«التعارف من القواعد الرئيسة للتنمية المستدامة»: الفرق بين المراجعتين
Alimohdasaad (نقاش | مساهمات) (←الاستدامة البيئية) |
Alimohdasaad (نقاش | مساهمات) (←الاستدامة الاجتماعية) |
||
سطر ٣٨: | سطر ٣٨: | ||
==الاستدامة الاجتماعية== | ==الاستدامة الاجتماعية== | ||
+ | نفرد لها عنواناً خاصاً. | ||
=3- الاستدامة الاجتماعية= | =3- الاستدامة الاجتماعية= |
مراجعة ٢٠:٢٩، ١٣ أبريل ٢٠٢٢
بقلم: الأستاذ محمد أحمد المنصور - مهندس مدني - السويد
محتويات
1- مقدمة
بدأت فكرة التنمية المستدامة منذ ستينيات القرن الماضي، وبدأتْ المنظمات الدولية وبعض الدول بوضع خطط (استراتيجيات) لتحقيق أهداف هذه التنمية.
تستعرض هذه الورقة مفهوم "التنمية المستدامة" بشكل سريع وتتعمق بأحد عناصرها وهو "التنمية الاجتماعية". اعتمدتْ الورقة طريقة البحث في محرك القوقلة[١] التعليمي (Scolar Google) عن كلمات (Development Sustainable, Social Sustainable) وانتقاء مجموعة من الدراسات واعتمادها كمراجع لهذه الورقة، وسيتم الإشارة إليها في مواضعها.
تم اعتماد نتائج هذه الدراسات دون أية محاولة مسبقة من كاتب هذه الورقة لتأكيد الترابط بين هذه النتائج وبين مخرجات بحث الدولة التعارفية لأنَّ القارئ سيجد بنفسه هذا الترابط حاضراً وبقوة في نتائج الدراسات الأجنبية المشار إليها. وسجَّلَ الكاتب رأيه الشخصي حول الترابط المشار إليه في خلاصة الورقة.
2- التنمية المستدامة وعناصرها والعلاقة فيما بينها
ظهر مصطلح "الاستدامة" في ستينيات القرن الماضي كاستجابة للقلق بشأن التدهور أو الخراب البيئي الناجم عن سوء الإدارة وسوء استخدام الموارد، وقد تزايد الاهتمام به كقضية عالمية. في عام 1987 تمَّ اعتماد تعريف واضح ومحدد للتنمية المستدامة من خلال تقرير لجنة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية وعُرِف أيضا بمصطلح برونتلاند.
التعريف: "التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم" (المؤتمر العالمي للبيئة و التنمية 1987 ص 43).
وفقاً لتقرير برونتلاند فإن التنمية المستدامة تتطلب الآتي:
- أن يشارك المواطنون بشكل فعال في صنع القرار والذي يجب على النظام السياسي أن يحققه.
- أن يوفر النظام الاقتصادي فائضاً أساسياً للاستدامة.
- أن يكون النظام الاجتماعي قادراً على حل المشكلات والتوترات التي تنشأ عن "النمو البغيض أو التنافري"[٢]،
- أن يضمن نظام الإنتاج المحافظة على الأساس البيئي بتقديم حلول جديدة باستمرار من خلال النظام التكنولوجي}[٣].
تم تفسير التنمية المستدامة بدايةً على أنها رؤية بيئية، إلا أن الرؤية اتسعتْ في العقود الأخيرة لتربط بين المفاهيم البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مع التأكيد على أن المستوى المطلوب من الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن تحقيقه بشكل منفصل دون تحقيق مستوى أساسي على الأقل في هذه المجالات في وقت واحد أي بالتوازي وبشكل متزامن[٤]. يُمَثَّل هذا الترابط بالشكل رقم 1

الاستدامة الاقتصادية
لم يكن من السهل التوصل لتعريف واضح للاستدامة الاقتصادية لكن تعريف كاندوفان و جوريم التالي هو الأمثل حتى الآن: "إذا كانت الاستدامة تعني أن نترك لأجيال المستقبل فرصاً كالتي تتوفر لنا اليوم، فإنَّ الطريق إلى تحقيق ذلك يكون من خلال نقل رأس المال إلى هذه الأجيال بمقدار رأس المال الذي نملكه حالياً"[٦].
