«في الغناء والموسيقى الشرقية»: الفرق بين المراجعتين

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة نفس المستخدم غير معروضتين)
سطر ٦: سطر ٦:
 
[https://www.youtube.com/watch?v=ywl9PoZhQqo&fbclid=IwAR1eV45LUoSsIPTyKkg4_tUd4bfHxxNIzdhJ-v5px7PwvMr8WbtFpbpoepY سهرة الجمعية الإسماعيلية بمهرجان الطرب الغرناطي بوجدة]
 
[https://www.youtube.com/watch?v=ywl9PoZhQqo&fbclid=IwAR1eV45LUoSsIPTyKkg4_tUd4bfHxxNIzdhJ-v5px7PwvMr8WbtFpbpoepY سهرة الجمعية الإسماعيلية بمهرجان الطرب الغرناطي بوجدة]
 
شيلك من فيروز وأصوات جوقة الكنيسة الشرقية أمثالها، هذه هي الأصوات التي تعجبني وتطربني. الآت التي يعزفون عليها تجعلنا نفكر بموسيقى المشرق كلها ونعيد النظر فيها. يمكن لازم نطلع من ديكتاتورية العود.
 
شيلك من فيروز وأصوات جوقة الكنيسة الشرقية أمثالها، هذه هي الأصوات التي تعجبني وتطربني. الآت التي يعزفون عليها تجعلنا نفكر بموسيقى المشرق كلها ونعيد النظر فيها. يمكن لازم نطلع من ديكتاتورية العود.
[[تصنيف:كتاباتي حسب الموضوع]]
+
 
 +
=19 شباط، 2017 - الطرب الأندلسي المغربي الجزائري=
 +
مع هذه الاصوات القوية. والموسقى الغنيه لا افهم لماذا ياتي المغاربه والجزايريه الى الخليج العقيم ليغنوا اغاني مصريه مزعجه
 +
 
 +
مراد بنيس
 +
هذا النمط يمثل الموسيقى التراثية للمدن القديمة في المغرب والجزائر (وهي مدن تأثرت بالمهاجرين الأندلسيين)، لذا فهو يعاني -خصوصا في المغرب- من نظرة سلبية عند كثير ممن لا ينحدرون من تلك المدن حيث يعتبرونه رمزا للنخبوية البورجوازية المدينية، إضافة إلى أن إيقاعه أبطأ من الإيقاعات الشعبية ذات النغمة القروية والبدوية التي تجد النمط الخليجي أقرب إلى ذوقها
 +
 
