«العنف وتأثيراته»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(أنشأ الصفحة ب'=25 شباط 2018، ياسين الحاج صالح= منذ فترة كتب ياسين الحاج صالح عن ضرورة الاهتمام بدراسات الجينوس...')
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ١٩:١١، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤

25 شباط 2018، ياسين الحاج صالح

منذ فترة كتب ياسين الحاج صالح عن ضرورة الاهتمام بدراسات الجينوسايد او التطهير. واعتقد ان له عمل جديد بهذا الخصوص. لكن يمكن ان ادعو الى دراسات اوسع وهي المتعلقة بالعنف بشكل عام سواءا اثناء الحروب او اثناء التطهير او في الانظمة الديكتاتورية. هناك دراسات كثيرة عن العنف النازي، وعنف حروب جنوب امريكا الاهلية، وحرب فيتنام، ومجازر البوسنة، والتعذيب، وعنف الشرطة، وعنف عصابات الاحداث، وجرائم الشرف، وجرائم القتل الوحشية، وعنف الانتحاريين، وعنف حراس السجون، والعنف المنزلي، والعنف الطائفي، وعنف الحرب اللبنانية وعنف العنصرية في جنوب امريكا. في هذا الزمن الذي نعيش فيه، وفي حالتنا كسوريين، وفي معارك متكررة مثل معارك الغوطة، يجب ان نتحدث عن العنف والوحشية ونفهمهما من اجل وضع حد لهما. نتناقل اخبار بوستات تدعوا الى سحق الغوطة واهلها، ونمتلئ كراهية ونتصور ان الطرف المقابل مملوء حقدا شخصيا وكرها طائفيا ووحشية لا نعرف من اين اتت ونعتقد انها اما متاصلة في الخصم او سببها دينه او افكاره او عشيرته او طبيعة منطقة سكنه او ثقافته وتربيته او طبقته الاجتماعية. والطرف الاخر يرانا من منظار مشابه. ينتشر هذه الايام ادب الحصار وكذلك ادب السجون والاعتقال والتعذيب. هذه الاعمال توثق المعاناة الرهيبة للمسجون والوحشية المطلقة للسجان. ثم نرى صور الاشلاء تحت الانقاض ويملؤنا الغضب لاننا نرى اهلنا او اطفالنا مكانهم ونعتقد ان العدو يرتكب هذه الاعمال لانه متوحش كاره بطبعه. يتحدث الناس عن الطيار الذي يرمي البراميل، وكيف يستطيع النوم ليلا، ونتصوره دائما علويا حاقدا مدفوعا بحقده الطائفي. لكن قد يكون الطرف الاخر يفكر مثلنا تماما، والا لما حاول النظام خلق الفتنة بزعمه ان الفصائل تقصف احياء دمشق. هذه الصور والادبيات مفيدة لنتعلم ونحمي الحياة ونحافظ على انسانيتنا. لكنها مضللة في الوقت نفسه اذ تعطينا انطباعا ان اشخاصا معينين يقفون وراء العنف، نستطيع ان نسميهم وان ندينهم وان نحاكمهم. الحقيقة اكثر تعقيدا. وهي صادمة الى ابعد الحدود، لكنها توجهنا نحو الحل. منذ سنوات اخذت مادة عن تاريخ الحروب. وكان الاستاذ اوروبيا مختصا باعمال التطهير. وهذا بعض ما اذكره. يمكن لاي انسان سوي واب لاطفال ومعيل لاسرته ومحب لاهله لم يرتكب جرما في حياته ان يرتكب مجازر قتل شنيعة في ظروف معينة ويبقر بطون الحوامل ويقتل الاطفال ويغتصب، اي انسان دون استثناء، حتى نحن. المحارق النازية قام بها موظفون عاديون. والطيار الذي القى القنبلة الذرية لم يشعر بالذنب بحياته كلها. احد طلابي كتب مقالة عن العاملين في مشروع القنبلة الاولى وردود افعالهم بعد رمي القنبلة، كلهم اعلنوا ان استخدامها كان مبررا فقط في تلك الحالة. يعني افتوها من كبيرهم الى صغيرهم. والطيار السوري رامي البراميل لا يختلف عن الطيارين الامريكان الذين القوا على بغداد قنابل قوتها اضعاف القنبلة الذرية ثم وصفوا المشهد بانه يشبه اضواء شجرة عيد الميلاد. تجربة حراس السجن في برينستون معروفة، وتجارب اخرى عن التعذيب تدل ان الموظف في مؤسسة سيطبق الاوامر حتى ولو راى السجين يتلوى تحت التعذيب. ادبيات السجون لا تشير في الحقيقة الى كره طائفي في ضباط التعذيب وانما الى شخصيات سيكوباتية تتمتع بالتعذيب مهما كان السياق. المشكلة هي في المؤسسة التي تستخدمهم. اننا لا نناضل ضد اشخاص وانما ضد منظومة فكرية وبيروقراطية معينة. وللاسف فان كثيرا منا يمتلكها. عندما وصف لي احد جنود الجيش الحر الشباب كيف قتل اسيرا بالمعول، لم يكن في وصفه اي حقد شخصي ولا حقد على ممثل منظومة، كان فقط يستمتع بالقتل. لا ابرر للنظام فانا اتهم المنظومة. لكني ادعوا الى التفكير في شخصنة الكره، او اختزال جماعة في شخص واحد نركز عليه الكره ونحاول تفسير وحشيته باسباب ليست شخصية ولا معممة. يجب ان نفهم العنف والوحشية مهما كان مصدرها حتى نوقفها. يبدو ايضا ان العنف عادة يمكن تعلمها، واعتقد ان الكثيرين من الطرفين قد تخرج من هذه المدرسة.