب وأنا أعلق على وأناقش ما يكتبه. وذلك لسبب أساسي، وهو أن ما يكتبه شديد الأهمية. كما قلت سابقاً إننا نحن السوريين نعيد إنتاج المعارف المتعلقة بالمجتمع والشعب والدولة والسياسة من جديد. إننا نبدأ من الصفر، وذلك لأن كل ما عرفناه وألفناه انتهى، ولا بد لنا من إيجاد بدائل. وهنا يفرض السؤال نفسه: هل هناك وصفات جاهزة أم يجب علينا اختراع كل شيء من جديد؟ هل هناك وصفات جاهزة لتشكيل الدولة والأمة والشعب والمجتمع، أم أننا ندخل تجربة جديدة بالكامل تجبرنا على إعادة إنتاج المعرفة التي ترافق هذه التشكيلات مثل دولة وأمة وغيرها؟ | ||
+ | العلوم الإجتماعية إشكالية إلى حد كبير فهي لا تكتشف قوانين كونية ثابتة. ما ندرسه في جماعة بشرية ما قد لا نجده في جماعة أخرى لندرسه. المفاهيم الإجتماعية (السياسية والإقتصادية والسوسيولوجية) المبنية على أساس أحد المجتمعات قد لا تعني شيئاً في مجتمعات أخرى. إنتاج المعرفة هنا يصبح صعباً ومحفوفاً بالمخاطر. فإذا اخترعت مفهوم الدولة الديمقراطية لدراسة المجتمع السياسي في أمريكا، ثم نقلته مجتمعات أخرى لدراستها فقد تكون النتيجة واضحة منذ البداية. هذه المفهوم غير موجود في المجتمع الآخر، وهنا إما أن أحكم على ذلك المجتمع بأنه ناقص أو أتركه لوحده. وغذا تركته لوحده فقد ينتج معارفاً لفهم نفسه وقد لا ينتج. وإذا اضطر هذا المجتمع لإنتاج معرفة عن نفسه فإنه لن يجد إلا المفهوم الأمريكي عن الديمقراطية وسيستنتج أنه ليس مجتمع فاشل لأنه لا يملك الديمقراطية. تعميم المعرفة الإجتماعية أمر في غاية الصعوبة والخطورة فقد تكون هذه المعرفة مسيئة ومهدمة. | ||
+ | هذا ينطبق على مفاهيم مثل شعب وأمة ومجتمع ودولة. إنها مفاهيم غربية وتعريفاتها تنطبق على المجتمعات الغربية. وعندما ننقلها إلى غير مجتمعات المنشأ فهل نحلل وننتج معرفة أم أننا ننتج عقد نقص. وهل تفيدنا هذه المفاهيم أم تنقل إلينا جدالات لا علاقة لنا بها. الفضاء المعرفي غير المناسب يؤدي إلى التخبط. إننا نبحث عن الشيء في غير مكانه ولذلك فلن نجده. | ||
+ | التعميم يكون في المتشابهات. حتى يكون مفهوم الشعب ممكنا في شرق المتوسط فيجب أن يكون في شرق المتوسط شيء يشبه فرنسا حيث تم اختراع مفهوم الشعب. جميع التجمعات البشرية تشترك مع بعضها بكونها تجمعات لكائنات متشابهة إلى حد كبير. نحن لا نقار تجمعات ضفادع مع تجمعات ذئاب. البشر يشبهون بعضهم البعض جينياً بنسبة 95%. هذا تشابه مهول. لكن في نفس الوقت فإن تشابه الأفراد جسديا لا يعني بالضرورة تشابه الجماعات. فالجماعات كائنات (أو منظومات) جديدة تنبثق عن التجمع لكنها نوعياً مختلفة عن صفات أفرادها. وهذا نسميه الإنبثاق. الجماعة تختلف وجودياً (أنطولوجياً) عن أفرادها. وهذا ما يجعل الحياة فريدة ومثيرة. هناك دائماً شيء جديد لم يكن موجوداً قبل. لكن هذا الشيء الجديد يحمل معالم كانت موجودة في المكونات الاقدم. كل التجمعات البشرية قائمة على التعاطف والتعاون، وكلها تستخدم اللغة لتبادل المعلومات، وكلها تسعى للبقاء، وكلها تكوّن لنفسها هوية وقواعد وحدود وقنوات تواصل مع الخارج. ويمكن أن أقول أن كل التجمعات البشرية تشترك بكونها منظومات من أسرة واحدة من المنظومات، وأعني منظومات إجتماعية تنتج الأولاد والثروات والهوية وتدافع عن نفسها وتتبادل خبراتها بالتعليم والتواصل عبر اللغة. وهذا ما يجعلها مختلفة عن تجمعات الغزلان أو الخيول أو الديدان. | ||
+ | تحديد المشترك والمختلف أساسي لوضع تعاريف مناسبة تنتج معرفة توائم الواقع وتمكن من فهمه وتوقع حركته. هذه المعرفة أسميها النموذج الوصفي أو التمثيلي. النموذج الوصفي عبارة عن مفاهيم وعلاقات تحاكي الواقع. مفاهيم مثل الشعب والأمة والمجتمع والدولة تنتمي إلى نموذج وصفي يمكن تسميته بالمنظومة المجتمعية الغربية الحديثة. وهي مفاهيم مرتبطة ومتعلقة بمفاهيم أخرى تنتمي إلى نفس المنظومة مثل الصناعة والرأسمالية والليبرالية والثورة العلمية والفردانية. وهذه المفاهيم لا تعيش في عالم الأفكار فقط بل لها تاريخ. إنها مرتبطة بواقعها ليس فقط كوصف بل كمحاكاة صالحة في كل لحظة حتى يوم تتفكك تلك المنظومة.أي ان هذه المفاهيم هي متغيرات ضمن الديناميكية التاريخية للمجتمعات الموصوفة. | ||
+ | بالنسبة لنا فإن هذه المفاهيم مستوردة مرت عبر فلتر الترجمة اللغوية وعبر فلتر الإنتقال من منظومة إجتماعية إلى منظومة أخرى. ولها في مجتمعاتنا تاريخها الخاص بالإضافة الى تأثرها بتاريخ المفاهيم المقابلة في المنظومات الغربية سابقة الذكر. وهذا يجعل الدراسة أعقد، لأننا نحتاج إلى دراسة المفاهيم وتاريخها في منظومتين مختلفتين. | ||
+ | لناخذ مثلاً مفهوم الأمة. المصطلح قديم ومستخدم في القرآن بعدة معان. ومن الممكن أن يكون تعريباً لكلمة سريانية (عمّ) والتي تعني عموم الناس (عامة). ومن الواضح أن أحد معانيها القرآنية هي "غير اليهود". المعنى الآخر هو المجموعة التي تجتمع على شيء مثل اللغة أو الدين أو الثقافة يميزها عما سواها من المجموعات (أمة من الأمم، أمة الفرس، أمة العرب، أمة محمد، أمة الإسلام).والبعض يقول الأمة هي الجماعة التي تخضع لشريعة واحدة (كما جاء في وثيقة المدينة "المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب أمة واحدة من دون الناس"، "يعود بني عوف أمة مع المؤمنين") وبعضهم يزيد "شريعة دينية واحدة". وفي العصر الحديث نجد مثلاً في ديوان إبراهيم اليازجي تعبير "أمة العرب" و"أمة الترك"؛ بينما لا نجد في كتاب الحلاق البديري الاقدم إلا تعبير "أمة محمد" (عينة غير ممثلة لكل الإنتاج الأدبي ماقبل القرن العشرين). اليوم الأمة تقوم مقام nation الغربية أي الجماعة التي لها أصل واحد ولها دولة تمثل لغتها وثقافتها (القومية)؛ كما تستخد الأمة كمصطلح ديني-قومي للدلالة على أهل الإسلام (باعتباره جماعة متشابهة ويجب أن تكون لها دولة). أي أن الأمة اليوم مرتبطة بوجود الدولة. وأعتقد أن هذا نقل جيد للمفهوم الغربي nation المشتق من كلمة لاتينية تعني المولد والأصل الواحد، والذي دل بدءاً من القرن التاسع عشر على مجموعة لها أصل واحد ولغة واحدة وأرض واحدة تحكمها دولة واحدة ترمز إلى هذه العناصر الموحدة. كلمة شعب أيضاً موحودة في القرآن وتعني القبيلة الكبيرة أو مجموعة من القبائل المتحالفة، واستخدمت حديثاً لترجمة كلمة people الغربية المشتقة من اللاتينية والتي كانت تعني الناس، عامة الناس، العوام (نقيض الخاصة). ويبدو أن اليسار استخدم المصطلح للتعبير عن المواطنين في الدولة (وغالباً في تناقض مع الطبقة الغنية). هذا يعني أن المصطلحين شهدا تحولاً في معناهما (الغربي) للدلالة على الناس تحت حكم الدولة الحديثة (دولة التمثيل والمواطنة والقومية، ودولة عموم الناس وليس فقط الخاصة من الأغنياء والمتنفذين). | ||
+ | ونجد هذه المعاني والدلالات في المقابل العربي للمصطلحين فقط في وجود المقابل العربي للدولة الغربية الحديثة. أي أن نموذج الدولة الحديثة وخطابها انتقلا إلى بلادنا في القرن التاسع عشر وما بعده. ولذلك فإن المرجعية هي الدولة الحديثة. ومع نشوء المنظومة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الدولة الحديثة (القومية، الوطنية، التمثيلية، التعاقدية) هي السائدة وهي المعيار وهي أساس الإنتماء إلى المنظومة الممثلة بالأمم المتحدة.فإذا قلنا "شعب سوري" فنحن بالتأكيد نحيل إلى دولة سورية وقومية سورية ووطن سوري ودستور سوري (العقد الإجتماعي). لكن هذه الدولة-الوطن-القومية-العقد نشأت بقرار دولي وليس بقرار محلي. سوريا أصبحت سوريا لأن الأمم المتحدة اعترفت بها، ولأن فرنسا صنعتها قبل ذلك على نفس الشاكلة. ولن نتحدث عن سوريا العهد الفيصلي فهي لم تكون معرّفة بشكل ثابت ومستمر. هناك عنصر غير محلي في تعريفنا لبلد مثل سوريا، وأعني القرار الكولونيالي أو القرار الدولي. مهما صرخ السوريون بأنهم عرب (مهما كان تعريف العروبة) أو فينيقيين او كرد أو أي شيء آخر فإنهم في النهاية سوريون لأن القرار الدولي قال أنتم سوريون. وهذا القرار الدولي يشمل الإقرار بوجود دولة سورية ووطن سوري وقومية سورية ودستور سوري. فنحن سوريون لأننا نعيش تحت حكم دولة إسمها الدولة السورية وضمن حدود أرض أقر المجتمع الدولي تسميتها بسوريا وننتمي إلى اصل واحد سوري ونلتزم بعقد إجتماعي اسمه الدستور السوري. | ||
+ | كيف يمكن ان نكون شعب سوري بقرار خارجي. كيف بمكن ان نكون شعب سوري اذا لم نكن ابدا ومنذ البداية الا مجرد تعريفات مفروضة. انها فعلا مجرد لعبة لغوية. الشعب السوري كمفهوم هو اختراع فرنسي فكيف نكون ما لم نكنه ابدا. ولماذا نقرر اننا فشلنا في شيء لم يكن موجودنا عندنا اصلا. عندما استوردنا المفهوم والمصطلح والتطبيق جاء في دفتر المواصفات وكتاب المستخدم سورية دولة قومية حديثة. لكن هذا الشيء المستورد مختلف عن الواقع. الشعب السوري مجرد مصطلح موجود في دفتر المواصفات وليس على ارض الواقع. | ||
+ | من جهة اخرى، بوجود مثل هذا المعيار، هل يمكن أن نقول بأن التعريف فرض علينا فرضاً واننا لم نختره ولم نتقمصه بالكامل. هذا يعني أن هناك بلد (دولة-قومية-وطن-عقد) مثالي تمتزج فيه هذه المكونات وتتحدد بقرار داخلي محلي. هل فرنسا هي خيار الفرنسيين (القومية) الذي دخلوا طوعاً في عقد إجتماعي واحد (الدستور) لأنهم من أصل واحد (القومية) ويعيشون على ارض الاجداد (الوطن) وتحكمهم دولة تمثلهم؟ اعتقد أنه ضرب من الإيمان الميتافيزيقي أن نقبل بمثل هذه المعادلة المعقدة (دولة=شعب/أمة=أرض=عقد طوعي). بالطبع وإلا لما كانت الإيديولوجيا القومية (التي تتكلم عن هذه المماهاة) ضرباً من الإيمان. طيب إذا رفضنا هذه المعادلة المتخيلة (واعني فعلاً المختلقة وغير الواقعية) فمن الذي قرر وجود شيء إسمه أرض فرنسا وامة فرنسية ودولة فرنسية ودستور فرنسي؟ في الحقيقة لا أحد. هذا هو الإنبثاق الذي تحدثت عنه في البداية. ظهرت منظومة إسمها منظومة الدول الحديثة وظهرت معها هذه المعادلة (الأيديولوجيا اساسية حتو ولو كانت مختلقة وغير واقعية). إذن لا يمكن تعريف اي شيء فرنسي دون السيرورة التاريخية التي أنتجت فرنسا كدولة قومية حديثة، أي المنظومة الفرنسية. قد أقول أن الدولة هي الاساس، أي ان الملك الفرنسي هو من صنع فرنسا الوطن والحدود، ونابليون هو من صنع المواطنين الفرنسيين والقومية الفرنسية، والجمهورية الثالثة هي من صنعت الدولة الفرنسية الحديثة والدستور الفرنسي. لكن هذا التفكير سببي (أ تقود إلى ب) لا يدعمه التاريخ كلياً. إنها فعلاً سيرورة تاريخية اشترك فيها الجميع. | ||