 +
Ahmad Nazir Atassi
 +
عندنا نفس المشكلة عزيزي مراد، لكن ليس في الموسيقى وإنما في أشياء أخرى. لا أحب الطبقية والنخبوية حين تقف عائقاً أمام تكافؤ الفرص. لكن في الوقت ذاته أعتقد بوجود ثقافة أجمل وأرفع من ثقافة أخرى، أو على الأقل وعند النظر في كل حالة على حدة فإن هناك انعدام في التناظر، أي ليس لطرفي الحجة وزن متساو. لن أدخل في التبرير النظري لهذا الإعتقاد، لكن من الواضح أن المجتمعات تدفع في اتجاه جذب الثقافات القروية باتجاه الثقافات المدينية، وفي اتجاه جذب الثقافات العمالية باتجاه الثقافات البرجوازية الغنية. أعتقد أن الإستقرار في الغرب ناتج إلى حد ما من انتصار الثقافية المدينية البرجوازية على الثقافات العمالية والقروية رغم ما يزع الكثيرون من أن الرأسمالية والديمقراطية أدتا إلى ارتفاع شأن الثقافات العمالية والقروية نظراً لقوتها الشرائية وأعدادها الكبيرة. أعتقد أن الرأسمالية لم تكن إلى خدعة جعلت من الثقافة البرجوازية الغنية أرخص أصبحت شعبية. لا أحد يحب أن يسمع هذا الكلام لانعدام العدالة والتناظر فيه. لكن هذا ما أراه في الغرب. أما في العالم العربي، خاصة، فإن الإتجاه تغير منذ الستينات. ولا أعرف كيف أحكم على الموضوع. البعض يعتقد أن التعصب الديني قروي وبدوي لكن الحقيقة هي أن التعصب الديني والتيارات الإخونجية والسلفية هي نتاج مديني بحت. لكنه ليس نتاجاً برجوازياً. ومع صعود دول الخليج وتعميم ثقافتها ومع ظهور الديكتاتوريات الشعبوية فإن البرجوازية نفسها انحسرت. في الحقيقة فإن المجتمعات العربية كلها فشلت في التعامل مع عدم التناظر السكاني بين المدينة والريف الذي بدأت في الخمسينات والستينات حين أصبح واضجاً أن الإنفجار السكاني سيقلب كل الموازين. اليوم الثورة السوربة كان جنودها الأوائل برجوازية متوسطة صاعدة من أصول ريفية تحولت قراها خلال عشرين سنة إلى مدن كبيرة أو كبرى وتحول أبناؤها إلى موظفين وخريجي جامعات يبحثون عن عمل في المدينة أو الخليج. أيضاً سيغضب كثيرون من هذا الكلام لكن أنظروا إلى الأمر من وجهة نظر إحصائية بحتة. لكن لا أتهمها بالفشل لأنها قروية. على العموم الرجوازية المدينية ظاهرة حديثة في المجتمعات العربية ولم تكتمل تجربتها. وكون وجود أغنياء في المدن منذ الأزل لا يعني وجود طبقة برجوازية حاملة لمشروع الدولة الحديثة، في الرشق العربي الطبقة الغنية المدينية لم تنتج أكثر من ملكية دينية مثل الخلافة العثمانية. حتى تاريخ البشرةي الحديث ليس فيه تناظر، الإختراعات الغربية جعلت القديم باهتاً وفاشلاً بالمقارنة مع الحديث والعلماني والتكنولوجي. نحن أمام تجربة جديدة تماماً وهي إنتاج برجوازيات مدينية تحمل مشروع الدولة الحديثة. وكما ترى فإن المجتمع السوري بغض النظر عن السبب قد انفجر تماماً أمام هذه التجربة وإن طال انفجاره مائة سنة لكنه كان ينفجر ببطء.
 +
 
 +
مراد بنيس
 +
أغلب الناس مؤمنون في أعماقهم ب"انعدام التناظر" لكنهم لا يعبرون عنه إلا حينما يوافق مصالحهم، في الحالات الأخرى يلتجئون لخطاب مساواتي مريح
 +
 