الاستدامة البيئية
قدمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أربعة معايير تحدد الاستدامة البيئية:
- التجديد: يجب ألا يتجاوز استخدام الموارد المتجددة معدل تجديدها، و يجب استخدام هذه الموارد بعناية وكفاءة.
مثال: الأشجار مادة متجددة. يجب ألا يتجاوز قطع الأشجار للحصول على الأخشاب معدل إعادة التشجير.
- القابلية للإحلال: يجب استخدام الموارد غير المتجددة بكفاءة، ويجب أن يقتصر استخدامها على المستويات التي يمكن أن تكون قابلة للتبديل والاستبدال بواسطة الموارد المتجددة.
مثال: استخدام الخشب باعتباره مادة متجددة بدلاً عن الخرسانة لأن مواد الخرسانة وتصنيعها وانبعاثاتها الناجمة تؤثر سلباً على البيئة. وكذلك استخدام الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية والرياح بدلاً عن الوقود الأحفوري (النفط الصخري) باعتباره مادة غير متجددة.
- الاستيعاب: يجب عدم إطلاق المواد الملوثة في البيئة أكثر من قدرتها على الاستيعاب.
مثال: قدرة المياه الطبيعية على استيعاب النفايات والتخلص منها بفضل الكائنات الحية التي تعيش في المياه. يجب عدم رمي النفايات بكميات تفوق قدرة المياه على استيعابها والتخلص منها.
- المواد غير العكوسة التي لايمكن تعويضها: يجب تجنب ومنع استخدامها.
مثال: الأخشاب التي تستعمل في صناعة السكك الحديدية لا تصلح لإعادة الاستعمال (التدوير) بسبب طلائها بمادة البيتومين الذي يسبب تحولاً غير عكوس في مادة الخشب.
الاستدامة الاجتماعية
نفرد لها عنواناً خاصاً.
3- الاستدامة الاجتماعية
تعريف
لا يوجد اتفاق حول تعريف شامل للاستدامة الاجتماعية، لكن نبدأ في التعريف التالي: {الاستدامة الاجتماعية هي حالة من التعاضد في الحياة داخل المجتمعات، أو هي الطريقة العملية التي تحقق هذا التعاضد}[٧].
قدَّم المجلس الاسترالي الغربي للخدمات الاجتماعية (WACOOS) عام 2000 التعريف التالي للاستدامة الاجتماعية: {تتحقق الاستدامة الاجتماعية عندما تدعم العمليات والأنظمة والهياكل الرسمية غير الرسمية بشكل فعال قدرة الأجيال الحالية والمستقبلية على إنشاء مجتمعات صحية وصالحة للعيش. المجتمعات المستدامة اجتماعياً هي مجتمعات عادلة ومتنوعة ومتصلة وديمقراطية، توفر نوعية حياة جيدة}[٨].
مبادئ الاستدامة الاجتماعية
حدَّدَ هذا المجلس المبادئ التي تحقق الاستدامة الاجتماعية وهي التالية:
- الإنصاف: يوفر المجتمع فرصًا ونتائج متكافئة لجميع أعضائه، لاسيما الأشد فقراً والأكثر ضعفًا.
- التنوع: يعزز المجتمع التنوع ويشجعه ويحميه.
- الترابط: يوفر المجتمع الأنشطة والأنظمة والهياكل التي تعزز الترابط داخل المجتمع وخارجه على المستوى الرسمي وغير الرسمي والمؤسسي.
- جودة الحياة: يضمن المجتمع تلبية الاحتياجات الأساسية وحياة مُعزَّزة لجميع أبنائه على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع.
