«عدوك، شريكك، حليفك، صديقك»: الفرق بين المراجعتين
(أنشأ الصفحة ب'25 كانون الأول، 2012 عدوك، شريكك، حليفك، صديقك من يعمل في الصراع على السلطة ولا يستطيع التفريق...') |
|||
سطر ١: | سطر ١: | ||
− | 25 كانون الأول، | + | 25 كانون الأول، 2015 |
عدوك، شريكك، حليفك، صديقك | عدوك، شريكك، حليفك، صديقك | ||
من يعمل في الصراع على السلطة ولا يستطيع التفريق بين هؤلاء ودرجات كثيرة لما بينهم فهو في المكان الخطأ وقد يدفع الثمن غالياً. في الأزمة السورية الحالية حيث تفتت الأمة والدولة والمجتمع لم يعد من السهل معرفة الصديق من العدو لأن الأيديولوجيا الجامعة وهي الوطنية سقطت. فنحن اليوم نقاتل أهل بلدنا ونعتبر أنه لا تجمعنا بهم رابطة وأن العلاقة بيننا صفرية في مجال التعايش وتوزيع الثروة والتشارك في السلطة. لا نستطيع أن ننتصر إلا إذا خسروا ولا ينتصرون إلا بخسارتنا. لا يوجد تعريف أفضل للعدو من هذا. لكن الأمور ليست بهذه البساطة فسنجد أنفسنا قريباً شركاء في مفاوضات من أجل التعايش أو تقاسم المساحة الجغرافية نفسها. لا بل سنكون شركاء في الدولة. وفي مواجهة عدو خارجي قد نصبح يوماً حلفاء وربما أصدقاء. لكن لنفرض من أجل التبسيط أن الاسد وجماعته أعداؤنا فمن هم شركاؤنا وحلفاؤنا وأصدقاؤنا: كيف أحكم مثلاً على شخص مثل زهران علوش أو على تيار كامل مثل السلفية الجهادية أو النسخة الشيوعية من القومية الكردية التي يمثلها البي يى دى، على دولة متورطة مثل السعودية أو قطر أو إيران، وعلى دولة متسلطة مثل أمريكا أو روسيا. حتى التصنيفات الأربعة أعلاه لا تكفي لتصنيف هؤلاء وغيرهم كثر. لكن لنأخذ زهران علوش كمثال باعتبار أنه لاقى حتفه في عملية تشبه التراجيديا الإغريقية ولا بد من استخلاص الدروس. الأسد عدونا، كما افترضنا، وعلوش يحارب الأسد، فهل يصبح أتوماتيكياً صديقنا؟ علوش يمثل أيديولوجيا لا تقبل بالآخر المختلف وتعتبره كافراً وعدواً لله وغير مستحق حتى للحياة. علوش يرفض الديمقراطية والعلمانية وحتى فكرة مجلس الشعب، وهي الفكرة الأبسط في المشاركة في الحكم. إنه يريد أن يفرض علينا ما يعتقد بأنه شرع الله وأوامره ويعتقد بأنه يد الله يضرب بها الكفار. علوش لم يضرب ”الكفار“ العلمانيين فقط ويضعهم في سجونه، لا بل ضرب أصدقاءه الإسلاميين واغتالهم ووضعهم في السجون وعذبهم إلى الموت. علوش لم يفرض علاقة صفرية على السوريين العلمانيين فقط وإنما على السوريين الإسلاميين المنافسين له على السيطرة المطلقة على دوما، ”ولا تخافوا كله بفتوى“. كعلماني ألا يجعل هذا علوش من أعدائي؟ إنه عدو لكل من يخالفه الرأي وليس وحدي فقط. وهو بهذا يشترك مع الأسد ومع كثيرين من الجهاديين في سوريا. ومقتل علوش يجب أن يكون صيحة تنبيه لهم جميعاً. إعرفوا عدوكم من شريككم من حليفكم من صديقكم. في أسوأ الأحوال نحن شركاء في ثورة على الظلم ونحن حلفاء ضد نظام قاتل ومجرم، وسنكون شركاء في وطن وأصدقاء على أعداء خارجيين وحلفاء على أعداء سياسيين وكل ما يمكن أن تقدمه الحياة من تعقيدات على مصطلح العدو والصديق. دخلتم الثورة دون استئذان وفرضتم منهاجكم في التسليح والعمل العسكري وجئتم بحلفاء خليجيين يكرهون الثورات وأعلنتم أن أفكاركم من عند الله وأن من لا يقبل بها كافر يستحق القتل. فكيف