 +
=20 شباط، 2017 - مراد بنيس عن الطرب الأندلسي=
 +
الأخ مراد بنيس صديقي فيسبوكي عزيز من المغرب ومراقب ثاقب البصيرة للثقافة العربية عامة والمغربية خاصة، وتعليقاته تجمع الذكاء والروح المرحة. وجدت على صفحته هذه الأغنية التراثية الجزائرية. طبعاً في المغرب تراث شبيه إسمه الملحون والشعبان يعتقدان أن أصله أندلسي. لكن وجود نمطا إسمه الأندلسي في كل البلدان العربية يجعل من الصعب تتبع أصله. وإذا عدتم إلى صفحة الأغنية ستجدون شجاراً جزائرياً مغربياً عقيماً يجعلكم تتمنون أن يكون الأصل أندلسياً ضائعاً لأن العرب لا يستاهلون، اعذروني. اهتمامي بالموسيقى المغاربية يعود إلى بدايات التسعينات حين كنت في فرنسا وكنت أستمع للطلاب المغاربة في رمضان يطربون لعزف العود والغناء مع احتساء البيرة بعد يوم طويل من الصيام. طبعاً لا نشك بالنية فالكل مؤمنون، وبقوة. وكلما رأيت الأصوات النسائية خاصة المغاربية في المسابقات الخليجية تتحاشى موسيقاها التقليدية وحتى تنتحل الصوت المشرقي الرفيع الفيروزي متخلية عن الصوت المغاربي الإفريقي القوي والأخفض، كنت أتألم لهذا الأمة التي تريد التوحد لكن ليس المساواة وأقول لنفسي ما لهؤلاء المغاربة وللوحدة العربية المقيتة ألا يكفيهم تاريخهم وعددهم المساوي لأعداد المشارقة (هذا مع اعتبار أن المصريين والسودانيين لا ينتمون إلى اي من هذه المعسكرين، لكن هذه قصة أخرى). ولذلك عندما وجدت الأغنية على صفحة مراد عملت مشاركة. فكان رد مراد غير ما توقعت واثار في ذهني كثيراً من الأفكار العالقة. لذلك نقلت رده وتعليقي على الرد لأني وجدت النقاش مفيداً ومثيراً (بكل مافي ذلك من النرجسية المتعالية التي ينميها الفيسبوك إلى حدود الغلاظة، لكن لحسن الحظ فالفيسبوك بئر لا صدى له ولا قاع).
 +
تعليقي مع المشاركة: مع هذه الاصوات القوية. والموسقى الغنيه لا افهم لماذا ياتي المغاربه والجزايريه الى الخليج العقيم ليغنوا اغاني مصريه مزعجه
 +
رد مراد: هذا النمط يمثل الموسيقى التراثية للمدن القديمة في المغرب والجزائر (وهي مدن تأثرت بالمهاجرين الأندلسيين)، لذا فهو يعاني -خصوصا في المغرب- من نظرة سلبية عند كثير ممن لا ينحدرون من تلك المدن حيث يعتبرونه رمزا للنخبوية البورجوازية المدينية، إضافة إلى أن إيقاعه أبطأ من الإيقاعات الشعبية ذات النغمة القروية والبدوية التي تجد النمط الخليجي أقرب إلى ذوقها
 +
تعليقي على رد مراد: عندنا نفس المشكلة عزيزي مراد، لكن ليس في الموسيقى وإنما في أشياء أخرى. لا أحب الطبقية والنخبوية حين تقف عائقاً أمام تكافؤ الفرص. لكن في الوقت ذاته أعتقد بوجود ثقافة أجمل وأرفع من ثقافة أخرى، أو على الأقل وعند النظر في كل حالة على حدة فإن هناك انعدام في التناظر، أي ليس لطرفي الحجة وزن متساو. لن أدخل في التبرير النظري لهذا الإعتقاد، لكن من الواضح أن المجتمعات تدفع في اتجاه جذب الثقافات القروية باتجاه الثقافات المدينية، وفي اتجاه جذب الثقافات العمالية باتجاه الثقافات البرجوازية الغنية. أعتقد أن الإستقرار في الغرب ناتج إلى حد ما من انتصار الثقافية المدينية البرجوازية على الثقافات العمالية والقروية رغم ما يزعم الكثيرون من أن الرأسمالية والديمقراطية أدتا إلى ارتفاع شأن الثقافات العمالية والقروية نظراً لقوتها الشرائية وأعدادها الكبيرة. أعتقد أن الرأسمالية لم تكن إلى خدعة جعلت من الثقافة البرجوازية الغنية أرخص بحيث أصبحت شعبية. لا أحد يحب أن يسمع هذا الكلام لانعدام العدالة والتناظر فيه. لكن هذا ما أراه في الغرب. أما في العالم العربي، خاصة، فإن الإتجاه تغير منذ الستينات. ولا أعرف كيف أحكم على الموضوع. البعض يعتقد أن التعصب الديني قروي وبدوي لكن الحقيقة هي أن التعصب الديني والتيارات الإخونجية والسلفية هي نتاج مديني بحت. لكنه ليس نتاجاً برجوازياً. ومع صعود دول الخليج وتعميم ثقافتها ومع ظهور الديكتاتوريات الشعبوية فإن البرجوازية نفسها انحسرت. في الحقيقة فإن المجتمعات العربية كلها فشلت في التعامل مع عدم التناظر السكاني بين المدينة والريف الذي بدأ في الخمسينات والستينات، وفي السبعينات أصبح واضجاً أن الإنفجار السكاني سيقلب كل الموازين. اليوم الثورة السوربة كان جنودها الأوائل برجوازية متوسطة صاعدة من أصول ريفية تحولت قراها خلال عشرين سنة إلى مدن كبيرة أو كبرى وتحول أبناؤها إلى موظفين وخريجي جامعات يبحثون عن عمل في المدينة أو الخليج. أيضاً سيغضب كثيرون من هذا الكلام لكن أنظروا إلى الأمر من وجهة نظر إحصائية بحتة. لكن لا أتهم الثورة بالفشل لأنها قروية. على العموم الرجوازية المدينية ظاهرة حديثة في المجتمعات العربية ولم تكتمل تجربتها. وكون وجود أغنياء في المدن منذ الأزل لا يعني وجود طبقة برجوازية حاملة لمشروع الدولة الحديثة، في الشرق العربي الطبقة الغنية المدينية لم تنتج أكثر من ملكية دينية مثل الخلافة العثمانية. حتى تاريخ البشرية الحديث ليس فيه تناظر، الإختراعات الغربية جعلت القديم باهتاً وفاشلاً بالمقارنة مع الحديث والعلماني والتكنولوجي. نحن أمام تجربة جديدة تماماً وهي إنتاج برجوازيات مدينية تحمل مشروع الدولة الحديثة. وكما ترى فإن المجتمع السوري بغض النظر عن السبب قد انفجر تماماً أمام هذه التجربة وإن طال انفجاره مائة سنة لكنه كان ينفجر ببطء.
 +
 