+ | ولذلك كل ما يمكن قوله هو أن الشعب السوري، الدولة السورية، القومية السورية، الوطن السوري، الدستور السوري كانت (كمعادلة) محاولة غير ناجحة بدليل أننا اليوم نعيش واقعاً يخالف هذه المعادلة. أي أن السيرورة التاريخية التي أدت إلى حاضرنا لم تنتج الدولة القومية الحديثة على النمط الغربي. لكنه من الإجحاف أن نقول بأننا فاشلون (شعب فاشل، دولة فاشلة، قومية فاشلة، وطن فاشل، دستور فاشل). ومن الإجحاف أن نقول باننا لسنا شعباً سوريا كعلامة على الفشل. لسنا شعباً سورياً لان السيرورة التاريخية التي بدات مع الإنتداب وكان المقصود منها إنتاج دولة قومية حديثة لم تنجح حسب المعايير الغربية. لسنا شعباً سورياً لأننا لم نكن يوماً شعباً سورياً ولأننا لم نختر يوماً أن نكون شعباً سورياً، لم نمتلك قرارنا ولم نمتلك تاريخنا. وكل ما أستطيع ان اقوله هو، إيه طز شو يعني، اعتبرها زواج وفرط، عصابة وفرطت، شركة وفرطت. | ||
+ | إن السيرورة التاريخية التي أنتجت فرنسا لا تشبه تماما تلك التي أنتجت الولايات المتحدة ولا ألمانيا، وهي بالتأكيد مختلفة عن تلك التي أنتجت الهند أو الصين أو البرازيل أو تركيا. وماذا عن الكويت أو السعودية أو الإمارات، يا لطيف لا يمكن المقارنة. ولذلك فإن أية مقارنة مع اي معيار هي محاولة لأن نكون ذلك المعيار، أن نفرضه على أنفسنا وأن نحس بالذنب والفشل إذا انتهينا بحرب أهلية. هل يجب ان نعترف أن الكويت نجحت كدولة حديثة ونحن فشلنا. لبنان مثال أفضل. هل العراق دولة قومية ناجحة. وهل الولايات المتحدة دولة قومية ناجحة لأن الشمال حسم الحرب الأهلية مع الجنوب لصالحه؟ هل فرنسا المهاجرين وألمانيا المهاجرين تشبهان فرنسا والمانيا ما قبل الهجرات الكثيفة؟ هل الدولة القومية لا تزال المعيار؟ وهل سنقبل بالتصنيفات الغربية (دولة فاشلة، دولة نص نص، دولة هشة، دولة فارطة) القائمةعلى اساس الدولة القومية. إذا أردت أن تكون مثل فرنسا 1950 وتعتقد أن نقل هذه المفاهيم سيؤدي إلى نفس النتيجة فأهلاً وسهلاً، حاول، لا مانع، ليس أمامنا إلا المحاولة. لكن وبما أننا هنا أمام خراب جرّف كل شيء (الحرب عفشت الممتلكات والمؤسسات والشعب والمجتمع) فإننا نبدأ من جديد. هل ستعود سوريا السابقة بقرار دولي أو ستكون هناك عدة دول كل واحدة باسم جديد أو كلها اسمها سوريا لكن بمعادلات مختلفة؟ النظام طرح مشروعه وهو سوريا بنفس الارض وبدولة تابعة لكن بعدد أقل من السكان وبهوية قومية مختلفة وبعقد مشابه لما كان (العبودية للنظام)، وسماه سوريا المفيدة. هناك أخرون طرحوا مشروع سوريا كإقليم تركي، وهناك سوريا الفيدرالية، وهناك الدويلات الطائفية والقومية، وهناك سوريا كإقليم عراقي وآخر لبناني. وفي كل حالة ستبدأ سيرورة تاريخية مختلفة ولا نعرف إن كانت ستقود إلى دولة قومية على النمط الغربي أم إلى شيء جديد (ربما فاشل وربما ناجح). ما هو مشروعك؟ أتوجه إلى الجميع، ما هو مشروعكم؟ سيأتي يوم وأختار مشروعي ويختار كل منا مشروعه (إذا لم نضطر إلى القبول بمشروع من الخارج مفروض فرضاً). لكن إذا كان مشروعك هو سوريا ما قبل 2011 مع بعض التعديلات (خاصة في الدولة والدستور) فعليك أن تقبل بكل من يقول أنا سوري، حتى ولو كان مؤيداً للنظام. وإذا كان مشروعك سوريا مفيدة أخرى فعليك أن تفعل مثلما فعل النظام، حدد من ستقتل ومن ستهجر. أن تكوّن شعباً (دولة، أمة، ...) مع أي جماعة أخرى فهو خيار وليس حقيقة كونية أزلية. المعادلة كلها تفككت، ولا يمكن القول بأننا لسنا معادلة دولة لأننا لم نكن شعباً. لا أحد يكوّن شعباً مع جاره دون قبول. الإيمان بالأيديولوجيا القومية قد يكون عنوان القبول. لكن القومية كحقيقة خارج التاريخ، فهذا ضحك على اللحى (حتى ولو زعم أندرسون أنها موجودة وليست خيالية)، إنها متخيلة بمعنى خرافية وغير موجودة ومصطنعة. | ||
+ | |||
+ | |||
+ | حازم نهار | ||
+ | |||
+ | كيف يمكن أن نكون شعبًا؟ | ||
+ | نحن السوريين لسنا شعبًا، لكن بإمكاننا أن نكون. و"سوريتنا" التي نتغنى بها مصدرها الأرض السورية التي نعيش عليها فحسب، وهذا لا فضل لنا فيه. وكي نكون شعبًا فهذا يحتاج إلى جهد وصناعة وصناّع، أي يحتاج إلى عملية بناء، وهذه تتطلب سياسة وفكرًا بالدرجة الأولى. فهل نكون؟ | ||
+ | قد يكون هذا الكلام صادمًا أو قد يرى فيه بعضنا شيئًا من "الفذلكة"، أو على الأقل ليس وقته، بخاصة في زمن القتل والتدمير والتهجير. لكن في الحقيقة ليست هناك ممارسة في الواقع إلا وثمة رؤية تقبع خلفها، تؤسس لها وتفسرها؛ فالبؤس الفادح الذي تتكشف عنه معظم الممارسات الراهنة ليس إلا مجرد تجلٍ لبؤس أكثر فداحة في الرؤية والثقافة السائدة. | ||
+ | في اعتقادي، هناك ضرورة لإعادة تعريف وبناء كلمات ومقولات عديدة بديهية متداولة، مع العلم أنه ليس هناك ما هو أصعب من دحض وتغيير معاني البديهيات القابعة في رؤوسنا، على الرغم من كونها الأكثر غموضًا والتباسًا. ومنها مفاهيم الأمة والشعب والوطن والدولة والمجتمع المدني. فكلمة "شعب" هي كلمة بديهية متداولة وتستخدم للدلالة على مجموعة من البشر التي تقطن في بقعة ما، ولذلك نردِّد جميعًا من دون حرج تعبير "الشعب السوري" كتوصيف للقاطنين على الأرض السورية. | ||
+ | نحن لم نكن شعبًا طوال خمسين عامًا، أي لم يشكل السوريون شعبًا سوريًا بالمعنى الحديث، وكانت الثورة الفرصة الفريدة الوحيدة التي يمكن لها أن تحوِّل السوريين إلى شعب. فالنظام السوري لم يكن في أي لحظة معنيًا بالتعامل مع السوريين بوصفهم شعبًا، وأعاق تحولهم من جمع وخليط بشري إثني وديني ومذهبي إلى شعب بكل الطرق، خاصة أنه لم يخلق هوية وطنية سورية، وحطّم جنين الدولة الوطنية التي تشكلت بعد الاستقلال. | ||
+ | هناك من يستخدم تعبير "شعب واحد"، وهذا لا يضيف شيئًا، لأن هذه الصفة الملحقة "واحد" لا معنى لها؛ فكلمة الشعب تتضمن في حد ذاتها معنى الوحدة والتماسك. هذه الإضافة تشبه تفسير الماء بالماء، فهي لا تضيف شيئًا للموصوف. أما تعبير "شعب سوري" فكي يكون مقبولًا وواقعيًا ينبغي أن يكون الأصل، أي معنى مفهوم الشعب ذاته، مدركًا. | ||
+ | وللتدليل على أن هذا المفهوم البديهي غير مدرك، أذكر حادثة حضرتها بنفسي في اجتماع "المعارضة السورية" التوحيدي في القاهرة في تموز 2012 الذي شاركت فيه كل القوى والكتل وحضرته نحو 250 شخصية، وكنت وقتها في لجنة صوغ الوثائق المؤلفة من 15 عضوًا. فقد أصر البعض في اللجنة على ذكر تعبير "الشعب الكردي" كجزء من الشعب السوري في الوثيقة، وبعدها أصر البقية على ذكر ما يوازي ذلك من تعابير، مثل "الشعب التركماني" و"الشعب الآشوري"، حتى خرجت الوثيقة هزيلة ومضحكة، بل ومثيرة للاشمئزاز والشفقة، بخاصة عندما تقول: يتألف الشعب السوري من الشعب العربي والشعب الكردي والشعب التركماني والشعب الآشوري.. في سورية... إلخ. الضحالة الفكرية لا يمكن إلا أن تنتج الكوارث والمهازل على المستوى السياسي، ولاحقًا في الممارسة. | ||
+ | كذلك، على المستوى النظري، أليس غريبًا مثلًا أن يتحدث الكثير منا عن شعب سوري ومجتمع سوري ودولة سورية في حين يرفضون أي حديث عن "أمة سورية". فتعبير "الأمة" يبدو مقتصرًا على "الأمة العربية" و"الأمة الإسلامية". على الرغم من أن مفاهيم "الشعب" و"الأمة" و"الدولة" و"المجتمع المدني" و"الوطنية" هي مفاهيم مترابطة، ولا معنى لأي منها من دون الأخريات. الخطاب السياسي السائد متناقض ومشوش وغير متماسك، ولا شك أن هشاشته وضحالته تجلبان بالضرورة الكوارث على مستوى الممارسة والسلوك والواقع. | ||
+ | في الحقيقة، يفيدنا العلم السياسي الحديث بأنه يمكن الحديث عن وجود عدة مجتمعات في دولة واحدة، كالمجتمع البدوي والريفي والمديني، لكن لا يمكن الحديث عن شعوب في دولة واحدة. فالحديث عن مجتمعات يأتي في سياق علم الاجتماع بينما الحديث عن شعوب يصب في علم الاجتماع السياسي وعلم السياسة. وبالتالي، فالحديث عن عدة شعوب في دولة ما ليس له من معنى سوى أن هذه الدولة مؤلفة من عدة دول. الشعب مفهوم سياسي يُشكِّل "المجتمع المدني" أساسه ومحتواه، أي هو الصيغة السياسية للمجتمع المدني، لأن التعددية والتنوع الحاضرين في المجتمع المدني تحتاجان في المستوى السياسي إلى "وحدة" ممثلةً بمفهوم الشعب الذي تعبر عنه الدولة الوطنية. | ||
+ | تحوّل الجماعة البشرية إلى شعب يعني أن هناك عملية تاريخية، واجبة وضرورية، لنقلها من التشظي والتذرر والتناحر إلى الوحدة، باعتبار أن "الوحدة" هي أساس مفهوم الشعب. في هذه العملية يتطور الفرد الطبيعي إلى كائن اجتماعي، ومن ثم إلى مواطن، وتتطور الجماعة البشرية إلى مجتمع، ومن ثم إلى مجتمع مدني، وهذا الأخير يشكل جوهر وجود الشعب. أي من دون مجتمع مدني لا يمكن الحديث عن شعب، كما لا يمكن الحديث عن وجود الدولة الوطنية. | ||
+ | ففي غياب المجتمع المدني، الذي يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية، يتحول البشر إلى سديم أو كتل إثنية وعشائرية ومذهبية، ويغيب مبرر الحديث عن شعب. الشعب مفهوم سياسي يرمز إلى "وحدة المتنوع"، أي هو التعبير السياسي عن وحدة المجتمع المدني المبني على التعدد والتنوع. لذلك، عندما يهيمن على عقولنا الحديث عن مسلمين ومسيحيين ويهود وعرب وكورد وآشوريين وتركمان وعشائر وعائلات، فإن ذلك يعني أن مفهومي المجتمع المدني والشعب غائبان، لأن هذا الخليط لا يساوي شعبًا، على الرغم من وجوده في بقعة واحدة. الشعب ليس مفهومًا عدديًا أو إحصائيًا، أي ليس مجرد جمع حسابي من البشر، ما يعني ضرورة التمييز بين مفاهيم الشعب والسكان والمجتمع العادي أو التقليدي، تمامًا كما نميِّز بين علم السياسة وعلم الإحصاء وعلم الاجتماع. | ||