تريدون منا أن نكون شركاء أو حلفاء، باعتبار أن صفة أصدقاء أصبحت مستحيلة باعتباركم. علوش أنشأ كانتوناً ديكتاتورياً في الغوطة ولم يكن فقط ”يقاوم الأسد“. عين أخاه وابن عمه في المناصب الحساسة وأهل بلده دوما فيما دونها من مناصب. استغل حصار النظام لدوما واحتكر المواد الأساسية وباعها للناس بسعر أغلى. صفى كل الكتائب التي تنافسه واعتقل معارضيه وعذبهم واغتال أفراداً منهم كما ظهر أخيراً. علوش أنشأ دويلة فاشلة على مثال دويلة حماس في غزة. علوش وأمثاله يعتقدون أنهم الصح المطلق وأن دويلة صغيرة محاصرة يملكونها أحسن من دولة وطنية للجميع. هذا هو منهاج حماس وهذا هو منهاج داعش وهذا هو منهاج جبهة النصرة وهذا هو منهاج كثير من الجهاديين في سوريا. كلهم مشاريع دويلات صغيرة تعتبر نفسها الفرقة الناجية. بالنسبة لي كسوري يحلم بدولة للجميع فإن هؤلاء يعتقدون أن وجودي خطر عليهم (يرفضون مصطلح القومية وحتى الوطنية) فنعود عندها إلى العلاقة الصفرية. هؤلاء ليسوا حلفاء ولا شركاء ولا أصدقاء. فماذا يبقى لكي أستنتجه؟ علوش وأمثاله مأجورون عند دول الخليج لا يرفعون قشة دون موافقتها. وعندما يحصلون على المال والموافقة والسلاح يتحولون إلى أسود لا يهمها أحد، وحوش تتحدث عن نصر الله القريب وعن كرهها للديمقراطية وفرضها لشرع الله ”شاء من شاء وأبى من أبى“. وعندما تتسكر الحنفية يلتفون على مناطقهم ”المحررة“ ويكتمون أنفاس ساكنيها ويقولون ”في انتظار نصر الله فهو ناصر أمته“. لا يستطيعون أن يدفعوا عن مواطنيهم هجمات طيران الاسد. وكل ما يستطيعونه هي بهلوانيات إعلامية من نمط الأقفاص لا تعبر إلا عن عجزهم على أرض الواقع. علوش لم يرض بأن يعترف بعجزه وبأن دوره انتهى. حاول أن يقيم دويلته الصغيرة لكن دوره انتهى قبل أن يتربع على العرض الصغير. هل يعرف هؤلاء الجهلاء بأن دول الخليج يكرهون الثورات أكثر من كرههم لإيران وبشار الأسد. هل يعرف هؤلاء الجهلاء أنهم يحاربون حرب السعودية وقطر وليس حربهم أو حرب الثورة. هل يعرف هؤلاء أن أية قطعة سلاح وأية طلقة ذخيرة محسوبة عليهم في دفاتر أمريكا ولو جاءت عن طريق قطر أو السعودية ثم يتبجحون بحربهم على الصليبية والماسونية. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر لن تسمح لهم بالوصول إلى الحكم عبر ثورة على الحاكم وولي الأمر. سلفية هؤلاء لا تختلف عن سلفية السعودية الوهابية التي تحرم الخروج على ولي الأمر مهما كان السبب. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر ستقودهم إلى طاولة المفاوضات مع الاسد وقد تستخدمهم وقوداً في حربها على داعش أو روسيا أو إيران. أن تكون أجيراً للسعودية في ثورة كأن تكون أجيراً لإيران في ثورة مضادة، في النهاية أنت لا تخدم إلا مموليك. عندما تعتقد أن مال الخليج من فضل الله يغنيك عن أهل بلدك فأنت غافل جاهل. يقولون القانون لا يحمي الجهلاء وهذا ينطبق على قانون السياسة. علوش كان أحد الجهلاء الذيي قضى عليهم قانون السياسة. من جاء بإحداثيات قنطار هو الذي جاء بإحداثيات علوش. روسيا كانت فقط المنفذ. هذا هو الإتفاق الذي تم بين روسيا وإيران وأمريكا والسعودية. السعودية استهلكت علوش ثم وقعت أمر موته. التفاوض مع الأسد أحد بنود الإتفاق. ومن أجل ذلك يجب إيجاد مناطق آمنة