 +
[[تصنيف:في الغناء والموسيقى]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٢٣:٤٥، ١٨ أبريل ٢٠٢١

28 تشرين الثاني، 2015، في الصوت المستعار في الغناء الشرقي

نويل خرمان: طفلة فلسطينية تمزج فيروز وأديل معاً في الغناء غالباً ما نتقمص صوتاً زائفاً يتناسب مع ما تعتبره الثقافة التي ننتمي إليها مثالياً. صوت الرجل في الغناء العربي عالي التوتر مثلاً وصوت المرأة شديد العلو ويشبه الصفير. استمع إلى الغناء الصيني أو الأوبرا. كلها أصوات فالستو (falsetto) أو "زائفة". أحب الصوت النسوي في الغناء الأمريكي الحديث ولا أحب الصوت النسوي العربي لأنه يعبر عن أنوثة زائفة. أفضل صوت أم كلثوم على صوت فيروز مثلاً. هذه الأغنية تشرح ما أعنيه. بين الصوت المتنوع الغني بنبراته المتغيرة وحريته في التعبير الذي تستخدمه لغناء الأغنية الأمريكية والصوت ذي الطابع الواحد الذي تغني فيه أغنية فيروز، فرق شاسع. أتركوا الصوت النسوي يعبر عن نفسه كيف شاء ولا تحصروه في تعاريف وحيدة البعد للأنوثة. ليس من الضروري أن يكون صوت المرأة رقيقاً بنبرته العالية وكأنه حك الأظافر على الزجاج. ولذلك أحب الصوت المغربي والتونسي وأبغض صوت فيروز ولينا شماميان.

5 كانون الأول، 2015، أصوات مغربية

سهرة الجمعية الإسماعيلية بمهرجان الطرب الغرناطي بوجدة شيلك من فيروز وأصوات جوقة الكنيسة الشرقية أمثالها، هذه هي الأصوات التي تعجبني وتطربني. الآت التي يعزفون عليها تجعلنا نفكر بموسيقى المشرق كلها ونعيد النظر فيها. يمكن لازم نطلع من ديكتاتورية العود.

