«العنف والسياسة»: الفرق بين المراجعتين
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) |
Faris.atassi (نقاش | مساهمات) (←4 شباط 2020، العنف والسياسة) |
||
سطر ١٢: | سطر ١٢: | ||
'''حسام الدين درويش''' | '''حسام الدين درويش''' | ||
− | + | ||
يسلمو نظير عالمتابعة | يسلمو نظير عالمتابعة | ||
أنا لا أقول بوجود أو بوجوب الفصل الكامل بين السلطة أو السياسة والعنف، لكنني أرى في المقابل التمييز بينهما وعدم القول بتماهيهما أو بذوبان أحدهما في الآخر، بحيث تكون السلطة عنفًا بالضرورة. ويبدو لي أنك تختزل السلطة في العنف عندما تقول "السلطة هي العنف". ولدي شكوك كبيرة في خصوص هذا الاختزال. | أنا لا أقول بوجود أو بوجوب الفصل الكامل بين السلطة أو السياسة والعنف، لكنني أرى في المقابل التمييز بينهما وعدم القول بتماهيهما أو بذوبان أحدهما في الآخر، بحيث تكون السلطة عنفًا بالضرورة. ويبدو لي أنك تختزل السلطة في العنف عندما تقول "السلطة هي العنف". ولدي شكوك كبيرة في خصوص هذا الاختزال. |
المراجعة الحالية بتاريخ ٢١:٣٦، ١٣ فبراير ٢٠٢٥
4 شباط 2020، العنف والسياسة
اقترح الصديق حسام الدين درويش فصل ما هو سياسي عن ما هو عنفي. صحيح ان الدولة تمتلك وتحتكر العنف المشروع وتستطيع ممارسته حتى وان لم يقبله الشعب، الا ان حسام يفضل ان يبقى مصطلح "سياسة" خاليا من ممارسة عنف الدولة. بالطبع هذه علوم اجتماعية ويمكن للكاتب او الباحث ان يضع التعريفات التي تناسبه. يمكن للباحث ان يقول ان السياسة هي سين والعنف هو عين واجتماعهما يعطي شيئا مختلفا. ويمكن للباحث ايضا ان يقول ان السياسة قسمان، سياسة دون عنف وسياسة باستخدام العنف. ويمكن للباحث ان يراعي في تعريفات مصطلحاته استخدامها العامي غير المتخصص. اعتقد ان حسام يريد ان يحافظ على السياسة كعمل مدني سلمي له قيمة اخلاقية ايجابية وبحيث يتوقف عن كونه سياسة اذا ارتبط بالعنف. فيمكن تسميته تسلطا، وهو مصطلح يحمل قيمة اخلاقية سلبية. وهذا يجعل الدعوة الى ممارسة السياسة ممكنة ويجعل السياسة جذابة وبالتالي قابلة للانعاش، وذلك في مجتمع اصبح يقرف حتى من كلمة سياسة، ويعتبر ان الحديث عن الحرب "حكي بالسياسة". اما في تعريفي للسياسة فقط راعيت نقطتين: الاولى ، تضمين الاستخدام الشعبي لمصطلح السياسة وعقلنته بحيث يمكن شرح انتقاله من كلمة وممارسة مرغوب فيهما الى تابو لغوي وعملي. انا اهتم بتطور المصطلحات واعتبر ان اي مفهوم هو عبارة عن متغير وليس ماهية ثابتة نعبر عنها بتعريف ثابت. وكمتغير فان اي مفهوم يستقر معناه عندما تستقر ممارسته ضمن منظومة مستقرة. من السهل اعطاء تعريفات ثابتة للمفاهيم حين تكون المنظومة السياسية مستقرة. لكن في حالات الانتقال والفوضى فان المفاهيم تعود الى طبيعتها كمتغيرات. العلوم الاجتماعية هي في العادة نتائج لدراسة المنظومات الاجتماعية المستقرة. ولذلك فانها تضطرب حين تضطرب المنظومات وتخرج عن الاستقرار. السياسة بالنسبة لي هي اي كلام او ممارسة او فكر بغرض الوصول الى منصب في الدولة، او تشغيل هذا المنصب، او التأثير في قراراته. لكننا نعرف ان الدولة السلطوية تغير معنى السياسة بحيث تتحول الى امتلاك السلطة وتصبح اية محاولة للوصول الى المنصب خارج لعبة السلطة جريمة تستحق الاعتقال التعسفي، اي استخدام العنف. مصطلح "سجين سياسي" يعبر ببلاغة عن ارتباط السياسة بالعنف في الدولة السلطوية. بالطبع يمكن التمييز بين السلطة والتسلط بحيث تدل السلطة على الحصول على القبول دون عنف، والتسلط يدل على الاكراه على القبول. وبالتالي يمكن ربط "السجين السياسي" بالتسلط بذلك نحرر كلمة سلطة من العنف ونسمح للدول التي تطبق القانون وتقدم الخدمات بأن تمارس السلطة دون ان نربط السلطة بالعنف. وعندها يمكن ان نتحدث عن التشريعية والسلطة التنفيذية وفصل السلطات، وكل تحيل الى القبول بالدولة دون اكراه. وهذا ما تحدث عنه حسام في بوسته الاخير. هذه مسألة تعريفات، لكنها انتاج للمعرفة عبر اللغة، وهي أداة