للفرقاء. علوش، مثل الزبداني كان منافساً للأسد في منطقته ولهذا تم التخلص منه. اعرفوا عدوكم من شريكم من حيلفكم من صديقكم قبل أن يفوت الأوان علينا جميعاً. | من يعمل في الصراع على السلطة ولا يستطيع التفريق بين هؤلاء ودرجات كثيرة لما بينهم فهو في المكان الخطأ وقد يدفع الثمن غالياً. في الأزمة السورية الحالية حيث تفتت الأمة والدولة والمجتمع لم يعد من السهل معرفة الصديق من العدو لأن الأيديولوجيا الجامعة وهي الوطنية سقطت. فنحن اليوم نقاتل أهل بلدنا ونعتبر أنه لا تجمعنا بهم رابطة وأن العلاقة بيننا صفرية في مجال التعايش وتوزيع الثروة والتشارك في السلطة. لا نستطيع أن ننتصر إلا إذا خسروا ولا ينتصرون إلا بخسارتنا. لا يوجد تعريف أفضل للعدو من هذا. لكن الأمور ليست بهذه البساطة فسنجد أنفسنا قريباً شركاء في مفاوضات من أجل التعايش أو تقاسم المساحة الجغرافية نفسها. لا بل سنكون شركاء في الدولة. وفي مواجهة عدو خارجي قد نصبح يوماً حلفاء وربما أصدقاء. لكن لنفرض من أجل التبسيط أن الاسد وجماعته أعداؤنا فمن هم شركاؤنا وحلفاؤنا وأصدقاؤنا: كيف أحكم مثلاً على شخص مثل زهران علوش أو على تيار كامل مثل السلفية الجهادية أو النسخة الشيوعية من القومية الكردية التي يمثلها البي يى دى، على دولة متورطة مثل السعودية أو قطر أو إيران، وعلى دولة متسلطة مثل أمريكا أو روسيا. حتى التصنيفات الأربعة أعلاه لا تكفي لتصنيف هؤلاء وغيرهم كثر. لكن لنأخذ زهران علوش كمثال باعتبار أنه لاقى حتفه في عملية تشبه التراجيديا الإغريقية ولا بد من استخلاص الدروس. الأسد عدونا، كما افترضنا، وعلوش يحارب الأسد، فهل يصبح أتوماتيكياً صديقنا؟ علوش يمثل أيديولوجيا لا تقبل بالآخر المختلف وتعتبره كافراً وعدواً لله وغير مستحق حتى للحياة. علوش يرفض الديمقراطية والعلمانية وحتى فكرة مجلس الشعب، وهي الفكرة الأبسط في المشاركة في الحكم. إنه يريد أن يفرض علينا ما يعتقد بأنه شرع الله وأوامره ويعتقد بأنه يد الله يضرب بها الكفار. علوش لم يضرب ”الكفار“ العلمانيين فقط ويضعهم في سجونه، لا بل ضرب أصدقاءه الإسلاميين واغتالهم ووضعهم في السجون وعذبهم إلى الموت. علوش لم يفرض علاقة صفرية على السوريين العلمانيين فقط وإنما على السوريين الإسلاميين المنافسين له على السيطرة المطلقة على دوما، ”ولا تخافوا كله بفتوى“. كعلماني ألا يجعل هذا علوش من أعدائي؟ إنه عدو لكل من يخالفه الرأي وليس وحدي فقط. وهو بهذا يشترك مع الأسد ومع كثيرين من الجهاديين في سوريا. ومقتل علوش يجب أن يكون صيحة تنبيه لهم جميعاً. إعرفوا عدوكم من شريككم من حليفكم من صديقكم. في أسوأ الأحوال نحن شركاء في ثورة على الظلم ونحن حلفاء ضد نظام قاتل ومجرم، وسنكون شركاء في وطن وأصدقاء على أعداء خارجيين وحلفاء على أعداء سياسيين وكل ما يمكن أن تقدمه الحياة من تعقيدات على مصطلح العدو والصديق. دخلتم الثورة دون استئذان وفرضتم منهاجكم في التسليح والعمل العسكري وجئتم بحلفاء خليجيين يكرهون الثورات وأعلنتم أن أفكاركم من عند الله وأن من لا يقبل بها كافر يستحق القتل. فكيف تريدون منا أن نكون شركاء أو حلفاء، باعتبار أن صفة أصدقاء أصبحت مستحيلة باعتباركم. علوش أنشأ كانتوناً ديكتاتورياً في الغوطة ولم يكن فقط ”يقاوم