19 شباط، 2017 - الطرب الأندلسي المغربي الجزائري

مع هذه الاصوات القوية. والموسقى الغنيه لا افهم لماذا ياتي المغاربه والجزايريه الى الخليج العقيم ليغنوا اغاني مصريه مزعجه

مراد بنيس هذا النمط يمثل الموسيقى التراثية للمدن القديمة في المغرب والجزائر (وهي مدن تأثرت بالمهاجرين الأندلسيين)، لذا فهو يعاني -خصوصا في المغرب- من نظرة سلبية عند كثير ممن لا ينحدرون من تلك المدن حيث يعتبرونه رمزا للنخبوية البورجوازية المدينية، إضافة إلى أن إيقاعه أبطأ من الإيقاعات الشعبية ذات النغمة القروية والبدوية التي تجد النمط الخليجي أقرب إلى ذوقها

Ahmad Nazir Atassi عندنا نفس المشكلة عزيزي مراد، لكن ليس في الموسيقى وإنما في أشياء أخرى. لا أحب الطبقية والنخبوية حين تقف عائقاً أمام تكافؤ الفرص. لكن في الوقت ذاته أعتقد بوجود ثقافة أجمل وأرفع من ثقافة أخرى، أو على الأقل وعند النظر في كل حالة على حدة فإن هناك انعدام في التناظر، أي ليس لطرفي الحجة وزن متساو. لن أدخل في التبرير النظري لهذا الإعتقاد، لكن من الواضح أن المجتمعات تدفع في اتجاه جذب الثقافات القروية باتجاه الثقافات المدينية، وفي اتجاه جذب الثقافات العمالية باتجاه الثقافات البرجوازية الغنية. أعتقد أن الإستقرار في الغرب ناتج إلى حد ما من انتصار الثقافية المدينية البرجوازية على الثقافات العمالية والقروية رغم ما يزع الكثيرون من أن الرأسمالية والديمقراطية أدتا إلى ارتفاع شأن الثقافات العمالية والقروية نظراً لقوتها الشرائية وأعدادها الكبيرة. أعتقد أن الرأسمالية لم تكن إلى خدعة جعلت من الثقافة البرجوازية الغنية أرخص أصبحت شعبية. لا أحد يحب أن يسمع هذا الكلام لانعدام العدالة والتناظر فيه. لكن هذا ما أراه في الغرب. أما في العالم العربي، خاصة، فإن الإتجاه تغير منذ الستينات. ولا أعرف كيف أحكم على الموضوع. البعض يعتقد أن التعصب الديني قروي وبدوي لكن الحقيقة هي أن التعصب الديني والتيارات الإخونجية والسلفية هي نتاج مديني بحت. لكنه ليس نتاجاً برجوازياً. ومع صعود دول الخليج وتعميم ثقافتها ومع ظهور الديكتاتوريات الشعبوية فإن البرجوازية نفسها انحسرت. في الحقيقة فإن المجتمعات العربية كلها فشلت في التعامل مع عدم التناظر السكاني بين المدينة والريف الذي بدأت في الخمسينات والستينات حين أصبح واضجاً أن الإنفجار السكاني سيقلب كل الموازين. اليوم الثورة السوربة كان جنودها الأوائل برجوازية متوسطة صاعدة من أصول ريفية تحولت قراها خلال عشرين سنة إلى مدن كبيرة أو كبرى وتحول أبناؤها إلى موظفين وخريجي جامعات يبحثون عن عمل في المدينة أو الخليج. أيضاً سيغضب كثيرون من هذا الكلام لكن أنظروا إلى الأمر من وجهة نظر إحصائية بحتة. لكن لا أتهمها بالفشل لأنها قروية. على العموم الرجوازية المدينية ظاهرة حديثة في المجتمعات العربية ولم تكتمل تجربتها. وكون وجود أغنياء في المدن منذ الأزل لا يعني وجود طبقة برجوازية حاملة لمشروع الدولة الحديثة، في الرشق العربي الطبقة الغنية المدينية لم تنتج أكثر من ملكية دينية مثل الخلافة العثمانية. حتى تاريخ البشرةي الحديث ليس فيه تناظر، الإختراعات الغربية جعلت القديم باهتاً وفاشلاً بالمقارنة مع الحديث والعلماني والتكنولوجي. نحن أمام تجربة جديدة تماماً وهي إنتاج برجوازيات مدينية تحمل مشروع الدولة الحديثة. وكما ترى فإن المجتمع السوري بغض النظر عن السبب قد انفجر تماماً أمام هذه التجربة وإن طال انفجاره مائة سنة لكنه كان ينفجر ببطء.