- الديمقراطية والحكم: يوفر المجتمع عمليات ديمقراطية وهياكل حكم منفتحة وخاضعة للمساءلة.
تميل دراسة إيزنبرغ وجابارين[٩] لأن تكون الاستدامة الاجتماعية إحدى أدوات الاستدامة البيئية، وحتى يتحقق ذلك تركِّز الدراسة على فكرتي الإنصاف والسلامة (للأفراد والمجتمعات) فيسعى مفهوم الإنصاف إلى منع السياسات غير المتكافئة وتعزيز المشاركة العامة الجوهرية. أما فكرة السلامة فهي الأساس الجوهري للاستدامة بشكل عام وخصوصا الاستدامة الاجتماعية، فتعزيز المفهومين في المجتمعات سيؤدي إلى تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع و تقلل من الشعور بالغربة داخل المجتمع و تزيد التعلق به.
بينما تميل دراسة هاجيراسولي وكومارا سوريار[١٠] أكثر إلى البعد الاجتماعي نفسه فذهبت أبعد من ذلك وقسمت الاستدامة الاجتماعية إلى مستويين، الأول يتضمن المقومات العامة وهي ذات طبيعة مادية جسدية تلبي الاحتياجات الأساسية للإنسان ، مثل المسكن والغذاء والملبس، والثاني يتضمن مقومات خاصة ذات طبيعة نفسية واجتماعية وثقافية مثل جودة الحياة والإنصاف، ومختلف أنشطة الحياة الاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى التكامل والتنوع والشعور بالامتنان والتواصل والمشاركة والرفاهية الاجتماعية والأمن.
يمكن تلخيص مخرجات الدراسات الثلاثة التي اعتمدتها هذه الورقة والتعرف على نقاط التقاطع فيما بينها – لاسيما الدراسة الثالثة – بالشكل رقم 2
4- تكليف الشركات التجارية بمسؤولية اجتماعية – تجربة اليابان
في عام ٢٠٠٠ في اليابان تم إدخال ما يُسمّى المسؤولية الاجتماعية كأحد بنود إدارة الشركات، وذلك استجابةً للضغط المتزايد الذي مارسته "حركة المسؤولية الاجتماعية" على الشركات العالمية. فاليابان كغيرها من الدول المتقدمة يُوجد فيها العديد من الشركات متعددة الجنسيات. هناك تعريفان لمفهوم "المسؤولية الاجتماعية للشركات" هما: 1- دمج الاهتمامات الاجتماعية و البيئية في عملية الإدارة. 2- معالجة القضايا الاجتماعية و البيئية من خلال نشاط الأعمال
في العقد الأول من القرن الحادي و العشرين تم تهميش هذا البند في الخطط الاستراتيجية للشركات لأسباب منها 1- عدم اهتمام الحكومة الوطنية بتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات. 2- اعتراض قطاع الأعمال على قضايا المسؤولية الاجتماعية فهم لا يرونها ضرورة بالنسبة لهم. 3- عدم وجود فهم مشترك واضح لإدارة المسؤولية الاجتماعية.
في العقد الأول، تجاهلتْ الشركات اليابانية "المسؤولية الاجتماعية" فلم تشرك الأفراد والجهات المعنية (زبائن وعملاء، مجتمع، حكومة..الخ) في بحث أنشطتها التجارية واستبعدتهم من جداول أعمالها بكل سرّي ومقصود،واقتصرتْ على التعامل معهم بأسلوب (المتحدث ـ المستمع) في صياغة تقاريرالمسؤولية الاجتماعية.