الأسد“. عين أخاه وابن عمه في المناصب الحساسة وأهل بلده دوما فيما دونها من مناصب. استغل حصار النظام لدوما واحتكر المواد الأساسية وباعها للناس بسعر أغلى. صفى كل الكتائب التي تنافسه واعتقل معارضيه وعذبهم واغتال أفراداً منهم كما ظهر أخيراً. علوش أنشأ دويلة فاشلة على مثال دويلة حماس في غزة. علوش وأمثاله يعتقدون أنهم الصح المطلق وأن دويلة صغيرة محاصرة يملكونها أحسن من دولة وطنية للجميع. هذا هو منهاج حماس وهذا هو منهاج داعش وهذا هو منهاج جبهة النصرة وهذا هو منهاج كثير من الجهاديين في سوريا. كلهم مشاريع دويلات صغيرة تعتبر نفسها الفرقة الناجية. بالنسبة لي كسوري يحلم بدولة للجميع فإن هؤلاء يعتقدون أن وجودي خطر عليهم (يرفضون مصطلح القومية وحتى الوطنية) فنعود عندها إلى العلاقة الصفرية. هؤلاء ليسوا حلفاء ولا شركاء ولا أصدقاء. فماذا يبقى لكي أستنتجه؟ علوش وأمثاله مأجورون عند دول الخليج لا يرفعون قشة دون موافقتها. وعندما يحصلون على المال والموافقة والسلاح يتحولون إلى أسود لا يهمها أحد، وحوش تتحدث عن نصر الله القريب وعن كرهها للديمقراطية وفرضها لشرع الله ”شاء من شاء وأبى من أبى“. وعندما تتسكر الحنفية يلتفون على مناطقهم ”المحررة“ ويكتمون أنفاس ساكنيها ويقولون ”في انتظار نصر الله فهو ناصر أمته“. لا يستطيعون أن يدفعوا عن مواطنيهم هجمات طيران الاسد. وكل ما يستطيعونه هي بهلوانيات إعلامية من نمط الأقفاص لا تعبر إلا عن عجزهم على أرض الواقع. علوش لم يرض بأن يعترف بعجزه وبأن دوره انتهى. حاول أن يقيم دويلته الصغيرة لكن دوره انتهى قبل أن يتربع على العرض الصغير. هل يعرف هؤلاء الجهلاء بأن دول الخليج يكرهون الثورات أكثر من كرههم لإيران وبشار الأسد. هل يعرف هؤلاء الجهلاء أنهم يحاربون حرب السعودية وقطر وليس حربهم أو حرب الثورة. هل يعرف هؤلاء أن أية قطعة سلاح وأية طلقة ذخيرة محسوبة عليهم في دفاتر أمريكا ولو جاءت عن طريق قطر أو السعودية ثم يتبجحون بحربهم على الصليبية والماسونية. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر لن تسمح لهم بالوصول إلى الحكم عبر ثورة على الحاكم وولي الأمر. سلفية هؤلاء لا تختلف عن سلفية السعودية الوهابية التي تحرم الخروج على ولي الأمر مهما كان السبب. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر ستقودهم إلى طاولة المفاوضات مع الاسد وقد تستخدمهم وقوداً في حربها على داعش أو روسيا أو إيران. أن تكون أجيراً للسعودية في ثورة كأن تكون أجيراً لإيران في ثورة مضادة، في النهاية أنت لا تخدم إلا مموليك. عندما تعتقد أن مال الخليج من فضل الله يغنيك عن أهل بلدك فأنت غافل جاهل. يقولون القانون لا يحمي الجهلاء وهذا ينطبق على قانون السياسة. علوش كان أحد الجهلاء الذيي قضى عليهم قانون السياسة. من جاء بإحداثيات قنطار هو الذي جاء بإحداثيات علوش. روسيا كانت فقط المنفذ. هذا هو الإتفاق الذي تم بين روسيا وإيران وأمريكا والسعودية. السعودية استهلكت علوش ثم وقعت أمر موته. التفاوض مع الأسد أحد بنود الإتفاق. ومن أجل ذلك يجب إيجاد مناطق آمنة للفرقاء. علوش، مثل الزبداني كان منافساً للأسد في منطقته ولهذا تم التخلص منه. اعرفوا عدوكم من شريكم من حيلفكم من صديقكم قبل أن يفوت الأوان علينا جميعاً. |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٥٣، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩
25 كانون الأول، 2015
عدوك، شريكك، حليفك، صديقك من يعمل في الصراع على السلطة ولا يستطيع التفريق بين هؤلاء ودرجات كثيرة لما بينهم فهو في المكان الخطأ وقد يدفع الثمن غالياً. في الأزمة السورية الحالية حيث تفتت الأمة والدولة والمجتمع لم يعد من السهل معرفة الصديق من العدو لأن الأيديولوجيا الجامعة وهي الوطنية سقطت. فنحن اليوم نقاتل أهل بلدنا ونعتبر أنه لا تجمعنا بهم رابطة وأن العلاقة بيننا صفرية في مجال التعايش وتوزيع الثروة والتشارك في السلطة. لا نستطيع أن ننتصر إلا إذا خسروا ولا ينتصرون إلا بخسارتنا. لا يوجد تعريف أفضل للعدو من هذا. لكن الأمور ليست بهذه البساطة فسنجد أنفسنا قريباً شركاء في مفاوضات من أجل التعايش أو تقاسم المساحة الجغرافية نفسها. لا بل سنكون شركاء في الدولة. وفي مواجهة عدو خارجي قد نصبح يوماً حلفاء وربما أصدقاء. لكن لنفرض من أجل التبسيط أن الاسد وجماعته أعداؤنا فمن هم شركاؤنا وحلفاؤنا وأصدقاؤنا: كيف أحكم مثلاً على شخص مثل زهران علوش أو على تيار كامل مثل السلفية الجهادية أو النسخة الشيوعية من القومية الكردية التي يمثلها البي يى دى، على دولة متورطة مثل السعودية أو قطر أو إيران، وعلى دولة متسلطة مثل أمريكا أو روسيا. حتى التصنيفات الأربعة أعلاه لا تكفي لتصنيف هؤلاء وغيرهم كثر. لكن لنأخذ زهران علوش كمثال باعتبار أنه لاقى حتفه في عملية تشبه التراجيديا الإغريقية ولا بد من استخلاص الدروس. الأسد عدونا، كما افترضنا، وعلوش يحارب الأسد، فهل يصبح أتوماتيكياً صديقنا؟ علوش يمثل أيديولوجيا لا تقبل بالآخر المختلف وتعتبره كافراً وعدواً لله وغير مستحق حتى للحياة. علوش يرفض الديمقراطية والعلمانية وحتى فكرة مجلس الشعب، وهي الفكرة الأبسط في المشاركة في الحكم. إنه يريد أن يفرض علينا ما يعتقد بأنه شرع الله وأوامره ويعتقد بأنه يد الله يضرب بها الكفار. علوش لم يضرب ”الكفار“ العلمانيين فقط ويضعهم في سجونه، لا بل ضرب أصدقاءه الإسلاميين واغتالهم ووضعهم في السجون وعذبهم إلى الموت. علوش لم يفرض علاقة صفرية على السوريين العلمانيين فقط وإنما على السوريين الإسلاميين المنافسين له على السيطرة المطلقة على دوما، ”ولا تخافوا كله بفتوى“. كعلماني ألا يجعل هذا علوش من أعدائي؟ إنه عدو لكل من يخالفه الرأي وليس وحدي فقط. وهو بهذا يشترك مع الأسد ومع كثيرين من الجهاديين في سوريا. ومقتل علوش يجب أن يكون صيحة تنبيه لهم جميعاً. إعرفوا عدوكم من شريككم من حليفكم من صديقكم. في أسوأ الأحوال نحن شركاء في ثورة على الظلم ونحن حلفاء ضد نظام قاتل ومجرم، وسنكون شركاء في وطن وأصدقاء على أعداء خارجيين وحلفاء على أعداء سياسيين وكل ما يمكن أن تقدمه الحياة من تعقيدات على مصطلح العدو والصديق. دخلتم الثورة دون استئذان وفرضتم منهاجكم في التسليح والعمل العسكري وجئتم بحلفاء خليجيين يكرهون الثورات وأعلنتم أن أفكاركم من عند الله وأن من لا يقبل بها كافر يستحق القتل. فكيف تريدون منا أن نكون شركاء أو حلفاء، باعتبار أن صفة أصدقاء أصبحت مستحيلة باعتباركم. علوش أنشأ كانتوناً ديكتاتورياً في الغوطة ولم