مراد بنيس أغلب الناس مؤمنون في أعماقهم ب"انعدام التناظر" لكنهم لا يعبرون عنه إلا حينما يوافق مصالحهم، في الحالات الأخرى يلتجئون لخطاب مساواتي مريح

20 شباط، 2017 - مراد بنيس عن الطرب الأندلسي

الأخ مراد بنيس صديقي فيسبوكي عزيز من المغرب ومراقب ثاقب البصيرة للثقافة العربية عامة والمغربية خاصة، وتعليقاته تجمع الذكاء والروح المرحة. وجدت على صفحته هذه الأغنية التراثية الجزائرية. طبعاً في المغرب تراث شبيه إسمه الملحون والشعبان يعتقدان أن أصله أندلسي. لكن وجود نمطا إسمه الأندلسي في كل البلدان العربية يجعل من الصعب تتبع أصله. وإذا عدتم إلى صفحة الأغنية ستجدون شجاراً جزائرياً مغربياً عقيماً يجعلكم تتمنون أن يكون الأصل أندلسياً ضائعاً لأن العرب لا يستاهلون، اعذروني. اهتمامي بالموسيقى المغاربية يعود إلى بدايات التسعينات حين كنت في فرنسا وكنت أستمع للطلاب المغاربة في رمضان يطربون لعزف العود والغناء مع احتساء البيرة بعد يوم طويل من الصيام. طبعاً لا نشك بالنية فالكل مؤمنون، وبقوة. وكلما رأيت الأصوات النسائية خاصة المغاربية في المسابقات الخليجية تتحاشى موسيقاها التقليدية وحتى تنتحل الصوت المشرقي الرفيع الفيروزي متخلية عن الصوت المغاربي الإفريقي القوي والأخفض، كنت أتألم لهذا الأمة التي تريد التوحد لكن ليس المساواة وأقول لنفسي ما لهؤلاء المغاربة وللوحدة العربية المقيتة ألا يكفيهم تاريخهم وعددهم المساوي لأعداد المشارقة (هذا مع اعتبار أن المصريين والسودانيين لا ينتمون إلى اي من هذه المعسكرين، لكن هذه قصة أخرى). ولذلك عندما وجدت الأغنية على صفحة مراد عملت مشاركة. فكان رد مراد غير ما توقعت واثار في ذهني كثيراً من الأفكار العالقة. لذلك نقلت رده وتعليقي على الرد لأني وجدت النقاش مفيداً ومثيراً (بكل مافي ذلك من النرجسية المتعالية التي ينميها الفيسبوك إلى حدود الغلاظة، لكن لحسن الحظ فالفيسبوك بئر لا صدى له ولا قاع). تعليقي مع المشاركة: مع هذه الاصوات القوية. والموسقى الغنيه لا افهم لماذا ياتي المغاربه والجزايريه الى الخليج العقيم ليغنوا اغاني مصريه مزعجه رد مراد: هذا النمط يمثل الموسيقى التراثية للمدن القديمة في المغرب والجزائر (وهي مدن تأثرت بالمهاجرين الأندلسيين)، لذا فهو يعاني -خصوصا في المغرب- من نظرة سلبية عند كثير ممن لا ينحدرون من تلك المدن حيث يعتبرونه رمزا للنخبوية البورجوازية المدينية، إضافة إلى أن إيقاعه أبطأ من الإيقاعات الشعبية ذات النغمة القروية والبدوية التي تجد النمط الخليجي أقرب إلى ذوقها تعليقي على رد مراد: عندنا نفس المشكلة عزيزي مراد، لكن ليس في الموسيقى وإنما في أشياء أخرى. لا أحب الطبقية والنخبوية حين تقف عائقاً