معرفية اشكالية الى ابعد الحدود. في الرياضيات مصطلح المستقيم لا يتغير، وسين تعني شيئا واحدا لا يتغير. لكن اللغة جزء من المنظومة الاجتماعية. فكيف اعبر عن هذه المنظومة باستخدام احد متغيراتها. كذلك فان هناك اغراض اخرى واهمها محاولتنا التأثير في المنظومة. ولذلك فان معارفنا التي ننتجها ستراعي اهدافنا. اخيرا فاننا اعتبر العنف من اهم عناصر تكوين الدول وممارستها لعملها ومحافظتها على بقائها. ولا اريد ان يختفي عنف الدولة وراء تسميات مسالمة وسلمية مثل السياسة او السلطة. وهذا يخدم ايضا هدفي في اعتبار الدولة شرا لا بد منه يجب تطويعه. اني اعتبر ان قبول المواطنين لاوامر الدولة لمجرد انها تستحق الطاعة بفضل حسن ادائها لوظيفتها مقولة مشكوك فيها. انها تذكرني بالسلطة الكاريزمية التي تحدث عنها فيبر؛ و تذكرني بالشرعية والتي نعرفها بانها رضا الشعب عن الدولة وقبوله الانصياع لاوامرها لانها تخدمه. من جهة لا ازال اتصارع مع القيادة الكاريزمية وغير مقتنع بها؛ ومن جهة اخرى فمقالتي الاخيرة الطويلة تحاجج بان الشرعية مجرد ايديولوجيا ليست في اصل نشوء الدول واستمرارها. من خلال ملاحظاتي عن الحرب في سوريا وصلت الى قناعة ان الدولة تنشأ بالعنف واحتكاره. هذا الاحتكار شرط لازم لظهور الدولة، لكنه غير كافي. لم احد فطعيا الشرط الكافي، واخمن انه واحد من: السلطة، السياسة، تلبية الحاجات مثل الامان، الشرعية. حسام الدين درويش قسم السلطة الى نوعين، لكنه لم يعط تعريفا للسلطة مفترضا اننا متفقون جميعا على معناها. انا اعطيت تعريفا للسلطة بانها الحصول على الطاعة دون الحاجة الى ممارسة العنف. وهي لا تنشأ من تعليم او اعتراف بأحقية، وانما، على ما اعتقد، من التهديد بممارسة العنف او من ممارسته بشكل محدود لكن استعراضي. السلطة هي العنف، وهو يبقى تحت الضبط في دولة المؤسسات لكنه ينفلت من عقاله في الدولة السلطوية. لذلك كان لابد من الثالوث: السلطة، الدولة، العنف، وكان لا بد من وصل السياسة بالسلطة والعنف.
حسام الدين درويش
يسلمو نظير عالمتابعة أنا لا أقول بوجود أو بوجوب الفصل الكامل بين السلطة أو السياسة والعنف، لكنني أرى في المقابل التمييز بينهما وعدم القول بتماهيهما أو بذوبان أحدهما في الآخر، بحيث تكون السلطة عنفًا بالضرورة. ويبدو لي أنك تختزل السلطة في العنف عندما تقول "السلطة هي العنف". ولدي شكوك كبيرة في خصوص هذا الاختزال. ويمكن شرح منبع شكوكي من التمييز الذي تحدثت عنه في مقالي بين السلطة القائمة على الاعتراف بالجدارة والأحقية والسلطة القائمة على الإكراه/ العنف. وفي خصوص فهمي لما يعنيه مفهوم السلطة، فأستدرك عدم إفصاحي عن هذا الفهم بما يلي: السلطة هي امتلاك الصلاحية والقدرة على اتخاذ القرار و/ أو تنفيذه في مجال ما، و/ أو القدرة على التأثير في اتخاذ هذا القرار و/ أو تنفيذه. قد يكون العنف محايثًا لكل سلطة لكنه لا يلتهم كل ماهيتها. والتمييز بين نوعين أو أكثر من السلطة يستلزم التمييز بين أنواع من العنف. وهذا التمييز يتطلب على الأرجح أساسًا معياريًّا ما وليس مجرد أساسٍ وصفيٍّ. وبهذا المعنى، يمكن التمييز بين عنفٍ مقبولٍ و/ أو مسوّغٍ و/ أو معقولٍ وعنف غير مقبولٍ ولا مسوَّغٍ ولا معقولٍ. وسلطة الدولة تحتكر العنف المشروع من منظورٍ ما لكن قد تتجاوز تلك السلطة حدودها وتمارس عنفًا يتجاوز عنفًا غير مسوَّغٍ. وأظن أنه من الضروري التمييز بين المصطلح والمفهوم. فلكل شخص الحق في أن يصطلح على أمرٍ ما، ولكل مجال أو مفكر مصطلحاته الخاصة، لكن القرار الشخصي في المفهوم أقل بكثير، فالمفهوم ليس خاضعًا لنا، ولذا علينا أن نحاول سبر دلالاته الفعلية والممكنة، الموجودة بغض النظر، جزئيًّا ونسبيًّا عن اصطلاحاتنا. وأنا أتحدث عن مفهوم السلطة وليس عن مصطلح السلطة. خطر لي أنه من المعقول أن نتحاور بطريقة منهجية ومنظمة في هذا الخصوص بحيث نحوِّل حوارنا إلى نصٍّ نقاشيٍّ لا يقتصر على صفحات الفيسبوك بل يمكن نشره لاحقًا. (كما فعلت مع صديقتي الألمانية).