+ | هذا يعني أن كلمة "شعب" تحتاج إلى تعب وجهد وبناء وصناعة. كي نكون شعبًا ينبغي الإيمان بضرورة إطلاق عملية اندماج وطني واجتماعي، أي القيام بكل العمليات الضرورية، السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية، التي تأخذنا من حالة المجتمعات التقليدية أو السديم البشري أو الجماعات المغلقة المتناحرة إلى حالة المجتمع المدني والشعب بمعناهما الحديث. وهذا الاندماج لا يعني بالتأكيد الصهر والتذويب بل الانتقال إلى الحالة الوطنية التي تعني "وحدة المتنوع"، فهو لا يهدف إلى إلغاء الطوائف والعشائر والإثنيات التي لا يمكن إلغاؤها أصلًا، إنما إلى تجاوز العلاقات الطائفية والمذهبية والدينية والإثنية إلى علاقات أوسع، علاقات مدنية وسياسية تتناغم مع مفهومي المجتمع المدني والشعب. وهو ما يعني ولادة دولة حديثة على أساس المواطنة، لا على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي. | ||
+ | ليست هناك مشكلة في الحديث عن أمة سورية، طالما أننا نستطيع الحديث عن مواطن سوري ومجتمع مدني سوري وشعب سوري ودولة سورية. فمفهوم الأمة هو التعبير الثقافي عن وجود المجتمع المدني، والشعب هو التعبير السياسي عن الأمة والمجتمع المدني على السواء. صحيح أنه لا شيء من هذه التسميات له وجود واقعي حقيقي اليوم، لكن يمكن تجسيدها في المستقبل، والخطوة الأولى في هذا الطريق الصحيح تتمثل بإدراكها والإيمان بها. | ||
+ | 27 حزيران/ يونيو 2013 | ||
+ | |||
+ | -------------------------------------------------------------- | ||
+ | |||
+ | '''حازم نهار''' | ||
+ | |||
+ | دائمًا تقدم فوائد وإضافات مهمة على النص المكتوب عزيزي نظير. | ||
+ | الحقيقة استمعت بقراءة ما كتبته، وأوافقك على نسبة كبيرة مما جاء في كتابتك، والجزء الآخر يثير التحريض على التوضيح والكتابة في موضوعات ذات صلة، وهذا مهم جدًا... مهم من حيث إبقاء الحوار مفتوحًا لمزيد من بلورة أفكار نحن في حاجة شديدة لها. | ||
+ | لعل النقطة الأهم في كتابتك هي "نحن السوريين نعيد إنتاج المعارف المتعلقة بالمجتمع والشعب والدولة والسياسة من جديد. إننا نبدأ من الصفر"، نعم هو كذلك، ورغمًا عن أنفنا، وليتنا (خصوصًا المعارضة السورية) نعترف جميعًا بهذه الحقيقة. | ||
+ | - أعتقد عزيزي أنه من دون وجود الدولة بمعناها الحديث من غير الممكن أن يتحول السكان في بقعة جغرافية إلى شعب. | ||
+ | - مفهوم الشعب لا يفترض التجانس أبدًا، لكنه يفترض الوحدة، والوحدة تختلف عن التجانس: التجانس معناه تماثل أفراد الشعب وجماعاته، وهذا وهم، بينما المقصود بالوحدة هو ظهور الشعب موحدًا سياسيًا أمام الدولة الواحدة، وبمعنى آخر لا نستطيع بوجود الدولة الواحدة الحديث عن عدة شعوب بل عن شعب واحد. كذلك بوجود الدولة الواحدة لا نستطيع الحديث إلا عن مواطن واحد حقوقيًا وسياسيًا، لا نستطيع بوجود الدولة السورية إلا أن نقول بوجود مواطن سوري حقوقيًا وسياسيًا، ولا نستطيع الحديث عن مواطن عربي ومواطن كردي ومواطن تركماني في سورية. | ||
+ | - (الوحدة) بالمعنى السياسي هي أساس وجود الشعب والدولة معًا، وهي المعيار الأساسي للإقرار بوجودهما، فعندما يظهر الشعب مقسمًا إثنيًا وطائفيًا لا يمكن أن نسميه شعبًا. والهدف الذي أطرحه هو كيف نتوحد سياسيًا أو نندمج سياسيًا في دولة واحدة كي نتحول إلى شعب بالمعنى السياسي. ووحدة الشعب بالمعنى السياسي لا تعني أبدًا تجانس وتماثل أفراده ومجموعاته، بل هي ما يمكن تسميته بـ (وحدة المتنوع). | ||
+ | |||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | هل يا ترى أعطيت جواب سؤالك عن كيفية التوحد عندما قلت "دون وجود دولة من غير الممكن أن يتحول السكان إلى شعب"؟ أوافقك في جميع ما قلت. لا أعتقد أن وجود الغثنيات والطوائف يلغي وجود الشعب إلا في حالة عدم اعترافهم بالمواطنة إلا عن طريق الهوية الأخرى. قد أكون اختزالياً لكني أعتقد أننا نكون شعباً عندما نقبل بأن نكون شعباً. أي عندما نقبل بالتعايش السلمي وفق عقد إسمه الدولة (ليس الدستور)، دولة القانون (أعتبر الدستور والقانون شيء واحد). وعندما تتحول الدولة إلى كيان منفصل يقتلنا فليس من الممكن أن نكون شعباً ايضاً. التعايش والدولة كعقد تعايش، لا ينفصلان ولا أولية أو أولية للواحد على الآخر. طبعاً يمكن أن تكون هناك دولة دون تعايش، وهذه كانت حالتنا، ولذلك لم نكن شعباً. | ||
+ | |||
+ | |||
+ | حازم نهار | ||
+ | Ahmad Nazir Atassi نعم عزيزي أعتقد عبارتك "دون وجود دولة من غير " الممكن أن يتحول السكان إلى شعب" هي النقطة التي أريد الوصول إليها في نهاية المطاف، والتحريض على وضعها نقطة مركزية: من واجب النخب السياسية والثقافية في سورية الذهاب باتجاه بناء دولة وطنية ديمقراطية حديثة. | ||
+ | عندما تتحول الدولة إلى عصابة فنحن امام احتمالين: اذا كان لدينا ثقافة وطنية عريقة قبل هذه العصابة سنبقى شعبًا وستكون آثار العصابة ضعيفة، أما اذا لم نعرف في تاريخنا الدولة الوطنية والثقافة الوطنية وحكمتنا عصابة فإنها تحولنا الى شظايا متناثرة للأسف. | ||
+ | |||
+ | |||
+ | Ahmad Nazir Atassi | ||
+ | حازم نهار أعتقد أن الإحتمال الثاني هو ما حدث، فنحن شظايا متناثرة. في هذه الحالة كيف نبدأ عملية بناء الدولة والشعب في وقت واحد. هذه معضلة هائلة. ولذلك سأقترح فكرة لن يرضاها أحد. النظام لا يزال يملك الأرض والدولة، ولذلك لا مفر من التعامل معه. لا أعني مفاوضات وتطبيع وإنما محاولات لسحب الدولة منه أو عزلها عنه. التطبيق الإنتقائي للعقوبات قد يساعدنا. وتشجيع القطاع الخاص المتوسط السوري أيضاً سيساعدنا. يجب إقناع الروس أن يستثمروا فينا وليس في النظام. إنهم قوة بطش لكنهم يسعون وراء المصاري وليس وراء إستعمال كولونيالي. الروس سيفرضون أتاوات على المرافئ والمعابر، لكنهم على الأقل لا يهتمون بالحفاظ على شبكة المحسوبية التي تشكل النظام. مجرد فكرة. يجب أن ناخذ بعين الإعتبار حتى الافكار الشيطانية أو المجنونة. نحن في وضع مجنون. الشعب انتهى والدولة سنتنتهي ويبقه وجه النظام الكالح.عجيب كيف أننا دائماً نبدأ بفرضية أننا مختلفون في الفهم وننتهي بحقيقة أننا مختلفون فقط في التعبير. الفكرة أصبحت موجودة عند كثيرين (عدا جماعة تركيا). | ||
+ | |||
+ | |||
+ | حازم نهار | ||
+ | كل هذه الوسائل، وغيرها أيضا، مشروعة وضرورية. لكن السؤال هو من سيقوم بذلك؟ | ||
+ | أعتقد أن أول مهمة هي بناء نخبة سياسية ثقافية وطنية سورية متماسكة. | ||
+ | هذه النخبة غير موجودة، ولو كانت موجودة لكانت خسائرنا أقل كثيرًا. فهذه النخبة هي التي تستطيع إدارة الصراع، وهي القادرة على السير خطوات للأمام لبناء أوليات ثقافة وطنية، وهي التي يمكن أن يكون لها رصيد معنوي جامع لدى السوريين، بما يجعل بناء الدولة الجديدة أمرًا ممكنًا.. | ||
+ | انظر عزيزي إلى وضع "المثقفين" و"السياسيين" في سورية وخارجها... لدينا كارثة حقيقية على هذا المستوى: هناك فصل مطلق بين الثقافة والسياسة لدى "النخب" وهذه مشكلة، لدينا سياسيون لا يقرؤون أبدًا، ولدينا مثقفون لا علاقة لهم بالواقع، لدينا صفات أنانية جدًا تملأ رؤوس المثقفين، وولدنات وتكتيكات فارغة وتافهة لدى السياسيين، لدينا تنافس سلبي بين الجميع، وكره وحالة من عدم الاحترام بين المثقفين، وبين السياسيين..... إلخ. | ||
+ | أعتقد أن خطوة بناء نخبة سياسية ثقافية وطنية سورية متماسكة مقدمة ضرورية ومركزية لكل المهمات الأخرى... | ||
+ | أحلم حقًا ودائمًا بتعاون الكثيرين لانجاز الخطوة هذه... | ||
[[تصنيف:المجتمع السوري]] | [[تصنيف:المجتمع السوري]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢١:٤٨، ١٣ فبراير ٢٠٢٥
محتويات
5 كانون الثاني، 2021 - التنوع في سوق حمص
لما كنت صغير بحمص في الثمانينات كنت انزل على السوق واتفرج واقعد بالصيدلية عند ابي الله يرحمه بشارع حماة وشوف الناس عم تفوت وتطلع وتتسوق من بسطات على الارض ومن محلات بالسوق والبالي ومحلات الحلويات والطناجر والادوات الزراعية والخضرجية وبياعين الكاسيتات والكتيبات والعطور والسكاكين. ناس عم تدور على طبيب بايدها الولد المريض، وناس عم تدور على الدوا المفقود. كانت المشية من الساعة القديمة الى الساعة الجديدة تنقلني بين عالمين مختلفين، ولما كمل على الانشاءات انتقل الى عوالم اخرى. انزل من باص بابا عمرو ويكملوا الفلاحين الى القرية التي لم تكن بعد حيا. كانت حمص لها حدود لم نكن نتخطاها وان كنا نعبرها جغرافيا. هناك حدود مهنية وحدود طبقية وحدود طائفية. حارس البناية اللي عم تتعمر بدوي، وورا الجامع محل التوزيع الاجباري كان في خيم نور، بعدين بساتين وبعدين قرى. الوجوه مختلفة والعمارة مختلفة واللباس مختلف والاسماء والكنى مختلفة، وربما الثروة والمهنة والتعليم والذوق الموسيقي وزمرة اخرى من الاختلافات. كان تداخل هذه العوالم دون اختلاطها يثير دهشتي وتساؤلاتي. هذا البدوي الذي يتوقف عند بسطة الشرطان الى من يستمع وماذا يشتري؟ ولماذا لا نرى هؤلاء المغنين على التلفزيون؟ كان صاحب بسطة الكاسيتات يجرب الشريط للمشتري ويعلو صوت محمود فلان واديب فلان وابو فلان، يغنون مع الات بسيطة او مع طبل. لم اكن افهم ما يقولون، يشترون الكاسيت وشعيبيات ويغيبون في شارع حماة الطويل. لباسهم مختلف ولهجاتهم مختلفة ومشترياتهم مختلفة. يبيضون طنجرة النحاس عندما تخلص كل من اعرفهم من تلك الطناجر واصبحت اصايص زهور. يشترون سكين من البسطة التي امام الصيدلية وحق او حنجور عطر ثقيل وشوية جرابات من البسطة التي جنبها والبائع يسأل "رايح تعرّس". كان ابي يغير لهجته حسب لباس المشتري وكان يعطي دواءا محددا عندما يقول الزبون "العيلة معها قحة" وانا اتعجب كيف يعطي والدي دواءا للعائلة بأسرها. كيف كانت تتعايش كل هذه العوالم؟
مراد بنيس وما الغريب في تعايشها؟ هل التشابه أو التطابق الثقافي (المادي شيء آخر) ضروري لحفظ السلم الأهلي؟
Ahmad Nazir Atassi مراد بنيس لا شيء غريب في الحقيقة وانما في عيوني. اتساءل هل التشابه هو سنة العصر وهل كان هذا الاختلاف عالة ومشكلة ام كان غنى فقدناه تدريجيا. اكيد انك ترى نفس الاختلافات في المغرب. لم ار هذا الكم والحجم من الاختلافات حتى في امريكا او فرنسا. انها ملاحظات ليس الا
Ahmad Nazir Atassi مراد بنيس وضعت يدك على الجرح. في سوريا اثناء الحرب اصبحت هذه الاختلافات مصدرا للشروخات الاجتماعية. وهنا يمكنني ان اطرح عليك نفس السؤال، هل التشابه يحفظ السلم الاهلي في المغرب ام يهدده وهل هناك دفع باتجله التجانس كما مرى حول العالم. ربما الحرب تغير كل شيء.