أمام تكافؤ الفرص. لكن في الوقت ذاته أعتقد بوجود ثقافة أجمل وأرفع من ثقافة أخرى، أو على الأقل وعند النظر في كل حالة على حدة فإن هناك انعدام في التناظر، أي ليس لطرفي الحجة وزن متساو. لن أدخل في التبرير النظري لهذا الإعتقاد، لكن من الواضح أن المجتمعات تدفع في اتجاه جذب الثقافات القروية باتجاه الثقافات المدينية، وفي اتجاه جذب الثقافات العمالية باتجاه الثقافات البرجوازية الغنية. أعتقد أن الإستقرار في الغرب ناتج إلى حد ما من انتصار الثقافية المدينية البرجوازية على الثقافات العمالية والقروية رغم ما يزعم الكثيرون من أن الرأسمالية والديمقراطية أدتا إلى ارتفاع شأن الثقافات العمالية والقروية نظراً لقوتها الشرائية وأعدادها الكبيرة. أعتقد أن الرأسمالية لم تكن إلى خدعة جعلت من الثقافة البرجوازية الغنية أرخص بحيث أصبحت شعبية. لا أحد يحب أن يسمع هذا الكلام لانعدام العدالة والتناظر فيه. لكن هذا ما أراه في الغرب. أما في العالم العربي، خاصة، فإن الإتجاه تغير منذ الستينات. ولا أعرف كيف أحكم على الموضوع. البعض يعتقد أن التعصب الديني قروي وبدوي لكن الحقيقة هي أن التعصب الديني والتيارات الإخونجية والسلفية هي نتاج مديني بحت. لكنه ليس نتاجاً برجوازياً. ومع صعود دول الخليج وتعميم ثقافتها ومع ظهور الديكتاتوريات الشعبوية فإن البرجوازية نفسها انحسرت. في الحقيقة فإن المجتمعات العربية كلها فشلت في التعامل مع عدم التناظر السكاني بين المدينة والريف الذي بدأ في الخمسينات والستينات، وفي السبعينات أصبح واضجاً أن الإنفجار السكاني سيقلب كل الموازين. اليوم الثورة السوربة كان جنودها الأوائل برجوازية متوسطة صاعدة من أصول ريفية تحولت قراها خلال عشرين سنة إلى مدن كبيرة أو كبرى وتحول أبناؤها إلى موظفين وخريجي جامعات يبحثون عن عمل في المدينة أو الخليج. أيضاً سيغضب كثيرون من هذا الكلام لكن أنظروا إلى الأمر من وجهة نظر إحصائية بحتة. لكن لا أتهم الثورة بالفشل لأنها قروية. على العموم الرجوازية المدينية ظاهرة حديثة في المجتمعات العربية ولم تكتمل تجربتها. وكون وجود أغنياء في المدن منذ الأزل لا يعني وجود طبقة برجوازية حاملة لمشروع الدولة الحديثة، في الشرق العربي الطبقة الغنية المدينية لم تنتج أكثر من ملكية دينية مثل الخلافة العثمانية. حتى تاريخ البشرية الحديث ليس فيه تناظر، الإختراعات الغربية جعلت القديم باهتاً وفاشلاً بالمقارنة مع الحديث والعلماني والتكنولوجي. نحن أمام تجربة جديدة تماماً وهي إنتاج برجوازيات مدينية تحمل مشروع الدولة الحديثة. وكما ترى فإن المجتمع السوري بغض النظر عن السبب قد انفجر تماماً أمام هذه التجربة وإن طال انفجاره مائة سنة لكنه كان ينفجر ببطء.