«ثورات مقارنة-شذرات»: الفرق بين المراجعتين
سطر ١٣: | سطر ١٣: | ||
خطاب الدولة يدل على انقسام ايديولوجي في البلد. الدولة تتذرع بالبيئة لزيادة الضرائب ويمشي معها قسم من السكان المستفيدين من الطفرة التكنولوجية الرقمية. بينما غير المستفيدين من الطبقة الوسطى والدنيا سيتبنون خطابا معاكسا، وحينها من سيمتصهم ويعبر عن مطالبهم غير اليمين المتطرف واليسار المتطرف. هذا وضع مشابه لثورات عام 1848 وهو وضع عايشناه في الثورة السورية عام 2011. سنرى قريبا ما اذا كانت الدولة ستعتمد العنف والتهميش ووصم المتظاهرين بالمندسين والمخربين ام انها ستحاول الاستماع اليهم ومساعدتهم في خلق ممثلين وصياغة مطالب. هذا هو الامتحان. | خطاب الدولة يدل على انقسام ايديولوجي في البلد. الدولة تتذرع بالبيئة لزيادة الضرائب ويمشي معها قسم من السكان المستفيدين من الطفرة التكنولوجية الرقمية. بينما غير المستفيدين من الطبقة الوسطى والدنيا سيتبنون خطابا معاكسا، وحينها من سيمتصهم ويعبر عن مطالبهم غير اليمين المتطرف واليسار المتطرف. هذا وضع مشابه لثورات عام 1848 وهو وضع عايشناه في الثورة السورية عام 2011. سنرى قريبا ما اذا كانت الدولة ستعتمد العنف والتهميش ووصم المتظاهرين بالمندسين والمخربين ام انها ستحاول الاستماع اليهم ومساعدتهم في خلق ممثلين وصياغة مطالب. هذا هو الامتحان. | ||
− | [[تصنيف: | + | [[تصنيف:مواضيع الثورة السورية]] |
مراجعة ٢١:٢٠، ٦ يناير ٢٠٢٣
2 ديسمبر، 2018، مقارنة بين السترات الصفراء والثورة السورية
مظاهرات فرنسا تجمعها نقاط تشابه كثيرة مع بدايات الثورة السورية. انها تحمل ايضا كل مقومات الفشل، لكن هناك دائما اشياء لا نعرفها او لا نفهمها او لا نتوقعها. وسائل التواصل، غياب القيادة والتمثيل، غياب المطالب الموحدة، وجود المخربين الذين اصبحوا تقليدا فرنسيا منذ اواخر الثمانينات، خطاب الحكومة المتشدد، عدم مشاركة الطبقات المهنية الوسطى، سياسات ماكرون الاقتصادية، انتماء ماكرون الى نادي محبي ومقلدي بوتين مثل طرامب، انفصال النخبة الحاكمة عن الناس، عجز الثورة التكنولوجية الحديثة عن توليد ثروات تطال الجميع رغم توفيرها وسائل تبادل معلومات وتواصل سريعة، تقلص الضمانات الاجتماعية ودولة الاعالة. هذه الثورات الشعبية بدات في الربيع العربي وستستمر لفترة طولية لان اسبابها معولمة وادواتها معولمة. اننا نعيش مرحلة انتقالية لا نعرف في اي اتجاه ستستقر. اعتقد ان النخبة السياسية الاوروبية ستفعل كما فعلت في السابق اي القاء اللوم على المهاجرين ودعم تصاعد التيارات القومية اليمينية. صراع الهويات اسهل بكثير.
3 ديسمبر، 2018، تظاهرات السترات الصفراء
لا اعرف تفاصيل الاحتجاجات في فرنسا وقد بدات البارحة القراءة عنها لكن عندي ملاحظات اولية. ليس هناك حضور للاحزاب والنقابات. الحركات الاجتماعية التي لا تملك واجهة مؤسساتية لا تستطيع صياغة مطالب وايصالها الى اصحاب القرار. هذا الغياب يعني ان المحتجين لا يعتبرون ان المؤسسات السياسية والمطلبية تمثلهم، وهذا تكور لا يستهان به بالنسبة لبلد له تاريخ مع المؤسسة بكل اشكالها. الغياب له وجه اخر وهو تاخر المؤسسات السياسية في او عزوفها عن التواصل مع المحتجين ومحاولة امتصاصهم. هذا يعني ان هناك فئة من الشعب لم نعد مقتنعة بلعبة السياسة ولا تهمها المؤسسات السياسية الموالية والمعارضة على حد سواء.
الحضور الواضح للمخربين. لطالما تعاملت الدولة مع المخربين على انهم مسالة امنية بحتة. ولطالما لمحت الدولة الى انهم ياتون من الضواحي الفقيرة التي يسكنها اولاد المهاجرين القدماء والمهاجرون الجدد. لكن يبدو من الصعب فصل فئة المخربين عن فئة المحتجين، كما هو طبيعي وعادي في كل اعمال الاحتجاج. حان الوقت للتعامل مع ظاهرة المخربين بكل ابعادها السياسية والاجتماعية. هذه الظاهرة تعني ان هناك فئات واسعة من الشعب غير مؤطرة ضمن المؤسسات السياسية والمطلبية وبالتالي فانها ستلجا دائما للعنف والتخريب. سيكون من الصعب الان في فرنسا القيام بعمل احتجاجي دون عنف وتخريب. واعتقد ان الدولة ستزيد من عسكرة الشرطة وستتوجه اكثر فاكثر نحو التعامل الامني مع اي احتجاج.
خطاب الدولة يدل على انقسام ايديولوجي في البلد. الدولة تتذرع بالبيئة لزيادة الضرائب ويمشي معها قسم من السكان المستفيدين من الطفرة التكنولوجية الرقمية. بينما غير المستفيدين من الطبقة الوسطى والدنيا سيتبنون خطابا معاكسا، وحينها من سيمتصهم ويعبر عن مطالبهم غير اليمين المتطرف واليسار المتطرف. هذا وضع مشابه لثورات عام 1848 وهو وضع عايشناه في الثورة السورية عام 2011. سنرى قريبا ما اذا كانت الدولة ستعتمد العنف والتهميش ووصم المتظاهرين بالمندسين والمخربين ام انها ستحاول الاستماع اليهم ومساعدتهم في خلق ممثلين وصياغة مطالب. هذا هو الامتحان.