Ahmad Nazir Atassi مراد بنيس شوف السوريين وتعليقاتهم ستفهم تماما الوضع، تعلموا من مثالنا
مراد بنيس Ahmad Nazir Atassi ما أثار انتباهي هو انطلاقك من الأسواق كمنصّات لالتقاء الفئات المختلفة (فالجميع مجبر على المرور منها) ولا أخفيك أنني أيضا أمضيت أوقاتا طويلة في دكان جدي بأحد أسواق المدينة القديمة بفاس، وقد كنت أرى ظواهر مشابهة لما وصفتَه : مجموعات ذات خلفيات ثقافية متنوعة تصل لحد صعوبة التفاهم اللساني بينها : التجار ذوو الثقافة "المدينية" التي تُتَرجَم عبر اللباس وخصوصا عبر اللغة واللكنة (اللهجة العربية المغربية المدينية مع لفظ خاص لبعض الحروف كالقاف المنطوقة همزة)، المستقرون الجدد في المدن والذين كانت لهم لهجتهم الخاصة المتأثرة جدا بلهجات القرى الناطقة بالعربية "البدوية" (القاف المنطوقة g إحدى مميزاتها) والذين كان بعضهم متخصصا في مهن معينة (الحمالون، باعة الخضر والفواكه...) أضف إلى هذا الزبائن الذين كانوا يأتون من مناطق قد تبعد بأكثر من مائة كلمتر عن المدينة والذين كان جزء منهم ناطقا بألسنة أمازيغية وبعضهم -خصوصا النساء- لا يكاد يعرف غيرها. وقد كان الناس محافظين حينها على أزيائهم التقليدية، فتستطيع تمييز الاختلافات في طريقة اللباس والتزيين وتربطها بما تشتريه كل فئة. الفوارق الثقافية والاحتماعية والمادية كانت ظاهرة جدا، لكن -حسب نظرتي آنها كطفل ثم كمراهق- فإن الناس كانوا يتعاملون معها كمعطى طبيعي ربما لأنهم تعايشوا معها قرونا بعد قرون. تعامل الناس مع هذا التنوع دون توتر كبير لا يعني أنهم كانوا مثاليين لكن لم يصل الأمر ل"ثقافة كراهية". هل للتجانس الديني والمذهبي يد في الأمر؟ على الأرجح هل للنموذج "الإمبراطوري" للمغرب دور في ذلك؟ على الأرجح (المقصود به تعوّد الحكام والمحكومين على التعايش مع مكونات لغوية وإثنية متعددة منذ قرون وعدم تجربتهم للمجتمع المتجانس) هل ظل الوضع ثابتا؟ لا أعتقد. فالجيل الصاعد (بسبب عوامل يصعب حصرها في تعليق) ذو حساسية أكبر في مسائل الهوية، ونتجه حسب رأيي في اتجاه النموذج البلجيكي الذي لا يبشر بخير
Ahmad Nazir Atassi مراد بنيس مراد من بين كل الناس انت يجب ان تفهمني. توقعت ان تكون لديك نفس التجربة والملاحظة. لا يهمك ما كتب المعلقون فهم من نفس مدينتي وثقافتي. انا لم اكتب البوست لاقول ان التعايش كان مستحيلا ولا لأقول بأن التجانس فضيلة ولا لأقول بأننا كنا مثاليين يومها. ذلك التنوع كان يمر مرور الكرام كل يوم دون كراهية ودون محبة. انه السوق بحق الله. الناس المختلفة دائما تلتقي في الاسواق وهذا ما لاحظته انت، اي انني انطلقت من السوق لانه لم تكن توجد اية منصة اخر لتلاقي تلك العوالم. وكما وصفت الاختلاف كان يصل الى حد عدم التفاهم اللغوي بين لهجات القرى والبادية والمدن الصغيرة. انا كتبت لاقول جملة ضاعت في المعمعة وهي "لماذا لم نكن نسمع تلك الاغاتي في الراديو او التلفزيون ولماذا لم نكن نرى هذا التنوع في منصات اخرى غير السوق". والسبب معروف ويعرفه كل الانثروبولوجيون، اننا مجتمعات لم تدخل بعد مرحلة السوق الوطنية الموحدة التي تخلق الهوية الوطنية. هل هذا سيء ام جيد؟ لا هذا ولا ذاك. التنوع غنى. لكن السيء هو ان الحياة الحديثة تحتاج الى عامل يجبر الناس على التجانس من اجل انتاج تلك السوق الوطنية المستهلكة. وعندما لا تنتجها السوق فان الحرب ستنتجها. هذا الغنى الثقافي اصبح دافعا على الكراهية في الحرب، وفي الحرب فقط. وانت ذكرت مثالا جيدا عن المغرب. اذا لم تكن الدولة الحديثة قادرة على انتاج التجانس فان قوى اخرى ستتصدر الموقف وتنافس الدولة. النزعات القومية الامازيغية مثلا هي قوى تفرض التجانس على اتباعها لكن بعيدا عن اتجاه الدولة وفي اتجاه انتاج الدولك القومية المتجانسة. هذه هي الحياة الحديثة، انها عدوة التنوع. ولا يعني ذلك ان التنوع نقيصة او خطأ او تخلف، انه فقط نمط حياة اخرى تموت. الحداثة تفرض التجانس وعلينا تحقيقه قبل ان يتحول التنوع من غنى الى لعنة.
El Aissati مراد بنيس Ahmad Nazir Atassi ، السيد بنيس الفاسي لم يفهم السوق كما فهمته سيد أحمد. ما دمت قد طرحت هذه الارضية السوقية للنقاش ومدى انعكاس التنوع العرضي التلقائي في مستويات مؤسساتية أرقى، أحيطك علما بأن السوق الفاسي لا يختلف كثيرا عن السوق الحمصي في كونه منغلق على ذاته داخل الأسوار ولا يخرج خارجها الا لبيع سلعه الغالية غالبا لفلاحين بلداء غالبا ما يبيعون بناتهم لخدمة عوائل هؤلاء الذين احتكروا الثروة والنؤسسات ايضا بعد ان تسلموا مقاليد الوطن بترخيص من المستعمر. رد السيد بنيس لا يخلو من احتقار وتقسيم خبيث للادوار. هو يقول ان التزاوج شمل ايضا العنصر الامازيغي الذي كان يرد على السوق من مناطق بعيدة بمئات الكلمترات في حين ان أبعد منطقة امازيغية عن فاس لا يتجاوز بعدها عشرون كلمترا. بمعنى ان فاس امازيغية ايضا في الأصل ولم تتحول هويتها الاصلية الا بعد نزوح العائلات الموريسكية الاندلسية اليها والتي تفاعلت مع المحيط بنظرة استعلائية لا يمكن لصديقنا ان ينكرها. عندما يذكر لنا مخارج الحروف ولكنة أهل فاس التي مازالوا يحافظون عليها رغم مرور قرون، فإن هذه منقصة لغوية لا يمكن تبريرها بغير الرغبة الاصيلة في ابقاء التميز ونكران المساواة. قد اتفهم نازحا جديدا في صعوبة النطق بالقاف وجعلها ألف وحذف الراء لتصبح حرفا أجوفا لا صدى له، لكن ان يتم الحفاظ على هذه اللكنة بعد قرون من التعايش فهذا دليل على ميول غير صحي يبتغي التجانس. حتى في التلفزة المغربية لم نشهد تساويا في الاداء فكان مشهد الجوف الاندلسي يضم اناسا بخدود حمراء وكسوة بهية يلقون على مسامعنا الموشحات الاندلسية وفِي المقابل عامة الشعب برقصاتهم الفلكلورية الغبية احيانا والتي تصلح للقفز بدل الرقص... بخصوص الحركة الامازيغية فانه من الظلم حشرها في خانة القومية الرافضة للتجانس او خلقه تحت مظلة مستقلة عن الوطن ، لأن اقتفاء حركات المقاومة المغربية ستجدها في معظمها أمازيغية دفعت الغالي والنفيس من أجل ما يبدو لك وطنا، في وقت كانت فيه هذه العوائل " الارستقراطية" تغني الموشحات وتبيع اشياء كثيرة اخرى الى جانب القماش والفضة والجلود التي يحملها " الحمالون" الذين ينطقون g بدل قاف أو الأصح أآآف
Ahmad Nazir Atassi El Aissati يا الايساتي، وعلى ما اعرف هو لفظ افريقي غربي لكلمة عائشة، لماذا التسرع والتشكيك في النيات. الاخ مراد لم يقل اي شي مما قلت وما احسسته يحتاج ان يكون في ذهنك قبل الكلام لكي يظهر بعد الكلام حتى ولو لم يكن موجودا في الكلام. لست مختلفا عن كثير من السوريين الذي اعرفهم والذين يتحدثون عن مظلوميات تاريخية لا تفارقهم يعتقدون انها لا تزال موجودة. انت لا تخلو ايضا من الفكر الاقصائي الذي اتهمت به الصديق مراد بنيس فقط لانه من فاس. امنحه ولو ذرة من الشك حتى تكتشف انك الحامل الحقيقي للكراهية. ربما كان مراد من الفاسيين الذين ذكرتهم وربما لم يكن فانا لا اعرف الفاسيين ولا اتحدث مع مراد، لكن ما كتبه لا يشي باية نزعة عنصرية. والاختلاف الذي تحدث عنه في لفظ القاف موجود تماما في سوريا. والاحتفاظ به يشي بثقافة عامة من الاحتفاظ بالهويات المحلية المغلقة. كل المدن السورية الكبيرة التي تلفظ القاف همزة تعيش وسط بحر من القرى التي تلفظ القاف قافا وبحر اخر من البدو الذين يلفظون القاف جيما مصرية. والموشحات التي تحدثت عنها تشبه حالة حلب تماما. والنظرة الفوقية للمدينة موجودة في جميع انحاء العالم. والافكار القومية اقصائية بالتعريف فهي كذلك تعتقد بان اختلافها ضروري ويستحق الوجود لا بل يستحق ان يحكم. اما التفاوت في توزيع وظائف الدولة والثروة التجارية فهي مشكلة موجودة في كل العالم الثالث. ولا اعتقد ان حلها سيكون بالكراهية والاتهامات والسخرية والقوميات صاحبة المظلومية. بالله عليك، انك لا تزال تتحدث عن مظلومية عمرها خمسة قرون وتتهم الاندلسيين بتعريب فاس وحواليها. لو كنت اريد مثل هذا الكلام لدعوت السوريين من الاقليات القومية والدينية بدل ان استورد مشاكل مغربية فعندنا ما يكفينا من الاتهامات المتبادلة. هدي بالك واحسن الثقة بالناس وافتح باب الحوار قبل ان تفتح باب الاتهامات، تعلم من الحرب السورية
El Aissati Ahmad Nazir Atassi اسمي ليس إيساتي بل بالعين عيساتي ولا ادري ما قيمة استحضار هذا المعطى الغريب. ما ذكرته ليس احساسا ينغص علي طيب العيش سيدي الطبيب النفسي الذي يستطيع سبك اغوار النفس البشرية، بل هو واقع من التمييز الشنيع في امتلاك الثروة وتسيير مؤسسات البلد. هذا واقع احتكاري يعرقل اندماج شرائح المجتمع المختلفة في قطاعات كانت والى عهد قريب حكر بالتوارث على العائلات التي استولت على تسيير بلد فجعلته بطريقة تدبيرها ضيعة . انا اسكن في فاس وأعرف جيدا كيف تفكر هذه الخلية البشرية. العنصرية التي نواجهها في اروبا هي غيض من فيض ما انتجت هذه البنية الثقافية. مظلوميات تاريخية!!! تصدر احكاما مطلقة رغم اعترافك بقلة معلوماتك عن المنطقة وتتهمني بالاقصائية رغم انك لا تعرفني وتلصق على جبيني شعار الكراهية. تبدو لي تماما مثل ترامب في تغريداته. معتقدا بما لا يدع للشك انك مالك الحقيقة. "اهل فاس" عنصريون ولم يكونوا ابدا وطنيون تواقون الى تجانس اي كان نوعه بين كل أطياف البلد الاثنية والثقافية. النظرة الفوقية للمدينة موجودة في المجتمعات المتخلفة التي تبرر بقائها اما في هولندا وفِي امستردام مثلا فانني لم الاحظها البتة . امازيغية المغرب معطى تاريخي لا يمكن تغييره، لكن التناقح الثقافي لا بديل عنه شرط ان يكون وفق نسق وطني يساوي بين الناس وليس طرحا تمييزيا يجعل الوطن في قبضة فئة معينة. اتعجب كيف تتهمني بكل هذا رغم ان كل تدويناتي وكتاباتي تشي بعكس ما ذكرته أيها المحلل الانطوائي. شخصيا لدي تصور مختلف تماما عنك يا أتاسي الذي لا ادري ما يعنيه هذا اللقب. يبدو انك لا تقرأ ما اكتب لأنك منشغل بتكوين الاحكام الجاهزة تماما كما يفعل ترامب. لكن قبل ان اختم دعني احكم عليك من خلال ردك هذا وكفى وليس انطلاقا من كل ما كتبت. أراك انطوائيا لم يتفاعل بِما يكفي مع العالم الخارجي. منزويا في ركن مظلم ونرجسيا يطلب اتباعا يمنحونه شيئا من الدفئ هناك في قبوه البارد . ما رايك في حكم كهذا ايها المحلل الأشقر أيام الصبا
El Aissati تعلم من الحرب السورية !!! كأنك تتوقع من حالة الحشد النفسي الذي اكتشفته في دواخلي ايها المحلل انني مستعد لحمل السلاح ضد مراد. عقل حربي ترامبي ..
El Aissati Ahmad Nazir Atassi التكتل الموريسكي الاندلسي، وجب دراسته بدقة علمية تاريخية لأن مخلفاته الثقافية تشكل عائقا حقيقيا للنهضة الوطنية. المسألة ليست في الحب والكراهية وهو المعيار الوحيد الذي اعتمدته في ردك. ما يقع في سوريا لا يهمني بتاتا كما لا اعتقد ان البلدان المتخلفة فيها مدن وبوادي بل هي مداشر قبلية لم ترقى بعد لمفهوم المدينة. عندما استحضر الطائفة الموريسكية فانني اشير الى تلك النزعة التي تحاول احتكار التمدن لها وفقط تماما كما هو الحال في حمص أو حُمّصْ لا فرق
Oussama Al-chami كأنك ترسم دمشق. ولكن بجغرافيا مختلفة وأكثر تعددا والتنوع ذاته. كان أبي يضعني صبي صنعه عند أصدقائه لكي يعلمونني. طبعا كانوا يفهموني كيف أتعامل مع من. ومن هم الزعران ومن هم نقيرين الكيل إي اللوطية. وكيف اهرب من التموين وكيف أعمل أطرش اخرس ابكم. ولذلك كان اختراقي الطبقات الفقيرة و الفلاحية والمناطق العشوائية كبيرا. حيث شكلت شلل أصدقاء منهم. سورية بلد العجائب. وكل صيفية اكتشف عوالم جديدة.