نقطة التحول
بدأت الشركات في اليابان منذ عام ٢٠١٠ تعي تدريجيّا أهمية مشاركة أصحاب المصلحة في إدارة المسؤولية الاجتماعية و كسر نمط (المتحدث ـ المستمع) ، حتى قامت شركة بناء كبرى عام ٢٠١١ بإنشاء منصة مع أصحاب المصلحة بعد الزلزال الكبير في شمال شرق اليابان، فنظمت الشركة منتدى مفتوح لمناقشة كيفية التخفيف من الأضرار الناجمة عن الكارثة، وتقوية المرونة في المنظمة والمجتمع ، وتوليد أفكار جديدة بين الشركات ذات الصلة والمنظمات غير الحكومية و المؤسسات الأكاديمية، وذلك لإيمان الشركة بفكرة أنّ كل طرف لديه وعي مختلف للمخاطر، وأنَّ كل هذا يؤدي إلى بناء مجتمع يتمتع بمرونة قوية في مواجهة الكوارث، مجتمع مستقل لا مركزي وتعاوني. اعتبرتْ شركة البناء نفسها جزءاً من مجتمع أوسع. كان إنشاء المنصّة فكرةً فريدةً جعلتْ أصحاب المصلحة يؤثرون إيجاباً في تطوير مناهج العمل وتطوير إدارة المسؤولية الاجتماعية للشركة وتحقيق اقتدار أكبر على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بعد الكارثة. إن أهم درس يُستفاد من هذه التجربة أنّ إشراك أصحاب المصلحة ليس مجرد تمرين في التحدث معهم والاستماع إليهم بل يمكن أن يكون مصدراً للابتكار والمساهمة في التنمية المستدامة وإيجاد حلول إبداعية.
5- الخلاصة: التعارف والاستدامة الاجتماعية
لطالما كانت أهداف الاستدامة الاجتماعية أن يتمتع المجتمع بالصفات التالية:
- مجتمع ينعم فيه أبناؤه بالفرص المتكافئة بين جميع طبقاته
- مجتمع يعزز ويدعم التنوع
- مجتمع مترابط على جميع المستويات المؤسساتية الرسمية وغير الرسمية على السواء
- مجتمع يضمن الجودة في الحياة بدءاً من تلبية الاحتياجات الأساسية وانتهاءً بالمشاركة الفعالة في الأنشطة التي تعزز من مكانة الفرد في محيطه المباشر والمحيط الأوسع
- مجتمع يضمن لجميع أفراده وكل فئاته - مهما اختلفت وتنوعت - المشاركة في وضع آليات حكم منفتحة خاضعة للمساءلة تتميز بالمرونة والتطوير الممنهج
فإن هذه الأهداف جميعاً تتحقق من خلال خلق حالة من التعاضد على مستوى المجموعات الصغيرة (أسرة، حي، ..إلخ) ومن ثم المجموعات الأكبر (جمعيات، نوادي، نقابات..) وتتعداها إلى الهياكل والأطر الأكبر الرسمية وغير الرسمية على السواء. هذه الحالة تبدأ بالتعارف البسيط العفوي أولاً، وتتجاوزها إلى أبعد من ذلك في مجالات الحياة المختلفة من العلوم والقانون والاقتصاد..إلخ. إن حصيلة هذا التعاضد (التعارف) هي أن يشارك المواطنون في صنع القرار، وبالتالي يكون التعاضد (التعارف) من أول وأهم الخطوات للوصول إلى مجتمع مستدام اجتماعياً بل اقتصادياً وبيئياً أيضاً.
هوامش ومراجع
- ↑ القوقلة هي الأصل العربي للكلمة الإنكليزية (Google) – د.ثائر ثابت القصير – "محاضرات عن العروبة"
- ↑ النمو البغيض أو التنافري هو تعريب لأحد مفاهيم علم النفس المرضي عند الأطفال (disharmonious developement)
- ↑ Hajirasouli, Kumarasuriyar, 2016
- ↑ نفس المرجع السابق
- ↑ نفس المرجع السابق
- ↑ نفس المرجع السابق
- ↑ McKenizie, 2004 Social sustainability
- ↑ McKenizie, 2004 Social sustainability
- ↑ Eizenberg, Jabareen 2017
- ↑ Hajirasouli, Kumarasuriyar 2016