يكن فقط ”يقاوم الأسد“. عين أخاه وابن عمه في المناصب الحساسة وأهل بلده دوما فيما دونها من مناصب. استغل حصار النظام لدوما واحتكر المواد الأساسية وباعها للناس بسعر أغلى. صفى كل الكتائب التي تنافسه واعتقل معارضيه وعذبهم واغتال أفراداً منهم كما ظهر أخيراً. علوش أنشأ دويلة فاشلة على مثال دويلة حماس في غزة. علوش وأمثاله يعتقدون أنهم الصح المطلق وأن دويلة صغيرة محاصرة يملكونها أحسن من دولة وطنية للجميع. هذا هو منهاج حماس وهذا هو منهاج داعش وهذا هو منهاج جبهة النصرة وهذا هو منهاج كثير من الجهاديين في سوريا. كلهم مشاريع دويلات صغيرة تعتبر نفسها الفرقة الناجية. بالنسبة لي كسوري يحلم بدولة للجميع فإن هؤلاء يعتقدون أن وجودي خطر عليهم (يرفضون مصطلح القومية وحتى الوطنية) فنعود عندها إلى العلاقة الصفرية. هؤلاء ليسوا حلفاء ولا شركاء ولا أصدقاء. فماذا يبقى لكي أستنتجه؟ علوش وأمثاله مأجورون عند دول الخليج لا يرفعون قشة دون موافقتها. وعندما يحصلون على المال والموافقة والسلاح يتحولون إلى أسود لا يهمها أحد، وحوش تتحدث عن نصر الله القريب وعن كرهها للديمقراطية وفرضها لشرع الله ”شاء من شاء وأبى من أبى“. وعندما تتسكر الحنفية يلتفون على مناطقهم ”المحررة“ ويكتمون أنفاس ساكنيها ويقولون ”في انتظار نصر الله فهو ناصر أمته“. لا يستطيعون أن يدفعوا عن مواطنيهم هجمات طيران الاسد. وكل ما يستطيعونه هي بهلوانيات إعلامية من نمط الأقفاص لا تعبر إلا عن عجزهم على أرض الواقع. علوش لم يرض بأن يعترف بعجزه وبأن دوره انتهى. حاول أن يقيم دويلته الصغيرة لكن دوره انتهى قبل أن يتربع على العرض الصغير. هل يعرف هؤلاء الجهلاء بأن دول الخليج يكرهون الثورات أكثر من كرههم لإيران وبشار الأسد. هل يعرف هؤلاء الجهلاء أنهم يحاربون حرب السعودية وقطر وليس حربهم أو حرب الثورة. هل يعرف هؤلاء أن أية قطعة سلاح وأية طلقة ذخيرة محسوبة عليهم في دفاتر أمريكا ولو جاءت عن طريق قطر أو السعودية ثم يتبجحون بحربهم على الصليبية والماسونية. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر لن تسمح لهم بالوصول إلى الحكم عبر ثورة على الحاكم وولي الأمر. سلفية هؤلاء لا تختلف عن سلفية السعودية الوهابية التي تحرم الخروج على ولي الأمر مهما كان السبب. هل يعرف هؤلاء أن السعودية وقطر ستقودهم إلى طاولة المفاوضات مع الاسد وقد تستخدمهم وقوداً في حربها على داعش أو روسيا أو إيران. أن تكون أجيراً للسعودية في ثورة كأن تكون أجيراً لإيران في ثورة مضادة، في النهاية أنت لا تخدم إلا مموليك. عندما تعتقد أن مال الخليج من فضل الله يغنيك عن أهل بلدك فأنت غافل جاهل. يقولون القانون لا يحمي الجهلاء وهذا ينطبق على قانون السياسة. علوش كان أحد الجهلاء الذيي قضى عليهم قانون السياسة. من جاء بإحداثيات قنطار هو الذي جاء بإحداثيات علوش. روسيا كانت فقط المنفذ. هذا هو الإتفاق الذي تم بين روسيا وإيران وأمريكا والسعودية. السعودية استهلكت علوش ثم وقعت أمر موته. التفاوض مع الأسد أحد بنود الإتفاق. ومن أجل ذلك يجب إيجاد مناطق آمنة للفرقاء. علوش، مثل الزبداني كان منافساً للأسد في منطقته ولهذا تم التخلص منه. اعرفوا عدوكم من شريكم من حيلفكم من صديقكم قبل أن يفوت الأوان علينا جميعاً.