Ahmad Nazir Atassi Oussama Al-chami هؤلاء عالم اخر ايضا. انا كنت اشقر وابيض ودائما اسمع تعليقات
Oussama Al-chami Ahmad Nazir Atassi أنا مثلك أبيض. ولكن بشعر كستناوي. ولذلك كان معلميني يعلموني أين توجد الرذالات ومن هم لكي احذرهم. ولقد صددت عدة محاولات تحرش لوطي. ولكن كنت البس مثل الصنايعية وأتكلم مثلهم، وكان لقبي أبو أياد لكي أخفي إسمي وكنيتي الارستقراطية. وبقيت بينهم "أب اياد" من غير الواو على اللهجة البلدية. وأصبح هؤلاء الصناعية، أصحاب محلات كبيرة أو صغيرة في مناطق الاشد فقرا إلى المناطق التجارية كل حسب ذكائه وتوفيقيه. ولا يعلمون حتى الآن درجتي العلمية، إلا إني إشتغل "برا" 😀 أغير جلدي كاملا معهم ونرجع الذكريات ويفتحون لي عيوني دوما عن قاع المجتمع السوري. 🌺
Tahsien Ali بس خلال الثورة وخاصة بين الأحياء الثائرة صارت الأمور شوي تتغير وخاصة وقت صرنا نشوف أهالي بابا عمرو والإنشاءات عم يشاركو بنفس المظاهرة وكتافهم جمب بعض وهون نحن عم نحكي عن واحد من أرقى احياء حمص وحي تاني يعتبر أهله فلاحين بأمتياز
Assem Swaid ما بعرف اذا هاد اسمه تعايش اصلا، لان كل فئة من اللي ذكرتهم كانت عايشة لوحدها دون البقية والعلاقة لا تتعدى شراء الجرابات او الدواء والشعيبيات وسندويشة فلافل وصفك لحركة السوق بحمص بيدل اديه فشل النظام بتأمين حاجيات القرى والمناطق المحيطة بالمدن، وبدل من تطوير الريف قام بتخريب المدن وصناعة فروق اكبر ضمن المدن نفسها وبين المدن والارياف
سليمان الطعان عزيزي نزار: عندي ملاحظة مهمة، أنا غادرت قريتي الشاوية في ريف منبج عام 1989م، واتجهت إلى حلب، حيث درست، ثم درّست في جامعة البعث بحمص حتى عام 2014م. حمص فيها اختلاف كبير مثلها مثل حلب، ولكن قلما تجد تنمرا من البيئة الحمصية نحو البدو والفلاحين، على خلاف حلب التي ربما تصل فيها نسبة النفور من أهل القرى والأرياف إلى درجة عالية جدا. بعد الثورة، وبخاصة في مناطق شمال سورية، وبين اللاجئين في تركيا، بدأت ألاحظ تكون ملامح هوية وطنية جامعة: الحلبي بدأ يزوج ابنته من غير الحلبي، الدمشقي لم يعد لديه ذلك الاعتزاز السابق بدمشقيته، والشاوي تخلى عن جزء كبير من تمركزه حول هويته القبلية. ثمة شيء ما يولد.
Ahmad Nazir Atassi سليمان الطعان بالتأكيد، سمعت هذا عن حلب. الاختلاط شيء ايجابي واصبح لزاما علينا ان نخرج من قواقعنا
Mikhail Wehbe نكهات مختلفة تشترك بقوتها. عوالم في محيط جغرافي ضيق (قلب المدينة). اما الاحياء الجديدة والقرى المتاخمة، شيء آخر. اذكر الحميدية وحارة بيت الرجوب ومحيط سيدي خالد والأسواق (المسقوفة وغير المسقوفة) والصناعة والمحطة والدبلان وبستان الديوان والخراب وزيدل وفيروزة والقصير والبحرة... كلها رجع أريجها بفضلك.
Ahmad Nazir Atassi Mikhail Wehbe اهلا بك. لكن لزيادة انعزال العوالم اقول ان الاحياء التي ذكرتها كانت وراء صيدلية الوالد في شارع حماة وكانت عالما خارج نطاق جغرافيتي تماما. كم اتمنى لو اني ضيعت نفسي هناك متل ما كنت اعمل بالحميدية وبستان الديوان
Hossam Al Chami أنا تنقلت في خمس مدارس كل مدرسة تختلف عن الاخرى درست في المرحلة الابتدائية في مدرسة اسمها القرية الصغيرة كانت مخملية جداً و الملفت هنا انك لا ترى فيها تكتلات بين الطلاب (شلل) و الإنتماءات الدينية او المناطقية تختفي بوجود المادة و الثراء ولكن الكلام يختلف كلياً في المدارس الحكومية و هنا ترى العجب الشامي يصادق الشامي و الريفي يصادق الريفي و المسيحين لوحدهم و في حال كان هناك صداقة بين مسيحي ومسلم و معظم الاوقات الصداقة بسبب الجيرة ، الصداقة تصبح مدعاة للفخر للاثنين ( انه شوف انا عندي صديق من غير ديانة ) و هاد بحد ذاته اعتراف بالاختلاف و عدم التعايش و الأمر نفسه في جامعة دمشق و سوق العمل و حتى للاسف ببلدان اللجوء و الشتات
Rami Homs رحلتك اليومية كانت اول مشوار اقوم به حين عودتي لحمص للزيارة . كنت اقضي ساعات و انا اهيم في هذه الاسواق ، كنت امشي بلا هدف سوى رؤية الشوارع و الناس و البضائع على الارصفة و في واجهات المحلات . ادخل شوارع فرعية لم ادخلها من قبل ابدا و لم اعلم انها بالاصل كانت موجودة .. تفرعات شارع حماة و شارع الحميدية.. لا تزال رائحة الشوارع و الناس و الآس المفرود على الارصفة عالقا في ذاكرتي الى الان
Lama Alogli شو ذكرتني بشغلات، هاد الجو نفسو عشتو بالتسعينات
Kasem Atassi نظير بدي احكيلك هالقصة: وقت كانت أمي بدها تطبخ جاج ،كان أبي يرفع السماعة و يدق لعمو فواز رحمه الله ، و يوصيه على جاج ... ما بعرف اديش اخدت القصة معي لفهمت انه عمو فواز صيدلاني مانه بياع جاج ، بس بكل بساطة صيدليته بسوق الجاج ، و يمكن ابي يهكل هم النزلة لسوق الجاج فيتوكل على ابوك ، بعدها الجاجات ياخدن الصبي تبعكن من صيدليتكم لصيديلية ابي ... هل القصة شخصية جداً ، بخكم العلاقة الرهيبة بين عائلتينا، و مالها علاقة بعمق البوست تبعك ، بس تذكرتها و حبيت احكيلك ياها...
6 كانون الثاني، 2021 - عن التنوع السوري
شكرا لكل من علق هلى بوستي الاخير عن ذكريات المراهقة في ثمانينات حمص واسواقها. بالتأكيد البوست فيه حنين وذكرينا لايام مضت. وبالتأكيد يشاركني كل الاصدقاء تلك الذكريات والحنين إليها. لكنني قصدت من البوست اشياء بالاضافة الى الحنين. لقد قصدت اثارة مجموعة اسئلة ١. تلك الكاسيتات التي كانوا يبيعونها على الرصيف لحفلات ومطربين لم نسمع بهم، لماذا كان سوقهم هامشيا الى تلك الدرجة. لماذا لم يعترف بهم التلفزيون او الراديو او شركات الانتاج. لماذا سيطرت على المنصات الوطنية موسيقى واغاني ومطربين معينين. ٢. لماذا كانت السوق هب المكان الوحيد الذي يلتقي فيه هذا التنوع؟ هل كان هذا التنوع مكروها او منبوذا؟ ام انه مثل اي تنوع في اي مجتمع، ليس من الضروري ان يلتقي ويتعارف. ٣. هل التنوع الذي تحول الى كراهية في الحرب شيء يجب التخلص منه حتى نتفادى حربا مشابهة، ام ان الحرب تعتاش على تحويل التنوع الى كراهية. ٤- هل كان التجانس في هوية وطنية واحدة سيحمينا من الحرب. هل شروط الحداثة من قومية واحدة وثقافة واحدة وهوية واحدة مصممة لتمنع الحرب ام لتشرعن وجود الدولة نفسها. ٥- تتكلم النظريات الحديثة عن القومية كأساس للدولة الحديثة، وتجعل السوق الوطنية الموحدة والمتشابكة شرطا مسبقا لانتاج القومية. وهل الحرب كانت بسبب فشلنا في انتاج القومية الموحدة؟ ٦- ولو قبلنا بفرضية ان التجانس في العالم الحديث فضيلة، فاية ثقافة مرت في تلك السوق الحمصية مؤهلة لتكون الثقافة الموحدة؟ ٧- واخيرا فان اغلب من علق كان من ابناء مدينة حمص. لم يعلق اي شخص ليقول انا كنت ذلك الولد الماسك للشعيبيات والماشي قرب تلك السيدة القروية التي غابت في زحمة شارع حماة، او انا ذلك الشاب الذي اشترى الكاسيت. ذلك الصوت لا يزال يعتقد ربما ان بوستي ليس المنصة التي تناسبه.
حسام الدين درويش أنا كنت وما زلت "الولد" الذي يحب الشعيبيات ويأكلها كلما استطاع إلى ذلك سبيلا مع المامونية والقيمق أو اللبة والجبنة المشلشلة أو المسنَّرة. يسعد صباحك ومساك
Oussama Al-chami من باب الفضول ومن صداقتي مع العمال البسطاء، تعرفت على محتويات الكثير من هذه الأشرطة التي تباع بواسطة بائعي البسطات. المغنين شعبين والأغاني ذات الحان شعبية. وكلها أغاني تغنى بالأعراس الشعبية بين السورين في الريف وفي مناطق التكدس المخالف حول دمشق مثلا. يعني مثلا مغني أبو عبده كعبور. صوته لا قيمة فنية له. أهم شيئ في الأغنية ضرب الطبل والدربكة. يعني غير جدير إطلاقا حتى بإذاعة خاصة مخصصه للأغاني الساذجة. هؤلاء البسطاء يحبون أغانيهم البسيطة جدا والتي تغنى في اعراسهم. وكلاماتها ولحنها شعبي جدا جدا. 😀😀
Mayez Jandali الدول لاتقوم على القومية وقد فشلت القومية في المانيا وتعرف نتائج الحروب التي خاضتها . والدول اليوم تقوم على المواطنة والمساوات بالحقوق لكل المكونات بغض النظر عن الدين او العرق . وما ذكرته في مقالك عن حمص لايمثل قوميات مختلفة ولكن يمثل طبقات اجتماعية مختلفة والاعراق الموجودة ليس لها برنامج سياسي يجمعها والتخلف هو القاسم المشترك بينها جميعاً وسوريا لم تخض التجارب السياسية للدولة وليس لديها مؤسسات راسخة وليس هناك فكر سياسي منتج محليا وانما افكار مستوردة من دول سبقتنا في تجاربها السياسية . والموضوع بحاجة الى مجلدات لتوضيح ماذكرته انت في صفحة واحدة . تحياتي لك .
Hala Atassi هذا الانقسام في المجتمع السوري و الفئات المختلفة التي تعيش جنبا الى جنب دون تخالط او اندماج كانت تثير انتباهي و استغرابي خلال زياراتي لسوريا في فترة مراهقتي. الصداقات و العلاقات الاجتماعية المسموحة كانت تقتصر على شريحة معينة و كأنو نوعا ما كلهم من الاقرباء. اذكر أني و اختي مرة في الرمال الذهبية تعرفنا على أشخاص من فئة مختلفة عن فئتنا. و عندما أردنا دمجهم في جمعات و سهرات أقربائنا ثار هؤلاء و طردوهم و نابنا الكثير من اللوم و التوبيخ. مع إنّو الجماعة ما كأنو لا زعران و لا سيئون. أظن ان الثلاثين سنة الاخيرة في سوريا مع التكاثر السكاني و العولمة و الهجرات و شبه الانفتاح الاقتصادي احدثت تغيرات كبيرة في المجتمع و غيرت حدود و معالم الفروقات . حتى الفروقات لم تعد في الوضوح الذي تكلمت عنه في ذكرياتك. ثم مع عند التمعن أظن ان هناك فروقات في جميع المجتمعات. عندما انظر في فرنسا حيث اسكن هذه الفروقات موجودة بشكل واضح جدا بين طبقة المثقفين المتعلمين الباريسية المنحدرين من أسر برجوازية و بين المزارعين الصغار في القرى النائية او العمال ذو المستوى التعليم المتدني و الذين يسكنون الضواحي. فهم أيضا يعيشون في عوالم مختلفة لا تلتقي. و في السنوات الاخيرة تراجع دور الجمهورية و المدارس الحكومية في دمج الناس. و أظن ان هذا هو الحال منذ الازل ما عدى فترات قصيرة كالثلاثين سنة بعد الحرب العالمية الثانية التي نمت وهم التجانس في المجتمع. ربما الفروقات في دول العالم الثالث تبدو أوضح في المظهر الخارجي.
Ahmad Nazir Atassi Hala Atassi الاختلافات موجودة في مل المجتمعات هلا كما ذكرت عن فرنسا وغيرها. انا اتساءل لماذا الاختلاف تحول الى كره. هل هناك حد للتحانس والاختلاف لا يحب تخطيه ان ان الحرب تجيش كل شيء لاغراضها
Hala Atassi Ahmad Nazir Atassi أظن ان سبب هذا الكره هو قسوة الشرق و جبره و عدم اعتراف الأفراد بالتساوي بالإنسانية مع الآخرين. كم كان يألمني طريقة التعامل من البعض مع من يعتبرهم من فئة اقل. حتى من عانى من هذا التميز يتعامل مع الآخرين بنفس الجبر و التجريد من الانسانية عندما تسمح له الفرصة. اكيد التعالي و شوفة الحال و حتى الفوقية موجودة في جميع المجتمعات لكن ليس بنفس الطريقة. هذه النظرة للآخر لم ألمسها في الغرب الا عند العنصريين المتشددين تجاه الاجناس الأخرى. ربما اخلط الأمور لا اعرف كيف اعبر ليس بنفس الطريقة لكن بطريقة مشابهة
Ali Rekmani
فقط بخصوص "شرطان" الأعراس والنور، يشابه أمرها موسيقى الراي الجزائرية والتي بقيت مغيبة لزمن طويل عن وسائل الإعلام الوطنية لاعتبارها سوقية ودون المستوى ثم انطلقت عالمياً من فرنسا.
Ahmad Nazir Atassi Ali Rekmani مشابهة حلوة علي، ما فكرت فيها ابدا. رح روح استمع لنزيد من تلك الاغاني Cheb Hasni - Badala maâdi zhar سليمان الطعان لا يوجد فضاءات عامة يلتقي فيها الناس إلا السوق، فلا توجد في مدننا ساحات واسعة، ولا حدائق عامة محترمة. تنظيم المدينة في بلادنا قام على أساس العائلة والطائفة والعشيرة، واستمر هذا حتى الآن. الدولة نفسها في الفترة الأسدية عززت هذا الانقسام المجتمعي، فمثلا ابن عكرمة لا يلتقي بابن باب السباع أو الإنشاءات إلا في السوق فقط، لعدم وجود مساحات مشتركة. بالنسبة للأعراس وأشرطة الكاسيت، جرى تهميش الثقافة الشعبية في مرحلة معينة لصالح رؤية نخبوية، حاول النظام فرضها على المجتمع. المشكلة أن المجتمع رفض هذه الثقافة المفروضة بقوة أجهزة الدولة، فكانت هناك سوق ثقافية موازية للسوق الرسمية، وقد رأينا صعودا كبيرا لمطربي الثقافة الشعبية في السنوات الماضية.
Ahmad Nazir Atassi سليمان الطعان اتفق معك. العجيب ان الاسد ذو الاصول الريفية روح لثقافة فنية نخبوية مدينية.
يوسف الحسن بيدك حق وارجو أن تصدقني كنت سأكتب وجاء من شغلني عن ذلك،كنت سأكتب الآتي: وأنا كنت ذاك الصبي المذعور والمندهش في كل شيء من زحمة السيارات والبشر وتنوع الأشكال والموضات أحث أبي لأن نصل إلى باب الجامع الكبير لاتناول الشعيبات (كان أهل ضيعتي يسمونها المقرنات لان لها ثلاث قراني=زوايا ) عن البسطات المتواجدة هناك.
Ahmad Nazir Atassi يوسف الحسن اكيد التقينا وما تعرفنا. صحة عليك الشعيبيات المقرنات. كنت ولا ازال اعتبرهم اتقل اكبة في الدونيا رغما انها تجذب مثل المغناطيس خاصة اذا كانت ساخنة.
يوسف الحسن اما بالنسبة لتساؤلاتك فانا ارى ان جميع الكائنات الحية واولهم البشر عند مصالحهم يعقدون التسويات ويقدمون التنازلات فابناء الريف ليس لهم سوى المدن لتأمين احتياجاتهم وابناء المدينة ليس لهم سو ىابناء الريف ليستهلكوا بضائعهم مع العلم ان الطرفين كل منهم يتكلم عن الآخر بسلبية وأحيانا بكراهية .من هنا كانت اهمية السوق كمكان للتفاعل المجتمعي .أما موضوع التنوع والتجانس فهكذا حديث هو ضرب من الخيال لن تجد أخا متوافقا أو متطابقا مع اخيه فمابالنا بمجتمعات لا حصر لاختلافاتها.سيبقى المجتمع المتمدن المبني على أسس من الاعتراف في التنوع والمساواة في الحقوق والواجبات هو الصمان الوحيد لحفظ المجتمع والأفراد.واخيرا بوستك وصفحتك صالحتان للنقاش لانك تتحدث بشفافية ولو اختلفت وجهات النظر.
Ahmad Nazir Atassi يوسف الحسن اتفق معك تماما. اعتقد ان التنوع غنى مهما كان. واتمنى ان تستمر الصفحة كمنطقة محايدة ومشجعة على الحوار.
Mahmoud Jisri 1- ربما لم نسمع ببعضهم كما أننا لم نسمع بكثير من الفرق اليوم حتى مع سهولة الانتشار والوصول ولكن هناك عوامل ذوقية وجغرافية وتسويقية ولا اعتقد ان سوقهم كان هامشيا فالانتشار كان كبيرا لتلك المحلات والبسطات في تلك الفترة وكان مناسبا لعدد الجمهور. لماذا لم يعترف بهم التلفزيون؟ الإجابة هي القوة التسويقية وربما الاستبداد السياسي الذي امتد لكل أجهزة الدولة والتلفزيون والصحافة هي من تلك الاجهزة. 2- السوق كانت المكان الرئيسي لأنه ببساطة كان هذا دورها في ذلك الزمان وكان ذلك التنوع مثل أي تنوع في أي مجتمع له محبيه وغيرهم. ناس تسميها موسيقى وتسلية وناس تسميها فن هابط (مثل أغنية بنت الجيران حاليا) 3- المستبد السياسي يخلق وسيخلق كراهية بشكل مستمر بين الناس وسيخوف الناس من بعضها حتى يكسب جنود او على الاقل يلهيهم. لاحظ دول فيها خليط كبير ولكن بما انه القانون عادل فكلهم متعايشين. 4- العدل هو ما يحمي من حرب والظلم والاستبداد سيقسم اقوى المجتمعات تجانسا وهذه المفروض تصبح بديهية. 5- الفشل كان بسبب فشل العدل وسقوط القانون مقابل الاشخاص وانتشار الظلم والفساد. 6- ليس بالضرورة أن يكون التجانس فضيلة ولكن العدل هو الفضيلة وهو الذي يحكم ويضبط التجانس. 7- كنت ذلك الولد الذي تجول في تلك المنطقة لشهور طويلة (شارع حماه) وشاهدت الشرطة العسكرية تضرب الشباب ضربا مبرحا وشاهدت الشرطة ترتشي والتموين يصادر البسطات البسيطة (لسرقتها وتوزيعها بينهم) وغيرها من الذكريات.
11 أيار 2018، عن النسيج العمراني والاجتماعي في دمشق
حارتنا في ركن الدين: صناديق إسمنيتة بشوادر
5 شباط 2020، هل الشعب السوري شعب واحد؟
هل يصطادني الأستاذ حازم نهار أم أني أقحم نفسي في جدال أنا أخترعه. يبدو أنه يبادر ويكتب وأنا أعلق على وأناقش ما يكتبه. وذلك لسبب أساسي، وهو أن ما يكتبه شديد الأهمية. كما قلت سابقاً إننا نحن السوريين نعيد إنتاج المعارف المتعلقة بالمجتمع والشعب والدولة والسياسة من جديد. إننا نبدأ من الصفر، وذلك لأن كل ما عرفناه وألفناه انتهى، ولا بد لنا من إيجاد بدائل. وهنا يفرض السؤال نفسه: هل هناك وصفات جاهزة أم يجب علينا اختراع كل شيء من جديد؟ هل هناك وصفات جاهزة لتشكيل الدولة والأمة والشعب والمجتمع، أم أننا ندخل تجربة جديدة بالكامل تجبرنا على إعادة إنتاج المعرفة التي ترافق هذه التشكيلات مثل دولة وأمة وغيرها؟ العلوم الإجتماعية إشكالية إلى حد كبير فهي لا تكتشف قوانين كونية ثابتة. ما ندرسه في جماعة بشرية ما قد لا نجده في جماعة أخرى لندرسه. المفاهيم الإجتماعية (السياسية والإقتصادية والسوسيولوجية) المبنية على أساس أحد المجتمعات قد لا تعني شيئاً في مجتمعات أخرى. إنتاج المعرفة هنا يصبح صعباً ومحفوفاً بالمخاطر. فإذا اخترعت مفهوم الدولة الديمقراطية لدراسة المجتمع السياسي في أمريكا، ثم نقلته مجتمعات أخرى لدراستها فقد تكون النتيجة واضحة منذ البداية. هذه المفهوم غير موجود في المجتمع الآخر، وهنا إما أن أحكم على ذلك المجتمع بأنه ناقص أو أتركه لوحده. وغذا تركته لوحده فقد ينتج معارفاً لفهم نفسه وقد لا ينتج. وإذا اضطر هذا المجتمع لإنتاج معرفة عن نفسه فإنه لن يجد إلا المفهوم الأمريكي عن الديمقراطية وسيستنتج أنه ليس مجتمع فاشل لأنه لا يملك الديمقراطية. تعميم المعرفة الإجتماعية أمر في غاية الصعوبة والخطورة فقد تكون هذه المعرفة مسيئة ومهدمة. هذا ينطبق على مفاهيم مثل شعب وأمة ومجتمع ودولة. إنها مفاهيم غربية وتعريفاتها تنطبق على المجتمعات الغربية. وعندما ننقلها إلى غير مجتمعات المنشأ فهل نحلل وننتج معرفة أم أننا ننتج عقد نقص. وهل تفيدنا هذه المفاهيم أم تنقل إلينا جدالات لا علاقة لنا بها. الفضاء المعرفي غير المناسب يؤدي إلى التخبط. إننا نبحث عن الشيء في غير مكانه ولذلك فلن نجده. التعميم يكون في المتشابهات. حتى يكون مفهوم الشعب ممكنا في شرق المتوسط فيجب أن يكون في شرق المتوسط شيء يشبه فرنسا حيث تم اختراع مفهوم الشعب. جميع التجمعات البشرية تشترك مع بعضها بكونها تجمعات لكائنات متشابهة إلى حد كبير. نحن لا نقار تجمعات ضفادع مع تجمعات ذئاب. البشر يشبهون بعضهم البعض جينياً بنسبة 95%. هذا تشابه مهول. لكن في نفس الوقت فإن تشابه الأفراد جسديا لا يعني بالضرورة تشابه الجماعات. فالجماعات كائنات (أو منظومات) جديدة تنبثق عن التجمع لكنها نوعياً مختلفة عن صفات أفرادها. وهذا نسميه الإنبثاق. الجماعة تختلف وجودياً (أنطولوجياً) عن أفرادها. وهذا ما يجعل الحياة فريدة ومثيرة. هناك دائماً شيء جديد لم يكن موجوداً قبل. لكن هذا الشيء الجديد يحمل معالم كانت موجودة في المكونات الاقدم. كل التجمعات البشرية قائمة على التعاطف والتعاون، وكلها تستخدم اللغة لتبادل المعلومات، وكلها تسعى للبقاء، وكلها تكوّن لنفسها هوية وقواعد وحدود وقنوات تواصل مع الخارج. ويمكن أن أقول أن كل التجمعات البشرية تشترك بكونها منظومات من أسرة واحدة من المنظومات، وأعني منظومات إجتماعية تنتج الأولاد والثروات والهوية وتدافع عن نفسها وتتبادل خبراتها بالتعليم والتواصل عبر اللغة. وهذا ما يجعلها مختلفة عن تجمعات الغزلان أو الخيول أو الديدان. تحديد المشترك والمختلف أساسي لوضع تعاريف مناسبة تنتج معرفة توائم الواقع وتمكن من فهمه وتوقع حركته. هذه المعرفة أسميها النموذج الوصفي أو التمثيلي. النموذج الوصفي عبارة عن مفاهيم وعلاقات تحاكي الواقع. مفاهيم مثل الشعب والأمة والمجتمع والدولة تنتمي إلى نموذج وصفي يمكن تسميته بالمنظومة المجتمعية الغربية الحديثة. وهي مفاهيم مرتبطة ومتعلقة بمفاهيم أخرى تنتمي إلى نفس المنظومة مثل الصناعة والرأسمالية والليبرالية والثورة العلمية والفردانية. وهذه المفاهيم لا تعيش في عالم الأفكار فقط بل لها تاريخ. إنها مرتبطة بواقعها ليس فقط كوصف بل كمحاكاة صالحة في كل لحظة حتى يوم تتفكك تلك المنظومة.أي ان هذه المفاهيم هي متغيرات ضمن الديناميكية التاريخية للمجتمعات الموصوفة. بالنسبة لنا فإن هذه المفاهيم مستوردة مرت عبر فلتر الترجمة اللغوية وعبر فلتر الإنتقال من منظومة إجتماعية إلى منظومة أخرى. ولها في مجتمعاتنا تاريخها الخاص بالإضافة الى تأثرها بتاريخ المفاهيم المقابلة في المنظومات الغربية سابقة الذكر. وهذا يجعل الدراسة أعقد، لأننا نحتاج إلى دراسة المفاهيم وتاريخها في منظومتين مختلفتين. لناخذ مثلاً مفهوم الأمة. المصطلح قديم ومستخدم في القرآن بعدة معان. ومن الممكن أن يكون تعريباً لكلمة سريانية (عمّ) والتي تعني عموم الناس (عامة). ومن الواضح أن أحد معانيها القرآنية هي "غير اليهود". المعنى الآخر هو المجموعة التي تجتمع على شيء مثل اللغة أو الدين أو الثقافة يميزها عما سواها من المجموعات (أمة من الأمم، أمة الفرس، أمة العرب، أمة محمد، أمة الإسلام).والبعض يقول الأمة هي الجماعة التي تخضع لشريعة واحدة (كما جاء في وثيقة المدينة "المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب أمة واحدة من دون الناس"، "يعود بني عوف أمة مع المؤمنين") وبعضهم يزيد "شريعة دينية واحدة". وفي العصر الحديث نجد مثلاً في ديوان إبراهيم اليازجي تعبير "أمة العرب" و"أمة الترك"؛ بينما لا نجد في كتاب الحلاق البديري الاقدم إلا تعبير "أمة محمد" (عينة غير ممثلة لكل الإنتاج الأدبي ماقبل القرن العشرين). اليوم الأمة تقوم مقام nation الغربية أي الجماعة التي لها أصل واحد ولها دولة تمثل لغتها وثقافتها (القومية)؛ كما تستخد الأمة كمصطلح ديني-قومي للدلالة على أهل الإسلام (باعتباره جماعة متشابهة ويجب أن تكون لها دولة). أي أن الأمة اليوم مرتبطة بوجود الدولة. وأعتقد أن هذا نقل جيد للمفهوم الغربي nation المشتق من كلمة لاتينية تعني المولد والأصل الواحد، والذي دل بدءاً من القرن التاسع عشر على مجموعة لها أصل واحد ولغة واحدة وأرض واحدة تحكمها دولة واحدة ترمز إلى هذه العناصر الموحدة. كلمة شعب أيضاً موحودة في القرآن وتعني القبيلة الكبيرة أو مجموعة من القبائل المتحالفة، واستخدمت حديثاً لترجمة كلمة people الغربية المشتقة من اللاتينية والتي كانت تعني الناس، عامة الناس، العوام (نقيض الخاصة). ويبدو أن اليسار استخدم المصطلح للتعبير عن المواطنين في الدولة (وغالباً في تناقض مع الطبقة الغنية). هذا يعني أن المصطلحين شهدا تحولاً في معناهما (الغربي) للدلالة على الناس تحت حكم الدولة الحديثة (دولة التمثيل والمواطنة والقومية، ودولة عموم الناس وليس فقط الخاصة من الأغنياء والمتنفذين). ونجد هذه المعاني والدلالات في المقابل العربي للمصطلحين فقط في وجود المقابل العربي للدولة الغربية الحديثة. أي أن نموذج الدولة الحديثة وخطابها انتقلا إلى بلادنا في القرن التاسع عشر وما بعده. ولذلك فإن المرجعية هي الدولة الحديثة. ومع نشوء المنظومة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الدولة الحديثة (القومية، الوطنية، التمثيلية، التعاقدية) هي السائدة وهي المعيار وهي أساس الإنتماء إلى المنظومة الممثلة بالأمم المتحدة.فإذا قلنا "شعب سوري" فنحن بالتأكيد نحيل إلى دولة سورية وقومية سورية ووطن سوري ودستور سوري (العقد الإجتماعي). لكن هذه الدولة-الوطن-القومية-العقد نشأت بقرار دولي وليس بقرار محلي. سوريا أصبحت سوريا لأن الأمم المتحدة اعترفت بها، ولأن فرنسا صنعتها قبل ذلك على نفس الشاكلة. ولن نتحدث عن سوريا العهد الفيصلي فهي لم تكون معرّفة بشكل ثابت ومستمر. هناك عنصر غير محلي في تعريفنا لبلد مثل سوريا، وأعني القرار الكولونيالي أو القرار الدولي. مهما صرخ السوريون بأنهم عرب (مهما كان تعريف العروبة) أو فينيقيين او كرد أو أي شيء آخر فإنهم في النهاية سوريون لأن القرار الدولي قال أنتم سوريون. وهذا القرار الدولي يشمل الإقرار بوجود دولة سورية ووطن سوري وقومية سورية ودستور سوري. فنحن سوريون لأننا نعيش تحت حكم دولة إسمها الدولة السورية وضمن حدود أرض أقر المجتمع الدولي تسميتها بسوريا وننتمي إلى اصل واحد سوري ونلتزم بعقد إجتماعي اسمه الدستور السوري. كيف يمكن ان نكون شعب سوري بقرار خارجي. كيف بمكن ان نكون شعب سوري اذا لم نكن ابدا ومنذ البداية الا مجرد تعريفات مفروضة. انها فعلا مجرد لعبة لغوية. الشعب السوري كمفهوم هو اختراع فرنسي فكيف نكون ما لم نكنه ابدا. ولماذا نقرر اننا فشلنا في شيء لم يكن موجودنا عندنا اصلا. عندما استوردنا المفهوم والمصطلح والتطبيق جاء في دفتر المواصفات وكتاب المستخدم سورية دولة قومية حديثة. لكن هذا الشيء المستورد مختلف عن الواقع. الشعب السوري مجرد مصطلح موجود في دفتر المواصفات وليس على ارض الواقع. من جهة اخرى، بوجود مثل هذا المعيار، هل يمكن أن نقول بأن التعريف فرض علينا فرضاً واننا لم نختره ولم نتقمصه بالكامل. هذا يعني أن هناك بلد (دولة-قومية-وطن-عقد) مثالي تمتزج فيه هذه المكونات وتتحدد بقرار داخلي محلي. هل فرنسا هي خيار الفرنسيين (القومية) الذي دخلوا طوعاً في عقد إجتماعي واحد (الدستور) لأنهم من أصل واحد (القومية) ويعيشون على ارض الاجداد (الوطن) وتحكمهم دولة تمثلهم؟ اعتقد أنه ضرب من الإيمان الميتافيزيقي أن نقبل بمثل هذه المعادلة المعقدة (دولة=شعب/أمة=أرض=عقد طوعي). بالطبع وإلا لما كانت الإيديولوجيا القومية (التي تتكلم عن هذه المماهاة) ضرباً من الإيمان. طيب إذا رفضنا هذه المعادلة المتخيلة (واعني فعلاً المختلقة وغير الواقعية) فمن الذي قرر وجود شيء إسمه أرض فرنسا وامة فرنسية ودولة فرنسية ودستور فرنسي؟ في الحقيقة لا أحد. هذا هو الإنبثاق الذي تحدثت عنه في البداية. ظهرت منظومة إسمها منظومة الدول الحديثة وظهرت معها هذه المعادلة (الأيديولوجيا اساسية حتو ولو كانت مختلقة وغير واقعية). إذن لا يمكن تعريف اي شيء فرنسي دون السيرورة التاريخية التي أنتجت فرنسا كدولة قومية حديثة، أي المنظومة الفرنسية. قد أقول أن الدولة هي الاساس، أي ان الملك الفرنسي هو من صنع فرنسا الوطن والحدود، ونابليون هو من صنع المواطنين الفرنسيين والقومية الفرنسية، والجمهورية الثالثة هي من صنعت الدولة الفرنسية الحديثة والدستور الفرنسي. لكن هذا التفكير سببي (أ تقود إلى ب) لا يدعمه التاريخ كلياً. إنها فعلاً سيرورة تاريخية اشترك فيها الجميع. ولذلك كل ما يمكن قوله هو أن الشعب السوري، الدولة السورية، القومية السورية، الوطن السوري، الدستور السوري كانت (كمعادلة) محاولة غير ناجحة بدليل أننا اليوم نعيش واقعاً يخالف هذه المعادلة. أي أن السيرورة التاريخية التي أدت إلى حاضرنا لم تنتج الدولة القومية الحديثة على النمط الغربي. لكنه من الإجحاف أن نقول بأننا فاشلون (شعب فاشل، دولة فاشلة، قومية فاشلة، وطن فاشل، دستور فاشل). ومن الإجحاف أن نقول باننا لسنا شعباً سوريا كعلامة على الفشل. لسنا شعباً سورياً لان السيرورة التاريخية التي بدات مع الإنتداب وكان المقصود منها إنتاج دولة قومية حديثة لم تنجح حسب المعايير الغربية. لسنا شعباً سورياً لأننا لم نكن يوماً شعباً سورياً ولأننا لم نختر يوماً أن نكون شعباً سورياً، لم نمتلك قرارنا ولم نمتلك تاريخنا. وكل ما أستطيع ان اقوله هو، إيه طز شو يعني، اعتبرها زواج وفرط، عصابة وفرطت، شركة وفرطت. إن السيرورة التاريخية التي أنتجت فرنسا لا تشبه تماما تلك التي أنتجت الولايات المتحدة ولا ألمانيا، وهي بالتأكيد مختلفة عن تلك التي أنتجت الهند أو الصين أو البرازيل أو تركيا. وماذا عن الكويت أو السعودية أو الإمارات، يا لطيف لا يمكن المقارنة. ولذلك فإن أية مقارنة مع اي معيار هي محاولة لأن نكون ذلك المعيار، أن نفرضه على أنفسنا وأن نحس بالذنب والفشل إذا انتهينا بحرب أهلية. هل يجب ان نعترف أن الكويت نجحت كدولة حديثة ونحن فشلنا. لبنان مثال أفضل. هل العراق دولة قومية ناجحة. وهل الولايات المتحدة دولة قومية ناجحة لأن الشمال حسم الحرب الأهلية مع الجنوب لصالحه؟ هل فرنسا المهاجرين وألمانيا المهاجرين تشبهان فرنسا والمانيا ما قبل الهجرات الكثيفة؟ هل الدولة القومية لا تزال المعيار؟ وهل سنقبل بالتصنيفات الغربية (دولة فاشلة، دولة نص نص، دولة هشة، دولة فارطة) القائمةعلى اساس الدولة القومية. إذا أردت أن تكون مثل فرنسا 1950 وتعتقد أن نقل هذه المفاهيم سيؤدي إلى نفس النتيجة فأهلاً وسهلاً، حاول، لا مانع، ليس أمامنا إلا المحاولة. لكن وبما أننا هنا أمام خراب جرّف كل شيء (الحرب عفشت الممتلكات والمؤسسات والشعب والمجتمع) فإننا نبدأ من جديد. هل ستعود سوريا السابقة بقرار دولي أو ستكون هناك عدة دول كل واحدة باسم جديد أو كلها اسمها سوريا لكن بمعادلات مختلفة؟ النظام طرح مشروعه وهو سوريا بنفس الارض وبدولة تابعة لكن بعدد أقل من السكان وبهوية قومية مختلفة وبعقد مشابه لما كان (العبودية للنظام)، وسماه سوريا المفيدة. هناك أخرون طرحوا مشروع سوريا كإقليم تركي، وهناك سوريا الفيدرالية، وهناك الدويلات الطائفية والقومية، وهناك سوريا كإقليم عراقي وآخر لبناني. وفي كل حالة ستبدأ سيرورة تاريخية مختلفة ولا نعرف إن كانت ستقود إلى دولة قومية على النمط الغربي أم إلى شيء جديد (ربما فاشل وربما ناجح). ما هو مشروعك؟ أتوجه إلى الجميع، ما هو مشروعكم؟ سيأتي يوم وأختار مشروعي ويختار كل منا مشروعه (إذا لم نضطر إلى القبول بمشروع من الخارج مفروض فرضاً). لكن إذا كان مشروعك هو سوريا ما قبل 2011 مع بعض التعديلات (خاصة في الدولة والدستور) فعليك أن تقبل بكل من يقول أنا سوري، حتى ولو كان مؤيداً للنظام. وإذا كان مشروعك سوريا مفيدة أخرى فعليك أن تفعل مثلما فعل النظام، حدد من ستقتل ومن ستهجر. أن تكوّن شعباً (دولة، أمة، ...) مع أي جماعة أخرى فهو خيار وليس حقيقة كونية أزلية. المعادلة كلها تفككت، ولا يمكن القول بأننا لسنا معادلة دولة لأننا لم نكن شعباً. لا أحد يكوّن شعباً مع جاره دون قبول. الإيمان بالأيديولوجيا القومية قد يكون عنوان القبول. لكن القومية كحقيقة خارج التاريخ، فهذا ضحك على اللحى (حتى ولو زعم أندرسون أنها موجودة وليست خيالية)، إنها متخيلة بمعنى خرافية وغير موجودة ومصطنعة.
حازم نهار
كيف يمكن أن نكون شعبًا؟ نحن السوريين لسنا شعبًا، لكن بإمكاننا أن نكون. و"سوريتنا" التي نتغنى بها مصدرها الأرض السورية التي نعيش عليها فحسب، وهذا لا فضل لنا فيه. وكي نكون شعبًا فهذا يحتاج إلى جهد وصناعة وصناّع، أي يحتاج إلى عملية بناء، وهذه تتطلب سياسة وفكرًا بالدرجة الأولى. فهل نكون؟
قد يكون هذا الكلام صادمًا أو قد يرى فيه بعضنا شيئًا من "الفذلكة"، أو على الأقل ليس وقته، بخاصة في زمن القتل والتدمير والتهجير. لكن في الحقيقة ليست هناك ممارسة في الواقع إلا وثمة رؤية تقبع خلفها، تؤسس لها وتفسرها؛ فالبؤس الفادح الذي تتكشف عنه معظم الممارسات الراهنة ليس إلا مجرد تجلٍ لبؤس أكثر فداحة في الرؤية والثقافة السائدة. في اعتقادي، هناك ضرورة لإعادة تعريف وبناء كلمات ومقولات عديدة بديهية متداولة، مع العلم أنه ليس هناك ما هو أصعب من دحض وتغيير معاني البديهيات القابعة في رؤوسنا، على الرغم من كونها الأكثر غموضًا والتباسًا. ومنها مفاهيم الأمة والشعب والوطن والدولة والمجتمع المدني. فكلمة "شعب" هي كلمة بديهية متداولة وتستخدم للدلالة على مجموعة من البشر التي تقطن في بقعة ما، ولذلك نردِّد جميعًا من دون حرج تعبير "الشعب السوري" كتوصيف للقاطنين على الأرض السورية. نحن لم نكن شعبًا طوال خمسين عامًا، أي لم يشكل السوريون شعبًا سوريًا بالمعنى الحديث، وكانت الثورة الفرصة الفريدة الوحيدة التي يمكن لها أن تحوِّل السوريين إلى شعب. فالنظام السوري لم يكن في أي لحظة معنيًا بالتعامل مع السوريين بوصفهم شعبًا، وأعاق تحولهم من جمع وخليط بشري إثني وديني ومذهبي إلى شعب بكل الطرق، خاصة أنه لم يخلق هوية وطنية سورية، وحطّم جنين الدولة الوطنية التي تشكلت بعد الاستقلال. هناك من يستخدم تعبير "شعب واحد"، وهذا لا يضيف شيئًا، لأن هذه الصفة الملحقة "واحد" لا معنى لها؛ فكلمة الشعب تتضمن في حد ذاتها معنى الوحدة والتماسك. هذه الإضافة تشبه تفسير الماء بالماء، فهي لا تضيف شيئًا للموصوف. أما تعبير "شعب سوري" فكي يكون مقبولًا وواقعيًا ينبغي أن يكون الأصل، أي معنى مفهوم الشعب ذاته، مدركًا. وللتدليل على أن هذا المفهوم البديهي غير مدرك، أذكر حادثة حضرتها بنفسي في اجتماع "المعارضة السورية" التوحيدي في القاهرة في تموز 2012 الذي شاركت فيه كل القوى والكتل وحضرته نحو 250 شخصية، وكنت وقتها في لجنة صوغ الوثائق المؤلفة من 15 عضوًا. فقد أصر البعض في اللجنة على ذكر تعبير "الشعب الكردي" كجزء من الشعب السوري في الوثيقة، وبعدها أصر البقية على ذكر ما يوازي ذلك من تعابير، مثل "الشعب التركماني" و"الشعب الآشوري"، حتى خرجت الوثيقة هزيلة ومضحكة، بل ومثيرة للاشمئزاز والشفقة، بخاصة عندما تقول: يتألف الشعب السوري من الشعب العربي والشعب الكردي والشعب التركماني والشعب الآشوري.. في سورية... إلخ. الضحالة الفكرية لا يمكن إلا أن تنتج الكوارث والمهازل على المستوى السياسي، ولاحقًا في الممارسة. كذلك، على المستوى النظري، أليس غريبًا مثلًا أن يتحدث الكثير منا عن شعب سوري ومجتمع سوري ودولة سورية في حين يرفضون أي حديث عن "أمة سورية". فتعبير "الأمة" يبدو مقتصرًا على "الأمة العربية" و"الأمة الإسلامية". على الرغم من أن مفاهيم "الشعب" و"الأمة" و"الدولة" و"المجتمع المدني" و"الوطنية" هي مفاهيم مترابطة، ولا معنى لأي منها من دون الأخريات. الخطاب السياسي السائد متناقض ومشوش وغير متماسك، ولا شك أن هشاشته وضحالته تجلبان بالضرورة الكوارث على مستوى الممارسة والسلوك والواقع. في الحقيقة، يفيدنا العلم السياسي الحديث بأنه يمكن الحديث عن وجود عدة مجتمعات في دولة واحدة، كالمجتمع البدوي والريفي والمديني، لكن لا يمكن الحديث عن شعوب في دولة واحدة. فالحديث عن مجتمعات يأتي في سياق علم الاجتماع بينما الحديث عن شعوب يصب في علم الاجتماع السياسي وعلم السياسة. وبالتالي، فالحديث عن عدة شعوب في دولة ما ليس له من معنى سوى أن هذه الدولة مؤلفة من عدة دول. الشعب مفهوم سياسي يُشكِّل "المجتمع المدني" أساسه ومحتواه، أي هو الصيغة السياسية للمجتمع المدني، لأن التعددية والتنوع الحاضرين في المجتمع المدني تحتاجان في المستوى السياسي إلى "وحدة" ممثلةً بمفهوم الشعب الذي تعبر عنه الدولة الوطنية. تحوّل الجماعة البشرية إلى شعب يعني أن هناك عملية تاريخية، واجبة وضرورية، لنقلها من التشظي والتذرر والتناحر إلى الوحدة، باعتبار أن "الوحدة" هي أساس مفهوم الشعب. في هذه العملية يتطور الفرد الطبيعي إلى كائن اجتماعي، ومن ثم إلى مواطن، وتتطور الجماعة البشرية إلى مجتمع، ومن ثم إلى مجتمع مدني، وهذا الأخير يشكل جوهر وجود الشعب. أي من دون مجتمع مدني لا يمكن الحديث عن شعب، كما لا يمكن الحديث عن وجود الدولة الوطنية. ففي غياب المجتمع المدني، الذي يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية، يتحول البشر إلى سديم أو كتل إثنية وعشائرية ومذهبية، ويغيب مبرر الحديث عن شعب. الشعب مفهوم سياسي يرمز إلى "وحدة المتنوع"، أي هو التعبير السياسي عن وحدة المجتمع المدني المبني على التعدد والتنوع. لذلك، عندما يهيمن على عقولنا الحديث عن مسلمين ومسيحيين ويهود وعرب وكورد وآشوريين وتركمان وعشائر وعائلات، فإن ذلك يعني أن مفهومي المجتمع المدني والشعب غائبان، لأن هذا الخليط لا يساوي شعبًا، على الرغم من وجوده في بقعة واحدة. الشعب ليس مفهومًا عدديًا أو إحصائيًا، أي ليس مجرد جمع حسابي من البشر، ما يعني ضرورة التمييز بين مفاهيم الشعب والسكان والمجتمع العادي أو التقليدي، تمامًا كما نميِّز بين علم السياسة وعلم الإحصاء وعلم الاجتماع. هذا يعني أن كلمة "شعب" تحتاج إلى تعب وجهد وبناء وصناعة. كي نكون شعبًا ينبغي الإيمان بضرورة إطلاق عملية اندماج وطني واجتماعي، أي القيام بكل العمليات الضرورية، السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية، التي تأخذنا من حالة المجتمعات التقليدية أو السديم البشري أو الجماعات المغلقة المتناحرة إلى حالة المجتمع المدني والشعب بمعناهما الحديث. وهذا الاندماج لا يعني بالتأكيد الصهر والتذويب بل الانتقال إلى الحالة الوطنية التي تعني "وحدة المتنوع"، فهو لا يهدف إلى إلغاء الطوائف والعشائر والإثنيات التي لا يمكن إلغاؤها أصلًا، إنما إلى تجاوز العلاقات الطائفية والمذهبية والدينية والإثنية إلى علاقات أوسع، علاقات مدنية وسياسية تتناغم مع مفهومي المجتمع المدني والشعب. وهو ما يعني ولادة دولة حديثة على أساس المواطنة، لا على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي. ليست هناك مشكلة في الحديث عن أمة سورية، طالما أننا نستطيع الحديث عن مواطن سوري ومجتمع مدني سوري وشعب سوري ودولة سورية. فمفهوم الأمة هو التعبير الثقافي عن وجود المجتمع المدني، والشعب هو التعبير السياسي عن الأمة والمجتمع المدني على السواء. صحيح أنه لا شيء من هذه التسميات له وجود واقعي حقيقي اليوم، لكن يمكن تجسيدها في المستقبل، والخطوة الأولى في هذا الطريق الصحيح تتمثل بإدراكها والإيمان بها. 27 حزيران/ يونيو 2013
حازم نهار
دائمًا تقدم فوائد وإضافات مهمة على النص المكتوب عزيزي نظير. الحقيقة استمعت بقراءة ما كتبته، وأوافقك على نسبة كبيرة مما جاء في كتابتك، والجزء الآخر يثير التحريض على التوضيح والكتابة في موضوعات ذات صلة، وهذا مهم جدًا... مهم من حيث إبقاء الحوار مفتوحًا لمزيد من بلورة أفكار نحن في حاجة شديدة لها. لعل النقطة الأهم في كتابتك هي "نحن السوريين نعيد إنتاج المعارف المتعلقة بالمجتمع والشعب والدولة والسياسة من جديد. إننا نبدأ من الصفر"، نعم هو كذلك، ورغمًا عن أنفنا، وليتنا (خصوصًا المعارضة السورية) نعترف جميعًا بهذه الحقيقة. - أعتقد عزيزي أنه من دون وجود الدولة بمعناها الحديث من غير الممكن أن يتحول السكان في بقعة جغرافية إلى شعب. - مفهوم الشعب لا يفترض التجانس أبدًا، لكنه يفترض الوحدة، والوحدة تختلف عن التجانس: التجانس معناه تماثل أفراد الشعب وجماعاته، وهذا وهم، بينما المقصود بالوحدة هو ظهور الشعب موحدًا سياسيًا أمام الدولة الواحدة، وبمعنى آخر لا نستطيع بوجود الدولة الواحدة الحديث عن عدة شعوب بل عن شعب واحد. كذلك بوجود الدولة الواحدة لا نستطيع الحديث إلا عن مواطن واحد حقوقيًا وسياسيًا، لا نستطيع بوجود الدولة السورية إلا أن نقول بوجود مواطن سوري حقوقيًا وسياسيًا، ولا نستطيع الحديث عن مواطن عربي ومواطن كردي ومواطن تركماني في سورية. - (الوحدة) بالمعنى السياسي هي أساس وجود الشعب والدولة معًا، وهي المعيار الأساسي للإقرار بوجودهما، فعندما يظهر الشعب مقسمًا إثنيًا وطائفيًا لا يمكن أن نسميه شعبًا. والهدف الذي أطرحه هو كيف نتوحد سياسيًا أو نندمج سياسيًا في دولة واحدة كي نتحول إلى شعب بالمعنى السياسي. ووحدة الشعب بالمعنى السياسي لا تعني أبدًا تجانس وتماثل أفراده ومجموعاته، بل هي ما يمكن تسميته بـ (وحدة المتنوع).
Ahmad Nazir Atassi
هل يا ترى أعطيت جواب سؤالك عن كيفية التوحد عندما قلت "دون وجود دولة من غير الممكن أن يتحول السكان إلى شعب"؟ أوافقك في جميع ما قلت. لا أعتقد أن وجود الغثنيات والطوائف يلغي وجود الشعب إلا في حالة عدم اعترافهم بالمواطنة إلا عن طريق الهوية الأخرى. قد أكون اختزالياً لكني أعتقد أننا نكون شعباً عندما نقبل بأن نكون شعباً. أي عندما نقبل بالتعايش السلمي وفق عقد إسمه الدولة (ليس الدستور)، دولة القانون (أعتبر الدستور والقانون شيء واحد). وعندما تتحول الدولة إلى كيان منفصل يقتلنا فليس من الممكن أن نكون شعباً ايضاً. التعايش والدولة كعقد تعايش، لا ينفصلان ولا أولية أو أولية للواحد على الآخر. طبعاً يمكن أن تكون هناك دولة دون تعايش، وهذه كانت حالتنا، ولذلك لم نكن شعباً.
حازم نهار
Ahmad Nazir Atassi نعم عزيزي أعتقد عبارتك "دون وجود دولة من غير " الممكن أن يتحول السكان إلى شعب" هي النقطة التي أريد الوصول إليها في نهاية المطاف، والتحريض على وضعها نقطة مركزية: من واجب النخب السياسية والثقافية في سورية الذهاب باتجاه بناء دولة وطنية ديمقراطية حديثة.
عندما تتحول الدولة إلى عصابة فنحن امام احتمالين: اذا كان لدينا ثقافة وطنية عريقة قبل هذه العصابة سنبقى شعبًا وستكون آثار العصابة ضعيفة، أما اذا لم نعرف في تاريخنا الدولة الوطنية والثقافة الوطنية وحكمتنا عصابة فإنها تحولنا الى شظايا متناثرة للأسف.
Ahmad Nazir Atassi
حازم نهار أعتقد أن الإحتمال الثاني هو ما حدث، فنحن شظايا متناثرة. في هذه الحالة كيف نبدأ عملية بناء الدولة والشعب في وقت واحد. هذه معضلة هائلة. ولذلك سأقترح فكرة لن يرضاها أحد. النظام لا يزال يملك الأرض والدولة، ولذلك لا مفر من التعامل معه. لا أعني مفاوضات وتطبيع وإنما محاولات لسحب الدولة منه أو عزلها عنه. التطبيق الإنتقائي للعقوبات قد يساعدنا. وتشجيع القطاع الخاص المتوسط السوري أيضاً سيساعدنا. يجب إقناع الروس أن يستثمروا فينا وليس في النظام. إنهم قوة بطش لكنهم يسعون وراء المصاري وليس وراء إستعمال كولونيالي. الروس سيفرضون أتاوات على المرافئ والمعابر، لكنهم على الأقل لا يهتمون بالحفاظ على شبكة المحسوبية التي تشكل النظام. مجرد فكرة. يجب أن ناخذ بعين الإعتبار حتى الافكار الشيطانية أو المجنونة. نحن في وضع مجنون. الشعب انتهى والدولة سنتنتهي ويبقه وجه النظام الكالح.عجيب كيف أننا دائماً نبدأ بفرضية أننا مختلفون في الفهم وننتهي بحقيقة أننا مختلفون فقط في التعبير. الفكرة أصبحت موجودة عند كثيرين (عدا جماعة تركيا).
حازم نهار
كل هذه الوسائل، وغيرها أيضا، مشروعة وضرورية. لكن السؤال هو من سيقوم بذلك؟
أعتقد أن أول مهمة هي بناء نخبة سياسية ثقافية وطنية سورية متماسكة.
هذه النخبة غير موجودة، ولو كانت موجودة لكانت خسائرنا أقل كثيرًا. فهذه النخبة هي التي تستطيع إدارة الصراع، وهي القادرة على السير خطوات للأمام لبناء أوليات ثقافة وطنية، وهي التي يمكن أن يكون لها رصيد معنوي جامع لدى السوريين، بما يجعل بناء الدولة الجديدة أمرًا ممكنًا..
انظر عزيزي إلى وضع "المثقفين" و"السياسيين" في سورية وخارجها... لدينا كارثة حقيقية على هذا المستوى: هناك فصل مطلق بين الثقافة والسياسة لدى "النخب" وهذه مشكلة، لدينا سياسيون لا يقرؤون أبدًا، ولدينا مثقفون لا علاقة لهم بالواقع، لدينا صفات أنانية جدًا تملأ رؤوس المثقفين، وولدنات وتكتيكات فارغة وتافهة لدى السياسيين، لدينا تنافس سلبي بين الجميع، وكره وحالة من عدم الاحترام بين المثقفين، وبين السياسيين..... إلخ.
أعتقد أن خطوة بناء نخبة سياسية ثقافية وطنية سورية متماسكة مقدمة ضرورية ومركزية لكل المهمات الأخرى...
أحلم حقًا ودائمًا بتعاون الكثيرين لانجاز الخطوة هذه...